الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أسس المذهب الشافعي:
من مداخل التراث
1 -
اتباع الكتاب والسنة: لا شك في شدة اتباع الإمام الشافعي رحمه الله للسنة النبوية الشريفة حتى إنه قال: كل حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو قولي، وإن لم تسمعوه مني.
2 -
اتباع الحق والدليل: وهذه من أهم مميزات مذهب الإمام الشافعي رحمه الله، فما كان يحول بينه وبين اتباعه للدليل حائل من متابعة عمل أهل بلده، أو تقليد أحد من الأئمة السابقين عليه، فنجد مثلًا الإمام مالك يرى عمل أهل المدينة حجة يأخذ بها،
ولا يدعه لمرويات أحد من أهل البلاد الأخرى، ويرى أن عمل أهل المدينة هو آخر الأمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
بينما كان الإمام أبو حنيفة يأخذ بما كان عليه أهل بلده بالعراق،
ولا يخالفهم.
يقول الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- للإمام أحمد بن حنبل: أنتم أعلم بالحديث والرجال مني، فإذا كان الحديث صحيحًا فأعلموني -: كوفيًّا كان، أو بصريًّا، أو شاميًّا، حتى أذهب إليه إن كان صحيحًا.
3 -
الاهتمام بأقوال الصحابة: حيث كان الشافعي يرى أن أقوال الصحابة فيما اتفقوا عليه حجة أما إذا اختلف الصحابة في مسألة، فيحتاج الأمر إلى الترجيح بينهم بدليل آخر.
ويرى الشافعي أنه إذا انفرد الصحابي بقول ولم يوجد في المسألة نص من الكتاب، أو السنة أن هذا القول أولى من القياس.
وإذا كان قول الصحابي في الأمور التي فيها مجال للاجتهاد، فقد رأى الإمام
الشافعي أن قول الصحابي ليس بحجة على غيره من المجتهدين.
4 -
الأخذ بالقياس: وقف الإمام الشافعي في القياس موقفًا وسطًا، فلم يتشدد فيه تشدد الإمام مالك، ولم يتوسع فيه توسع الإمام أبي حنيفة، ومع هذا فكان الإمام الشافعي يرى للقياس أهمية كبيرة في العملية الفقهية، حتى جعله هو والاجتهاد بمعنى واحد، وكان رحمه الله يقول: الاجتهاد القياس.
5 -
اعتبار الأصل في الأشياء: من الأسس التي بنى عليها الإمام الشافعي رحمه اللَّه
تعالى مذهبه فيما لم يرد فيه نص أن الأصل في المنافع الإباحة، والأصل في المضار التحريم.
6 -
الاستصحاب: وهو عبارة عن ثبوت أمر في الزمان الثاني بناء على ثبوته في الزمان الأول، فإذا عرفنا حكمًا من الأحكام في الزمن الماضي، ولم يظهر لنا ما يدل على عدمه، حكمنا الآن في الزمان الثاني بأنه لا زال باقيًا على ما كان عليه، لأنه لم يظن عدمه، وكل ما كان كذلك فهو مظون البقاء.
ومن ذلك مثلًا: أن الأصل براءة ذمة الإنسان حتى يقوم الدليل على شغلها بواجب أو حق عليه، فنستصحب هذه البراءة فيما لو اتهم إنسان بدَيْن أو حق يتعلق بذمته، ولا بينة عليه، فنستصحب الأصل في براءة ذمته.
7 -
الاستقراء: وهو عبارة عن تتبع أمور جزئية ليحكم بحكمها على أمر يشتمل على تلك الجزئيات، حيمث يستدل بإثبات الحكم للجزئيات بعد تتبع حالها على ثبوت الحكم الكلي تلك الجزئيات، وبواسطة ثبوته للكلي يثبت للصورة المتنازع في حكمها.
ومثاله: الاستدلال على أن الوتر مندوب وليس بواجب بأن الوتر يؤدى على الدابة في السفر، وقد ثبت بتتبع أحوال النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما كان يصلي الفرائض على الدابة،
وإنما كان يصلي النوافل فقط، فلما صلى الوتر على الدابة علمنا أنه مندوب، وحملنا ما روى مما يوهم ظاهره وجوب الوتر على تأكيد الاستحباب.
1 -
الأخذ بأقل ما قيل: حيث يرى الإمام الشافعي رحمه اللَّه تعالى أن نأخذ بأقل ما قيل في المسألة، إذا كان الأقل جزء من الأكبر، ولم يجد دليلًا غيره.
فهذا الأصل عند الإمام الشافعي يستعمله عند عدم وجود دليل آخر في المسألة، فيعمل به، لأنه قد حصل الإجماع الضمني على الأقل.
ومثاله: دية الذمي، فقد اختلف العلماء فيها على ثلاثة أقوال:
فقيل: إنها ثلث دية المسلم.
وقيل: إنها نصف دية المسلم، وهو مذهب المالكية.
وقيل: إنها كدية المسلم، وهو مذهب الحنفية.
فأخذ الإمام الشافعي بالثلث، بناء على أن الثلث أقل ما قيل في المسألة، وهو مجمع عليه؛ لأنه مندرج ضمن قول من أوجب النصف، أو الكل، والأصل براءة الذمة بالنسبة لمن سيدفع الدية، فلا يجب عليه شىء إلا بدليل، ولا دليل يوجب الزيادة
على الثلث، وإنما أوجبنا عليه الثلث للإجماع.
فهذه هي الأدلة التي بنى عليها الإمام الشافعي رحمه اللَّه تعالى، بالإضافة إلى ما قرره من قواعد في استثمار الأحكام من ألفاظ النصوص الشرعية، كقواعد العام والخاص، والمجمل والمبين، والمطق والمقيد.
وعلى الجانب الآخر فقد رفض الإمام الشافعي رحمه اللَّه تعالى بعض الأدلة التي قال بها غيره من الأئمة، حيث رأى الإمام الشافعي رحمه الله تعالى أنها ضعيفة، لا يصح الاستدلال بها.
1 -
فمما رده من الأدلة: المصالح المرسلة:
فقد قبل الإمام مالك المصلحة المرسلة التي لم يرد عن الشارع اعتبارها أو إلغاؤها.
فمن ذلك: أنه يجوز عند الإمام مالك ضرب المتهم بالسرقة حتى يقر.
ولكن رد الإمام الشافعي رحمه اللَّه تعالى هذا الدليل، ولم ير الأخذ به، وتابعه على ذلك جمهور العلماء.
2 -
ومما رده الإمام الشافعي رحمه الله تعالى من الأدلة: الاستحسان:
فقد رأى الحنفية العمل بالاستحسان، وهو ترجيح القياس الخفي على القياس الجلي في بعض المسائل.
ومن ذلك: تصحيح الحنفية بيع المعاطاة (بأن يأخذ المشتري بضاعته من البائع
ويعطيه الثمن دون التعاقد باللفظ على ذلك) لاطراد عرف الناس وعادتهم على التعامل، فالأعصار لا تنفك عنها، ويغلب على الظن جريانها في عهد النبي صلى الله عليه وسلم،
فجاز العمل بها استحسانًا.
ورد الإمام الشافعي رحمه اللَّه تعالى المعاطاة لمخالفتها لعموم الأدلة والقياس التي توجب التعاقد في عملية البيع، وتشترط الإيجاب والقبول، وليس المراد بالاستحسان:
التشريع تبعًا للَّهوى، واستحسانًا له دون دليل شرعي، فهذا أمر اتفق الأئمة جميعًا على إبطاله ورده.
3 -
ومما رده الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: القول بعمل أهل المدينة:
فقد ذهب الإمام مالك إلى أن عمل أهل المدينة فيما أجمعوا عليه حجة؛ لأنه الآخر من عمل النبي صلى الله عليه وسلم.