الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجب العمل به، لأنه لا معارض له، فهذا بيان للواقع.
والذي يقوله الأصوليون مفروض، وليس بواقع، وهذه فائدة عظيمة وإليها الإشارة بقوله: " إذا صح الحديث
…
"، حيث أطلقه، ولم يجعل معه شرطًا آخر.
الفائدة الثالثة: أن العلماء رضوان اللَّه عليهم لكل منهم أصول، وقواعد بنى مذهبه عليها، لأجلها رَدَّ بعض الأحاديث، وأما الشافعي فليس له قاعدة يرد بها الحديث، فمتى صح الحديث قال به، والمعارض - الذي لو وقع كان معارضًا عنده، وعند غيره
هو: المعقول، أو الإجماع، أو القرآن، أو السنة المتواترة - لم يقع أصلًا، وقد صان اللَّه شريعته عن ذلك، فكان في قول الشافعي:
" إذا صح الحديث فهو مذهبي " إشارة إلى ذلك.
الفائدة الرابعة: في عموم الألف واللام من قوله " الحديث "، سواء أكان حجازيًّا، أم عراقيًّا، أم شاميًّا، خلافًا لمن لم يقبل إلا أحاديث الحجاز.
فهذه أربع فوائد، في الفائدة الأولى ثلاثة أشياء، فصارت ستة، لم توجد في كلام بقية الأئمة " انتهى ما أردته.
* * *
أقوال الإمام:
قال الشيرازي:
مسألة:
تخريج الشافعي المسألة على قولين جائز، وذهب من لا يعتد بخلافه إلى أن
ذلك لا يجوز، وربما قالوا: إن ذلك لا يجوز من جهة أنه لا يجوزأن يعتقد المجتهد في الحادثة قولين متضادين، ولا سيما على قوله: إن الحق من قول المجتهدين في واحد، وما عداه باطل، وربما قالوا: إن تخريج المسألة على قولين يدل على نقصان الآلة، وقلة العلم، حتى لم يعرف الحق من القولين، ويحتاج أن يخرج المسألة على قولين.
وهذا خطأ؛ لأن ما ذكر عن الشافعي فيه قولان -: على وجوه، ليس في شيء منها ما يتوجه عليه اعتراض:
فمنها: أن يذكر قولًا في القديم، ثم يذكر قولًا آخر في الجديد، فيكون مذهبه الثاني منهما، والأول مرجوع عنه، ويكون القولان له رحمه الله كالروايتين عن الإمامين أبي حنيفة، ومالك، وسائر الفقهاء رحمهم الله.
ومنها: أن يذكر قولين، ثم يدل على تصحيح مذهبه منهما بأن يقول:" هذا أشبه وأقرب إلى الصواب "، أو يُفسِد الآخر، ويقول:" هو مدخول فيه، أو منكسر "،
فيبين أن مذهبه هو الآخر، أو يُفَرَّع على أحدهما، ويترك الآخر، فيعلم أنه هو المذهب.
فما كان منه على هذه الوجوه لا اعتراض عليه فيه؛ لأنه لم يجمعْ بين القولين في الاختيار فينسب إلى أنه اعتقد قولين متضادين في مسألة واحدة، ولا تَوَقَّفَ عن القطع بأحدهما، فيقال: إنه عجز عن إدراك الحق.
فإن قيل: إن كان مذهبه أحد القولين على ما ذكرتم، فما الفائدة في ذكر القولين؟
قلنا: إنما ذكر ذلك ليعلِّم أصحابه طرق العلل واستخراجها، والتمييز بين الصحيح من الفاسد من الأقاويل، وهذه فائدة كبيرة، وغرض صحيح.
وقد يكون من ذلك ما ينص فيه على قولين، ولا يبين مذهبه منهما.
قال القاضي أبو حامد: " ولا نعرف له ما هذا سبيله إلا في ست عشرة مسألة، أو سبع عشرة مسألة ".
فهذا أيضًا لا اعتراض عليه فيه، لأنه لم يذكرهما على أنه مُعْتقِد لهما، وكيف يقال هذا وهما قولان منصوصان.
وإنما ذكرهما؛ لأن الحادثة تحتمل عنده هذين القولين،
ولم يرجحْ بعد أحدهما على الآخر، فذكرهما ليطلب منهما الصواب فأدركه الموت قبل البيان، وليس في ذلك نقض على المجتهد، بل يدلك ذلك على غزارة علمه، وكمال فضله حين تزاحمت عنده الأصول، وترادفت الشبه حتى احتاج إلى التوقيف إلى أن ينكشف له وجه الصواب منهما فيحكم به.
فإن فيل: إذا لم يَبِنْ له الحق من القولين، ولم يكن مذهبه القولين، فما الفائدة في ذكر القولين؟
قلنا: فائدته أن الحق في واحد من هذين القولين غير خارج منهما، وأن ما عداهما من الأقاويل باطل، وفي ذلك فائدة كثيرة، وغرض صحيح.
ولهذا جعل أمير المؤمنين رحمه الله الأمر شورى في ستة، ولم ينص على واحد بعينه ليبين أن الإمامة لا تخرج منهم، ولا تطلب من غيرهم، فكذلك ها هنا.