الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4.
واحتج غير ابن حزم على وجوبها بأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بها وعمل بها، وقال الغلام مرتهن بعقيقته ومع الغلام عقيقة (1).
قالوا وهذا يدل على الوجوب من وجهين: أحدهما قوله (مع الغلام عقيقة) وهذا ليس إخباراً عن الواقع بل عن الواجب ثم أمرهم بأن يخرجوا عنه هذا الذي معه، فقال:(أهريقوا عنه دماً)(2).
5.
واحتجوا أيضاً بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن: (الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بتسمية المولود يوم سابعه ووضع الأذى عنه والعق)(3).
6.
واحتجوا بحديث يوسف بن ماهك وفيه أن عائشة أخبرتهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم: (أمرهم عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة)(4).
وجه الاستدلال بهذين الحديثين أن فيهما الأمر النبوي بالعقيقة والأصل في الأمر أن يحمل على الوجوب.
7.
واحتجوا أيضاً بحديث يزيد بن عبدٍ المزني عن أبيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال
: (يعق عن الغلام ولا يمس رأسه بدم)(5)، وقالوا هذا خبر بمعنى الأمر (6).
أدلة القول الثالث:
واحتج الحنفية بما يلي:
أولاً: بالنسبة للقول الأول عند الحنفية وهو استحباب العقيقة فأدلتهم عليه هي أدلة الجمهور السابقة.
(1) انظر تحفة المودود ص 43.
(2)
المصدر السابق ص 46.
(3)
سبق تخريجه.
(4)
سبق تخريجه.
(5)
سبق تخريجه.
(6)
تحفة المودود ص47.
ثانياً: بالنسبة للقول بأنها مباحة فاحتجوا عليه بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده السابق، وفيه: (من ولد له ولد فأحب أن ينسك عنه فلينسك
…
الخ) وهو يفيد الإباحة كما قالوا (1).
ثالثاً: وأما قولهم بأنها منسوخة فدليلهم ما ذكره الكاساني: [وإنما عرفنا انتساخ هذه الدماء بما روي عن سيدتنا عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (نسخ صوم رمضان كل صوم كان قبله، ونسخت الأضحية كل دم كان قبلها، ونسخ غسل الجنابة كل غسل كان قبله) والظاهر أنها قالت ذلك سماعاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن انتساخ الحكم مما لا يدرك بالاجتهاد](2).
واحتجوا أيضاً بما رواه أبو يوسف في الآثار عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: [كانت العقيقة في الجاهلية فلما جاء الإسلام رفضت](3).
وبما رواه أبو يوسف أيضاً عن أبي حنيفة عن رجل عن محمد بن الحنفية: [أن العقيقة كانت في الجاهلية فلما جاء الأضحى رفضت](4).
قال التهانوي: [وحجة المانعين هو ما روي عن إبراهيم ومحمد بن الحنفية أنها رفضت في الإسلام، وما روي من الأخبار لا ترد عليهما، لأنهما لا ينكران المشروعية أصلاً، بل يقولان بالمشروعية في الجملة، ولكنهما يدعيان أنها رفعت، فعندهما زيادة علم ليس عند من يجوزها، وهما إمامان لا يقولان جزاف فيكون قولهما حجة لأن حجة المجوزين عدم وقوفهم على الناسخ،
(1) اللباب 2/ 648.
(2)
بدائع الصنائع 4/ 204.
(3)
كتاب الآثار ص 238.
(4)
المصدر السابق.
وحجتهما الاطلاع عليه، وباليقين قول من يدعي العلم حجة دون من ينكره. فإن قلت: في رواية ابن الحنفية رجل مبهم، قلنا: هذا الإبهام ليس بمضر، لأن الراوي عنه صاحب المذهب وهو أعرف به] (1).
واحتجوا بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده السابق وفيه: (سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العقيقة، فقال: لا يحب الله العقوق).
واحتجوا أيضاً بحديث أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لما ولدت فاطمة حسناً، قالت: ألا أعق عن ابني بدم؟ قال: لا، ولكن احلقي رأسه وتصدقي بوزن شعره فضة على المساكين والأوفاض. ففعلت ذلك فلما ولد حسيناً فعلت مثل ذلك) وفي رواية أخرى قال عليه السلام: (لا تعقي عنه) رواه الإمام أحمد وقال الهيثمي: رواه أحمد والطبراني في الكبير وهو حديث حسن (2).
وقال الساعاتي: [وفي إسناده عبد الله بن محمد بن عقيل، فيه لين وله شواهد تعضده ولعل الحافظ الهيثمي حسنه لذلك](3).
وأما ما احتج به الحنفية على قولهم من جهة النظر [فإن إراقة الدم بمجردها لم تعهد قربة إلا حيث ورد بها النص لا غير، وإذا تعارضت النصوص في كونها مشروعة في العقيقة أو منسوخة وباليقين ندري أنه كان في الإسلام إراقات قد نسخت فيما بعد، كالفرع والعتيرة ونحوها، كان الترجيح لما يدل على
(1) إعلاء السنن 17/ 113.
(2)
مجمع الزوائد 4/ 57.
(3)
الفتح الرباني 13/ 126 - 127، والأوفاض أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم محتاجون كانوا في المسجد أو في الصفة. المصدر السابق.