الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني عشر
التصرف بالعقيقة
وفيه مطالب:
المطلب الأول: الانتفاع بها:
حكم العقيقة بعد ذبحها حكم الأضحية من حيث التصرف فيها عند أهل العلم
وهذه أقوال بعض العلماء في كيفية التصرف بالعقيقة بعد ذبحها:
- قال الحسن البصري: يصنع بالعقيقة ما يصنع بالأضحية (1).
- وقال عطاء: يأكل أهل العقيقة ويهدونها أمر صلى الله عليه وسلم بذلك - زعموا - وإن شاء تصدق (2).
- وعنه أيضاً: في العقيقة تطبخ بماء وملح آراباً وتهدى في الجيران والصديق ولا يتصدق منها بشيء (3).
- وقال ابن جريج: [تطبخ أعضاءً ويؤكل منها ويهدى ولا يتصدق بشيء منها](4).
- وقال ابن حزم: [ويؤكل منها ويهدى ويتصدق هذا كله مباح لا فرض](5).
- وقال الحافظ ابن عبد البر: ويسلك بها مسلك الضحايا: يؤكل منها ويتصدق ويهدي إلى الجيران وروي مثل ذلك عن عائشة وعليه جمهور
(1) المحلى 4/ 237.
(2)
المحلى 4/ 237.
(3)
المحلى 4/ 240 فتح المالك 7/ 109.
(4)
الاستذكار 15/ 385.
(5)
المحلى 4/ 234.
العلماء (1).
فتوزع أثلاثاً، ثلث لأهل البيت وثلث للصدقة وثلث للهدية.
وقال الخرقي: [وسبيلها في الأكل والهدية والصدقة سبيلها] أي سبيل الأضحية (2).
وقال الشيخ ابن قدامة المقدسي شارحاً كلام الخرقي السابق: [وبهذا قال الشافعي وقال ابن سيرين: اصنع بلحمها كيف شئت، وقال ابن جريج: تطبخ بماء وملح وتهدى الجيران والصديق ولا يتصدق منها بشيء، وسئل أحمد عنها فحكى قول ابن سيرين وهذا يدل على أنه ذهب إليه وسئل هل يأكلها كلها؟ قال: لم أقل يأكلها كلها ولا يتصدق منها بشيء والأشبه قياسها على الأضحية لأنها نسيكة مشروعة غير واجبة فأشبهت الأضحية ولأنها أشبهتها في صفاتها وسنها وقدرها وشروطها فأشبهتها في مصرفها وإن طبخها ودعا إخوانه فأكلوها فحسن](3).
وقال الحافظ ابن عبد البر: [ويطعم منها الجيران ولا يدعى الرجال كما يفعل بالوليمة](4).
وجاء في مختصر خليل: [وكُرِه عملها وليمة] وقال المواق: سمع ابن القاسم: تطبخ العقيقة ويأكل منها أهل البيت ويطعم الجيران، وأما الدعاء إليها فإني
(1) فتح المالك 7/ 109.
(2)
المغني 9/ 463.
(3)
المغني 9/ 463.
(4)
الاستذكار 15/ 384.
أكره الفخور، وزاد في سماع القرينين: إن أرادوا صنيعاً صنعوا من غيرها ودعوا إليه الناس، وكان ابن عمر يدعو إلى الولادة وإلى ختان الذكور] (1).
قال النووي: [ويستحب أن يأكل منها ويتصدق ويهدي كما قلنا في الأضحية](2)، وقال النووي أيضاً:[قال أصحابنا حكم العقيقة في التصدق منها والأكل والهدية والادخار وقدر المأكول وامتناع البيع وتعين الشاة إذا عينت للعقيقة كما ذكرنا في الأضحية سواء لا فرق بينهما وحكى الرافعي وجهاً أنه إذا جوزنا العقيقة بما دون الجذعة لم يجب التصدق وجاز تخصيص الأغنياء بها. والله أعلم](3).
واستحب كثير من أهل العلم أن لا يتصدق بلحمها نيئاً بل يطبخ ويتصدق به على الفقراء بإرساله لهم وفضلوا ذلك على دعوة الفقراء إلى بيت صاحبها.
قال النووي: [قال جمهور أصحابنا يستحب أن لا يتصدق بلحمها نيئاً بل يطبخه وذكر الماوردي أنا إذا قلنا بالمذهب أنه لا تجزئ دون الجذعة والثنية وجب التصدق بلحمها نيئاً وكذا قال إمام الحرمين إن أوجبنا التصدق بمقدار من الأضحية والعقيقة وجب تمليكه نيئاً والمذهب الأول وهو أنه يستحب طبخه وفيما يطبخ به وجهان: أحدهما: بحموضة ونقله البغوى عن نص الشافعي لحديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (نعم الأدام الخل) رواه مسلم. وأصحهما وأشهرهما وبه قطع المصنف والجمهور يطبخ بحلو تفاؤلاً بحلاوة أخلاقه وقد ثبت في الصحيح (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب الحلوى والعسل) وعلى هذا لو طبخ
(1) التاج والإكليل 4/ 393 - 394.
(2)
المجموع 8/ 430.
(3)
المجموع 8/ 432.
بحامض ففي كراهته وجهان حكاهما الرافعي والصحيح أنه لا يكره لأنه ليس فيه نهي. قال أصحابنا والتصدق بلحمها ومرقها على المساكين بالبعث إليهم أفضل من الدعاء إليها ولو دعا إليها قوماً جاز ولو فرَّق بعضها ودعا ناساً إلى بعضها جاز] (1).
وقال البغوي: [ويستحب ألا يتصدق بلحمها نيئاً بل يطبخه ويبعث إلى المساكين بالصحاف ولو دعا إليه قوماً جاز](2).
[قال الشافعي: ويطبخها بحموضة، لعله ذهب إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: (نعم الإدام الخل)، وقيل لا يطبخها بحموضة تفاؤلاً بحلاوة أخلاقه](3).
[وقال في المستوعب: يستحب أن يطبخ منها طبيخ حلو تفاؤلاً بحلاوة أخلاقه](4).
وقال العلامة ابن عثيمين: [والغريب أن بعض الناس قال: وينبغي أن تطبخ بالحلو أي يوضع فيها سكر تفاؤلاً بحلاوة أخلاق الطفل، وهذا قول ضعيف؛ لأنه ليس فيه دليل، ومسألة التفاؤل لا ينبغي أن نتوسع فيها هذا
…
التوسع] (5).
ولو دعا إليها قوماً فلا بأس في ذلك فيجوز لصاحبها أن يأكل منها وأن يطبخها ويرسل منها إلى الفقراء ويجوز أن يدعو أصدقائه وأقاربه وجيرانه والفقراء إلى أكلها في بيته فله أن يتصرف فيها كيفما يشاء. قال محمد بن سيرين من
(1) المجموع 8/ 430.
(2)
التهذيب 8/ 49.
(3)
التهذيب 8/ 49.
(4)
الإنصاف 4/ 114.
(5)
الشرح الممتع 7/ 546.