الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أولاً:
الأذان في أذن المولود:
يستحب أن يؤذن في أذن المولود اليمنى والإقامة في أذنه اليسرى عند ولادته ذكراً كان أو أنثى ويكون الأذان بلفظ أذان الصلاة (1) ويكون ذلك يوم الولادة كما يؤخذ من الأحاديث التالية:
1.
عن أبي رافع رضي الله عنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أذَّن في أُذن الحسن بن علي حين ولدته فاطمة بالصلاة) رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث صحيح ، ورواه البيهقي والحاكم وصححه، وحسنه الألباني (2).
2.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم أذّن في أُذن الحسن بن علي يوم ولد فأذن في أذنه اليمنى وأقام في أذنه اليسرى) رواه البيهقي (3).
3.
وعن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من ولد له مولود فأذن في أذنه اليمنى وأقام في أذنه اليسرى رفعت عنه أم الصبيان) رواه البيهقي ورواه ابن السني (4).
وهذا الحديث ضعيف ضعفه ابن القيم، ولكن الشيخ الألباني يرى أن الحديث موضوع ولا يصلح شاهداً لما قبله من الأحاديث فقد ذكره في السلسلة الضعيفة وحكم عليه بالوضع وتكلم على إسناده وذكر من رواه ثم قال: [وقد خفي وضع هذا الحديث على جماعة ممن صنفوا في الأذكار والأوراد كالإمام النووي رحمه
(1) المجموع 8/ 442، المغني 1/ 464، عون المعبود 14/ 7، تحفة المودود ص25، زاد المعاد 2/ 333.
(2)
سنن أبي داود مع شرحه عون المعبود 14/ 7، المستدرك 4/ 175، صحيح سنن أبي داود 3/ 961، سنن الترمذي 4/ 82، سنن البيهقي 9/ 305.
(3)
شعب الإيمان 6/ 390.
(4)
شعب الإيمان 6/ 390، عمل اليوم والليلة ص 378.
الله فإنه أورده في كتابه برواية ابن السني دون أن يشير ولو إلى ضعفه فقط وسكت عليه شارحه ابن علان 6/ 95 فلم يتكلم على سنده بشيء! ثم جاء ابن تيمية من بعد النووي فأورده في الكلم الطيب ثم تبعه تلميذه ابن القيم فذكره في الوابل الصيب إلا أنهما قد أشارا إلى تضعيفه بتصديرهما إياه بقولهما ويذكر وهذا وإن كان يرفع عنهما مسؤولية السكوت عن تضعيفه فلا يرفع مسؤولية إيراده أصلاً فإن فيه إشعاراً أنه ضعيف فقط وليس بموضوع وإلا لما أورداه إطلاقاً وهذا ما يفهمه كل من وقف عليه في كتابيهما ولا يخفى ما فيه فقد يأتي من بعدهما من يغتر بصنيعهما هذا وهما الإمامان الجليلان فيقول: لا بأس فالحديث الضعيف يعمل به في فضائل الأعمال! أو يعتبره شاهداً لحديث آخر ضعيف يقويه به ذاهلاً عن أنه يشترط في هذا أو ذاك أن لا يشتد ضعفه وقد رأيت من وقع في شيء مما ذكرت فقد روى الترمذي بسند ضعيف عن أبي رافع رضي الله عنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن في أذن الحسن بن علي حين ولدته فاطمة بالصلاة). وقال الترمذي حديث صحيح والعمل عليه. فقال شارحه المباركفوري بعد أن بين ضعف إسناده مستدلاً عليه بكلمات الأئمة في رواية عاصم بن عبيدالله: فإن قلت: كيف العمل عليه وهو ضعيف؟ قلت: نعم هو ضعيف، لكنه يعتضد بحديث الحسين بن علي رضي الله عنهما الذي رواه أبو يعلى الموصلي وابن السني. فتأمل كيف قوى الضعيف بالموضوع وما ذلك إلا لعدم علمه بوضعه واغتراره بإيراده من ذكرنا من العلماء.
نعم يمكن تقوية حديث أبي رافع بحديث ابن عباس رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أذّن في أذن الحسن بن علي يوم ولد وأقام في أذنه اليسرى) أخرجه
البيهقي في الشعب مع حديث الحسن بن علي وقال: وفي إسنادهما ضعف. ذكره ابن القيم في التحفة ص 16.
قلت: فلعل إسناد هذا خير من إسناد حديث الحسن بحيث أنه يصلح شاهداً لحديث رافع، والله أعلم] (1).
وذكر الإمام النووي الحديث في المجموع ولم يتكلم عليه وقال: [وأم الصبيان هي التابعة من الجن](2).
وروي أن عمر بن عبد العزيز كان يؤذن في اليمنى ويقيم في اليسرى إذا ولد الصبي. رواه عبد الرزاق في المصنف، وذكره البغوي في شرح السنة، وقال الحافظ ابن حجر: لم أره عنه مسنداً وقد ذكره ابن المنذر عنه (3).
ويؤخذ من هذه الأحاديث أن الأذان في أذن المولود اليمنى والإقامة في أذنه اليسرى من السنة وهذه الأحاديث تصلح لإثبات هذا الأمر الذي يعد من فضائل الأعمال.
قال الإمام النووي: [السنة أن يؤذن في أذن المولود عند ولادته ذكراً كان أو أنثى ويكون الأذان بلفظ أذان الصلاة](4).
وذكر ابن العربي المالكي أن ذلك من السنة وقال: [وقد فعلت ذلك بأولادي والله يهب الهدى](5).
(1) سلسلة الأحاديث الضعيفة 1/ 330 - 331.
(2)
المجموع 8/ 443.
(3)
مصنف عبد الرزاق 4/ 336، شرح السنة 11/ 273، التلخيص الحبير 4/ 149.
(4)
المجموع 8/ 442.
(5)
التاج والإكليل 4/ 391.
وقد بين ابن القيم الحكمة من الأذان في أذن المولود فقال: [وسر التأذين والله أعلم: أن يكون أول ما يقرع سمع الإنسان كلماته المتضمنة لكبرياء الرب وعظمته والشهادة التي أول ما يدخل بها في الإسلام فكان ذلك كالتلقين له شعار الإسلام عند دخوله إلى الدنيا كما يلقن كلمة التوحيد عند خروجه منها وغير مستنكر وصول أثر التأذين إلى قلبه وتأثره به وإن لم يشعر مع ما في ذلك من فائدة أخرى وهي هروب الشيطان من كلمات الأذان وهو كان يرصده حتى يولد فيقارنه للمحنة التي قدرها الله وشاءها فيسمع شيطانه ما يضعفه ويغيظه أول أوقات تعلقه به.
وفيه معنىً آخر وهو أن تكون دعوته إلى الله وإلى دينه الإسلام وإلى عبادته سابقة على دعوة الشيطان كما كانت فطرة الله التي فطر الناس عليها سابقة على تغيير الشيطان لها ونقله عنها ولغير ذلك من الحكم] (1)
(1) تحفة المودود ص25 - 26.