الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الشوكاني: [ولا يخفى أن مجرد ذكرها - الشاة - لا ينفي إجزاء غيرها](1)، هذا من جهة ومن جهة أخرى لا نسلم أن لفظ الشاة خاص بالضأن والمعز، صحيح أنه المشهور في ذلك ولكن ورد في اللغة إطلاق الشاة على البقر وغيرها، قال ابن منظور:[والشاة الواحد من الغنم تكون للذكر والأنثى وقيل الشاة تكون من الضأن والمعز والظبا والبقر والنعام وحمر الوحش](2).
وخلاصة القول أنه يجوز أن تكون العقيقة من الضأن والمعز والإبل والبقر كما قال الجمهور. ولا تصح العقيقة بغيرها كالعصفور والدجاجة.
الشرط الثاني: أن تكون العقيقة سليمة من العيوب
وهذا مذهب جمهور أهل العلم (3).
قال الحافظ ابن عبد البر: (على هذا جمهور الفقهاء أنه يجتنب في العقيقة من العيوب ما يجتنب في الأضحية)(4).
والمقصود بالعيوب هي ذاتها التي تمنع الإجزاء في الأضحية كما نص عليه كثير من أهل العلم.
قال الإمام مالك: [وإنما هي - العقيقة - بمنزلة النسك والضحايا لا يجوز فيها عوراء ولا عجفاء ولا مكسورة القرن ولا مريضة
…
] (5).
(1) نيل الأوطار 5/ 156.
(2)
لسان العرب 7/ 244.
(3)
المجموع 8/ 429 - 430، المغني 9/ 463، شرح السنة 11/ 267، حاشية العدوي على شرح الخرشي3/ 47، بداية المجتهد 1/ 377،كفاية الأخيار ص 535، تحفة المودود ص 63.
(4)
الاستذكار 15/ 384 وانظر فتح المالك 7/ 109.
(5)
الموطأ 2/ 400.
ونقل الإمام الترمذي عن أهل العلم قولهم [لا يجزئ في العقيقة من الشاة إلا ما يجزئ في الأضحية](1).
وقال الخرقي: [ويجتنب فيها من العيب ما يجتنب في الأضحية]. وقال الشيخ ابن قدامة المقدسي شارحاً كلام الخرقي: [وجملته أن حكم العقيقة حكم الأضحية في سنها وأنه يمنع فيها من العيب ما يمنع فيها، ويستحب فيها من الصفة ما يستحب فيها، وكانت عائشة تقول: [ائتوني به أعين أقرن]، وقال عطاء:[الذكر أحب إليَّ من الأنثى والضأن أحب من المعز] فلا يجزئ فيها أقل من الجذع من الضأن والثني من المعز ولا يجوز فيها العوراء البين عورها والعرجاء البين ظلعها، والمريضة البين مرضها. والعجفاء التي لا تنقي والعضباء التي ذهب أكثر من نصف أذنها أو قرنها وتكره فيها الشرقاء والخرقاء والمقابلة والمدابرة ويستحب استشراف العين والأذن كما ذكرنا في الأضحية سواء لأنها تشبهها فتقاس عليها] (2).
وقال أبو إسحاق الشيرازي: [ولا يجزئ إلا السليم من العيوب لأنه إراقة دم بالشرع فاعتبر فيه ما ذكرناه كالأضحية](3).
وبناءً على ذلك لا يجزئ في العقيقة العرجاء البين عرجها، ولا العوراء البين عورها، ولا المريضة البين مرضها، ولا العجفاء الهزيلة، ولا العمياء، ولا الكسيرة، ولا الكسيحة، وهذه العيوب ذكرت في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه الوارد في الأضحية وفيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أربع لا تجوز في الأضاحي:
(1) سنن الترمذي 4/ 86.
(2)
المغني 9/ 463.
(3)
المهذب مع المجموع 8/ 427.
العوراء البين عورها والمريضة البين مرضها والعرجاء البين عرجها والكسير التي لا تنقي). قال: - أي الراوي عن البراء وهو عبيد بن فيروز -: قلت: فإني أكره النقص في السن. قال: - أي البراء -: ما كرهت فدعه ولا تحرمه على أحد] رواه أصحاب السنن الأربعة، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند أهل العلم. وصححه الشيخ الألباني (1). والكسير التي لا تنقي هي التي لا تقوم ولا تنهض من الهزال.
ولا يجزئ في العقيقة - كما في الأضحية - ما كان من العيوب أشد مما ذكر في حديث البراء، قال الحافظ ابن عبد البر:[أما العيوب الأربعة المذكورة في هذا الحديث فمجتمع عليها لا أعلم خلافاً بين العلماء فيها ومعلوم أن ما كان في معناها داخل فيها ولا سيما إذا كانت العلة فيها أبين، ألا ترى أن العوراء إذا لم تجز فالعمياء أحرى ألا تجوز، وإذا لم تجز العرجاء فالمقطوعة الرِجل أو التي لا رِجل لها المقعدة أحرى أن لا تجوز، وهذا كله واضح لا خلاف فيه](2).
والعقيقة قربة يتقرب بها العبد إلى الله سبحانه وتعالى فينبغي أن تكون سليمة من العيوب سمينة طيبة فإن الله طيب لا يقبل إلا طيباً.
(1) سنن أبي داود مع شرحه عون المعبود 7/ 357 - 358، سنن الترمذي مع شرحه التحفة 5/ 67، سنن النسائي 7/ 214، سنن ابن ماجة 2/ 1050، إرواء الغليل 4/ 361.
(2)
فتح المالك 7/ 6.