المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر ما قيل في مصر هل فتحت بصلح أو عنوة - المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار - جـ ٢

[المقريزي]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثانى

- ‌ذكر تاريخ الخليقة

- ‌ذكر ما قيل في مدّة أيام الدنيا ماضيها وباقيها

- ‌ذكر التواريخ التي كانت للأمم قبل تاريخ القبط

- ‌ذكر تاريخ القبط

- ‌ذكر أسابيع الأيام

- ‌ذكر أعياد القبط من النصارى بديار مصر

- ‌ذكر ما يوافق أيام الشهور القبطية من الأعمال في الزراعات، وزيادة النيل، وغير ذلك على ما نقله أهل مصر عن قدمائهم واعتمدوا عليه في أمورهم

- ‌ذكر تحويل السنة الخراجية القبطية إلى السنة الهلالية العربية

- ‌ذكر فسطاط مصر

- ‌ذكر ما كان عليه موضع الفسطاط قبل الإسلام إلى أن اختطه المسلمون مدينة

- ‌ذكر الحصن الذي يعرف بقصر الشمع

- ‌ذكر حصار المسلمين للقصر وفتح مصر

- ‌ذكر ما قيل في مصر هل فتحت بصلح أو عنوة

- ‌ذكر من شهد فتح مصر من الصحابة رضي الله عنهم

- ‌ذكر السبب في تسمية مدينة مصر بالفسطاط

- ‌ذكر الخطط التي كانت بمدينة الفسطاط

- ‌ذكر أمراء الفسطاط من حين فتحت مصر إلى أن بني العسكر

- ‌ذكر العسكر الذي بني بظاهر مدينة فسطاط مصر

- ‌ذكر من نزل العسكر من أمراء مصر من حين بني إلى أن بنيت القطائع

- ‌ذكر القطائع ودولة بني طولون

- ‌ذكر من ولي مصر من الأمراء بعد خراب القطائع إلى أن بنيت قاهرة المعز على يد القائد جوهر

- ‌ذكر ما كانت عليه مدينة الفسطاط من كثرة العمارة

- ‌ذكر الآثار الواردة في خراب مصر

- ‌ذكر خراب الفسطاط

- ‌ذكر ما قيل في مدينة فسطاط مصر

- ‌ذكر ما عليه مدينة مصر الآن وصفتها

- ‌ذكر ساحل النيل بمدينة مصر

- ‌ذكر المنشأة

- ‌ذكر أبواب مدينة مصر

- ‌ذكر القاهرة قاهرة المعز لدين الله

- ‌ذكر ما قيل في نسب الخلفاء الفاطميين بناة القاهرة

- ‌ذكر الخلفاء الفاطميين

- ‌ذكر ما كان عليه موضع القاهرة قبل وضعها

- ‌ذكر حدّ القاهرة

- ‌ذكر بناء القاهرة وما كانت عليه في الدولة الفاطمية

- ‌ذكر ما صارت إليه القاهرة بعد استيلاء الدولة الأيوبية عليها

- ‌ذكر طرف مما قيل في القاهرة ومنتزهاتها

- ‌ذكر ما قيل في مدّة بقاء القاهرة ووقت خرابها

- ‌ذكر مسالك القاهرة وشوارعها على ما هي عليه الآن

- ‌ذكر سور القاهرة

- ‌ذكر أبواب القاهرة

- ‌ باب زويلة

- ‌باب النصر

- ‌باب الفتوح

- ‌باب القنطرة

- ‌باب الشعرية

- ‌باب سعادة

- ‌الباب المحروق

- ‌باب البرقية

- ‌ذكر قصور الخلفاء ومناظرهم والإلماع بطرف من مآثرهم وما صارت إليه أحوالها من بعدهم

- ‌ القصر الكبير

- ‌كيفية سماط شهر رمضان بهذه القاعة

- ‌عمل سماط عيد الفطر بهذه القاعة

- ‌الإيوان الكبير

- ‌الدواوين

- ‌ديوان المجلس

- ‌ديوان النظر

- ‌ديوان التحقيق

- ‌ديوان الجيوش والرواتب

- ‌ديوان الإنشاء والمكاتبات

- ‌التوقيع بالقلم الدقيق في المظالم

- ‌التوقيع بالقلم الجليل

- ‌مجلس النظر في المظالم

- ‌رتب الأمراء

- ‌قاضي القضاة

- ‌قاعة الفضة

- ‌قاعة السدرة

- ‌قاعة الخيم

- ‌المناظر الثلاث

- ‌قصر الشوك

- ‌قصر أولاد الشيخ

- ‌قصر الزمرّد

- ‌الركن المخلق

- ‌السقيفة

- ‌دار الضرب

- ‌خزائن السلاح

- ‌المارستان العتيق

- ‌التربة المعزية

- ‌القصر النافعيّ

- ‌الخزائن التي كانت بالقصر

- ‌ خزانة الكتب

- ‌خزانة الكسوات

- ‌خزائن الجوهر والطيب والطرائف

- ‌خزائن الفرش والأمتعة

- ‌خزائن السلاح

- ‌خزائن السروج

- ‌خزائن الخيم

- ‌خزانة الشراب

- ‌خزانة التوابل

- ‌دار التعبية

- ‌خزانة الأدم

- ‌خزائن دار أفتكين

- ‌خزانة البنود

- ‌دار الفطرة

- ‌المشهد الحسينيّ

- ‌ما كان يعمل في يوم عاشوراء

- ‌ذكر أبواب القصر الكبير الشرقي

- ‌ذكر المنحر

- ‌ذكر دار الوزارة الكبرى

- ‌ذكر رتبة الوزارة، وهيئة خلعهم، ومقدار جاريهم، وما يتعلق بذلك

- ‌ذكر المناخ السعيد

- ‌ذكر اصطبل الطارمة

- ‌ذكر ما كان يضرب في خميس العدس من خراريب الذهب

- ‌ذكر دار الوكالة الآمرية

- ‌ذكر مصلى العيد

- ‌ذكر هيئة صلاة العيد وما يتعلق بها

- ‌ذكر القصر الصغير الغربي

- ‌أبواب القصر الغربيّ

- ‌ذكر دار العلم

- ‌ذكر دار الضيافة

- ‌ذكر اصطبل الحجريّة

- ‌ذكر مطبخ القصر

- ‌ذكر الدار المأمونية

- ‌ذكر المناظر التي كانت للخلفاء الفاطميين، ومواضع نزههم ما كان لهم فيها من أمور جميلة

- ‌ذكر ما كان يعمل يوم فتح الخليج

- ‌منازل العز

- ‌ذكر الأيام التي كان الخلفاء الفاطميون يتخذونها أعيادا، ومواسم تتسع بها أحوال الرعية، وتكثر نعمهم

- ‌ذكر مذاهبهم في أوّل الشهور

- ‌ذكر النوروز

- ‌ذكر ما كان من أمر القصرين، والمناظر بعد زوال الدولة الفاطمية

الفصل: ‌ذكر ما قيل في مصر هل فتحت بصلح أو عنوة

من طعامهم سألهم عمرو: كم أنفقتم؟ قالوا: عشرين ألف دينار، قال عمرو: لا حاجة لنا بصنيعكم بعد اليوم أدّوا إلينا عشرين ألف دينار، فجاءه النفر من القبط، فاستأذنوه إلى قراهم وأهليهم، فقال لهم عمرو: كيف رأيتم أمرنا؟ قالوا: لم نر إلّا حسنا، فقال الرجل الذي قال في المرّة الأولى: إنكم لن تزالوا تظهرون على كل من لقيتم حتى تقتلوا خيركم رجلا، فغضب عمرو، وأمر به فطلب إليه أصحابه، وأخبروه أنه لا يدري ما يقول، حتى خلصوه.

فلما بلغ عمرا قتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أرسل في طلب ذلك القبطيّ، فوجدوه قد هلك، فعجب عمرو من قوله ويقال: إنّ عمرو بن العاص قال: فلما طعن عمر بن الخطاب، قلت هو ما قال القبطيّ، فلما حدّثت أنه إنما قتله أبو لؤلؤة رجل نصرانيّ قلت: لم يعن هذا إنما عنى من قتله المسلمون، فلما قتل عثمان عرفت أن ما قال الرجل حق، فلما فرغ القبط من صنيعهم، أمر عمرو بن العاص بطعام، فصنع لهم وأمرهم أن يحضروا لذلك، فصنع لهم الثريد والعراق، وأمر أصحابه بلباس الأكسية، واشتمال الصمّاء والقعود على الركب، فلما حضرت الروم، وضعوا كراسي الديباج، فجلسوا عليها، وجلست العرب إلى جوانبهم، فجعل الرجل من العرب يلتقم اللقمة العظيمة من الثريد، وينهش من ذلك اللحم، فيتطاير على من إلى جنبه من الروم، فبشعت الروم ذلك، وقالت:

أين أولئك الذين كانوا أتونا قبل؟ فقيل لهم: أولئك أصحاب المشورة، وهؤلاء أصحاب الحرب.

وقال الكنديّ: وذكر يزيد بن أبي حبيب: أنّ عدد الجيش الذين كانوا مع عمرو بن العاص خمسة عشر ألفا وخمسمائة، وذكر عبد الرحمن بن سعيد بن مقلاص: أنّ الذي جرت سهمانهم في الحصن من المسلمين اثنا عشر ألفا وثلثمائة بعد من أصيب منهم في الحصار بالقتل والموت، ويقال: إنّ الذين قتلوا في هذا الحصار من المسلمين دفنوا في أصل الحصن.

وذكر القضاعيّ: أنّ مصر فتحت يوم الجمعة مستهلّ المحرّم سنة عشرين، وقيل:

فتحت سنة ست عشرة، وهو قول الواقديّ، وقيل: فتحت والإسكندرية سنة خمس وعشرين، والأكثر على أنها فتحت قبل عام الرّمادة، وكانت الرّمادة في آخر سنة سبع عشرة، وأول ثمان عشرة.

‌ذكر ما قيل في مصر هل فتحت بصلح أو عنوة

؟

وقد اختلف في فتح مصر، فقال قوم: فتحت صلحا، وقال آخرون: إنما فتحت عنوة، فأمّا الذين قالوا كان فتح مصر بصلح، فإنّ حسين بن شفي قال: لما فتح عمرو بن

ص: 81

العاص الإسكندرية بقي من الأسارى بها ممن بلغ الخراج، وأحصي يومئذ ستمائة ألف سوى النساء والصبيان، فاختلف الناس على عمرو في قسمهم، فكان أكثر المسلمين يريد قسمها، فقال عمرو: لا أقدر على قسمها، حتى أكتب إلى أمير المؤمنين، فكتب إليه يعلمه بفتحها وشأنها، وأنّ المسلمين طلبوا قسمها، فكتب إليه عمر رضي الله عنه: لا تقسمها، وذرهم يكون خراجهم فيئا للمسلمين، وقوّة لهم على جهاد عدوّهم، فأقرّها عمرو، وأحصى أهلها، وفرض عليهم الخراج، فكانت مصر كلها صلحا بفريضة: دينارين دينارين، إلّا أنه يلزم بقدر ما يتوسع فيه من الأرض والزرع إلّا الإسكندرية فإنهم كانوا يؤدّون الخراج والجزية على قدر ما يرى من وليهم، لأنّ الإسكندرية فتحت عنوة بغير عهد، ولا عقد، ولم يكن لهم صلح ولا ذمّة.

وقال الليث عن يزيد بن أبي حبيب: مصر كلها صلح إلّا الإسكندرية فإنها فتحت عنوة.

وقال عبد الله بن أبي جعفر: حدّثني رجل ممن أدرك عمرو بن العاص قال: للقبط عهد عند فلان، وعهد عن فلان، فسمي ثلاثة نفر، وفي رواية: إنّ عهد أهل مصر كان عند كبرائهم، وفي رواية: سألت شيخا من القدماء عن فتح مصر، قلت له: فإن ناسا يذكرون أنه لم يكن لهم عهد، فقال: ما يبالي أن لا يصلي من قال: إنه ليس لهم عهد، فقلت: فهل كان لهم كتاب؟ فقال: نعم، كتب ثلاثة: كتاب عند ظلما صاحب إخنا، وكتاب عند قرمان صاحب رشيد، وكتاب عند بحنس صاحب البرلس؛ قلت: كيف كان صلحهم؟ قال:

دينارين على كل إنسان جزية، وأرزاق المسلمين، قلت: فتعلم ما كان من الشروط؟ قال:

نعم، ستة شروط: لا يخرجون من ديارهم، ولا تنزع نساؤهم، ولا كفورهم، ولا أراضيهم، ولا يزاد عليهم.

وقال يزيد بن أبي حبيب عن أبي جمعة مولى عقبة قال: كتب عقبة بن عامر إلى معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه: يسأله أرضا يسترفق بها عند قرية عقبة، فكتب له معاوية: بألف ذراع في ألف ذراع، فقال له مولى له كان عنده: انظر أصلحك الله أرضا صالحة، فقال له عقبة: ليس لنا ذلك إنّ في عهدهم شروطا ستة لا يؤخذ من أنفسهم شيء، ولا من نسائهم، ولا من أولادهم، ولا يزاد عليهم، ويدفع عنهم موضع الخوف من عدوّهم، وأنا شاهد لهم بذلك.

وعن يزيد بن أبي حبيب عن عوف بن حطان: أنه كان لقريات من مصر منهنّ:

أم دنين وبلهيت عهد، وإنّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما سمع بذلك، كتب إلى عمرو يأمره أن يخبرهم، فإن دخلوا في الإسلام فذاك، وإن كرهوا فارددهم إلى قراهم، وقال يحيى بن أيوب وخالد بن حميد: ففتح الله أرض مصر كلها بصلح غير الإسكندرية، وثلاث

ص: 82

قريات ظاهرت الروم على المسلمين سلطيس «1» ومصيل «2» وبلهيت «3» ، فإنه كان للروم جمع، فظاهروا الروم على المسلمين، فلما ظهر عليها المسلمون استحلوها، وقالوا: هؤلاء لنا فيء مع الإسكندرية، فكتب عمرو بن العاص بذلك إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فكتب إليه عمر: أن يجعل الإسكندرية، وهؤلاء الثلاث قريات ذمّة للمسلمين، ويضربون عليهم الخراج، ويكون خراجهم، وما صالح عليه القبط كله قوّة للمسلمين لا يجعلون فيئا، ولا عبيدا، ففعلوا ذلك إلى اليوم.

وقال آخرون: بل فتحت مصر عنوة بلا عهد، ولا عقد. قال سفيان بن وهب الخولانيّ: لما افتتحنا مصر بغير عهد، ولا عقد، قام الزبير بن العوّام فقال: اقسمها يا عمرو بن العاص، فقال عمرو: والله لا أقسمها، فقال الزبير: والله لنقسمنها، كما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، فقال عمرو: والله لا أقسمها حتى أكتب إلى أمير المؤمنين، فكتب إلى عمر، فكتب إليه عمر: أقرّها حتى يغزو منها حبل الحبلة، وصولح الزبير على شيء أرضي به، وقال ابن لهيعة عن عبد الله بن هبيرة: إنّ مصر فتحت عنوة، وعن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم قال: سمعت أشياخنا يقولون: إنّ مصر فتحت عنوة بغير عهد، ولا عقد منهم، أبي يحدّثنا عن أبيه، وكان فيمن شهد فتح مصر، وعن أبي الأسود عن عروة: إنّ مصر فتحت عنوة، وعن عمرو بن العاص أنه قال: لقد قعدت مقعدي هذا، وما لأحد من قبط مصر عليّ عهد، ولا عقد إلّا أهل أنطابلس «4» كان لهم عهد يوفي به إن شئت قبلت، وإن شئت خمست، وإن شئت بعت. وعن ربيعة بن أبي عبد الرحمن: أنّ عمرو بن العاص فتح مصر بغير عهد، ولا عقد، وأنّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه حبس درها وضرعها أن يخرج منه شيء نظرا للإسلام وأهله.

وعن يزيد بن أسلم قال: كان تابوت لعمر بن الخطاب فيه كل عهد كان بينه وبين أحد ممن عاهده، فلم يوجد فيه لأهل مصر عهد، فمن أسلم منهم أقامه ومن أقام منهم قوّمه، وكتب حيان بن شريح إلى عمر بن عبد العزيز يسأله أن يجعل جزية موتي القبط على أحيائهم، فسأل عمر عراك بن مالك، فقال عراك: ما سمعت لهم بعهد ولا عقد، وإنما أخذوا عنوة بمنزلة العبيد، فكتب عمر إلى حيّان: أن يجعل جزية موتي القبط على أحيائهم، وقال يحيى بن عبد الله بن بكير: خرج أبو سلمة بن عبد الرحمن يريد الإسكندرية في سفينة، فاحتاج إلى رجل يجذف، فسخر رجلا من القبط، فكلم في

ص: 83