الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحبشيّ الدور، وزال أثر القصر، فلم يبق منه شيء البتة.
الخزائن التي كانت بالقصر
وكانت بالقصر الكبير عدّة خزائن منها:
خزانة الكتب
، وخزانة البنود، وخزائن السلاح، وخزائن الدرق، وخزائن السروج، وخزانة الفرش، وخزانة الكسوات، وخزانة الأدم، وخزائن الشراب، وخزنة التوابل، وخزائن الخيم، ودار التعبية، وخزائن دار أفتكين، ودار الفطرة، ودار العلم، وخزانة الجوهر والطيب، وكان الخليفة يمضي إلى موضع من هذه الخزائن، وفي كل خزانة دكة عليها طرّاحة، ولها فرّاش يخدمها، وينظفها طول السنة، وله جار في كل شهر، فيطوفها كلها في السنة.
خزانة الكتب «1»
قال المسبحيّ: وذكر عند العزيز بالله، كتاب العين للخليل بن أحمد، فأمر خزان دفاتره، فأخرجوا من خزانته نيفا وثلاثين نسخة من كتاب العين، منها نسخة بخط الخليل بن أحمد، وحمل إليه رجل نسخة من كتاب تاريخ الطبري: اشتراها بمائة دينار، فأمر العزيز الخزان، فأخرجوا من الخزانة ما ينيف عن عشرين نسخة من تاريخ الطبريّ، منها نسخة بخطه.
وذكر عنده كتاب: الجمهرة لابن دريد، فأخرج من الخزانة مائة نسخة منها، وقال في كتاب الذخائر: عدّة الخزائن التي برسم الكتب في سائر العلوم بالقصر: أربعون خزانة، خزانة من جملتها ثمانية عشر ألف كتاب من العلوم القديمة، وإن الموجود فيها من جملة الكتب المخرجة في شدّة المستنصر ألفان وأربعمائة ختمة قرآن في ربعات بخطوط منسوبة زائدة الحسن محلاة بذهب وفضة، وغيرهما، وإنّ جميع ذلك كله ذهب فيما أخذه الأتراك في واجباتهم ببعض قيمته، ولم يبق في خزائن القصر البرانية منه شيء بالجملة دون خزائن القصر الداخلة التي لا يتوصل إليها، ووجدت صناديق مملوءة أقلاما مبرية من براية ابن مقلة، وابن البوّاب وغيرهما.
قال: وكنت بمصر في العشر الأول من محرّم سنة إحدى وستين وأربعمائة، فرأيت فيها خمسة وعشرين جملا موقرة كتبا محمولة إلى دار الوزير أبي الفرج محمد بن
جعفر «1» المغربيّ، فسألت عنها، فعرفت أنّ الوزير أخذها من خزائن القصر هو، والخطير ابن الموفق في الدين بإيجاب وجبت لهما عما يستحقانه، وغلمانهما من ديوان الجبليين، وإن حصة الوزير أبي الفرج منها قوّمت عليه من جاري مماليكه، وغلمانه بخمسة آلاف دينار، وذكر لي من له خبرة بالكتب أنها تبلغ أكثر من مائة ألف دينار، ونهب جميعها من داره يوم انهزم ناصر الدولة بن حمدان من مصر في صفر من السنة المذكورة مع غيرها، مما نهب من دور من سار معه من الوزير أبي الفرج، وابن أبي كدينة، وغيرهما هذا سوى ما كان في خزائن دار العلم بالقاهرة، وسوى ما صار إلى عماد الدولة أبي الفضل بن المحترق بالإسكندرية، ثم انتقل بعد مقتله إلى المغرب، وسوى ما ظفرت به لواتة محمولا مع ما صار إليه بالابتياع، والغصب في بحر النيل إلى الاسكندرية في سنة إحدى وستين وأربعمائة، ومما بعدها من الكتب الجليلة المقدار، المعدومة المثل في سائر الأمصار صحة، وحسن خط، وتجليد، وغرابة التي أخذ جلودها عبيدهم، وإماؤهم برسم عمل ما يلبسونه في أرجلهم، وأحرق ورقها تأوّلا منهم أنها خرجت من قصر السلطان أعز الله أنصاره، وإنّ فيها كلام المشارقة الذي يخالف مذهبهم سوى ما غرق، وتلف، وحمل إلى سائر الأقطار، وبقي منها ما لم يحرق، وسفت عليه الرياح التراب، فصار تلالا باقية إلى اليوم في نواحي آثار تعرف: بتلال الكتب.
وقال ابن الطوير: خزانة الكتب كانت في أحد مجالس المارستان اليوم يعني:
المارستان العتيق، فيجيء الخليفة راكبا، ويترجل على الدكة المنصوبة، ويجلس عليها، ويحضر إليه من يتولاها، وكان في ذلك الوقت الجليس بن عبد القويّ، فيحضر إليه المصاحف بالخطوط المنسوبة، وغير ذلك مما يقترحه من الكتب، فإن عنّ له أخذ شيء منها أخذه، ثم يعيده، وتحتوي هذه الخزانة على عدّة رفوف في دور ذلك المجلس العظيم، والرفوف مقطعة بحواجز، وعلى كل حاجز باب مقفل بمفصلات، وقفل وفيها من أصناف الكتب ما يزيد على مائتي ألف كتاب من المجلدات، ويسير من المجرّدات، فمنها الفقه على سائر المذاهب، والنحو، واللغة، وكتب الحديث والتواريخ، وسير الملوك، والنجامة، والروحانيات، والكيمياء من كل صنف النسخ، ومنها النواقص التي ما تممت كل ذلك بورقة مترجمة ملصقة على كل باب خزانة، وما فيها من المصاحف الكريمة في مكان فوقها، وفيها من الدروج بخط ابن مقلة، ونظائره كابن البوّاب وغيره، وتولى بيعها ابن صورة في أيام الملك الناصر صلاح الدين، فإذا أراد الخليفة الانفصال مشى فيها مشية لنظرها، وفيها ناسخان، وفرّاشان صاحب المرتبة. وآخر، فيعطى الشاهد عشرين دينارا،