الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مضبوط بعدد متكآته، وما عليها من السروج، والأوتاد واللجم، وكل مجلس لذلك عند مستخدميه في العرض، فلا يختل عليهم منها شيء، وكذلك وسط قاعدتها بعدّة متوالية أيضا، والشدّادون مطلوبون بالنقائص منها أيام المواسم وهم يحضرونها أو قيمتها فيعرض ويركب، ويحضر إليها الخليفة، ويطوفها من غير جلوس، ويعطي حاميها للتفرقة في المستخدمين عشرين دينارا.
ويقال: إنّ الحافظ لدين الله عرضت له فيها حاجة، فجاء إليها مع الحامي، فوجد الشاهد غير حاضر وختمه عليها، فرجع إلى مكانه، وقال: لا يفك ختم العدل إلّا هو، ونحن نعود في وقت حضوره انتهى.
وكان الخليفة الآمر بأحكام الله تحدّثه نفسه بالسفر إلى المشرق والغارة على بغداد، فأعدّ لذلك شروجا مجوّفة القرابيص، وبطنها بصفائح من قصدير ليجعل فيها الماء، وجعل لها فما فيه صفارة، فإذا دعت الحاجة إلى الماء شرب منه الفارس، وكان كل سرج منها يسع سبعة أرطال ماء، وعمل عدّة مخال للخيل من ديباج، وقال في ذلك:
دع اللوم عني لست مني بموثق
…
فلا بدّ لي من صدمة المتحقّق
وأسقي جيادي من فرات ودجلة
…
وأجمع شمل الدين بعد التفرّق
وأوّل من ركب المتصرّفين في دولته من يخوله بالمراكب الذهب في المواسم:
العزيز بالله نزار بن المعز.
خزائن الخيم
قال في كتاب الذخائر: وأخبرني سماء الرؤساء أبو الحسن عليّ بن أحمد بن مدبر وزير ناصر الدولة قال: أخرج فيما أخرج من خزائن القصر عدّة لم تحص من أعدال الخيم، والمضارب، والفازات، والمسطحات، والجركاوات، والحصون، والقصور، والشراعات، والمشارع، والفساطيط المعمولة من الديبقيّ، والمخمل والخسرانيّ، والديباج الملكيّ، والأرمنيّ، والبهنساويّ، والكردوانيّ والجيد من الحلبيّ، وما أشبه ذلك من سائر ألوانه، وأنواعه، ومن السندس والطميم أيضا منها المفيل، والمسبع، والمخيل، والمطوّس والمطير، وغير ذلك من سائر الوحوش، والطير والآدميين من سائر الأشكال، والصور البديعة الرائعة، ومنها الساذج والمنقوش في ظاهره بغرائب النقوش بجميع آلاتها من الأعمدة الملبسة أنابيب الفضة، والثياب المذهبة، وغير المذهبة من سائر أنواعها، وألوانها، والصفريات الفضة على أقدارها، والحبال الملبسة القطن، والحرير، والأوتاد، وسائر ما يحتاج إليه من جميع آلاتها وعدّتها المبطن جميعها بالديبقيّ الطميم المذهب، والخسروانيّ المذهب، وثياب الحرير الصينيّ، والتستريّ، والمضبب، والرجيح، والشرفيّ، والشعريّ،
والديباج والمريش، وسائر أنواع الحرير من سائر الألوان، وأنواعها كبارا وصغارا منها ما يحمل خرقه، وأوتاده، وعمده، وسائر عدّته على عشرين بعيرا، ودون ذلك، وفوقه.
فالمسطح بيت مربع له أربع حيطان، وسقف بستة أعمدة منها عمودان للحائط الواحد المرفوع للدخول والخروج، والخيمة ظهرها حائط مربع وسقيفتها إلى الباب حائط مربع، وأركانها شوارك من الجانبين على قدر القائم، وفيها أربعة أعمدة اثنان في الباب واثنان في وسطها، وكلما زادت زاد عمدها وسقفها، لها حدان مشروكان من الجانبين، والشراع حائط في الظهر مسقف على الرأس بعمودين من أيّ موضع دارت الشمس حوّل إلى ناحية الشمس، والمشرعة فيه مثل المظلة على عمود واحد تامّ، وشراع سابل خلفها من أيّ موضع دارت الشمس أدير، والقبة على حالها.
وحدّثني أبو الحسن عليّ بن الحسن الخيميّ قال: أخرجنا في جملة ما أخرج من خزائن القصر أيام المارقين حين اشتدّت المطالبة على السلطان: فسطاطا كبيرا أكبر ما يكون يسمى: المدورة الكبيرة يقوم على فرد عمود طوله: خمسة وستون ذراعا بالكبير، ودائر فلكته: عشرون ذراعا، وقطرها: ستة أذرع وثلثا ذراع، ودائره خمسمائة ذراع، وعدّة قطع خرقه: أربع وستون قطعة كل قطعة منها تحزم في عدل واحد يجمع بعضه إلى بعض بعرى وشراريب حتى ينصب، يحمل خرقه وحباله، وعدّته على: مائة جمل، وفي صفريته المعمولة من الفضة ثلاثة قناطير مصرية يحملها من داخل قضبان حديد من سائر نواحيها، تمتلىء ماء من راوية جمل قد صوّر في رفرفه كل صورة حيوان في الأرض، وكل عقد مليح، وشكل ظريف، وفيه باذهنج طوله: ثلاثون ذراعا. في أعلاه، كان أبو محمد الحسن بن عبد الرحمن البازوري أمر بعمله أيام وزارته، فعمله الصناع، وعدّتهم: مائة وخمسون صانعا في مدّة تسع سنين، واشتملت النفقة عليه على ثلاثين ألف دينار، وكان عمله على مثال القاتول «1» الذي كان العزيز بالله أمر بعمله أيام خلافته إلّا أن هذا أعلى عمودا منه، وأوسع، وأعظم، وأحسن، وكان الخليفة أنفذ إلى متملك الروم في طلب عمودين للفسطاط طول كل واحد منهما: سبعون ذراعا بعد أن غرم عليهما ألف دينار أحدهما في هذا الفسطاط بعد أن قطع منه خمسة أذرع، والآخر حمله ناصر الدولة بن حمدان حين خرج على الخليفة المستنصر بالله إلى الاسكندرية، وما أدري ما فعل به.
قال: وأقمنا مدّة طويلة في تفصيل بعضه من بعض، وتقطيعه خرقا وشققا قوّمت على المذكورين بأقل القيم، وتفرّق في الآفاق، وقال لي أيضا: أخرجنا مسطحا قلمونيا مخملا موجها من جانبيه، عمل بتنيس للعزيز بالله يسمى: دار البطيخ، وسطه بكنيس على ستة
أعمدة، أربعة منها في أركان الكنيس، وفي أربعة الأركان أربع قباب، ومن القبة إلى القبة رواق دائر عليه، والقباب دونه، وفي كل قبة أربعة أعمدة ذول كل عمود من أعمدة الكنيس ثمانية عشر ذراعا، وكذلك طول قائم القباب، وفعلنا به مثل ما فعلنا في الأوّل.
وقال لي: أخرجنا مسطحا عمل للظاهر لإعزاز دين الله: بتنيس ذهب في ذهب طميم، قائم على عمود له: ست صفاري بلور، وستة أعمدة فضة أنفق عليه أربعة عشر ألف دينار، ومسطحا ديبقيا كبيرا مذهبا بدوائر كردواني منقوش، وأخرجنا قصورا تحيط بالخيام بشرفات من المخمل والقلمونيّ، والديبقيّ «1» ، والديباج الخسروانيّ، والحرير من سائر أنواعه، وألوانه المذهبة المنقوشة بحياضها، ودككها، ومصاطبها، وقدورها، وزجاجها، وسائر عددها.
وأخرجنا من الخيام الكردواني شيئا كثيرا، وأخرجنا خيمة كبيرة مدوّرة كردوانيّ مليحة النقش والصنعة، عدّتها قطع كثيرة طول عمودها خمسة وثلاثون ذراعا فعلنا بجميعها مثل ما فعلنا بالأوّل، وأخرج في جملتها الفسطاط الكبير المعروف بالمدوّرة الكبيرة المتولي عمله بحلب أبو الحسن عليّ بن أحمد المعروف بابن الأيسر في سني نيف وأربعين وأربعمائة المنفق على خرقه، ونقشه وعمله، وعدّته ثلاثون ألف دينار الذي عموده أثول ما يكون من صواري درامين الروم البنادقة أربعون ذراعا، ودائر فلكة عوده أربعة وعشرون شبرا، ويحمل على سبعين جملا، ووزن صفريته الفضة قنطاران سوى أنابيب عمده، ويتولى إتقان عمده، ونصبه مائتا رجل من فرّاش ومعين، وهو شبيه بالقاتول العزيزيّ، وسمي بالقاتول: لأنه ما نصب قط إلّا، وقتل رجلا أو رجلين ممن يتولى إتقانه من فرّاش وغيره.
قال: ووجد في خزائن مملوءة من سائر أنواع الصواني المدهونة ببغداد المذهبة التي حشيت، كل واحدة منها بما دونها في السعة إلى ما سعته دون الدرهم، ومن سائر أنواع الأطباق الخلع الرازي في هذه السعة، وفوق ذلك ودونه قد حشيت بطونها بما دونها في السعة، إلى ما سعته دون الدينار، ومن الموائد القوائمية الصغار، والكبار ألوف، ومن موائد الكرم، وما أشبهها شيء كثير، ومن الجفان الحور الواسعة التي قد عملت مقابضها من الفضة، وحليت بأنواع الحلي التي لا يقدر الجمل القويّ على حمل جفنتين منها، لعظمها تساوي الواحدة منها: مائة دينار، وفوقها، ودونها شيء كثير، ووجد من الدكك، والمحاريب، والأسرّة العود، والصندل، والعاج والأبنوس، والبقم شيء كثير مليح الصنعة.
وقال ابن ميسر: وعمل الأفضل بن أمير الجيوش خيمة سماها: خيمة الفرح اشتملت على: