الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دار التعبية
قال ابن المأمون: دار التعبية كانت في الأيام الأفضلية تشتمل على مبلغ يسير، فانتهى الأمر فيها إلى عشرة دنانير كل يوم خارجا عما هو موظف على البساتين السلطانية، وهو النرجس والنينوفران الأصفر، والأحمر، والنخل الموقوف برسم الخاص، وما يصل إليه من الفيوم، وثغر الإسكندرية، ومن جملتها تعبية للجهات، والخاص والسيدات، ولدار الوزارة، وتعبية المناظر في الركوبات إلى الجمع في شهر رمضان خارجا عن تعبية الحمامات، وما يحمل كل يوم من الزهرة، وبرسم خزانة الكسوة الخاص، وبرسم المائدة، وتفرقة الثمرة الصيفية في كل سنة على الجهات، والأمراء، والمستخدمين، والحواشي، والأصحاب، وما يحمل لدار الوزارة، والضيوف وحاشية دار الوزارة.
خزانة الأدم
قال: وأما الراتب من عند بركات الأدميّ، فإنه في كل شهر ثمانون زوجا أو طية من ذلك، برسم الخاص: ثلاثون زوجا، برسم الجهات: أربعون زوجا، برسم الوزارة: عشرة أزواج خارجا عن السباعيات، فإنها تستدعى من خزانة الكسوة، وفي كل موسم تكون مذهبة.
خزائن دار أفتكين
«1»
قال ابن الطوير: وكانت لهم دار كبرى يسكنها: نصر الدولة أفتكين الذي رافق نزار بن المستنصر بالإسكندرية جعلوها: برسم الخزن، فقيل: خزائن دار أفتكين، وتحتوي على أصناف عديدة من الشمع المحمول من الإسكندرية وغيرها، وجميع القلوب المأكولة من الفستق وغيره، والأعسال على اختلاف أصنافها، والسكر، والقند، والشيرج، والزيت، فيخرج من هذه الخزائن بيد حاميها، وهو من الأستاذين المميزين ومشارفها، وهو من المعدّلين راتب المطابخ: خاصا وعامّا أو لأيام، ينفق منها للمستخدمين، ثم لأرباب التوقيعات من الجهات، وأرباب الرسوم في كل شهر من أرباب الرتب حتى لا يخرج عما يحتاجونه فيها إلا اللحم، والخضراوات، فهي أبدا معمورة بذلك انتهى. خبر نزار وأفتكين:
لما مات الخليفة المستنصر بالله أبو تميم معدّ بن الإمام الظاهر لإعزاز دين الله أبي الحسن عليّ بن الحاكم بأمر الله أبي عليّ منصور: في ليلة الخميس الثامن عشر من ذي الحجة سنة
سبع وثمانين وأربعمائة، بادر الأفضل شاهنشاه بن أمير الجيوش بدر الجمالي إلى القصر، وأجلس: أبا القاسم أحمد بن المستنصر في منصب الخلافة، ولقبه: بالمستعلي بالله، وسير إلى الأمير نزار، والأمير عبد الله، والأمير إسماعيل: أولاد المستنصر فجاؤوا إليه، فإذا أخوهم أحمد، وهو أصغرهم قد جلس على سرير الخلافة، فامتعضوا لذلك، وشق عليهم.
وأمرهم الأفضل بتقبيل الأرض، وقال لهم: قبلوا الأرض لمولانا المستعلي بالله، وبايعوه فهو الذي نص عليه الإمام المستنصر قبل وفاته بالخلافة من بعده، فامتنعوا من ذلك، وقال كل منهم: إن أباه قد وعده بالخلافة، وقال نزار: لو قطعت ما بايعت من هو أصغر مني سنا، وخط والدي عندي بأني وليّ عهده، وأنا أحضره، وخرج مسرعا ليحضر الخط، فمضى لا يدري به أحد، وتوجه إلى الاسكندرية.
فلما أبطأ مجيئه بعث الأفضل إليه ليحضر بالخط، فلم يعلم له خبرا. فانزعج لذلك انزعاجا عظيما، وكانت نفرة نزار من الأفضل لأمور منها: أنه خرج يوما فإذا بالأفضل قد دخل من باب القصر، وهو راكب، فصاح به نزار: انزل يا أرمنيّ الجنس «1» ، فحقدها عليه، وصار كل منهما يكره الآخر، ومنها: أنّ الأفضل: كان يعارض نزارا في أيام أبيه، ويستخف به، ويضع من حواشيه، وأسبابه، ويبطش بغلمانه، فلما مات المستنصر خافه، لأنه كان رجلا كبيرا، وله حاشية، وأعوان، فقدّم لذلك أحمد بن المستنصر بعد ما اجتمع بالأمراء وخوّفهم من نزار، وما زال بهم حتى وافقوه على الإعراض عنه، وكان من جملتهم:
محمود بن مصال، فسير خفية إلى نزار، وأعلمه بما كان من اتفاق الأفضل مع الأمراء على إقامة أخيه أحمد، وإدارته لهم عنه، فاستعدّ إلى المسير إلى الاسكندرية هو وابن مصال، فلما فارق الأفضل، ليحضر إليه بخط أبيه، خرج من القصر متنكرا، وسار هو وابن مصال إلى الاسكندرية، وبها الأمير نصر الدولة أفتكين أحد مماليك أمير الجيوش بدر الجمالي، ودخلا عليه ليلا وأعلماه بما كان من الأفضل، وتراميا عليه، ووعده نزار بأن يجعله وزيرا مكان الأفضل، فقبلهما أتمّ قبول، وبايع نزارا، وأحضر أهل الثغر لمبايعته فبايعوه، ونعته بالمصطفى لدين الله، فبلغ ذلك الأفضل، فأخذ يتجهز لمحاربتهم وخرج في آخر المحرّم سنة ثمان وثمانين بعسكره، وسار إلى الاسكندرية، فبرز إليه نزار وأفتكين، وكانت بين الفريقين عدّة حروب شديدة انكسر فيها الأفضل، ورجع بمن معه منهزما إلى القاهرة، فقوي نزار وأفتكين، وصار إليهما كثير من العرب، واشتدّ أمر نزار، وعظم واستولى على بلاد الوجه البحريّ، وأخذ الأفضل يتجهز ثانيا إلى المسير لمحاربة نزار، ودس إلى أكابر العربان، ووجوه أصحاب نزار وأفتكين، وصاروا إلى الاسكندرية، فنزل الأفضل إليها، وحاصرها حصارا شديدا، وألحّ في مقاتلتهم، وبعث إلى أكابر أصحاب نزار، ووعدهم.