الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وما زالت القبط على هذا إلى أن ملك مصر أغشطش بن بوحس، فأراد أن يحملهم على كبس السنين ليوافقوا الروم أبدا فيها، فوجدوا الباقي حينئذ إلى تمام السنة الكبيسة الكبرى خمس سنين، فانتظر حتى مضى من ملكه خمس سنين، ثم حملهم على كبس الشهور في كل أربع سنين بيوم، كما تفعل الروم، فترك القبط من حينئذ استعمال أسماء الأيام الثلاثين، لاحتياجهم في يوم الكبس إلى اسم يخصه، وانقرض بعد ذلك مستعملو أسماء الأيام الثلاثين من أهل مصر، والعارفون بها، ولم يبق لها ذكر يعرف في العالم بين الناس، بل دثرت كما دثر غيرها من أسماء الرسوم القديمة، والعادات الأول سنة الله في الذين خلوا من قبل، وكانت أسماء شهور القبط في الزمن القديم: توت، بؤوني، أتور، سواق، طوبى، ماكير، فامينوت، برموتي، باحون، باوني، افيعي، ابيقا؛ وكل شهر منها ثلاثون يوما، ولكل يوم اسم يخصه، ثم أحدث بعض رؤساء القبط بعد استعمالهم الكبس الأسماء التي هي اليوم متداولة بين الناس بمصر، إلا أن من الناس من يسمى كيهك كياك، ويقول في برمهات برمهوط، وفي بشنس بشانس، وفي مسري ماسوري، ومن الناس من يسمى الخمسة الأيام الزائدة أيام النسيء، ومنهم من يسميها أبو عمنا، ومعنى ذلك الشهر الصغير، وهي كما تقدّم تلحق في آخر مسرى، وفيه يزاد اليوم الكبيس، فيكون أبو عمنا ستة أيام حينئذ، ويسمون السنة الكبيسة النقط، ومعناه العلامة، ومن خرافات القبط أنّ شهورهم هي شهور سني نوح وشيث وآدم منذ ابتداء العالم، وإنها لم تزل على ذلك إلى أن خرج موسى ببني إسرائيل من مصر، فعملوا أوّل سنتهم خامس عشر نيسان، كما أمروه به في التوراة إلى أن نقل الإسكندر رأس سنتهم إلى أوّل تشرين، وكذلك المصريون نقل بعض ملوكهم أوّل سنتهم إلى أوّل يوم من ملكه، فصار أوّل توت عندهم يتقدّم أوّل يوم خلق فيه العالم بمائتين وثمانية أيام أوّلها يوم الثلاثاء، وآخرها يوم السبت، وكان توت أوّله في ذلك الوقت يوم الأحد، وهو أوّل يوم خلق الله فيه العالم الذي يقال له الآن: تاسع عشري برمهات وذلك أنّ أوّل من ملك على الأرض بعد الطوفان نمرود بن كنعان بن حام بن نوح، فعمر بابل، وهو أبو الكلدانيين، وملك بنو مصرايم بن حام بن نوح عليه السلام: متش فبنى منف بمصر على النيل، وسماها باسم جدّه مصرايم، وهو ثاني ملك ملك على الأرض، وهذان الملكان استعملا تاريخ جدّهما نوح عليه السلام، واستن بسنتهم من جاء بعدهم حتى تغيرت كما تقدّم.
ذكر أعياد القبط من النصارى بديار مصر
روى يونس عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: اجتنبوا عيد اليهود والنصارى، فإنّ السخط ينزل عليهم في مجامعهم، ولا تتعلموا رطانتهم فتخلقوا ببعض خلقهم.
وعن ابن عباس في قوله تعالى: وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا
كِراماً
[الفرقان/ 72] قال: أعياد المشركين، فقيل له: أو ما هذا في الشهادة بالزور، فقال:
لا إنما أية شهادة الزور، ولا تقف ما ليس لك به علم إنّ السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا.
اعلم: أنّ نصارى مصر من القبط ينحلون مذهب اليعقوبية كما تقدّم ذكره، وأعيادهم الآن التي هي مشهورة بديار مصر أربعة عشر عيدا في كل سنة من سنيهم القبطية منها سبعة أعياد يسمونها أعيادا كبارا، وسبعة يسمونها أعيادا صغارا. فالأعياد الكبار عندهم: عيد البشارة، وعيد الزيتونة، وعيد الفصح، وعيد خميس الأربعين، وعيد الخميس، وعيد الميلاد، وعيد الغطاس.
والأعياد الصغار: عيد الختان، وعيد الأربعين، وخميس العهد، وسبت النور، وأحد الحدود، والتجلي، وعيد الصليب، ولهم مواسم أخر ليست هي عندهم من الأعياد الشرعية لكنها عندهم من المواسم العادية، وهو يوم النوروز، وسأذكر من خبر هذه الأعياد ما لا تجده مجموعا في غير هذا الكتاب على ما استخرجته من كتب النصارى، وتواريخ أهل الإسلام.
عيد البشارة: هذا العيد عيد النصارى أصله بشارة جبريل مريم بميلاد المسيح عليهما السلام، وهم يسمون جبريل غبريال، ويقولون: مارت مريم، ويسمون المسيح: ياشوع، وربما قالوا: السيد يشوع، وهذا العيد تعمله نصارى مصر في اليوم التاسع والعشرين من شهر برمهات «1» .
عيد الزيتونة: ويعرف عندهم: بعيد الشعانين، ومعناه التسبيح، ويكون في سابع أحد من صومهم وسنتهم في عيد الشعانين أن يخرجوا سعف النخل من الكنيسة، ويرون أنه يوم ركوب المسيح العنو، وهو الحمار في القدس، ودخوله إلى صهيون، وهو راكب والناس بين يديه يسبحون، وهو يأمر بالمعروف، ويحث على عمل الخير، وينهى عن المنكر، ويباعد عنه، وكان عيد الشعانين من مواسم النصارى بمصر التي تزين فيها كنائسهم، فلما كان لعشر خلون من شهر رجب سنة ثمان وسبعين وثلثمائة، كان عيد الشعانين فمنع الحاكم بأمر الله أبو عليّ منصور بن العزيز بالله النصارى من تزيين كنائسهم، وحملهم الخوص على ما كانت عادتهم، وقبض على عدّة ممن وجد معه شيئا من ذلك، وأمر بالقبض على ما هو محبس على الكنائس من الأملاك، وأدخلها في الديوان، وكتب لسائر الأعمال بذلك، وأحرقت عدّة من صلبانهم على باب الجامع العتيق والشرطة.
عيد الفصح: هذا العيد عندهم هو العيد الكبير، ويزعمون أنّ المسيح عليه السلام،
لما تمالأ اليهود عليه، واجتمعوا على تضليله وقتله، قبضوا عليه، وأحضروه إلى خشبة ليصلب عليها، فصلب على خشبة عليها لصان، وعندنا وهو الحق أنّ الله تعالى رفعه إليه، ولم يصلب، ولم يقتل وأنّ الذي صلب على الخشبة مع اللصين غير المسيح ألقى الله عليه شبه المسيح، قالوا: واقتسم الجند ثيابه، وغشي الأرض ظلمة من الساعة السادسة من النهار إلى الساعة التاسعة من يوم الجمعة خامس عشر هلال نيسان للعبرانيين، وتاسع عشري برمهات، وخامس عشري آذار سنة «1» ودفن الشبيه آخر النهار بقبر، وأطبق عليه حجر عظيم، وختم عليه رؤساء اليهود، وأقاموا عليه الحرس باكر يوم السبت، كيلا يسرق فزعموا أنّ المقبور قام من القبر ليلة الأحد سحرا، ومضى بطرس، ويوحنا التلميذان إلى القبر، وإذا الثياب التي كانت على المقبور بغير ميت، وعلى القبر ملاك الله بثياب بيض، فأخبرهما بقيام المقبور من القبر، قالوا: وفي عشية يوم الأحد هذا، دخل المسيح على تلاميذه، وسلّم عليهم، وأكل معهم، وكلمهم وأوصاهم، وأمرهم بأمور قد تضمنها إنجيلهم، وهذا العيد عندهم بعد عيد الصلبوت بثلاثة أيام.
خميس الأربعين: ويعرف عند أهل الشام بالمسلاق، ويقال له أيضا: عيد الصعود، وهو الثاني والأربعون من الفطر، ويزعمون أنّ المسيح عليه السلام بعد أربعين يوما من قيامته خرج إلى بيت عينا، والتلاميذ معه، فرفع يديه وبارك عليهم، وصعد إلى السماء، وذلك عند إكماله ثلاثا وثلاثين سنة وثلاثة أشهر، فرجع التلامذة إلى أوراسليم يعني بيت المقدس، وقد وعدهم باشتهار أمرهم، وغير ذلك مما هو معروف عندهم، فهذا اعتقادهم في كيفية رفع المسيح، ومن أصدق من الله حديثا.
عيد الخميس: وهو العنصرة، ويعملونه بعد خمسين يوما من يوم القيام، وزعموا أن بعد عشرة أيام من الصعود وخمسين يوما من قيامة المسيح، اجتمع التلاميذ في علية صهيون، فتجلى لهم روح القدس في شبه ألسنة من نار، فامتلأوا من روح القدس، وتكلموا بجميع الألسن، وظهرت على أيديهم آيات كثيرة، فعاداهم اليهود، وحبسوهم فنجاهم الله منهم، وخرجوا من السجن، فساروا في الأرض متفرّقين يدعون الناس إلى دين المسيح.
عيد الميلاد: يزعمون أنه اليوم الذي ولد فيه المسيح، وهو يوم الاثنين فيحيون عشية ليلة الميلاد، وسنتهم فيه كثرة الوقود بالكنائس، وتزيينها، ويعملونه بمصر في التاسع والعشرين من كيهك «2» ولم يزل بديار مصر من المواسم المشهورة، فكان يفرّق فيه أيام الدولة الفاطمية على أرباب الرسوم من الأستاذين المحنكين، والأمراء المطوّقين، وسائر الموالي من الكتاب وغيرهم، الجامات من الحلاوة القاهرية، والمثارد التي فيها السميذ،
وقربات الجلاب، وطمافير الزلابية، والسمك المعروف بالبوريّ، ومن رسم النصارى في الميلاد اللعب بالنار. ومن أحسن ما قيل:
ما اللعب بالنار في الميلاد من سفه
…
وإنما فيه للإسلام مقصود
ففيه بهت النصارى أنّ ربهم
…
عيسى ابن مريم مخلوق ومولود
وأدركنا الميلاد بالقاهرة ومصر، وسائر إقليم مصر موسما جليلا يباع فيه من الشموع المزهرة بالأصباغ المليحة، والتماثيل البديعة بأموال لا تنحصر، فلا يبقى أحد من الناس أعلاهم وأدناهم حتى يشتري من ذلك لأولاده وأهله، وكانوا يسمونها: الفوانيس، واحدها فانوس، ويعلقون منها في الأسواق بالحوانيت شيئا يخرج عن الحدّ في الكثرة والملاحة، ويتنافس الناس في المغالات في أثمانها حتى لقد أدركت شمعة عملت فبلغ مصروفها: ألف درهم وخمسمائة درهم فضة عنها يومئذ ما ينيف على سبعين مثقالا من الذهب واعرف السؤال في الطرقات أيام هذه المواسم، وهم يسألون الله أن يتصدّق عليهم بفانوس، فيشتري لهم من صغار الفوانيس، ما يبلغ ثمنه الدرهم، وما حوله ثم لما اختلت أمور مصر، كان من جملة ما بطل من عوايد الترف، عمل الفوانيس في الميلاد إلّا قليلا.
الغطاس: ويعمل بمصر في اليوم الحادي عشر من شهر طوبه «1» ، وأصله عند النصارى، أنّ يحيى بن زكرياء عليهما السلام المعروف عندهم بيوحنا المعمدانيّ: عمّد المسيح أي غسله في بحيرة الأردن، وعندما خرج المسيح عليه السلام من الماء، اتصل به روح القدس، فصار النصارى لذلك يغمسون أولادهم في الماء في هذا اليوم، وينزلون فيه بأجمعهم، ولا يكون ذلك إلا في شدّة البرد، ويسمونه يوم الغطاس، وكان له بمصر موسم عظيم إلى الغاية.
قال المسعوديّ: ولليلة الغطاس بمصر شأن عظيم عند أهلها لا ينام الناس فيها، وهي ليلة الحادي عشر من طوبه، ولقد حضرت سنة ثلاثين وثلثمائة ليلة الغطاس بمصر، والإخشيد محمد بن طفج أمير مصر في داره المعروفة بالمختار في الجزيرة الراكبة للنيل، والنيل يطيف بها، وقد أمر فأسرج في جانب الجزيرة، وجانب الفسطاط ألف مشعل غير ما أسرج أهل مصر من المشاعل والشمع، وقد حضر بشاطئ النيل في تلك الليلة آلاف من الناس من المسلمين، ومن النصارى منهم في الزواريق، ومنهم في الدور الدانية من النيل، ومنهم على سائر الشطوط لا يتناكرون كل ما يمكنهم إظهاره من المآكل والمشارب والملابس، وآلات الذهب والفضة، والجوهر والملاهي، والعزف والقصف، وهي أحسن ليلة تكون بمصر، وأشملها سرورا، ولا تغلق فيها الدروب، ويغطس أكثرهم في النيل، ويزعمون أنّ ذلك أمان من المرض ونشزة للداء.
وقال المسبحيّ في تاريخه: من حوادث سنة سبع وستين وثلثمائة: منع النّصارى من إظهار ما كانوا يفعلونه في الغطاس من الاجتماع، ونزول الماء، وإظهار الملاهي، ونودي أن من عمل ذلك نفي من الحضرة، وقال في سنة ثمان وثمانين وثلثمائة: كان الغطاس فضربت الخيام والمضارب والأسرّة في عدّة مواضع على شاطىء النيل، ونصبت أسرّة للرئيس فهد بن إبراهيم النصرانيّ كاتب الأستاذ برجوان «1» ، وأوقدت له الشموع والمشاعل، وحضر المغنون والملهون، وجلس مع أهله يشرب إلى أن كان وقت الغطاس، فغطس وانصرف.
وقال: في سنة إحدى وأربعمائة، وفي ثامن عشري جمادى الأولى، وهو عاشر طوبه منع النصارى من الغطاس، فلم يغطس أحد منهم في البحر، وقال: في حوادث سنة خمس عشرة وأربعمائة، وفي ليلة الأربعاء رابع ذي القعدة، كان غطاس النصارى، فجرى الرسم من الناس في شراء الفواكه والضأن وغيره، ونزل أمير المؤمنين الظاهر لإعزاز دين الله لقصر جدّه العزيز بالله في مصر، لنظر الغطاس، ومعه الحرم، ونودي أن لا يختلط المسلمون مع النصارى عند نزولهم في البحر في النيل، وضرب بدر الدولة الخادم الأسود متولي الشرطتين، خيمة عند الجسر، وجلس فيها وأمر أمير المؤمنين بأن توقد النار والمشاعل في الليل، وكان وقيدا كثيرا، وحضر الرهبان والقسوس بالصلبان والنيران، فقسسوا هناك طويلا إلى أن غطسوا، وقال ابن المأمون في تاريخه: من حوادث سنة سبع عشرة وخمسمائة، وذكر الغطاس، ففرّق أهل الدولة ما جرت به العادة لأهل الرسوم من الأترج والنارنج والليمون في المراكب، وأطنان القصب والبوري بحسب الرسوم المقرّرة بالديوان لكل واحد.
الختان: يعمل في سادس شهر بؤونة «2» ، ويزعمون أنّ المسيح ختن في هذا اليوم، وهو الثامن من الميلاد، والقبط من دون النصارى تختن بخلاف غيرهم.
الأربعون: وهو عندهم دخول المسيح الهيكل، ويزعمون أنّ سمعان الكاهن: دخل بالمسيح مع أمّه، وبارك عليه، ويعمل في ثامن شهر أمشير «3» .
خميس العهد: ويعمل قبل الفصح بثلاثة أيام، وسنتهم فيه أن يملئوا إناء من ماء، ويزمزمون عليه، ثم يغسل للتبرّك به أرجل سائر النصارى، ويزعمون أنّ المسيح فعل هذا بتلامذته في مثل هذا اليوم كي يعلمهم التواضع، ثم أخذ عليهم العهد أن لا يتفرّقوا، وأن
يتواضع بعضهم لبعض، وعوامّ أهل مصر في وقتنا يقولون: خميس العدس من أجل أنّ النصارى تطبخ فيه العدس المصفى، ويقول أهل الشام: خميس الأرز وخميس البيض، ويقول أهل الأندلس: خميس أبريل، وأبريل اسم شهر من شهورهم، وكان في الدولة الفاطمية تضرب في خميس العدس هذا خمسمائة دينار، فتعمل خراريب تفرّق في أهل الدولة برسوم مفردة كما ذكر في أخبار القصر من القاهرة عند ذكر دار الضرب من هذا الكتاب، وأدركنا خميس العدس هذا في القاهرة ومصر، وأعمالها من جملة المواسم العظيمة، فيباع في أسواق القاهرة من البيض المصبوغ عدّة ألوان ما يتجاوز حدّ الكثرة، فيقامر به العبيد والصبيان والغوغاء، وينتدب لذلك من جهة المحتسب من يردعهم في بعض الأحيان، ويهادي النصارى بعضهم بعضا، ويهدون إلى المسلمين أنواع السمك المنوّع مع العدس المصفى، والبيض، وقد بطل ذلك لما حلّ بالناس وبقيت منه بقية.
سبت النور: وهو قبل الفصح بيوم، ويزعمون: أنّ النور يظهر على قبر المسيح بزعمهم في هذا اليوم بكنيسة القيامة من القدس، فتشعل مصابيح الكنيسة كلها، وقد وقف أهل الفصح، والتفتيش على أنّ هذا من جملة مخاريق النصارى، لصناعة يعملونها، وكان بمصر هذا اليوم من جملة المواسم، ويكون ثالث يوم من خميس العدس، ومن توابعه.
حدّ الحدود: وهو بعد الفصح بثمانية أيام فيعمل أوّل أحد بعد الفطر لأن الآحاد قبله مشغولة بالصوم، وفيه يجدّون الآلات والأثاث واللباس، ويأخذون في المعاملات، والأمور الدنيوية والمعاش.
عيد التجلي: يعمل في ثالث عشر شهر مسرى «1» يزعمون أن المسيح تجلى لتلاميذه بعد ما رفع، وتمنوا عليه أن يحضر لهم إيلياء، وموسى عليهما السلام، فأحضرهما إليهم بمصلى بيت المقدس، ثم صعد إلى السماء وتركهم.
عيد الصليب: ويعمل في اليوم السابع عشر من شهر توت «2» ، وهو من الأعياد المحدثة، وسببه ظهور الصليب بزعمهم على يد هيلانة أم قسطنطين، وله خبر طويل عندهم ملخصه ما أنت تراه.
ذكر قسطنطين: وقسطنطين هذا: هو ابن قسطنش بن وليطنوش بن أرشميوش بن دقبون بن كلوديش بن عايش بن كتبيان اعسب الأعظم الملقب قيصر، وهو أوّل من ثبت دين النصرانية، وأمر بقطع الأوثان، وهدم هياكلها، وبنيان البيع، وآمن من الملوك بالمسيح، وكانت أمّه هيلانة من مدينة الرها، فنشأ بها مع أمّه، وتعلم العلوم، ولم يزل في غاية من
الظفر والسعادة معانا منصورا على كل من حاربه، وكان في أوّل أمره على دين المجوس شديدا على النصارى ماقتا لدينهم، وكان سبب رجوعه عن ذلك إلى دين النصرانية أنه ابتلي بجذام ظهر عليه، فاغتمّ لذلك غما شديدا، وجمع الحذاق من الأطباء، فاتفقوا على أدوية دبّروها له، وأوجبوا أن يستنقع بعد أخذ تلك الأدوية في صهريج مملوء من دماء أطفال رضع ساعة يسيل منهم، فتقدّم أمره بجمع جملة من أطفال الناس، وأمر بذبحهم في صهريج ليستنقع في دمائهم، وهي طرية، فجمعت الأطفال لذلك، وبرز ليمضي فيهم ما تقدّم به من ذبحهم، فسمع ضجيج النساء اللّاتي أخذ أولادهنّ، فرحمهنّ وأمر فدفع لكل واحدة ابنها، وقال: احتمال علّتي أولى بي، وأوجب من هلاك هذه العدّة العظيمة من البشر، فانصرف النساء بأولادهنّ، وقد سررن سرورا كثيرا، فلما صار من الليل إلى مضجعه رأى في منامه شيخا يقول له: إنك رحمت الأطفال وأمّهاتهم، ورأيت احتمال علتك أولى من ذبحهم، فقد رحمك الله، ووهبك السلامة من علتك، فابعث إلى رجل من أهل الإيمان يدعى: شلبشقر، قد فرّ خوفا منك، وقف عندما يأمرك به، والتزم ما يخصك عليه تتم لك العافية، فانتبه مذعورا، وبعث في طلب شلبشقر الأسقف، فأتي به إليه وهو يظنّ أنه يريد قتله، لما عهده من غلظته على النصارى، ومقته لدينهم، فعندما رآه تلقاه بالبشر، وأعلمه بما رآه في منامه، قفص عليه دين النصرانية، وكانت له معه أخبار طويلة مذكورة عندهم، فبعث قسطنطين في جمع الأساقفة المنفيين، والمسيرين والتزم دين النصرانية، وشفاه الله من الجذام، فأيد الديانة، أعلن بالإيمان بدين المسيح، وبينا هو في ذلك إذ توقع وثوب أهل رومة عليه، وإيقاعهم به، فخرج عنها وبنى مدينة قسطنطينية «1» بنيانا جليلا فعرفت به، وسكنها فصارت موضع تخت الملك من عهده، وقد كان النصارى من لدن زمان بيرون الملك الذي قبل الحواريين، ومن بعده ممن ملك رومة في كل وقت يقتلون، ويحبسون ويشرّدون بالنفي، فلما سكن قسطنطين مدينة قسطنطينية جمع إلى نفسه أهل المسيح، وقوّى وجوههم وأذلّ عبّاد الأوثان، فشق ذلك على أهل رومة، وخلعوا طاعته، وقدّموا عليهم ملكا، فأهمه ذلك، ومرّت له معهم عدّة أخبار مذكورة في تاريخ رومة، ثم إنه خرج من قسطنطينية يريد رومة، وقد استعدّوا لحربه، فلما قاربهم أذعنوا له، والتزموا طاعته، فدخلها فأقام إلى أن رجع لحرب الفرس، وخرج إليهم، فقهرهم ودانت له أكثر ممالك الدنيا، فلما كان في عشرين سنة من دولته، خرجت الفرس على بعض أطرافه، فغزاهم وأخرجهم عن بلاده، ورأي في منامه كأن بنودا شبه الصليب قد رفعت، وقائلا يقول له: إن أردت أن تظفر بمن خالفك، فاجعل هذه العلامات على جميع بركك، وسكك، فما انتبه أمر بتجهيز أمه هيلانة إلى بيت المقدس في طلب آثار المسيح عليه السلام، وبناء الكنائس، وإقامة شعائر النصرانية، فسارت إلى بيت المقدس، وبنت الكنائس، فيقال: إنّ الأسقف مقاريوس دلّها على الخشبة
التي زعموا أن المسيح صلب عليها، وقد قص عليها ما عمل به اليهود، فحفرت فإذا قبر وثلاث خشبات على شكل الصليب، فزعموا أنهم ألقوا الثلاث خشبات على ميت واحدة بعد واحدة، فقام حيّا عندما وضعت عليه الخشبة الثالثة منها، فاتخذوا ذلك اليوم عيدا، وسمّوه: عيد الصليب، وكان في اليوم الرابع عشر من أيلول والسابع عشر من توت، وذلك بعد ولادة المسيح بثلاثمائة وثمان وعشرين سنة، وجعلت هيلانة لخشبات الصليب غلافا من ذهب، وبنت كنيسة القيامة «1» ببيت المقدس على قبر المسيح بزعمهم، وكانت لها مع اليهود أخبار كثيرة قد ذكرت عندهم، ثم انصرفت بالصليب معها إلى ابنها، وما زال قسطنطين على ممالك الروم إلى أن مات بعد أربع وعشرين سنة من ولايته، فقام من بعده بممالك الروم ابنه قسطنطين الأصغر، وقد كان لعيد الصليب بمصر موسم عظيم يخرج الناس فيه إلى بني وائل بظاهر فسطاط مصر، ويتظاهرون في ذلك اليوم بالمنكرات من أنواع المحرّمات، ويمرّ لهم فيه ما يتجاوز الحدّ، فلما قدمت الدولة الفاطمية إلى ديار مصر، وبنوا القاهرة، واستوطنوها، وكانت خلافة أمير المؤمنين العزيز بالله أمر في رابع شهر رجب في سنة إحدى وثمانين وثلثمائة، وهو يوم الصليب، فمنع الناس من الخروج إلى بني وائل وضبط الطرق والدروب، ثم لما كان عيد الصليب في اليوم الرابع عشر من شهر رجب سنة اثنتين وثمانين وثلثمائة خرج الناس فيه إلى بني وائل، وجروا على عادتهم في الاجتماع واللهو، وفي صفر سنة اثنتين وأربعمائة قرىء في سابعه سجل بالجامع العتيق وفي الطرقات كتب عن الحاكم بأمر الله يشتمل على منع النصارى من الاجتماع على عمل عيد الصليب، وأن لا يظهروا بزينتهم فيه، ولا يقربوا كنائسهم، وأن يمنعوا منها ثم بطل ذلك، حتى لم يكد يعرف اليوم بديار مصر البتة.
النيروز: هو أوّل السنة القبطية بمصر، وهو أوّل يوم من توت، وسنتهم فيه إشعال النيران، والتراش بالماء، وكان من مواسم لهم المصريين قديما وحديثا. قال ابن وهب:
بردت النار في الليلة التي ألقي فيها إبراهيم، وفي صبيحتها على الأرض كلها، فلم ينتفع بها أحد في الدنيا تلك الليلة، وذلك الصباح، فمن أجل ذلك بات الناس على النار في تلك الليلة التي رمي فيها إبراهيم عليه السلام، ووثبوا عليها، وتبخروا بها، وسموا تلك الليلة:
نيروزا، والنيروز في اللسان السرياني: العيد. وسئل ابن عباس عن النيروز لم اتخذوه عيدا، فقال: إنه أوّل السنة المستأنفة وآخر السنة المنقطعة، فكانوا يستحبون أن يقدموا فيه على ملوكهم بالطرف، والهدايا، فاتخذته الأعاجم سنّة.
قال الحافظ أبو القاسم عليّ بن عساكر في تاريخ دمشق من طريق ابن عباس رضي الله
عنهما، قال: إنّ فرعون لما قال للملأ من قومه: إن هذا لساحر عليم، قالوا له: ابعث إلى السحرة، فقال فرعون لموسى: يا موسى اجعل بيننا وبينك موعدا لا نخلفه نحن، ولا أنت، فتجتمع أنت وهارون وتجتمع السحرة، فقال موسى: موعدكم يوم الزينة، قال:
ووافق ذلك يوم السبت في أوّل يوم من السنة، وهو يوم النيروز، وفي رواية: أن السحرة قالوا لفرعون: أيها الملك واعد الرجل، فقال: قد واعدته يوم الزينة، وهو عيدكم الأكبر، ووافق ذلك يوم السبت، فخرج الناس لذلك اليوم، قال: والنوروز أوّل سنة الفرس، وهو الرابع عشر من آذار، وفي شهر برمهات، ويقال: أوّل من أحدثه جمشيد «1»
من ملوك الفرس، وإنه ملك الأقاليم السبعة، فلما كمل ملكه، ولم يبق له عدوّ اتخذ ذلك اليوم عيدا، وسماه نوروزا في اليوم الجديد، وقيل: إن سليمان بن داود عليهما السلام، أوّل من وضعه في اليوم الذي رجع إليه فيه خاتمه، وقيل: هو اليوم الذي شفي فيه أيوب عليه السلام، وقال الله سبحانه وتعالى له: ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ
[ص/ 42] فجعل ذلك اليوم عيدا، وسنّوا فيه رش الماء، ويقال: كان بالشام سبط من بني إسرائيل أصابهم الطاعون، فخرجوا إلى العراق، فبلغ ملك العجم خبرهم، فأمر أن تبنى عليهم حظيرة يجعلون فيها، فلما صاروا فيها ماتوا، وكانوا أربعة آلاف رجل، ثم إن الله تعالى أوحى إلى نبيّ ذلك الزمان أرأيت بلاد كذا وكذا، فحاربهم بسبط بني فلان، فقال: يا رب كيف أحارب بهم، وقد ماتوا، فأوحى الله إليه: إني أحييهم لك، فأمطرهم الله ليلة من الليالي في الحظيرة، فأصبحوا أحياء فهم الذين قال الله فيهم: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ، فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ
[البقرة/ 243] فرفع أمرهم إلى ملك فارس، فقال: تبرّكوا بهذا اليوم، وليصب بعضكم على بعض الماء، فكان ذلك اليوم يوم النوروز، فصارت سنّة إلى اليوم، وسئل الخليفة المأمون عن رش الماء في النوروز، فقال قول الله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ
[البقرة/ 243] هؤلاء قوم أجدبوا تقول مات فلان هزالا فغيثوا في هذا اليوم برشة من مطر فعاشوا، فأخصب بلدهم، فلما أحياهم الله بالغيث، والغيث يسمى الحيا جعلوا صب الماء في مثل هذا اليوم سنّة يتبرّكون بها إلى يومنا هذا.
وقد روي: أن الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف قوم من بني إسرائيل فرّوا من الطاعون، وقيل: أمروا بالجهاد، فخافوا الموت بالقتل في الجهاد، فخرجوا من ديارهم فرارا من ذلك، فأماتهم الله ليعرّفهم أنه لا ينجيهم من الموت شيء، ثم أحياهم على يد حزقيل أحد أنبياء بني إسرائيل في خبر طويل قد ذكره أهل التفسير.
وقال عليّ بن حمزة الأصفهانيّ «1» في كتاب أعياد الفرس: إنّ أوّل من اتخذ النيروز، جمشيد، ويقال: جمشاد أحد ملوك الفرس الأول، ومعنى النوروز اليوم الجديد، والنوروز عند الفرس يكون يوم الاعتدال الربيعيّ، كما أنّ المهرجان أوّل الاعتدال الخريفيّ، ويزعمون أن النوروز أقدم من المهرجان، فيقولون: إن المهرجان كان في أيام أفريدون، وإنه أوّل من عمله لما قتل الضحاك، وهو بيوراست، فجعل يوم قتله عيدا سماه المهرجان، وكان حدوثه بعد النوروز بألفي سنة وعشرين سنة.
وقال ابن وصيف شاه في ذكر مناوش بن منقاوش أحد ملوك القبط في الدهر القديم:
وهو أوّل من عمل النوروز بمصر، فكانوا يقيمون سبعة أيام يأكلون ويشربون إكراما للكواكب.
وقال ابن رضوان: ولمّا كان النيل هو السبب الأعظم في عمارة أرض مصر، رأى المصريون القدماء، وخاصة الذين كانوا في عهد قلديانوس الملك أن يجعلوا أوّل السنة في أوّل الخريف عند استكمال النيل الحاجة في الأمر الأكثر، فجعلوا أوّل شهورهم توت، ثم بابه ثم هاتور، وعلى هذا الولاء بحسب المشهور من ترتيب هذه الشهور.
وقال ابن زولاق: وفي هذه السنة، يعني سنة ثلاث وستين وثلثمائة، منع أمير المؤمنين المعز لدين الله من وقود النيران ليلة النوروز في السكك، ومن صبّ الماء يوم النوروز.
وقال: في سنة أربع وستين، وفي يوم النوروز زاد اللعب بالماء، ووقود النيران، وطاف أهل الأسواق، وعملوا فيه وخرجوا إلى القاهرة بلعبهم، ولعبوا ثلاثة أيام، وأظهروا السماجات والحلي في الأسواق، ثم أمر المعز بالنداء بالكف، وأن لا توقد نار، ولا يصب ماء، وأخذ قوم فحبسوا، وأخذ قوم فطيف بهم على الجمال. وقال ابن المأمون في تاريخه:
وحلّ موسم النوروز في اليوم التاسع من رجب سنة سبع عشرة وخمسمائة، ووصلت الكسوة المختصة بالنوروز من الطراز، وثغر الإسكندرية مع ما يتبعها من الآلات المذهبة، والحريري والسوادج، وأطلق جميع ما هو مستقرّ من الكسوات الرجالية والنسائية والعين والورق، وجميع الأصناف المختصة بالموسم على اختلافها بتفصيلها، وأسماء أربابها، وأصناف النوروز البطيخ والرمان، وعناقيد الموز، وأفراد البسر، وأقفاص التمر القوصي، وأقفاص السفرجل، وبكل الهريسة المعمولة من لحم الدجاج، ومن لحم الضأن، ومن لحم
البقر من كل لون بكلة مع حبرير مارق، قال: وأحضر كاتب الدفتر الحسابات بما جرت به العادة من إطلاق العين والورق، والكسوات على اختلافها في يوم النوروز، وغير ذلك من جميع الأصناف، وهو أربعة آلاف دينار ذهبا وخمسة عشر ألف درهم فضة، والكسوات عدّة كثيرة من شقق ديبقية مذهبات وحريريات، ومعاجر وعصائب نسائيات ملوّنات وسقولاد مذهب وحريري، ومسفع، وفوط ديبقية حريرية، فأما العين والورق والكسوات، فذلك لا يخرج عمن تحوزه القصور، ودار الوزارة والشيوخ والأصحاب، والحواشي والمستخدمين ورؤساء العشاريات، وبحاريها، ولم يكن لأحد من الأمراء على اختلاف درجاتهم في ذلك نصيب.
وأما الأصناف من البطيخ والرّمان والبسر والموز والسفرجل والعناب والهرائس على اختلافها، فيشمل ذلك جميع من تقدّم ذكرهم، ويشركهم فيه جميع الأمراء أرباب الأطواق والإنصاف وغيرهم من الأماثل، والأعيان من له جاه، ورسم في الدولة.
وقال القاضي الفاضل في متجدّدات سنة أربع وثمانين وخمسمائة يوم الثلاثاء رابع عشر رجب يوم النوروز القبطيّ، وهو مستهلّ توت، وتوت أوّل سنتهم، وقد كان بمصر في الأيام الماضية والدولة الخالية من مواسم بطالاتهم، ومواقيت ضلالاتهم، فكانت المنكرات ظاهرة فيه، والفواحش صريحة فيه، ويركب فيه أمير موسوم بأمير النوروز، ومه جمع كثير، ويتسلط على الناس في طلب رسم رتبه، ويرسم على دور الأكابر بالجمل الكبار، ويكتب مناشير، ويندب مرسمين كل ذلك يخرج مخرج الطير، ويقنع بالميسور من الهبات، ويجتمع المغنون، والفاسقات تحت قصر اللؤلؤ بحيث يشاهدهم الخليفة، وبأيديهم الملاهي، وترتفع الأصوات، ويشرب الخمر والمزر شربا ظاهرا بينهم، وفي الطرقات، ويتراش الناس بالماء، وبالماء والخمر، وبالماء ممزوجا بالأقذار، وإن غلط مستور، وخرج من بيته لقيه من يرشه، ويفسد ثيابه، ويستخف بحرمته، فإمّا أن يفدي نفسه، وإمّا أن يفضح، ولم يجر الحال على هذا، ولكن قد رش الماء في الحارات، وقد أحيى المنكرات في الدور أرباب الخسارات.
وقال في متجدّدات سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة: وجرى الأمر في النوروز على العادة من رش الماء، واستجدّ فيه هذا العام التراجم بالبيض، والتصافع بالأنطاع، وانقطع الناس عن التصرّف، ومن ظفر به في الطريق رش بمياه نجسة، وخرق به، وما زال يوم النوروز يعمل فيه ما ذكر من التراش بالماء، والتصافع بالجلود، وغيرها إلى أن كانت أعوام بضع وثمانين وسبعمائة، وأمر الدولة بديار مصر، وتدبيرها إلى الأمير الكبير برقوق «1» قبل