المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

هداية الآيات من هداية الآيات: 1- الولد الصالح هبة إلهية لوالده فليشكر - أيسر التفاسير للجزائري - جـ ٤

[أبو بكر الجزائري]

فهرس الكتاب

- ‌ النمل

- ‌(1)

- ‌(6)

- ‌(12)

- ‌(36)

- ‌(41)

- ‌(45)

- ‌(50)

- ‌(54)

- ‌(56)

- ‌(70)

- ‌(76)

- ‌(87)

- ‌(91)

- ‌(17)

- ‌(22)

- ‌(38)

- ‌(44)

- ‌(52)

- ‌(60)

- ‌(68)

- ‌(85)

- ‌ العنكبوت

- ‌(1)

- ‌(19)

- ‌(26)

- ‌(31)

- ‌(38)

- ‌(41)

- ‌(46)

- ‌(50)

- ‌(56)

- ‌(61)

- ‌(65)

- ‌ الروم

- ‌(1)

- ‌(11)

- ‌(26)

- ‌(30)

- ‌(33)

- ‌(41)

- ‌(46)

- ‌(48)

- ‌(58)

- ‌ لقمان

- ‌(1)

- ‌(6)

- ‌(12)

- ‌(16)

- ‌(20)

- ‌(22)

- ‌(27)

- ‌(29)

- ‌(33)

- ‌ السجدة

- ‌(1)

- ‌(12)

- ‌(15)

- ‌(23)

- ‌(1)

- ‌(6)

- ‌(26)

- ‌(31)

- ‌(35)

- ‌(49)

- ‌(50)

- ‌(51)

- ‌(56)

- ‌(60)

- ‌(63)

- ‌ سبأ

- ‌(1)

- ‌3

- ‌(7)

- ‌(20)

- ‌(24)

- ‌(40)

- ‌(43)

- ‌ فاطر

- ‌(1)

- ‌(12)

- ‌(15)

- ‌(19)

- ‌(28)

- ‌(31)

- ‌(36)

- ‌(40)

- ‌(1

- ‌يس:

- ‌(13)

- ‌(20)

- ‌(28)

- ‌(33)

- ‌(37)

- ‌(47)

- ‌(55)

- ‌ الصافات

- ‌(1)

- ‌(22)

- ‌(31)

- ‌(38)

- ‌(62)

- ‌(75)

- ‌(83)

- ‌(133)

- ‌(139)

- ‌(161)

- ‌(171)

- ‌ ص

- ‌(1)

- ‌(12)

- ‌(34)

- ‌(55)

- ‌(65)

- ‌ الزمر

- ‌(1)

- ‌(5)

- ‌(8)

- ‌(21)

- ‌(24)

- ‌(32)

- ‌(36)

- ‌(60)

- ‌(67)

- ‌غافر

- ‌(18)

- ‌(21)

- ‌(28)

- ‌(41)

- ‌(47)

- ‌(53)

- ‌(64)

- ‌(69)

- ‌(77)

- ‌(82)

- ‌ فصلت

- ‌(1)

- ‌(6)

- ‌(9)

- ‌(13)

- ‌(25)

- ‌(33)

- ‌(37)

- ‌(40)

- ‌(47)

- ‌(49)

- ‌(52)

- ‌ الشورى

- ‌(1)

- ‌(7)

- ‌(10)

- ‌(15)

- ‌(27)

- ‌(32)

- ‌(42)

- ‌ الزخرف

- ‌(1)

- ‌(9)

- ‌(15)

- ‌(36)

- ‌(41)

- ‌(57)

- ‌(63)

- ‌(67)

- ‌(74)

- ‌(86)

الفصل: هداية الآيات من هداية الآيات: 1- الولد الصالح هبة إلهية لوالده فليشكر

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1-

الولد الصالح هبة إلهية لوالده فليشكر الله تعالى من وهب ذلك.

2-

الثناء على العبد بالتوبة الفورية التي تعقب الذنب مباشرة.

3-

جواز استعراض الحاكم القائد قواته تفقداً لها لما قد يحدثه فيها.

4-

إطلاق لفظ الخير على الخيل فيه تقرير أن الخيل إذا ربطت في سبيل الله كان طعامها وشرابها حسنات لمن ربطها في سبيل الله كما في الحديث الصحيح "الخيل لثلاث

".

5-

ربط الطائرات النفاثة في الحظائر اليوم والمدرعات وإعدادها للقتال في سبيل الله حل محل ربط الجياد من الخيل في سبيل الله.

وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنَابَ ‌

(34)

قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (35) فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ (36) وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (37) وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (38) هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (39) وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ (40)

شرح الكلمات:

ولقد فتنا سليمان: أي ابتليناه.

وألقينا على كرسيه جسداً: أي شق ولد ميت لا روح فيه.

ثم أناب: أي رجع إلى ربه وتاب إليه من عدم استثنائه في يمينه.

وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي: أي أعطني ملكاً لا يكون لسواي من الناس.

فسخرنا له الريح: أي استجبنا له فسخرنا له الريح تجري بأمره.

ص: 449

رخاء حيث أصاب: أي لينة حيث أراد.

والشياطين كل بناء وغواص: أي وسخرنا له الشياطين من الجن منهم البناء ومنهم الغواص في البحر.

مقرنين في الأصفاد: أي مشدودين في الأصفاد أيديهم إلى أعناقهم في السجون المظلمة وذلك إذا تمردوا وعصوا أمراً من أوامره.

هذا عطاؤنا: أي وقلنا له هذا عطاؤنا.

فامنن أو أمسك: أي أعط من شئت وما شئت وامنع كذلك.

بغير حساب: أي منّا لك.

وإن له عندنا لزلفى: أي وإن لسليمان عندنا لقربة يوم القيامة.

وحسن مآب: أي مرجع في الجنة في الدرجات العلا.

معنى الآيات:

ما زال السياق في ذكر إنعام الله على آل داود فقد أخبر تعالى هنا عما منّ به على سليمان فأخبر تعالى أنه ابتلاه كما ابتلى أباه داود وتاب سليمان كما تاب داود ولم يسقط ذلك من علو منزلتهما وشرف مقامهما قال تعالى في الآية (34){وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ (1) } أي ابتليناه، وذلك أنه كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحيح أنه قال لأطأن الليلة مائة جارية (2) تلد كل جارية ولداً يصبح فارساً يقاتل ي سبيل الله، ولم يقل إن شاء الله أي لم يستثن ووطئ نساءه في تلك الليلة فعوقب لعدم استثنائه فلم يلدن إلا واحدة جاءت بولد مشلول بالشلل النصفي فلما وضعته أمه أتوا به إلى سليمان ووضعوه على كرسيه. وهو معنى قوله تعالى {وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنَابَ} سليمان إلى ربه فاستغفر وتاب فتاب الله عليه وقال {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي (3) لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} أي لا يكون مثله لسواي من الناس وتوسل إلى الله في قبول دعائه بقوله {إِنَّكَ أَنْتَ

1 - ذكر المفسرون لهذه الفتنة عدة أمور وهي قصص أشبه بالخرافات الإسرائيلية أمثلها ما رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: اختصم إلى سليمان فريقان أحدهما من أهل جرادة امرأة سليمان وكان يحبها فهوى أن يقع القضاء لهم ثم قضى بينهما بالحق فأصابه الذي أصابه عقوبة لذلك الهوى وما في التفسير أصح وأقرب إلى تفسير الآيات.

2 -

نص الحديث عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سليمان لأطوفن الليلة على تسعين امرأة كلهن تأتي بفارس يجاهد في سبيل الله فقال له صاحبه قل إن شاء الله فلم يقل إن شاء الله فطاف عليهن جميعاً فلم تحمل منهن إلا امرأة واحدة جاءت بشق رجل وأيم الذي نفس محمد بيده لو قال إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرساناً أجمعون.

3 -

روى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إن عفريت من الجن تفلت عليّ البارحة ليقطع على صلاتي فحماني الله تبارك وتعالى منه فأردت أن أربطه إلى سارية من سواري المسجد حتى تصبحوا وتنظروا إليه كلكم فذكرت قول أخي سليمان عليه السلام {رب هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب} فرددته خاسئا.

ص: 450

الْوَهَّابُ} فاستجاب الله تعالى له فسخر له الريح تجري بأمره حيث يريدها لأنها تحمل بساطه أو سفينته الهوائية التي غدوها شهر ورواحها شهر رخاء أي ليّنة حيث أصاب أي أراد، كما سخر له شياطين الجن منهم البناء الذي يقوم بالبناء للدور والمصانع ومنهم الغواص في أعماق البحر لاستخراج اللآلي، ومنهم من إذا عصاه وتمرد عليه جمع يديه إلى عنقه بصفد ووضعه تحت الأرض. هذا ما جاء في قول الله تعالى {فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (1) } وقوله تعالى {هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} أي أعطيناه ما طلب منا وقلنا له هذا عطاؤنا لك فامنن أي أعط ما شئت لمن شئت وامنع ما شئت عمن شئت بغير حساب منا عليك. وفوق هذا وإن لك عندنا يوم القيامة للقربة وحسن المرجع وهو قوله تعالى {وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ} .

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1-

تقرير قول بعضهم حسنات الأبرار سيئات المقربين إذ عدم الاستثناء في قوله لأطأن الليلة مائة جارية الحديث

عوقب به فلم تلد امرأة من المائة إلا واحدة وولدت طفلاً مشلولاً، وعوقب به نبينا صلى الله عليه وسلم فانقطع عنه الوحي نصف شهر وأكربه ذلك لأنه لم يستثن عندما سئل عن ثلاث مسائل وقال غدا أجيبكم.

2-

مشروعية التوبة من كل ذنب صغيراً كان أو كبيرا.

3-

مشروعية التوسل إلى الله تعالى بأسمائه الحسنى.

4-

بيان إنعام الله تعالى على عبده سليمان.

5-

بيان تسخير الله تعالى لسليمان الريح والجن وهذا لم يكن لأحد غيره من الناس.

وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ (41) ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ (42) وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (43) وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (44)

1 - الأصفاد جمع صفد بفتح الصاد والفاء القيد من حديد.

ص: 451

شرح الكلمات:

واذكر عبدنا أيوب: أي اذكر يا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عبدنا أيوب بن عيصو بن إسحق بن إبراهيم.

بنصب وعذاب: أي بضر وألم شديد نسب هذا للشيطان لكونه سببا وتأدبا مع الله تعالى.

اركض برجلك: أي اضرب برجلك الأرض تنبع عين ماء.

هذا مغتسل بارد وشراب: أي وقلنا له هذا ماء بارد تغتسل منه، وتشرب فتشفى.

ضغثا: أي حزمة من حشيش يابس.

ولا تحنث: بترك ضربها.

نعم العبد: أي أيوب عليه السلام.

إنه أواب: أي رجاع إلى الله تعالى.

معنى الآيات:

ما زال السياق في ذكر قصص الأنبياء ليثبت به فؤاد نبيّه محمد صلى الله عليه وسلم فقال تعالى له {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا (1) أَيُّوبَ} وهو أيوب بن عيصو بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليهم السلام {إِذْ نَادَى رَبَّهُ} أي دعاه قائلاً {أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ (2) وَعَذَابٍ} (3) أي ألم شديد، وذلك بعد مرض شديد دام مدة تزيد على كذا سنة وقال في ضراعة أخرى ذكرت في سورة الأنبياء {أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} قال تعالى {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ} وقوله {ارْكُضْ (4) بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ} أي لما أراد الله كشف الضر عنه قال له اركض برجلك أي اضرب برجلك الأرض ينبع منها ماءٌ فاشرب (5) منه واغتسل تشف ففعل فشفي كأن لم

1 - قال القرطبي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بهم في الصبر على المكاره.

2 -

قرأ الجمهور بنصب بضم النون وتسكين الصاد وقرئ بنصب بفتحها كحزن وحزن والنصب الشر والبلاء الشديد والنصب بالتحريك التعب والإعياء

3 -

الباء في بنصب سببية أي مسني نصب وعذاب بسبب وسوسة الشيطان لي فنسب النصب والعذاب إلى الشيطان لأنهما كانا بسبب وسواسه.

4 -

الركض التحريك يقال ركب الدابة إذا حركها برجليه فركضت أي تحركت بسرعة وجملة اركض مقولة لقول محذوف أي قلنا له اركض برجلك.

5-

أي ماء فيه شفاء ومغتسل اسم مفعول أي مغتسل به هو من باب الحذف والإيصال مثل تمرون الديار ولا تعرجوا: فكلامكم إذا عليّ حرام. أي تمرون بالديار فحذف الباء.

ص: 452

يكن به ضر البتة. وقوله تعالى {وَوَهَبْنَا (1) لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ} أي عوضه الله تعالى عما فقد من أهل وولد، وقوله {رَحْمَةً مِنَّا} أي كان ذلك التعويض لأيوب {رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ} أي عبرة لأولي القلوب الحية الواعية يعلمون بها أن الله قد يبتلي أحب عباده إليه ليرفعه بذلك درجات عالية ما كان ليصل إليها دون ابتلاء في ذات الله والصبر عليه. وقوله {وَخُذْ بِيَدِكَ (2) ضِغْثاً} أي قلنا له خذ بيدك ضغثا أي حزمة من حشيش يابس واضرب به امرأتك ضربة واحدة إذ في الحزمة مائة عود وكان قد حلف أن يضرب امرأته مائة جلدة لما حصل منها من تقصير في يوم من أيام حياتهما، فأفتاه ربه تعال بما ذكر في هذه الآية. وقوله تعالى {إِنَّا وَجَدْنَاهُ (3) صَابِراً} أي قد اختبرناه بالمرض وفقد الأهل والمال والولد فوجدناه صابراً، وبذلك أثنى عليه بقوله {نِعْمَ الْعَبْدُ} أي أيوب {إِنَّهُ أَوَّابٌ} رجاع إلى ربه في كل أمره لا يعرف إلا الله.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1-

تقرير نبوة محمد صلى الله عليه وسلم من طريق هذا القصص الذي لا يتأتى إلا بالوحي الإلهي.

2-

قد يبتلي الله تعالى من يحبه من عباده ليزيد في علو مقامه ورفعة شأنه.

3-

فضل الصبر وعاقبته الحميدة في الدنيا والآخرة.

4-

مشروعية الفتيا وهي خاصة بأهل الفقه والعلم.

5-

وجوب الكفارة على من حنث في يمينه.

وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ (45) إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (46) وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ (47) وَاذْكُرْ

1 - لم تشر الآيات إلى أن أيوب رزئ بموت أهله ولا بفقد ماله وسياق الآيات يدل على أن أيوب مات أهله من بنين وأحفاد وما يذكر هنا من كونه فقد أهله بموتهم ثم أحياهم الله تعالى له من أحاديث بني إسرائيل، والظاهر أن الله تعالى حفظ لأيوب أهله ووهبه مثلهم أي أعطاه أهله وزاده ضعفهم ولو أراد ما تقوله الناس لقال وأحيينا له أهله ووهبنا له مثلهم والله أعلم.

2 -

هذه الفتيا مما خص الله تعالى بها عبده أيوب فلا تتعداه إلى غيره والنبي صلى الله عليه وسلم قال إني والله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا كفرت عن يميني وفعلت الذي هو خير وما روى أبو داود من أن رجلا مريضا وجب عليه حد فأفتاهم الرسول صلى الله عليه وسلم بضربه بعثكول نخل به مائة عود فضربوه به ضربة واحدة فإن الخبر إن صح فالعلة هي مرضه الشديد وعلته القائمة به.

3 -

الجملة تعليلية لما تقدم من إنعام الله تعالى على أيوب أي وهبه الله ذلك الإنعام لصبره على ما ابتلاه به وكذا جملة إنه أواب.

ص: 453

إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَارِ (48) هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ (49) جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ (50) مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ (51) وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ (52) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ (53) إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ (54)

شرح الكلمات:

واذكر عبادنا: أي اذكر صبرهم على ما أصابهم فإن لك فيه أسوة.

أولي الأيدي: أي أصحاب القوى في العبادة.

والأبصار: أي البصائر في الدين بمعرفة الأسرار والحكم.

بخالصة: أي هي ذكر الدار الآخرة والعمل لها.

لمن المصطفين الأخيار: أي من المختارين الأخيار جمع خيّر.

هذا ذكر: أي لهم بالثناء الحسن الجميل هنا في الدنيا.

وإن للمتقين: أي هم وغيرهم من سائر المؤمنين والمؤمنات.

لحسن مآب: أي مرجع أي عندما يرجعون إلى ربهم بالوفاة.

متكئين فيها: أي على الأرائك.

يدعون فيها بكل فاكهة: أي يطالبون فيها بفاكهة وذكر الفاكهة دون الطعام والشراب إيذاناً بأن طعامهم وشرابهم لمجرد التلذذ لا للتغذية كما في الدنيا.

قاصرات الطرف: أي حابسات العيون على الأزواج فلا ينظرون إلى غيرهم.

أتراب: أي أسنانهن متساوية وهي ثلاث وثلاثون سنة.

ماله من نفاد: أي ليس له انقطاع أبداً.

معنى الآيات:

ما زال السياق في ذكر الأنبياء وما أكرموا به على صبرهم ليكون ذلك مثبتا للنبي صلى الله عليه وسلم على دعوته والصبر عليها والتحمل في سبيل الوصول بها إلى غاياتها فقال تعالى له {وَاذْكُرْ} أي يا نبينا

ص: 454

{عِبَادَنَا} لتتأسى بهم وهم {إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ (1) } ولد و {وَيَعْقُوبَ} حفيده {أُولِي} أي أصحاب {الْأَيْدِي (2) } أي القوى في العبادة والطاعة {وَالْأَبْصَارِ} أي أبصار القلوب وذلك بالفقه في الدين ومعرفة أسرار التشريع، وقوله تعالى {إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ} أي خصصناهم {بِخَالِصَةٍ (3) } أي بخاصة امتازوا بها هي ذكر الدار أي الدار الآخرة بالعمل لها والدعوة إليها بالإيمان والتقوى، وقوله {وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ} أي المختارين {الْأَخْيَارِ} جمع خيّر (4) وهو المطبوع على الخير وقوله {وَاذْكُرْ} أي نبينا للائتساء {وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ} وقوله {وَكُلٌّ} أي من داود ومن ذكر بعده من الأنبياء كانوا من الأخيار، وقوله {هَذَا ذِكْرٌ} أي لهم بالثناء الحسن لهم في الدنيا، {وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ} (5) هم وغيرهم من المؤمنين والمؤمنات {لَحُسْنَ مَآبٍ} أي مرجع وهو الجنة حيث يرجعون إلى الله تعالى بعد الموت، وفسر ذلك المرجع بقوله تعالى {جَنَّاتِ عَدْنٍ} أي إقامة {مُفَتَّحَةً (6) لَهُمُ الْأَبْوَابُ} {مُتَّكِئِينَ فِيهَا} أي على الأرائك الأسرة بالحجلة، {يَدْعُونَ فِيهَا} أي يطالبون فيها {بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ} ولم يذكر الطعام إشارة إلى أن مآكلهم ومشاربهم لمجرد التلذذ لا للتغذي بها كما في الدنيا، وقوله {وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ} يخبر تعالى أن لأولئك المتقين في الجنة قاصرات الطرف أي نساء قاصرات الطرف حابسات له على أزواجهن لا ينظرن إلى غيرهم من الأزواج وقوله {أَتْرَابٌ} أي في سن واحدة وهي ثلاث وثلاثون سنة. وقوله {هَذَا مَا تُوعَدُونَ} أي يقال لهم هذا ما توعدون {لِيَوْمِ الْحِسَابِ} أي هذا المذكور من النعيم هو ما يعدكم به ربكم يوم القيامة. وقوله {إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ} أي ليس له انقطاع ولا فناء.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1-

فضيلة القوة في العبادة والبصيرة في الدين وفي الحديث (7)"المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير".

2-

فضل ذكر الدار الآخرة وتذكرها دائماً لأنها تساعد (8) على الطاعة.

1 - أما إبراهيم فقد ذكر الله تعالى ما ابتلاه به من إلقائه في النار وكذا يعقوب من فقده ليوسف عليهم السلام وأما إسحاق فلم يذكر له في القرآن ابتلاء ولعله ذكر بين مبتلين وهما أصله وفرعه فكان ذلك ابتلاء له أيضا.

2 -

جمع يد والمراد بها القوة لا الجارحة نحو والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون.

3 -

قرأ نافع بخالصة ذكر الدار بإضافة خالصة إلى الدار وقرأ حفص بتنوين خالصة فتكون ذكر الدار عطف بيان على خالصة.

4 -

جائز أن يكون الأخيار جمع خير بإسكان الياء وجمع خير بتشديدها مكسورة نحو أموات جمع ميت وميت.

5 -

اللام للاختصاص ليس للملك ولا للتعليل بل للاختصاص إذ هي مختصة بالمتقين دون غيرهم.

6 -

مفتحة منصوبة على الحال والأبواب مرفوع بمفتحة لأنه نائب فاعل.

7 -

أخرجه مسلم في صحيحه.

8 -

شاهده حديث " كنت قد نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنها تذكركم الآخرة " حديث صحيح".

ص: 455