الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1-
حرمة ترقيق المرأة صوتها وتليين عباراتها إذا تكلمت مع أجنبي.
2-
وجوب بقاء النساء في منازلهن ولا يخرجن إلا من حاجة لا بد منها.
3-
حرمة التبرج وهي أن تتزين المرأة وتخرج بادية المحاسن متبخترة في مشيتها.
4-
على المسلم أن يذكر ما شرفه الله به من الإيمان والإسلام ليترفع عن الدنايا والرذائل.
5-
بيان أن الحكمة هي السنة النبوية الصحيحة.
6-
الإشارة إلى وجود جاهلية ثانية وقد ظهرت منذ نصف قرن وهي تبرج النساء بالكشف عن الرأس والصدور
والسيقان وحتى الأفخاذ.
إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً
(35)
شرح الكلمات:
إن المسلمين والمسلمات: إن الذين أسلموا لله وجوههم فانقادوا لله ظاهراً وباطناً والمسلمات أيضا.
والمؤمنين والمؤمنات: أي المصدقين بالله رباً وإلهاً والنبي محمد نبياً ورسولا والإسلام ديناً وشرعاً والمصدقات.
والقانتين والقانتات: أي المطيعين لله ورسوله من الرجال والمطيعات من النساء.
والصادقين والصادقات: أي الصادقين في أقوالهم وأفعالهم والصادقات.
والصابرين والصابرات: أي الحابسين نفوسهم على الطاعات فلا يتركوها وعن المعاصي فلا يقربوها وعلى البلاء فلا يسخطوه ولا يشتكوا الله إلى عباده والحابسات.
الخاشعين والخاشعات: أي المتذللين لله المخبتين له والخاشعات من النساء كذلك.
والمتصدقين والمتصدقات: أي المؤدين الزكاة والفضل من أموالهم عند الحاجة إليه والمؤديات كذلك.
والحافظين فروجهم: أي عن الحرام والحافظات كذلك إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم بالنسبة للرجال أما النساء فالحافظات فروجهن إلا على أزواجهن فقط.
والذاكرين الله كثيراً والذاكرات: أي بالألسن والقلوب فعلى أقل التقدير يذكرون الله ثلثمائة مرة في اليوم والليلة زيادة على ذكر الله في الصلوات الخمس.
أعد الله لهم مغفرة: أي لذنوبهم وذنوبهن.
وأجراً عظيما: أي الجنة دار الأبرار.
معنى الآيات:
هذه الآية وإن نزلت جواباً عن تساءل بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم إذ قلن للنبي صلى الله عليه وسلم: ما لنا لا نذكر في القرآن كما يذكر الرجال فأنزل (1) الله تعالى هذه الآية المباركة إن المسلمين والمسلمات، فإن مناسبتها لما قبلها ظاهرة وهي أنه لما أثنى على آل البيت بخير فإن نفوس المسلمين والمسلمات تتشوق لخير لهم كالذي حصل لآل البيت الطاهرين فذكر تعالى أن المسلمين (2) والمسلمات الذين انقادوا لأوامر الله ورسوله وأسلموا وجوههم لله فلا يلتفتون إلى غيره، كالمؤمنين والمؤمنات بالله رباً وإلهاً ومحمد نبياً ورسولاً والإسلام ديناً وشرعاً، كالقانتين أي المطيعين لله رسوله والمطيعات في السراء والضراء والمنشط والمكره في حدود الطاقة البشرية، كالصادقين في أقوالهم وأفعالهم والصادقات كالصابرين أي الحابسين نفوسهم على الطاعات فعلاً، وعن المحرمات تركاً، وعلى البلاء رضاً وتسليماً والصابرات كالخاشعين في صلاتهم وسائر طاعاتهم والخاشعات لله تعالى كالمتصدقين بأداء زكاة أموالهم وبفضولها عند الحاجة إليها والمتصدقات كالصائمين رمضان والنوافل كعاشوراء والصائمات، كالحافظين فروجهم عما حرم الله تعالى عليهم من المناكح وعن
1 - روى الترمذي عن أم عمارة الأنصارية أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: ما أرى كل شيء إلا للرجال وما أرى النساء يذكرن بشيء؟ فنزلت الآية، وروى أحمد والنسائي وابن جرير عن أم سلمة أنها قالت قلت ما لنا لا نذكر في القرآن كما يذكر الرجال فنزلت.
2 -
بدئ بذكر الإسلام لأنه علم على الملة المحمدية وهو يعم الإيمان وعمل الجوارح ثم ذكر الإيمان لأنه كالطاقة المحركة والدافعة إلى القول الحق والطاعة لله ورسوله.
كشفها لغير الأزواج والحافظات (1) ، كالذاكرين الله كثيراً بالليل (2) والنهار ذكر القلب واللسان والذاكرات (3) الكل الجميع أعد الله تعالى لهم مغفرة لذنوبهم إذ كانت لهم ذنوب، وأجراً عظيماً أي جزاء عظيماً على طاعاتهم بعد إيمانهم وهو الجنة دار السلام جعلنا الله منهم ومن أهل الجنة.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1-
بشرى المسلمين والمسلمات بمغفرة ذنوبهم ودخول الجنة إن اتصفوا بتلك الصفات المذكورة في هذه الآية وهي عشر صفات أولها الإسلام وآخرها ذكر الله تعالى.
2-
فضل الصفات المذكورة إذ كانت سبباً في دخول الجنة بعد مغفرة الذنوب.
3-
تقرير مبدأ التساوي بين الرجال والنساء في العمل والجزاء في العمل الذي كلف الله تعالى به النساء والرجال معاً وأما ما خص به الرجال أو النساء فهو على خصوصيته للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن والله يقول الحق ويهدي السبيل.
وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً (36) وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي
1 - حذف من الآخر لدلالة الأول والمحذوف فروجهن، ولأن ذكر فروج النساء غير لائق ذكره وسماعه لما عرف به أهل هذه الملة من عدم الرضا بذكر النساء لصيانتهن عن الابتذال والمهانة.
2 -
وحذف المقابل في الذاكرات طلباً للإيجاز غير المخل لأن الذكر الآخر مع ذكر الأول مع العلم به إطناب لا داعي له قال الشاعر:
وكَمْتاً مدمّاة كأن متونها
جرى فوقها واستشعرت لون مذْهب
3 -
قال مجاهد: لا يكون العبد ذاكرا لله تعالى كثيراً حتى يذكره قائما وجالساً ومضطجعاً، وقال أبو سعيد الخدري "من أيقظ أهله بالليل وصليا أربع ركعات كانا من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات.
أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً (37) مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللهُ لَهُ سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً (38) الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللهَ وَكَفَى بِاللهِ حَسِيباً (39) مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (40)
شرح الكلمات:
ما كان لمؤمن ولا مؤمنة: أي لا ينبغي ولا يصلح لمؤمن ولا مؤمنة.
أن يكون لهم الخيرة من أمرهم: أي حق الاختيار فيما حكم الله ورسوله فيه بالجواز أو المنع.
فقد ضل ضلالا مبيناً: أي أخطأ طريق النجاة والفلاح خطأً واضحاً.
أنعم الله عليه وأنعمت عليه: أي أنعم الله عليه بالإسلام، وأنعمت عليه بالعتق وهو زيد بن حارثة.
واتق الله: أي في أمر زوجتك فلا تحاول طلاقها.
وتخفي في نفسك ما الله مبديه: أي وتخفي في نفسك وهو علمك بأنك إذا طلق زيد زينب زوجكها الله إبطالاً لما عليه الناس من حرمة الزواج من امرأة المتبنّى.
ما الله مبديه: أي مظهره حتماً وهو زواج الرسول من زينب بعد طلاقها.
وتخشى الناس: أي يقولون تزوج محمد مطلقة مولاه زيد.
والله أحق أن تخشاه: وهو الذي أراد لك ذلك الزواج.
فلما قضى زيد منها وطراً: أي حاجته منها ولم يبق له رغبة فيها لتعاليها عليه بشرف نسبها ومحتد آبائها.
زوجناكها: إذ تولى الله عقد نكاحها فدخل النبي صلى الله عليه وسلم عليها بدون إذن من أحدٍ وذلك سنة خمس وأُشبع الناس لحماً وخبزاً في وليمة عرسها.
كيلا لا يكون على المؤمنين حرج: أي إثم في تزوجهم من مطلقات أدعيائهم.
وكان أمر الله مفعولا: أي وما قدره الله في اللوح المحفوظ لا بد كائن.
ولا يخشون أحداً إلا الله: أي يفعلون ما أذن لهم فيه ربهم ولا يبالون بقول الناس.
وكفى بالله حسيباً: أي حافظاً لأعمال عباده ومحاسباً لهم عليها يوم الحساب.
ما كان محمد أبا أحد من رجالكم: أي لم يكن أباً لزيد ولا لغيره من الرجال إذ مات أطفاله الذكور وهم صغار.
وخاتم النبيين: أي لم يجيء نبي بعده إذ لو جاء نبي بعده لكان ولده أهلا للنبوة كما كان أولاد إبراهيم ويعقوب، وداود مثلا.
معنى الآيات:
قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ (1) } الآيات هذا شروع في قصة زواج زيد بن حارثة الكلبي مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش بنت عمة النبي أميمة بنت عبد المطلب إنه لما أبطل الله التبني وحرمه بقوله {وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ} وقوله {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} تبع ذلك أن لا يرث الدعي ممن ادعاه، وأن لا تحرم مطلقته على من تبنّاه وادعاه وهكذا بطلت الأحكام التي كانت لازمة للتبني، وكون هذا نزل به القرآن ليس من السهل على النفوس التي اعتادت هذه الأحكام في الجاهلية وصدر الإسلام أن تتقبلها وتذعن لها بعد ليال بسهولة فأراد الله تعالى أن يخرج ذلك لحيز الوجود فألهم رسوله أن يخطب زينب لمولاه زيد، واستجابت زينت للخطبة فهماً منها أنها مخطوبة لرسول الله لتكون أماً للمؤمنين ولكن تبين لها بعد ليال أنها مخطوبة لزيد بن حارثة مولى رسول الله وليست كما فهمت وهنا أخذتها الحمية وقالت لن يكون هذا لن تتزوج شريفة مولى من موالي الناس ونصرها أخوها على ذلك وهو عبد الله بن جحش. فنزلت هذه الآية {وَمَا
1 - روى قتادة وابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد في سبب نزول هذه الآية أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب زينب بنت جحش وكانت بنت عمته خطبها لمولاه زيد بن حارثة فظنت أن الخطبة له صلى الله عليه وسلم فلما تبين أنها لمولاه زيد كرهت وأبت وامتنعت فنزلت الآية. فأذعنت وقبلت.
كَانَ لِمُؤْمِنٍ (1) وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ (2) مِنْ أَمْرِهِمْ} الآية فما كان منها إلا أن قبلت عن رضى الزواج من زيد وتزوجها زيد وبحكم الطباع البشرية فإن زينب لم تخف شرفها على زيد وأصبحت تترفع عليه الأمر الذي شعر معه زيد بعدم الفائدة من هذا الزواج فأخذ يستشير رسول الله مولاه ويستأذنه في طلاقها والرسول يأبى عليه وذلك علماً منه أنه إذا طلقها سيزوجه الله بها إنهاءً لقضية جعل أحكام الدعي كأحكام الولد من الصلب فكان يقول له: اتق الله يا زيد لا تطلق بغير ضرورة ولا حاجة إلى الطلاق واصبر على ما تجده من امرأتك، وهنا عاتب رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ربُّه عز وجل إذ قال له:{وَإِذْ (3) تَقُولُ} أي اذكر إذ تقول {لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ} أي بنعمة الإسلام، {وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} بأن عتقته {أَمْسِكْ (4) عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِي (5) فِي نَفْسِكَ} وهو أمر زواجك منها، {مَا اللهُ مُبْدِيهِ} أي مظهره لا محالة من ذلك {وَتَخْشَى (6) النَّاسَ} أن يقولوا محمد تزوج امرأة ابنه زيد، {وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ} وقد أراد منك الزواج من زينب بعد طلاقها وانقضاء عدتها هدماً وقضاءً على الأحكام التي جعلت الدعي كابن الصُّلب.
وقوله تعالى: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً} أي حاجته منها بالزواج بها وطلقها {زَوَّجْنَاكَهَا (7) } إذ تولينا عقد نكاحها منك دون حاجة إلى ولي ولا إلى شهود ولا إلى مهر أو صداق وذلك من أجل أن لا يكون على المؤمنين حرج أي إثم في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطراً، وقوله تعالى:{وَكَانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً} أي وما قضى به الله واقع لا محالة وقوله تعالى: {مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللهُ لَهُ} أي من إثم أو تضييق في قول أو فعل شيء افترضه الله تعالى عليه وألزمه به سنة الله في الذين خلوا من قبل من الأنبياء، وكان أمر الله أي مقضيه قدرا مقدوراً أي واقعاً نافذاً لا محالة. وقوله:{الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللهَ} أي
1 - هذه الصيغة هي لنفي الحال والشأن فهي أبلغ من صيغ النهي أي أن مثل هذا القول والعمل مما لا يكون ولا ينبغي أن يكون نحو قوله تعالى: (وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطأً) وفي الآية دليل على أن الكفاءة تعتبر في الأديان لا في الأنساب بل هي نص في هذا.
2 -
الخيرة اسم مصدر من تخيّر ومثلها الطيرة من تطير ولم يسمع على هذا الوزن غيرهما، ووقع لفظ مؤمن ومؤمنة نكرة في سياق النفي فأفادتا العموم.
3 -
روى الترمذي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "لو كان رسول الله كاتماً شيئاً من الوحي لكتم هذه الآية (وإذ تقول للذي أنعم الله عليه) الآية وكذا قالت في آية عبس وتولى وهو كما قالت رضي الله عنها وأرضاها.
4 -
جاء زيد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن زينب تؤذيني بلسانها وتفعل وتفعل! وإني أريد أن أطلقها فقال له: {أمسك عليك زوجك واتق الله} الآية.
5 -
إن قيل كيف يأمر زيداً بعدم طلاق زينب وهو يعلم أنه سيطلقها ويزوجه الله تعالى بها؟ الجواب لا حرج في هذا ألا ترى أن الله يأمر العبد بالإيمان والإسلام وهو يعلم أنه لا يؤمن، لأن الأمر لإقامة الحجة ومعرفة العاقبة.
6 -
ما كان يخشاه هو إرجاف المنافقين واليهود قولهم: أينهى عن نكاح زوجة الابن ويتزوج زوجة ابنه زيد.
7 -
وري أن زينب كانت تقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم إني لأدل عليك بثلاث! ما من نسائك امرأة تدل بهن: أن جدي وجدك واحد، وأن الله أنكحك إياي من السماء، وأن السفير في ذلك جبريل.
هؤلاء الأنبياء السابقون طريقتهم التي سنها الله لهم هي أنهم ينفذون أمر الله ولا يلتفتون إلى الناس ويقولون ما يقولون، ويخشون ربهم فيما فرض عليهم ولا يخشون غيره، وكفى بالله حسيباً أي حافظاً لأعمال عباده ومحاسباً عليها ومجازٍ بها، وقوله تعالى في ختام السياق {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} لا زيد ولا غيره إذ لم يكن له ولد ذكر قد بلغ الحلم إذ مات الجميع صغاراً وهم أربعة ثلاثة من خديجة وهم القاسم والطيب والطاهر وإبراهيم وهو من مارية القبطية، فلذا، لا يحرم عليه أن يتزوج مطلقة زيد لأنه ليس ابنه وإن كان يدعى زيد بن محمد قبل إنهاء التبني وأحكامه ولكن رسول الله وخاتم النبيين فلا نبي بعده فلو كان له ولد ذكر رجلاً لكان يكون نبياً وسولاً كما كان أولاد إبراهيم وإسحق ويعقوب وداود، ولما أراد الله أن يختم الرسالات برسالته لم يأذن ببقاء أحد من أولاد نبيه بل توفاهم صغاراً، أما البنات فكبرن فتزوجن وأنجبن ومتن حال حياته إلا فاطمة فقد ماتت بعده بستة أشهر وقوله تعالى:{وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} فما أخبر به هو الحق وما حكم به هو العدل وما شرعه هو الخير فسلموا لله في قضائه وحكمه فإن ذلك خير وأنفع.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1-
بيان أن المؤمن الحق لا خيرة عنده في أمر يقضي فيه الله ورسوله بالجواز أو المنع.
2-
بيان أن من يعص الله ورسوله يخرج عن طريق الهداية إلى طريق الضلالة.
3-
جواز عتاب الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم.
4-
بيان شدة حياء الرسول صلى الله عليه وسلم.
5-
بيان إكرام الله لزيد بأن جعل اسمه يقرأ على ألسنة المؤمنين إلى يوم الدين.
6-
بيان إفضال الله على زينب لما سلمت أمرها لله وتركت ما اختارته لما اختاره الله ورسوله فجعلها زوجة لرسول الله وتولى عقد نكاحها في السماء فكانت تفاخر نساءها بذلك.
7-
تقرير حديث ما ترك عبد شيئا لله إلا عوضه الله خيرا منه.
8-
إبطال أحكام التبني التي كانت في الجاهلية.
9-
تقرير نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم وكونه خاتم الأنبياء فلا نبي بعده.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (42) هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ
مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً (43) تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً (44)
شرح الكلمات:
يا أيها الذين آمنوا: أي يا من آمنتم بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد رسولاً.
اذكروا الله ذكراً كثيرا ً: أي بقلوبكم وألسنتكم.
وسبحوه بكرة وأصيلاً: أي نزهوه بقول سبحان الله وبحمده صباحاً ومساء.
هو الذي يصلي عليكم: أي يرحمكم.
وملائكته: أي يستغفرون لكم.
ليخرجكم من الظلمات: أي يرحمكم ليديم إخراجكم من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان.
تحيتهم يوم يلقونه سلام: أي سلام فالملائكة تسلم عليهم.
وأعد لهم أجراً كريما: أي وهيأ لهم أجراً كريماً وهو الجنة.
معنى الآيات:
هذا النداء الكريم من رب رحيم يوجه إلى المؤمنين الصادقين ليعلمهم ما يزيد به إيمانهم ونورهم، ويحفظون به من عدوهم وهو ذكر الله فقال تعالى لهم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ (1) آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراًً} لا أحد له ولا حصر إذ هو الطاقة التي تساعد على الحياة الروحية، وسبحوه (2) بكرة وأصيلاً بصلاة الصبح صلاة العصر. وبقول سبحان الله والحمد لله والله أكبر دبر كل صلاة من الصلوات الخمس. وقوله تعالى:{هُوَ الَّذِي يُصَلِّي (3) عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ} وصلاته تعالى عليهم
1 - قال ابن عباس رضي الله عنهما لم يعذر واحد في ترك ذكر الله إلا من غلب عليه عقله وورد في فضل الذكر قوله صلى الله عليه وسلم "ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إعطاء الذهب والورق وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قالوا وما هو يا رسول الله قال ذكر الله عز وجل وقوله وقد جاءه أعرابيان فقال أحدهما يا رسول الله أي الناس خير؟ قال: من طال عمره وحسن عمله وقال الآخر إن شرائع الإسلام قد كثرت عليّ فمرني بأمر أتشبث به. فقال صلى الله عليه وسلم لا يزال لسانك رطباً بذكر الله تعالى.
2 -
يجوز أن يراد بالتسبيح صلوات النوافل، وجائز أن يكون التسبيح نحو سبحان الله وبحمده إذ ورد عنه صلى الله عليه وسلم وصح من قال سبحان الله وبحمده مائة مرة غفر له ما تقدم من ذنبه.
3 -
الصلاة الدعاء والذكر بخير وهي من الله تعالى ثناؤه على العبد بين الملائكة قاله البخاري وقيل صلاة الله تعالى على العبد الرحمة ويكون على النبي الثناء عليه وعلى غير النبي الرحمة وهذا أولى، ولا منافاة بين القولين لقوله تعالى:(فاذكروني أذكركم) . وهي من الملائكة دعاء واستغفار لقوله تعالى الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا الآية من سورة المؤمن.
رحمته لهم، وصلاة ملائكته الاستغفار لهم وقوله ليخرجكم من الظلمات أي من ظلمات الكفر والمعاصي إلى نور الإيمان والطاعات. فصلاته تعالى وصلاة ملائكته هو سبب الإخراج من الظلمات إلى النور. وقوله تعالى:{وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً} وهذه علاوة أخرى زيادة على الإكرام الأول وهو الصلاة عليهم وإنه بالمؤمنين عامة رحيم فلا يعذبهم ولا يشقيهم. وقوله {تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَه (1) ُ سَلامٌ} أي وتحيتهم يوم القيامة في دار السلامِ السلامُ إذ الملائكة يدخلون عليهم من كل باب قائلين سلام عليكم أي أمان وأمنة لكم فلا خوف ولا حزن. وقوله {وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً} أي هيأ لهم وأحضر أجراً كريماً وهي الجنة. فسبحان الله ما أكرمه وسبحان الله ما أسعد المؤمنين. فيا لفضيلة الإيمان وطاعة الرحمن طلب منهم أن يذكروه كثيراً وأن يسبحوه بكرة وأصيلاً وأعطاهم ما لا يقادر قدره فسبحان الله ما أكرم الله. والحمد لله.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1-
وجوب ذكر الله تعالى كثيراً ليل نهار ووجوب تسبيحه صباح مساء.
2-
بيان فضل الله على المؤمنين بصلاته عليهم وصلاة ملائكته ورحمته لهم.
3-
تقرير عقيدة البعث بذكر بعض ما يتم فيها من سلام الملائكة على أهل الجنة.
4-
بشرى المؤمنين الصادقين بالجنة.
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (45) وَدَاعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً (46) وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللهِ فَضْلاً كَبِيراً (47) وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفَى بِاللهِ وَكِيلاً (48)
1 - ورد أن ملك الموت لا يقبض روح المؤمن إلا سلم عليه وروي عن البراء بن عازب في قوله تعالى: {تحيتهم يوم يقلونه سلام} قال فيسلم ملك الموت على المؤمن عند قبض روحه، ولا يقبض روحه حتى يسلم عليه.
شرح الكلمات:
شاهداً: أي على من أرسلناك إليهم.
ومبشراً: أي من آمن وعمل صالحاً بالجنة.
ونذيراً: أي لمن كفر وأشرك بالنار.
وداعيا إلى الله بإذنه: أي وداعياً إلى الإيمان بالله وتوحيده وطاعته بأمره تعالى.
وسراجاً منيراً: أي جعلك كالسراج المنير يهتدي به من أراد الهداية إلى سبيل الفلاح.
ولا تطع الكافرين والمنافقين: أي فيما يخالف أمر ربك وما شرعه لك ولأمتك.
ودع أذاهم: أي اترك أذاهم فلا تقابله بأذى آخر حتى تُأمر فيهم بأمر.
وتوكل على الله: أي فوض أمرك إليه فإنه يكفيك.
معنى الآيات:
هذا نداء خاص بعد ذلك النداء العام فالأول كان للمؤمنين والرسول إمامهم على رأسهم. وهذا نداء خاص لمزيد تكريم الرسول وتشريفه وتكليفه أيضاً فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ} محمد صلى الله عليه وسلم {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ (1) } حال كونك شاهداً على (2) من أرسلناك إليهم يوم القيامة تشهد على من أجاب دعوتك ومن لم يجبها، ومبشراً لمن استجاب لك فآمن وعمل صالحاً بالجنة، ونذيراً لمن أعرض فلم يؤمن ولم يعمل خيراً بعذاب النار، وداعياً إلى الله تعالى عباده إليه ليؤمنوا به ويوحدوه ويطيعوه بأمره تعالى لك بذلك، وسراجا (3) منيراً يهتدي بك من أراد الهداية إلى سبيل السعادة والكمال.
وقوله تعالى: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (4) } أي أنظر بعد دعوتك إياهم، وبشر المؤمنين منهم أي الذين استجابوا لك وآمنوا وعملوا الصالحات بأن لهم من الله فضلا كبيراً ألا وهو مغفرة ذنوبهم وإدخالهم الجنة دار النعيم المقيم والسلام والتام. وقوله تعالى:{وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ} فيما
1 - قال القرطبي: هذه الآية فيها تأنيس للنبي صلى الله عليه وللمؤمنين وتكريم لجميعهم.
2 -
قال قتادة شاهداً على أمته بالتبليغ إليهم وعلى سائر الأمم بتبليغ أنبيائهم.
3 -
ورد في الصحيح والموطأ ومسلم أن للرسول صلى الله عليه وسلم خمسة أسماء وهي محمد وأحمد والماحي والحاشر والعاقب وهل شاهد ومبشر ونذير ورؤوف ورحيم أسماء؟ الظاهر أنها صفات ومن عدها أسماء فقد ذكر ابن العربي في أحكامه أن له صلى الله عليه وسلم سبعة وستين اسماً.
4 -
عن عكرمة وابن عباس رضي الله عنهما لما نزلت {يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً} وقد كان أمر علياً ومعاذاً رضي الله عنهما أن يسيراً إلى اليمين فقال انطلقا فبشرا ولا تنفرا ويسرا ولا تعسرا إنه قد أنزل إنه قد أنزل عليّ (يا أيها النبي) الآية.