المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الجزء العشرون فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ - أيسر التفاسير للجزائري - جـ ٤

[أبو بكر الجزائري]

فهرس الكتاب

- ‌ النمل

- ‌(1)

- ‌(6)

- ‌(12)

- ‌(36)

- ‌(41)

- ‌(45)

- ‌(50)

- ‌(54)

- ‌(56)

- ‌(70)

- ‌(76)

- ‌(87)

- ‌(91)

- ‌(17)

- ‌(22)

- ‌(38)

- ‌(44)

- ‌(52)

- ‌(60)

- ‌(68)

- ‌(85)

- ‌ العنكبوت

- ‌(1)

- ‌(19)

- ‌(26)

- ‌(31)

- ‌(38)

- ‌(41)

- ‌(46)

- ‌(50)

- ‌(56)

- ‌(61)

- ‌(65)

- ‌ الروم

- ‌(1)

- ‌(11)

- ‌(26)

- ‌(30)

- ‌(33)

- ‌(41)

- ‌(46)

- ‌(48)

- ‌(58)

- ‌ لقمان

- ‌(1)

- ‌(6)

- ‌(12)

- ‌(16)

- ‌(20)

- ‌(22)

- ‌(27)

- ‌(29)

- ‌(33)

- ‌ السجدة

- ‌(1)

- ‌(12)

- ‌(15)

- ‌(23)

- ‌(1)

- ‌(6)

- ‌(26)

- ‌(31)

- ‌(35)

- ‌(49)

- ‌(50)

- ‌(51)

- ‌(56)

- ‌(60)

- ‌(63)

- ‌ سبأ

- ‌(1)

- ‌3

- ‌(7)

- ‌(20)

- ‌(24)

- ‌(40)

- ‌(43)

- ‌ فاطر

- ‌(1)

- ‌(12)

- ‌(15)

- ‌(19)

- ‌(28)

- ‌(31)

- ‌(36)

- ‌(40)

- ‌(1

- ‌يس:

- ‌(13)

- ‌(20)

- ‌(28)

- ‌(33)

- ‌(37)

- ‌(47)

- ‌(55)

- ‌ الصافات

- ‌(1)

- ‌(22)

- ‌(31)

- ‌(38)

- ‌(62)

- ‌(75)

- ‌(83)

- ‌(133)

- ‌(139)

- ‌(161)

- ‌(171)

- ‌ ص

- ‌(1)

- ‌(12)

- ‌(34)

- ‌(55)

- ‌(65)

- ‌ الزمر

- ‌(1)

- ‌(5)

- ‌(8)

- ‌(21)

- ‌(24)

- ‌(32)

- ‌(36)

- ‌(60)

- ‌(67)

- ‌غافر

- ‌(18)

- ‌(21)

- ‌(28)

- ‌(41)

- ‌(47)

- ‌(53)

- ‌(64)

- ‌(69)

- ‌(77)

- ‌(82)

- ‌ فصلت

- ‌(1)

- ‌(6)

- ‌(9)

- ‌(13)

- ‌(25)

- ‌(33)

- ‌(37)

- ‌(40)

- ‌(47)

- ‌(49)

- ‌(52)

- ‌ الشورى

- ‌(1)

- ‌(7)

- ‌(10)

- ‌(15)

- ‌(27)

- ‌(32)

- ‌(42)

- ‌ الزخرف

- ‌(1)

- ‌(9)

- ‌(15)

- ‌(36)

- ‌(41)

- ‌(57)

- ‌(63)

- ‌(67)

- ‌(74)

- ‌(86)

الفصل: الجزء العشرون فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ

الجزء العشرون

فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُون ‌

(56)

فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ (57) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (58)

شرح الكلمات:

فما كان جواب قومه: أي لم يكن لهم من جواب إلا قولهم أخرجوا.

آل لوط: هم لوط عليه السلام وامرأته المؤمنة وابنتاه.

من قريتكم: أي مدينتكم سَدوم.

يتطهرون: أي يتنزهون عن الأقذار والأوساخ.

قدرناها من الغابرين: أي حكمنا عليها أن تكون من الهالكين.

فساء مطر المنذرين: أي قبح مطر المنذرين من أهل الجرائم أنه حجارة من سجيل.

معنى الآيات:

هذه بقية قصص لوط عليه السلام إنه بعد أن أنكر لوط عليه السلام على قومه فاحشة اللواط وأنَّبَهم عليها، وقبّح فعلهم لها أجابوه مهددين له بالطرد والإبعاد من القرية كما أخبر تعالى عن ذلك بقوله:{فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ} أي لم يكن لهم من جواب يردون به على لوط عليه السلام {إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم} أي إلا قولهم {إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ} . وعللوا لقولهم هذا بقولهم {إِنَّهُمْ أُنَاسٌ (1) يَتَطَهَّرُون} . أي يتنزهون عن الفواحش. قالوا هذا تهكماً، لا إقراراً منهم على أن الفاحشة قذر يجب التنزه عنه. ولما بلغ بهم الحد إلى تهديد نبي الله لوط عليه السلام بالطرد والسخرية منه أهلكهم الله تعالى وأنجى لوطاً وأهله إلا إحدى امرأتيه وكانت عجوزا كافرة وهو معنى قوله تعالى في الآية (57){فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ (2) } حكمنا ببقائها مع الكافرين لتهلك معهم. وقوله تعالى في الآية (58){وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَراً} هو بيان لكيفية إهلاك قوم لوط بأن

1- أي: عن أدبار الرجال استهزاءً منهم: قاله مجاهد، وقال قتادة: عابوهم والله بغير عيب بأنهم يتطهرون من أعمال السوء.

2-

{من الغابرين} قال ابن كثير: أي من الهالكين مع قومها لأنها كانت ردءًا على دينهم وعلى طريقتهم في رضاها بأفعالهم القبيحة، فكانت تدل قومها على ضيفان لوط ليأتوا إليهم.

ص: 32

أمطر عليهم حجارة من سجيل منضود فأهلكهم. {فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (1) } أي قبح هذا المطر من مطر المنذرين الذين كذبوا بما أنذروا به وأصروا على الكفر والمعاصي. وهذا المطر كان بعد أن جعل الله عاليَ بلادهم سافلها، أردف خسفها بمطرٍ من حجارة لتصيب من كان بعيداً عن المدُن.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1-

بيان سنة أن الظلمة إذا أعيتهم الحجج والبراهين يفزعون إلى القوة.

2-

بيان سنة أن المرء إذا أدْمن على قبح قول أو عمل يصبح غير قبيح عنده.

3-

سنة إنجاء الله أولياءه وإهلاكه أعداءه بعد إصرار المنذَرين على الكفر والمعاصي.

قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ (59) أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (60) أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلالَهَا أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَإِلَهٌ مَعَ اللهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (61) أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ (62) أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ

1- الذين قامت عليهم الحجة ووصل إليهم الإنذار فخالفوا الرسول وكذبوه وهمّوا بإخراجه من بينهم.

ص: 33

رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللهِ تَعَالَى الله عَمَّا يُشْرِكُونَ (63) أَمَّنْ يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (64)

شرح الكلمات:

اصطفى: أي اختارهم لحمل رسالته وإبلاغ دعوته.

آلله خير: أي لمن يعبده.

حدائق ذات بهجة: أي بساتين ذات منظر حسن لخضرتها وأزهارها.

يعدلون: أي بربهم غيره من الأصنام والأوثان.

جعل الأرض قراراً: أي قارة ثابتة لا تتحرك ولا تضطرب بسكانها.

وجعل خلالها أنهاراً: أي جعل الأنهار العذبة تتخللها للشرب والسقي.

وجعل لها رواسي: أي جبالاً أرساها بها حتى لا تتحرك ولا تميل.

بين البحرين حاجزا: أي فاصلاً لا يختلط أحدهما بالآخر.

ويكشف السوء: أي الضر، المرض وغيره.

قليلا ما تذكرون: أي ما تتعظون إلا قليلا.

بُشراً بين يدي رحمته: أي مبشرة بين يدي المطر إذ الرياح تتقدم ثم باقي المطر.

أمن يبدأ الخلق ثم يعيده: أي يبدؤه في الأرحام، ثم يعيده يوم القيامة.

هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين: أي حجتكم إن كنتم صادقين أن مع الله إلها آخر فعل ما ذكر.

معنى الآيات:

لما أخبر الله تعالى رسوله بإهلاك المجرمين ونجاة المؤمنين أمر تعالى رسوله أن يحمده على ذلك تعليماً له ولأمته إذا تجددت لهم نعمة أن يحمدوا الله تعالى عليها ليكون ذلك من شكرها قال تعالى {قُلِ الْحَمْدُ (1) لِلَّهِ} أي الوصف بالجميل لله استحقاقا.

1- قال بعضهم: المأمور بالحمد هنا: لوط عليه السلام ورد وهو الحق أن المأمور به هو رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ص: 34

{وَسَلامٌ (1) عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى (2) } الله لرسالته وإبلاغ دعوته إلى عباده ليعبدوه فيكملوا ويسعدوا على ذلك في الحياتين.

وقوله تعالى: {آللَّهُ (3) خَيْرٌ أَمَّا (4) يُشْرِكُونَ} أي آالله الخالق الرازق المدبر القوي المنتقم من أعدائه المكرم لأوليائه؛ عبادته خير لمن يعبده بها أم عبادة من يشركون. فقوله {أَمَّنْ (5) خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} أي لحاجتكم إليه غسلا وشربا وسقيا {فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ} أي بساتين محدقة بالجدران والحواجز {ذَاتَ بَهْجَةٍ} أي حسن وجمال، {مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا} أي لم يكن في استطاعتكم أن تنبتوا شجرها {أَإِلَهٌ (6) مَعَ اللهِ} لا والله {بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ} أي يشركون بربهم أصناما ويسوّونها به في العبادات. وقوله تعالى:{أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً (7) } أي قارة ثابتة لا تتحرك بسكانها ولا تضطرب بهم فيهلكوا. {وَجَعَلَ خِلالَهَا أَنْهَاراً} أي فيما بينها. {وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ} أي جبالاً تثبتها، {وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ} العذب والملح {حَاجِزاً} (8) حتى لا يختلط الملح بالعذب فيفسده.

{أَإِلَهٌ مَعَ اللهِ؟} والجواب: لا والله {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ} ولو علموا لما أشركوا

1- أصل السلام: السلامة والأمن ثابتان لمن يسلم عليه عند ملاقاته إذ قد يكون بينهما إحن فكان لفظ السلام كالعهد بالأمان، وقيل: السلام عليكم: كانت تحية البشر في عهد آدم عليه السلام.

2-

قال بعضهم: الذين اصطفوا هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وقيل: هم الصحابة ورد هذا بما هو الحق وهو (أن الذين اصطفوا) هم: رسل الله عليهم السلام وفي الآية تعليم أدب رفيع وهو أن من افتتح كلامه مذكرا أو واعظا أو معلما دارسا يفتتح كلامه بحمد الله والصلاة والسلام على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم.

3-

(آالله) الاستفهام تقريري وهو إلجاء المخاطب إلى الإقرار، وخير هنا: ليست بمعنى أفضل، إذ لا خير البتة في آلهة المشركين وإنما من باب إيهام الخصم بأنه يعترف له بما يعتقده من خير في إلهه، حتى يصغي ويسمع ويتأمل عَلّه يهتدي أو هو مثل قول الشاعر:

أتهجوه ولست له بكفء فشركما لخيركما الفداء

4-

(أمّا) أصلها: أم المعادلة للهمزة وما: الموصولية أدغمت فيها أم فصارت أمّا والعائد محذوف تقديره: تشركونها، أي آلهتهم بالله تعالى.

5-

(أم) المنقطعة بمعنى بل للإضراب الانتقالي من الاستفهام التهكمي للاستفهام التقريري أي: الذي خلق السموات وما عطف عليها خير وأحق بالعبادة.

6-

هذا استئناف كالنتيجة للكلام قبلها لأن إثبات الخلق والرزق لله تعالى بدليل لا يسعهم إلا الإقرار به ينتج أنه لا إله معه، والاستفهام إنكاري أي: إنكار وجود إله مع الله الخالق الرازق والجواب: لا إله مع الله.

7-

القرار: مصدر قرّ يقرّ قرارا الشيء: إذا سكن وثبت، وصفت الأرض بالقرار مبالغة في سكونها وثباتها حيث لا تتحرك ولا تضطرب بأهلها على مدى الحياة في حين أنها سابحة في الفضاء متحركة في كل لحظة فسبحان الله العلي القدير العزيز الحكيم.

8-

إنّ هذا الحاجز ليس جسما غير الماء إنما هو تفاوت الثقل النسبي لاختلاف أجزاء الماء المركب منها الماء المالح والماء العذب، فالحاجز حاجز من طعميهما وليس جسماً آخر فاصلا بينهما.

ص: 35

بالله مخلوقاته. وقوله تعالى {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ (1) إِذَا دَعَاهُ} أي ليكشف ضره {وَيَكْشِفُ السُّوءَ} أي يبعده والسوء هو ما يسوء المرء من مرض وجوع وعطش وقحط وجدب. {وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ} جعل جيلاً يخلف جيلاً وهكذا الموجود خلف لمن سلف وسيكون سلفاً لمن خلف {أَإِلَهٌ (2) مَعَ اللهِ} والجواب لا إله مع الله {قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ} أي ما تتعظون إلا قليلا بما تسمعون وترون من آيات الله.

وقوله تعالى: {أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} في الليل بالنجوم وفي النهار بالعلامات الدالة والهادية إلى مقاصدكم {وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} أي من يثير الرياح ويرسلها تتقدم المطر وتبشر به؟ لا أحد غير الله إذاً.. {أَإِلَهٌ مَعَ اللهِ} . والجواب: لا، لا.. الله وحده الإله الحق وما عداه فباطل.

وقوله تعالى: {تَعَالَى الله عَمَّا يُشْرِكُونَ} نزه تعالى نفسه عن شرك المشركين أصناما لا تبدئ ولا تعيد ولا تخلق ولا ترزق ولا تعطي ولا تمنع. وقوله تعالى: {أَمَّنْ يَبْدأُ الْخَلْقَ} أي نطفاً في الأرحام، ثم بعد حياته يميته، ثم يعيده وهو معنى {ثُمَّ يُعِيدُهُ} .

{وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ} بالمطر {وَالْأَرْضِ} بالنبات. والجواب: الله إذاً {أَإِلَهٌ مَعَ اللهِ} والجواب: لا، لا وإن قلتم هناك آلهة مع الله {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ} أي حججكم {إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} أن غير الله يفعل شيئاً مما ذكرفي هذا السياق الكريم.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1-

وجوب حمد الله وشكره عند تجدد الشكر، والحمد لله رأس الشكر.

2-

مشروعية السلام عند ذكر الأنبياء عليهم السلام فمن ذكر أحدهم قال عليه السلام.

3-

التنديد بالشرك والمشركين.

4-

تقرير التوحيد بأدلتة الباهرة العديدة.

5-

تقرير البعث الآخر وإثباتها بالاستنباط من الأدلة المذكورة.

6-

لا يثبت الأحكام إلا بالأدلة النقلية والعقلية.

قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (65) بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ

1- قال ابن عباس: المضطر هو: ذو الضرورة المجهود، والضرورة هي: الحال المحوجة إلى الأشياء العسرة الحصول كالجوع والمرض والخوف ونحوهما من العزوبة وقلة ذات اليد.

2-

الاستفهام توبيخي إنكاري أي: إنكار أن يكون مع الله إله آخر لما قام على ذلك من الأدلة والحجج المذكورة، وإله مرفوع بما تعلق به الظرف أو بإضمار يفعل ذلك أي: أإله مع الله يفعل ذلك.

ص: 36

فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ (66) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَإِذَا كُنَّا تُرَاباً وَآبَاؤُنَا أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ (67) لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (68) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (69)

شرح الكلمات:

من في السموات والأرض: الملائكة والناس.

الغيب إلا الله: أي ما غاب عنهم ومن ذلك متى قيام الساعة إلا الله فإنه يعلمه.

أيَّان يبعثون: أي متى يبعثون.

بل ادّارك علمهم في الآخرة: أي تلاحق وهو ما منهم أحد إلا يظن فقط فلا علم لهم بالآخرة بالمرة.

بل هم منها عمون: أي في عمى كامل لا يبصرون شيئا من حقائقها.

أئنا لمخرجون: أي أحياء من قبورنا.

لقد وعدنا هذا: أي البعث أحياء من القبور.

أساطير الأولين: أي أكاذيبهم التي سطروها في كتبهم.

كيف كان عاقبة المجرمين: أي المكذبين بالبعث كانت دمارا وهلاكاً وديارهم الخاوية شاهدة بذلك.

معنى الآيات:

قوله تعالى: {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللهُ} لما سأل المشركون من قريش النبي صلى الله عليه وسلم عن الساعة أمره تعالى أن يجيبهم بهذا الجواب {قُلْ لا يَعْلَمُ} الخ.. والساعة من جملة الغيب بل هي أعظمه. {مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ} من الملائكة {وَالْأَرْضِ} من الناس {إِلَّا (1) اللهُ} أي لكن

1- أخرج مسلم عن عائشة رضي الله عنها قولها: من زعم أن محمدا يعلم ما في غد فقد أعظم على الله الفرية، والله تعالى يقول:{قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله} وذكر القرطبي ما خلاصته: أن منجما أتي به إلى الحجاج فاعتقله ثم أخذ حصيات فعدّها وقال للمنجّم: كم من حصيات في يدي فأخبره بعددها، ثم أخذ أخرى ولم يعدها وسأل المنجم عنها فلم يعرف عددها وكرر هذا ثلاث مرات فلم يعرف المنجم فسأله كيف عرفت في الأولى ولم تعرف في غيرها؟ قال: لأنك لما عددتها خرجت من الغيب فعلمتها أمّا الغيب فلا يعلمه إلا الله.

ص: 37

الله تعالى يعلم غيب السموات والأرض أما غيره فلا يعلم إلا ما علمه الله علام الغيوب. وقوله تعالى: {وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} أي وما يشعر أهل السموات وأهل الأرض متى يبعث الأموات من قبورهم للحساب والجزاء وهذا كقوله تعالى في سورة الأعراف: {يَسْأَلونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً} .

وقوله تعالى: {بَلِ ادَّارَكَ (1) عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ} قرئ {بَلْ أَدْرَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ} أي بلغ حقيقته يوم القيامة إذ يصبح الإيمان بها الذي كان غيبا شهادة ولكن لا ينفع صاحبه يومئذ. وقرئ {بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ} أي علم المشركين بالآخرة. أي تلاحق وأدرك بعضه بعضا وهو أنه لا علم لهم بها بالمرة. ويؤيد هذا المعنى قوله تعالى: {بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ (2) } أي لا يرون شيئا من دلائلها، ولا حقائقها بالمرة ويدل على هذا ما أخبر به تعالى عنهم من أنهم لا يؤمنون بالساعة بالمرة قي قوله {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَإِذَا (3) كُنَّا تُرَاباً وَآبَاؤُنَا أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ} أي من قبورنا أحياء. والاستفهام للإنكار الشديد ويؤكدون إنكارهم هذا بقولهم:

{لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ} أي من قبل أن يعدنا محمد. {إِنْ هَذَا} أي الوعد بالبعث والجزاء {إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} أي أكاذيبهم وحكاياتهم التي يسطرونها في الكتب ويقرأونها على الناس. وقوله تعالى في آخر آية من هذا السياق (69){قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ} أي قل لهم يا رسولنا سيروا في الأرض جنوبا أو شمالا أو (4) غربا {فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ} أي أهلكناهم لما كذبوا بالبعث كما كذبتم، فالقادر على خلقهم ثم إماتتهم قادر قطعا على بعثهم وإحيائهم لمحاسبتهم وجزائهم بكسبهم. فالبعث إذاً ضروري لا ينكره ذو عقل راجح أبدا.

1- أصل: (ادّارك) تدارك فسكنت التاء وأدغمت في الدال وجلبت همزة الوصل فصارت: ادّارك.

2-

(عمون) أصلها: عميون: حذفت الياء وضمت الميم تخفيفا، والمفرد عم.

3-

قرأ نافع: (إذا كنا) بدون همزة استفهام، وبتسهيل همزة أينا، وقرأ حفص بهمزتين محققتين أإذا وإئنا.

4-

جنوبا حيث ديار عاد، وشمالا حيث ديار ثمود، وغربا حيث مدين والمؤتفكات.

ص: 38