الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1-
دعاة الدعارة والخنا والضلال والشرك أئمة أهل النار يدعون إليها وهم لا يشعرون.
2-
بيان إفضال الله تعالى على بني إسرائيل بإنزال التوراة فيهم كتاباً كله بصائر وهدى ورحمة.
وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ
(44)
وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُوناً فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَمَا كُنْتَ ثَاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (45) وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (46) وَلَوْلا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (47)
شرح الكلمات:
وما كنت بجانب الغربي: أي لم تكن يا رسولنا حاضراً بالجانب الغربي من موسى.
إذا قضينا إلى موسى الأمر: أي بالرسالة إلى فرعون وقومه.
وما كنت من الشاهدين: حتى تعلمه وتخبر به.
ولكنا أنشأنا قرونا فتطاول عليهم العمر: أي غير أننا أنشأنا بعد موسى أمما طالت أعمارهم فنسوا العهود وأندرست العلوم وانقطع الوحي فجئنا بك رسولاً وأوحينا إليك خبر موسى وغيره.
وما كنت ثاويا في أهل مدين: أي ولم تكن يا رسولنا مقيماً في أهل مدين فتعرف قصتهم.
وما كنت بجانب الطور إذ نادينا: أي لم تكن بجانب الطور أي جبل الطور إذ نادينا موسى وأوحينا إليه ما أوحينا حتى تخبر بذلك.
ما أتاهم من نذير من قبلك: أي أهل مكة والعرب كافة.
ولولا أن تصيبهم مصيبة الخ: لعاجلناهم بالعقوبة ولما أرسلناك إليهم رسولا.
معنى الآيات:
بعد انتهاء قصص موسى مع فرعون وإنزال التوراة {بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} وكان القصص كله شاهداً على نبوة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم خاطب الله تعالى رسوله فقال: {وَمَا كُنْتَ} أي حاضراً {بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ} أي بالجبل الغربي من موسى {إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ (1) } بإرساله رسولاً إلى فرعون وملئه {وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ} الحاضرين إذاً فكيف علمت هذا وتتحدث به لولا أنك رسول حق؟!
وقوله: {وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا (2) قُرُوناً} أي أمما بعد موسى {فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ} أي طالت بهم الحياة وامتدت فنسوا العهود واندرست العلوم الشرعية وانقطع الوحي فجئنا بك رسولاً وأوحينا إليك خبر موسى وغيره وقوله: {وَمَا كُنْتَ ثَاوِياً} أي مقيماً {فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا} فكيف عرفت حديثهم وعرفت إقامة موسى بينهم عشر سنين لولا أنك رسول حق يوحى إليك نبأ الأولين وهو معنى قوله تعالى {وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ} فأرسلناك رسولاً وأوحينا إليك أخبار الغابرين.
وقوله: {وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ} أي جبل الطور {إِذْ نَادَيْنَا} موسى وأمرناه بما أمرناه وأخبرناه بما أخبرنا به، فيكف عرفت ذلك وأخبرت به لولا أنك رسول حق يوحى إليك. وقوله تعالى:{وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ (3) رَبِّكَ} أي أرسلنا رحمة من ربك للعالمين {لِتُنْذِرَ قَوْماً مَا أَتَاهُمْ
1- إذ كلفّناه أمرنا ونهيناه وألزمناه عهدنا.
2-
(ولكنا أنشأنا) الخ وجه هذا الاستدراك أن المشركين لما تعجبوا من رسالة محمد صلى الله عليه وسلم حين لم يسبقها رسالة إلى آبائهم فأعلمهم أن الله تعالى أرسل موسى بعد فترة من الرسل كذلك ولكن لطول الزمن ومضي القرون نسوا رسالة موسى عليه السلام حتى قالوا: ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة.
3-
أي: ما كان علمك بذلك لحضورك ولكن كان علمك رحمة من ربك فرحمة: منصوب في الآية على تقدير كون محذوف أي: كان علمك رحمة. ويصح النصب على المفعول المطلق أي: ولكن رحمناك رحمة فعلمناك ذلك بواسطة إيحائنا إليك.
مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ} وهم أهل مكة والعرب أجمعون {لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} أي كي يتعظوا فيؤمنوا ويهتدوا فينجوا ويسعدوا.
وقوله تعالى: {وَلَوْلا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ (1) } أي عقوبة {بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ} أي من الشرك والمعاصي {فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً} أي هلا أرسلت إلينا رسولاً {فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} أي لولا قولهم هذا لعاجلناهم (2) بالعذاب ولما أرسلناك إليهم رسولاً إذاً فمالهم لا يؤمنون ويشكرون؟؟!
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1-
تقرير النبوة المحمدية بأقوى الأدلة العقلية.
2-
بعثة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم جاءت في أوانها واشتداد الحاجة إليها.
3-
البعثة المحمدية كانت عبارة عن رحمة إلهية رحم الله بها العالمين.
4-
جواب {لولا} في قوله {وَلَوْلا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ} . محذوف وقد ذكرناه وهو لعاجلناهم بالعقوبة ولما أرسلناك إليهم ورسولا.
فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ (48) قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (49) فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (50) وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (51)
1- (لولا) هنا حرف امتناع لوجود، امتنع إنزال العذاب بهم لوجود قولهم (لولا أرسلت إلينا رسولاً فنتبع آياتك) أما لولا الثانية فهي أداة تحضيض.
2-
في الآية معنى (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) .
شرح الكلمات:
فلما جاء هم الحق من عندنا: أي محمد صلى الله عليه وسلم رسولا مبينا.
قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى: أي هلا أعطي مثل ما أعطي موسى من الآيات المعجزات من العصا واليد أو كتابا جملة واحدة كالتورة.
أو لم يكفروا بما أوتي موسى من قبل: أي كيف يطالبونك بأن تؤتى مثل ما أوتي موسى وقد كفروا بما أوتي موسى من قبل لما أخبرهم اليهود أنهم يجدون نعت محمد في التوراة كفروا بهذا الخبر ولم يقبلوه.
وقالوا سحران تظاهرا: أي التوراة والقرآن كلاهما سحر ظاهر بعضهما بعضاً أي قواه.
فإن لم يستجيبوا لك: أي بالإتيان بالكتاب الذي هو أهدى من التوراة والقرآن.
فاعلم أنما يتبعون أهواءهم: في كفرهم ليس غير، فلا عقل ولا كتاب منير.
ومن أضل ممن اتبع هواه: أي لا أضل منه قط.
ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون: أي بأخبار الأولين وما أحللنا بهم من نقمتنا لما كذبوا رسلنا وأنكروا توحيدنا {لعلهم يتذكرون} أي يتعظون فيؤمنون ويوحدون.
معنى الآيات:
لما قرر تعالى نبوة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم بأدلته التي لا أقوى منها ولا أوضح وبين حاجة العالم إليها لا سيما العرب وذكر أنه لولا كراهة وقولهم: {لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} لما أرسل (1) إليهم رسوله. ذكر هنا ما واجه به المشركون تلك الرحمة المهداة فقال عنهم {فَلَمَّا جَاءَهُمُ (2) الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا} أي محمد النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: {لَوْلا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى} أي من الآيات كالعصا واليد البيضاء حتى نؤمن به ونصدق رسالته قال
1- ولأخذهم بالعذاب جزاء كفرهم وشركهم وفسادهم.
2-
هذه الفاء هي الفصيحة أفصحت عن جواب طلب متقدم وهو قول المشركين. لولا أرسلت إلينا رسولاً أي: هلاّ أرسلت إلينا رسولاً مطالبين بذلك بإلحاح.
تعالى: {أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا} (1) . وقالوا: {إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ} وذلك أن قريشا لما كثر المؤمنون وهالهم الموقف بعثوا إلى يهود المدينة يسألونهم بوصفهم أهل الكتاب الأول عن مدى صدق محمد صلى الله عليه وسلم فيما يقوله فأجابهم اليهود بأنهم يجدون نعوت النبي الأمي في التوراة وأنه رسول حق وليس بكذاب ولا دجال فما كان من المشركين من قريش إلا أن أعلنو كفرهم بالتوراة وقالوا: التوراة والقرآن {سِحْرَانِ (2) } تعاونا فلا نؤمن بهما ولا نصدق من جاء بهما وقرئ {سَاحِرَانِ} أي موسى ومحمد عليهما السلام فلا نؤمن بهما.
هذا معنى قوله تعالى {أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ} أي بكل منهما كافرون.
فكيف لا يخجلون اليوم ويطالبون محمداً أن يعطى مثل الذي أعطي موسى من الآيات يا للعجب أين يذهب بعقول المشركين؟!!
وقوله تعالى: {قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللهِ} أي قل يا رسولنا لهؤلاء المشركين الذين كفروا بالتوراة والقرآن {فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللهِ} أنزله بعلمه يكون أكثر هداية من التوراة والقرآن.. أتبعه! {إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} في دعواكم بأن الفرقان والتوراة سحران تظاهرا.
وقوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ} بالإتيان بكتاب من عند الله تعالى هو أهدى من الفرقان والتوراة ومن أين لهم بذلك.. إنه المستحيل! إذاً فاعلم أنهم إنما يتبعون أهواءهم فيما يقولون ويدعون فلا عقل ولا نقل عندهم {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ} ؟! اللهم إنه لا أضل منه. والنتيجة أنه لا أضل من هؤلاء المشركين من قريش وقوله تعالى {إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ (3) الظَّالِمِينَ} هذا بيان لسنة الله تعالى في الظالمين الذين أكثروا من الظلم وتوغلوا فيه عقيدة بالشرك وعملا بالمعاصي فإنه يحرمهم الهداية فلا يهتدون أبدا.
وقوله تعالى: {وَلَقَدْ (4) وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} أي لقد وصلنا لهؤلاء المشركين
1- أي: موسى ومحمد تعاونا على السحر.
2-
قرأ نافع (ساحران تظاهرا) وقرأ حفص: (سحران) إخبار بالمصدر.
3-
المراد بالظالمين: الكاملون في الظلم وهو ظلم الأنفس وظلم الناس وظلم الشرك وهو أعظمها. (إن الشرك لظلم عظيم) وكذا إتيان الفواحش.
4-
التوصيل مبالغة في الوصل وهو: ضمّ شيء إلى شيء وربطه به، والقول القرآن ألفاظه وصل بعضها ببعض إذ نزل منجما كلما نزل آي وصل بالآخر حتى اكتمل، ووصلت معانيه بعضها ببعض بإحكام وإتقان لم يُعهد في كتاب غيره وصل وعده بوعيده وترغيبه بترهيبه.