الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِين (1) ٌ
(6)
وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (7)
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ (8)
خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ اللهِ حَقّاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (9) خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (10) هَذَا خَلْقُ اللهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (11)
شرح الكلمات:
ومن الناس: أي ومن بعض الناس إنسان هو النضر بن الحارث بن كلدة حليف قريش.
لهو الحديث: أي الحديث الملهي عن الخير والمعروف وهو الغناء.
ليضل عن سبيل الله: أي ليصرف الناس عن الإسلام ويبعدهم عنه فيضلوا.
ويتخذها هزواً: أي ويتخذ الإسلام وشرائعه وكتابه هزواً أي مهزوءاً به مسخوراً منه.
ولّى مستكبراً: أي رجع في كبرياء ولم يستمع إليها كفراً وعناداً وكبراً كأن لم يسمعها.
في أذنيه وقراً: أي ثقل يمنع من السماع كالصمم.
بغير عمدٍ ترونها: أي بدون عمد مرئية لكم ترفعها حتى لا تقع على الأرض.
رواسي: أي جبال راسية في الأرض بها ترسو الأرض أي تثبت حتى لا تميل.
1 - هذا عطف على جملة (تلك آيات الكتاب الحكيم) كأنما قال كانت تلك حال الكتاب الحكيم وهي حال تدعو إلى كل كمال وإن من الناس معرضين عنه يؤثرون لهو الحديث ففي الإخبار تعجب من حال هذا الإنسان الذي يعرض عن الهدى إلى الضلال وعن الخير إلى الشر
وبث فيها من كل دابة: أي وخلق ونشر فيها من صنوف الدواب وهي كل ما يدب في الأرض.
من كل زوج كريم: أي من كل صنف من النباتات جميل نافع لا ضرر فيه.
هذا خلق الله: أي المذكور مخلوقة لله تعالى إذ هو الخالق لكل شيء.
من دونه: أي من الآلهة المزعومة التي يعبدها الجاهلون.
بل الظالمون: أي المشركون.
معنى الآيات:
لما ذكر تعالى عباده المحسنين وأثنى عليهم بخير وبشرهم بالفلاح والفوز المبين ذكر صنفا آخر على النقيض من الصنف الأول الكريم فقال: {وَمِنَ النَّاسِ (1) مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ (2) لِيُضِلَّ (3) عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ} أي ومن بعض الناس إنسان هو النضر بن الحارث الكلدي حليف قريش يشتري لهو الحديث أي الغناء إذ كان يشتري الجواري المغنيات ويفتح نادياً للهو والمجون ويدعوا الناس إلى ذلك ليصرفهم عن الإسلام حتى لا يجلسوا إلى نبيّه ولا يقرأوا كتابه بغير علم منه بعاقبة صنيعه وما يكسبه من خزي وعار وعذاب النار. وقوله {وَيَتَّخِذَهَا (4) هُزُواً} أي يتخذ سبيل الله التي هي الإسلام هزواً أي شيئاً مهزوءا به مسخوراً منه بما في ذلك الرسول والمؤمنون والآيات الكلّ يهزأ به ويسخر منه لجهله وظلمة نفسه. قال تعالى {أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِين} أي أولئك البعداء وهم كل من يشتري الغناء يغني به نساء ورجال أو آلات ممن اتخذوا الإسلام وشرائعه هزواً وسخرية ليصدوا أنفسهم وغيرهم عن سبيل الله الموصلة إلى رضاه ومحبته وجنته. أولئك: مَن تلك صفتهم لهم عذاب مهين بكسر أنوفهم وبذلهم يوم القيامة وقوله تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ
1 - معنى الكلام من الناس – يا للعجب- من يشغله لهو الحديث والولوع به عن الاهتداء بآيات الكتاب الحكيم، هذه الآية إحدى ثلاث آيات في القرآن الكريم تحرم الغناء والأولى آية بني إسرائيل وهي قوله تعالى (واستفزز من استطعت منهم بصوتك) والثانية آية النجم:(وأنتم سامدون) قال ابن عباس هو الغناء بالحميرية يقال أسمدنا أي غنّي لنا.
2 -
لهو الحديث هو الغناء، صح أن ابن مسعود رضي الله عنه سئل عن لهو الحديث فقال بالله الذي لا إله إلا هو ثلاث مرات إنه الغناء وقال ابن جرير الطبري قد أجمع علماء الأمصار على كراهة الغناء والمنع منه وإنما فارق الجماعة إبراهيم بن سعد وعبيد الله العنبري وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم عليكم بالسواد الأعظم، ومن فارق الجماعة مات ميتة جاهلية.
3 -
قرأ الجمهور ليضل بضم الياء أي ليضل غيره فهو إذاً ضال مضل وقرأ ابن كثير ليضل بفتح الياء أي ليزداد ضلالا على ضلال.
4 -
قرأ نافع بالرفع عطفاً على يشتري وقرأ حفص بالفتح عطفاً على ليضل.
آيَاتُنَا وَلَّى (1) مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً} أي إذا قرئت على هذا الصنف من الناس آيات الله لتذكيره وهدايته رجع مستكبراً كأن لم يسمعها تتلى عليه وهي حالة من أقبح الحالات لدلالتها على خبث هذا الصنف من الناس وكبرهم. وقوله {كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً} (2) كأن به صمم لا يسمع القول وهنا عجّل الله له بما يحزنه ويخزيه فقال لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم {فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} والتبشير بما يضر ولا يسر يحمل معه التهكم وهذا النوع من الناس مستحق لذلك وقوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ خَالِدِينَ فِيهَا} هذا صنف آخر مقابل لما قبله وهم أهل الإيمان والعمل الصالح بشرهم ربهم بجنات النعيم والخلود فيها وقوله {وَعْدَ اللهِ حَقّاً} أي (3) وعدهم بذلك وعداً صادقاً لا يخلف وأحقه لهم حقاً لا يسقط. {وَهُوَ الْعَزِيزُ} أي الغالب الذي لا يحال بينه وبين مراده الحكيم الذي يضع كل شيء في موضعه.
وقوله {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا (4) } أي من مظاهر قدرته وعزته وحكمته خلقُه السموات ورفعها بغير عمد مرئية لكم وفي هذا التعبير إشارة إلى أن هناك أعمدة غير مرئية وهي سنة نظام الجاذبية التي خلقها بقدرته وجعل الأجرام السماوية متماسكة بها. وقوله: {وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ} أي من مظاهر قدرته وحكمته إلقاء الجبال الرواسي على الأرض لتحفظ توازنها حتى لا تميل بأهلها فيفسد ويسقط ما عليها وتنعدم الحياة عليها وهو معنى {أَنْ تَمِيدَ (5) بِكُمْ} أي تميل، وإذا مالت تصدع كل ما عليها وخرب وقوله:{وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ} وهذا مظهر من مظاهر القدرة والعلم والحكمة الموجبة للإيمان بالله ولقائه والمستلزمة لتوحيده تعالى في عبادته، فسائر أنواع الدواب على كثرتها واختلافها الله الذي خلقها وفرقها في الأرض تعمرها وتزينها. وقوله {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} وهو ماء المطر {فَأنْبَتَ بِهِ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ} أي صنف من أصناف الزروع والنباتات مما
1 - (ولى) هذا تمثل للإعراض عن آيات الله التي تتلى عليه ومستكبراً حال مُبينة وأن إعراضه كان لا عن إهمال أو تفريط وإنما كان عن كبر كأن لم يسمعها تكرار التشبيه لفائدة الإخبار بأنه مرة لم يسمعها مع وجود حاسة السمع وأخرى مع عدم وجودها.
2 -
قرأ نافع أذنيه بإسكان الذال تخفيفاً وقرأ الجمهور أذنيه بتحريك الذال مضمومة.
3 -
انتصاب وعد الله على المفعول المطلق وانتصاب حقاً على الحال.
4 -
ترونها في محل جر نعت لعمدٍ ومعنى هذا أن هناك عمداً غير مرئية ويجوز أن تكون في محل نصب على الحال من السموات.
5 -
أي كراهية أن تميد بكم أي تميل أو لئلا تميد والكل جائز.
هو نافع وصالح للإنسان هذا المذكور مظهر من مظاهر القدرة الإلهية والعلم والحكمة الربانية الموجبة للإيمان بالله وآياته ولقائه وتوحيده في عباداته ومن هنا قال تعالى: {هَذَا (1) خَلْقُ اللهِ} أي كل ما ذكر من المخلوقات في الآيات هو مخلوق لله والله وحده خالقه فأروني أيها المشركون المكذبون ماذا خلق الذين تعبدونهم من دونه من سائر المخلوقات يتحداهم بذلك. فعجزوا. وقوله تعالى {بَلِ (2) الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} أي إنهم عبدوا غير الله وكذبوا بلقاء الله لا عن علم لديهم أو شبهه كانت لهم بل الظالمون وهم المشركون في ضلال مبين فهم تائهون في أودية الضلال حيارى بجهلهم في حياتهم فدواؤهم العلم والإيمان فمتى آمنوا وعلموا لم يبق مجال لكفرهم وشركهم وعنادهم فلهذا فصّل تعالى الآيات وعرض الأدلة والحجج عرضاً عجيباً لعلهم يذكرون فيؤمنوا ويوحدوا فيكملوا ويسعدوا فضلاً منه ورحمة. وهو العزيز الرحيم.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1-
حرمة غناء النساء للرجال الأجانب.
2-
حرمة شراء الأغاني في الأشرطة والاسطوانات التي بها غناء العواهر والخليعين من الرجال.
3-
حرمة حفلات الرقص والغناء الشائعة اليوم في العالم كافره ومسلمه.
4-
دعوة الله تقوم على دعامتي الترهيب والترغيب والبشارة والنذارة.
5-
بيان شتّى مظاهر القدرة والعلم والعز والحكمة الموجب للإيمان والتوحيد.
6-
لا قصور في الأدلة والحجج الإلهية وإنما ضلال العقول بالشرك والمعاصي هو المانع من الاهتداء. والعياذ بالله تعالى.
وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا
1 - خلق الله بمعنى مخلوقه.
2 -
بل للإضراب الانتقالي من المجادلة إلى تسجيل ضلالهم وهو اعتقادهم إلهية الأصنام كما يقول لمناظر دع عنك هذا وانتقل إلى كذا.