الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائيلَ
(23)
وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ (24) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (25) أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ أَفَلا يَسْمَعُونَ (26)
شرح الكلمات:
ولقد آتينا موسى الكتاب: أي أنزلنا عليه التوراة.
فلا تكن في مرية من لقائه: أي فلا تشك في لقائك بموسى عليه السلام ليلة الإسراء والمعراج.
وجعلناه هدى لبني إسرائيل: أي جعلنا الكتاب "التوراة" هدى أي هادياً لبني إسرائيل.
وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا: أي وجعلنا من بني إسرائيل أئمة أي قادة هداة يهدون الناس بأمرنا لهم بذلك وإذننا به.
وكانوا بآياتنا يوقنون: أي وكان أولئك الهداة يوقنون بآيات ربهم وحججه على عباده وما تحمله الآيات من وعد ووعيد.
إن ربك هو يفصل بينهم يوم القيامة: أي بين الأنبياء وأممهم وبين المؤمنين والكافرين والمشركين والموحدين.
فيما كانوا فيه يختلفون: من أمور الدين.
أو لم يهد لهم: أي أغفلوا ولم يتبيّن.
كم أهلكنا من قبلهم من القرون: أي إهلاكنا لكثير من أهل القرون من قبلهم بكفرهم وشركهم وتكذيبهم لرسلهم.
يمشون في مساكنهم: أي يمرون ماشين بديارهم وهي في طريقهم إلى الشام كمدائن صالح وبحيرة لوط ونحوهما.
إن في ذلك لآيات: أي دلائل وعلامات على قدرة الله تعالى وأليم عقابه.
أفلا يسمعون: أي أصمّوا فلا يسمعوا هذه المواعظ والحجج.
معنى الآيات:
قوله تعالى {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى (1) الْكِتَابَ} أي أعطينا موسى بن عمران أحد أنبياء بني إسرائيل الكتاب الكبير وهو التوراة. إذاً فلم ينكر عليك المشركون أن يؤتيك ربك القرآن كما آتى موسى التوراة، وفي هذا تقرير لأصل من أصول العقيدة وهي الوحي والنبوة المحمدية. وقوله {فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ (2) } أي فلا تكن يا محمد في شك (3) من لقائك موسى ليلة الإسراء والمعراج فقد لقيه وطلب إليه أن يراجع ربّه في شأن الصلاة فراجع حتى أصبح خمساً بعد أن كانت خمسين وقوله {وَجَعَلْنَاهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائيلَ} أي الكتاب أو موسى كلاهما كان هادياً لبني إسرائيل إلى سبيل السلام والصراط المستقيم. وقوله {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً} أي قادة هداة يهدون الناس إلى ربهم فيؤمنون به ويعبدونه وحده فيكملون على ذلك ويسعدون وذلك بأمره تعالى لهم بذلك. وقوله {لَمَّا صَبَرُوا} أي عن أذى أقوامهم (4) ، {وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ} الحاملة لأمرنا ونهينا، ووعدنا ووعيدنا {يُوقِنُونَ} أي تأهلوا لحمل رسالة الدعوة بشيئين: الصبر على الأذى واليقين التام بصحة ما يدعون إليه ونفعه ونجاعته وقوله تعالى {إِنَّ رَبَّكَ (5) هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} يخبر تعالى رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بأنه سبحانه وتعالى الذي يفصل بين المختلفين من الأنبياء وأممهم، وبين الموحدين والمشركين والسنيين والبدعيين فيحكم بإسعاد أهل الحق وإشقاء أهل الباطل وفي الآية تسلية للرسول وتخفيف عليه مما يجد في نفسه من خلاف قومه له.
1 - هذا الإخبار استطراد المراد به تسلية النبي صلى الله عليه وسلم والفاء في قوله فلا تكن للتفريع.
2 -
وجائز أن يكون المعنى فلا تكن في شك من أنك لقيته ليلة الإسراء والمعراج وقيل فلا تكن في شك من لقاء موسى الكتاب بالقبول وقيل فلا تكن في شك من أنه سيلقاك من الأذى والتكذيب ما لقيه موسى، وما في التفسير هو الحق.
3 -
المرية: الشك والتردد والمقصود من النهي التثبيت كقوله {فلا تك في مرية مما يعبد هؤلاء} وليس النهي لطلب ترك الشك إذ لم يكن شك قط.
4 -
لما صبروا لما بمعنى حين صبروا عن أذى أقوامهم، وقرأ خلاف الجمهور لما صبروا أي لأجل صبرهم جعلناهم أئمة، فما مصدرية واللام قبلها لام التعليل.
5 -
هو ضمير فصل ومعنى يفصل يقضي ويحكم.
وقوله {أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ} أي أعموا (1) فلم يبيّن لهم إهلاكنا لأمم كثيرة {يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ (2) } مارّين بهم في أسفارهم إلى الشام كمدائن صالح، وبلاد مدين، وبحيرة لوط إنا قادرون على إهلاكهم إن أصروا على الشرك والتكذيب كما أهلكنا القرون من قبلهم. وقوله {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ} أي في إهلاكنا أهل القرون الأولى لما أشركوا وكذبوا دلالات وحججا وبراهين على قدرة الله وشدة انتقامه ممن كفر به وكذب رسوله وقوله {أَفَلا يَسْمَعُونَ (3) } أي أصموا فلا يسمعون هذه المواعظ التي تتلى عليهم فيتوبوا من الشرك والتكذيب فينجوا ويسعدوا.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1-
تقرير النبوة المحمدية وتأكيد قصة الإسراء والمعراج.
2-
الكتاب والسنة كلاهما هاد للعباد إن طلبوا الهداية فيهما.
3-
بيان ما تنال به الإمامة في الدين. وهو الصبر وصحة اليقين.
4-
كل خلاف كان في هذه الحياة سينتهي بحكم الله تعالى فيه يوم القيامة.
5-
في إهلاك الله تعالى للقرون السابقة أكبر واعظ لمن له قلب وسمع وبصيرة.
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلا يُبْصِرُونَ (27) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (28) قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (29) فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ (30)
1 - هذا بناء على أن همزة الاستفهام داخلة على محذوف والاستفهام للإنكار عليهم عدم رؤيتهم مصارع الهالكين من قبلهم وهي واضحة بينة فضمن يهد معنى يبين فلذا عدي باللام ومثله (أو لم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها) آية الأعراف.
2 -
جملة يمشون في محل نصب على الحال.
3 -
الاستفهام تقريري مشوب بالتوبيخ واختير لفظ يسمعون لأن أخبار الأمم الهالكة كانت شائعة مستفيضة بينهم فلم لا يسمعون سماع اتعاظ واعتبار.
شرح الكلمات:
أو لم يروا أنا نسوق الماء: أي أغفلوا ولم يروا سوقنا للماء للإنبات والإخصاب فيدلهم ذلك على قدرتنا.
إلى الأرض الجرز: أي اليابسة التي لا نبات فيها.
تأكل منه أنعامهم: أي مواشيهم من إبل وبقر وغنم.
أفلا يبصرون: أي أعموا فلا يبصرون أن القادر على إحياء الأرض بعد موتها قادر على البعث.
متى هذا الفتح: أي الفصل والحكم بيننا وبينكم يستعجلون العذاب.
ولا هم ينظرون: أي ولا هم يمهلون للتوبة أو الاعتذار.
وانتظر إنهم منتظرون: أي وانتظر يا رسولنا ما سيحل بهم من عذاب إن لم يتوبوا فإنهم منتظرون بك موتاً أو قتلاً ليستريحوا منك.
معنى الآيات:
ما زال السياق في تقرير عقيدة البعث والجزاء التي عليها مدار الإصلاح الاجتماعي فيقول تعالى {أَوَلَمْ يَرَوْا} أي أغفل أولئك المكذبون بالبعث والحياة الثانية ولم يروا {أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ} (1) ماء الأمطار أو الأنهار {إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ (2) } اليابسة التي ما بها من نبات فنخرج بذلك الماء الذي سقناه إليها بتدابيرنا الخاصة {فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ} وهي إبلهم وأبقارهم وأغنامهم {وَأَنْفُسُهُمْ} فالأنعام تأكل الشعير والذرة وهم يأكلون البر والفول ونحوه {أَفَلا يُبْصِرُونَ} أي أعموا فلا يبصرون آثار قدرة الله على إحياء الموتى بعد الفناء والبلى كإحياء الأرض الجرز فيؤمنوا بالبعث الآخر وعليه يستقيموا في عقائدهم وكل سلوكهم. وقوله {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ (3) إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} حكى تعالى عنهم ما يقولونه للمؤمنين لما يخوفونهم بعذاب الله يقولون لهم متى هذا الفتح أي الحكم والفصل يستعجلون لخفة أحلامهم وعدم إيمانهم.
1 - الرؤية هنا بصرية واختير المضارع نسوق لاستحضار الصورة العجيبة الدالة على قدرة الله تعالى ولطفه بعباده ورحمته بهم، وسوق الماء هو بسوق السحاب، والسوق هو إزجاء الماشي من ورائه.
2 -
الجرز وصف للأرض التي انقطع نبتها، وهو مشتق من الجرز وهو انقطاع النبت والحشيش إما بسبب يبس الأرض أو بالرعي، والجرز القطع ولذا سمي السيف القاطع جُرازاً قال الشاعر يصف أسنان ناقته:
تنحّى على الشوك جُرازاً مقضبا
والهرم تدريه إذراءً عجباً
3 -
الفتح: النصر والقضاء كانوا إذا قال لهم المؤمنون سيحكم الله بيننا وبينكم يوم القيامة فيثيب المؤمن ويعاقب الكافر يقولون لهم مستهزئين ساخرين متى هذا الفتح أو الحكم.
وهنا أمر تعالى رسوله أن يقول لهم. فقال {قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ (1) لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ} أي إذا جاء يوم الفتح بيننا وبينكم لا ينفع نفساً كافرة إيمانها عند رؤية العذاب {وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ} أي يؤخرون ويمهلون ليؤمنوا ويستغفروا فيتاب عليهم ويغفر لهم إذ سنة الله أن من عاين العذاب لا تقبل توبته. وقوله تعالى {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ} أي فأعرض يا رسولنا عن هؤلاء المكذبين {وَانْتَظِرْ} (2) ما سينزل بهم من عذاب {إِنَّهُمْ (3) مُنْتَظِرُونَ} ما قد يصيبك من مرض أو موت أو قتل ليستريحوا منك في نظرهم. كما هم منتظرون أيضا عذاب الله عاجلا أو آجلا.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1-
تقرير عقيدة البعث والجزاء بذكر الأدلة المقررة لها.
2-
استعجال الكافرين العذاب دال على جهلهم وطيشهم.
3-
بيان أن التوبة لا تقبل عند معاينة العذاب أو مشاهدة ملك الموت ساعة الاحتضار.
سورة الأحزاب
مدنية
وآياتها ثلاث وسبعون آية
بسم الله الرحمن الرحيم
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً (1) وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً (2)
وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفَى بِاللهِ وَكِيلاً (3)
1 - هذا إجابة لهم ورد عليهم والفتح جائز أن يكون فتح مكة أو يوم بدر أو يوم القيامة إذ هو اليوم الذي يحكم الله تعالى فيه بين عباده.
2 -
الانتظار الترقب مشتق من النظر كأنه مضارع أنظره فانتظر وحذف مفعول "انتظر" للتهويل أي انتظر أياماً يكون لك النصر فيها، ويكون الخسران لأعدائك فيها، وفي الأمر بالانتظار إيماء بالبشرى للمؤمنين والوعيد للكافرين.
3 -
جملة إنهم منتظرون تعليل للأمر بالانتظار.