المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرائيلَ الْكِتَابَ ‌ ‌(53) هُدىً - أيسر التفاسير للجزائري - جـ ٤

[أبو بكر الجزائري]

فهرس الكتاب

- ‌ النمل

- ‌(1)

- ‌(6)

- ‌(12)

- ‌(36)

- ‌(41)

- ‌(45)

- ‌(50)

- ‌(54)

- ‌(56)

- ‌(70)

- ‌(76)

- ‌(87)

- ‌(91)

- ‌(17)

- ‌(22)

- ‌(38)

- ‌(44)

- ‌(52)

- ‌(60)

- ‌(68)

- ‌(85)

- ‌ العنكبوت

- ‌(1)

- ‌(19)

- ‌(26)

- ‌(31)

- ‌(38)

- ‌(41)

- ‌(46)

- ‌(50)

- ‌(56)

- ‌(61)

- ‌(65)

- ‌ الروم

- ‌(1)

- ‌(11)

- ‌(26)

- ‌(30)

- ‌(33)

- ‌(41)

- ‌(46)

- ‌(48)

- ‌(58)

- ‌ لقمان

- ‌(1)

- ‌(6)

- ‌(12)

- ‌(16)

- ‌(20)

- ‌(22)

- ‌(27)

- ‌(29)

- ‌(33)

- ‌ السجدة

- ‌(1)

- ‌(12)

- ‌(15)

- ‌(23)

- ‌(1)

- ‌(6)

- ‌(26)

- ‌(31)

- ‌(35)

- ‌(49)

- ‌(50)

- ‌(51)

- ‌(56)

- ‌(60)

- ‌(63)

- ‌ سبأ

- ‌(1)

- ‌3

- ‌(7)

- ‌(20)

- ‌(24)

- ‌(40)

- ‌(43)

- ‌ فاطر

- ‌(1)

- ‌(12)

- ‌(15)

- ‌(19)

- ‌(28)

- ‌(31)

- ‌(36)

- ‌(40)

- ‌(1

- ‌يس:

- ‌(13)

- ‌(20)

- ‌(28)

- ‌(33)

- ‌(37)

- ‌(47)

- ‌(55)

- ‌ الصافات

- ‌(1)

- ‌(22)

- ‌(31)

- ‌(38)

- ‌(62)

- ‌(75)

- ‌(83)

- ‌(133)

- ‌(139)

- ‌(161)

- ‌(171)

- ‌ ص

- ‌(1)

- ‌(12)

- ‌(34)

- ‌(55)

- ‌(65)

- ‌ الزمر

- ‌(1)

- ‌(5)

- ‌(8)

- ‌(21)

- ‌(24)

- ‌(32)

- ‌(36)

- ‌(60)

- ‌(67)

- ‌غافر

- ‌(18)

- ‌(21)

- ‌(28)

- ‌(41)

- ‌(47)

- ‌(53)

- ‌(64)

- ‌(69)

- ‌(77)

- ‌(82)

- ‌ فصلت

- ‌(1)

- ‌(6)

- ‌(9)

- ‌(13)

- ‌(25)

- ‌(33)

- ‌(37)

- ‌(40)

- ‌(47)

- ‌(49)

- ‌(52)

- ‌ الشورى

- ‌(1)

- ‌(7)

- ‌(10)

- ‌(15)

- ‌(27)

- ‌(32)

- ‌(42)

- ‌ الزخرف

- ‌(1)

- ‌(9)

- ‌(15)

- ‌(36)

- ‌(41)

- ‌(57)

- ‌(63)

- ‌(67)

- ‌(74)

- ‌(86)

الفصل: وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرائيلَ الْكِتَابَ ‌ ‌(53) هُدىً

وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرائيلَ الْكِتَابَ ‌

(53)

هُدىً وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (54) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْأِبْكَارِ (55) إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (56) لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (57)

شرح الكلمات:

ولقد آتينا موسى الهدى: أي أعطينا موسى بني إسرائيل المعجزات والتوراة.

وأورثنا بني إسرائيل: أي أبقينا فيهم التوراة كتاب الهداية الإلهية يهتدون به في ظلمات الحياة ويذكرن به الله في تراكم النسيان.

واصبر إن وعد الله حق: أي واصبر يا محمد على ما تلاقي من قومك إن وعد الله بنصرك حق.

واستغفر لذنبك: ليقتدى بك في ذلك ولزيادة طهارة لروحك وتزكية لنفسك.

وسبح بحمد ربك: أي نزه ربك وقدسه بالصلاة والذكر والتسبيح فيها وخارجها.

بالعشي والإبكار: بالمساء وأول النهار أي في أوقات الصلوات الخمس كلها.

إن في صدروهم إلا كبر: أي ما في صدورهم إلا كبر حملهم على الجدال في الحق، لا أن لهم علماً يجادلون به، وإنما حبهم العلو والغلبة حملهم على ذلك.

فاستعذ بالله: أي استعذ من شرهم بالله السميع لأقوالهم العليم بأعمالهم ونياتهم وأحوالهم.

ص: 542

لخلق السموات والأرض: أي لخلق السموات والأرض ابتداء ولأول مرة.

أكبر من خلق الناس: أي أعظم من خلق الناس مرة أخرى بعد الأولى.

معنى الآيات:

قوله تعالى {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى (1) الْهُدَى} الآية شروع ي تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم عما يلاقي من قومه فأعلمه تعالى أنه قد سبق أن أرسل موسى وآتاه الكتاب الذي هو التوراة وأورثه في بني إسرائيل هدى أي هاديا لهم في ظلمات الحياة إلى الحق والدين الصحيح الذي هو الإسلام وذكرى لأولي الألباب أي يذكر به أولوا العقول، ولاقى موسى من قومه أشد مما لاقيت إذاً فاصبر على تعانيه من قريش وأن العاقبة لك فإن وعد الله حق وقد قال إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد أي يوم القيامة.

وقوله: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ (2) وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ (3) وَالْأِبْكَارِ} أرشده إلى مقومات الصبر والموفرات له وهي ذكر الله تعالى بالاستغفار والدعاء والصلاة والتسبيح فيها وخارجها. فأعظم عون على الصبر الصلاة فلذا كان صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فَزِعَ إلى الصلاة وقوله {إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ} أي حجة من علم إلهي أتاهم بطريق الوحي إن في صدروهم أي ما في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه أي لا يصلون إليه بحال وهو الرئاسة عليك والتحكم فيك وفي أصحابك. وعليه فاستعذ بالله (4) من شرهم ومن مكرهم إنه تعالى هو السميع لأقوالهم البصير بأحوالهم وأعمالهم، وسوف لا يمكن لهم منك أبداً لقدرته وعلمه وعجزهم وجهلهم.

وقوله تعالى: {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ (5) وَالْأَرْضِ} هذا رد على منكري البعث والجزاء الآخر فلما قالوا أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون. . قال تعالى: وعزتنا وجلالنا لخلق السموات والأرض ابتداء من غير مثال سابق ولا مادة قائمة موجودة أكبر من خلق الناس مرة أخرى بعد خلقهم

1- الهدى الذي أوتيه موسى هو ما أوحي إليه من الأمر بالدعوة إلى الدين الحق، وما أنزل عليه من الشريعة والكتاب الذي هو التوراة.

2-

ذكر القرطبي عدة أقوال للسلف في الذنب المطلوب من الرسول صلى الله عليه وسلم الاستغفار منه قيل ذنبه صلى الله عليه وسلم الذي كان قبل البعثة والعصمة، وقيل ذنب أمته، وقيل الصغائر ومخالفة الأول قيل المراد هو تعبد الله رسوله بالدعاء إذ الاستغفار دعاء بطلب المغفرة وهو وجه وأوجه منه إرشاد الآية إلى الاستغفار.

3-

هما صلاة الصبح وصلاة العصر ومعنى بحمد ربك أي بالشكر له والثناء عليه.

4-

جملة إنه هو السميع العليم تعليلية، ومفعول المستعاذ منه في قوله فاستعذ بالله محذوف لغرض التعميم في كل ما يخاف منه.

5-

اللام في جواب قسم محذوف كما في التفسير، وخلق السموات والأرض شامل لكل ما فيهما من مخلوقات وعقيدة البعث والجزاء الآخر من جملة ما يجادل فيه الذين كفروا.

ص: 543

المرة الأولى، ولكن أكثر الناس لا يعلمون (1) هذه الحقائق العلمية لجهلهم وبعدهم عن العقليات لما عليهم من طابع البداوة وإلا فإعادة الشيء أهون من بدئه عقلاً فليس الاختراع كالإصلاح للمخترع إذا فسد.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1-

بيان منة الله تعالى على موسى وبني إسرائيل تتكرر لمحمد صلى الله عليه وسلم وأمته بإنزال الكتاب وتوريثه فيهم هدى وذكرى لأولي الألباب.

2-

وجوب الصبر والتحمل في ذات الله، والاستعانة على ذلك بالاستغفار والذكر والصلاة.

3-

أكثر من يجادل بالباطل ليزيل به الحق إنما يجادل من كبر يريد الوصول إليه وهو التعالي والغلبة والقهر للآخرين.

4-

تقرير عقيدة البعث بالبرهان العقلي، وهو أن البدء أصعب من الإعادة ومن أبدأ أعاد، ولا نصب ولا تعب!!

وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلا الْمُسِيءُ قَلِيلاً مَا تَتَذَكَّرُونَ (58) إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ (59) وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60) اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ (61) ذَلِكُمُ

1- لا يعلمون لانشغالهم بالباطل عن الحق فتركوا التفكر والتأمل لذا هم لا يعلمون أن الذي خلق السموات والأرض قادر عقلا على خلق الناس بعد إماتته إياهم وبعثهم أحياء كما خلقهم أول مرة.

ص: 544

اللهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (62) كَذَلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كَانُوا بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ (63)

شرح الكلمات:

وما يستوي الأعمى والبصير: لا يستويان فكذلك الكافر والمؤمن لا يستويان.

والذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسيء: لا يستويان أيضاً فكذلك لا يستوي الموقن والشاك.

قليلا ما تتذكرون: أي ما يتذكرون إلا تذكراً قليلاً والتذكر الاتعاظ.

إن الساعة لآتية: أي إن ساعة نهاية هذه الحياة وإقبال الأخرى جائية لا شك فيها.

إن الذين يستكبرون عن عبادتي: أي عن دعائي.

سيدخلون جهنم داخرين: أي صاغرين ذليلين.

لتسكنوا فيه: أي لتنقطعوا عن الحركة فتستريحوا.

والنهار مبصراً: أي مضيئاً لتتمكنوا فيه من الحركة والعمل.

ولكن أكثر الناس لا يشكرون: أي الله تعالى بحمده والثناء عليه وطاعته.

ذلكم الله ربكم: أي ذلكم الذي أمركم بدعائه ووعدكم بالاستجابة الذي جعل لكم الليل والنهار وأنعم عليكم بجلائل النعم الله ربكم الذي لا إله لكم غيره ولا رب لكم سواه.

فأنى تؤفكون: أي كيف تصرفون عنه وهو ربكم وإلهكم الحق إلى أوثان وأصنام لا تسمع ولا تصبر.

كذلك يؤفك الذين كانوا بآيات الله يجحدون: أي كما صرف أولئك عن الإيمان والتوحيد يصرف الذين يجحدون بآيات الله يصرفون عن الحق.

معنى الآيات:

ما زال السياق في دعوة قريش إلى الإيمان والتوحيد، فقوله تعالى {وَمَا يَسْتَوِي (1) } أي في حكم

1- وما يستوي الأعمى والبصير أي الكافر والمؤمن والضال والمهتدي.

ص: 545

العقلاء {الْأَعْمَى} الذي لا يبصر شيئا والبصير الذي يبصر كل شيء يقع عليه بصره فكذلك لا يستوي المؤمن السميع البصير، والكافر الأعمى عن الدلائل والبراهين فلا يرى منها شيئاً الأصم الذي لا يسمع نداء الحق والخير، ولا كلمات الهدى والرشاد. كما لا يستوي في حكم العقلاء المحسن المؤمن العامل للصالحات، والمسيء الكافر والعامل للسيئات، وإذا كان الأمر كما قررنا فلم لا يتعظ القوم به ولا يتوبون إنهم لظلمة نفوسهم {قَلِيلاً مَا تَتَذَكَّرُونَ (1) } أي لا يتعظون إلا نادراً.

وقوله تعالى: {إِنَّ السَّاعَة (2) َ لَآتِيَةٌ} يخبر تعالى أن الساعة التي كذب بها المكذبون ليستمروا على الباطل والشر فعلا واعتقاداً لآتية حتماً، {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ} بها لوجود صارف قوي وهو عدم تذكرهم، وانكبابهم على قضاء شهواتهم.

وقوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي (3) أَسْتَجِبْ لَكُمْ} إنه لما قرر ربوبيته تعالى وأصبح لا محالة من الاعتراف بها قال لهم: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} أي سلوني أعطكم وأطيعوني أثبكم فأنتم عبادي وأنا ربكم. ثم قال لهم: {إن الذين يستكبرون عن عبادتي} ودعائي فلا يعبدونني ولا يدعونني سوف أذلهم وأهينهم وأعذبهم جزاء استكبارهم وكفرهم وهو معنى قوله: {سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} أو صاغرين ذليلين يعذبون بها أبدا.

وفي الآية (61) عرفهم تعالى بنفسه ليعرفوه فيؤمنوا به ويعبدوه ويوحدوه، ويكفروا بما سواه من مخلوقات فقال:{اللهُ الَّذِي جَعَلَ (4) لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ} أي جعله مظلما لتنقطعوا فيه عن الحركة والعمل فتستريحوا {وَالنَّهَارَ مُبْصِراً} أي وجعل لكم النهار مبصراً أي مضيئاً يمكنكم التحرك فيه والعمل والتصرف في قضاء حاجاتكم، وليس هذا من إفضال الله عليكم بل إفضاله وإنعامه أكثر من أن يذكر وقرر ذلك بقوله:{إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ} الله على إفضاله وإنعامه عليهم فلا يعترفون بإنعامه ولا يحمدونه

1- قرأ نافع قليلا ما يتذكرون بالياء وقرأ حفص تتذكرون بالتاء ولكل وجه بلاغي وكأن تذكرهم قليلاً لعدم علمهم فهم كالأموات لجهلهم فهم لا يتذكرون وإن تذكروا قليلاً ينقطعون فلا يحصل المراد من التذكر.

2-

المراد بالساعة ساعة البعث والقيام من القبور. إنه بعد ذكر الأدلة المقررة للبعث كان هذا إعلانا عن تحقق مجيئها وتأكيد الخبر بإن ولام الابتداء لزيادة التحقيق والمراد تحقق وقوعها لا الإخبار عن وقوعها.

3-

روى الترمذي عن النعمان بن بشير وصححه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الدعاء هو العبادة. ثم قرأ {وقال ربكم ادعوني أستجيب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين} وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يسأل أحدكم ربه حاجته كلها حتى يسأله شسع نعله.

4-

(جعل) إن كانت بمعنى خلق تعدت إلى مفعول واحد كما هي هنا وإن كانت بمعنى صير تنصب مفعولين نحو جعلت الثوب سروالاً.

ص: 546

بألسنتهم ولا يطيعونه بجوارحهم، وذلك لاستيلاء الشيطان والغفلة عليهم ثم واصل تعريف نفسه لهم ليؤمنوا به بعد معرفته ويكفروا بالآلهة العمياء الصماء التي هم عاكفون عليها صباح مساء فقال جل من قائل:{ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ} (1) الذي عرفكم نفسه {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} أي لا معبود بحق إلا هو. وقوله: {فَأَنَّى (2) تُؤْفَكُونَ} أي كيف تصرفون عنه وهو ربكم والمنعم عليكم، إلا أوثان وأوثان وأصنام لا تنفعكم ولا تضركم. فسبحان الله كيف تؤفكون كذلك يؤفك أي كانصرافكم أنتم عن الإيمان والتوحيد مع وفرة الأدلة وقوة الحجج يصرف أيضاً الذين كانوا بآيات الله يجحدون في كل زمان ومكان لأن الآيات الإلهية حجج وبراهين فالمكذب بها سيكذب بكل شيء حتى بنفسه والعياذ بالله تعالى.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1-

بيان حقيقة هي أن الضدين لا يجتمعان فالكفر والإيمان، والإحسان والإساءة والعمى والبصر والصمم والسمع هذه كلها لا تستوي بعضها ببعض فمحاولة الجمع بينها محاولة باطلة ولا تنبغي.

2-

قرب الساعة مع تحتم مجيئها والأدلة على ذلك العقلية والنقلية كثيرة جداً.

3-

فضل الدعاء وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها حتى شسع (3) نعله. وللدعاء المستجاب شروط منها: أن يكون القلب متعلقا بالله معرضاً عما سواه وأن لا يسأل ما فيه إثم، ولا يتعدى في الدعاء فيسأل ما لم تجر سنة الله به كأن يسأل أن يرى الجنة يقظة أو أن يعود شاباً وهو شيخ كبير أو أن يرزق الولد وهو لا يتزوج.

4-

الدعاء (4) هو العبادة ولذا من دعا غير الله فقد أشرك بالله.

5-

بيان إنعام الله وإفضاله والمطالبة بشكر الله تعالى بحمده والثناء عليه وبطاعته بفعل محابه وترك مكارهه.

1- الإشارة إلى اسم الجلالة في قوله {الله الذي جعل لكم} الخ.

2-

أنى اسم استفهام عن الكيفية وأصله استفهام عن المكان ثم نقل إلى الحالة.

3-

تقدم تخريجه وأنه من سنن الترمذي وأنه صحيح الإسناد وشسع النعل: زمام النعل بين الإصبع الوسطى والتي تليها يضرب به المثل في الفاقة يقال لا يملك شسع نعل.

4-

روي بإسناد لا بأس به "من لم يسأل الله يغضب عليه ومن لم يدع الله غضب عليه" أيضا حسنهما ابن كثير في تفسيره.

ص: 547