الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ
(41)
تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ (42) لا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (43) فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (44) فَوَقَاهُ اللهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (45) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46)
شرح الكلمات:
أدعوكم إلى النجاة: أي من الخسران في الدنيا والآخرة، وذلك بالإيمان والعمل الصالح.
وتدعونني إلى النار: أي إلى عذاب النار وذلك بالكفر والشرك بالله تعالى.
ما ليس لي به علم: أي لا علم لي بصحة إشراكه في عبادة الله تعالى.
وأنا أدعوكم إلى العزيز الغفار: أي وأنا أدعوكم إلى الإيمان وعبادة الله العزيز أي الغالب على أمره الغفار لذنوب التائبين من عباده المؤمنين به.
لا جرم أن ما تدعونني إليه: أي حقاً أن ما تدعونني إلى الإيمان به وبعبادته.
ليس له دعوة في الدنيا والآخرة: أي ليس له دعوة حق إلى عبادته، ولا دعوة استجابة بأن يستجيب لمن دعاه لا في الدنيا ولا في الآخرة.
وأن المسرفين هم أصحاب النار: أي وأن المسرفين في الكفر والشرك والمعاصي هم أهل النار
الواجبة لهم.
فوقاه الله سيئات ما مكروا: أي فحفظه الله من مكرهم به ليقتلوه.
وحاق بآل فرعون سوء العذاب: أي عذاب الغرق إذ غرق فرعون وجنده أجمعون.
النار يعرضون عليها غدواً وعشياً: أي أن سوء العذاب هو النار يعرضون عليها صباحاً مساءً وذلك أن أرواحهم في أجواف طير سود تعرض على النار كل يوم مرتين.
ويوم القيامة أدخلوا آل فرعون: أي ويوم القيامة يقال أدخلوا آل فرعون أشد العذاب.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في ذكر نصائح وإرشاد مؤمن آل فرعون فقد قال ما أخبر به تعالى عنه في قوله: {وَيَا قَوْمِ (1) مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ} أي من النار وذلك بالإيمان والعمل الصالح مع ترك الشرك والمعاصي {وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ} وذلك بدعوتكم لي إلى الشرك والكفر {تَدْعُونَنِي (2) لِأَكْفُرَ بِاللهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ} أي ما علم لي بصحة إشراكه في عبادة الله تعالى. {وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ (3) الْغَفَّارِ} أي لتؤمنوا به وتعبدوه وحده ولا تشركوا معه غيره أدعوكم إلى العزيز أي الغالب الذي لا يُغلب الغفار لذنوب التائبين من عباده مهما كانت، وأنتم تدعونني إلى أذل شيء وأحقره لا ينفع ولا يضر لأنه لا يسمع ولا يبصر. لا جرم أي حقاً أن ما تدعونني إليه لأومن به وأعبده ليس له دعوة (4) حق يدعى بها إليه، ولا دعوة استجابة فإنه لا يستجيب لي دعاء أبداً لا في الدنيا ولا في (5) الآخرة. وشيء آخر يا قوم وهو أن مردنا إلى الله أي لا محالة نرجع إليه فالواجب أن نؤمن به ونعبده ونوحده ما دام رجوعنا إليه، وآخر وهو {وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ (6) هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ} المسرفين الذين أسرفوا في الكفر والشرك والمعاصي فتجاوزوا الحد في ذلك هم أصحاب النار أي أهلها الذين لا يفارقونها ولا تفارقهم.
1- الاستفهام هنا تعجبي باعتبار تقييده بجملة الحال وهي وتدعونني إلى النار إذ هي في موضع الحال تقدير مبتدأ أي وأنتم تدعونني إلى النار.
2-
هذه جملة بيان لجملة وتدعونني إلى النار.
3-
العدول عن اسم الجلالة إذ لم يقل أدعوكم إلى الله إلى الصفتين العزيز والغفار لإيضاح الاستدلال على استحقاقه الإقرار بالألوهية والعبادة.
4-
ليس له دعوة توجب له الألوهية وليس له استجابة دعوة تنفع لا هذه ولا تلك فبأي حق إذاً يدعى ويعبد؟
5-
أي ليس له شفاعة في الدنيا ولا في الآخرة.
6-
الإسراف هنا الإفراط في الكفر والظلم بسفك دماء بني إسرائيل بذبح أبنائهم وليصرف فرعون عن عزمه عن قتل موسى عليه السلام وفي الكلام تعريض بالذين يخاطبهم إذ هم مسرفون إلى أبعد حد في الظلم والكفر.
وقوله: {فَسَتَذْكُرُونَ (1) مَا أَقُولُ لَكُمْ} يبدوا أنه قال هذا القول لما رفضوا دعوته وهموا بقتله ويدل عليه قوله: {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} .
قوله تعالى: {فَوَقَاهُ اللهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا (2) } أي حفظه الله تعالى من مكرهم به ليقتلوه فنجاه الله تعالى إذ هرب منهم فبعث فرعون رجالاً في طلبه فلم يقدروا عليه ونجا مع موسى وبني إسرائيل وقوله {وَحَاقَ (3) بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ} وذلك بأن أغرقهم الله في البحر أجمعين.
وقوله {النَّارُ (4) يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا} إخبار بأن أرواح آل فرعون تعرض في البرزخ على النار غدوّاً وعشياً وذلك بأن تكون في أجواف طير سود على خلاف أرواح المؤمنين فإنها تكون في أجواف طير خضر ترعى في الجنة. إلى يوم القيامة.
ويوم تقوم الساعة يقال أدخلوا آل فرعون أشد العذاب وهو عذاب جهنم والعياذ بالله.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1-
بيان الفرق الكبير بين من يدعو إلى النجاة وبين من يدعو إلى النار، بين من يدعو إلى العزيز الغفار ليؤمن به ويُعبد وبين من يدعو إلى أوثان لا تسمع ولا تبصر وهي أحقر شيء وأذله في الحياة، وبين من يدعو من لا يستجيب له في الدنيا والآخرة وبين من يدعو من يستجيب له في الدنيا والآخرة.
2-
التنديد بالإسراف وفي كل شيء.
3-
نعم ما ختم به مؤمن آل فرعون وعظه ونصحه لقومه وهي فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد.
4-
إثبات عذاب القبر ونعيمه إذ آل فرعون تعرض أرواحهم على النار صباح ومساء.
1- هذا الكلام مشاركة لهم وإنهاء لخطابهم كأنه استشعر منهم ما جعله ينهى الكلام معهم إما لاحظ في ذلك من ملامحهم أو من كلام سمعه منهم.
2-
ما مكروا: ما مصدرية أي سيئات مكرهم.
3-
حاق: أحاط والعذاب الغرق.
4-
في الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة وإن كان من أهل النار فمن أهل النار فيقال هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة".