المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

شرح الكلمات: حم: هذا أحد الحروف المقطعة يكتب هكذا: حم ويقرأ - أيسر التفاسير للجزائري - جـ ٤

[أبو بكر الجزائري]

فهرس الكتاب

- ‌ النمل

- ‌(1)

- ‌(6)

- ‌(12)

- ‌(36)

- ‌(41)

- ‌(45)

- ‌(50)

- ‌(54)

- ‌(56)

- ‌(70)

- ‌(76)

- ‌(87)

- ‌(91)

- ‌(17)

- ‌(22)

- ‌(38)

- ‌(44)

- ‌(52)

- ‌(60)

- ‌(68)

- ‌(85)

- ‌ العنكبوت

- ‌(1)

- ‌(19)

- ‌(26)

- ‌(31)

- ‌(38)

- ‌(41)

- ‌(46)

- ‌(50)

- ‌(56)

- ‌(61)

- ‌(65)

- ‌ الروم

- ‌(1)

- ‌(11)

- ‌(26)

- ‌(30)

- ‌(33)

- ‌(41)

- ‌(46)

- ‌(48)

- ‌(58)

- ‌ لقمان

- ‌(1)

- ‌(6)

- ‌(12)

- ‌(16)

- ‌(20)

- ‌(22)

- ‌(27)

- ‌(29)

- ‌(33)

- ‌ السجدة

- ‌(1)

- ‌(12)

- ‌(15)

- ‌(23)

- ‌(1)

- ‌(6)

- ‌(26)

- ‌(31)

- ‌(35)

- ‌(49)

- ‌(50)

- ‌(51)

- ‌(56)

- ‌(60)

- ‌(63)

- ‌ سبأ

- ‌(1)

- ‌3

- ‌(7)

- ‌(20)

- ‌(24)

- ‌(40)

- ‌(43)

- ‌ فاطر

- ‌(1)

- ‌(12)

- ‌(15)

- ‌(19)

- ‌(28)

- ‌(31)

- ‌(36)

- ‌(40)

- ‌(1

- ‌يس:

- ‌(13)

- ‌(20)

- ‌(28)

- ‌(33)

- ‌(37)

- ‌(47)

- ‌(55)

- ‌ الصافات

- ‌(1)

- ‌(22)

- ‌(31)

- ‌(38)

- ‌(62)

- ‌(75)

- ‌(83)

- ‌(133)

- ‌(139)

- ‌(161)

- ‌(171)

- ‌ ص

- ‌(1)

- ‌(12)

- ‌(34)

- ‌(55)

- ‌(65)

- ‌ الزمر

- ‌(1)

- ‌(5)

- ‌(8)

- ‌(21)

- ‌(24)

- ‌(32)

- ‌(36)

- ‌(60)

- ‌(67)

- ‌غافر

- ‌(18)

- ‌(21)

- ‌(28)

- ‌(41)

- ‌(47)

- ‌(53)

- ‌(64)

- ‌(69)

- ‌(77)

- ‌(82)

- ‌ فصلت

- ‌(1)

- ‌(6)

- ‌(9)

- ‌(13)

- ‌(25)

- ‌(33)

- ‌(37)

- ‌(40)

- ‌(47)

- ‌(49)

- ‌(52)

- ‌ الشورى

- ‌(1)

- ‌(7)

- ‌(10)

- ‌(15)

- ‌(27)

- ‌(32)

- ‌(42)

- ‌ الزخرف

- ‌(1)

- ‌(9)

- ‌(15)

- ‌(36)

- ‌(41)

- ‌(57)

- ‌(63)

- ‌(67)

- ‌(74)

- ‌(86)

الفصل: شرح الكلمات: حم: هذا أحد الحروف المقطعة يكتب هكذا: حم ويقرأ

شرح الكلمات:

حم: هذا أحد الحروف المقطعة يكتب هكذا: حم ويقرأ هكذا: حا ميم.

تنزيل الكتاب من الله: أي تنزيل القرآن كائن من الله.

العزيز العليم: أي الغالب على مراده، العليم بعباده ظاهراً وباطناً حالا ومآلاً.

‌غافر

الذنب: أي ذنب من تاب إلى الله فرجع إلى طاعته بعد معصيته.

شديد العقاب ذي الطول: أي مشدد العقوبة على من كفر به، ذي الطول أي الإنعام الواسع على من آمن به وأطاعه.

لا إله إلا هو إليه المصير: أي لا معبود بحق إلا هو إليه مرجع الخلائق كلهم.

ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا: أي في القرآن لإبطالها إلا الكافرون.

فلا يغررك تقبلهم في البلاد: أي فلا تغتر بمعاشهم سالمين فإن عاقبتهم النار.

والأحزاب من بعدهم: أي وكذبت الأحزاب من بعد قوم نوح، وهم عاد وثمود وقوم لوط.

وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه: أي ليتمكنوا من إصابته بما أرادوا من تعذيب وقتل.

وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق: أي ليزيلوا به الحق ويبطلوه.

فكيف كان عقاب: أي كان واقعا موقعه حيث أهلكهم ولم يبق منهم أحداً.

كذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا: أي وجبت كلمة العذاب على الذين كفروا.

معنى الآيات:

قوله تعالى: {حم} : الله أعلم بمراده به، وقد ذكرنا غير ما مرة أن هذه الحروف أفادت فائدتين الأولى أن العرب المشركين في مكة كانوا قد منعوا المواطنين من سماع القرآن حتى لا يتأثروا به فيكفروا بآلهتهم فقد أخبر تعالى عنهم في قوله من سورة فصلت فقال:{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} فكانت هذه الحروف المقطعة بنغمها الخاص تستهويهم فيسمعوا فكانت فائدة عظيمة. والثانية أن المشركين لما أصروا على أن القرآن لم يكن وحيا وإنما هو من جنس ما يقوله الشعراء والكهان وأصحاب الأساطير تحداهم الله تعالى بالإتيان بمثله وهو مركب ومؤلف من هذه الحروف الم طس حم والذي قوى هذه النظرية أنه غالبا ما يذكر القرآن بعد

ص: 513

ذكر هذه الحروف مثل الم تلك آيات الكتاب، حم تنزيل الكتاب، حم والكتاب المبين فهاتان الفائدتان من أحسن ما استنبطه ذو الشأن في تفسير القرآن، وما عدا ذلك فلا يحسن روايته لخلوه من فائدة معقولة، ولا رواية عن الرسول وأصحابه منقولة.

وقوله تعالى: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} يخبر تعالى أنه عز وجل هو مصدر هذا القرآن إذ هو الذي نزله تنزيلاً على عبده ورسوله، ووصف نفسه بالعزة والعلم فقال العزيز أي في انتقامه من أعدائه الغالب على أمره ومراده فلا يحال بينه وبين ما يريده العليم بخلقه وحاجاتهم ومتطلباتهم، فأنزل الكتاب لهدايتهم وإصلاحهم. وقوله:{غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ (1) } أعلمَ أنه تعالى يغفر ذنب المستغفرين ويقبل توبة التائبين وأنه شدد العقوبة على من كفر به وعصاه. وقوله ذي الطول أي الإنعام الواسع والفضل العظيم {لا إِلَهَ (2) إِلَّا هُوَ} أي لا معبود بحق إلا هو العزيز الحكيم العزيز الغالب على أمره الحكيم في تدبير خلقه.

لما أثنى تبارك وتعالى على نفسه بما هو أهله أخبر رسوله بأنه {مَا يُجَادِلُ (3) فِي آيَاتِ اللهِ} القرآنية الحاوية للحجج القواطع والبراهين السواطع على توحيد الله ولقائه وعلى نبوة رسول الله ما يجادل فيها {إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا} وذلك لظلمة نفوسهم وفساد قلوبهم، وعليه فاصبر ولا تغتر بظاهر ما هم عليه من سعة الرزق وسلامة البدن، وهو معنى قوله:{فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي (4) الْبِلادِ} أي آمنين معافين في أبدانهم وأرزاقهم فإنهم ممهلون لا مهملون، والدليل فقد كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب (5) من بعد قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وقوم لوط وأصحاب مدين وفرعون، وقد همت كل أمة من تلك الأمم برسولها لتأخذه فتقتله أو تنكل به. وقد جادلوا بالباطل كما جادل قومك من قريش ليدحضوا به الحق أي ليزيلوه ويبعدوه بباطلهم. فأخذتهم فكيف كان عقاب أي كان واقعاً موقعه والحمد لله إذ قطع الله دابرهم وأنهى وجودهم وخصومتهم.

1- يطلق الطول على سعة الفضل وسعة المال كما يطلق مطلق القدرة وهو مأخوذ من الطول ضد القصر.

2-

لا إله إلا هو في موضع الصفة لله عز وجل فتكون الصفة السابقة في هذه الآية الكريمة.

3-

مستأنفة استئنافاً بيانياً ناشئاً عن سؤال من قال ما دام هذا القرآن تنزيلاً من العزيز الحكيم وهو أمر لا ريب فيه فلم يجادل فيه هؤلاء المشركون فأجابهم بقوله "ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا" الآية.

4-

الغرور ظن المرء شيئاً حسناً وهو بضده يقال غرك إذا جعلك تظن الشيء حسناً ويكون التغرير بالقول أو بتحسين صورة القبيح.

5-

الأحزاب هم الأمم الذين تحزبوا على أنبيائهم بالتكذيب والعناد كعاد وثمود ومن بعدهم.

ص: 514

وقوله {وَكَذَلِكَ حَقَّتْ (1) كَلِمَتُ رَبِّكَ (2) عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (3) } أي كما وجب حكمه بإهلاك تلك الأمم المكذبة لرسلها الهامة بقتلها وقد أهلكهم الله فعلاً حقت كلمة ربك على الذين كفروا لأنهم أصحاب النار والمراد من كلمة ربك قوله لأملأن جهنم الآية.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1-

تقرير أن القرآن الكريم مصدر تنزيله هو الله تعالى إذ هو الذي أوحاه ونزله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وبذلك تقررت نبوة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.

2-

بيان عظمة الرب تعالى المتجلية في أسمائه العزيز العليم الحكيم ذي الطول غافر الذنب قابل التوب لا إله إلا هو.

3-

تقرير التوحيد والبعث والجزاء.

4-

تقرير مبدأ أن الله تعالى يمهل ولا يهمل، وأن بطشه شديد.

الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (7) رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (8) وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (9)

1- حقت أي وجبت ولزمت مأخوذ من الحق لأنه لازم.

2-

قرأ نافع كلمات بالجمع وقرأ حفص بالإفراد وهي اسم جنس بمعنى الجمع.

3-

الإجماع على وجوب الوقف على قوله تعالى {أنهم أصحاب النار} ثم يستأنف القراءة قائلاً الذين يحملون العرش

الخ.

ص: 515

شرح الكلمات:

الذين يحملون العرش: أي الملائكة حملة العرش.

ومن حوله: أي والملائكة الذين يحفون بالعرش من جميع جوانبه.

يسبحون بحمد ربهم: أي يقولون سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم هذه صلاتهم وتسبيحهم.

ويؤمنون به: كيف لا وهم عنده، ولكن هذا من باب الوصف بالكمال لهم.

ويستغفرون للذين آمنوا: أي يطلبون المغفرة للمؤمنين لرابطة الإيمان بالله التي تربطهم بهم.

ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلماً: أي يقولون يا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما.

فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك: أي فبما أن رحمتك وعلمك وسعا كل مخلوقاتك فاغفر للذين تابوا إليك فعبدوك ووحدوك واتبعوا سبيلك الذي هو الإسلام.

وقهم عذاب الجحيم: أي احفظهم من النار فلا تعذّبهم بها.

جنات عدن: أي بساتين فيها قصور وأنهار للإقامة الدائمة.

التي وعدتهم: أي بقوله تعالى: إن الله يدخل الذين آمنوا وعلموا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار.

ومن صلح من آبائهم: أي ومن صلح بالإيمان ولم يفسد بالشرك والكفر.

وقهم السيئات: أي احفظهم من جزاء السيئات التي عملوها فلا تؤاخذهم بها.

ومن تق السيئات يومئذ: أي ومن تقه جزاء سيئاته يوم القيامة فلم تؤاخذه.

فقد رحمته: أي حيث سترته ولم تفضحه وعفوت عنه ولم تؤاخذه.

وذلك: أي الوقاية من العذاب وإدخال الجنة هو الفوز العظيم.

ص: 516

معنى الآيات:

قوله تعالى: {الَّذِينَ (1) يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ (2) } يخبر تعالى عن عظمته وموجبات الإيمان به وبآياته وتوحيده ولقائه فيقول الذين يحملون العرش أي عرشه من الملائكة كالملائكة الذين يحفون بعرشه الجميع {يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} تسبيحاً مقروناً بالحمد بأن يقولوا سبحان الله وبحمده ويؤمنون به أي يؤمنون بوحدانيته وعدم الإشراك في عبادته {وَيَسْتَغْفِرُونَ (3) لِلَّذِينَ آمَنُوا} لرابطة الإيمان التي تربطهم بهم ولعل هذا السرّ في ذكر إيمانهم لأن المؤمنين إخوة واستغفارهم هو طلب المغفرة من الله للمؤمنين من عباده. وهو معنى قوله: {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً} أي يقولون متوسلين إليه بصفاته {رَبَّنَا وَسِعْتَ (4) كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً} أي يا ربنا وسعت رحمتك وعلمك سائر المخلوقات فاغفر للذين تابوا أي إليك فتركوا الشرك واتبعوا سبيلك الذي هو الإسلام فانقادوا لأمرك ونهيك، وقهم عذاب الجحيم أي احفظهم يا ربنا من عذاب النار وأدخلهم جنات عدن أي إقامة من دخلها لا يخرج منها ولا يبغي عنها حولا لكمال نعيمها ووفرة السعادة فيها. ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذريّتهم أي وأدخل كذلك من صلح بالإيمان والتوحيد من آبائهم وأزواجهم وذريّاتهم فألحقهم بدرجاتهم ليكونوا معهم وإن قصرت بهم أعمالهم. وقولهم إنك أنت العزيز الحكيم توسل أيضاً إليه تعالى بصفتي العزة والغلبة والقهر لكل المخلوقات والحكمة المتجلية في سائر الكائنات. وقولهم:{وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ (5) } أي واحفظهم من جزاء سيئاتهم بأن تغفرها لهم وتسترها عليهم حتى يتأهلوا للحاق بأبنائهم الذين نسألك أن تلحقهم بهم، {وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ} أي يوم القيامة {فَقَدْ رَحِمْتَهُ (6) } ، {وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} أي النجاة من النار ودخول الجنة هو الفوز العظيم لقوله تعالى {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} . ومعنى ومن تق السيئات أي تقيه عذابها وذلك بأن يغفرها لهم ويعفو عنهم

1- حملة العرش أفضل الملائكة وهم أربعة ويوم القيامة يضاف إليهم أربعة فيصبحون ثمانية لقول تعالى من سورة الحاقة "ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية".

2-

قال مجاهد بين السماء السابعة وبين العرش سبعون ألف حجاب، حجاب نور وحجاب ظلمة وحجاب نور وحجاب ظلمة.

3-

قبل هذا معطوف على محذوف تقديره وينزهونه عما يقول الكافرون ويستغفرون الخ.

4-

رحمة منصوب على التمييز وعلماً معطوف عليه، والتمييز محول عن فاعل إذ التقدير وسعت رحمتك وعلمك كل شيء.

5-

قد لا يحتاج الأمر إلى تقدير محذوف فيقال وقهم جزاء السيئات إذ السيئات جمع سيئة "فيعلة" من السوء وهو ما يضر ولا يسر فالسيئة كل ما يسوء من عذاب وخوف، وهلع فدعاء الملائكة دعاء بالنجاة مما يسوء المؤمنين يوم القيامة ولذا قالوا ومن تق السيئات أي ما يسوءه من العذاب فقد رحمته بدخول الجنة وما في التفسير هو رأي الجمهور من المفسرين.

6-

قال مطرف بن عبد الله: وجدنا أنصح عباد الله لعباد الله الملائكة، ووجدنا أغش عباد الله لعباد الله الشياطين وتلا هذه الآية الذين يحملون العرش إلى قوله فقد رحمته.

ص: 517

فلا يؤاخذهم بها، فينجوا من النار ويدخلوا الجنة وذلك أي النجاة من النار ودخول الجنة هو الفوز العظيم.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1-

بيان عظم الرب تعالى.

2-

بيان فضل الإيمان وأهله (1) .

3-

فضل التسبيح بقول: سبحان الله وبحمده فقد صح أن من قالها مائة مرة (2) حين يصبح أو حين يمسي غفرت ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر أي في الكثرة.

4-

بشرى المؤمنين بأن الله تعالى يجمعهم بآبائهم وأزواجهم وذرياتهم في الجنة، وقد استجاب الله للملائكة وقد أخبر تعالى عن ذلك بقوله:{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّاتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّاتِهُمْ} .

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْأِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ (10) قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ (11) ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ (12) هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقاً وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ (13)

1- في الصحيحين.

2-

يكفي كرامة للمؤمن أنه نائم على فراشه والملائكة تستغفر الله له، وتدعو له بالنجاة من النار وبدخول الجنة كما في قوله {الذين يحملون العرش} الآية.

ص: 518

فَادْعُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (14) رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ (15) يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لا يَخْفَى عَلَى اللهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (16) الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (17)

شرح الكلمات:

ينادون لمقت الله: أي يناديهم الملائكة لتقول لهم لمقت الله إياكم أكبر من مقتكم أنتم لأنفسكم، والمقت أشد البغض.

إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون: أي مقت الله تعالى لكم عندما كنتم في الدنيا تدعون إلى الإيمان فتكفرون أكبر من مقتكم أنفسكم اليوم لما رأيتم العذاب.

أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين: أي أمتنا مرتين الأولى عندما كنا عدماً فخلقتنا، والثانية عندما أمتنا في الدنيا بقبض أرواحنا، وأحييتنا مرتين الأولى لما أخرجتنا من بطون أمهاتنا أحياء فهذه مرة والثانية بعد أن بعثتنا من قبورنا أحياء.

فاعترفنا بذنوبنا: أي بذنوبنا التي هي التكذيب بآياتك ولقائك والشرك بك.

فهل إلى خروج من سبيل: أي فهل من طريق إلى العودة إلى الحياة الدنيا مرة ثانية لنؤمن بك ونوحدك ونطيعك ولا نعصيك.

ذلكم: أي العذاب الذي أنتم فيه.

بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم: أي بسبب أنه إذا دعي الله وحده كفرتم بالتوحيد.

يريكم آياته: أي دلائل توحيده وقدرته على بعثكم ومجازاتكم.

وما يتذكر إلا من ينيب: أي إلا من يتعظ إلا من ينيب إلى الله ويرجع إليه بتوحيده.

ص: 519

يلقي الروح من أمره: أي يلقي بالوحي من أمره على من يشاء من عباده.

لينذر يوم التلاق: أي لينذر من يوحي إليه من البشر وهو الرسول يوم تلاقي أهل السماء وأهل الأرض وذلك يوم القيامة.

يوم هم بارزون: أي لا يسترهم شيء لا جبل ولا شجر ولا حجر.

لمن الملك اليوم: أي لمن السلطان اليوم.

معنى الآيات:

بعد أن بين تعالى حال المؤمنين وأنهم هم وأزواجهم في دار النعيم يبين في هذه الآيات الثلاث حال الكافرين في النار جرياً على أسلوب القرآن في الترغيب والترهيب فقال تعالى مخبراً عن أهل النار: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا} أي بربهم ولقائه وتوحيده ينادون أي تناديهم الملائكة فتقول لهم - بعد أن يأخذوا في مقت أنفسهم ولعن بعضهم بعضاً- {لَمَقْتُ اللهِ أَكْبَرُ (1) مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ} وذلك لأنكم كنتم تدعون إلى الإيمان بالله وتوحيده وطاعته فتكفرون وتجحدون متكبرين.

وهنا في الآية الثانية (10) يقولون وهم في جهنم {رَبَّنَا} أي يا ربنا {أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ} يعنون بالموتتين الأولى وهم نطف (2) ميتة والثانية بقبض أرواحهم عند نهاية آجالهم، ويعنون بالحياتين الأولى التي كانت لهم في الدنيا قبل موتهم والثانية التي بعد البعث، وقولهم:{فَاعْتَرَفْنَا (3) بِذُنُوبِنَا} أي التي قارفناها في الحياة الدنيا وهي الكفر والشرك والمعاصي. وقولهم بعد هذا الاعتذار {فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ} أي فهل من طريق إلى الخروج من النار والعودة إلى الحياة الدنيا لنصلح ما أفسدنا، ونطيع من عصينا؟ والجواب قطعاً لا سبيل إلى ذلك أبداً، وبقاؤكم وفي العذاب ليس ظلماً لكم وإنما هو جزاء وفاق لكم ثم ذكر تعالى علة عذابهم بقوله {ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ} بالله وتوحيد {وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا} أي وإن يشرك بالله تؤمنوا كقولهم لبيك لا شريك لك إلا شريكاً هو لك تملك وما ملك وقوله فالحكم

1- اللام في جواب قسم أي والله لمقت الله الخ والخاطب هم الملائكة وجائز إن لم يكن راجحاً أن يكون المعنى لمقت الله إياكم لما كنتم لمّا كنتم تدعون إلى الإيمان في الدنيا على أيدي رسلكم فتكفرون مقت الله ذلك أشد من مقتكم أنفسكم اليوم.

2-

جائز أن تكون الموتة الأولى لما كانوا في الرحم قبل نفخ الروح، وجائز أن يكون العدم السابق للوجود في الرحم شاهده آية البقرة {وكنتم أمواتاً فأحياكم} .

3-

سر اعترافهم هذا أنهم يرجون من ورائه الخروج من النار ظناً منهم أنه نافع لهم شاهده قولهم مستعطفين: {فهل إلى خروج من سبيل}

ص: 520

لله العلي الكبير، وقد حكم بعذابكم فلا سبيل إلى نجاتكم. فامقتوا أنفسكم ونوحوا على أرواحكم فما ذلكم بمجديكم ولا بمخفف العذاب عنكم. وقوله تعالى:{هُوَ الَّذِي (1) يُرِيكُمْ آيَاتِهِ} هذا خطاب للناس في هذه الحياة الدنيا خطاب لمشركي قريش بعد أن عرض عليهم صورة صادقة حية لحالهم في جهنم يوم القيامة عاد يخاطبهم داعياً لهم إلى الإيمان فقال هو أي المعبود بحق الله الذي يريكم آياته أي حججه ودلائل وحدانيته وقدرته على بعثكم ومجازاتكم {وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقاً} من المطر وغيره. ومع ذاك البيان وهذا الإفضال، {وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ} أي فلا يتعظ إلا من شأنه الإنابة إلى ربه تعالى في كل شأنه.

وقوله تعالى: {فَادْعُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} هذا خطاب للموحدين يأمرهم تعالى بالاستمرار على توحيد الله في عباداته والإخلاص لله تعالى في كل أعمالهم، ولو كره الكافرون ذلك منهم فإنه غير ضائرهم.

وقوله تعالى: {رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ (2) } أي هو الله ذو الدرجات الرفيعة والعرش العظيم {يُلْقِي الرُّوحَ (3) مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} أي يلقي بالوحي من أمره الذي يريد إنفاذه إلى خلقه على من يشاء من عباده ممن يصطفيهم وينبئهم من أجل أن ينذروا عباده يوم التلاقي وهو يوم القيامة إذ يلتقي أهل الأرض بأهل السماء والمخلوقون بخالقهم وهو قوله {لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ} (4) من قبورهم لا شيء يسترهم، {لا يَخْفَى عَلَى اللهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ} ، وفي هذا الموقف العظيم يقول الجبار سبحانه وتعالى:{لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ} ؟ فلا يجيبه أحد رهبة منه وخوفاً فيجيب نفسه بنفسه قائلاً: {لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ. الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} من خير وشر لتمام العدالة الإلهية، ويؤكد ذلك قوله:{لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} ويأخذ في محاسبتهم فلا ينتصف النهار إلا وأهل الجنة في الجنة قائلون في أحسن مقيل اللهم اجعلني منهم ومن قال آمين.

1- جائز أن يكون الخطاب هنا موجها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين وكونه عاماً يشمل الموحدين والمشركين أولى أو ليزداد المؤمنون إيماناً وليتوب المشركون أما قوله تعالى فادعوا الله مخلصين له الدين فظاهر في أنه خطاب للمؤمنين.

2-

رفيع الدرجات خبر والمبتدأ محذوف تقديره هو عائد على الله ورفيع الدرجات خبر وهو يحتمل أمرين كلاهما حق الأول أن الله تعالى هو ذو الشأن العظيم والصفات العلا والأسماء الحسنى والقدر الأعلى والثاني أنه تعالى رافع درجات أوليائه في دار كرامته إذ رفيع إما أن يكون صفة مشبّهة عائدة إلى الذات الإلهية العلية، أو فعيل بمعنى فاعل أي رافع درجات أوليائه.

3-

فيه تقرير النبوة المحمدية بإثبات الوحي الإلهي لمن يشاء من عباده فبعد تقرير البعث والتوحيد قرر النبوة المحمدية وهذه أصول الدين التي عليها مدار الحياة الإيمانية.

4-

هذا عرض أيضا لأحوال يوم القيامة المقصود منه التذكير به والدعوة إلى تقوية الإيمان به إذ هو عامل إصلاح النفوس مع بيان عظمة الله وعدله وهي موجبات توحيده وطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم.

ص: 521