الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله عن ذلك علواً كبيراً. وقوله {وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ (1) مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} أي تعاظم وجل جلاله وعظم سلطانه الذي له {مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا} والدنيا والآخرة، وعنده علم الساعة وإليه ترجعون أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة، وهو على كل شيء قدير.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1-
مشروعية التلطف في الخطاب والتنزل مع المخاطب لإقامة الحجة عليه كقوله تعالى: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} وكما هنا قل إن كان للرحمن ولد من باب الفرض والتقدير فأنا أول العابدين له ولكن لا ولد له فلا أعبد غيره سبحانه وتعالى.
2-
تهديد المشركين بعذاب يوم القيامة.
3-
إقامة البراهين على بطلان نسبة الولد إلى الله تعالى.
وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ
(86)
وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (87) وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ (88) فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (89)
شرح الكلمات:
ولا يملك الذين يدعون: أي يعبدونهم.
من دونه: أي من دون الله.
الشفاعة: أي لأحدٍ.
إلا من شهد بالحق: أي لكن الذي شهد بالحق فوحد الله تعالى على علم هذا الذي تناله شفاعة الملائكة والأنبياء.
فأنى يؤفكون: أي كيف يصرفون عن الحق بعد معرفته.
وقيله: أي قول النبي يا رب إن هؤلاء.
1- تعاظم وتسامى عما يصفه المشركون من الشريك والصاحبة والولد وتبارك هو خبر لفظاً وإنشاء معنىً إذ هو لفظ أريد به المدح العظيم لذي الخير العظيم.
فاصفح عنهم: أي أعرض عنهم.
وقل سلام فسوف: أي أمري سلام منكم، فسوف تعلمون عاقبة كفركم.
معنى الآيات:
لما أعلم تعالى في الآية السابقة أن رجوع الناس إليه يوم القيامة، وكان المشركون يزعمون أن آلهتهم من الملائكة وغيرها تشفع لهم يوم القيامة واتخذوا هذا ذريعة لعبادتهم فأعلمهم تعالى في هذه الآية (86) أن من يدعونهم بمعنى يعبدونهم من الأصنام والملائكة وغيرهم (1) من دون الله لا يملكون الشفاعة لأحد، فالله وحده هو الذي يملك الشفاعة ويعطيها لمن يشاء هذا معنى قوله تعالى:{وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ} وقوله تعالى {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} أي استثنى الله تعالى أن من شهد بالحق أي بأنه لا إله إلا الله، وهو يعلم ذلك علماً يقيناً فهذا قد يشفع له الملائكة أو الأنبياء فقال عز وجل {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (2) بقلوبهم ما شهدوا به بألسنتهم فالموحدون تنالهم الشفاعة بإذن الله تعالى. وقوله تعالى {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ} أي ولئن سألت هؤلاء المشركين من خلقهم لأجابوك قائلين الله. فسبحان الله كيف يقرون بتوحيد الربوبية وينكرون توحيد العبادة فلذا قال تعالى:{فَأَنَّى (3) يُؤْفَكُونَ} أي كيف يصرفون عن الحق بعد معرفته يعرفون أن الله هو الخالق لهم ويعبدون غيره ويتركون عبادته.
وقوله {وَقِيلِهِ (4) يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ} أي ويعلم تعالى قيل رسوله وشكواه وهي يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون لما شاهد من عنادهم وتصلبهم شكاهم إلى ربه تعالى فأمره ربه عز وجل أن يصفح (5) عنهم أي يتجاوز عما يلقاه منهم من شدة وعنت وأن يقول لهم سلام وهو سلام متاركة لا سلام تحية وتعظيم أي قل لهم أمري سلام. فسوف تعلمون (6) عاقبة هذا الإصرار على الكفر والتكذيب فكان هذا منه تهديداً لهم بذكر ما ينتظرهم من أليم العذاب إن ماتوا على كفرهم.
1- مثل عيسى والعزير.
2-
وهم يعلمون الجملة حالية وفي هذا دليل على أن من لم يفهم معنى لا إله إلا الله ويقولها لا تنفعه ولا ينال بها الشفاعة يوم القيامة إذ لا بد من فهمه ماذا نفى وماذا أثبت ولذا إيمان المقلد اختلف في صحته أهل العلم.
3-
أنى اسم استفهام عن المكان فمحله نصب على الظرفية أي إلى أي مكان يصرفون؟ وماضي يؤفكون أفك يأفك أفكاً على وزن ضرب يضرب ضرباً وأفكه كضربه.
4-
هذا على قراءة نافع وهي نصب قيله أما على قراءة حفص فقيله مجرور عطفاً على قوله وعنده علم الساعة وعلم قيل رسوله كذا. وهو (قيل) مصدر قال كالقول، وأصله قول فعل بمعنى مفعول كذبح بمعنى مذبوح والضمير في قيله يعود إلى النبي صلى الله عليه وسلم إذ هو القائل يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون لطول ما دعاهم وهم معرضون عن الحق مصرون على الكفر.
5-
مثل هذا (فاصفح وقل سلام) منسوخ بآيات القتال التي نزلت بالمدينة النبوية بعد الهجرة.
6-
قرأ نافع تعلمون بالتاء وقرأ حفص والجمهور يعلمون بالياء فالأول مما أمر الله تعالى رسوله أن يقوله للمشركين، والثاني على أنه وعد من الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم بأنه ينتقم من المكذبين.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1-
لا يملك الشفاعة يوم القيامة أحدٌ إلا الله تعالى فمن أذن له شفع ومن لم يأذن له لا يشفع، ولا يشَّفَعُ إلا لأهل التوحيد خاصة أما أهل الشرك والكفر فلا شفاعة لهم.
2-
مشركو العرب على عهد النبوة موحدون في الربوبية مشركون في العبادة.
3-
مشروعية الصفح والتجاوز عند العجز عن إقامة الحدود وإعلاء كلمة الله تعالى.