الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1-
مطلب العزة مطلب غال، وهو طاعة الله ورسوله ولا يعز أحد عزاًّ حقيقيا بدون طاعة الله ورسوله.
2-
علم الله المتجلي في الخلق والتدبير يضاف إليه قدرته تعالى التي لا يعجزها شيء بهما يتم الخلق والبعث والجزاء.
3-
تقرير البعث والجزاء وتقرير كتاب المقادير وهو اللوح المحفوظ.
وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
(12)
يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمّىً ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (13) إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (14)
شرح الكلمات:
عذب فرات: أي شديد العذوبة.
وهذا ملح أجاج: أي شديد الملوحة.
ومن كل تأكلون: أي ومن كل منهما.
لحماً طرياً: أي السمك.
حلية تلبسونها: أي اللؤلؤ والمرجان.
مواخر: أي تمخر الماء وتشقه عند جريانها في البحر.
لتبتغوا من فضله: أي لتطلبوا الرزق بالتجارة من فضل الله تعالى.
ولعلكم تشكرون: أي رجاء أن تشكروا الله تعالى على ما رزقكم.
يولج الليل في النهار: أي يدخل الليل في النهار فيزيد.
ويولج النهار في الليل: أي يدخل النهار في الليل فيزيد.
وسخر الشمس والقمر: أي ذللهما.
كل يجري لأجل مسمى: أي في فلكه إلى يوم القيامة.
والذين تدعون: أي تعبدون بالدعاء وغيره من العبادات وهم الأصنام.
ما يملكون من قطمير: أي من لفافة النواة التي تكون عليه وهي بيضاء رقيقة.
ولو سمعوا: أي فرضاً ما استجابوا لكم.
يكفرون بشرككم: أي يتبرأون منكم ومن عبادتكم إياهم.
ولا ينبئك مثل خبير: أي لا ينبئك أي بأحوال الدارين مثلي فإني خبير بذلك عليم.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في ذكر مظاهر قدرة الله وعمله وحكمة تدبيره لخلقه وهي مظاهر موجبة لله العبادة وحد دون غيره، ومقتضية للبعث الذي أنكره المشركون قال تعالى {وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ} أي لا يتعادلان. {هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ (1) شَرَابُهُ} أي ماؤه عذب شديد العذوبة {وَهَذَا مِلْحٌ (2) أُجَاجٌ} أي ماؤه شديد الملوحة لمرارته مع ملوحته، فهل يستوي الحق والباطل هل تستوي عبادة الأصنام مع عبادة الرحمن؟ والجواب لا. وقوله:{وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ} أي ومن كل من البحرين العذب والملح تأكلون لحماً طرياً وهو السمك {وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا} أي اللؤلؤ والمرجان. وهي حلية يتحلى بها النساء للرجال، وقوله {وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ} أي وترى أيها السامع لهذا الخطاب {الْفُلْكَ} أي السفن مواخر في البحر تمخر عباب البحر وتشق ماءه غادية رائحة تحمل الرجال والأموال، سخرها وسخر البحر {لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} أي الرزق بالتجارة، {وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} أي سخر لكم البحر لتبتغوا من فضله ورجاء أن تشكروا. لم يقل لتشكروا كما قال
1 - معنى سائغ شرابه أن شربه لا يكلف النفس كراهة وهو مشتق من الإساغة وهو استطاعة ابتلاع المشروب دون غصة قال الشاعر:
فساغ لي الشراب وكنت قبلا
أكاد أغص بالماء الفرات
2 -
المالح من الطعام والشراب: هو الذي يجعل فيه الملح والملح بكسر الميم وسكون اللام الشيء الموصوف بالملوحة بذاته لا بإلقاء الملح فيه والأجاج الشديد الملوحة.
لتبتغوا لأن الابتغاء حاصل من كل راكب، وأما الشكر فليس كذلك بل من الناس من يشكر ومنهم من لا يشكر، ولذا جاء بأداة الرجاء وهي لعل وقوله {يُولِجُ اللَّيْلَ (1) فِي النَّهَارِ} أي يدخل جزءاً من الليل في النهار فيطول، ويقصر الليل {وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ} أي يدخل جزءا منه في الليل فيطول كما أنه يدخل النهار في الليل، والليل في النهار بالكلية فإنه إذا جاء أحدهما ذهب الآخر ويشهد له قوله {وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ} ولازمه والنهار نسلخ منه الليل، فإذا الليل ليل والنهار نهار.
وقوله {وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ} أي ذللهما فهما يسيران الدهر كله بلا كلل ولا ملل لصالح العباد إذ بهما كان الليل والنهار، وبهما تعرف السنون والحساب وقوله {كُلٌّ يَجْرِي} أي كل منهما يجري {لِأَجَلٍ مُسَمّىً} أي إلى وقت محدود وهو يوم القيامة. ولما عرف تعالى نفسه بمظاهر القدرة قدرته وعلمه وحكمته ولطفه ورحمته قال للناس {ذَلِكُمُ (2) اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ} أي بعد أن أقام الحجة وأظهر الدليل لم يبق إلا الإعلان عن الحقيقة التي ينكر لها الكافرون فأعلنها بقوله {ذَلِكُمُ} ذو الصفات العظام والجلال والإكرام هو الله ربكم الذي لا رب لكم سواه له الملك، وليس لغيره فلا يصح طلب شيء من غيره، إذ الملك كله لله وحده، وأما الذين تدعون من دونه أي تعبدونهم من دونه وهي الأصنام والأوثان وغيرها من الملائكة والأنبياء والأولياء فإنهم لا يملكون من قطمير فضلاً عن غيره تمرة فما فوقها لأن الذي لا يملك قطميراً – وهو القشرة الرقيقة على النواة (3) - لا يملك بعيراً.
وقوله {إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ} نعم لا يسمعون لأنهم جمادات وأصنام من حجارة فكيف يسمعون وعلى فرض لو أنهم سمعوا ما استجابوا لداعيهم لعدم قدرتهم على الاستجابة. وقوله تعالى {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} فهم إذاً محنة لكم في الدنيا تنحتونهم وتحمونهم وتعبدونهم ويوم القيامة يكونون أعداء لكم وخصوماً فيتبرءون من شرككم إياهم في عبادة الله، فتقوم عليكم الحجة بسببهم فما الحاجة إذاً إلى الإصرار على عبادتهم وحمايتهم والدفاع عنهم. وقوله تعالى {وَلا يُنَبِّئُكَ} أيها السامع {مِثْلُ خَبِيرٍ} (4) وهو الله تعالى فالخبير أصدق من ينبئ
1 - هذا استدلال بمظاهر القدرة والعلم والرحمة والحكمة بما في العالم العلوي بعد الاستدلال بما ي العالم السفلي من ذلك.
2 -
هذا استئناف موقعه موقع النتيجة من الأدلة السابقة وهي أدلة مفصلة في غاية القوة والوضوح.
3 -
جاء في القرآن ذكر النقير والقطمير والفتيل واضطربت أقوال أهل اللغة في تحديدها والصحيح: أن النقير النقرة في وسط النواة، وأن الفتيل الخيط الأبيض في وسط النواة، وأن القطمير اللفافة البيضاء على النواة.
4 -
خبير صفة مشبهة مشتقة من خبر بضم الباء فلان الأمر إذا علمه علماً لا شك فيه وأجريت هذه الجملة مجرى المثل يقال (ولا ينبئك مثل خبير) .