الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يشبع والماء يروي والنار تحرق والحديد يقطع لا يبدله تعالى بل يبقى كذلك لأنه مبني على أساس الحكم التشريعية.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1-
التنديد بالمنافقين وتهديدهم بإمضاء سنة الله تعالى فيهم إذا لم يتوبوا.
2-
مشروعية إبعاد أهل الفساد من المدن الإسلامية أو يتوبوا بترك الفساد والإفساد، وخاصة المدينة النبوية الشريفة.
3-
بيان ما كان من الأشياء من قبل السنن لا يتبدل بتبدل الأحوال والظروف بل يبقى كما هو لا يبدله الله تعالى ولا يغيره.
يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً
(63)
إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً (64) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً (65) يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا (66) وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا (67) رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً (68)
شرح الكلمات:
يسألك الناس عن الساعة: أي يهود المدينة كما سأله أهل مكة فاليهود سألوه امتحاناً والمشركون سألوه تكذيباً بها واستعجالاً لها.
قل إنما علمها عند الله: أي أجب السائلين قائلا إنما علمها عند ربي خاصة فلم يعلمها غيره.
وما يدريك: أي لا أحد يدريك أيها الرسول أي يخبرك بها إذ علمها لله وحده.
لعل الساعة تكون قريبا: أي وما يشعرك أن الساعة قد تكون قريبة القيام.
وأعد لهم سعيرا: أي ناراً متسعرة.
خالدين فيها: أي مقدراً خلودهم فيها إذ الخلود يكون بعد دخولهم فيها.
تقلب وجوههم في النار: أي تصرف من جهة إلى جهة كاللحم عند شيّه يقلب في النار.
يا ليتنا أطعنا الله: أي يتمنون بأقوالهم لو أنهم أطاعوا الله وأطاعوا الرسول.
وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا: هذا قول الأتباع يشكون إلى الله سادتهم ورؤساءهم.
فأضلونا السبيلا: أي طريق الهدى الموصل إلى رضا الله عز وجل بطاعته.
آتهم ضعفين من العذاب: أي اجعل عذابهم ضعفي عذابنا لأنهم أضلونا.
والعنهم لعنا كبيراً: أي أخزهم خزياً متعدد المرات في عذاب جهنم.
معنى الآيات:
قوله تعالى {يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ (1) } أي ميقات مجيئها السائلون مشركون وأهل الكتاب فالمشركون يسألون عنها استبعاداً لها فسؤالهم سؤال استهزاء واليهود يسألون امتحانا للرسول صلى الله عليه وسلم، فأمره تعالى أن يجيب السائلين بجواب واحد ألا وهو إنما علمها عند الله، أي انحصر علمها في الله تعالى إذ أخفى الله تعالى أمرها عن الملائكة والمقربين منهم والأنبياء والمرسلين منهم كذلك فضلا عن غيرهم فلا يعلم وقت مجيئها إلا هو سبحان وتعالى. وقوله تعالى:{وَمَا يُدْرِيكَ} أي لا أحد يعلمك بها أيها الرسول، وقوله {لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً} أي وما يشعرك يا رسولنا لعل الساعة تكون قريبة القيام وهي كذلك قال تعالى {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ} وقال {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ} فأعلم بالقرب ولم يعلم بالوقت لحكم عالية منها استمرار الحياة كما (2) هي حتى آخر ساعة.
وقوله تعالى: {إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً} المكذبين بالساعة المنكرين لرسالتك الجاحدين بنبوتك لعنهم فطردهم من رحمته وأعد لهم ناراً مستعرة في جهنم خالدين فيها إذا دخلوها لم
1 - شاهد قرب الساعة في السنة قوله صلى الله عليه وسلم في الصحيح: "بعثت أنا والساعة كهاتين وأشار إلى السبابة والوسطى". وحذفت التاء من قريبا ذهاباً بالساعة إلى اليوم كما حذفت من قريب في قوله تعالى (إن رحمة الله قريب من المحسنين) ذهاباً بالرحمة إلى العفو.
2 -
من الحكم العالية لإخفاء الساعة أن يكون العبد مستعدا لها بالإيمان وصالح الأعمال في كل وقت وكذلك ساعة الفرد وهي الموت.
يخرجوا منها أبدا {لا يَجِدُونَ وَلِيّاً} أي يتولاهم فيدفع عنهم {وَلا نَصِيراً} أي ينصرهم ويخلصهم من محنتهم في جهنم. وقوله {يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ} (1) تصرف من جهة إلى جهة كما يقلب اللحم عند شيه يقولون عند ذلك يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسول يتحسرون متمنين لو أنهم أطاعوا الله وأطاعوا الرسول في الدنيا ولم يكونوا عصوا الله والرسول. وقوله تعالى: {وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا} (2) هذه شكوى منهم واعتذاراً وأنى لهم أن تقبل شكواهم وينفعهم اعتذارهم. أطعناهم فيما كانوا يأمروننا به من الكفر والشرك وفعل الشر فأضلونا السبيلا أي طريق الهدى فعشنا ضالين ومتنا كافرين وحشرنا مع المجرمين {رَبَّنَا} أي يا ربنا آتهم ضعفين من العذاب أي ضاعف يا ربنا لسادتنا وكبرائنا الذين أضلونا ضاعف لهم العذاب فعذبهم ضعفي عذابنا، والعنهم أي واخزهم في العذاب خزياً كبيراً يتوالى (3) عليهم دائماً وأبداً.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1-
بيان أن علم الساعة استأثر الله به فلا يعلم وقت مجيئها غيره.
2-
بيان أن الساعة قريبة القيام، ولا منافاة بين قربها وعدم علم قيامها.
3-
تقرير عقيدة البعث والجزاء بذكر أحوال الكافرين فيها.
4-
بيان أن طاعة السادة والكبراء في معاصي الله ورسوله يعود بالوبال على فاعليه.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهاً (69)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71) إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ
1 - وجائز أن تقلب الوجوه أيضا من لفح النار من الاسوداد إلى الاخضرار.
2 -
قرئ ساداتنا بكسر التاء جمع سيد.
3 -
الضعف بكسر الضاد العدد المماثل للمعدود فالأربعة ضعف الاثنين وقرئ كثيراً وكبيراً وكثيراً يناسب قولهم ضعفين.
وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً (72)
لِيُعَذِّبَ اللهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (73)
شرح الكلمات:
يا أيها الذين آمنوا: أي يا من صدقوا بالله ورسوله ولقاء الله وما جاء به رسول الله.
لا تكونوا كالذين آذوا موسى: أي لا تكونوا مع نبيكم كما كان بنو إسرائيل مع موسى إذ آذوه بقولهم إنه ما يمنعه من الاغتسال معنا إلا أنه آدر.
فبرأه الله مما قالوا: أي أراهم أنه لم يكن به أدرة وهي انتفاخ إحدى الخصيتين.
وكان عند الله وجيها: أي ذا جاهٍ عظيم عند الله فلا يخيّب له مسعى ولا يرد له مطلباً.
وقولوا قولا سديداً: أي صدقاً صائباً.
يصلح لكم أعمالكم: أي الدينية والدنيوية إذ على الصدق والموافقة للشرع نجاح الأعمال والفوز بثمارها.
فقد فاز فوزاً عظيماً: أي نال غاية مطلوبه وهو النجاة من النار ودخول الجنة.
إنا عرضنا الأمانة: أي ما ائتمن عليه الإنسان من سائر التكاليف الشرعية وما ائتمنه عليه أخوه من حفظ مال أو قول أو عرض أو عمل.
فأبين أن يحملنها وأشفقن منها: أي رفضن الالتزام بها وخفن عاقبة تضييعها.
وحملها الإنسان: أي آدم وذريته.
إنه كان ظلوماً جهولاً: أي لأنه كان ظلوماً أي كثير الظلم لنفسه جهولاً بالعواقب.
ليعذب الله المنافقين: أي وتحملها الإنسان قضاء وقدراً ليرتب الله تعالى على ذلك عذاب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات فيغفر لهم ويرحمهم وكان الله غفوراً رحيماً.
معنى الآيات:
قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى ينادي الله تعالى مؤمني هذه الأمة ناهياً لهم عن أذى نبيهم بأدنى أذى، وأن لا يكونوا كبني إسرائيل الذين آذوا موسى في غير موطن ومن ذلك ما ذكره صلى الله عليه وسلم عنه في قوله من رواية مسلم (1) "أن بني إسرائيل كانوا يغتسلون عراة ينظر بعضهم إلى بعض، وكان موسى يغتسل وحده فقالوا: ما منعه أن يغتسل معنا إلا أنه آدر، فذهب يوماً يغتسل فوضع ثوبه (2) على حجر وأخذ يغتسل وإذا بالحجر يهرب بالثوب فيجري موسى وراءه حتى وقف به على جمع من بني إسرائيل فرأوا أنه ليس به أدرة ولا برص كما قالوا فهذا معنى فبرأه الله مما قالوا، وكان عند الله وجيها أي ذا جاه عظيم.
ومما حصل لرسول الله صلى الله عليه وسلم من أذى أذاه في اتهام زوجه بالفاحشة من قبل أصحاب الإفك وقول بعضهم له وقد قسم مالا هذه قسمة ما أريد به وجه الله.
وقول بعضهم أعدل فينا يا رسول الله فقال له ويحك إذا لم أعدل أنا فمن يعدل؟
وكان يقول يرحم الله موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر!! هذا ما دلت عليه الآية الأولى (69) أما الآية الثانية (70) فقد نادى تعالى عباده المؤمنين الذين نهاهم عن أذية نبيهم وأن لا يكونوا في ذلك كقوم موسى بن عمران ناداهم ليأمرهم بأمرين الأول بتقواه عز وجل إذ قال {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} أي صدقوا الله ورسوله. {اتَّقُوا اللهَ} أي خافوا عقابه. فأدوا فرائضه واجتنبوا محارمه. والثاني بالتزام القول الحق الصائب (3) السديد، ورتب على الأمرين صلاح أعمالهم ومغفرة ذنوبهم إذ قول الحق والتزام الصدق مما يجعل الأقوال والأعمال مثمرة نافعة، فتثمر زكاة النفس وطهارة الروح. ثم أخبرهم مبشراً إياهم بقوله:{وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ} في الأمر والنهي فقد فاز فوزاً عظيماً وهي سعادة الدارين: النجاة من كل مخوف والظفر بكل محبوب مرغوب ومن
1 - رواه البخاري بمعناه أيضاً.
2 -
قال أهل العلم في وضع موسى ثوبه على الحجر ودخوله الماء عرياناً دليل على جواز مثل هذا الصنيع وهو كذلك، وهذا الجواز لا يتنافى الاستحباب إذ التستر مستحب بلا خلاف.
3 -
القول السديد هو لا إله إلا الله وهو القصد الحق وهو الذي يوافق ظاهره باطنه، وهو ما أريد به وجه الله دون سواه فالقول السديد الصائب يشمل كل هذا الذي ذكر.
ذلك النجاة من النار ودخول الجنة. هذا ما تضمنه قوله تعالى {يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} وقوله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ} يخبر تعالى منبهاً محذراً فيقول: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ} (1) وهي شاملة للتكاليف الشرعية كلها ولكل ما ائتمن عليه الإنسان من شيء يحفظه لمن ائتمنه عليه حتى يرده إليه عرض الأمانة على السموات والأرض والجبال بعد أن خلق الله لها عقلاً ونطقاً ففهمت الخطاب وردت الجواب فأبت تحملها بثوابها وأشفقت وخافت من تبعتها، وعرضت على الإنسان آدم فحملها بتبعتها من ثواب وعقاب لأنه كان ظلوماً لنفسه يوردها موارد السوء جهولاً بعواقب الأمور. هذا ما دلت عليه الآية الرابعة (72) وهي قوله تعالى {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً (2) جَهُولاً} . وقوله تعالى {لِيُعَذِّبَ (3) اللهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ (4) وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ} أي بتبعة النفاق والشرك، ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات أي تمّ عرضُ الأمانة وقبولُ آدم لها ليؤول الأمر إلى أن يكفر بعض أفراد الإنسان فيعذبوا بكفرهم الذي نجم عن تضييع الأمانة، ويؤمن بعض آخر فيفرط بعض التفريط ويتوب الله عليه فيغفر له ويدخله الجنة وكان الله غفوراً رحيماً ومن آثار ذلك أن تاب الله على المؤمنين والمؤمنات وغفر لهم ورحمهم بإدخالهم الجنة فسبحان الله المدبر الحكيم.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1-
وجوب تقوى الله عز وجل بفعل الأوامر واجتناب المناهي.
2-
صلاح الأعمال لتثمر للعاملين الزكاة للنفس، وطيب الحياة متوقف على التزام الصدق في
1 - روى معمر عن الحسن أن الأمانة عرضت على السموات والأرض والجبال قالت وما فيها؟ قيل لها إن أحسنت جوزيت وإن أسأت عوقبت فقالت لا قال مجاهد فلما خلق الله آدم عرضها عليه قال وما هي؟ قال إن أحسنت أجرتُك وإن أسأت عذبتك قال فقد تحملتها يا رب. قال مجاهد فما كان بين أن تحملها إلى أن أخرج من الجنة إلا قدر ما بين الظهر والعصر.
2 -
فكان الإنسان فريقين فريق ظلوم وفريق راشد عالم.
3 -
ليعذب اللام متعلقة بحمل أي حملها ليعذب العاصي ويثاب المطيع فهي لام التعليل وتعذيبهم نتيجة إضاعتهم الأمانة، ورحمة المؤمنين والمؤمنات نتيجة محافظتهم على الأمانة برعايتهم لها وسر ذلك أن التكاليف عملها يزكي النفس ويطهرها فتتأهل للجنة، وعدم عملها بتركها يسبب خبث النفس وهو يؤهل للنار وعذابها.
4 -
ذكر المنافقات والمشركات لأن المقام كمقام الإشهاد يتطلب ذكر الشاهد إقامة للحجة وإظهاراً للعدالة ولأن الجزاء العادل يتطلب التنصيص على من يقضى له أو عليه.