الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ
(63)
إِنَّ اللهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (64) فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ (65) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (66)
شرح الكلمات:
ولما جاء عيسى بالبينات: أي ولما جاء عيسى بن مريم إلى بني إسرائيل بالمعجزات والشرائع.
قال قد جئتكم بالحكمة: أي قال لبنى إسرائيل قد جئتكم بالنبوة وشرائع الإنجيل.
ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه: أي وجئتكم لأبين لكم ما اختلفتم فيه من أحكام التوراة من أمر الدين وغيره.
فاتقوا الله وأطيعون: أي خافوا الله وأطيعون فيما أبلغكموه عن الله من الأمر والنهى.
إن الله ربي وربكم فاعبدوه: أي إن الله إلهي وإلهكم فاعبدوه بحبه وتعظيمه والذلة له.
هذا صراط مستقيم: أي تقوى الله وطاعة الرسول وعبادة الله بما شرع هو الإسلام المعبر عنه بالصراط المستقيم.
فاختلف الأحزاب من بينهم: أي في شأن عيسى أهو الله: أو ابن الله، أو ثالث ثلاثة.
فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم: أي فويل للذين كفروا بما قالوا في عيسى من الكذب والباطل.
هل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة وهم لا يشعرون: أي ما ينتظر هؤلاء الأحزاب مع إصرارهم على ما قالوه في عيسى إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فجأة وهم لا يشعرون.
معنى الآيات:
بعد أن ذكر تعالى جدل المشركين في مكة وفرحهم بالباطل الذي قاله ابن الزبعري في شأن
الملائكة والعزير وعيسى عليهم السلام من أنهم في النار مع من عبدوهم، وبرأ تعالى الملائكة والعزير وعيسى لأنهم ما أمروا الناس بعبادتهم حتى يؤاخذوا بها، وإنما أمر بعبادتهم الشيطان فالشيطان ومن عبدوهم هم الذين في النار. وذكر تعالى شرف عيسى ومكانته وأنه عبد أنعم عليه بالنبوة وجعله مثلا لبني إسرائيل يستدلون به على قدرة الله تعالى إذ خلقه من غير أب كما خلق آدم من غير أب ولا أم وإنما خلقه من تراب ذكر رسالة عيسى عليه السلام إلى بني إسرائيل ليكون ذلك موعظة لكفار مكة فقال تعالى ولما جاء عيسى بالبينات (1) أي جاء بني إسرائيل مصحوباً بالبينات هي الإنجيل والمعجزات كإحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص وما إلى ذلك، قال لهم قد جئتكم بالحكمة أي النبوة من عند الله، ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه من أحكام التوراة وأمور الدين إذاً فاتقوا الله (2) يا بني إسرائيل أي خافوا عقابه المترتب على معاصيه وأطيعون فيما أبلغكموه من أمر ونهي عن الله تعالى، إن الله ربي وربكم أي إلهي وألهكم لا إله إلا هو فاعبدوه بفعل محابه وترك مساخطه حبا فيه وتعظيماً له ورهبة ورغبة. وقوله {هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ} أي هذا الذي دعوتكم إليه من اتقاء الله، وطاعة رسوله وعبادته وحده هو الطريق المستقيم الذي يفضي بسالكه إلى سعادة الدارين. قال تعالى:{فَاخْتَلَفَ (3) الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ} أي من بين بني إسرائيل من يهود ونصارى فقالت طائفة من اليهود افتراء أن عيسى ابن مريم ابن زنا وأمه بغى وقالوا ساحر. وقال النصارى: هو الله، أو ابن الله، أو ثالث ثلاثة.
قال تعالى {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ} أي مؤلم فتوعدهم الرب تعالى بالويل الذي هو واد يسيل في جهنم بما يتجمع من صديد فروج أهل النار وأبدانهم من دماء وقروح وأوساخ وهو عذاب يوم القيامة الأليم توعد هؤلاء الظالمين بما قالوا في عيسى عبد الله ورسوله عليه السلام وقال تعالى: {هَلْ (4) يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ} أي ما ينظرون إلا الساعة لأنهم ما تابوا إلى الله ولا راجعوا الحق فيما قالوه في عيسى بل أصروا: اليهود يصفونه بأخس الصفات والنصارى يصفونه بالألوهية التي هي حق الله رب عيسى ورب العالمين أن تأتيهم بغتة أي فجأة وهم لا يشعرون لأنهم مشغولون بالذرة والهدرجين والاستعمار والتجارة والانغماس في الشهوات كما هو واقع ومشاهد اليوم. وصدق الله العظيم.
1- قال ابن عباس يريد إحياء الموتى وإبراء الأسقام وخلق الطير والمائدة وغيرها والإخبار بكثير من الغيوب.
2-
أي اتقوا الشرك ولا تعبدوا إلا الله وحده ومن قال هذا فكيف يكون إلهاً يُعبَد وهو عبد يَعبُد ويوحد؟.
3-
ومن اختلافاتهم التي نعيت عليهم اختلاف فرق النصارى من النسطورية والملكية واليعقوبية اختلفوا في عيسى فقالت النسطورية هو ابن الله وقالت اليعقوبية هو الله وقالت الملكية ثالث ثلاثة أحدهم الله قاله الكلبي وغيره.
4-
الجملة مستأنفة بيانياً لما تقدم مما يثير في النفس تساؤلا فكان الجواب أن العذاب آت وأهله ما ينظرون إلا الساعة وأهل العذاب هم المختلفون من أهل الكتاب والمشركين إذ الجميع ظلموا بالشرك والكفر والتكذيب والآية تدعوهم إلى التوبة لينجوا من العذاب الأليم.