الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ
(36)
وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (37) إِنَّ اللهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (38) هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتاً وَلا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَاراً (39)
شرح الكلمات:
لا يقضى عليهم: أي بالموت فيموتوا ويستريحوا.
كذلك نجزي كل كفور: أي كذلك الجزاء نجزي كل كفور بنا وبآياتنا ولقائنا.
وهم يصطرخون فيها: أي يصيحون بأعلى أصواتهم يطلبون الخروج منها.
يقولون: أي في عويلهم وصراخهم ربنا أخرجنا أي منها نعمل صالحا.
أو لم نعمركم ما يتذكر فيه: أي وقتا يتذكر فيه من تذكر.
وجاءكم النذير: أي الرسول فلم تجيبوا وأصررتم على الشرك والمعاصي.
إنه عليم بذات الصدور: أي بما في القلوب من إصرار على الكفر ولو عاش الكافر طوال الحياة.
خلائف في الأرض: يخلف بعضكم بعضا. والخلائف جمع خليفة وهو من يخلف غيره.
فعليه كفره: أي وبال كفره.
إلا مقتا: أي إلا غضبا شديداً عليهم من الله عز وجل.
إلا خساراً: أي في الآخرة إذ يخسرون أنفسهم وأهليهم يوم القيامة.
معنى الآيات:
بعدما ذكر تعالى جزاء أهل الإيمان والعمل الصالح ذكر جزاء أهل الكفر والمعاصي فقال:
{وَالَّذِينَ كَفَرُوا (1) } أي بالله وآياته ولقائه {لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ} أي جزاء لهم {وَالَّذِينَ كَفَرُوا (2) } أي بالموت فيموتوا حتى يستريحوا ولا يخفف عنهم من عذابها ولا طرفة عين. وقوله {كَذَلِكَ} أي الجزاء {نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ} أي مبالغ في الكفر مكثر منه. وقوله: {وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ (3) فِيهَا} أي في جهنم أي يصرخون بأعلى أصواتهم في بكاء وعويل يقولون: {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا} أي من النار وردنا إلى الحياة الدنيا {نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ} أي من الشرك والمعاصي. فيقال لهم: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ (4) } أي أتطلبون الخروج من النار لتعملوا صالحا ولم نعمركم أي نطل أعماركم بحيث يتذكر فيها من يريد أن يتذكر وجاءكم النذير (5) فلم تجيبوه وأصررتم على الشرك والمعاصي، إذاً فذوقوا عذاب النار {فَمَا لِلظَّالِمِينَ} أي الذين ظلموا أنفسهم بالشرك والمعاصي من نصير ينصرهم فيخرجهم من النار. وقوله تعالى:{إِنَّ اللهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} أي كل ما غاب في السموات والأرض {إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} ومن ذلك أنه عليم بما في قلوبكم وما كنتم مصرين عليه من الشرك والشر والفساد ولو عشتم الدهر كله.
وقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ (6) } أي يخلف بعضكم بعضاً وفي ذلك ما يمكّن من العظة والاعتبار إذ العاقل من اعتبر بغيره فقد هلكت قبلكم أمم بذنوبهم فلم لا تتعظون بهم وقد خلفتموهم وجئتم بعدهم إذاً فلا عذر لكم أبداً.
وبعد هذا البيان فمن كفر فعليه كفره هو الذي يتحمل جزاءه، ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم {إِلَّا مَقْتاً} أي بعداً عن الرحمة وبعضاً شديداً، {وَلا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ} أي المصرين على الكفر كفرهم {إِلَّا خَسَاراً} أي هلاكاً في الآخرة.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
1-
بيان مُرّ العذاب وأليمه الذي هو جزاء الكافرين.
2-
الإعذار لمن بلّغه الله من العمر أربعين سنة.
1 - قال القرطبي لما ذكر أهل الجنة وأحوالهم ومقالتهم ذكر أهل النار وأحوالهم ومقالتهم.
2 -
هذا كقوله تعالى: {ثم لا يموت فيها ولا يحيا} من سورة الأعلى.
3 -
يصطرخون مبالغة في يصرخون افتعال من الصراخ وهو الصياح بشدة وجهد أي يصيحون من شدة ما أصابهم.
4 -
الاستفهام للتقريع والتوبيخ والواو عاطفة قولا محذوفاً تقديره يقولون ربنا أخرجنا ونقول ألم نعمركم والتعمير تطويل العمر.
5 -
هل النذير القرآن أو الرسول صلى الله عليه وسلم أو الشيب قال الشاعر:
رأيت الشيب من نُذُر المنايا
لصاحبه وحسبك من نذير.
وما في التفسير أصح.
6 -
أي خلفاً بعد خلف وقرناً بعد قرن، والخلف هو التالي للمتقدم.