الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شرح غَرِيب الحَدِيث
وَلما ذكر جَوَاز تَغْيِيره الْمَتْن بالمرادف أرشد إِلَى بَيَان مَا يكْشف ذَلِك مِنْهُ وَهُوَ شرح الْغَرِيب فَقَالَ: فَإِن خَفِي الْمَعْنى المُرَاد من الحَدِيث بِأَن كَانَ اللَّفْظ مُسْتَعْملا بقلة. أَي قَلِيل / الِاسْتِعْمَال احْتِيجَ إِلَى الْكتب المصنفة فِي شرح الْغَرِيب.
وَهُوَ فن مُهِمّ يقبح جَهله بِأَهْل الحَدِيث، والخوض فِيهِ صَعب، حقيق بِالتَّحَرِّي، جدير بالتوقي، فليحذر خائضه وليتق الله ربه أَن يقدم على تَفْسِير كَلَام نبيه عَلَيْهِ أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام رجما بِالظَّنِّ إِن بعض الظَّن إِثْم. وَكَانَ السّلف يتثبتون فِيهِ اشد التثبت، ويتحرون فِيهِ أعظم التَّحَرِّي، وَلِهَذَا لما سُئِلَ أَحْمد رضي الله عنه عَن حرف مِنْهُ قَالَ: سلوا أهل الْغَرِيب، فَإِنِّي أكره أَن أَتكَلّم فِي الحَدِيث بِالظَّنِّ. وَسُئِلَ الْأَصْمَعِي عَن معنى حَدِيث الْجَار أَحَق بسقبه؟ فَقَالَ: أَنا
لَا أفسر حَدِيث رَسُول الله، وَلَكِن الْعَرَب تزْعم أَن السقب اللزيق.
وَقد أَكْثرُوا التصنيف فِيهِ، وَقيل: إِن أول من صنف فِيهِ النَّضر بن شُمَيْل، وَقيل أَبُو عُبَيْدَة معمر بن الْمثنى، ثمَّ النَّضر، ثمَّ الْأَصْمَعِي اه.
ثمَّ كثرت التصانيف وانتشرت (ككتاب أبي عبيد بِالتَّصْغِيرِ الْقَاسِم بن سَلام
بشد اللَّام وَهُوَ غير مُرَتّب وَلَا مهذب وَقد رتبه الشَّيْخ موفق الدّين بن قدامَة بِالضَّمِّ من أكَابِر الْحَنَابِلَة والمحدثين على الْحُرُوف فسهل بذلك تنَاوله، لكنه مَعَ ذَلِك غير جَامع) وَأجْمع مِنْهُ كتاب ابي / عبيد (التصغير) الْهَرَوِيّ بِفتْحَتَيْنِ نِسْبَة إِلَى هراة مَدِينَة بخراسان الْمُسَمّى ب " الغريبين " وَقد اعتنى بِهِ الْحَافِظ الْكَبِير أَبُو مُوسَى فَنقبَ عَلَيْهِ واستدرك فِي كتاب سَمَّاهُ " الذيل ". وَألف فِيهِ - أَيْضا - ابْن قُتَيْبَة، ثمَّ الْخطابِيّ، ثمَّ عبد الغافر الْفَارِسِي كتابا سَمَّاهُ " مجمع الغرائب "،
ثمَّ السَّرقسْطِي كتابا سَمَّاهُ " غَرِيب الحَدِيث " وللزمخشري فِي هَذَا النَّوْع كتاب اسْمه " الْفَائِق " فِي مجلدين ضخمين حسن التَّرْتِيب بليغ الْعبارَة ثمَّ جمع الْجَمِيع أَي جَمِيع التصانيف المذكوره ابْن الْأَثِير فِي كتاب " النِّهَايَة " وَكتابه الْمَذْكُور أسهل الْكتب المذكوره تناولا وأحسنها وضعا مَعَ إعواز قَلِيل فِيهِ بل فَاتَهُ الْكثير، فذيل عَلَيْهِ الصفي الأرموي وَغَيره.
وَإِن كَانَ اللَّفْظ مُسْتَعْملا بِكَثْرَة لَكِن فِي مدلولة دقة احْتِيجَ إِلَى الْكتب المصنفة فِي شرح مَعَاني الْأَخْبَار وَبَيَان الْمُشكل فِيهَا، وَقد أَكثر
الْأَئِمَّة من التصانيف فِي ذَلِك كالطحاوي فألف فِيهِ كتابا حافلا والخطابي وَأَبُو عمر ابْن عبد الْبر وَابْن فورك وَغَيرهم.