الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ضَعِيف، وَقَول الْحسن خَطَبنَا لم يَصح، فَإِن الْحسن لم يكن بِالْبَصْرَةِ لما كَانَ ابْن عَبَّاس بهَا. وَيُقَال: إِن هَذَا من تدليسه وَإِن خَطَبنَا أَي خطب أهل الْبَصْرَة.
وَضَابِط ذَلِك أَن يجمع الرَّاوِي الضَّمِير ويقصد أهل بَلَده، أَو أَقَاربه، أَو المشاركين لَهُ فِي صفة مَا، وَيدل لجَوَاز ذَلِك قَول الرجل الَّذِي يقْتله الدَّجَّال: أشهد أَنَّك الرجل الَّذِي حَدثنَا رَسُول الله أَي حدث الْأمة الَّذِي أَنا مِنْهُم.
والتدليس قِسْمَانِ:
1 -
الأول: تَدْلِيس الْإِسْنَاد: بِأَن يروي عَمَّن لقِيه مَا لم يسمعهُ مِنْهُ موهما سَمَاعه. وَرُبمَا لم يسْقط شَيْخه وأسقطه غَيره لكَونه ضَعِيفا أَو صَغِيرا تحسينا للْحَدِيث.
2 -
الثَّانِي: تَدْلِيس الشُّيُوخ: بِأَن يُسمى شَيْخه، أَو يكنيه، أَو
ينْسبهُ، أَو يصفه بِمَا لَا يعرف بِهِ، أَو يصف شيخ شَيْخه بذلك.
فَالْأول مَكْرُوه جدا، ذمه الْجُمْهُور حَتَّى قَالَ شعبه: لِأَن أزني أحب إِلَى من أَن أدلس. وَقَالَ التَّدْلِيس أَخُو الْكَذِب. وَحكمه أَن مَا رَوَاهُ بِلَفْظ مُحْتَمل لم يبين فِيهِ السماع لم يقبل، وَمَا بَينه فِيهِ كسمعت وَحدثنَا وَأخْبرنَا وَنَحْو ذَلِك فمقبول يحْتَج بِهِ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ - وَغَيرهمَا - مِنْهُ كثير.
وَمَا فِي نَحْو الصَّحِيحَيْنِ عَن المدلسين بعن مَحْمُول على ثُبُوت اللِّقَاء من جِهَة أُخْرَى، وَإِنَّمَا آثر صَاحب الصَّحِيح طَرِيق العنعنة لِأَنَّهَا على شَرطه دون تِلْكَ.
وَأما الثَّانِي: فكراهته أخف، وَيخْتَلف الْحَال فِي كَرَاهَته بِحَسب قَصده، ككون المغير اسْمه ضَعِيفا فيدلسه لِئَلَّا يظْهر رِوَايَته عَن الضُّعَفَاء. وَالأَصَح أَنه لَيْسَ بِجرح إِذا كَانَ لكَونه صَغِيرا أَو مُتَأَخّر الْوَفَاة أَو نَحْو ذَلِك، وَمِمَّنْ سمع مِنْهُ كثيرا فَامْتنعَ فِي تكراره على صُورَة وَاحِدَة إيهاما لِكَثْرَة الشُّيُوخ.
قَالَ لي شَيخنَا عَالم الشَّافِعِيَّة (فِي الأقطار المعربة) الشَّمْس الرملى - رَحمَه الله تَعَالَى - عَن مُحَقّق الشَّافِعِيَّة أَبِيه عَن شُيُوخه: أَن الْمُؤلف احْتَاجَ إِلَى رِوَايَته عَن ولد شَيْخه الْحَافِظ الزين
الْعِرَاقِيّ - هُوَ شيخ الْإِسْلَام الْوَلِيّ الْعِرَاقِيّ - فَصَارَ يَقُول فِي " أَمَالِيهِ ": حَدثنِي أَحْمد الصحراوي موهما أَنه غَيره لصغره ومشاركته لَهُ / فِي شُيُوخه.
وَمن أَقسَام التَّدْلِيس: عكس هَذَا، وَهُوَ إِعْطَاء شخص آخر مَشْهُورا تَشْبِيها، ذكره فِي " جمع الْجَوَامِع " فَيَقُول أخبرنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ يَعْنِي الذَّهَبِيّ، تَشْبِيها بالبيهقي حَيْثُ يَقُول حَدثنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ يعْنى بِهِ الْحَاكِم لظُهُور الْمَقْصُود.
وَكَذَا إِبْهَام اللقي والرحلة كحدثنا من وَرَاء النَّهر يُوهم أَنه نهر جيحون - يعْنى نهر بَلخ -، وَمَا رَوَاهُ إقليم اشْتهر أَهله بِأَهْل
مَا وَرَاء النَّهر مِنْهُم كثير من الْعلمَاء الْحَنَفِيَّة، وَهُوَ إِنَّمَا يُرِيد الجيزة - مثلا - وَهُوَ بِمصْر، وَلَيْسَ هَذَا بِجرح قطعا لِأَنَّهُ من المعاريض لَا من الْكَذِب كَمَا فِي " الاقتراح " و " أَحْكَام " الآمدى وَغَيرهمَا.
وَحكم من يثبت عَنهُ التَّدْلِيس إِذا كَانَ عدلا أَن لَا يقبل مِنْهُ إِلَّا مَا صرح فِيهِ بِالتَّحْدِيثِ على الْأَصَح. وَمُقَابل الْأَصَح: الْقبُول مُطلقًا، وَالرَّدّ مُطلقًا وَإِن صرح بِالتَّحْدِيثِ، وَالَّذِي عَلَيْهِ أهل الْأُصُول أَن التَّدْلِيس فِي الْأَسَانِيد لَيْسَ بِجرح مُطلقًا. وَقَول ابْن السَّمْعَانِيّ: إِلَّا أَن يكون بِحَيْثُ لَو يسْأَل عَنهُ لم يُبينهُ فَإِن صنعه حِينَئِذٍ جرح لَهُ
لظُهُور الْكَذِب فِيهِ. رد بِمَنْع ذَلِك فَترك الِاسْتِثْنَاء أظهر مِنْهُ، فالاطلاق أظهر. اه.
أما مُدَلّس الْمُتُون وَهُوَ من يدرج كَلَامه مَعهَا بِحَيْثُ لَا يتميزان فمجروح لإيقاعه غَيره فِي الْكَذِب على رَسُول الله.