الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المخضرمون
وَبَقِي بَين الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ طبقَة اخْتلف فِي إلحاقهم بِأَيّ الْقسمَيْنِ وهم: المخضرمون. بِضَم الْمِيم وَفتح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَسُكُون الضَّاد وَفتح الرَّاء.
وهم الَّذين أدركوا الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام، وَلم يرَوا عَن النَّبِي. فعدهم ابْن عبد الْبر. فِي كتاب " التَّمْهِيد " فِي الصَّحَابَة. كَذَا عبر الْمُؤلف. وَتعقبه الشَّيْخ قَاسم " بِأَنَّهُ كَانَ الأولى أَن يَقُول: فعدهم مَعَهم لما يَأْتِي من أَنه لم يعْتد لَهُم بِهِ.
وَادّعى عِيَاض - وَغَيره - أَن ابْن عبد الْبر يَقُول: إِنَّهُم أَصْحَابه وَفِيه نظر ظَاهر لِأَنَّهُ أَي ابْن عبد الْبر أفْصح فِي خطْبَة كِتَابه الْمُسَمّى ب " الِاسْتِيعَاب " بِأَنَّهُ إِنَّمَا أوردهم فِيهِ ليَكُون كِتَابه جَامعا مستوعبا لأهل
الْقرن الأول. قَالَ / الشَّيْخ قَاسم " يُقَال للمؤلف: أَنْت صرحت بِأَنَّهُ عدهم فِيهِ، فَمَا ورد على عِيَاض فَهُوَ وَارِد على ظَاهر عبارتك، فَكَانَ الأولى مَا قُلْنَاهُ.
وَالصَّحِيح إِنَّهُم معدودون فِي كبار التَّابِعين، سَوَاء أعرف أَن الْوَاحِد مِنْهُم كَانَ مُسلما فِي زمن النَّبِي كالنجاشي أم لَا؟ لَكِن أَن ثَبت أَن النَّبِي لَيْلَة الْإِسْرَاء كشف لَهُ عَن جَمِيع من فِي الأَرْض فَرَآهُمْ فَيَنْبَغِي أَن يعد من كَانَ مُؤمنا بِهِ فِي حَيَاته إِذْ ذَاك وَإِن لم يلاقه فِي الصَّحَابَة.
مُتَعَلق بيعد لحُصُول الرُّؤْيَة من جَانِبه صلى الله عليه وسلم.
كَذَا بَحثه الْمُؤلف، ورده الْكَمَال ابْن أبي الشريف بِأَن هَذَا لَا يسلم على مَا ذكره من التَّعْرِيف باللقي مُتَابعًا فِيهِ غَيره، إِنَّمَا يسلم على تَعْرِيف من عرف الصَّحَابِيّ: بِأَنَّهُ من رَأْي النَّبِي
…
إِلَى آخِره. انْتهى.
وَقَالَ البقاعي: قَالَ الزَّرْكَشِيّ: من وَقع بصر النَّبِي وَلم يره هُوَ لَيْسَ بصحابي وَلَا قَائِل بِهِ، لِئَلَّا يلْزم دُخُول كل من عاصره، لِأَنَّهُ كشف لَهُ عَلَيْهِ أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي لَيْلَة الْإِسْرَاء - وَغَيرهَا - عَنْهُم أَجْمَعِينَ، ورآهم كلهم. انْتهى.
فقد أَتَى بِصِيغَة تدل على إِثْبَات الْجَزْم بِالرُّؤْيَةِ لَيْلَة الْإِسْرَاء
وَغَيرهَا، وَمَعَ ذَلِك نفى اسْم الصُّحْبَة عَن المرئيين. انْتهى.
وَقَالَ الشَّيْخ قَاسم: بِأَن مَا ذكره المُصَنّف - فِيمَا تقدم - من الصُّحْبَة من الْأَحْكَام الظَّاهِرَة / يدل على أَن ذَلِك لَو ثَبت لَا يدل على الصُّحْبَة، لِأَن مَا فِي عَالم الْغَيْب لَا يكون حكمه حكم مَا فِي عَالم الشَّهَادَة.
ثمَّ قَالَ: وَالْحق أَن الْأُمُور الْحَاصِلَة لَهُ عَلَيْهِ أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام بالكشف حكمهَا حكم الْأُمُور الْحَاصِلَة لَهُ بالعيان، وَلَا علاقَة لما ذكره فِي الصُّحْبَة بِهَذَا، لِأَن ذَاك فِي الظَّاهِر الَّذِي يُقَابل الِاعْتِقَاد.
قَالَ: وَقَوله وَإِن لم يلاقه لَيْسَ بجيد، لِأَنَّهُ تقدم لَهُ أَن اللقي يصدق بِرُؤْيَة أَحدهمَا للْآخر، فَكَانَ الأولى أَن يَقُول: وَلم يجْتَمع مَعَه. انْتهى.
تَنْبِيه:
قَالُوا معرفَة الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ أصلان عظيمان، بهما يعرف الْمُتَّصِل والمرسل وَغير ذَلِك، فَلَا بُد لأَصْحَاب عُلُوم الشَّرْع الثَّلَاثَة من ذَلِك.