الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رِوَايَة الْآبَاء عَن الْأَبْنَاء وَنَحْوهَا
وَمِنْه - أَي من جملَة هَذَا النَّوْع - خلافًا لِابْنِ الصّلاح وَمن تبعه حَيْثُ جَعَلُوهُ قسما مُفردا وَهُوَ أخص من مطلقه رِوَايَة الْآبَاء عَن الأنباء (وَفِي عَكسه) وَالصَّحَابَة عَن التَّابِعين. كَرِوَايَة العبادلة الْأَرْبَعَة وَأبي هُرَيْرَة وَمُعَاوِيَة وَأنس عَن كَعْب الْأَحْبَار وَالشَّيْخ عَن تِلْمِيذه وَنَحْو ذَلِك.
وكرواية الْعَبَّاس عَن ابْنه الْفضل عَن الْمُصْطَفى عَلَيْهِ أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام: أَنه جمع بَين الصَّلَاتَيْنِ بِمُزْدَلِفَة. وَرِوَايَة وَائِل بن دَاوُد عَن ابْنه بكر بن وَائِل عَن الزُّهْرِيّ عَن
أنس أَنه عَلَيْهِ أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام: أولم على صَفِيَّة بسويق وَسمن. وَفِي عَكسه أَي وَفِي رِوَايَة الْأَبْنَاء عَن الْآبَاء كَثْرَة وَمِنْه: من روى عَن أَبِيه عَن جده لِأَنَّهُ هُوَ الجادة المسلوكة الْغَالِبَة قَالَ الشَّيْخ قَاسم: كَانَ يَنْبَغِي تَأْخِير قَوْله وَمِنْه من روى عَن أَبِيه عَن جده عَن قَوْله لِأَنَّهُ إِلَى آخِره.
وَفَائِدَة معرفَة ذَلِك أَي هَذَا النَّوْع التَّمْيِيز بَين مَرَاتِبهمْ وتنزيل النَّاس مَنَازِلهمْ، لِئَلَّا يتَوَهَّم أَن الْمَرْوِيّ عَنهُ أفضل، أَو أكبر من الرَّاوِي لكَونه أغلب، وَهُوَ أَقسَام:
1 -
أَحدهمَا: أسن وأقدم طبقَة من الْمَرْوِيّ عَنهُ كالزهري عَن
مَالك، وكالأزهري عَن تِلْمِيذه الْخَطِيب. 2 - وَالثَّانِي: أكبر قدرا لَا سنا كمالك عَن عبد الله بن دِينَار وَأحمد بن حَنْبَل عَن عبيد الله بن مُوسَى الْعَبْسِي.
3 -
الثَّالِث: أكبر من الْوَجْهَيْنِ مَعًا، كالحافظ عبد الْغَنِيّ عَن تِلْمِيذه الصُّورِي، وكالبرقاني عَن الْخَطِيب، والخطيب عَن ابْن مَاكُولَا.
وَقد صنف الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ فِي رِوَايَة الْآبَاء عَن الْأَبْنَاء تصنيفا حافلا جَامعا وأفرد جُزْءا لطيفا فِي رِوَايَة الصَّحَابَة عَن التَّابِعين على
اخْتِلَاف طبقاتهم.
وَجمع الْحَافِظ صَلَاح الدّين العلائي بِالْفَتْح وَالتَّخْفِيف نِسْبَة إِلَى سكَّة الْعلَا ببخاري، وَقيل إِلَى الْجد / مجلدا كَبِيرا فِي معرفَة من روى عَن أَبِيه عَن جده عَن النَّبِي، وقسمه أقساما:
1 -
فَمِنْهُ: مَا يعود الضَّمِير فِي قَوْله عَن جده على الرواي.
2 -
وَمِنْه: مَا يعود الضَّمِير فِيهِ على أَبِيه أَي أبي الرَّاوِي فَيكون جد أَبِيه لَا جده هُوَ أعنى الراوية. ذكره الشَّيْخ قَاسم.
وَبَين ذَلِك بَيَانا شافيا وحققه تَحْقِيقا كَافِيا وافيا وَخرج فِي كل تَرْجَمَة مِنْهُ حَدِيثا من مرويه عَن الْأَب عَن الْجد وَقد لخصت كِتَابه الْمَذْكُور وزدت عَلَيْهِ تراجم كَثِيرَة فَاتَتْهُ.
قَالَ الشَّيْخ قَاسم: طالعت التَّلْخِيص الْمَذْكُور من خطّ الْمُؤلف، وأظهرت فِيهِ سِتّ تراجم لَا وجود لَهَا فِي الْوُجُود وَهِي:
1 -
حَمَّاد بن عِيسَى الْجُهَنِيّ عَن أَبِيه عَن جده عُبَيْدَة بن صَيْفِي.
2 -
وَعبد الله بن عبد الحكم عَن أمه أُمَيْمَة عَن أمهَا رقيقَة.
3 -
وَعَن عبد الله بن معَاذ بن عبد الله بن جَعْفَر عَن أَبِيه عَن جده.
4 -
وَبشير بن النُّعْمَان بن بشير بن النُّعْمَان بن بشير عَن أَبِيه عَن جده.
5 -
وخَالِد بن مُوسَى بن زِيَاد بن جهور عَن أَبِيه عَن جده جهور.
وَلما رَأَيْت هَذَا وضعت كتابا فِي هَذَا النَّوْع، وبينت فِيهِ مَا كَانَ مُتَّصِلا بِالْآبَاءِ مِمَّا فِيهِ انْقِطَاع الْآبَاء، وفصلت كل قسم على حِدة، وَخرجت فِي كل تَرْجَمَة حَدِيثا إِلَّا مَا كَانَ فِي أحد الْكتب السِّتَّة، وَمَا فِي
بعض الْكتب الَّتِي لم تكن بحضرتي إِذْ ذَاك فنسبته إِلَيْهَا. انْتهى
وَأكْثر مَا وَقع فِيهِ مَا تسلسلت فِيهِ الرِّوَايَة عَن الْآبَاء أَرْبَعَة عشر أَبَا. وَلم يتَّفق وُقُوع أَكثر من ذَلِك بالاستقراء التَّام.
فَائِدَة:
يلْتَحق بِرِوَايَة الرجل عَن أَبِيه عَن جده: رِوَايَة الْمَرْأَة عَن أمهَا عَن جدَّتهَا وَهُوَ عَزِيز جدا. وَمن ذَلِك مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَن بنْدَار حَدثنَا عبد الحميد بن عبد الْوَاحِد حَدَّثتنِي أم جنوب بنت نميلَة عَن أمهَا سويدة بنت جَابر عَن أمهَا عقيلة بنت أسمر بن مُضرس عَن أببها أسمر قَالَ:
أتيت النَّبِي فَبَايَعته فَقَالَ: من سبق إِلَى مَا لم يسْبق إِلَيْهِ مُسلم فَهُوَ لَهُ. .
معرفَة السَّابِق واللاحق
وَإِن اشْترك اثْنَان فِي الْأَخْذ عَن شيخ فِي آن وَاحِد وَتقدم موت أَحدهمَا على موت الآخر فَهُوَ من أَقسَام الْعُلُوّ الْمُسَمّى السَّابِق واللاحق وَهُوَ الْعُلُوّ بتقدم الْوَفَاة - أَي وَفَاة الرَّاوِي - سَوَاء كَانَ سَمَاعه مَعَ الْمُتَأَخر الْوَفَاة فِي آن وَاحِد أَو قبله، وَكَذَا إِذا كَانَ بعده (- فِيمَا يظْهر من إِطْلَاقهم -) لكَون الْمُتَقَدّم الْوَفَاة نقل الروَاة عَنهُ فيرغب فِي تَحْصِيل مروية. قَالَه السخاوي - رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ -. وَفِي كَلَام الْمُؤلف شُمُول لما تقدم موت أَحدهمَا على الآخر بِزَمن قَلِيل، أَو كَانَ مَوْتهمَا فِي حَيَاة شيخهما، وَلَا يخفى أَنه لَا يُطلق على ذَلِك مثله. كَمَا ذكره بعض الْمُتَأَخِّرين.
وَأكْثر مَا وقفنا عَلَيْهِ من ذَلِك (مَا بَين) الرِّوَايَتَيْنِ فِيهِ
فِي الْوَفَاة مائَة وَخَمْسُونَ سنة، وَلم يُوجد أَكثر من ذَلِك بالاستقراء وَذَلِكَ أَن الْحَافِظ السلَفِي سمع مِنْهُ أَبُو عَليّ / البرداني بِالتَّحْرِيكِ أحد مشايخه أَي السلَفِي حَدِيثا وَرَوَاهُ عَنهُ وَمَات على رَأس الْخَمْسمِائَةِ ثمَّ كَانَ آخر أَصْحَاب السلَفِي موتا سبطه أَبُو الْقَاسِم عبد الرَّحْمَن بن مكي ووفاته سنة خمسين وسِتمِائَة فبينهما مائَة وَخَمْسُونَ سنة.
وَمن قديم ذَلِك أَن البُخَارِيّ حدث عَن شَيْخه أبي الْعَبَّاس السراج بِالتَّشْدِيدِ أَشْيَاء فِي التَّارِيخ وَغَيره، وَمَات سنة سِتّ وَخمسين وَمِائَتَيْنِ وَآخر من حدث عَن السراج بِالسَّمَاعِ أَبُو الْحُسَيْن أَحْمد بن مُحَمَّد الْخفاف النَّيْسَابُورِي وَمَات سنة ثَلَاث وَتِسْعين وثلاثمائة فَبين وفاتيهما مائَة وَسبع وَثَلَاثُونَ سنة.
وَقد سمع الذَّهَبِيّ من أبي إِسْحَق التنوخي وَحدث عَنهُ كَمَا ذكره الْمُؤلف فِي " تَارِيخه " وَمَات سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة، وَآخر من مَاتَ من أَصْحَاب التنوخي الشهَاب الساوي مَاتَ سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة.
وغالب مَا يَقع من ذَلِك أَن المسموع مِنْهُ يتَأَخَّر بعد أَخذ الرَّاوِي عَنهُ زَمَانا حَتَّى يسمع مِنْهُ بعض الْأَحْدَاث، ويعيش بعد السماع مِنْهُ دهرا طَويلا، فَيحصل من مَجْمُوع ذَلِك نَحْو هَذِه الْمدَّة.
وَمن فَوَائِد هَذَا النَّوْع: حلاوة علو الْإِسْنَاد فِي الْقُلُوب وَإِن لَا يظنّ سُقُوط شَيْء من الْإِسْنَاد.
وَقد ألف فِيهِ الْخَطِيب كتابا.