المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الإسناد العالي وأقسامه - اليواقيت والدرر شرح شرح نخبة الفكر - جـ ٢

[عبد الرؤوف المناوي]

فهرس الكتاب

- ‌الحَدِيث المعضل والمنقطع

- ‌معرفَة المدلس

- ‌والتدليس قِسْمَانِ:

- ‌الْمُرْسل الْخَفي

- ‌أَسبَاب الطعْن فِي الروَاة إِجْمَالا

- ‌الحَدِيث الْمَتْرُوك

- ‌الحَدِيث الْمُنكر

- ‌الحَدِيث الْمُعَلل

- ‌الحَدِيث المدرج

- ‌الحَدِيث المقلوب

- ‌الْمَزِيد فِي مُتَّصِل الْأَسَانِيد

- ‌الحَدِيث المضطرب

- ‌الْمُصحف والمحرف

- ‌اخْتِصَار الحَدِيث

- ‌الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى

- ‌شرح غَرِيب الحَدِيث

- ‌الْجَهَالَة بالراوي

- ‌المبهمات

- ‌مَجْهُول الْعين

- ‌مَجْهُول الْحَال

- ‌حكم رِوَايَة المبتدع

- ‌الشاذ

- ‌الْمُخْتَلط

- ‌الْحسن لغيره

- ‌الْمَرْفُوع

- ‌معرفَة الصَّحَابَة رضي الله عنهم

- ‌طرق معرفَة الصَّحَابَة:

- ‌معرفَة التَّابِعين

- ‌المخضرمون

- ‌الْمَرْفُوع وَالْمَوْقُوف والمقطوع

- ‌الْمسند

- ‌الْإِسْنَاد العالي وأقسامه

- ‌الْمُوَافقَة

- ‌الْبَدَل

- ‌الْمُسَاوَاة

- ‌المصافحة

- ‌الْإِسْنَاد النَّازِل

- ‌رِوَايَة الأقران وأقسامها

- ‌المدبج

- ‌رِوَايَة الأكابر عَن الأصاغر

- ‌رِوَايَة الْآبَاء عَن الْأَبْنَاء وَنَحْوهَا

- ‌المهمل

- ‌معرفَة من حدث وَنسي

- ‌معرفَة المسلسل

- ‌معرفَة صِيغ الْأَدَاء

- ‌الْمُتَّفق والمفترق

- ‌معرفَة الْمُخْتَلف والمؤتلف

- ‌معرفَة الْمُتَشَابه

- ‌معرفَة طَبَقَات الروَاة

- ‌معرفَة المواليد والوفيات

- ‌معرفَة الْبلدَانِ والأوطان

- ‌معرفَة أَحْوَال الروَاة جرحا وتعديلا

- ‌معرفَة الكنى

- ‌معرفَة الْأَسْمَاء الْمُجَرَّدَة

- ‌معرفَة الْأَسْمَاء المفردة

- ‌معرفَة الْأَنْسَاب

- ‌معرفَة الموَالِي

- ‌معرفَة الْأُخوة وَالْأَخَوَات

- ‌معرفَة آدَاب الشَّيْخ والطالب

- ‌معرفَة سنّ التَّحَمُّل وَالْأَدَاء

- ‌تحمل الْكَافِر وَالْفَاسِق

- ‌زمن الْأَدَاء

- ‌صفة كِتَابَة الحَدِيث

- ‌صفة الرحلة فِي طلب الحَدِيث

- ‌صفة تصنيف الحَدِيث

- ‌معرفَة سَبَب الحَدِيث

الفصل: ‌الإسناد العالي وأقسامه

‌الْإِسْنَاد العالي وأقسامه

فَإِن قل عدده - أَي عدد رجال الْمسند - من غير نقص فإمَّا أَن يَنْتَهِي إِلَى النَّبِي بذلك الْعدَد الْقَلِيل بِالنِّسْبَةِ إِلَى سَنَد آخر يرد بِهِ ذَلِك الحَدِيث بِعَيْنِه بِعَدَد كثير، أَو يَنْتَهِي إِلَى إِمَام من أَئِمَّة الحَدِيث ذِي صفة عَلَيْهِ كالحفظ، وَالْفِقْه، والضبط والتصنيف، وَغير ذَلِك من الصِّفَات الْمُقْتَضِيَة للترجيح كشعبة، وَالْأَعْمَش، وَمَالك، وَالثَّوْري، وَالْإِمَام الشَّافِعِي، وَالْبُخَارِيّ، وَمُسلم وَنَحْوهم فَالْأول الْمعول عَلَيْهِ وَهُوَ مَا يَنْتَهِي إِلَى النَّبِي / وَهُوَ الْعُلُوّ الْمُطلق وَهُوَ الْقرب من رَسُول فَإِن اتّفق أَن يكون سَنَده صَحِيحا كَانَ الْغَايَة القصوى فِي الْعُلُوّ وَإِلَّا فَإِن لم يتَّفق ذَلِك فِيهِ فصورة الْعُلُوّ فِيهِ مَوْجُودَة لَا حَقِيقَة مَا لم يكن مَوْضُوعا فَهُوَ كَالْعدمِ وَقَوْلنَا: من غير نقص احْتِرَازًا عَن السَّنَد الَّذِي قل عدد رِجَاله لوُقُوع نقص فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يُطلق عَلَيْهِ الْعُلُوّ.

وَالثَّانِي: الْعُلُوّ النسبي، وَهُوَ مَا يقل الْعدَد فِيهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى ذَلِك

ص: 232

الإِمَام وَلَو كَانَ الْعدَد من ذَلِك الإِمَام إِلَى منتهاه كثيرا. وَمَا ذهب إِلَيْهِ الْمُؤلف: من اشْتِرَاط قلَّة الْعدَد، وَكَونه غير ذِي صفة عَلَيْهِ، وَأَن مَا كثر عدده عَن حَافظ ضَابِط فَقِيه، أَو قل عدده عَن ذِي صفة لَا يُطلق عَلَيْهِ الْعُلُوّ، وَهُوَ غير مرضِي.

فقد قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ - وَأقرهُ السخاوي -: الْعُلُوّ بِالنِّسْبَةِ لغير الضَّابِط المتقن صوري، وَلِذِي الإتقان والضبط وَإِن (كثر) الْعدَد معنوي. اه. فَإِن تَعَارضا فَمَا فضل بالإتقان والضبط أَعلَى.

وَاعْلَم أَن طلب الْعُلُوّ فِي الْإِسْنَاد سنة، وَلذَلِك اسْتحبَّ الرحلة، وَلِهَذَا قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل طلب الْإِسْنَاد العالي سنة عَمَّن سلف. وَقَالَ الطوسي: قرب الْإِسْنَاد قرب أَو قربَة إِلَى الله. قيل لِابْنِ معِين

ص: 233

- فِي مرض مَوته: مَا تشْتَهي؟ قَالَ: / بَيت خَال، وَسَنَد عَال. وَمحله فِيمَن جمع مَعَ قلَّة الْعدَد وَكَمَال الضَّبْط والإتقان مَعَ توفر بَقِيَّة صِفَات التَّرْجِيح فَلَا عِبْرَة بِمُجَرَّد الْقرب (قَالَ وَكِيع لأَصْحَابه: الْأَعْمَش. . عَن أبي وَائِل عَن عبد الله: أحب إِلَيْكُم أم سُفْيَان عَن مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة عَن عبد الله؟ .

قَالُوا: الْأَعْمَش عَن أَبى وَائِل أقرب.

قَالَ: الْأَعْمَش شيخ، وسُفْيَان عَمَّن ذكر فَقِيه عَن فَقِيه. وَقَالَ ابْن الْمُبَارك: لَيْسَ جودة الحَدِيث قرب الْإِسْنَاد بل صِحَة الرِّجَال) .

وَقد عظمت رَغْبَة الْمُتَأَخِّرين فِيهِ، حَتَّى غلب ذَلِك على كثير مِنْهُم بِحَيْثُ أهملوا الِاشْتِغَال بِمَا هُوَ أهم. وَاشْتَغلُوا بِهِ لما يَقع لَهُم فِي ذَلِك

ص: 234

من: الْمُوَافقَة، وَالْبدل، والمساواة، والمصافحة.

وَإِنَّمَا كَانَ الْعُلُوّ مرغوبا فِيهِ لكَونه أقرب إِلَى الصِّحَّة، وَقلة الْخَطَأ، لِأَنَّهُ مَا من راو من رجال الْإِسْنَاد إِلَّا وَالْخَطَأ جَائِز عَلَيْهِ عقلا فَكلما كثرت الوسائط وَطَالَ السَّنَد كثرت مظان التجويز للخطأ، وَكلما قلت قلت.

قَالَ ابْن الْمَدِينِيّ: النُّزُول شُؤْم. وَقَالَ ابْن معِين: الْإِسْنَاد النَّازِل قرحَة فِي الْوَجْه.

فَإِن كَانَ فِي النُّزُول مزية لَيست فِي الْعُلُوّ كَأَن يكون رِجَاله أوثق مِنْهُ، أَو أحفظ، أَو أفقه. والاتصال فِيهِ أظهر فَلَا تردد فِي أَن النُّزُول حِينَئِذٍ أولى. لِأَنَّهُ ترجح بِأَمْر معنوي فَكَانَ أولى.

ص: 235

ذكره الشَّيْخ قَاسم. لَا سِيمَا إِذْ كَانَ فِيهِ بعض الْكَذَّابين مِمَّن ادّعى سَمَاعا من الصَّحَابَة كَأبي هدبة وخراش. قَالَ الذَّهَبِيّ: مَتى رَأَيْت الْمُحدث يفرح بعوالي هَؤُلَاءِ فَاعْلَم أَنه عَامي.

قَالَ الشمني: وأقسام الْعُلُوّ بِالنِّسْبَةِ إِلَى غير المتقن الضَّابِط: علوها صوري / أما بِالنِّسْبَةِ إِلَى ذَوي الإتقان والضبط فَعَلُوهَا - وَلَو كَانَ الْعدَد أَكثر معنوي، فَلَو تَعَارضا فضل علو الإتقان والضبط كَمَا رُوِيَ عَن وَكِيع أَنه قَالَ: الْأَعْمَش أحب إِلَيْكُم عَن أَبى وَائِل عَن أَو سُفْيَان عَن مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة عَن عبد الله؟ .

ص: 236

فَقُلْنَا: الْأَعْمَش عَن أبي وَائِل أقرب.

فَقَالَ: الْأَعْمَش شيخ وَأَبُو وَائِل شيخ وسُفْيَان عَن مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة فَقِيه عَن فَقِيه عَن فَقِيه عَن فَقِيه.

وَنَحْوه عَن ابْن الْمُبَارك أَنه قَالَ: لَيْسَ جودة الحَدِيث قرب الْإِسْنَاد بل جودة الحَدِيث صِحَة الْإِسْنَاد.

وَمَا أحسن قَول الْحَافِظ السلَفِي:

(لَيْسَ حسن الحَدِيث قرب رجال

عِنْد أَرْبَاب علم النقاد)

(بل علو الحَدِيث بَين أولي الْحِفْظ

والإتقان صِحَة الْإِسْنَاد)

(وَإِذا مَا اجْتمعَا فِي حَدِيث

فاغتنمه فَذَاك أقْصَى المُرَاد)

ص: 237

وَقَول أبي الْحسن بن الْمفضل الْحَافِظ:

(إِن الرِّوَايَة بالنزول

عَن الثِّقَات الأعدلين)

(خير من العالي

عَن الْجُهَّال وَالْمُسْتَضْعَفِينَ)

أما من رجح النُّزُول مُطلقًا من أهل النّظر وَاحْتج بِأَن كَثْرَة الْبَحْث (عَن رُوَاة الحَدِيث) تَقْتَضِي الْمَشَقَّة فيعظم الْأَمر، فَذَلِك تَرْجِيح بإمر أَجْنَبِي يتَعَلَّق بالتصحيح والتضعيف. هَذَا أَخذه الْمُؤلف من كَلَام ابْن دَقِيق الْعِيد فَإِنَّهُ / قَالَ: التَّرْجِيح الْمَذْكُور مَرْدُود بِأَن كَثْرَة الْمَشَقَّة الْمَذْكُورَة غير مَطْلُوبَة لنَفسهَا، ورعاية الْمَعْنى الْمَقْصُود من الرِّوَايَة وَهُوَ الصِّحَّة أقرب إِلَى الصَّوَاب. على أَن ذَلِك تَرْجِيح بِأَمْر أَجْنَبِي عَمَّا يتَعَلَّق بالتصحيح والتضعيف. انْتهى.

ص: 238

وَأعلم أَن الْإِسْنَاد من خَصَائِص هَذِه الْأمة، قَالَ ابْن حزم: نقل الثِّقَة عَن الثِّقَة يبلغ بِهِ الْمُصْطَفى مَعَ الِاتِّصَال مَخْصُوص بِالْمُسْلِمين دون جَمِيع الْملَل، أما مَعَ الْإِرْسَال والإعضال فيوجد فِي الْيَهُود لَكِن لَا يقربون بِهِ من مُوسَى قربنا من نَبينَا بل يقفون حَيْثُ يكون بَينهم وَبَينه أَكثر من ثَلَاثِينَ نفسا، وَإِنَّمَا يبلغون بِهِ إِلَى نوح وشمعون، وَأما النَّصَارَى فَلَيْسَ عِنْدهم من صفة هَذَا النَّقْل إِلَّا تَحْرِيم الطَّلَاق

...

ص: 239