الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحسن لغيره
وَمَتى توبع السئ الْحِفْظ الصدوق الْأمين بمعتبر بِأَن يكون فَوْقه أَو مثله لَا دونه قَالَ المُصَنّف: إِذا تَابع السيء الْحِفْظ شخص فَوْقه انْتقل بِسَبَب ذَلِك إِلَى دَرَجَة ذَلِك الشَّخْص، (وينتقل ذَلِك الشَّخْص) إِلَى أَعلَى من دَرَجَة / نَفسه الَّتِي كَانَ فِيهَا، حَتَّى يتَرَجَّح على مساويه من (غير) مُتَابعَة من دونه. انْتهى.
قَالَ الشَّيْخ قَاسم: المُرَاد بقوله فَوْقه أَو مثله أَي فِي الدرجَة من السَّنَد اه لَا فِي الصّفة.
وَكَذَا الْمُخْتَلط الَّذِي لَا يتَمَيَّز، والمستور أَي الْمَجْهُول الْحَال والإسناد الْمُرْسل، وَكَذَا المدلس (بِفَتْح اللَّام) إِذا لم يعرف الْمَحْذُوف مِنْهُ
صَار حَدِيثهمْ حسنا. يَعْنِي اعتضد مَا روره، وَقَوي وَخرج عَن كَونه ضَعِيفا إِلَى كَونه حسنا لغيره.
وَقد اعْترض الشَّيْخ قَاسم قَوْله حَدِيثهمْ: بِأَن كَانَ الأولى أَن يُقَال صَار الحَدِيث لِأَن الضَّمِير للمختلط والمستور والإسناد فعلى مَا قَالَ يكون على وَجه التغليب، أَو تَقْدِير مُضَاف. وعَلى مَا قُلْنَا لَا يحْتَاج إِلَى ذَلِك.
لَا لذاته، بل وَصفه بذلك بِاعْتِبَار الْمَجْمُوع من المتابع بِفَتْح الْبَاء والمتابع بِكَسْرِهَا لِأَن كل وَاحِد مِنْهُم احْتِمَال كَون رِوَايَته صَوَابا أَو غير صَوَاب على حد سَوَاء فَإِذا جَاءَت من المعتبرين رِوَايَة مُوَافقَة لأَحَدهم رجح. ببنائه للْمَفْعُول أحد الْجَانِبَيْنِ من الِاحْتِمَالَيْنِ الْمَذْكُورين، وَدلّ على أَن الحَدِيث مَحْفُوظ، فارتقى من دَرَجَة (التَّوَقُّف إِلَى دَرَجَة الْقبُول وَمَعَ ارتقائه إِلَى دَرَجَة)
الْقبُول فَهُوَ منحط عَن رُتْبَة الْحسن لذاته، وَرُبمَا توقف بَعضهم فِي إِطْلَاق اسْم الْحسن عَلَيْهِ.
كَذَا عبر الْمُؤلف، وَاعْتَرضهُ الشَّيْخ قَاسم: بِأَن مُقْتَضى النّظر أَنه ارجح من الْحسن لذاته، لَان المتابع - بِكَسْر الْبَاء - إِذا كَانَ مُعْتَبرا فَحَدِيثه حسن، وَقد انْضَمَّ إِلَيْهِ المتابع / - بِالْفَتْح. انْتهى.
وعَلى الأول فمثاله مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ - وَحسنه - من طَرِيق شُعْبَة عَن عَاصِم بن عبيد الله عَن عبد الله بن عَامر بن ربيعَة عَن أَبِيه أَن امْرَأَة من بني فزاره تزوجت على نَعْلَيْنِ، فَقَالَ الْمُصْطَفى
أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام: أرضيت من نَفسك وَمَالك بنعلين؟ قَالَت نعم. فَأجَاز.
قَالَ التِّرْمِذِيّ: وَفِي الْبَاب عَن عمر وَأبي هُرَيْرَة وَعَائِشَة.
فعاصم ضَعِيف لسوء حفظه، وَقد حسن لَهُ التِّرْمِذِيّ هَذَا الحَدِيث لوروده عَن غير عَاصِم.
ومثاله مر فِي نوع الْمُرْسل. وَمِنْهَا: مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ - أَيْضا - وَحسنه من طَرِيق هشيم عَن يزِيد بن أبي زِيَاد عَن ابْن ابي ليلى عَن الْبَراء مَرْفُوعا: إِن حَقًا على الْمُسلمين أَن يغتسلوا يَوْم الْجُمُعَة، وليمس أحدهم من طيب أَهله. . الحَدِيث.
فهشيم مَوْصُوف بالتدليس، لَكِن مَا تَابعه عِنْد التِّرْمِذِيّ أَبُو يحيى
التَّمِيمِي، وَكَانَ للمتن شَوَاهِد من حَدِيث أبي سعيد وَغَيره حسنه.
أما الضَّعِيف لفسق الرَّاوِي أَو كذبه فَلَا يُؤثر فِيهِ مُتَابعَة وَلَا مُوَافقَة إِذا كَانَ الآخر مثله، لقُوَّة الضعْف وتقاعد هَذَا الجابر، نعم (يرتقي) بِمَجْمُوع طرقه عَن كَونه مُنْكرا أَو لَا اصل لَهُ - كَمَا قَالَه الْمُؤلف - قَالَ: بل رُبمَا كثرت الطّرق حَتَّى أوصلته إِلَى دَرَجَة المستور والسئ الْحِفْظ بِحَيْثُ إِذا وجد لَهُ طرق أخر فِيهِ ضعف قريب / مُحْتَمل ارْتقى بِمَجْمُوع ذَلِك إِلَى الْحسن.
تَنْبِيه:
علم مِمَّا مر أَن الضَّعِيف مَا لم يجمع صفة الصَّحِيح أَو الْحسن، وَقد قسمه ابْن الصّلاح إِلَى أَقسَام كَثِيرَة بِاعْتِبَار فقد صفة من صِفَات الْقبُول السِّتَّة وَهِي: الِاتِّصَال، وَالْعَدَالَة، والضبط، والمتابعة فِي المستور، وَعدم الشذوذ، وَعدم الْعلَّة.
وَبِاعْتِبَار فقد صفة مَعَ صفة أُخْرَى، أَو مَعَ أَكثر من صفة إِلَى أَن تفقد السِّتَّة، فبلغت فِيمَا ذكره الْحَافِظ الْعِرَاقِيّ فِي " شرح ألفيته ": اثْنَيْنِ وَأَرْبَعين قسما.
وَوَصله غَيره إِلَى ثَلَاثَة وَسِتِّينَ، قَالَ الْجلَال السُّيُوطِيّ فِي " شرح التَّقْرِيب ": وَقد جمع فِي ذَلِك شَيخنَا شيخ الْإِسْلَام قَاضِي الْقُضَاة شرف الدّين الْمَنَاوِيّ كراسة، وَنَوع مَا فقد الِاتِّصَال إِلَى مَا
سقط مِنْهُ الصَّحَابِيّ، أَو وَاحِد غَيره، أَو اثْنَان. وَمَا فقد الْعَدَالَة إِلَى: مَا فِي سَنَده ضَعِيف أَو مَجْهُول. وَقسمهَا بِهَذَا الِاعْتِبَار إِلَى مائَة وَتِسْعَة وَعشْرين قسما بِاعْتِبَار الْعقل، وَإِلَى أحد وَثَمَانِينَ بِاعْتِبَار إِمْكَان الْوُجُود وَإِن لم يتَحَقَّق وُقُوعهَا. انْتهى.
وَقد انْقَضى مَا يتَعَلَّق بِالْمَتْنِ من حَيْثُ الْقبُول وَالرَّدّ، ثمَّ الْإِسْنَاد، وَهُوَ الطَّرِيق الموصلة إِلَى الْمَتْن.
كَذَا قَالَه الْمُؤلف هُنَا، وَقَالَ فِي صدر الْكتاب: الْإِسْنَاد حِكَايَة طَرِيق الْمَتْن، فَجعله هُنَاكَ / الْحِكَايَة وَهنا المحكي، فَأَشَارَ بذلك إِلَى أَنَّهُمَا مُتَرَادِفَانِ اسْتِعْمَالا.
والمتن: هُوَ غَايَة مَا يَنْتَهِي إِلَيْهِ الْإِسْنَاد من الْكَلَام.
كَذَا عبر الْمُؤلف، ورده الشَّيْخ قَاسم: بِأَن لَفظه غَايَة زَائِد مُفسد للمعنى، لِأَن لفظ مَا المُرَاد بِهِ الْكَلَام كَمَا فسره بقوله من الْكَلَام، فَيصير التَّقْدِير: الْمَتْن غَايَة كَلَام كَمَا فسره بقوله من الْكَلَام فَيصير التَّقْدِير يَنْتَهِي إِلَيْهِ الْإِسْنَاد، فعلى هَذَا الْمَتْن حرف اللَّام من قَوْله أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام من جَاءَ مِنْكُم الْجُمُعَة فليغتسل. انْتهى.
وَوَافَقَهُ على ذَلِك غَيره فَقَالَ: لَا يخفى مَا فِي هَذَا من الْفساد، إِذْ الاسناد يَنْتَهِي إِلَى الْمَتْن، وَقد جعله غَايَة الْمُنْتَهى إِلَيْهِ فَيكون الشَّيْء غَايَة لنَفسِهِ.