المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

قَالَ: أَفَيَدُومُ ذَلِكَ؟ قَالَ: بَلْ يَنْقَطِعُ بِنَبِيٍّ زَكِيٍّ يَأْتِيهِ الْوَحْيُ مِنْ - تاريخ الإسلام - ت تدمري - جـ ١

[شمس الدين الذهبي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الأول (السيرة النبوية) ]

- ‌مقدّمة التّحقيق

- ‌نصّ الوقفيّة التي في نسخة الأصل

- ‌القراءة والسّماع في نسخة الأصل

- ‌النّسخ المعتمدة في التحقيق لهذا الجزء

- ‌مقدّمة المؤلّف

- ‌ذِكْرُ نَسَبِ سَيِّدِ الْبَشَرِ

- ‌مَوْلِدُهُ الْمُبَارَكُ صلى الله عليه وسلم

- ‌أَسْمَاءُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكُنْيَتُهُ

- ‌ذكر ما ورد في قصّة سطيح [1] وضمود النِّيرَانِ لَيْلَةَ الْمَوْلِدِ وَانْشِقَاقِ الْإِيوَانِ

- ‌بَابٌ مِنْهُ

- ‌ذِكْرُ وَفَاةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ [3]

- ‌وَقَدْ رَعَى الْغَنَمَ

- ‌سَفَرُهُ مَعَ عَمِّهِ- إِنْ صَحَّ

- ‌حَرْبُ الْفِجَارِ [3]

- ‌شَأْنُ خَدِيجَةَ

- ‌حَدِيثُ بُنْيَانِ الْكَعْبَةِ وَحُكْمُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ قُرَيْشٍ فِي وَضْعِ الْحَجَرِ [5]

- ‌حديث الحمد

- ‌وَمِمَّا عَصَمَ اللَّهُ بِهِ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ

- ‌ذِكْرُ زيد بن عمرو بن نفيل [1]

- ‌[5] بَاب

- ‌بَابُ قِصَّةِ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ [1]

- ‌ذِكْرُ مَبْعَثِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌فَأَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِهِ خَدِيجَةُ رضي الله عنها

- ‌وَمِنْ مُعْجِزَاتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌إِسْلامُ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ

- ‌فَصْلٌ فِي دَعْوَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عشيرته الى الله وما بقي مِنْ قَوْمِهِ

- ‌شِعْرُ أَبِي طَالِبٍ فِي مُعَادَاةِ خُصُومِهِ [1]

- ‌إِسْلَامُ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه

- ‌إِسْلَامُ حَمْزَةَ

- ‌إسلام عمر عنه رضى الله

- ‌الْهِجْرَةُ الْأُولَى إِلَى الْحَبَشَةِ ثُمَّ الثَّانِيَةُ

- ‌إِسْلَامُ ضِمَادٍ [2]

- ‌إِسْلَامُ الْجِنِّ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا وَرَدَ مِنْ هَوَاتِفِ الْجَانِّ وَأَقْوَالِ الْكُهَّانِ

- ‌انْشِقَاقُ الْقَمَرِ

- ‌بَابُ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ

- ‌ذِكْرُ أَذِيَّةِ الْمُشْرِكِينَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلِلْمُسْلِمِينَ

- ‌ذِكْرُ شِعْبِ أَبِي طَالِبٍ وَالصَّحِيفَةِ

- ‌باب إنّا كفيناك المستهزءين [4]

- ‌دُعَاءُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى قُرَيْشٍ بِالسَّنَةِ [3]

- ‌ذِكْرُ الرُّومِ

- ‌ثُمَّ تُوُفِّيَ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ وَزَوْجَتُهُ خَدِيجَةُ

- ‌ذِكْرُ الْإِسْرَاءِ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى

- ‌ذِكْرُ مِعْرَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى السَّمَاءِ

- ‌زَوَاجُهُ صلى الله عليه وسلم بِعَائِشَةَ وَسَوْدَةَ أمّي المؤمنين

- ‌عَرْضُ نَفْسِهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْقَبَائِلِ

- ‌حَدِيثُ سُوَيْدِ بْنِ الصَّامِت [1]

- ‌حَدِيثُ يَوْمِ بُعَاثٍ [1]

- ‌ذِكْرُ مَبْدَأِ خَبَرِ الْأَنْصَارِ وَالْعَقَبَةِ الْأُولَى

- ‌الْعَقَبَةُ الثَّانِيَةُ

- ‌تَسْمِيَةُ مَنْ شَهِدَ الْعَقَبَةَ

- ‌ذِكْرُ أَوَّلِ مَنْ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ

- ‌سِيَاقُ خُرُوجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ مُهَاجِرًا

- ‌فَصْلٌ فِي مُعْجِزَاتِهِ صلى الله عليه وسلم سِوَى مَا مَضَى فِي غُضُونِ الْمَغَازِي

- ‌فَصْلٌ فِي تَسْبِيحِ الْحَصَى فِي يَدِهِ صلى الله عليه وسلم [4]

- ‌بَابٌ مِنْ أَخْبَارِهِ صلى الله عليه وسلم بِالْكَوَائِنِ بَعْدَهُ فَوَقَعَتْ كَمَا أَخْبَرَ

- ‌بَابٌ جَامِعٌ مِنْ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ

- ‌بَابُ آخِرِ سُورَةٍ نُزِّلَتْ

- ‌بَابٌ فِي النَّسْخِ وَالْمَحْوِ مِنَ الصُّدُورِ

- ‌خَاتَمُ النُّبُوَّةِ

- ‌بَابٌ جَامِعٌ مِنْ صِفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌حَدِيثُ أُمِّ مَعْبَدٍ فِي صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ [1] صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ 68: 4 [1]

- ‌بَابُ هَيْبَتِهِ صلى الله عليه وسلم وَجَلَالِهِ وَحُبِّهِ وَشَجَاعَتِهِ وَقُوَّتِهِ وَفَصَاحَتِهِ

- ‌بَابُ زُهْدِهِ صلى الله عليه وسلم وَبِذَلِكَ يُوزَنُ الزُّهْدُ وَبِهِ يُحَدُّ

- ‌فَصْلٌ مِنْ شَمَائِلِهِ وَأَفْعَالِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابٌ مِنَ اجْتِهَادِهِ وَعِبَادَتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابٌ فِي مُزَاحِهِ وَدَمَاثَةِ أَخْلَاقِهِ الزَّكِيَّةِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابٌ فِي مَلَابِسِهِ

- ‌بَابٌ مِنْهُ

- ‌بَابُ خَوَاتِيمُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ نَعْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَخُفِّهِ

- ‌بَابُ مُشْطِهِ وَمِكْحَلَتِهِ صلى الله عليه وسلم وَمِرْآتِهِ وَقَدَحِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ

- ‌بَابُ سِلَاحِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَدَوَابِّهِ وَعُدَّتِهِ

- ‌وَقَدْ سُحِرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَسُمَّ فِي شِوَاءٍ

- ‌بَابُ مَا وُجِدَ مِنْ صُورَةِ نَبِيِّنَا

- ‌بَابٌ فِي خَصَائِصِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ مَرَضِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ حَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا احْتَضَرَ

- ‌بَابُ وَفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌تَارِيخُ وَفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌باب عمر النّبيّ وَالْخُلْفِ فِيهِ

- ‌بَابُ غُسْلِهِ وَكَفَنِهِ وَدَفْنِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌ذِكْرُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌صِفَةُ قَبْرِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَسْتَخْلِفْ وَلَمْ يُوصِ إِلَى أَحَدٍ بِعَيْنِهِ بَلْ نَبَّهَ عَلَى الْخِلَافَةِ بِأَمْرِ الصَّلَاةِ

- ‌بَابُ تَرِكَةِ رَسُولِ اللَّهِ [1] صلى الله عليه وسلم

- ‌عَدَدُ أَزْوَاجِهِ [4] صلى الله عليه وسلم

- ‌آخر التّرجمة النّبويّة

الفصل: قَالَ: أَفَيَدُومُ ذَلِكَ؟ قَالَ: بَلْ يَنْقَطِعُ بِنَبِيٍّ زَكِيٍّ يَأْتِيهِ الْوَحْيُ مِنْ

قَالَ: أَفَيَدُومُ ذَلِكَ؟

قَالَ: بَلْ يَنْقَطِعُ بِنَبِيٍّ زَكِيٍّ يَأْتِيهِ الْوَحْيُ مِنْ قِبَلِ الْعَلِيِّ.

قَالَ: وَمِمَّنْ هُوَ؟

قَالَ: مِنْ وَلَدِ فِهْرِ، بْنِ مَالِكِ، بْنِ النَّضْرِ، يَكُونُ الْمُلْكُ فِي قَوْمِهِ إِلَى آخِرِ الدَّهْرِ.

قَالَ: وَهَلْ لِلدَّهْرِ مِنْ آخِرٍ؟

قَالَ: نَعَمْ، يَوْمٌ يُجْمَعُ فِيهِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ، يَسْعَدُ فِيهِ الْمُحْسِنُونَ، وَيَشْقَى فِيهِ الْمُسِيئُونَ.

قَالَ: أَحَقٌّ مَا تُخْبِرُنِي؟.

قَالَ: نَعَمْ وَالشَّفَقِ وَالْغَسَقِ، وَالْفَلَقِ إِذَا اتَّسَقَ، إِنَّ مَا أَنْبَأْتُكَ بِهِ لَحَقٌّ.

ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْهِ شِقٌّ، فَقَالَ لَهُ كَقَوْلِهِ لِسَطِيحٍ، وَكَتَمَهُ مَا قَالَ لِسَطِيحٍ لِيَنْظُرَ أَيَتَّفِقَانِ [1] قَالَ: نَعَمْ رَأَيْتُ حُمَمَةً خَرَجَتْ مِنْ ظُلُمَةٍ، فَوَقَعَتْ بَيْنَ رَوْضَةٍ [2] وَأَكَمَةٍ، فَأَكَلْتُ مِنْهَا كُلَّ ذَاتِ نَسَمَةٍ، فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ عَرَفَ أَنَّهُمَا قَدِ اتَّفَقَا، فَوَقَعَ فِي نَفْسِهِ، فَجَهَّزَ أَهْلَ بَيْتِهِ إِلَى الْعِرَاقِ، وَكَتَبَ لَهُمْ إِلَى مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ فَارِسَ يُقَالُ لَهُ سَابُورُ بْنُ خُرَّزَاذَ، فَأَسْكَنَهُمُ الْحِيرَةَ، فَمِنْ بَقِيَّةِ وَلَدِ رَبِيعَةَ بْنِ نَصْرٍ: النُّعْمَانُ بْنُ الْمُنْذِرِ فَهُوَ فِي نَسَبِ الْيَمَنِ: النُّعْمَانُ بْنُ الْمُنْذِرِ بن النّعمان ابن الْمُنْذِرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَدِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ نَصْرٍ [3] .

‌بَابٌ مِنْهُ

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «خرجت من لدن آدم من نكاح

[1] زاد في السيرة 1/ 29 «أم يختلفان» .

[2]

هكذا في الأصل وفي السيرة، أما في نسخة دار الكتب «دوحة» .

[3]

انظر سيرة ابن هشام 1/ 26- 32.

ص: 40

غير سفاح [1] . هَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ، فِيهِ مَتْرُوكَانِ: الْوَاقِدِيُّ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي سَبْرَةَ.

وَوَرَدَ مِثْلُهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ عَلِيٍّ، وَهُوَ مُنْقَطِعٌ إِنْ صَحَّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَلَكِنَّ مَعْنَاهُ صَحِيحٌ.

وَقَالَ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي الْجَدْعَاءَ قَالَ: قُلْتُ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَتَى كُنْتَ نَبِيًّا؟ قَالَ: «وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ» . [2] . وَقَالَ مَنْصُورُ بْنُ سَعْدٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ وَاللَّفْظُ لَهُ: ثنا بُدَيْلُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ مَيْسَرَةَ الْفَجْرِ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم متى كنت نبيّا؟ قال: «وآدم الرُّوحِ وَالْجَسَدِ» [3] . وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: [4] ثنا الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ، ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَتَى وَجَبَتْ لَكَ النُّبُوَّةُ؟ قَالَ: «بَيْنَ خَلْقِ آدَمَ وَنَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ غَرِيبٌ.

قُلْتُ: لَوْلَا لِينٌ في الوليد بن مسلم لصحّحه التّرمذيّ.

[1] رواه البيهقي في دلائل النبوّة 1/ 118 وابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق 1/ 279، والإنباه على قبائل الرواة لابن عبد البر 49، 50 سيرة ابن كثير 1/ 189، والسيوطي في الخصائص الكبرى 1/ 38.

[2]

رواه أحمد في مسندة من طريق خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، عن رجل، به، وفيه «جعلت» بدل «كنت» 4/ 66 و 5/ 379.

[3]

رواه أحمد في المسند بسنده 4/ 59 وفيه «كتبت» بدل «كنت» ولعلّها أصحّ.

[4]

سنن الترمذي 5/ 245 رقم 3688 باب ما جاء في فضل النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم. وَقَالَ ابْنُ الأثير في أسد الغابة 4/ 426 في ترجمة «ميسرة الفجر» أخرجه الثلاثة. واسم ميسرة عبد الله بن أبي الجدعاء، وميسرة لقب له.

ص: 41

وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُمْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنَا عَنْ نَفْسِكَ قَالَ:«أَنَا دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ، وَبُشْرَى عِيسَى، وَرَأَتْ أُمِّي حِينَ حَمَلَتْ بِي كَأَنَّ نُورًا خَرَجَ مِنْهَا أَضَاءَتْ لَهُ قُصُورُ بُصْرَى مِنْ أَرْضِ الشَّامِ» [1] . وَرُوِّينَا بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ- إِنْ شَاءَ اللَّهُ- عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ، وَإِنَّ آدَمَ لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ، وَسَأُخْبِرُكُمْ عَنْ ذَلِكَ، دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ، وَبِشَارَةُ عِيسَى لِي، وَرُؤْيَا أُمِّي الَّتِي رَأَتْ» . وَإِنَّ أُمَّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأَتْ حِينَ وَضَعَتْهُ نُورًا أَضَاءَتْ مِنْهُ قُصُورُ الشَّامِ.

رَوَاهُ اللَّيْثُ، وَابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ سُوَيْدٍ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ هِلَالٍ السُّلَمِيِّ، عَنِ الْعِرْبَاضِ فَذَكَرَهُ [2] .

وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ الْغَسَّانِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنِ الْعِرْبَاضِ نَفْسِهِ [3] . وَقَالَ فَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ: ثنا لُقْمَانُ بْنُ عَامِرٍ، سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ، قَالَ قُلْتُ:«يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا كَانَ بَدْءُ أَمْرِكَ؟ قَالَ: «دَعْوَةُ إِبْرَاهِيمَ، وَبُشْرَى عِيسَى، وَرَأَتْ أُمِّي أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَتْ مِنْهُ قُصُورُ الشَّامِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي «مُسْنَدِهِ» [4] عَنْ أَبِي النّضر، عن فرج.

[1] أخرجه أحمد في مسندة 4/ 127 و 128 في المرتين عن عرباض بن سارية و 5/ 262 عن أبي أمامة. وانظر تهذيب تاريخ دمشق 1/ 283 وسيرة ابن هشام 1/ 188.

[2]

رواه أحمد 4/ 127 بالسند نفسه.

[3]

رواه أحمد 4/ 128 بالسند نفسه.

[4]

المسند 5/ 262.

ص: 42

قَوْلُهُ: «لَمُنْجَدِلٌ» أَيْ مُلْقًى، وَأَمَّا دَعْوَةُ إِبْرَاهِيمَ فقوله: رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ 2: 129 [1] وَبِشَارَةُ عِيسَى قَوْلُهُ: وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ 61: 6 [2] .

وَقَالَ أَبُو ضَمْرَةَ: ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«قَسَمَ اللَّهُ الْأَرْضَ نِصْفَيْنِ فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهِمَا، ثُمَّ قَسَمَ النِّصْفَ عَلَى ثَلَاثَةٍ فَكُنْتُ فِي خَيْرِ ثُلُثٍ مِنْهَا، ثُمَّ اخْتَارَ الْعَرَبَ مِنَ النَّاسِ، ثُمَّ اخْتَارَ قُرَيْشًا مِنَ الْعَرَبِ، ثُمَّ اخْتَارَ بَنِي هَاشِمٍ مِنْ قُرَيْشٍ، ثُمَّ اخْتَارَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، ثُمَّ اخْتَارَنِي مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ» هذا حديث مرسل [3] .

وروى زحر بن حسن، عَنْ جَدِّهِ حُمَيْدِ بْنِ مَنْهَبٍ قَالَ: سَمِعْتُ جَدِّي خُرَيْمِ بْنَ أَوْسِ بْنِ حَارِثَةَ. يَقُولُ: هَاجَرْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُنْصَرَفَهُ مِنْ تَبُوكٍ، فَسَمِعْتُ الْعَبَّاسَ، يَقُولُ:«يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَمْتَدِحَكَ. قَالَ: قُلْ لَا يَفْضُضِ اللَّهُ فَاكَ» . فَقَالَ:

مِنْ قَبْلِهَا طِبْتَ فِي الظِّلَالِ وَفِي

مُسْتَوْدَعٍ حَيْثُ يُخْصَفُ الْوَرَقُ

ثُمَّ هَبَطْتَ الْبِلَادَ لَا بَشَرٌ

أَنْتَ وَلَا مُضْغَةٌ وَلَا عَلَقُ

بَلْ نُطْفَةٌ تَرْكَبُ السَّفِينَ وَقَدْ

أَلْجَمَ نَسْرًا وَأَهْلَهُ الْغَرَقُ

تُنْقَلُ مِنْ صَالِبٍ [4] إِلَى رَحِمٍ

إِذَا مَضَى عَالَمٌ بَدَا طَبَقُ

حَتَّى احْتَوَى بَيْتُكَ المهيمن من

خندف علياء تحتها النّطق [5]

[1] سورة البقرة 29.

[2]

سورة الصف 6.

[3]

له شاهد في المعجم الكبير للطبراني 20/ 286 من حديث المطّلب بن ربيعة بن الحارث، وفيه:«إن الله خلق خلقه فجعلتني من خير خلقه، ثم جعلهم فرقتين، فجعلني في خير الفرقتين، ثم جعلهم قبائل، فجعلني من خيرهم قبيلة، ثم جعلهم بيوتا، فجعلني في خير بيت، فأنا خيركم بيتا وخيركم نفسا» (رقم 675 وانظر رقم 676) .

[4]

في سيرة ابن كثير 1/ 195 «صلب» .

[5]

هذا البيت ليس في البدء والتاريخ 5/ 26.

ص: 43

وَأَنْتَ لَمَّا وُلِدْتَ أَشْرَقَتِ

الْأَرْضُ وَضَاءَتْ بِنُورِكَ الْأُفُقُ

فَنَحْنُ فِي ذَلِكَ الضِّيَاءِ وَفِي النُّورِ

وَسُبُلِ الرَّشَادِ تَخْتَرِقُ [1]

الظِّلَالُ: ظِلَالُ الْجَنَّةِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ 77: 41 [2] . وَالْمُسْتَوْدَعُ: هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي كَانَ فِيهِ آدَمُ وَحَوَّاءُ يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنَ الْوَرَقِ، أَيْ يَضُمَّانِ بَعْضَهُ إِلَى بَعْضٍ يَتَسَتَّرَانِ بِهِ، ثُمَّ هَبَطْتَ إِلَى الدُّنْيَا فِي صُلْبِ آدَمَ، وَأَنْتَ لَا بَشَرٌ وَلَا مُضْغَةٌ.

وَقَوْلُهُ: «تَرْكَبُ السَّفِينَ» يَعْنِي فِي صُلْبِ نُوحٍ. وَصَالِبُ لُغَةٌ غَرِيبَةٌ فِي الصُّلْبِ، وَيَجُوزُ فِي الصُّلْبِ الْفَتْحَتَانِ [3] كَسَقَمٍ وَسُقْمٍ.

وَالطَّبَقُ: الْقَرْنُ، كُلَّمَا مَضَى عَالَمٌ وَقَرْنٌ جَاءَ قَرْنٌ، وَلِأَنَّ الْقَرْنَ يُطْبِقُ الْأَرْضَ بِسُكْنَاهُ بِهَا. وَمِنْهُ قَوْلُهُ عليه السلام فِي الِاسْتِسْقَاءِ:«اللَّهمّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا طَبَقًا غَدَقًا» [4] أَيْ يُطْبِقُ الْأَرْضَ. وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ 84: 19 [5] أَيْ حَالًا بَعْدَ حَالٍ.

وَالنُّطُقُ: جَمْعُ نِطَاقٍ وَهُوَ مَا يُشَدُّ بِهِ الْوِسْطُ وَمِنْهُ الْمِنْطَقَةُ. أَيْ أَنْتَ أَوْسَطُ قَوْمِكَ نَسَبًا. وَجَعَلَهُ فِي عَلْيَاءَ وَجَعَلَهُمْ تَحْتَهُ نِطَاقًا. وَضَاءَتْ: لُغَةٌ فِي أَضَاءَتْ.

وَأَرْضَعَتْهُ «ثُوَيْبَةُ» [6] جَارِيَةُ أَبِي لَهَبٍ، مَعَ عمّه حمزة، ومع أبي سلمة

[1] هذا البيت ليس في البدء والتاريخ، وقيل هذا الشعر لحسّان بن ثابت، انظر: مجمع الزوائد للهيثمي، وسيرة ابن كثير 1/ 195) والأبيات في تهذيب ابن عساكر 1/ 350.

[2]

سورة المرسلات 41.

[3]

أي كما جاز الضم فالسكون وهو الأشهر.

[4]

أخرجه ابن ماجة 1/ 405 رقم (1270) في كتاب إقامة الصلاة والسّنّة فيها، باب ما جاء في الدعاء في الاستسقاء.

[5]

سورة الانشقاق 19.

[6]

ثويبة: بضم المثلّثة وفتح الواو، وسكون التحتية، توفيت سنة 7 هـ. وفي إسلامها خلاف. انظر: شرح المواهب للزرقاني 1/ 137.

ص: 44

ابن عَبْدِ الْأَسَدِ الْمَخْزُومِيِّ رضي الله عنهما [1] .

قَالَ شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ: إِنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ وَأُمَّهَا أَخْبَرَتْهُ، أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ أَخْبَرَتْهُمَا قَالَتْ:«قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، انْكِحْ أُخْتِي بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ. قَالَ: أَوَ تُحِبِّينَ ذَلِكَ؟ قُلْتُ: لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ [2] وَأَحَبُّ إِلَيَّ مَنْ يُشْرِكُنِي فِي خَيْرٍ، أُخْتِي. قَالَ: إِنَّ ذَلِكَ لَا يَحِلُّ لِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا لَنَتَحَدَّثُ أَنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تَنْكِحَ دُرَّةَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَوْ لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِي فِي حِجْرِي مَا حَلَّتْ لِيَ، إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ، أَرْضَعَتْنِي وَأَبَا سَلَمَةَ ثُوَيْبَةُ، فَلَا تَعْرِضْنَ عَلَيَّ بَنَاتِكُنَّ وَلَا أَخَوَاتِكُنَّ» . أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ [3] . وَقَالَ عُرْوَةُ فِي سِيَاقِ الْبُخَارِيِّ: ثُوَيْبَةُ مَوْلَاةُ أَبِي لَهَبٍ، أَعْتَقَهَا، فَأَرْضَعَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا مَاتَ أَبُو لَهَبٍ رَآهُ بَعْضُ أَهْلِهِ فِي النَّوْمِ بِشَرِّ حِيبَةٍ، يَعْنِي حَالَةً. فَقَالَ لَهُ: مَاذَا لَقِيتَ؟ قَالَ: لَمْ أَلْقَ بَعْدَكُمْ رَخَاءً، غَيْرَ أَنِّي أُسْقِيتُ فِي هَذِهِ مِنِّي بِعِتَاقَتِي ثُوَيْبَةَ. وَأَشَارَ إِلَى النُّقْرَةِ الَّتِي بَيْنَ الْإِبْهَامِ وَالَّتِي تَلِيهَا [4] .

ثُمَّ أَرْضَعَتْهُ «حَلِيمَةُ بِنْتُ أَبِي ذُؤَيْبٍ السَّعْدِيَّةُ» وَأَخَذَتْهُ مَعَهَا إِلَى أَرْضِهَا، فَأَقَامَ مَعَهَا فِي بَنِي سَعْدٍ نَحْوَ أَرْبَعِ سنين، ثم ردّته إلى أمّه [5] .

[1] نهاية الأرب 16/ 80 وانظر الطبقات لابن سعد 1/ 108.

[2]

المخلية: التي تخلو بزوجها وتنفرد به، أي: ليست متروكة لدوام الخلوة بك.

[3]

رواه البخاري 9/ 121 في النكاح، باب (وأمّهاتكم اللاتي أرضعنكم) ، وباب (وربائبكم اللائي في حجوركم من نسائكم اللّاتي دخلتم بهنّ) ، وباب (وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف) ، وباب عرض الإنسان ابنته أو أخته على أهل الخير، وفي النفقات، باب المرضعات من المواليات وغيرهن، ومسلم (1449) في الرضاع، باب تحريم الربيبة وأخت المرأة، وأبو داود (2056) في النكاح، باب يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب، والنسائي 6/ 96 في النكاح، باب تحريم الجمع بين الأختين.

[4]

انظر: جامع الأصول 11/ 477.

[5]

نهاية الأرب 16/ 83، 84.

ص: 45

قَالَ يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ [1] ، عَنْ جَهْمِ بْنِ أَبِي جَهْمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ حَلِيمَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ [2] أُمِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم السَّعْدِيَّةِ قَالَتْ: «خَرَجْتُ فِي نِسْوَةٍ نَلْتَمِسُ الرُّضَعَاءَ بِمَكَّةَ عَلَى أَتَانٍ لِي قَمْرَاءَ [3] قَدْ أَذَمَّتْ [4] بِالرَّكْبِ، وَخَرَجْنَا فِي سَنَةٍ شَهْبَاءَ [5] لَمْ تُبْقِ شَيْئًا، وَمَعَنَا شَارِفٌ لَنَا [6] ، وَاللَّهِ إِنْ تَبِضَّ [7] عَلَيْنَا بِقَطْرَةٍ، وَمَعِي صَبِيٌّ لِي لَا نَنَامُ لَيْلَنَا مَعَ بُكَائِهِ، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ لَمْ يَبْقَ مِنَّا امْرَأَةٌ إِلَّا عُرِضَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَأْبَاهُ، وَإِنَّمَا كُنَّا نَرْجُو كَرَامَةَ رِضَاعَةٍ مِنْ أَبِيهِ، وَكَانَ يَتِيمًا، فَلَمْ يَبْقَ مِنْ صَوَاحِبِي امْرَأَةٌ إِلَّا أَخَذَتْ صَبِيًّا، غَيْرِي. فَقُلْتُ لِزَوْجِي: لَأَرْجِعَنَّ إِلَى ذَلِكَ الْيَتِيمِ فَلَآخُذَنَّهُ، فَأَتَيْتُهُ فَأَخَذْتُهُ، فَقَالَ زَوْجِي: عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ فِيهِ خيرا.

قالت: فو الله مَا هُوَ إِلَّا أَنْ جَعَلْتُهُ فِي حِجْرِي فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ ثَدْيِي بِمَا شَاءَ مِنَ اللَّبَنِ، فَشَرِبَ وَشَرِبَ أَخُوهُ حَتَّى رَوِيَا، وَقَامَ زَوْجِي إِلَى شَارِفِنَا مِنَ اللَّيْلِ، فَإِذَا بِهَا حَافِلٌ، فَحَلَبَ وَشَرِبْنَا حَتَّى رَوِينَا، فَبِتْنَا شِبَاعًا رِوَاءً، وَقَدْ نَامَ صِبْيَانُنَا، قَالَ أَبُوهُ: وَاللَّهِ يَا حَلِيمَةُ مَا أَرَاكِ إِلَّا قَدْ أَصَبْتِ نَسْمَةً مباركة، ثم خرجنا، فو الله لَخَرَجَتْ أَتَانِي أَمَامَ الرَّكْبِ قَدْ قَطَعَتْهُنَّ حَتَّى مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا أَحَدٌ، فَقَدِمْنَا مَنَازِلَنَا مِنْ حَاضِرِ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ، فَقَدِمْنَا عَلَى أجدب أرض الله، فو الّذي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنْ كَانُوا لَيُسَرِّحُونَ أَغْنَامَهُمْ وَيُسَرِّحُ راعيّ غنمي، فتروح غنمي بطانا لبّنا حلّا، وَتَرُوحُ أَغْنَامُهُمْ جِيَاعًا، فَيَقُولُونَ لِرُعَاتِهِمْ: وَيْلَكُمْ أَلَا تَسْرَحُونَ حَيْثُ يَسْرَحُ رَاعِي حَلِيمَةَ؟ فَيَسْرَحُونَ فِي الشّعب الّذي يسرح فيه

[1] سيرة ابن هشام 1/ 184.

[2]

هي حليمة بنت عبد الله بن الحارث.

[3]

شديدة البياض.

[4]

أذمّت بالركب: أي حبستهم، وكأنه من الماء الدائم وهو الواقف، أي جاءت بما تذمّ عليه.

[5]

سنة شهباء: أي سنة قحط وجدب.

[6]

الشارف: الناقة المسنّة.

[7]

تبضّ: ترشح.

ص: 46

رَاعِينَا، فَتَرُوحُ أَغْنَامُهُمْ جِيَاعًا مَا بِهَا مِنْ لَبَنٍ، وَتَرُوحُ غَنَمِي لُبَّنًا حُفَّلًا.

فَكَانَ صلى الله عليه وسلم يَشِبُّ فِي يَوْمِهِ شَبَابَ الصَّبِيِّ فِي الشَّهْرِ، وَيَشِبُّ فِي الشَّهْرِ شَبَابَ الصَّبِيِّ فِي سَنَةٍ [1]، قَالَتْ: فَقَدِمْنَا عَلَى أُمِّهِ فَقُلْنَا لَهَا: رُدِّي عَلَيْنَا ابْنِي فَإِنَّا نَخْشَى عَلَيْهِ وَبَاءَ مَكَّةَ، قَالَتْ: وَنَحْنُ أَضَنُّ شَيْءٍ بِهِ مِمَّا رَأَيْنَا مِنْ بَرَكَتِهِ [2]، قَالَتْ: ارْجِعَا بِهِ، فَمَكَثَ عِنْدَنَا شَهْرَيْنِ [3] فَبَيْنَا هُوَ يَلْعَبُ وأخوه خلف البيوت يرعيان بها لَنَا، إِذْ جَاءَ أَخُوهُ يَشْتَدُّ [4] قَالَ: أَدْرِكَا أَخِي قَدْ جَاءَهُ رَجُلَانِ فَشَقَّا بَطْنَهُ، فَخَرَجْنَا نَشْتَدُّ، فَأَتَيْنَاهُ وَهُوَ قَائِمٌ مُنْتَقِعَ اللَّوْنِ، فَاعْتَنَقَهُ أبوه وأنا، ثم قال: مالك يَا بُنَيَّ؟ قَالَ: أَتَانِي رَجُلَانِ [5] فَأَضْجَعَانِي ثُمَّ شقّا بطني فو الله مَا أَدْرِي مَا صَنَعَا، فَرَجَعْنَا بِهِ. قَالَتْ: يَقُولُ أَبُوهُ: يَا حَلِيمَةُ مَا أَرَى هَذَا الْغُلَامَ إِلَّا أَنَّهُ أُصِيبَ، فَانْطَلِقِي فَلْنَرُدَّهُ إِلَى أَهْلِهِ. فَرَجَعْنَا بِهِ إِلَيْهَا، فَقَالَتْ:

مَا رَدَّكُمَا بِهِ؟ فَقُلْتُ: كَفَلْنَاهُ وَأَدَّيْنَا الْحَقَّ، ثُمَّ تَخَوَّفْنَا عَلَيْهِ الْأَحْدَاثَ.

فَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا ذَاكَ بِكُمَا، فَأَخْبِرَانِي خَبَرَكُمَا، فَمَا زَالَتْ بِنَا حَتَّى أَخْبَرْنَاهَا، قَالَتْ: فَتَخَوَّفْتُمَا عَلَيْهِ [6] ؟ كَلَّا وَاللَّهِ إِنَّ لِابْنِي هَذَا شَأْنًا، إِنِّي حَمَلْتُ بِهِ فَلَمْ أَحْمِلْ حَمْلًا قَطُّ كَانَ أَخَفَّ مِنْهُ وَلَا أَعْظَمَ بَرَكَةً، ثُمَّ رَأَيْتُ نُورًا كَأَنَّهُ شِهَابٌ خَرَجَ مِنِّي حِينَ وَضَعْتُهُ أَضَاءَتْ لِيَ أَعْنَاقُ الْإِبِلِ بِبُصْرَى [7] ، ثُمَّ وَضَعْتُهُ فَمَا وَقَعَ كَمَا يَقَعُ الصِّبْيَانُ، وَقَعَ وَاضِعًا يَدَيْهِ بِالْأَرْضِ رَافِعًا رَأْسَهُ إلى السماء، دعاه والحقا شأنكما» .

[1] وفي نهاية الأرب 16/ 83: «فلم يبلغ سنتيه حتى كان غلاما جفرا» أي شديدا غليظا.

[2]

وفي نهاية الأرب 17/ 83، وعيون الأثر 1/ 34:«ونحن أحرص شيء على مكثه فيه لما كنّا نرى من بركته» .

[3]

في نهاية الأرب 16/ 84، وعيون الأثر 1/ 34:«بعد مقدمنا به بأشهر» .

[4]

يشتدّ: يسرع في عدوه.

[5]

في نهاية الأرب 16/ 84، وعيون الأثر 1/ 34:«عليهما ثياب بيض» .

[6]

في نهاية الأرب وعيون الأثر: «أفتخوّفت عليه الشيطان قلت: نعم قالت: كلّا والله ما للشيطان عليه من سبيل» .

[7]

في نهاية الأرب وعيون الأثر: «خرج مني نور أضاء له قصور بصرى من أرض الشام» .

ص: 47

هَذَا حَدِيثٌ جَيِّدُ الْإِسْنَادِ [1] .

قَالَ أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ: أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ يَحْيَى، أنا عُمَارَةُ بْنُ ثَوْبَانَ أَنَّ أَبَا الطُّفَيْلِ أَخْبَرَهُ قَالَ:«رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَقْبَلَتْ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ حَتَّى دَنَتْ مِنْهُ، فَبَسَطَ لَهَا رِدَاءَهُ فَقُلْتُ: مَنْ هَذِهِ؟ قَالُوا: أُمُّهُ الَّتِي أَرْضَعَتْهُ» .

أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ [2] .

قَالَ مُسْلِمٌ: ثنا شَيْبَانُ، ثنا حَمَّادٌ، ثنا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ:«أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَتَاهُ جِبْرِيلُ وَهُوَ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ، فَأَخَذَهُ فَصَرَعَهُ فَشَقَّ قَلْبَهُ [3] ، فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ عَلَقَةً، فَقَالَ: هَذَا حَظُّ الشَّيْطَانِ مِنْكَ، ثُمَّ غَسَلَهُ فِي طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ لَأَمَهُ، [4] ثُمَّ أَعَادَهُ فِي مَكَانِهِ، وَجَاءَ الْغِلْمَانُ يَسْعَوْنَ إِلَى أُمِّهِ، يَعْنِي مُرْضِعَتَهُ، فَقَالُوا: إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ، فَاسْتَقْبَلُوهُ مُنْتَقِعَ اللَّوْنِ» .

قَالَ أَنَسٌ: قَدْ كُنْتُ أَرَى أَثَرَ الْمِخْيَطِ فِي صَدْرِهِ [5] .

وَقَالَ بَقِيَّةُ، عَنْ بَحِيرِ [6] بْنِ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابن عَمْرٍو السُّلَمِيِّ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ [7] ، فَذَكَرَ نحوا من حديث أنس. وهو

[1] سيرة ابن هشام 1/ 184- 188 نهاية الأرب 16/ 81- 84، عيون الأثر 1/ 33، 34، شرح المواهب اللدنية 1/ 141- 150 وانظر الطبقات لابن سعد 1/ 111، 112، سيرة ابن كثير 1/ 225- 228.

[2]

سنن أبي داود 4/ 337 رقم 5144 كتاب الأدب، باب في برّ الوالدين. وانظر طبقات ابن سعد 1/ 114.

[3]

في صحيح مسلم: «فشقّ عن قلبه، فاستخرج القلب» .

[4]

لأمه: على وزن ضربه، ومعناه جمعه وضمّ بعضه إلى بعض.

[5]

رواه مسلم في صحيحه (261) في كتاب الإيمان، باب الْإِسْرَاءِ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلى السماوات وفرض الصلوات، وأحمد في مسندة 3/ 121 و 149 و 288، وسيرة ابن كثير 1/ 231.

[6]

بحير: بفتح الباء الموحّدة، وكسر الحاء المهملة، (المشتبه للذهبي 1/ 47) وهو الكلاعي الحمصي، ورد في طبقات خليفة «بجير» وهو تحريف- ص 315، وفي تهذيب التهذيب 1/ 431 «بحير بن سعيد» وهو تصحيف» ، والصحيح «سعد» . وقد ورد في الأصل مهملا.

[7]

هو عتبة بن عبد السلمي. انظر طبقات خليفة 52 و 301.

ص: 48