المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر مبدأ خبر الأنصار والعقبة الأولى - تاريخ الإسلام - ت تدمري - جـ ١

[شمس الدين الذهبي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الأول (السيرة النبوية) ]

- ‌مقدّمة التّحقيق

- ‌نصّ الوقفيّة التي في نسخة الأصل

- ‌القراءة والسّماع في نسخة الأصل

- ‌النّسخ المعتمدة في التحقيق لهذا الجزء

- ‌مقدّمة المؤلّف

- ‌ذِكْرُ نَسَبِ سَيِّدِ الْبَشَرِ

- ‌مَوْلِدُهُ الْمُبَارَكُ صلى الله عليه وسلم

- ‌أَسْمَاءُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكُنْيَتُهُ

- ‌ذكر ما ورد في قصّة سطيح [1] وضمود النِّيرَانِ لَيْلَةَ الْمَوْلِدِ وَانْشِقَاقِ الْإِيوَانِ

- ‌بَابٌ مِنْهُ

- ‌ذِكْرُ وَفَاةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ [3]

- ‌وَقَدْ رَعَى الْغَنَمَ

- ‌سَفَرُهُ مَعَ عَمِّهِ- إِنْ صَحَّ

- ‌حَرْبُ الْفِجَارِ [3]

- ‌شَأْنُ خَدِيجَةَ

- ‌حَدِيثُ بُنْيَانِ الْكَعْبَةِ وَحُكْمُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ قُرَيْشٍ فِي وَضْعِ الْحَجَرِ [5]

- ‌حديث الحمد

- ‌وَمِمَّا عَصَمَ اللَّهُ بِهِ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ

- ‌ذِكْرُ زيد بن عمرو بن نفيل [1]

- ‌[5] بَاب

- ‌بَابُ قِصَّةِ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ [1]

- ‌ذِكْرُ مَبْعَثِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌فَأَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِهِ خَدِيجَةُ رضي الله عنها

- ‌وَمِنْ مُعْجِزَاتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌إِسْلامُ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ

- ‌فَصْلٌ فِي دَعْوَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عشيرته الى الله وما بقي مِنْ قَوْمِهِ

- ‌شِعْرُ أَبِي طَالِبٍ فِي مُعَادَاةِ خُصُومِهِ [1]

- ‌إِسْلَامُ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه

- ‌إِسْلَامُ حَمْزَةَ

- ‌إسلام عمر عنه رضى الله

- ‌الْهِجْرَةُ الْأُولَى إِلَى الْحَبَشَةِ ثُمَّ الثَّانِيَةُ

- ‌إِسْلَامُ ضِمَادٍ [2]

- ‌إِسْلَامُ الْجِنِّ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا وَرَدَ مِنْ هَوَاتِفِ الْجَانِّ وَأَقْوَالِ الْكُهَّانِ

- ‌انْشِقَاقُ الْقَمَرِ

- ‌بَابُ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ

- ‌ذِكْرُ أَذِيَّةِ الْمُشْرِكِينَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلِلْمُسْلِمِينَ

- ‌ذِكْرُ شِعْبِ أَبِي طَالِبٍ وَالصَّحِيفَةِ

- ‌باب إنّا كفيناك المستهزءين [4]

- ‌دُعَاءُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى قُرَيْشٍ بِالسَّنَةِ [3]

- ‌ذِكْرُ الرُّومِ

- ‌ثُمَّ تُوُفِّيَ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ وَزَوْجَتُهُ خَدِيجَةُ

- ‌ذِكْرُ الْإِسْرَاءِ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى

- ‌ذِكْرُ مِعْرَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى السَّمَاءِ

- ‌زَوَاجُهُ صلى الله عليه وسلم بِعَائِشَةَ وَسَوْدَةَ أمّي المؤمنين

- ‌عَرْضُ نَفْسِهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْقَبَائِلِ

- ‌حَدِيثُ سُوَيْدِ بْنِ الصَّامِت [1]

- ‌حَدِيثُ يَوْمِ بُعَاثٍ [1]

- ‌ذِكْرُ مَبْدَأِ خَبَرِ الْأَنْصَارِ وَالْعَقَبَةِ الْأُولَى

- ‌الْعَقَبَةُ الثَّانِيَةُ

- ‌تَسْمِيَةُ مَنْ شَهِدَ الْعَقَبَةَ

- ‌ذِكْرُ أَوَّلِ مَنْ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ

- ‌سِيَاقُ خُرُوجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ مُهَاجِرًا

- ‌فَصْلٌ فِي مُعْجِزَاتِهِ صلى الله عليه وسلم سِوَى مَا مَضَى فِي غُضُونِ الْمَغَازِي

- ‌فَصْلٌ فِي تَسْبِيحِ الْحَصَى فِي يَدِهِ صلى الله عليه وسلم [4]

- ‌بَابٌ مِنْ أَخْبَارِهِ صلى الله عليه وسلم بِالْكَوَائِنِ بَعْدَهُ فَوَقَعَتْ كَمَا أَخْبَرَ

- ‌بَابٌ جَامِعٌ مِنْ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ

- ‌بَابُ آخِرِ سُورَةٍ نُزِّلَتْ

- ‌بَابٌ فِي النَّسْخِ وَالْمَحْوِ مِنَ الصُّدُورِ

- ‌خَاتَمُ النُّبُوَّةِ

- ‌بَابٌ جَامِعٌ مِنْ صِفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌حَدِيثُ أُمِّ مَعْبَدٍ فِي صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ [1] صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ 68: 4 [1]

- ‌بَابُ هَيْبَتِهِ صلى الله عليه وسلم وَجَلَالِهِ وَحُبِّهِ وَشَجَاعَتِهِ وَقُوَّتِهِ وَفَصَاحَتِهِ

- ‌بَابُ زُهْدِهِ صلى الله عليه وسلم وَبِذَلِكَ يُوزَنُ الزُّهْدُ وَبِهِ يُحَدُّ

- ‌فَصْلٌ مِنْ شَمَائِلِهِ وَأَفْعَالِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابٌ مِنَ اجْتِهَادِهِ وَعِبَادَتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابٌ فِي مُزَاحِهِ وَدَمَاثَةِ أَخْلَاقِهِ الزَّكِيَّةِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابٌ فِي مَلَابِسِهِ

- ‌بَابٌ مِنْهُ

- ‌بَابُ خَوَاتِيمُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ نَعْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَخُفِّهِ

- ‌بَابُ مُشْطِهِ وَمِكْحَلَتِهِ صلى الله عليه وسلم وَمِرْآتِهِ وَقَدَحِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ

- ‌بَابُ سِلَاحِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَدَوَابِّهِ وَعُدَّتِهِ

- ‌وَقَدْ سُحِرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَسُمَّ فِي شِوَاءٍ

- ‌بَابُ مَا وُجِدَ مِنْ صُورَةِ نَبِيِّنَا

- ‌بَابٌ فِي خَصَائِصِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ مَرَضِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ حَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا احْتَضَرَ

- ‌بَابُ وَفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌تَارِيخُ وَفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌باب عمر النّبيّ وَالْخُلْفِ فِيهِ

- ‌بَابُ غُسْلِهِ وَكَفَنِهِ وَدَفْنِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌ذِكْرُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌صِفَةُ قَبْرِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَسْتَخْلِفْ وَلَمْ يُوصِ إِلَى أَحَدٍ بِعَيْنِهِ بَلْ نَبَّهَ عَلَى الْخِلَافَةِ بِأَمْرِ الصَّلَاةِ

- ‌بَابُ تَرِكَةِ رَسُولِ اللَّهِ [1] صلى الله عليه وسلم

- ‌عَدَدُ أَزْوَاجِهِ [4] صلى الله عليه وسلم

- ‌آخر التّرجمة النّبويّة

الفصل: ‌ذكر مبدأ خبر الأنصار والعقبة الأولى

وَقُتِلَتْ سَرَاتُهُمْ [1]- يَعْنِي وَجُرِّحُوا- قَدَّمَهُ اللَّهُ لِرَسُولِهِ فِي دُخُولِهِمْ فِي الْإِسْلَامِ [2] أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ [3] .

‌ذِكْرُ مَبْدَأِ خَبَرِ الْأَنْصَارِ وَالْعَقَبَةِ الْأُولَى

قَالَ أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ الْعِجْلِيُّ: ثنا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَلْبِيُّ، ثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَبِي عَبْسِ بْنِ جَبْرٍ [4]، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعَتْ قُرَيْشٌ قَائِلًا يَقُولُ فِي اللَّيْلِ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ:

فَإِنْ يُسْلِمِ السَّعْدَانِ يُصْبِحْ مُحَمَّدٌ

بِمَكَّةَ لَا يَخْشَى خِلَافَ الْمُخَالِفِ

فَلَمَّا أَصْبَحُوا قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: مَنِ السَّعْدَانِ؟ سَعْدُ بْنُ بَكْرٍ، أَوْ سَعْدُ بْنُ تَمِيمٍ؟ [5] فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلَةِ الثانية سمعوا الهاتف يقول:

أبا سَعْدُ سَعْدَ الْأَوْسِ كُنْ أَنْتَ نَاصِرًا

وَيَا سَعْدُ سَعْدَ الْخَزْرَجَيْنِ الْغَطَارِفِ

أَجِيبَا إِلَى دَاعِي الْهُدَى وَتَمَنَّيَا

عَلَى اللَّهِ فِي الْفِرْدَوْسِ مُنْيَةَ عَارِفِ

فَإِنَّ ثَوَابَ اللَّهِ لِلطَّالِبِ الْهُدَى

جِنَانٌ مِنَ الْفِرْدَوْسِ ذَاتُ رَفَارِفِ

فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: هُوَ وَاللَّهِ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، وَسَعْدُ بْنُ عبادة [6] .

[1] عند البخاري «سرواتهم» .

[2]

قال السمهودي في وفاء ألوفا 1/ 155 طبعة الآداب: «ومعناه أنه قتل فيه من أكابرهم من كان لا يؤمن أن يتكبّر ويأنف أن يدخل في الإسلام لتصلّبه في أمر الجاهلية ولشدّة شكيمته حتى لا يكون تحت حكم غيره» .

[3]

في الصحيح 4/ 221 في مناقب الأنصار، باب مناقب الأنصار وقول الله عز وجل وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا 8: 72 وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ من قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا 59: 9، و 4/ 237- 238 باب أيام الجاهلية، و 4/ 265- 266 باب مقدم النبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه المدينة، ورواه أحمد في المسند 6/ 61.

[4]

في الأصل «أبي عيسى بن خير» ، والتصحيح من الاستيعاب وتاريخ الطبري وتهذيب التهذيب.

[5]

في تاريخ الطبري «سعد بكر، سعد تميم، سعد هذيم» .

[6]

تاريخ الطبري 2/ 380- 381.

ص: 289

وَقَالَ الْبَكَّائِيُّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ إِظْهَارَ دِينِهِ، وَإِعْزَازَ نَبِيِّهِ [1] ، خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَوْسِمِ الَّذِي لَقِيَهُ فِيهِ الْأَنْصَارُ [2] ، فَعَرَضَ نَفْسَهُ عَلَى الْقَبَائِلِ [3] ، كَمَا كَانَ يَصْنَعُ [4] ، فَبَيْنَا هُوَ عِنْدَ الْعَقَبَةِ لَقِيَ رَهْطًا مِنَ الْخَزْرَجِ [5] ، فَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ أَشْيَاخٍ مِنْ قَوْمِهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا لَقِيَهُمْ قَالَ: مَنْ أَنْتُمْ؟ قَالُوا: نَفَرٌ مِنَ الْخَزْرَجِ، قَالَ: أَمِنْ مَوَالِي يَهُودَ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: أَفَلَا تَجْلِسُونَ أُكَلِّمُكُمْ؟ قَالُوا: بَلَى، فَجَلَسُوا مَعَهُ، فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ وَعَرَضَ عَلَيْهِمُ الْإِسْلَامَ، وَتَلَا عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ، وَكَانَ مِمَّا صَنَعَ اللَّهُ بِهِ فِي الْإِسْلَامِ أَنَّ يَهُودَ كَانُوا مَعَهُمْ فِي بِلَادِهِمْ، وَكَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ وَعِلْمٍ، وَكَانُوا [هُمْ][6] أَهْلَ شِرْكٍ وَأَوْثَانٍ [7] ، وَكَانُوا قَدْ غَزَوْهُمْ بِبِلادِهِمْ، فَكَانُوا إِذَا كَانَ بَيْنَهُمْ شيء قالوا: إنّ نبيّنا مَبْعُوثٌ الْآنَ، قَدْ أَظَلَّ زَمَانُهُ، نَتَّبِعُهُ، فَنَقْتُلُكُمْ مَعَهُ قَتْلَ عَادٍ وَإِرَمَ، فَلَمَّا كَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُولَئِكَ النَّفَرَ، وَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ، قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: يَا قَوْمُ تَعَلَّمُوا وَاللَّهِ إِنَّهُ لَلنَّبِيُّ الَّذِي تَوَعَّدَكُمْ [8] بِهِ يَهُودُ، فَلَا تَسْبِقَنَّكُمْ إِلَيْهِ، فَأَجَابُوهُ [9] وَأَسْلَمُوا وَقَالُوا: إِنَّا تَرَكْنَا قَوْمَنَا، وَلَا قَوْمَ بَيْنَهُمْ مِنَ الْعَدَاوَةِ وَالشَّرِّ مَا بَيْنَهُمْ، وَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْمَعَهُمْ بِكَ فَسَنُقْدِمُ عَلَيْهِمْ فَنَدْعُوهُمْ إِلَى أَمْرِكَ، وَنَعْرِضُ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَجَبْنَاكَ بِهِ [10] ، فَإِنْ يَجْمَعْهُمُ اللَّهُ عَلَيْكَ فَلَا رَجُلَ أَعَزُّ مِنْكَ، ثم انصرفوا [11] .

[1] زاد ابن هشام «وإنجاز موعده له» .

[2]

في السيرة «النفر من الأنصار» .

[3]

في السيرة «قبائل العرب» .

[4]

في السيرة زيادة «في كل موسم» .

[5]

زاد في السيرة «أراد الله بهم خيرا» .

[6]

إضافة من السيرة على الأصل.

[7]

في السيرة «وأصحاب أوثان» .

[8]

هكذا في الأصل، والسيرة، ودلائل النبوّة. أو في الدرر لابن عبد البر «تهدّدكم» .

[9]

في السيرة «فأجابوه فيما دعاهم إليه، بأن صدّقوه وقبلوا منه ما عرض عليهم من الإسلام» .

[10]

في السيرة «أجبناك إليه» ، وفي الدرر «أجبناك له» .

[11]

في السيرة «ثم انصرفوا راجعين إلى بلادهم، وقد آمنوا وصدّقوا» .

ص: 290

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: [1] وَهُمْ فِيمَا ذُكِرَ سِتَّةٌ مِنَ الْخَزْرَجِ: أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ، وَعَوْفُ بْنُ عَفْرَاءَ، وَرَافِعُ بْنُ مَالِكٍ الزُّرَقِيُّ، وَقُطْبَةُ بْنُ عَامِرٍ السُّلَمِيُّ، وَعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ. رَوَاهُ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، فَقَالَ بَدَلَ عُقْبَةَ:

مُعَوَّذُ بْنُ عَفْرَاءَ، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَحَدُ بَنِي عَدِيِّ بْنِ غُنْمٍ [2] ، فَلَمَّا قَدِمُوا الْمَدِينَةَ ذَكَرُوا لِقَوْمِهِمْ رَسُولَ اللَّهِ، وَدَعَوْهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَفَشَا فِيهِمْ ذِكْرُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ، وَافَى الْمَوْسِمَ مِنَ الْأَنْصَارِ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، فَلَقُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْعَقَبَةِ، وَهِيَ (الْعَقَبَةُ الْأُولَى) ، فَبَايَعُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى بَيْعَةِ النِّسَاءِ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تُفْتَرَضَ عَلَيْهِمُ الْحَرْبُ، وَهُمْ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ، وَعَوْفٌ، وَمُعَوَّذٌ [3] ابْنَا الْحَارِثِ وَهُمَا ابْنَا عَفْرَاءَ، وَذَكْوَانُ بْنُ عَبْدِ قَيْسٍ، وَرَافِعُ بْنُ مَالِكٍ، وَعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، وَيَزِيدُ بْنُ ثَعْلَبَةَ الْبَلَوِيُّ، وَعَبَّاسُ بْنُ عُبَادَةَ بْنِ نَضْلَةَ، وَقُطْبَةُ بْنُ عَامِرٍ، وَعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ، وَهُمْ مِنَ الْخَزْرَجِ، وَأَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيْهَانِ، وَعُوَيْمُ بْنُ سَاعِدَةَ، وَهُمَا مِنَ الْأَوْسِ [4] .

وَقَالَ يُونُسُ وَجَمَاعَةٌ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْيَزَنِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيِّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُسَيْلَةَ، حَدَّثَنِي عُبَادَةُ بن الصامت قَالَ: بايَعْنا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة

[1] سيرة ابن هشام 2/ 176، ودلائل النبوّة لأبي نعيم 2/ 104.

[2]

من أهل العلم بالسير من يجعل فيهم عبادة بن الصّامت ويسقط جابرا، على ما في (عيون الأثر لابن سيّد الناس 1/ 156) .

[3]

كذا في الأصل. وهو يوافق ما في (أسد الغابة 4/ 402) حيث قال: معوّذ بن عفراء

شهد العقبة أهـ. وبعض المراجع تذكر اسم (معاذ بن عفراء) في جريدة من شهد العقبة الأولى.

[4]

سيرة ابن هشام 2/ 184- 185، وتاريخ الطبري 2/ 353- 356، وطبقات ابن سعد 1/ 220، ودلائل النبوّة للبيهقي 2/ 169- 173، والمغازي لعروة 121- 123، ونهاية الأرب للنويري 16/ 310- 311، الدرر في اختصار المغازي والسير لابن عبد البر، وعيون الأثر لابن سيد الناس 1/ 156.

ص: 291

الْأُولَى، وَنَحْنُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، فَبَايَعْنَاهُ بَيْعَةَ النِّسَاءِ [1] ، عَلَى أَنْ لَا نُشْرِكَ باللَّه شَيْئًا، وَلَا نَسْرِقَ، وَلَا نَزْنِيَ، وَلَا نَقْتُلَ أَوْلَادَنَا، وَلَا نَأْتِيَ بِبُهْتَانٍ نَفْتَرِيهِ بَيْنَ أَيْدِينَا وَأَرْجُلِنَا، وَلَا نَعْصِيَهُ فِي مَعْرُوفٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تُفْتَرَضَ الْحَرْبُ، فَإِنْ وَفَّيْتُمْ بِذَلِكَ فَلَكُمُ الْجَنَّةُ، وَإِنْ غَشِيتُمْ شَيْئًا فَأَمْرُكُمْ إِلَى اللَّهِ، إِنْ شَاءَ غَفَرَ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَ. أَخْرَجَاهُ عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ [2] .

أَخْبَرَنَا الْخَضِرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَا: أنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْبُنِّ، أنا جَدِّي أَبُو الْقَاسِمِ الْحُسَيْنُ، أنا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ الْمُعَدَّلُ، أَنْبَأَ عَلِيُّ بْنُ يَعْقُوبَ، أنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْقُرَشِيُّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَائِذٍ، أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ [3] قَالَ: بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي النَّشَاطِ وَالْكَسَلِ، وَعَلَى النَّفَقَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ، وَعَلَى الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَعَلَى أَنْ نَقُولَ فِي اللَّهِ عز وجل، لَا تَأْخُذُنَا فِيهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ، وَعَلَى أَنْ نَنْصُرَهُ إِذَا قَدِمَ عَلَيْنَا يَثْرِبَ، فَنَمْنَعَهُ ممّا نمنع

[1] في السيرة «على بيعة النساء» .

[2]

أخرجه البخاري في مناقب الأنصار 4/ 251 باب وفود الأنصار إلى النبي صلى الله عليه وسلم بمكة وبيعة العقبة، وفي الأحكام 8/ 125 باب بيعة النساء، وفي الحدود 8/ 18 باب توبة السارق، وفي التوحيد 8/ 191 باب في المشيئة والإرادة وما تشاءون إلّا أن يشاء الله، والنسائي في البيعة على الجهاد 7/ 142، و 149 بيعة النساء، والدارميّ في السير 16، وأحمد 5/ 323، وابن هشام في السيرة 2/ 185، وابن سعد في الطبقات 1/ 220، والطبري في تاريخه 2/ 356، والنويري في نهاية الأرب 16/ 313، وابن سيد الناس في عيون الأثر 1/ 157- 158.

[3]

رواه أحمد بهذا السند في مسندة 5/ 325.

ص: 292

أَنْفُسَنَا وَأَزْوَاجَنَا وَأَبْنَاءَنَا، وَلَنَا الْجَنَّةُ. رَوَاهُ زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُبَادَةَ قَالَ نَحْوَهُ. (خَالَفَهُ دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَطَّارُ وَيَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، فَرَوَيَا عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ هَذَا الْمَتْنَ بِإِسْنَادٍ آخَرَ، وَهُوَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ. وَسَيَأْتِي)[1] .

وَقَالَ الْبَكَّائِيّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: فَلَمَّا انْصَرَفَ الْقَوْمُ، بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ الْعَبْدَرِيَّ يُقْرِئُهُمُ الْقُرْآنَ وَيُفَقِّهُهُمْ فِي الدِّينِ، فَنَزَلَ عَلَى أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ، فَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بِهِمْ، وَذَلِكَ أَنَّ الْأَوْسَ وَالْخَزْرَجَ كَرِهَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَؤُمَّهُ بَعْضٌ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ يُسَمَّى مُصْعَبٌ بِالْمَدِينَةِ الْمُقْرِئَ [2] .

وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كُنْتُ قَائِدَ أَبِي حِينَ ذَهَبَ بَصَرُهُ [3] ، فَكُنْتُ إِذَا خَرَجْتُ بِهِ إِلَى الْجُمُعَةِ، فَسَمِعَ الْأَذَانَ صَلَّى [4] عَلَى أَبِي أُمَامَةَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ، وَاسْتَغْفَرَ لَهُ، فَقُلْتُ: يَا أَبَهْ مَا لَكَ إِذَا سَمِعْتَ الْأَذَانَ لِلْجُمُعَةِ صَلَّيْتَ [5] عَلَى أَبِي أُمَامَةَ! قَالَ: أَيْ بُنَيَّ، كَانَ أَوَّلَ مَنْ جَمَّعَ بِنَا بِالْمَدِينَةِ فِي هَزْمٍ [6] مِنْ حَرَّةِ بَنِي بَيَاضَةَ يُقَالُ لَهُ نَقِيعُ الْخَضَمَاتِ، قُلْتُ: وَكَمْ كُنْتُمْ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: أَرْبَعُونَ رجلا [7] .

[1] ما بين القوسين ليس موجودا في (ع) ولا في المنتقى لابن الملّا. وهو في الأصل فقط.

[2]

سيرة ابن هشام 2/ 185، المغازي لعروة 124، تاريخ الطبري 2/ 357، مجمع الزوائد 6/ 40- 42، دلائل النبوّة لأبي نعيم 1/ 105.

[3]

في دلائل النبوّة للبيهقي (كفّ بصره) .

[4]

في (جامع الأصول لابن الأثير) : ترحّم لأسعد بن زرارة.

[5]

في المصدر نفسه: (ترحّمت) .

[6]

في المصدر نفسه (في هزم النبيت من حرّة بني بياضة في نقيع يقال له: نقيع الخضمات) . وعزاه ابن الأثير إلى أبي داود.

[7]

سيرة ابن هشام 2/ 185.

ص: 293

وقال موسى بن عقبة، عن ابن شهاب قَالَ: فَلَمَّا حَضَرَ الْمَوْسِمُ حَجَّ نَفَرٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، مِنْهُمْ مُعَاذُ بْنُ عَفْرَاءَ، وَأَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ، وَرَافِعُ بْنُ مَالِكٍ، وَذَكْوَانُ، وَعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ تَغْلِبَ، وَأَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيْهَانِ، وَعُوَيْمُ بْنُ سَاعِدَةَ. فَأَتَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُمْ خَبَرَهُ، وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ، فَأَيْقَنُوا بِهِ وَاطْمَأَنُّوا وَعَرَفُوا مَا كَانُوا يَسْمَعُونَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَصَدَّقُوهُ، ثُمَّ قَالُوا: قَدْ عَلِمْتَ الَّذِي كَانَ بَيْنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ مِنْ سَفْكِ الدِّمَاءِ، وَنَحْنُ حِرَاصٌ عَلَى مَا أَرْشَدَكَ اللَّهُ بِهِ، مُجْتَهِدُونَ لَكَ بِالنَّصِيحَةِ، وَإِنَّا نُشِيرُ عَلَيْكَ بِرَأْيِنَا، فَامْكُثْ عَلَى اسْمِ اللَّهِ حَتَّى نَرْجِعَ إِلَى قَوْمِنَا فَنَذْكُرَ لَهُمْ شَأْنَكَ، وَنَدْعُوَهُمْ إِلَى اللَّهِ، فَلَعَلَّ اللَّهُ يُصْلِحُ ذَاتَ بَيْنِهِمْ، وَيَجْمَعُ لَهُمْ أَمْرَهُمْ فَنُوَاعِدُكَ الْمَوْسِمَ مِنْ قَابِلٍ، فَرَضِيَ بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَرَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ فَدَعَوْهُمْ سِرًّا وَتَلَوْا عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ، حَتَّى قَلَّ دَارٌ مِنْ دُورِ الْأَنْصَارِ إِلَّا قَدْ أَسْلَمَ فِيهَا نَاسٌ، ثُمَّ بَعَثُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُعَاذَ بْنَ عَفْرَاءَ، وَرَافِعَ بْنَ مَالِكٍ أَنِ ابْعَثْ إِلَيْنَا رَجُلًا مِنْ قِبَلِكَ يُفَقِّهْنَا، فَبَعَثَ مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ، فَنَزَلَ فِي بَنِي تَمِيمٍ عَلَى أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ يَدْعُو النَّاسَ سِرًّا، وَيَفْشُو فِيهِمُ الْإِسْلَامُ وَيَكْثُرُ، ثُمَّ أَقْبَلَ مُصْعَبٌ وَأَسْعَدُ، فَجَلَسَا عِنْدَ بِئْرِ بَنِي مَرْقٍ [1] ، وَبَعَثَا إِلَى رَهْطٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَأَتَوْهُمَا مُسْتَخْفِينَ، فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ- ويَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ: بَلْ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ- فَأَتَاهُمْ فِي لأْمَتِهِ مَعَهُ الرُّمْحُ، حَتَّى وَقَفَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ لأَبِي أُمَامَةَ أَسْعَدَ: عَلَامَ أَتَيْتَنَا فِي دُورِنَا بِهَذَا الْوَحِيدِ الْغَرِيبِ الطَّرِيدِ، يُسَفِّهُ ضُعَفَاءَنَا بِالْبَاطِلِ وَيَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ، لَا أَرَاكَ بَعْدَهَا تُسِيءُ مِنْ جِوَارِنَا، فَقَامُوا، ثُمَّ إِنَّهُمْ عَادُوا مَرَّةً أُخْرَى لِبِئْرِ بَنِي مَرْقٍ، أَوْ قَرِيبًا [2] مِنْهَا، فَذَكَرُوا لِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ الثَّانِيَةَ فَجَاءَهُمْ، فَتَوَاعَدَهُمْ وَعِيدًا دُونَ وَعِيدِهِ الْأَوَّلِ، فقال له أسعد: يا بن خَالَةٍ، اسْمَعْ مِنْ قَوْلِهِ، فَإِنْ سَمِعْتَ حَقًّا فأجب إليه،

[1] بئر مرق- ويحرّك- بالمدينة. (القاموس المحيط) .

[2]

في المنتقى لابن الملا (قريب) وكلاهما صواب.

ص: 294

وَإِنْ سَمِعْتَ مُنْكَرًا فَارْدُدْهُ بِأَهْدَى مِنْهُ، فَقَالَ: مَاذَا يَقُولُ؟ فَقَرَأَ عَلَيْهِ مُصْعَبٌ:

حم وَالْكِتابِ الْمُبِينِ. إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ 43: 1- 3 [1] فَقَالَ سَعْدٌ: مَا أَسْمَعُ مِنْكُمْ إِلَّا مَا أَعْرِفُهُ، فَرَجَعَ سَعْدٌ وَقَدْ هَدَاهُ اللَّهُ، وَلَمْ يُظْهِرْ لَهُمَا إِسْلَامَهُ، حَتَّى رَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ فَدَعَا بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَأَظْهَرَ لَهُمْ إِسْلَامَهُ وَقَالَ: مَنْ شَكَّ مِنْهُمْ فِيهِ فليأت بأهدى منه، فو الله لَقَدْ جَاءَ أَمْرٌ لَتُحَزَّنَّ مِنْهُ الرِّقَابُ، فَأَسْلَمَتْ بَنُو عَبْدِ الْأَشْهَلِ عِنْدَ إِسْلَامِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، إِلَّا مَنْ لَا يُذْكَرُ.

ثُمَّ إِنَّ بَنِي النَّجَّارِ أَخْرَجُوا مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ، وَاشْتَدُّوا عَلَى أَسْعَدَ، فَانْتَقَلَ مُصْعَبٌ إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ يَدْعُو آمِنًا وَيَهْدِي اللَّهُ بِهِ [2] . وَأَسْلَمَ عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ، وَكُسِرَتْ أَصْنَامُهُمْ، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ أَعَزَّ مَنْ بِالْمَدِينَةِ، وَكَانَ مُصْعَبٌ أَوَّلَ مَنْ جَمَّعَ الْجُمُعَةَ بِالْمَدِينَةِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. هَكَذَا قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: إِنَّ مُصْعَبًا أَوَّلُ مَنْ جَمَّعَ بِالْمَدِينَةِ [3] .

وَقَالَ الْبَكَّائِيُّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُغِيرَةِ بْنِ مُعَيْقِيبٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، أن أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ خَرَجَ بِمُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ، يُرِيدُ بِهِ دَارَ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ، وَدَارَ بني ظفر [4] ، وكان سعد بن معاذ ابن خَالَةِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ، فَدَخَلَ بِهِ حَائِطًا مِنْ حَوَائِطِ بَنِي ظَفَرٍ، وَقَالَا عَلَى بِئْرِ مَرْقٍ، فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِمَا نَاسٌ، وَكَانَ سَعْدٌ وَأَسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ سَيِّدَيْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ، فَلَمَّا سَمِعَا بِهِ قَالَ سَعْدٌ لِأُسَيْدٍ: انْطَلِقْ إِلَى هذين

[1] أول سورة الزخرف.

[2]

هنا زيادة في دلائل النبوّة لأبي نعيم 2/ 109: «حَتَّى قَلَّ دَارٌ مِنْ دُورِ الْأَنْصَارِ إِلَّا أسلم فيها أناس لا محالة، وأسلم أشرافهم» .

[3]

تقدّم قبل الآن أن أول من جمع هو أسعد بن زرارة. (انظر للتوفيق في ذلك: وفاء ألوفا للسمهودي، وغيره) . وانظر تاريخ الطبري 2/ 357- 360، ونهاية الأرب للنويري 16/ 313.

[4]

قال البيهقي في دلائل النبوّة 2/ 178 «وهي قرية لبني ظفر دون قرية بني عبد الأشهل» .

ص: 295

فَازْجُرْهُمَا وَانْهَهُمَا عَنْ أَنْ يَأْتِيَا دَارَيْنَا، فَلَوْلَا أسعد بن زرارة ابن خَالَتِي كَفَيْتُكَ ذَلِكَ، فَأَخَذَ أُسَيْدٌ حَرْبَتَهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَيْهِمَا، فَلَمَّا رَآهُ أَسْعَدُ قَالَ: هَذَا سَيِّدُ قَوْمِهِ قَدْ جَاءَكَ فَاصْدُقِ اللَّهَ فِيهِ، قَالَ مُصْعَبٌ: إِنْ يَجْلِسْ أُكَلِّمْهُ، قَالَ:

فَوَقَفَ عَلَيْهِمَا فَقَالَ: مَا جَاءَ بِكُمَا إِلَيْنَا تُسَفِّهَانِ ضُعَفَاءَنَا، وَاعْتَزِلَانَا إِنْ كَانَ لَكُمَا بِأَنْفُسِكُمَا حَاجَةٌ، فَقَالَ لَهُ مُصْعَبٌ: أَوَ تَجْلِسُ فَتَسْمَعُ، فَإِنْ رَضِيتَ أَمْرًا قَبِلْتَهُ، وَإِنْ كَرِهْتَهُ كُفَّ عَنْكَ مَا تَكْرَهُ، قَالَ: أَنْصَفْتَ، ثُمَّ رَكَّزَ حَرْبَتَهُ وَجَلَسَ إِلَيْهِمَا، فَكَلَّمَهُ مُصْعَبٌ بِالْإِسْلَامِ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ، فَقَالَا فِيمَا بَلَغَنَا: وَاللَّهِ لَعَرَفْنَا فِي وَجْهِهِ الْإِسْلَامَ، قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي إِشْرَاقِهِ وَتَسَهُّلِهِ، ثُمَّ قَالَ: مَا أَحْسَنَ هَذَا وَأَجْمَلَهُ! كَيْفَ تَصْنَعُونَ إِذَا أَرَدْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا فِي هَذَا الدِّينِ؟

قَالَا: تَغْتَسِلُ وَتَتَطَهَّرُ وَتُطَهِّرُ ثَوْبَيْكَ، ثُمَّ تَشْهَدُ شَهَادَةَ الْحَقِّ، ثُمَّ تُصَلِّي، فَقَامَ فَاغْتَسَلَ وَأَسْلَمَ وَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ لَهُمَا: إِنَّ وَرَائِي رَجُلًا إِنِ اتَّبَعَكُمَا لَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْهُ مِنْ قَوْمِهِ أَحَدٌ، وَسَأُرْسِلُهُ إِلَيْكُمَا، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَقَوْمِهِ، وَهُمْ جُلُوسٌ فِي نَادِيهِمْ، فَلَمَّا رَآهُ سَعْدٌ مُقْبِلًا قَالَ: أُقْسِمُ باللَّه لَقَدْ جَاءَكُمْ أُسَيْدٌ بِغَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي وَلَّى بِهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: مَا فَعَلْتَ؟ قَالَ:

كَلَّمْتُ الرَّجُلَيْنِ، فَمَا رَأَيْتُ بِهِمَا بَأْسًا، وَقَدْ نَهَيْتُهُمَا [1] فَقَالَا: نَفْعَلُ [2] مَا أَحْبَبْتَ، وَقَدْ حُدِّثْتُ أَنَّ بَنِي حَارِثَةَ قَدْ خَرَجُوا إِلَى أَسْعَدَ لِيَقْتُلُوهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ عَرَفُوا أَنَّهُ ابْنُ خَالَتِكَ لِيَخْفِرُونَكَ، فَقَامَ سَعْدٌ مُغْضَبًا مُبَادِرًا مُتَخَوِّفًا، فَأَخَذَ الْحَرْبَةَ وَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَرَاكَ أَغْنَيْتَ عَنَّا شَيْئًا، ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْهِمَا، فَلَمَّا رَآهُمَا سَعْدٌ مُطْمَئِنَّيْنِ عَرَفَ أَنَّ أُسَيْدًا إِنَّمَا أَرَادَ مِنْهُ أَنْ يَسْمَعَ مِنْهُمَا، فَوَقَفَ عَلَيْهِمَا مُتَشَتِّمًا [3] . ثُمَّ قَالَ لِأَسْعَدَ: يَا أَبَا أُمَامَةَ، وَاللَّهِ لَوْلَا مَا بَيْنِي وَبَيْنَكَ مِنَ الْقَرَابَةِ مَا رُمْتَ مِنِّي هَذَا، أَتَغْشَانَا فِي دَارَيْنَا بِمَا نَكْرَهُ! وَقَدْ قَالَ أَسْعَدُ لِمُصْعَبٍ: أي

[1] في الأصل و (ع) : تهيينهما. والتصحيح من نسخة دار الكتب والسيرة لابن هشام 2/ 186.

[2]

في الأصل و (ع) : لا نفعل ما أحببت. وفي المنتقى لابن الملا: (لا نفعل إلّا ما أحببت) .

[3]

في الأصل والمنتقى لابن الملّا: (متبسّما) والتصحيح من السيرة لابن هشام 2/ 186.

ص: 296