المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ثم توفي عمه أبو طالب وزوجته خديجة - تاريخ الإسلام - ت تدمري - جـ ١

[شمس الدين الذهبي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الأول (السيرة النبوية) ]

- ‌مقدّمة التّحقيق

- ‌نصّ الوقفيّة التي في نسخة الأصل

- ‌القراءة والسّماع في نسخة الأصل

- ‌النّسخ المعتمدة في التحقيق لهذا الجزء

- ‌مقدّمة المؤلّف

- ‌ذِكْرُ نَسَبِ سَيِّدِ الْبَشَرِ

- ‌مَوْلِدُهُ الْمُبَارَكُ صلى الله عليه وسلم

- ‌أَسْمَاءُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكُنْيَتُهُ

- ‌ذكر ما ورد في قصّة سطيح [1] وضمود النِّيرَانِ لَيْلَةَ الْمَوْلِدِ وَانْشِقَاقِ الْإِيوَانِ

- ‌بَابٌ مِنْهُ

- ‌ذِكْرُ وَفَاةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ [3]

- ‌وَقَدْ رَعَى الْغَنَمَ

- ‌سَفَرُهُ مَعَ عَمِّهِ- إِنْ صَحَّ

- ‌حَرْبُ الْفِجَارِ [3]

- ‌شَأْنُ خَدِيجَةَ

- ‌حَدِيثُ بُنْيَانِ الْكَعْبَةِ وَحُكْمُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ قُرَيْشٍ فِي وَضْعِ الْحَجَرِ [5]

- ‌حديث الحمد

- ‌وَمِمَّا عَصَمَ اللَّهُ بِهِ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ

- ‌ذِكْرُ زيد بن عمرو بن نفيل [1]

- ‌[5] بَاب

- ‌بَابُ قِصَّةِ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ [1]

- ‌ذِكْرُ مَبْعَثِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌فَأَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِهِ خَدِيجَةُ رضي الله عنها

- ‌وَمِنْ مُعْجِزَاتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌إِسْلامُ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ

- ‌فَصْلٌ فِي دَعْوَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عشيرته الى الله وما بقي مِنْ قَوْمِهِ

- ‌شِعْرُ أَبِي طَالِبٍ فِي مُعَادَاةِ خُصُومِهِ [1]

- ‌إِسْلَامُ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه

- ‌إِسْلَامُ حَمْزَةَ

- ‌إسلام عمر عنه رضى الله

- ‌الْهِجْرَةُ الْأُولَى إِلَى الْحَبَشَةِ ثُمَّ الثَّانِيَةُ

- ‌إِسْلَامُ ضِمَادٍ [2]

- ‌إِسْلَامُ الْجِنِّ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا وَرَدَ مِنْ هَوَاتِفِ الْجَانِّ وَأَقْوَالِ الْكُهَّانِ

- ‌انْشِقَاقُ الْقَمَرِ

- ‌بَابُ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ

- ‌ذِكْرُ أَذِيَّةِ الْمُشْرِكِينَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلِلْمُسْلِمِينَ

- ‌ذِكْرُ شِعْبِ أَبِي طَالِبٍ وَالصَّحِيفَةِ

- ‌باب إنّا كفيناك المستهزءين [4]

- ‌دُعَاءُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى قُرَيْشٍ بِالسَّنَةِ [3]

- ‌ذِكْرُ الرُّومِ

- ‌ثُمَّ تُوُفِّيَ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ وَزَوْجَتُهُ خَدِيجَةُ

- ‌ذِكْرُ الْإِسْرَاءِ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى

- ‌ذِكْرُ مِعْرَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى السَّمَاءِ

- ‌زَوَاجُهُ صلى الله عليه وسلم بِعَائِشَةَ وَسَوْدَةَ أمّي المؤمنين

- ‌عَرْضُ نَفْسِهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْقَبَائِلِ

- ‌حَدِيثُ سُوَيْدِ بْنِ الصَّامِت [1]

- ‌حَدِيثُ يَوْمِ بُعَاثٍ [1]

- ‌ذِكْرُ مَبْدَأِ خَبَرِ الْأَنْصَارِ وَالْعَقَبَةِ الْأُولَى

- ‌الْعَقَبَةُ الثَّانِيَةُ

- ‌تَسْمِيَةُ مَنْ شَهِدَ الْعَقَبَةَ

- ‌ذِكْرُ أَوَّلِ مَنْ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ

- ‌سِيَاقُ خُرُوجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ مُهَاجِرًا

- ‌فَصْلٌ فِي مُعْجِزَاتِهِ صلى الله عليه وسلم سِوَى مَا مَضَى فِي غُضُونِ الْمَغَازِي

- ‌فَصْلٌ فِي تَسْبِيحِ الْحَصَى فِي يَدِهِ صلى الله عليه وسلم [4]

- ‌بَابٌ مِنْ أَخْبَارِهِ صلى الله عليه وسلم بِالْكَوَائِنِ بَعْدَهُ فَوَقَعَتْ كَمَا أَخْبَرَ

- ‌بَابٌ جَامِعٌ مِنْ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ

- ‌بَابُ آخِرِ سُورَةٍ نُزِّلَتْ

- ‌بَابٌ فِي النَّسْخِ وَالْمَحْوِ مِنَ الصُّدُورِ

- ‌خَاتَمُ النُّبُوَّةِ

- ‌بَابٌ جَامِعٌ مِنْ صِفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌حَدِيثُ أُمِّ مَعْبَدٍ فِي صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ [1] صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ 68: 4 [1]

- ‌بَابُ هَيْبَتِهِ صلى الله عليه وسلم وَجَلَالِهِ وَحُبِّهِ وَشَجَاعَتِهِ وَقُوَّتِهِ وَفَصَاحَتِهِ

- ‌بَابُ زُهْدِهِ صلى الله عليه وسلم وَبِذَلِكَ يُوزَنُ الزُّهْدُ وَبِهِ يُحَدُّ

- ‌فَصْلٌ مِنْ شَمَائِلِهِ وَأَفْعَالِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابٌ مِنَ اجْتِهَادِهِ وَعِبَادَتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابٌ فِي مُزَاحِهِ وَدَمَاثَةِ أَخْلَاقِهِ الزَّكِيَّةِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابٌ فِي مَلَابِسِهِ

- ‌بَابٌ مِنْهُ

- ‌بَابُ خَوَاتِيمُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ نَعْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَخُفِّهِ

- ‌بَابُ مُشْطِهِ وَمِكْحَلَتِهِ صلى الله عليه وسلم وَمِرْآتِهِ وَقَدَحِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ

- ‌بَابُ سِلَاحِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَدَوَابِّهِ وَعُدَّتِهِ

- ‌وَقَدْ سُحِرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَسُمَّ فِي شِوَاءٍ

- ‌بَابُ مَا وُجِدَ مِنْ صُورَةِ نَبِيِّنَا

- ‌بَابٌ فِي خَصَائِصِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ مَرَضِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ حَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا احْتَضَرَ

- ‌بَابُ وَفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌تَارِيخُ وَفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌باب عمر النّبيّ وَالْخُلْفِ فِيهِ

- ‌بَابُ غُسْلِهِ وَكَفَنِهِ وَدَفْنِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌ذِكْرُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌صِفَةُ قَبْرِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَسْتَخْلِفْ وَلَمْ يُوصِ إِلَى أَحَدٍ بِعَيْنِهِ بَلْ نَبَّهَ عَلَى الْخِلَافَةِ بِأَمْرِ الصَّلَاةِ

- ‌بَابُ تَرِكَةِ رَسُولِ اللَّهِ [1] صلى الله عليه وسلم

- ‌عَدَدُ أَزْوَاجِهِ [4] صلى الله عليه وسلم

- ‌آخر التّرجمة النّبويّة

الفصل: ‌ثم توفي عمه أبو طالب وزوجته خديجة

وَقَالَ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ 30: 3 [1] قَالَ: غَلَبَهُمْ أَهْلُ فَارِسٍ عَلَى أَدْنَى الشَّامِ، قَالَ: فَصَدَّقَ الْمُسْلِمُونَ رَبَّهُمْ، وَعَرَفُوا أَنَّ الرُّومَ سَيَظْهَرُونَ بَعْدُ، فَاقْتَمَرُوا هُمْ وَالْمُشْرِكُونَ عَلَى خَمْسِ قَلَائِصَ، وَأَجَّلُوا بَيْنَهُمْ خَمْسَ سِنِينَ، فَوَلِيَ قِمَارَ الْمُسْلِمِينَ أَبُو بَكْرٍ، وَوَلِيَ قِمَارَ الْمُشْرِكِينَ أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُنْهَى عَنِ الْقِمَارِ، فَجَاءَ الْأَجَلُ، وَلَمْ تَظْهَرِ الرُّومُ، فَسَأَلَ الْمُشْرِكُونَ قِمَارَهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«أَلَمْ تَكُونُوا أَحِقَّاءَ أَنْ تُؤَجِّلُوا أَجَلًا دُونَ الْعَشْرِ، فَإِنَّ الْبِضْعَ مَا بَيْنَ الثَّلَاثِ إِلَى الْعَشْرِ، فَزَايَدُوهُمْ وَمَادُّوهُمْ فِي الْأَجَلِ» فَفَعَلُوا، فَأَظْهَرَ اللَّهُ الرُّومَ عِنْدَ رَأْسِ السَّبْعِ مِنْ قِمَارِهِمُ الْأَوَّلِ، وَكَانَ ذَلِكَ مَرْجِعَهُمْ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَفَرِحَ الْمُسْلِمُونَ بِذَلِكَ [2] .

وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: ثنا أُسَيْدٌ الْكِلَابِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ الْعَلَاءَ بْنَ الزُّبَيْرِ الْكِلَابِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ غَلَبَةَ فَارِسٍ الرُّومَ، ثُمَّ رَأَيْتُ غَلَبَةَ الرُّومِ فَارِسَ، ثُمَّ رَأَيْتُ غَلَبَةَ الْمُسْلِمِينَ فَارِسَ وَالرُّومَ، وَظُهُورَهُمْ عَلَى الشَّامِ وَالْعِرَاقِ، كُلُّ ذَلِكَ فِي خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً [3] .

‌ثُمَّ تُوُفِّيَ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ وَزَوْجَتُهُ خَدِيجَةُ

يُقَالُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ 6: 26 [4] . أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي أَبِي طَالِبٍ وَنَزَلَ فِيهِ إِنَّكَ لا تَهْدِي من أَحْبَبْتَ 28: 56 [5] .

[1] سورة الروم- الآية 2.

[2]

أخرجه الترمذي 5/ 24- 25 رقم (3246) في تفسير سورة الروم، من طريق إسماعيل بن أبي أويس، عن ابن أبي الزناد، عن أبي الزناد، عن عروة بن الزبير، عن نيار بن مكرم الأسلميّ، بنحوه.

[3]

رواه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 3/ 579 رقم 2629، سيرة ابن كثير 2/ 92.

[4]

سورة الأنعام- الآية 26.

[5]

سورة القصص- الآية 56 وانظر: السير المغازي لابن إسحاق 237.

ص: 229

قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَمَّنْ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ فِي قوله تعالى: وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ 6: 26 قَالَ: نَزَلَتْ فِي أَبِي طَالِبٍ، كَانَ يَنْهَى الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَيَنْأَى عَنْهُ [1] .

وَرَوَاهُ حَمْزَةُ الزَّيَّاتُ، عَنْ حَبِيبٍ، فَقَالَ: عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ دَخَلَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلٍ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «يَا عَمُّ قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ» فَقَالَا: أَيْ أَبَا طَالِبٍ، أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ! قَالَ: فَكَانَ آخِرُ كَلِمَةٍ أَنْ قَالَ: عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ [2] ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ» ، فَنَزَلَتْ: مَا كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ 9: 113 [3] الْآيَتَيْنِ، وَنَزَلَتْ: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ 28: 56 أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ [4] . وَلِلْبُخَارِيِّ مِثْلُهُ مِنْ حَدِيثِ شُعَيْبِ بن أبي حمزة [5] .

[1] السير والمغازي لابن إسحاق 238.

[2]

في نسخة دار الكتب المصرية، وصحيح مسلّم، والسير والمغازي لابن إسحاق 238 «هو على ملّة عبد المطّلب» .

[3]

سورة التوبة- الآية 113.

[4]

صحيح مسلّم (24) كتاب الإيمان، باب الدليل على صحّة إسلام من حضره الموت، ما لم يشرع في النزاع، وهو الغرغرة، ونسخ جواز الاستغفار للمشركين، والدليل على أن من مات على الشرك فهو في أصحاب الجحيم، ولا ينقذه من ذلك شيء من الوسائل.

[5]

صحيح البخاري 4/ 247 في مناقب الأنصار، باب قصّة أبي طالب، و 5/ 208 في تفسير سورة براءة، و 6/ 18 في تفسير سورة القصص، و 7/ 229 في كتاب الأيمان والنذور، باب إذا قال والله لا أتكلّم اليوم فصلّى أو قرأ أو سبّح أو كبّر أو حمد أو هلّل فهو على نيّته. وأخرجه أحمد في مسندة 5/ 433، وانظر عيون الأثر 1/ 131- 132.

ص: 230

وَقَدْ حَكَى عَنْ أَبِي طَالِبٍ، وَاسْمُهُ عَبْدُ مَنَافٍ، ابْنُهُ عَلِيٌّ، وَأَبُو رَافِعٍ مَوْلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ أَبَا طَالِبٍ قَالَ: كُنْتُ بِذِي الْمَجَازِ [1] مَعَ ابْنِ أَخِي، فَعَطِشْتُ، فَشَكَوْتُ إِلَيْهِ، فَأَهْوَى بِعَقِبِهِ إِلَى الْأَرْضِ، فَنَبَعَ الْمَاءُ فَشَرِبْتُ.

وَعَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ قَالَ: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَسُودُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِلَّا بِمَالٍ، إِلَّا أَبَا طَالِبٍ وَعُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ.

قُلْتُ: وَلِأَبِي طَالِبٍ شِعْرٌ جِيِّدٌ مُدَوَّنٌ فِي السِّيرَةِ وَغَيْرِهَا.

وَفِي «مُسْنَدِ أَحْمَدَ» [2] مَنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَبَّةَ الْعُرَنِيِّ [3] قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا ضَحِكَ عَلَى الْمِنْبَرِ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلَ أَبِي طَالِبٍ، ظَهَرَ عَلَيْنَا أَبُو طَالِبٍ وَأَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نُصَلِّي بِبَطْنِ نَخْلَةَ فَقَالَ: مَاذَا تَصْنَعَانِ يَا بْنَ أَخِي؟ فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى

[1] موضع سوق بعرفة على ناحية كبكب. (معجم البلدان 5/ 55) .

[2]

ج 1/ 99 وفيه زيادة «ثم قال: اللَّهمّ لا أعترف أنّ عبدا لك من هذه الأمة عبدك قبلي غير نبيّك، ثلاث مرّات، لقد صلّيت قبل أن يصلّي الناس سبعا» .

[3]

هو حبّة بن الجوين العرني الكوفي، توفي سنة 76 هـ-. ضعّفه أكثرهم، ووثّقه بعضهم.

انظر عنه: طبقات ابن سعد 6/ 177، وطبقات خليفة 152، وتاريخ خليفة 1/ 359، التاريخ الكبير للبخاريّ 3/ 93 رقم 322، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 3/ 253 رقم 1130، أحوال الرجال للجوزجانيّ 47 رقم 178، المعرفة والتاريخ للفسوي 3/ 190، الضعفاء والمتروكين للدارقطنيّ 80 رقم 178، المجروحين لابن حبّان 1/ 267، الضعفاء الكبير للعقيليّ 1/ 295، 296 رقم 366، المعارف لابن قتيبة 268، تاريخ الطبري (راجع الفهرس) ، تاريخ بغداد 8/ 274، الإكمال لابن ماكولا 2/ 320، معجم البلدان 4/ 325، أسد الغابة لابن الأثير 1/ 367، الكامل في ضعفاء الرجال لابن عديّ 2/ 835- 836، المشتبه للذهبي 1/ 144، ميزان الاعتدال 1/ 450 رقم 1688، المغني في الضعفاء 1/ 146 رقم 1282، الوافي بالوفيات 11/ 289 رقم 427، تهذيب التهذيب 2/ 176، 177، رقم 319، تقريب التهذيب 1/ 148، الإصابة 1/ 372- 373 رقم 1946، النجوم الزاهرة 1/ 195.

ص: 231

الْإِسْلَامِ فَقَالَ: مَا بِالَّذِي تَصْنَعَانِ مِنْ بَأْسٍ، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَا يَعْلُونِي اسْتِي أَبَدًا، فَضَحِكْتُ تَعَجُّبًا مِنْ قَوْلِ أَبِي.

وَرَوَى مُعْتَمِرُ بْنُ سليمان، عن أبيه أنّ قريشا أظهروا لنبي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ الْعَدَاوَةَ وَالشَّتْمَ، فَجَمَعَ أَبُو طَالِبٍ رَهْطَهُ، فَقَامُوا بَيْنَ أَسْتَارِ الْكَعْبَةِ يَدْعُونَ اللَّهَ عَلَى مَنْ ظَلَمَهُمْ، وَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: إِنْ أَبَى قَوْمُنَا إِلا الْبَغْيَ عَلَيْنَا فَعَجِّلْ نَصْرَنَا، وَخَلِّ بَيْنَهُمْ. وَبَيْنَ الَّذِي يُرِيدُونَ مِنْ قَتْلِ ابْنِ أَخِي، ثُمَّ دَخَلَ بِآلِهِ الشِّعْبَ.

ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا أَتَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَبَا طَالِبٍ [1] قَالَ: أَيْ عَمُّ، قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَسْتَحِلُّ لَكَ بِهَا الشَّفَاعَةَ [2]، قَالَ: يَا بْنَ أَخِي، وَاللَّهِ لَوْلَا أَنْ تَكُونَ سُبَّةً [3] عَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ، يَرَوْنَ أَنِّي قُلْتُهَا جَزَعًا مِنَ الْمَوْتِ، لَقُلْتُهَا، لَا أقوالها إِلَّا لِأَسُرَّكَ بِهَا، فَلَمَّا ثَقُلَ أَبُو طَالِبٍ رئي يحرّك شفيته، فَأَصْغَى إِلَيْهِ أَخُوهُ الْعَبَّاسُ [4] ثُمَّ رَفَعَ عَنْهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ وَاللَّهِ قَالَهَا [5]، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«لَمْ أَسْمَعْ» [6] . قُلْتُ: هَذَا لَا يَصِحُّ، وَلَوْ كَانَ سَمِعَهُ الْعَبَّاسُ يَقُولُهَا لَمَا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: هَلْ نَفَعْتَ عَمَّكَ بِشَيْءٍ، وَلَمَا قَالَ عَلِيٌّ بَعْدَ مَوْتِهِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عَمَّكَ الشَّيْخَ الضَّالَّ قَدْ مَاتَ [7] . صَحَّ أَنَّ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ، روى عن أبي

[1] في السير والمغازي «في مرضه» .

[2]

في السير والمغازي «يوم القيامة» .

[3]

في السير والمغازي «سبّة عليك وعلى» .

[4]

في السير والمغازي «ليسمع قوله، فرفع العباس عنه» .

[5]

في السير والمغازي «قد والله قال الكلمة التي سألته» .

[6]

السير والمغازي 238، سيرة ابن هشام 2/ 167، نهاية الأرب 16/ 278، سيرة ابن كثير 2/ 124.

[7]

سيرة ابن كثير 2/ 129.

ص: 232

سَعِيدِ بْنِ رَافِعٍ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنُ عُمَرَ: إِنَّكَ لا تَهْدِي من أَحْبَبْتَ 28: 56 [1] نَزَلَتْ فِي أَبِي طَالِبٍ؟ قَالَ: نَعَمْ [2] .

زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ الْعَبَّاسِ، أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَا تَرْجُو لِأَبِي طَالِبٍ؟ قَالَ:«كُلَّ الْخَيْرِ مِنْ رَبِّي» . أَيُّوبُ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: لَمَّا احْتَضَرَ أَبُو طَالِبٍ دَعَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا بْنَ أَخِي إِذَا أَنَا مُتُّ فَأْتِ أَخْوَالَكَ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ، فَإِنَّهُمْ أَمْنَعُ النَّاسِ لِمَا فِي بُيُوتِهِمْ.

قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا زَالَتْ قُرَيْشٌ كَاعَّةً عَنِّي حَتَّى مَاتَ عَمِّي [3] . كَاعَّةٌ: جَمْعُ كَائِعٍ، وَهُوَ الْجَبَانُ، يُقَالُ: كَعَّ إِذَا جَبُنَ وَانْقَبَضَ.

وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ كَيْسَانَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعَمِّهِ: «قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ لَكَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» فَقَالَ: لَوْلَا أَنْ تُعَيِّرَنِي قُرَيْشٌ، يَقُولُونَ: إِنَّمَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ الْجَزَعُ لأَقْرَرْتُ بِهَا عَيْنَكَ.

فَأَنْزَلَ اللَّهُ: إِنَّكَ لا تَهْدِي من أَحْبَبْتَ 28: 56 الْآيَةَ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ [4] . وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنِ الْعَبَّاسِ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَفَعْتَ أَبَا طالب بشيء، فإنّه

[1] سورة القصص- الآية 56.

[2]

انظر سيرة ابن كثير 2/ 127.

[3]

السير والمغازي لابن إسحاق 238.

[4]

صحيح مسلّم (24/ 42) كتاب الإيمان، باب الدليل على صحّة إسلام من حضره الموت ما لم يشرع في النزع، وهو الغرغرة، ونسخ جواز الاستغفار للمشركين

ص: 233

كَانَ يَحُوطُكَ وَيَغْضَبُ لَكَ؟ قَالَ: «نَعَمْ هُوَ فِي ضَحْضَاحٍ [1] مِنَ النَّارِ، وَلَوْلا أَنا لَكَانَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ. أَخْرَجَاهُ [2] . وَكَذَلِكَ رَوَاهُ السُّفْيَانَانُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ [3] . وَقَالَ اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَقُولُ- وَذُكِرَ عِنْدَهُ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ فَقَالَ-: «لَعَلَّهُ تَنْفَعُهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُجْعَلَ فِي ضَحْضَاحٍ مِنَ النَّارِ يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ يَغْلِي مِنْهُ دِمَاغُهُ» . أَخْرَجَاهُ [4] .

وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: أَهْوَنُ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا أَبُو طَالِبٍ مُنْتَعِلٌ [5] بِنَعْلَيْنِ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ [6] . وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ نَاجِيَةَ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا مَاتَ أَبُو طَالِبٍ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: إِنَّ عَمَّكَ الشَّيْخَ الضَّالَّ قَدْ مَاتَ، قَالَ:«اذْهَبْ فَوَارِ أَبَاكَ وَلَا تُحْدِثْنَ شَيْئًا حَتَّى تَأْتِيَنِي» ، فَأَتَيْتُهُ فَأَمَرَنِي فَاغْتَسَلْتُ، ثُمَّ دَعَا لِيَ بِدَعَوَاتٍ مَا يَسُرُّنِي أَنَّ لِي بِهِنَّ مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ [7] .

[1] هو في أصله اللّغوي ما رقّ من الماء على وجه الأرض ما يبلغ الكعبين، فاستعاره للنّار.

[2]

صحيح البخاري 6/ 247، في مناقب الأنصار، باب قصة أبي طالب، ومسلّم (209) في كتاب الإيمان، باب شفاعة النبيّ صلى الله عليه وسلم لأبي طالب والتخفيف عنه بسببه.

[3]

انظر الباب نفسه من صحيح مسلّم.

[4]

صحيح البخاري 6/ 247 في مناقب الأنصار، باب قصة أبي طالب، ومسلّم (210) في كتاب الإيمان، باب شفاعة النبيّ صلى الله عليه وسلم لأبي طالب والتخفيف عنه بسببه.

[5]

كذا في الأصل و (ع) ، وفي صحيح مسلّم «وهو منتعل» ، وكذا في الاكتفاء للكلاعيّ.

[6]

صحيح مسلّم (212) كتاب الإيمان، باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لأبي طالب

[7]

أخرجه أبو داود (3214) في كتاب الجنائز، باب الرجل يموت له قرابة مشرك، والنسائي، في كتاب الطهارة، باب الغسل من مواراة المشرك 1/ 110، وفي كتاب الجنائز 4/ 79 باب

ص: 234

وَرَوَاهُ الطَّيَالِسِيُّ فِي «مُسْنَدِهِ» عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ فَزَادَ بَعْدُ: اذْهَبْ فَوَارِهِ: «فَقُلْتُ: إِنَّهُ مَاتَ مُشْرِكًا» قَالَ: «اذْهَبْ فَوَارِهِ» . وَفِي حَدِيثِهِ تَصْرِيحُ السَّمَاعِ مِنْ نَاجِيَةَ قَالَ: شَهِدْتُ عَلِيًّا يَقُولُ. وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ مُتَّصِلٌ.

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: لَمَّا مَاتَ أَبُو طَالِبٍ عَرَضَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَفِيهٌ مِنْ قُرَيْشٍ، فَأَلْقَى عَلَيْهِ تُرَابًا، فَرَجَعَ إِلَى بَيْتِهِ، فَأَتَتْ بنته تمسح عن وجهه التّراب وتبكي فجعل يَقُولُ:«أَيْ بُنَيَّةَ لَا تَبْكِينَ، فَإِنَّ اللَّهَ مَانِعٌ أَبَاكِ» ، وَيَقُولُ مَا بَيْنَ ذَلِكَ:«مَا نَالَتْ مِنِّي قُرَيْشٌ شَيْئًا أَكْرَهُهُ حَتَّى مَاتَ أَبُو طَالِبٍ» [1] . غَرِيبٌ مُرْسَلٌ.

وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَارَضَ جِنَازَةَ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ:

«وَصَلَتْكَ رَحِمٌ يَا عَمُّ وَجُزِيتَ خَيْرًا» . تَفَرَّدَ بِهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخُوَارَزْمِيُّ [2] . وَهُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ يَرْوِي عَنْهُ عِيسَى غُنْجَارُ [3] ، وَالْفَضْلُ الشَّيْبَانِيُّ.

وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ عبد الله بن

[ () ] مواراة المشرك، وأحمد 1/ 97 و 103 و 130 و 131، وابن إسحاق في السير والمغازي 239.

[1]

سيرة ابن هشام 2/ 166.

[2]

ويقال: إبراهيم بن بيطار أبو إسحاق الخوارزمي، كان على قضاء خوارزم. انظر عنه:

المجروحين لابن حبّان 1/ 102- 103، الكامل في ضعفاء الرجال لابن عديّ 1/ 259، المغني في الضعفاء 1/ 19 رقم 118، ميزان الاعتدال 1/ 45 رقم 136، لسان الميزان 1/ 41- 42 رقم 83.

والحديث في الكامل لابن عديّ، وميزان الاعتدال، ولسان الميزان.

[3]

غنجار: بضم الغين المعجمة، وسكون النون، لقّب بذلك لحمرة لونه (تقريب التهذيب) .

ص: 235

مَعْبَدٍ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا أَتَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أبى طَالِبٍ فِي مَرَضِهِ قَالَ: «أَيْ عَمُّ، قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَسْتَحِلُّ لَكَ بِهَا الشَّفَاعَةَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ، فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي وَاللَّهِ لَوْلَا أَنْ تَكُونَ سُبَّةً عَلَيْكَ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ مِنْ بَعْدِي يَرَوْنَ أَنِّي قُلْتُهَا جَزَعًا حِينَ نَزَلَ بِيَ الْمَوْتُ لَقُلْتُهَا، لَا أَقُولُهَا إِلَّا لِأَسُرَّكَ بِهَا، فَلَمَّا ثَقُلَ أَبُو طالب رئي يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ، فَأَصْغَى إِلَيْهِ الْعَبَّاسُ لِيَسْتَمِعَ قَوْلَهُ، فَرَفَعَ الْعَبَّاسُ عَنْهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ وَاللَّهِ قَالَ الْكَلِمَةَ الَّتِي سَأَلْتَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«لَمْ أَسْمَعْ» [1] . إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِأَنَّ فِيهِ مَجْهُولًا، وَأَيْضًا، فَكَانَ الْعَبَّاسُ ذَلِكَ الْوَقْتَ عَلَى جَاهِلِيَّتِهِ، وَلِهَذَا إِنْ صَحَّ الْحَدِيثُ لَمْ يَقْبَلِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رِوَايَتَهُ وَقَالَ لَهُ: لَمْ أَسْمَعْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ بَعْدَ إِسْلَامِهِ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَفَعْتَ أَبَا طَالِبٍ بِشَيْءٍ، فَإِنَّهُ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَغْضَبُ لَكَ، فَلَوْ كَانَ الْعَبَّاسُ عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنْ إِسْلَامِ أَخِيهِ أَبِي طَالِبٍ لَمَا قَالَ هَذَا، وَلَمَا سَكَتَ عِنْدَ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «هُوَ فِي ضَحْضَاحٍ مِنَ النَّارِ» ، وَلَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَلَكِنَّ الرَّافِضَةَ قَوْمٌ بُهْتٌ.

وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ [2] : ثُمَّ إِنَّ خَدِيجَةَ بِنْتَ خُوَيْلِدٍ وَأَبَا طَالِبٍ مَاتَا فِي عَامٍ وَاحِدٍ فَتَتَابَعَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ الْمَصَائِبُ بِمَوْتِهِمَا.

وَكَانَتْ خَدِيجَةُ وَزِيرَةَ صِدْقٍ عَلَى الْإِسْلامِ، كَانَ يَسْكُنُ [3] إِلَيْهَا.

وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّهُمْ خَرَجُوا مِنَ الشِّعْبِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ، وَأَنَّهُمَا تُوُفِّيَا فِي ذَلِكَ الْعَامِ، وَتُوُفِّيَتْ خَدِيجَةُ قَبْلَ أبي طالب بخمسة وثلاثين يوما.

[1] سيرة ابن هشام 2/ 167، السير والمغازي 238، نهاية الأرب 16/ 278.

[2]

سيرة ابن هشام 2/ 166، والسير والمغازي 243.

[3]

في سيرة ابن هشام 2/ 166 «يشكو إليها» .

ص: 236

وَذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ أَنَّ مَوْتَهَا كَانَ بَعْدَ مَوْتِ أَبِي طَالِبٍ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَكَذَا قَالَ غَيْرُهُ [1] .

وَهِيَ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ الْأَسَدِيَّةُ [2] .

قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: كَانَتْ تُدْعَى فِي الْجَاهِلِيَّةِ الطَّاهِرَةَ، وَأُمُّهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ زَائِدَةَ بْنِ الْأَصَمِّ الْعَامِرِيَّةُ. وَكَانَتْ خَدِيجَةُ تَحْتَ أَبِي هَالَةَ [3] بْنِ زُرَارَةَ التَّمِيمِيِّ، وَاخْتُلِفَ فِي اسْمِ أَبِي هَالَةَ، ثُمَّ خَلَفَ عَلَيْهَا بَعْدَهُ عَتِيقُ بْنُ عَائِذِ [4] بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ، ثُمَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم.

وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ [5] : بَلْ تَزَوَّجَهَا أَبُو هَالَةَ بَعْدَ عَتِيقٍ. وَكَانَتْ وَزِيرَةَ صِدْقٍ عَلَى الْإِسْلَامِ.

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: تُوُفِّيَتْ خَدِيجَةُ قَبْلَ أَنْ تُفْرَضَ الصَّلَاةُ، وَقِيلَ: كَانَ مَوْتُهَا فِي رَمَضَانَ، وَدُفِنَتْ بِالْحَجُونِ، وَقِيلَ: إِنَّهَا عَاشَتْ خَمْسًا وَسِتِّينَ سَنَةً [6] .

وَقَالَ الزُّبَيْرُ: تَزَوَّجَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَلَهَا أَرْبَعُونَ سَنَةً [7] ، وَأَقَامَتْ مَعَهُ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ سَنَةً [8] .

قَالَ مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ وَائِلِ بْنِ دَاوُدَ، عَنْ عبد الله

[1] طبقات ابن سعد 8/ 18، سيرة ابن هشام 2/ 166، أنساب الأشراف 1/ 406.

[2]

انظر نسبها في طبقات ابن سعد 8/ 14.

[3]

اسمه هند بن النبّاش بن زرارة بن وقدان. (طبقات ابن سعد 8/ 14) .

[4]

في طبقات ابن سعد 8/ 15، وأنساب الأشراف 1/ 406 «عابد» .

[5]

السير والمغازي 245.

[6]

طبقات ابن سعد 8/ 18، أنساب الأشراف 1/ 406، نهاية الأرب 16/ 279.

[7]

انظر طبقات ابن سعد 1/ 132 و 8/ 17.

[8]

أسد الغابة لابن الأثير 5/ 435.

ص: 237

الْبَهِيِّ [1] قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا ذَكَرَ خَدِيجَةَ لَمْ يَكَدْ يَسْأَمُ مِنْ ثَنَاءٍ عَلَيْهَا، وَاسْتِغْفَارٍ لَهَا، فَذَكَرَهَا يَوْمًا، فَاحْتَمَلَتْنِي الْغِيرَةُ، فَقُلْتُ: لَقَدْ عَوَّضَكَ اللَّهُ مِنْ كَبِيرَةِ السِّنِّ، فَرَأَيْتُهُ غَضِبَ غَضَبًا أَسْقَطْتُ فِي خَلَدِي، وَقُلْتُ فِي نَفْسِي: اللَّهمّ إِنَّكَ إِنْ أَذْهَبْتَ غَضَبَ رَسُولِكَ عَنِّي لَمْ أَعُدْ إِلَى ذِكْرِهَا بِسُوءٍ، فَلَمَّا رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَا لَقِيتُ قَالَ:«كَيْفَ قُلْتِ، وَاللَّهِ لَقَدْ آمَنَتْ بِي إِذْ كَفَرَ بِي النَّاسُ، وَآوَتْنِي إِذَا رَفَضَنِي النَّاسُ، وَصَدَّقَتْنِي إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ، وَرُزِقْتُ مِنْهَا الْوَلَدَ، وَحُرِمْتُمُوهُ مِنِّي» ، قَالَتْ: فَغَدَا وَرَاحَ عَلَيَّ بِهَا شَهْرًا [2] .

وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ، مِمَّا كُنْتُ أَسْمَعُ مِنْ ذِكْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَهَا، وَمَا تَزَوَّجَنِي إِلَّا بَعْدَ مَوْتِهَا بِثَلَاثِ سِنِينَ، وَلَقَدْ أَمَرَهُ رَبُّهُ أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ [3] .

وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: تُوُفِّيَتْ خَدِيجَةُ قَبْلَ أَنْ تُفْرَضَ الصَّلَاةُ.

وَقَالَ ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ:

أَتَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: هَذِهِ خَدِيجَةُ، أَتَتْكَ مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامُ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ، فَإِذَا هِيَ أَتَتْكَ فَاقْرَأْ عليها السلام مِنْ رَبِّهَا وَمِنِّي، وَبَشِّرْهَا ببيت في

[1] هو مولى مصعب بن الزبير.

[2]

انظر نحوه في أسد الغابة لابن الأثير 5/ 438- 439.

[3]

أخرجه البخاري 4/ 230- 231 في فضائل أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم ومن صحب النبيّ صلى الله عليه وسلم أو رآه من المسلمين فهو من أصحابه، باب تزويج النبيّ صلى الله عليه وسلم خديجة وفضلها رضي الله تعالى عنها، ومسلّم (2435) في كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل خديجة أم المؤمنين، رضي الله تعالى عنها، وأخرجه الشيخان والطبراني في المعجم الصغير 1/ 15 من طريق عبد الله بن أبي أوفى، وأخرجه ابن جميع الصيداوي في معجم الشيوخ (بتحقيقنا) 371 رقم (362) عن طريق عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وانظر الترمذي 5/ 366 رقم 3978 و 3979 وهو حديث حسن صحيح.

ص: 238

الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ [1] ، لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ [2] مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ [3] .

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ: سَمِعْتُ عَلِيًّا رضي الله عنه يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: خَيْرُ نِسَائِهَا خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَخَيْرُ نِسَائِهَا مريم بنت عمران. أخرجه مسلّم [4] .

[1] القصب هنا اللؤلؤ المجوّف الواسع، وقيل هو جوهر طويل مجوّف. (النهاية) .

[2]

قال في مجمع البحار: قوله: لا صخب فيه ولا نصب، الصخب هو الصوت المختلط، والنّصب: التعب، أي كما يكون في بيوت الدنيا من الصياح والتعب، لأنها- أي خديجة- أسلمت طوعا بلا رفع صوت ولا منازعة ولا تعب.

[3]

أخرجه البخاري 4/ 231 في فضائل أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم ومن صحب النبي صلى الله عليه وسلم أو رآه من المسلمين فهو من أصحابه، باب تزويج النبيّ صلى الله عليه وسلم خديجة وفضلها رضي الله تعالى عنها، ومسلّم (2432) في كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل خديجة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها. وأحمد في المسند 1/ 205 و 2/ 231 و 4/ 355 و 356 و 381 و 6/ 174 و 236 و 246.

[4]

صحيح مسلّم (2430) كتاب فضائل الصحابة، باب فضل خديجة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها.

ص: 239