الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شِعْرُ أَبِي طَالِبٍ فِي مُعَادَاةِ خُصُومِهِ [1]
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ [2] : ثُمَّ إِنَّ قُرَيْشًا وَثَّبَتْ كُلَّ قَبِيلَةٍ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ يُعَذِّبُونَهُمْ وَيَفْتِنُونَهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، فَمَنَعَ اللَّهُ رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم بِعَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ، فَقَامَ أَبُو طَالِبٍ فَدَعَا بَنِي هَاشِمَ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ إِلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ مَنْعِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْقِيَامِ دُونَهُ، فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ وَقَامُوا مَعَهُ، إِلَّا مَا كَانَ مِنَ الْخَاسِرِ أَبِي لَهَبٍ، فَجَعَلَ أَبُو طَالِبٍ يَمْدَحُهُمْ وَيَذْكُرُ قَدِيمَهُمْ، وَيَذْكُرُ فَضْلَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ فِي ذَلِكَ أَشْعَارًا، ثُمَّ إِنَّهُ لَمَّا خَشِيَ دَهْمَاءَ الْعَرَبِ أَنْ يُرْكِبُوهُ مَعَ قَوْمِهِ، لَمَّا انْتَشَرَ ذِكْرُهُ قَالَ قَصِيدَتَهُ الَّتِي مِنْهَا:
وَلَمَّا رَأَيْتُ الْقَوْمَ لَا وُدَّ فِيهِمُ [3]
…
وَقَدْ قَطَّعُوا كُلَّ الْعُرَى وَالْوَسَائِلِ
وَقَدْ صَارَحُونَا بِالْعَدَاوَةِ وَالْأَذَى
…
وَقَدْ طَاوَعُوا أَمْرَ الْعَدُوِّ الْمُزَايِلِ
صَبَرْتُ لَهُمْ نَفْسِي بِسَمْرَاءَ [4] سَمْحَةٍ
…
وَأَبْيَضَ عَضْبٍ مِنْ تُرَاثِ الْمَقَاوِلِ [5]
وَأَحْضَرْتُ عِنْدَ الْبَيْتِ رَهْطِي وَإِخْوَتِي [6]
…
وَأَمْسَكْتُ مِنْ أَثْوَابِهِ بِالْوَصَائِلِ
أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مِنْ كُلِّ طَاعِنٍ
…
عَلَيْنَا بِسُوءٍ أَوْ مُلِحٍّ بِبَاطِلِ
وَفِيهَا يَقُولُ:
كَذَبْتُمْ وَبَيْتِ اللَّهِ نُبْزَى [7] مُحَمَّدًا
…
وَلَمَّا نُطَاعِنْ دُونَهُ وَنُنَاضِلِ
وَنُسْلِمُهُ حَتَّى نُصَرَّعَ حَوْلَهُ
…
وَنَذْهَلَ عَنْ أَبْنَائِنَا والحلائل
[1] العنوان من سيرة ابن هشام 2/ 13.
[2]
سيرة ابن هشام 2/ 13.
[3]
في السير والمغازي «بينهم»
[4]
في السير والمغازي «بصفراء» والسمراء هي القناة أو الرمح.
[5]
هذا الشطر في السير:
وأبيض غضب من سيوف المقاول
[6]
في السير والمغازي «أسرتي» بدل «إخوتي» .
[7]
نبزى: نغلب عليه ونسلبه.
وينهض قوم نحوكم غير عزل
…
يبيض حَدِيثٍ عَهْدُهَا بِالصَّيَاقِلِ [1]
وَأَبْيَضَ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ
…
ثِمَالُ [2] الْيَتَامَى عِصْمَةٌ لِلْأَرَامِلِ
يَلُوذُ بِهِ الْهُلَّاكُ مِنْ آلِ هَاشِمٍ
…
فَهُمْ عِنْدَهُ فِي رَحْمَةٍ وَفَوَاضِلِ
لَعَمْرِي لَقَدْ كُلِّفْتُ وَجْدًا بِأَحْمَدَ
…
وَإِخْوَتِهِ دَأْبَ الْمُحِبِّ الْمُوَاصِلِ
فَمَنْ مِثْلُهُ فِي النَّاسِ أَيُّ مُؤَمَّلٍ
…
إِذَا قَاسَهُ الْحُكَّامُ عِنْدَ التَّفَاضُلِ
حَلِيمٌ رَشِيدٌ عَادِلٌ غَيْرُ طَائِشٍ
…
يُوَالِي إِلَهًا ليس عنه بغافل
فو الله لَوْلَا أَنْ أَجِيءَ بِسُبَّةٍ
…
تُجَرُّ عَلَى أَشْيَاخِنَا فِي الْمَحَافِلِ
لَكُنَّا اتَّبَعْنَاهُ عَلَى كُلِّ حَالَةٍ
…
مِنَ الدَّهْرِ جِدًّا غَيْرَ قَوْلِ التَّهَازُلِ
لَقَدْ عَلِمُوا أَنَّ ابْنَنَا لا مُكَذَّبٌ
…
لَدَيْنَا وَلَا يعنى بقول الأباطل
فأصبح فينا أحمد ذو [3] أرومة
…
يقصّر عنها [4] سورة المتطاول
حديث بِنَفْسِي دُونَهُ وَفَدَيْتُهُ [5]
…
وَدَافَعْتُ عَنْهُ بِالذُّرَى وَالْكَلَاكِلِ [6]
جَزَى [7] اللَّهُ عَنَّا عَبْدَ شَمْسٍ وَنَوْفَلا
…
عُقُوبَةَ شَرٍّ عَاجِلا غَيْرَ آجِلِ [8]
فَلَمَّا انْتَشَرَ ذِكْرُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بين الْعَرَبِ ذُكِرَ بِالْمَدِينَةِ، وَلَمْ يَكُنْ حَيٌّ مِنَ الْعَرَبِ أَعْلَمَ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ ذُكِرَ، وَقَبْلَ أَنْ يُذْكَرَ مِنَ الأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ، وَذَلِكَ لِمَا كَانُوا يَسْمَعُونَ من الأحبار، وكانوا حلفاء، يعني اليهود
[1] البيت في السيرة.
وينهض قوم في الحديد إليكم
…
نهوض الرويا تحت ذات الصلاصل
[2]
ثمال: عماد وملجأ.
[3]
كذا في الأصل وفي (ع) . وفي المنتفى لابن الملا «ذا» وفي السيرة لابن هشام، وسيرة ابن كثير والمواهب اللدنيّة «في»
[4]
في السيرة «تقصّر عنه» .
[5]
في السيرة «وحميته» .
[6]
الكلاكل: جمع كلكل وهو الصدر.
[7]
هذا البيت ورد في منتصف القصيدة تقريبا وليس في آخرها كما هنا.
[8]
القصيدة بطولها في سيرة ابن هشام 2/ 13- 16، وبعضها في السير والمغازي 156.
فِي بِلَادِهِمْ، وَكَانَ أَبُو قَيْسِ بْنُ الأَسْلَتِ يُحِبُّ قُرَيْشًا، وَكَانَ لَهُمْ صِهْرًا، وَعِنْدَهُ أَرْنَبُ بِنْتُ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى، وَكَانَ يُقِيمُ بِمَكَّةَ السِّنِينَ بِزَوْجَتِهِ، فَقَالَ:
أَيَا رَاكِبًا إِمَّا عَرَضْتَ فَبَلِّغَنْ
…
مُغَلْغَلَةً عَنِّي لُؤَيَّ بْنَ غَالِبِ
رَسُولُ امْرِئٍ قَدْ رَاعَهُ ذَاتُ بَيْنِكُمْ
…
عَلَى النَّأْيِ مَحْزُونٍ بِذَلِكَ نَاصِبِ
أُعِيذُكُمْ باللَّه مِنْ شَرِّ صُنْعِكُمْ
…
وَشَرِّ تَبَاغِيكُمْ وَدَسِّ الْعَقَارِبِ
مَتَى تَبْعَثُوهَا، تَبْعَثُوهَا ذَمِيمَةً
…
هِيَ الْغُولُ لِلْأَقْصَيْنِ أَوْ لِلْأَقَارِبِ
أَقِيمُوا لَنَا دِينًا حَنِيفًا، فَأَنْتُمُ
…
لَنَا غَايَةٌ قَدْ نَهْتَدِي [1] بِالذَّوَائِبِ
فَقُومُوا، فَصَلُّوا رَبَّكُمْ، وَتَمَسَّحُوا [2]
…
بِأَرْكَانِ هَذَا الْبَيْتِ بَيْنَ الأَخَاشِبِ [3]
فِعْنَدَكُمْ مِنْهُ بَلاءُ وَمُصَدَّقٌ
…
غَدَاةَ أَبِي يَكْسُومَ هَادِي الْكَتَائِبِ
فَلَمَّا أَتَاكُمْ نَصْرُ ذِي الْعَرْشِ رَدَّهُمْ [4]
…
جُنُودُ الْمَلِيكِ بَيْنَ سَافٍ وَحَاصِبِ
فَوَلَّوْا سِرَاعًا هَارِبِينَ [5] وَلَمْ يَؤُبْ
…
إِلَى أَهْلِهِ مِلْجَيْشِ [6] غَيْرُ عَصَائِبِ [7]
أَبُو يَكْسُومَ مَلِكُ أَصْحَابِ الْفِيلِ.
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ [8] : فَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عُرْوَةَ بْنِ الزّبير، عن أبيه،
[1] في السيرة «يهتدى» .
[2]
في أخبار مكة «تعوّذوا» بدل «تمسّحوا» .
[3]
الأخاشب تعني جبال مكة ومنى.
[4]
في أخبار مكة:
فلمّا أجازوا بطن نعمان ردّهم
[5]
في أخبار مكة «نادمين» .
[6]
في السيرة «م الحبش» وفي أخبار مكة «بالجيش» .
[7]
الأبيات أكثر من هنا في سيرة ابن هشام 2/ 18، 19، وفي أخبار مكة للأزرقي 1/ 155 ورد أربعة أبيات فقط.
[8]
سيرة ابن هشام 2/ 33.