الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَائِشَةُ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ رَقِيقٌ، وَإِنَّهُ إِنْ قَامَ مَقَامَكَ بَكَى، فَأْمُرْ عُمَرَ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ [1]، فَقَالَ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ، فَأَعَادَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَ: إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ، فَلَمْ يَزَلْ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ حَتَّى كَانَ لَيْلَةُ الْإِثْنَيْنِ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، فَأَقْلَعَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْوَعْكُ وَأَصْبَحَ مُفِيقًا، فَغَدَا إِلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ يَتَوَكَّأُ عَلَى الْفَضْلِ وَغُلَامٍ لَهُ يُدْعَى ثَوْبَانَ [2] وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُمَا، وَقَدْ سَجَدَ النَّاسُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَهُوَ قَائِمٌ فِي الْأُخْرَى، فَتَخَلَّصَ [3] رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصُّفُوفَ يُفَرِّجُونَ لَهُ، حَتَّى قَامَ إِلَى جَنْبِ أَبِي بَكْرٍ فَاسْتَأْخَرَ أَبُو بَكْرٍ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِثَوْبِهِ فَقَدَّمَهُ فِي مُصَلَّاهُ فَصَفَّا جَمِيعًا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس، وَأَبُو بَكْرٍ قَائِمٌ يَقْرَأُ، فَلَمَّا قَضَى قِرَاءَتَهُ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فركع معه الرّكعة الآخرة، ثم جلس أبو بكر يتشهّد والنّاس معه، فلمّا سلّم أتمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم الرَّكْعَةَ الْآخِرَةَ، ثُمَّ انْصَرَفَ [4] إِلَى جِذْعٍ مِنْ جُذُوعِ الْمَسْجِدِ، وَالْمَسْجِدُ يَوْمَئِذٍ سَقْفُهُ مِنْ جَرِيدٍ وَخُوصٍ، لَيْسَ عَلَى السَّقْفِ كَثِيرُ طِينٍ، إِذَا كَانَ الْمَطَرُ امْتَلَأَ الْمَسْجِدُ طِينًا، إِنَّمَا هُوَ كَهَيْئَةِ الْعَرِيشِ، وَكَانَ أُسَامَةُ قَدْ تَجَهَّزَ لِلْغَزْوِ.
بَابُ حَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا احْتَضَرَ
قَالَ الزُّهْرِيُّ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَائِشَةَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ قَالَا: لَمَّا نُزِلَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم [5] طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً لَهُ عَلَى وَجْهِهِ، فَإِذَا اغْتَمَّ كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِهِ، فَقَالَ وَهُوَ كَذَلِكَ: «لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى
[1] هنا تكرار كلمات في نسخة (ع) .
[2]
في الأصل (نوبا) في موضع (ثوبان) ، والتصحيح من طبقات ابن سعد ونسخة دار الكتب.
[3]
في طبقات ابن سعد (فخرج فجعل يفرّج الصّفوف) .
[4]
حتى هنا ينتهي الحديث في طبقات ابن سعد 2/ 219- 220.
[5]
أي نزل به في المرض.
اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» ، يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ [1] .
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بِمِصْرَ، أنا عُمَرُ بْنُ كَرْمٍ بِبَغْدَادَ، أنا عَبْدُ الْأَوَّلِ بْنُ عِيسَى، أنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ أَحْمَدَ الثَّقَفِيُّ مِنْ لَفْظِهِ سَنَةَ سَبْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، ثنا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدُ بْنُ حُسَيْنٍ السُّلَمِيُّ إِمْلَاءً، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْعُطَارِدِيُّ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قبل مَوْتِهِ بِثَلَاثٍ يَقُولُ: «أَحْسِنُوا الظَّنَّ باللَّه عز وجل» . هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ مِنَ الْعَوَالِي.
وَقَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَتْ عَامَّةُ وَصِيَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ «الصَّلَاةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» ، حَتَّى جَعَلَ يُغَرْغِرُ بِهَا فِي صَدْرِهِ، وَمَا يَفِيضُ بِهَا لِسَانُهُ. كَذَا قَالَ سُلَيْمَانُ.
وَقَالَ هَمَّامٌ: ثنا قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ سَفِينَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي مَرَضِهِ: «اللَّهَ اللَّهَ الصَّلَاةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» قَالَتْ: فَجَعَلَ يَتَكَلَّمُ بِهِ وَمَا يَكَادُ يَفِيضُ. وَهَذَا أَصَحُّ [2] .
وَقَالَ اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ، عَنْ مُوسَى بْنِ سَرْجِسَ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمُوتُ وَعِنْدَهُ قَدَحٌ فِيهِ ماء،
[1] رواه البخاري في الصلاة 1/ 112 باب الصلاة في البيعة، وفي المغازي 5/ 140 بَابُ مَرَضِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ووفاته، ومسلم في المساجد ومواضع الصلاة (531) باب النهي عن بناء المساجد على القبور.. والنسائي في المساجد 2/ 40- 41 باب النهي عن اتخاذ القبور مساجد، والدارميّ في الصلاة، باب 120، وأحمد في المسند 6/ 229 و 275.
[2]
رواه ابن ماجة في الجنائز (1625) باب ما جاء في ذكر مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ الهيثمي في مجمع الزوائد: إسناده صحيح على شرط الصحيحين، وأحمد في المسند 3/ 117 و 6/ 311 و 315 و 321.
يُدْخِلُ يَدَهُ فِي الْقَدَحِ ثُمَّ يَمْسَحُ وَجْهَهُ بِالْمَاءِ، ثُمَّ يَقُولُ:«اللَّهمّ أَعِنِّي عَلَى سَكْرَةِ الْمَوْتِ [1] . وَقَالَ سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَا يَمُوتُ حَتَّى يُخَيَّرَ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَلَمَّا مَرِضَ عُرِضَتْ لَهُ بُحَّةٌ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ، وَالصِّدِّيقِينَ، وَالشُّهَدَاءِ، وَالصَّالِحِينَ، وحسن أولئك رفيقا» [2] فظننّا أنّه كان يُخَيَّرُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ [3] . وَقَالَ نَحْوَهُ الزُّهْرِيُّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ وَغَيْرِهِ، عَنْ عَائِشَةَ. وَفِيهِ زِيَادَةٌ: قَالَتْ عَائِشَةُ: كَانَتْ تِلْكَ الْكَلِمَةُ آخِرَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «الرفيق الأعلى» . خ. [4] . وَقَالَ مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أنس قال: لمّا قالت فاطمة عليها
[1] رواه ابن ماجة في الجنائز (1623) باب ما جاء في ذكر مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، والترمذي في الجنائز (985) باب ما جاء في التشديد عند الموت، وأحمد في المسند 6/ 64 و 70 و 77 و 151، والطبري في تاريخه 3/ 197 و 198.
[2]
سورة النساء- الآية 69.
[3]
رواه البخاري في التفسير 5/ 181 تفسير سورة النساء، باب فأولئك مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ، ومسلم في فضائل الصحابة (2444/ 86) باب في فضل عائشة رضي الله تعالى عنها، وابن ماجة في الجنائز (1620) باب ما جاء في ذكر مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وأحمد في المسند 6/ 176 و 205 و 269، وابن سعد في الطبقات 2/ 229، والبلاذري في أنساب الأشراف 1/ 547.
[4]
في المغازي 5/ 138- 139 بَابُ مَرَضِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ووفاته، وفي الرقائق 7/ 192 باب سكرات الموت، وفي الدعوات 7/ 155 باب دعاء النبيّ صلى الله عليه وسلم اللَّهمّ الرفيق الأعلى، ومسلم في السلام (2191) باب استحباب رقية المريض، وفي فضائل الصحابة (2444) باب في فضل عائشة رضي الله تعالى عنها، وابن ماجة في الجنائز (1619) باب ما جاء في ذكر مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومالك في الموطّأ 159 رقم (565) جامع الجنائز، وأحمد في المسند 6/ 45 و 48 و 74 و 89 و 108 و 120 و 126 و 200 و 231 و 274، وابن سعد في الطبقات 2/ 210، والبلاذري في أنساب الأشراف 1/ 548.
السلام: «وا كرباه» قَالَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّهُ قَدْ حَضَرَ مِنْ أَبِيكَ مَا لَيْسَ بِتَارِكٍ مِنْهُ أَحَدًا لِمُوَافَاةِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ» [1] . وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: مُبَارَكٌ، عَنِ الْحَسَنِ، وَيُرْسِلُهُ.
وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لما ثَقُلَ جَعَلَ يَتَغَشَّاهُ- يَعْنِي الْكَرْبَ- فَقَالَتْ فَاطِمَةُ:«وا كرب أَبَتَاهُ» ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«لَا كَرْبَ عَلَى أَبِيكِ بَعْدَ الْيَوْمِ» . أخرجه البخاريّ [2] .
[1] دلائل النبوّة للبيهقي 2/ 728، 729 وعنه في كنز العمال 7/ 260، 261 ولفظه في الدلائل:«لقد حضر أباك ما ليس الله بتارك منه أحدا من الناس لموافاة يوم القيامة» .
[2]
رواه البخاري في المغازي 5/ 144 بَابُ مَرَضِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ووفاته، ومسلم في الجنائز (1629) باب ذكر وفاته ودفنه صلى الله عليه وسلم، وأحمد في المسند 3/ 141، والبلاذري في أنساب الأشراف 1/ 552.