الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الروح تخلق من نفخة الملك
يظن الغالطون أن الملَك يُرسَل إلى الجنين، بروح قديمة أزلية ينفخها فيه كما يرسل الرسول بثوب إلى الإنسان يُلْبِسه إياه، وهذا ضلال وخطأ، وإنما يرسل الله سبحانه إليه الملَك فينفخ فيه نفخة تحدث له الروح بواسطة تلك النفخة.
فتكون النفخة هي سبب حصول الروح وحدوثها له كما كان الوطء والإنزال سبب تكوين جسمه، والغذاء سبب نموه.
فمادة الروح من نفخة الملَك، ومادة الجسم من صبّ الماء في الرحم، فهذه مادة سماوية وهذه مادة أرضية.
فمن الناس من تغلب عليه المادة السماوية فتصير روحه علوية شريفة تناسب الملائكة.
ومنهم من تغلب عليه المادة الأرضية فتصير روحه سفلية ترابية مهينة تناسب الأرواح السفلية.
فالملَك أب لروحه، والتراب أب لبدنه وجسمه.
يوضّح ما تقدم أنه ثبت بالحديث الصحيح أن خلق ابن آدم يُجمع في بطن أمه أربعين يوماً نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يُرسل إليه الملَك فينفخ فيه الروح.
فالملَك وحده يرسل إليه فينفخ فيه، فإذا نفخ فيه كان ذلك سبب حدوث الروح فيه.
ولم يقل يرسل الملَك إليه بالروح فيُدخلها في بدنه، وإنما أرسل إليه الملَك فأحدث فيه الروح بنفخته فيه، لا أن الله سبحانه أرسل إليه الروح التي كانت موجودة قبل ذلك بالزمان الطويل مع الملَك.
فَفَرْق بين أن يُرسل إليه ملَك ينفخ فيها الروح وبين أن يُرسل إليه روح مخلوقة قائمة بنفسها مع الملَك، وتأمل ما دل عليه النص من هذين المعنيين وبالله التوفيق.