الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دواء مرض القلب
قد تبين أن مرض القلب يتعين ويتشخّص كما تتشخص أمراض الأعضاء وتتعيّن، وذلك بأن يتعذر عليه ما خلق له من معرفة الله ومحبته، ومرضه ليس كمرض الأعضاء في الأهمية والخطر.
وقد ذكر ابن القيم أن الإنسان قد يشعر بمرض قلبه ولكن يشتد عليه تحمّل مرارة الدواء والصبر عليها، فهو يُؤْثر بقاء ألمه على مشقه الدواء، فإن دواءه في مخالفة الهوى، وذلك أصعب شيء على النفس وليس لها أنفع منه.
وتارة يُوَطّن نفسه على الصبر ثم ينفسخ عزمه ولا يستمر معه لضعف علمه وبصيرته وصبره، كمن دخل في طريق مَخُوف مُقْضٍ إلى غاية الأمن، وهو يعلم أنه إن صبر عليه انقضى الخوف وأعقبه الأمن.
فهو محتاج إلى قوة صبر وقوة يقين بما يصير إليه، ومتى ضعف صبره ويقينه رجع من الطريق ولم يتحمل مشقتها ولا سيّما إن عَدِمَ
الرفيق واستوحش من الوحدة وجعل يقول: أين يذهب الناس؟ فلي بهم أسوة، وهذه حال أكثر الخلق وهي التي أهلكتهم ..
فالبصير الصادق لا يستوحش من قلة الرفيق ولا من فقده إذا استشعر قلبة مرافقة الرعيل الأول الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
فتفرّد العبد في طريق طلبه دليل على صدق الطلب.
ثم ذكر ابن القيم مثالاً يبين ما تقدم وذك أن إسحق بن راهويه سُئل عن مسألة فأجاب فقيل له: إن أخاك أحمد بن حنبل يقول فيها بمثل ذلك، فقال: ما ظننت أن أحداً يوافقني عليها.
ثم قال ابن القيم بعد هذا: ولم يستوحش بعد ظهور الصواب له من عدم الموافقة فإن الحق إذا لاح وتبين لم يحتج إلى شاهد يشهد به.
والقلب يبصر الحق كما تبصر العين الشمس، فإذا رأى الرائي الشمس لم يحتج في علمه بها واعتقاده أنها طالعة إلى من يشهد بذلك ويوافقه عليه. إنتهى.