الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معرفة المعبود الحق بلا جنة ولا نار
قال ابن القيم رحمه الله: وما يستحقه الرب تعالى لذاته وأنه أهل أن يُعبد أعظم مما يستحقه لإحسانه.
فهو المستحق لنهاية العبادة والخضوع والذل لذاته ولإحسانه وإنعامه.
وفي بعض الآثار: لو لم أخلق جنة ولا ناراً لكنت أهلاً أن أُعْبَد ولهذا يقول أعبد خلقه له يوم القيامة وهم الملائكة: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك، فمِن كرمه وجوده ورحمته أن رضي من عباده بدون اليسير مما ينبغي أن يُعبد به ويستحقه لذاته وإحسانه، فلا نسبه للواقع منهم إلى ما يستحقه بوجه من الوجوه، فلا يسعهم إلا عفوه وتجاوزه. إنتهى.
إن كون الرب معبوداً لذاته ولو لم يخلق جنة ولا ناراً لاتّصافه بصفات الجلال والكمال والجمال بما لم تُحِطْ به عقول خلقه؛ ومن هنا يظهر جلياً سِرُّ عبادته سبحانه وأنه لا يكون إلا معبوداً لذاته.
ولذلك فلو تجلى الله عز وجل لخلقه في الدنيا لَذَهِلوا عن كل شيء سواه لما يجدونه في رؤيته سبحانه من لذة يستحيل أن يجدوا مثلها أو ما يقاربها في شيء آخر مهما يكون، ولذلك صارت رؤيته وسماع كلامه في الجنة أعلى نعيمهم وأعظم ما يلتذون به.
غير أن رؤيته في الدنيا مستحيلة لضعف البشر، ولأنها ليست دار جزاء بل امتحان وابتلاء وإيمان بغيب.
ولذلك فإن أصل العبادة المحبة وهي تابعة للشعور بالمحبوب فلما كان الشعور بالمحبوب في الجنة معاينة وسماعاً على الكمال كَمُلَت اللذة، وفي دعاء النبي صلى الله عليه وسلم:(واسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك).