الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب [في الاعتكاف]
(المتن)
بَابٌ الاِعْتِكَافُ نَافِلَةٌ. وَصِحَّتُهُ لِمُسْلِم مُمَيِّزٍ بِمُطْلَقِ صَوْمٍ، وَلَوْ نَذْرًا وَمَسْجِدٍ إِلَّا لِمَنْ فَرْضُهُ الْجُمُعَةُ، وَتَجِبُ بِهِ، فَالْجَامِعُ مِمَّا تَصِحُّ فِيهِ الْجُمُعَةُ، وَإِلَّا خَرَجَ وَبَطَلَ، كَمَرَضِ أَبَوَيْهِ، لا جَنَازَتِهِمَا مَعًا وَكَشَهَادَةٍ وَإنْ وَجَبَتْ، وَلْتُؤَدَّ بِالْمَسْجِدِ، أَوْ تُنْقَلُ عَنْهُ، وَكرِدَّةٍ، وَكَمُبْطِل صَوْمَهُ وَكَسُكْرِهِ لَيلًا، وَفِي إِلْحَاقِ الْكَبَائِرِ بِهِ تَأوِيلانِ. وَبِعَدَمِ وَطْءٍ، وَقُبْلَةِ شَهْوَةٍ، وَلَمْسٍ، وَمُبَاشَرَةٍ وَإنْ لِحَائِضٍ نَاسِيَةٍ، وَإِنْ أَذِنَ لِعَبْدٍ أَوِ امْرَأَةٍ فِي نَذْرٍ فَلا مَنْعَ كغَيرِهِ؛ إِنْ دَخَلا وَأَتَمَّتْ مَا سَبَقَ مِنْهُ أَوْ عِدَّهٍ، إِلَّا أَنْ تُحْرِمَ، وَإنْ بِعِدَّةِ مَوْتٍ فَيَنْفُذُ، وَيَبطُلُ. وَإنْ مَنَعَ عَندَهُ نَذْرًا فَعَلَيهِ إِنْ عَتَقَ.
(الشرح)
(الاعْتِكَافُ نَافِلَةٌ) هذا كقوله (1) في الرسالة (2): والاعتكاف من نوافل الخير (3)، وهو المشهور، وقاله في المقدمات (4) وأخذت الكراهة مما رواه ابن نافع عن مالك: ما زلت أفكر في ترك الصحابة الاعتكاف، وقد اعتكف عليه الصلاة والسلام حتى قُبِض وهم أتبع الناس لأموره وآثاره، حتى أخذ بنفسي أنه كالوصال الذي نهى عنه عليه الصلاة والسلام وفعله (5)، والمشهور عن مالك الأول (6).
قوله: (وَصِحَّتُهُ لِمُسْلِمٍ مُميِّزٍ) أي: وصحة الاعتكاف ثابتة أو حاصلة لمسلم مميز، فاحترز بالمسلم عن الكافر؛ إذ لا يصح اعتكافه شرعًا؛ لأنه طاعة، والإيمان شرط في صحة (7) كل طاعة (8)،
(1) قوله: (هذا كقوله) يقابله في (س): (هكذا قوله).
(2)
في (ز): المدونة.
(3)
انظر: الرسالة، ص:63.
(4)
انظر: المقدمات الممهدات: 1/ 124.
(5)
متفق عليه، أخرجه البخاري: 2/ 678، في باب بركة المسحور من غير إيجاب، من كتاب الصوم، برقم: 1822، ومسلم: 2/ 774، في باب النهي عن الوصال في الصوم، من كتاب الصيام، برقم: 1102، ومالك: 1/ 300، في باب النهي عن الوصال في الصيام، من كتاب الصيام، برقم:667.
ولفظه: عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم واصل فواصل الناس فشق عليهم فنهاهم، قالوا: إنك تواصل، قال:"لست كهيئتكم إني أظل أطعم وأسقى".
(6)
انظر: النوادر والزيادات: 2/ 89.
(7)
في (ن) و (ن 1) و (ز): (تحصيل).
(8)
قوله: (كل طاعة) يقابله في (ن 2): (الطاعة).
واحترز بالمميز؛ لأن غيره لا (1) يعقل القربة فلا تصح منه.
قوله: (بِمُطْلَقِ صَوْمٍ) هذا هو المشهور، وقال ابن لبابة: يجوز بغير صوم (2)، ومراده بالمطلق أنه ليس من شرط الصوم المشترط في الاعتكاف أن يكون مقصودًا له، بل يجوز بأي صوم كان؛ سواء كان (3) مقصودًا له أم لا؛ لاعتكافه عليه الصلاة والسلام في رمضان.
قوله: (وَلَوْ نَذْرًا) أي: ولو كان الاعتكاف منذورًا لا يتعين له أيضًا صوم يخصه، بل يجوز فعله في رمضان وفي غيره، وهو قول مالك، وقال عبد الملك وسحنون: لا بد من صوم يخصه فلا يجزئ (4) في رمضان (5).
قوله: (وَمَسْجِدٍ) أي: وصحته أيضًا بمسجد؛ إذ هو معطوف على قوله: (بمطلق صوم (6))، والمشهور ما ذكر أنه لا يصح إلا في المساجد خلافًا لابن لبابة.
قوله: (إِلَّا لِمَنْ فَرْضُهُ الْجُمُعَةُ) أي: فلا يكون إلا في المسجد الذي تقام فيه الجمعة، وأخرج بقوله:(لمن فرضه الجمعة) المرأة والعبد ومن هو على ثلاثة أميال فصاعدًا من الجامع، فإنه لا يشترط في حقهم ذلك.
قوله: (وَتَجِبُ بِهِ) احترازًا مما إذا نذر زمانًا لا تأخذه فيه الجمعة (7) فإنه يعتكف في أي مسجد شاء، وروي عن مالك: أنه لا يكون إلا في الجامع (8).
قوله: (فِالجامِعُ) أي: فلا يجوز إلا فيه، فالباء في (به) بمعنى مع، نحو اشتريت العبد بماله، والضمير المجرور بها عائد على الاعتكاف، والمعنى: إلا لمن فرضه الجمعة ونوى اعتكافًا تجب معه الجمعة، أي: قبل انقضاء زمنه فلا يعتكف إلا في الجامع الذي تقام
(1) قوله: (بالمميز لأن غيره لا) يقابله في (ن 2): (بالمميز من غيره لأن من لا).
(2)
انظر: التوضيح: 2/ 466.
(3)
قوله: (سواء كان) ساقط من (ن 2)، وقوله:(كان) ساقط من (س).
(4)
في (ن 2): (يجوز).
(5)
قوله: (قوله: "وَلَوْ نَذْرًا"
…
فلا يجزئ في رمضان) ساقط من (س). انظر: النوادر والزيادات: 2/ 90.
(6)
قوله: (صوم) زيادة من (ن 2).
(7)
قوله: (فإنه لا يشترط
…
لا تأخذه فيه الجمعة) ساقط من (ن 2).
(8)
انظر: المدونة: 1/ 291.
فيه الخطبة، وهو المشهور، وقيل: يكره في غيره.
قوله: (مِمَّا تَصِحُّ فِيهِ الجمُعَةُ) أي: فيجوز أن يعتكف في رحابه بخلاف سطحه على الأشهر، وبخلاف بيت قناديله وبيت الخطابة وبيت (1) السقاية للتحجير.
قوله: (وإلا خَرَجَ) أي: فإن اعتكف أمدًا تأخذه فيه الجمعة وكان في غير الجامع فإنه يخرج إلى الجمعة (2).
قوله: (وَبَطَلَ) أي: إن خرج وهو المشهور، وروى ابن الجهم: يخرج ولا يبطل (3)، وقال عبد الملك: إن دخل على ذلك ابتداء خرج (4) وبطل وإلا فلا، كمن نوى أيامًا لا تأخذه فيها الجمعة، ثم خرج لمرض ثم يعد زواله (5) إلى المسجد فأتت عليه الجمعة في ذلك، هكذا قال ابن زرقون (6). وحكى عنه (7) اللخمي (8)، وصاحب الكافي الصحة (9) مطلقًا (10).
قوله: (كَمَرَضِ أَبَوَيْهِ) أي: فإنه يخرج ليعودهما، ويبطل اعتكافه.
قوله: (لا جَنَازَتِهِما مَعًا) أي: فلا يخرج لجنازتهما معًا، ونقل الجزولي قولًا أنه يخرج، والأول هو (11) الأصح (12)؛ لأن حقهما معًا قد سقط، ومفهومه أنه لو مات أحدهما والآخر حي فإنه يؤمر بالخروج لما يخشى من عقوق الحي وغضبه عليه، وذلك واضح.
قوله: (وَكَشَهَادَةٍ) أي: فإنه لا يخرج فإن خرج بطل اعتكافه، وقاله اللخمي (13)
(1) قوله (بيت) زيادة من (س).
(2)
قوله: (إلى الجمعة) زيادة من (س).
(3)
انظر: التوضيح: 2/ 467.
(4)
في (ن 1): (خروج).
(5)
في (ن) و (ز): (عاد لزواله).
(6)
انظر: التوضيح: 2/ 467.
(7)
في (ن 1): (وحكي عن).
(8)
انظر: التبصرة، للخمي، ص:837.
(9)
في (ن 1): (في الصحة).
(10)
انظر: الكافي: 1/ 353.
(11)
قوله: (هو) زيادة من (س).
(12)
قوله: (هو الأصح) يقابله في (ن 2): (أصح).
(13)
انظر: التبصرة، للخمي، ص:845.
وغيره.
قوله (1): (وإنْ وَجَبَتْ) إشارة إلى أن الاعتكاف يبطل بخروجه لأداء الشهادة ولو تعينت عليه.
قوله: (وَلْتُؤَدَّ بِالمسْجِدِ، أوْ تُنْقَلْ عَنْهُ) هكذا قال مالك في العتبية (2).
قوله: (وَكَرِدَّةٍ) أي: فإنها تبطل الاعتكاف (3)، وقاله في الجواهر (4).
قوله: (وَكَمُبْطِلِ صَوْمَهُ) يريد كالحيض والوطء عامدًا أو ناسيًا أو مغلوبًا (5)، وكالأكل والشرب نهارًا (6) متعمدًا، وقاله كله في المدونة (7).
قوله: (وَكَسُكْرِهِ لَيْلًا) يريد: وإن صحا قبل طلوع (8) الفجر، وقاله مالك (9) في المدونة (10)، وظاهره: كان من سكر حرام أو من شيء كان (11) أصله مباحًا، ونحا بعضهم إلى أنه من حرام (12).
قوله: (وَفي إِلحاقِ الْكَبَائر بِهِ تَأوِيلان) أي: في (13) بطلان الاعتكاف (14) بها، ولا إشكال أن الكبائر المبطلة للصوم كالزنا واللواط وشرب الخمر نهارًا مبطلة للاعتكاف؛ لبطلان شرطه، وأما الكبائر التي لا تبطله كالكذب والزور والقذف والسرقة والغصب
(1) قوله: (أي: فإنه لا يخرج
…
وغيره. قوله) ساقط من (س) و (ن 1).
(2)
انظر: النوادر والزيادات: 2/ 93.
(3)
قوله: (الاعتكاف) ساقط من (س).
(4)
انظر: عقد الجواهر: 1/ 262
(5)
قوله: (والوطء عامدًا أو ناسيًا أو مغلوبًا) يقابله في (ن 1): (وكذلك الوطء عمدا أو نسيانا أو غلبة).
(6)
قوله: (نهارا) ساقط في (ن 1)، وفي (س):(في النهار).
(7)
في (ن) و (ن 2): (المقدمات). وانظر: المدونة: 291، وما بعدها.
(8)
قوله: (طلوع) زيادة من (س).
(9)
قوله: (مالك) ساقط من (س) و (ن) و (ن 2).
(10)
انظر: المدونة: 1/ 293.
(11)
قوله: (كان) ساقط من (س) و (ن 1) و (ن 2).
(12)
قوله: (حرام) يقابله في (ن 1): (مباح).
(13)
قوله: (في) ساقط من (ن 1).
(14)
في (س) و (ن 1): (اعتكافه).
والخديعة والغش وغيرها من الكبائر فلا (1)، فأجراها البغداديون مجرى السكر ليلًا، نقله عياض.
وحكى اللخمي (2) عن ابن القصار أنه قال: إن (3) السب والغيبة ليس بمنصوص عليهما هل يبطله (4) أم لا (5).
وحكى ابن شاس عن المغاربة أن الكبائر (6) التي (7) لا تبطل الصوم ولا تبطل الاعتكاف (8).
قوله: (وَبِعَدَمِ وَطْءٍ، وَقُبْلَةِ شَهْوَةٍ، وَلمسٍ، وَمُبَاشَرَةٍ (9)) هذا معطوف على قوله: (وصحته بمطلق صوم) أي: وبعدم وطء (10) إلى آخر ما ذكر (11)، قال في المدونة: وإن جامع في ليل أو نهار ناسيًا أو قبَّل أو باشر أولمس فسد اعتكافه وابتدأه (12).
أبو الحسن الصغير: يريد إذا وجد اللذة أو قصدها ولم يجدها، واحترز بقبلة (13) شهوة مما إذا قبل صغيرة لا تشتهى أو امرأته لوداع ونحوه، ولم يقصد لذة ولا وجدها.
قوله: (وَإِنْ لِحائضٍ (14)) يريد: أو مريض (15)، وهو مذهب المدونة والرسالة
(1) قوله: (فلا) زيادة من (ن 1) و (ن 2).
(2)
قوله: (اللخمي) ساقط من (ن 1)، وفي (ن):(الباجي).
(3)
قوله: (إن) ساقط من (س) و (ن 1) و (ن 2).
(4)
في (ز): (تبطل)، وفي (ن 1):(يبطلان)، وفي (ن 2):(يبطلانه).
(5)
انظر: التبصرة، للخمي، ص:843.
(6)
قوله: (الكبائر) ساقط من (ن 1).
(7)
قوله: (التي) ساقط من (ن 2).
(8)
انظر: عقد الجواهر: 1/ 262.
(9)
في (ن): (ومني).
(10)
قوله: (وقبلة شهوة، ولمس
…
وبعدم وطء) ساقط من (س).
(11)
قوله: (هذا معطوف على
…
إلى آخر ما ذكر) ساقط من (ن 1). وقوله: (آخر ما ذكر) يقابله في (س): (آخرها وذكر).
(12)
انظر: المدونة: 1/ 291.
(13)
في (س): (بقلبه)، وفي (ن 1):(بقوله).
(14)
في (ن 2): (لحيض).
(15)
في (ن 2): (مرض).
وغيرهما (1).
قوله: (نَاسِيَةٍ) أي: لا فرق في ذلك (2) بين أن تكون عالمة بالاعتكاف حين القبلة والمباشرة ونحوهما (3) أو ناسية (4).
قوله: (وإنْ أَذِنَ لِعَبْدٍ أَوِ امْرَأَةٍ فِي نَذْرٍ فَلا مَنع كَغَيرهِ، إِنْ دَخَلا) يريد: أن من أذن لعبده أو لامرأته في نذر الاعتكاف فنذراه، ليس له منعهما من الدخول فيه ولا المنع إن دخلا فيه، وكذلك إذا أذن لهما في فعل الاعتكاف نفسه فدخلا فيه (5) فليس له أيضًا قطعه عليهما إذا دخلا فيه، واختلف هل له الرجوع فيه (6) قبل دخولهما فيه أم لا؟ على قولين.
قوله: (وَأَتمَّتْ مَا سَبَقَ مِنْهُ، أَوْ عِدَّةٍ) يريد: أن المرأة إذا طلقها الزوج أو مات عنها وهي معتكفة فإنها لا تخرج إلى العدة حتى تكمل اعتكافها ثم تتم ما بقي من عدتها، فإن سبقت العدة الاعتكاف بأن طلقت أو توفي عنها زوجها (7) قبل الدخول فيه تمادت على عدتها (8) وليس (9) لها اعتكاف حتى تحل، وهكذا قال في المدونة فيهما (10)، والحاصل أنه ينظر إلى السابق منهما فيراعى، وحكم الإحرام أيضًا حكم الاعتكاف فيراعى أيضًا السابق منه ومن العدة، فإن خالفت فدخلت في الإحرام بعد الطلاق أو الموت؛ فقال أبو الحسن الصغير: تنفذ في الإحرام وهي عاصية بخلاف المعتكفة فإنها لا تنفذ إذا أحرمت (11) وتبقى على اعتكافها (12)، وإلى هذا (13) أشار بقوله: (إِلا أَنْ تُحْرِمَ، وإنْ بِعِدَّةِ
(1) قوله: (وغيرهما) ساقط من (ن 1).
(2)
قوله: (في ذلك) ساقط من (س).
(3)
قوله: (ونحوهما) ساقط من (س)، وفي (ن 1):(أو ناسية).
(4)
في (ن 1) و (ن 2): (ناسية له).
(5)
قوله: (نفسه فدخلا فيه) زيادة من (س).
(6)
قوله: (فيه) زيادة من (ن 2).
(7)
قوله: (زوجها) زيادة من (ن 2).
(8)
قوله: (فإن سبقت العدة
…
فيه تمادت على عدتها) ساقط من (س).
(9)
في (ن 2): (والمحرمة ليس).
(10)
انظر: المدونة، دار صادر: 1/ 231.
(11)
قوله: (فإنها لا تنفذ إذا أحرمت) يقابله في (ن 2): (فإن إحرامها بعد الاعتكاف لا ينفذ).
(12)
انظر: التوضيح: 2/ 464.
(13)
قوله: (هذا) ساقط من (ن 2).
مَوْتٍ فينْفُذُ (1)، وَيَبْطُلُ) أي: ينفذ الاعتكاف ويبطل الإحرام.
قوله: (وَإِنْ مَنَعَ عَبْدَهُ نَذْرًا، فعَلَيْهِ إِنْ عَتَقَ) هكذا قال في المدونة، قال فيها: وإن نذر عبد عكوفًا (2) فمنعه سيده كان ذلك عليه إن عتق (3). يريد: إذا كان النذر مضمونًا، وأما الأيام المعينة فلا شيء عليه إن منعه الاعتكاف فيها.
(المتن)
وَلا يُمْنَعُ مُكَاتَبٌ يَسِيرَهُ، وَلَزِمَ يَوْمٌ إِنْ نَذَرَ لَيْلَةً، لا بَعْضَ يَوْمٍ. وَتَتَابُعُهُ فِي مُطْلَقِهِ، وَمَنْوِيُّهُ حِينَ دُخُولِهِ كَمُطْلَقِ الْجِوَارِ، لا النَّهَارِ فَقَطْ فَبِاللَّفْظِ، وَلا يَلْزَمُ فِيهِ حِينئذٍ صَوْمٌ، وَفِي يَوْمِ دُخُولِهِ تَأوِيلانِ، وإتْيَانُ سَاحِلٍ لِنَذْرِ صَوْمٍ بِهِ مُطْلَقًا، وَالْمَسَاجِدِ الثَّلاثَةِ فَقَطْ لِنَاذِرِ عُكوفًا بِهَا، وَإِلَّا فَبِمَوْضِعِهِ.
(الشرح)
قوله: (وَلا يُمْنَعُ مُكَاتَبٌ يَسِيرَهُ) أي: يسير الاعتكاف الذي لا ضرر فيه على السيد، قال في المدونة: وإن كان كثيرًا يشغله ويضر بسيده فله (4) منعه إذ قد يعجز في اعتكافه فلا (5) يقدر أن يخرجه منه (6).
قوله: (وَلَزِمَ يَوْمٌ إِنْ نَذَرَ لَيْلَةً) يريد: أنه إذا نذر اعتكاف ليلة لزمه يوم وليلة (7)، قال في المدونة: أو يوم لزمه اعتكاف يوم وليلة (8)، وهو المشهور، وعن سحنون البطلان.
قوله: (لا بَعْضَ يَوْم) أي: فلا يلزمه شيء، نص عليه اللخمي.
قوله: (وَتَتَابُعُهُ، في مُطْلَقِهِ، وَمَنْوِيُّهُ حِينَ دُخُولِهِ) أي: ولزم التتابع فيما إذا نوى اعتكافًا (9) مطلقًا؛ أي: غير مقيد (10) بتتابع ولا غيره، لأن من سنته (11) التتابع، أما إذا
(1) في (ن) و (ن 1) و (ز) و (س): (فتَنْفُذُ).
(2)
في (ن 2): (اعتكافًا).
(3)
انظر: المدونة، دار صادر: 1/ 231.
(4)
في (ز): (فعليه).
(5)
في (ز): (فلن).
(6)
انظر: المدونة، دار صادر: 1/ 231.
(7)
قوله: (لزمه يوم وليلة) زيادة من (ن 2).
(8)
انظر: المدونة: 1/ 297.
(9)
في (ن 2): (الاعتكاف).
(10)
في (ن 2): (معين).
(11)
في (ن 2): (شرطه).
نوى التتابع أو نوى (1) عدمه حين الدخول لزمه ما نوى من ذلك.
قوله: (كَمُطْلَقِ الجُوَارِ لا النَّهَارِ فَقَطْ فَبِاللَّفْظِ وَلا يَلْزَمُ فِيهِ حِينَئِذٍ (2) صَوْمٌ) الجوار بضم الجيم هو (3) المجاورة، وهو قسمان: قسم غير مقيد وهو المراد بالمطلق فحكمه كحكم الاعتكاف في لزوم الصوم والتتابع، قاله ابن رشد (4) والقاضي عياض (5)، ومقيد: وهو أن يجاور (6) النهار وينقلب إلى أهله بالليل، قال في المدونة: فلا صوم فيه ولا يلزمه بدخوله ونيته حتى ينذره بلفظه (7).
قوله: (وَفي يَوْمِ دُخُولِهِ تَأوِيلانِ) أي: فإن نوى أيامًا أو يومًا لم يلزمه ما بعد الأول، واختلف هل يلزمه اليوم الأول بالدخول، أو يلزمه اليوم المنفرد. وهو تأويل ابن يونس على المدونة (8)، أو لا يلزمه وإن دخل إذ لا صوم فيه، وهو تأويل أبي عمران، قال: لأنه إنما نوى أن يذكر الله تعالى والذكر يتبعض، فما ذكر يصح أن يكون عبادة.
قوله: (وإتْيَانُ سَاحِلٍ لِنَذْرِ صَوْمٍ بِهِ مُطْلَقًا) أي: وكذلك يلزم إتيان ساحل لمن نذر صومًا به سواء كان الموضع الذي هو به أفضل من موضع القصد أو العكس، وهو مراده بالإطلاق، وقاله في المدونة (9).
قوله: (وَالمسَاجِدِ الثَّلاثَةِ فَقَطْ لِنَاذِرٍ عُكُوفًا (10) بِهَا) أي: ولزم إتيان المساجد الثلاثة وهي مسجد مكة والمدينة وبيت المقدس لمن نذر أن يعتكف فيها، وأشار بقوله:(فقط) إلى أن هذا الحكم خاص بها لا يتعدى إلى (11) غيرها، ولهذا قال: (وإلَّا
(1) قوله: (نوى) "ساقط من (ن 2).
(2)
قوله: (حِينَئِذٍ) ساقط من (ن).
(3)
قوله: (هو) زيادة من (ن 2).
(4)
انظر: المقدمات الممهدات: 1/ 125.
(5)
انظر: التوضيح: 2/ 479.
(6)
في (س): (يجار).
(7)
انظر: المدونة: 1/ 295.
(8)
انظر: الجامع، لابن يونس، ص:1108.
(9)
انظر: المدونة، دار صادر: 1/ 232.
(10)
في (ز) و (ن 2) والمطبوع من مختصر خليل: (عكوف).
(11)
قوله: (إلى) زيادة من (ن 2).
فَبِمَوْضِعِهِ) أي: فإن نذر ذلك بغير هذه المساجد فليعتكف (1)؛ أي (2): كمسجد الفسطاط أو غيره من المساجد فإنه يعتكف بموضعه (3)؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: "لا تشد الرحال إلا إلى المساجد الثلاثة (4) "(5).
(المتن)
وَكُرِهَ أكلُهُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ، وَاعْتِكَافُهُ غيرَ مَكْفِيّ، وَدُخُولُهُ مَنْزِلَهُ وَإِنْ لِغَائِطٍ، وَاشْتِغَالُهُ بِعِلْمٍ وَكِتَابَة وَإِنْ مُصْحَفًا إِنْ كَثُرَ، وَفِعلُ غَيرِ ذِكْرٍ وَصَلاة وَتِلاوَةٍ، كَعِيَادَةٍ وَجِنَازَةٍ، وَلَوْ لاصَقَتْ، وَصُعُودُهُ لِتَأذِينٍ بِمَنَارٍ أَوْ سَطْحٍ، وَتَرَتبُهُ لِلإِمَامَةِ، وَإِخْرَاجُهُ لِحُكُومَةٍ إِنْ لَمْ يَلُدَّ بِهِ، وَجَازَ إِقْرَاءُ قُرآنٍ، وَسَلامُهُ عَلَى مَنْ بِقُربهِ، وَتَطَيِيبُهُ، وَأَنْ يَنْكِحَ ويُنْكِحَ بِمَجْلِسِهِ، وَأَخْذُهُ إِذَا خَرَجَ لِكَغُسْلِ جُمُعَةٍ ظُفُرًا، أَوْ شَارِبًا، وَانْتِظَارُ غَسْلِ ثَوْبِهِ أَوْ تَجْفِيفِهِ، وَنُدِبَ إِعْدَادُ ثَوْبَه، وَمُكْثُهُ لَيْلَةَ الْعِيدِ، وَدُخُولُهُ قَبْلَ الْغُرُوبِ.
(الشرح)
قوله: (وَكُرِه أكلُهُ خَارجَ المسْجِدِ) يريد: أنه يكره للمعتكف أن يخرج فيأكل بين يدي المسجد، وهكذا روى ابن نافع عن مالك، قال: وليأكل في المسجد وذلك واسع له، وله أن يأكل في رحبته لا فوقه، وأما في داخل المنارة وتغلق (6) عليه فلا بأس به.
قوله: (وَاعْتِكَافُهُ غَيْرَ مَكْفِيٍّ) أي: وكره أن يعتكف غير مكفي، قال في المدونة: ولا يعتكف إلا من كان مكفيًا (7) حتى لا يخرج إلا لحاجة الإنسان، فإن اعتكف غير مكفي
(1) قوله: (فليعتكف) ساقط من (ن).
(2)
قوله: (فليعتكف؛ أي) زيادة من (س).
(3)
في (ن 2): (في موضعه).
(4)
قوله: (إلى المساجد الثلاثة) يقابله في (ن) و (ن 2): (لثلاثة مساجد).
(5)
متفق عليه، أخرجه البخاري: 1/ 398، في باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، من أبواب التطوع، برقم: 1132، ومسلم: 2/ 1014، في باب لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، من كتاب الحج، برقم 13973، ومالك: 1/ 108، في باب ما جاء في الساعة التي في يوم الجمعة، من كتاب الجمعة، برقم: 241، بلفظ:"لا تعمل المطي إلا إلى ثلاثة مساجد إلى المسجد الحرام وإلى مسجدي هذا وإلى مسجد إيلياء".
(6)
في (س) و (ن 2): (ويغلق).
(7)
في (ن) و (ن 1) و (ز) و (س): (مكتفيًّا).
جاز له (1) أن يخرج لشراء طعامه (2).
قوله: (وَدُخُولُهُ مَنْزِلَهُ وَإِنْ لِغَائِطٍ) يريد: أنه (3) إذا كان مسكونًا وفيه أهله. ابن نافع عن مالك: وإذا قرب منه كرهت له دخوله لحاجة الإنسان، إلا أن يكون غير مسكون.
قوله: (وَاشْتِغَالُهُ بِعِلْمٍ وكتابة (4)) قال مالك في المدونة: ولا يشتغل بمجالس العلم (5)، قيل له: أيكتب العلم في المسجد؟ فكره ذلك. ابن نافع إلا أن يكون الشيء الخفيف وتركه أحب إليَّ (6).
قوله: (وإنْ مُصْحَفًا) مبالغة لئلا يتوهم أن كتابة القرآن كتلاوته.
قوله: (إِنْ كَثُرَ) هكذا قال ابن نافع ونحوه لمالك (7).
قوله: (وَفِعْلُ غَيْرِ ذِكْرٍ وَصَلاةٍ وَتلاوةٍ) يريد: أنه يكره له أن يفعل غير هذه الثلاثة، قال في المقدمات: مذهب ابن القاسم الاقتصار على الصلاة وتلاوة القرآن والذكر (8)، وقال ابن وهب: يجوز له سائر الأعمال المختصة بالآخرة (9).
قوله: (كَعِيَادَةٍ وَجَنَازَةٍ، وَلَوْ لاصَقَتْ) قال مالك (10) في المدونة: ولا يعجبني أن يصلى على جنازة وهي في المسجد، ابن نافع عنه: وإن انتهى إليه زحام المصلين عليها، ولا يعود مريضًا فيه (11) إلا أن يصلي إلى جنبه فلا بأس أن يسلم عليه، ولا يقوم ليعزِّي أو ليهنِّئ، وقيل: له أن يصلي عليها فيه ويعود مريضًا (12).
(1) قوله: (له) زيادة من (س).
(2)
انظر: المدونة: 1/ 299.
(3)
قوله: (أنه) ساقط من (س) و (ن 2).
(4)
في (ن 2) والمطبوع من مختصر خليل: (وكتابته).
(5)
قوله: (بمجالس العلم) ساقط من (ن 2).
(6)
انظر: المدونة: 1/ 293.
(7)
في (س): (عن مالك).
(8)
انظر: الذخيرة: 2/ 539.
(9)
انظر: المقدمات الممهدات: 1/ 122.
(10)
قوله: (مالك) زيادة من (س).
(11)
قوله: (فيه) زيادة من (ن 2).
(12)
انظر: المدونة: 1/ 293.
قوله: (وَصُعُوده لِتَأذَينٍ (1) بِمَنَارٍ أَوْ سَطْحٍ) قال في المدونة: واختلف قوله في صعود المعتكف (2) المؤذن على (3) المنار فمرة قال: لا، ومرة قال: نعم، وجل قوله فيه الكراهة وذلك رأي (4). ابن يونس: وكذلك اختلف قوله في سطح (5) المسجد (6).
قوله: (وَترَتُّبُهُ لِلإِمَامَةِ) يريد: أنه يكره للمعتكف أن يكون إمامًا رَاتبًا؛ لأن الإمامة على تلك الحال ربما شغلته عن بعض شأنه.
قوله: (وإخْرَاجُهُ لحُكُومَةٍ إِنْ لم يَلُدَّ بِهِ) قال في المدونة: ولا ينبغي للقاضي إخراجه حتى يتم إلا أن يتبين له أنه (7) إنما اعتكف لددًا فَيرى رأيه فيه (8).
قوله: (وَجَازَ إِقْرَاءُ قُرْآنٍ) هكذا قال ابن الجلاب (9)، يريد: وإن كثر؛ لأنه ذكر من الأذكار إلا أن يقصد التعليم فلا.
قوله: (وَسَلامُهُ عَلَى مَنْ بِقُرْبِهِ) قد تقدم أن مالكًا قال: لا يعود مريضًا إلا أن يصلي إلى جنبه فلا بأس أن يسلم عليه. أبو الحسن الصغير: من غير كراهة في ذلك.
قوله: (وَتَطْيِيبُهُ) أي: وجاز تطييبه على (10) المشهور، وقيل: لا يتطيب.
قوله: (وَأَنْ يَنكحَ وَيُنكِحَ) أي: يعقد نكاح نفسه وابنته (11) أو نكاح وليته أو محجورته كابنته (12) وأخته وأمته وابنه الصغير.
قوله: (بِمَجْلِسِهِ) أي: إذ ليس فيه إلا مجرد إيجاب وقبول من غير عمل، قال في
(1) في (ن 2) والمطبوع من مختصر خليل: (لأذان).
(2)
قوله: (المعتكف) زيادة من (ن 2).
(3)
قوله: (على) ساقط من (س) و (ن 2).
(4)
انظر: المدونة: 1/ 294.
(5)
في (ن): (سطوح).
(6)
انظر: الجامع، لابن يونس، ص:1100.
(7)
قوله: (أنه) ساقط من (ن 2).
(8)
انظر: المدونة: 1/ 299.
(9)
انظر: التفريع: 1/ 188.
(10)
في (س): (وهو).
(11)
قوله: (وابنته) زيادة من (ن 2).
(12)
في (ن 2): (كيتيمته).
المدونة: ولا يعقد نكاحًا في المسجد إلا أن يغشاه ذلك في مجلسه فلا بأس به (1)، ولا بأس أن يتطيب ويَنكِح ويُنكِح (2).
قوله: (وَأَخْذُهُ إِذَا خَرَجَ لِكَغُسْلِ جُمُعَةٍ ظُفُرًا أَوْ شَارِبًا) أي: ويجوز له إذا خرج لكغسل جمعة أو جنابة ونحوهما أن يقلم أظفاره ويقص شاربه، قال في المدونة: ولا يحلق شعره ويقص (3) أظفاره إلا خارج المسجد (4).
قوله: (وَانْتِظَارُ غَسْلِ ثَوْبِهِ أَوْ تَجْفِيفِهِ) ظاهره جوازًا؛ إذ هو معطوف على الجائز، والذي رأيته في المدونة وغيرها: لا ينتظر ذلك (5)، ولعله معطوف على المكروهات.
قوله: (وَنُدِبَ إِعْدَادُه (6) ثَوْبَه (7)) أي (8): ويستحب له أن يتخذ ثوبًا غير الذي عليه (9) ليأخذه ويدع ثوبه إذا أصابته جنابة وقاله في المدونة (10).
قوله: (وَمَكْثُهُ لَيْلَةَ الْعِيدِ) أي: مبيته ليلة العيد في المسجد ليمضي من صلاة العيد إلى بيته (11)، وهذا إذا كان ذلك (12) آخر يوم من اعتكافه، قال مالك: وقد بلغني أنه عليه الصلاة والسلام كان (13) يفعل ذلك إذا اعتكف العشر الأواخر من رمضان، قال في الموطأ: وهو أحب إليَّ (14)،
(1) انظر: المدونة: 1/ 293.
(2)
قوله: (ويُنكِح) ساقط من (ن).
(3)
في (ن 2): (ولا يقص).
(4)
انظر: المدونة: 1/ 294.
(5)
انظر: المدونة: 1/ 292.
(6)
في (ز) و (ن 2) والمطبوع من مختصر خليل: (إعداد).
(7)
في (ن 2) والمطبوع من مختصر خليل: (ثوب).
(8)
في (س) و (ن 2): (قال في المدونة).
(9)
قوله: (ثوبًا غير الذي عليه) يقابله في (ن 2): (غير ثوبه).
(10)
قوله: (وقاله في المدونة) زيادة من (ن).
(11)
قوله: (أي: مبيته ليلة
…
العيد إلى بيته) يقابله في (ن 1): (أي ليمضي منه إلى المصلى ويمضي من المصلى إلى بيته).
(12)
قوله: (ذلك) زيادة من (ن 1) و (ن 2).
(13)
قوله: (كان) ساقط من (ن 1).
(14)
أخرجه مالك: 1/ 319، في باب خروج المعتكف للعيد، من كتاب الاعتكاف، برقم: 689، =
وهذا هو (1) المشهور، وعن سحنون: إن خرج من معتكفه ليلة العيد فسد اعتكافه؛ لأن ذلك سنة مجمع عليها (2). وقاله عبد الملك: وأخذ من (3) رواية ابن القاسم أنه إذا خرج (4) لا يضره ذلك (5).
قوله: (وَدُخولُهُ قَبْلَ الْغُرُوبِ) أي إذا أراد الاعتكاف فيستحب له أن يدخل من الليلة التي يريد أن يبتدئ اعتكافه فيها قبل غروب الشمس. أبو الحسن الصغير: واتفق على ذلك.
(المتن)
وَصَحَّ إِنْ دَخَلَ قَبْلَ الْفَجْرِ، وَاعْتِكَافُ عَشَرَةٍ، وَبِآخِرِ الْمَسْجِدِ وَبِرَمَضَانَ، وَبِالْعَشْرِ الأَخِيرِ لِلَيْلَةِ الْقَدْرِ الْغَالِبَةِ بِهِ، وَفِي كَوْنِهَا بِالْعَامِ أَوْ بِرَمَضَانَ خِلافٌ. وَانْتَقَلَتْ، وَالْمُرَادُ بِكَسَابِعَةٍ مَا بَقِيَ، وَبَنَى بِزَوَالِ إِغْمَاءٍ أَوْ جُنُونٍ، كَأَنْ مُنِعَ مِنَ الصَّوْمِ لِمَرَضٍ، أَوْ حَيضٍ، أَوْ عِيدٍ وَخَرَجَ. وَعَلَيهِ حُرْمَتُهُ وَإنْ أَخَّرَهُ بَطَلَ؛ إِلَّا لَيْلَةَ الْعِيدِ وَيَوْمَهُ، وَإنِ اشْتَرَطَ سُقُوطَ الْقَضَاءِ لَمْ يُفِدْهُ.
(الشرح)
قوله: (وَصَحَّ إِنْ دَخَلَ قَبْلَ الْفَجْرِ) أي: ويعتد بذلك اليوم، وهذا هو المشهور، ولعبد الملك وسحنون: لا يعتد به، فإن دخل بعد الفجر لم يعتد به اتفاقًا (6).
قوله: (وَاعْتِكَافُ عَشَرَةٍ) يريد: أنه يستحب له إذا اعتكف أن يعتكف (7) عشرة أيام وهو أعلى الاعتكاف، قاله في الواضحة (8). أبو محمد: وأدناه يوم وليلة (9)، وجعل اللخمي الزيادة على العشرة الأيام مكروهًا (10)، وهو خلاف قول ابن أبي زيد، وأقل ما
= بلفظ: "وبلغني ذلك عن أهل الفضل الذين مضوا وهذا أحب ما سمعت إلي في ذلك".
(1)
قوله: (وهذا هو) يقابله في (ن 1): (وهو).
(2)
انظر: النوادر والزيادات: 2/ 90.
(3)
قوله: (من) زيادة من (س).
(4)
زاد في (ن 1) و (ن 2): (قبل ذلك).
(5)
انظر: النوادر والزيادات: 2/ 91.
(6)
انظر: النوادر والزيادات: 2/ 91.
(7)
قوله: (أن يعتكف) ساقط من (ن 1).
(8)
انظر: النوادر والزيادات: 2/ 87.
(9)
انظر: التوضيح: 2/ 477.
(10)
انظر: التبصرة، للخمي، ص: 834، 735.
هو أحب إلينا من الاعتكاف عشرة أيام. ابن رشد: وهو المستحب (1).
قوله: (وَبِآخِرِ المَسْجِدِ) هو (2) كقوله في المدونة: وليعتكف في عجز المسجد. يريد: لما فيه من إخفاء العبادة والبعد عمن يتشاغل معه (3) بالحديث، وعن مالك من رواية ابن وهب: لم أره إلا في رحبة المسجد. وفي المجموعة (4): لم أره إلا في عجز (5) المسجد (6).
قوله: (وَبِرَمَضَانَ، وَبِالْعَشْرِ الأَخِيرِ (7)) يريد: أن الاعتكاف في رمضان مستحب لفعله عليه الصلاة والسلام، وتتأكد الأفضلية في العشر الأخير (8) لمواظبته عليه الصلاة والسلام على اعتكافه، ولما روي أن ليلة القدر تكون غالبًا فيه، وإليه أشار بقوله:(لِلَيْلَةِ الْقَدْرِ الْغَالِبَةِ بِهِ) والباء (9) في المواضع الأربعة للظرفية.
قوله: (وَفي كَوْنِهَا بِالْعَامِ أَوْ بِرَمَضَانَ خِلافٌ) أي: أنه اختلف هل ليلة القدر تكون في السنة كلها أو زمنها (10) شهر رمضان؛ وقد ذكرنا ما فيها من الخلاف بين العلماء في الكبير.
قوله: (وَانْتَقَلَتْ) يريد أنها لا تختص بزمن (11) معين (12)، بل تنتقل وهو الصحيح، وقيل: هي في ليلة بعينها لا تنتقل عنها (13).
(1) انظر: البيان والتحصيل: 2/ 307.
(2)
قوله: (هو) ساقط من (ن 1).
(3)
قوله: (يتشاغل معه) يقابله في (ن 1): (يشغله).
(4)
في (ن 1): (العتبية).
(5)
في (ن 1): (صحن).
(6)
انظر: المدونة، دار صادر: 1/ 233، والنوادر والزيادات: 2/ 88.
(7)
في (ن 1) والمطبوع من مختصر خليل: (الآخر)، وفي (ن 2):(الأواخر).
(8)
في (ن 1): (الآخر).
(9)
في (ن 1): (والهاء).
(10)
في (ن 1) و (ن 2): (أو هي في).
(11)
في (ن 1): (برمضان).
(12)
قوله: (معين) ساقط من (ن 2).
(13)
في (ن) و (ز): (عن عينها).
قوله: (وَالمرَادُ بِكَسَابِعَةٍ مَا بَقِيَ) أشار بهذا إلى أن المراد من قوله عليه الصلاة والسلام: "التمسوها في التاسعة والسابعة (1) والخامسة"(2)، أن التاسعة ليلة إحدى وعشرين، والسابعة ليلة ثلاث وعشرين، والخامسة ليلة خمس وعشرين، قال في المقدمات: وإليه ذهب مالك في المدونة (3)، ومعنى ذلك لتاسعة تبقى ولسابعة تبقى ولخامسة تبقى، وقيل: هي (4) معدودة من أول العشر (5)، وأن المراد بالتاسعة ليلة (6) تسع وعشرين، والسابعة ليلة سبع وعشرين، وبالخامسة ليلة خمس وعشرين، انظر الكبير.
قوله: (وبنَى بِزَوَالِ إِغْماءٍ، أَوْ جُنُونٍ) يريد أن من دخل في الاعتكاف ونوى أيامًا معينة أو نذر أيامًا فحصل له في أثنائها إغماء أو جنون فإنه إذا زال عذره يبني على اعتكافه حتى يكمله إذا كان مضمونًا، وقاله في المدونة (7) ثم قال: فإن لم يصله استأنف.
قوله: (كَأَنْ مُنِعَ مِنَ الصَّوْمِ لمرَضٍ، أَوْ حَيْضٍ أوْ عِيدٍ) أي: فإنه لا فرق في ذلك العذر بين أن يكون مانعًا من الاعتكاف جملة كما تقدم، أو من الصوم فقط كالمرض والحيض والعيد.
قوله: (وَخَرَجَ وَعَلَيْهِ حُرْمَتُهُ) قال في النوادر: "عن مالك: أنه إذا مرض فلم يقدر على الصوم فأفطر أنه لا يبقى في المسجد بل يخرج حتى يفيق فيبني. ابن القاسم عنه: وإذا حاضت المعتكفة فخرجت فإنها إذا طهرت رجعت في بقية النهار ولا
(1) قوله: (والسابعة) ساقط من (ن).
(2)
متفق عليه، أخرجه البخاري: 2/ 711، في باب رفع معرفة ليلة القدر لتلاحي الناس، من كتاب صلاة التراويح، من حديث أنس عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه ومسلم: 2/ 834، في باب فضل ليلة القدر
…
، من كتاب الصيام، برقم: 1167، ومالك: 1/ 320، في باب ما جاء في ليلة القدر، من الاعتكاف، برقم:696.
(3)
انظر: المقدمات الممهدات: 1/ 128.
(4)
قوله: (هي) ساقط من (ن 2).
(5)
في (ن 2): (الشهر).
(6)
قوله: (ليلة) ساقط من (ن 2).
(7)
انظر: المدونة: 1/ 276.
تؤخر" (1).
وفي المدونة: إذا صح (2) قبل الفطر بيوم وقد بقي عليه أكثر من ذلك رجع إلى معتكفه وبنى (3)، ولا يلبث يوم الفطر في معتكفه ويخرج فإذا مضى يوم الفطر عاد لمعتكفه، وقال ابن نافع عن مالك: يشهد العيد ويرجع إلى المسجد ذلك اليوم لا إلى بيته (4)، ولا يعتد به، وكأنه قاسه على المريض والحائض إذا زال عذرهما، لاشتراك الكل في عدم الصيام (5)، لكن (6) اليوم الذي تطهر فيه الحائض ويصح فيه (7) المريض يصح (8) صومه في الجملة بخلاف يوم العيد، ثم (9) قال:(وإِنْ أَخَّرَهُ بَطَلَ؛ إِلَّا لَيْلَةَ الْعِيدِ ويوْمَهُ)؛ أي: فإن أخر البناء فيهما (10) بعد زوال عذره بطل اعتكافه واستأنفه إلا ليلة العيد ويومه فإنه إذا أخر البناء فيهما فلا يبطل، وأما قوله:(وَخَرَجَ وَعَلَيْهِ حُرْمَتُهُ)، فيريد به أن من خرج لعذر منعه من المقام في المسجد فإنه يتجنب (11) فيخروجه ما يتجنبه (12) في معتكفه من الجماع ومقدماته.
قوله: (وَإِنِ اشْتَرَطَ سُقُوطَ الْقَضاء لَمْ يُفِدْهُ) أي: فإن اشترط في اعتكافه أنه متى عرضت له ضرورة توجب القضاء فلا قضاء عليه لم يفده ذلك لقوله عليه الصلاة والسلام: "كل شرط ليس (13) في كتاب الله فهو باطل"(14)، وإذ هي عبادة اشترط فيها
(1) انظر: النوادر والزيادات: 2/ 96.
(2)
في (ن 2): (رجع).
(3)
انظر: المدونة: 1/ 290.
(4)
قوله (ويرجع إلى المسجد ذلك اليوم لا إلى بيته) يقابله في (ن): (ويرجع إلى المسجد في ذلك اليوم ولا يمشي إلى بيته)، وانظر: النوادر والزيادات: 2/ 97.
(5)
قوله: (لاشتراك الكل في عدم الصيام) زيادة من (ن 2).
(6)
في (ن) و (ن 1) و (ز) و (س): (ولما كان).
(7)
قوله: (فيه) زيادة من (س).
(8)
قوله: (يصح) ساقط من (س).
(9)
قوله: (ثم) زيادة من (ن 2).
(10)
قوله: (فيهما) زيادة من (س).
(11)
في (ن 2): (يجتنب).
(12)
في (ن 2): (يجتنبه).
(13)
في (ن): (لم يرد).
(14)
متفق عليه، أخرجه البخاري: 2/ 756، في باب البيع والشراء مع النساء، من كتاب البيوع، برقم: =
خلاف موجب عقدها، والله سبحانه أعلم.
بابٌ (1)[في الزكاة]
(المتن)
بَابٌ تَجِبُ زَكَاةُ نِصَابِ النَّعَمِ: بِمِلْكٍ، وَحَوْلٍ، كَمُلا وَإِنْ مَعْلُوفَةً وَعَامِلَةً وَنِتَاجًا لا مِنْهَا وَمِنَ الْوَحْشِ، وَضُمَّتِ الْفَائِدَةُ لَهُ، وَإِنْ قَبْلَ حَوْلِهِ بِيَوْمٍ. لا لِأَقَل: الإِبِلُ فِي كُلِّ خَمْسٍ ضَائِنَةٌ إِنْ لَمْ يَكُنْ جُلَّ غَنَمِ الْبَلَدِ الْمَعْزُ، وَإِنْ خَالَفَتْهُ وَالأَصَحُّ إِجْزَاءُ بَعِيرٍ إِلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ فَبِنْتُ مَخَاضٍ، فَإنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ سَلِيمَةٌ فَابْنُ لَبُونٍ، وَفِي كُل ستٍّ وَثَلاثِينَ بِنْتُ لَبُونٍ، وَستٍّ وَأَرْبَعِينَ حِقَّةٌ، وَإِحْدَى وَسِتِّينَ جَذَعَةٌ، وَستٍّ وَسَبْعِينَ بِنْتَا لَبُونٍ، وَإِحْدَى وَتِسْعِينَ حِقَّتَانِ،
(الشرح)
(تَجِبُ زَكَاةُ نِصَاب النَّعَمِ) الزكاة في اللغة: النمو والزيادة.
وفي الشرع: عبارة عن مال مخصوص يؤخذ من مال مخصوص إذا بلغ قدرًا مخصوصًا في زمن مخصوص يصرف في جهات مخصوصة. وهي واجبة (2) بالكتاب في غير آية. وبالسنة لقوله عليه الصلاة والسلام: "بُنِيَ الإسلامُ على خمس"(3)، وذكر منها الزكاة، ولقوله في حديث معاذ حين أرسله إلى اليمن:"إنك ستأتي قومًا أهل كتاب"، فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ثم قال له (4)"فأخبرهم أن (5) الله قد أوجب عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة" ثم
= 2047، ومسلم: 2/ 1141، في باب إنما الولاء لمن أعتق، من كتاب العتق، برقم: 1045، ومالك: 2/ 780، في باب مصير الولاء لمن أعتق، كتاب العتق والولاء، برقم:1477.
(1)
في (ن 2): (فصل).
(2)
في (ن 1) و (ز) و (س): (وهو واجب).
(3)
متفق عليه، أخرجه البخاري: 1/ 12، في باب الإيمان وقول النبي صلى الله عليه وسلم:"بني الإسلام على خمس"، من كتاب الإيمان، برقم: 8، ومسلم: 1/ 45، في باب بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام، من كتاب الإيمان، برقم:16. وتتمة الحديث عند البخاري: "عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان".
(4)
قوله: (فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ثم قال له) زيادة من (ن).
(5)
في (ن 2): (بأن).
ذكر (1) صوم رمضان، ثم الحج، ثم قال:"فإن هم (2) أطاعوك فأخبرهم أن الله قد أوجب عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد (3) على فقرائهم" الحديث (4).
وبالإجماع لاتفاقهم على تكفير من جحدها. وتجب بخمسة شروط: الإسلام، والحرية، وملك النصاب، ومرور الحول فيما لا يخرج من الأرض (5)، ومجيء الساعي في الماشية، وعدم الدين في العين.
والمأخوذ منه الزكاة ثلاثة أنواع: ماشية، وحرث، وعين. وقد بدأ من ذلك (6) بالكلام على الماشية، وهي (7) مراده بالنعم (8)، وذلك يتناول الإبل، والبقر، والغنم، ومنه قوله تعالى:{فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: 95]، واحترز بقوله:(نصاب) مما إذا كان عنده دون نصاب (9) فإنه لا يخاطب بزكاته (10) كما سيأتي.
قوله: (بِمِلْكٍ) احترازًا مما إذا كان بيده نصاب وديعة أو نحو ذلك من الوجوه التي لا يكون بها مالكًا لذلك.
(1) في (ن 1): (ذكر له).
(2)
قوله: (فإن هم) يقابله في (ن 1): (فإنهم).
(3)
في (ن 1) و (ن 2): (فتوضع).
(4)
متفق عليه، أخرجه البخاري: 2/ 544، في باب أخذ الصدقة من الأغنياء وترد في الفقراء حيث كانوا، من كتاب الزكاة، برقم: 1425، ومسلم: 1/ 50، في باب الدعاء إلي الشهادتين وشرائع الإسلام، من كتاب الإيمان، برقم:19. وتمامه عند البخاري: "عن ابن عباس- رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل حين بعثه إلي اليمن: "إنك ستأتي قوما أهل كتاب فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك وكرائم أموالهم واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينه وبين الله حجاب".
(5)
في (ز): (الحول).
(6)
قوله: (من ذلك) ساقط من (ن 1) و (ن 2).
(7)
في (ن): (وهو).
(8)
في (ن 1): (بالغنم).
(9)
في (س) و (ن 1) و (ن 2): (ذلك).
(10)
في (ن) و (ز): (بزكاة).
قوله: (وَحَوْلٍ) لقوله عليه الصلاة والسلام: "لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول"(1).
قوله: (كَمُلا) أي: الملك والحول، احترازًا من ملك العبد فإنه غير كامل (2)؛ إذ لسيده في كل وقت انتزاعه، ومما إذا لم يحل عليه (3) الحول كما سيأتي.
قوله: (وَإِنْ مَعْلُوفَةً وَعَامِلَةً) هذا مذهبنا خلافًا للشافعي وأبي حنيفة، والاحتجاج على ذلك مما يطول ذكره فانظره في الكبير، ولا خلاف في وجوب زكاة السائمة (4) وهي التي ترعى إذا توفرت فيها الشروط.
قوله: (وَنِتَاجًا) أي: وكانت وحدها أو مع الأمهات؛ لقوله في المدونة: وإذا كانت الغنم سخالًا كلها (5) أو كانت البقر عجاجيل كلها والإبل فصلانًا كلها، وفي عدد كل صنف منها ما تجب فيه الصدقة، كلف ربها أن يشتري ما يجزئه (6).
(1) صحيح موقوفًا: * أخرجه مرفوعًا:
أبو داود: 1/ 493، في باب في زكاة السائمة، من كتاب الزكاة، برقم: 1573، والترمذي: 3/ 25، في باب لا زكاة على المال المستفاد حتى يحول عليه الحول، من كتاب الزكاة، برقم: 631، وابن ماجه: 1/ 571، في باب من استفاد مالًا، من كتاب الزكاة، برقم: 1792، وقال البوصيري في مصباح الزجاجة: إسناده ضعيف، والبيهقي في الكبرى: 4/ 95، في باب لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول، من كتاب الزكاة، برقم:7066.
* وأخرجه موقوفًا على ابن عمر:
مالك: 1/ 246، في باب الزكاة في العين من الذهب والورق، من كتاب الزكاة، برقم: 582، والترمذي: 3/ 26، برقم: 632، وقال: هذا أصح من حديث عبد الرحمن بن زيد. يشير إلى أن الموقوف أصح من المرفوع، والدارقطني: 2/ 92، في باب وجوب الزكاة بالحول، من كتاب الزكاة، برقم:8. وصحح أيضًا الموقوف البيهقي، والدارقطني في العلل، وانظر: التلخيص الحبير: 2/ 349، والدراية، لابن حجر: 1/ 248، والبدر المنير، لابن اللقن: 5/ 453.
(2)
في (ن 2): (كمال).
(3)
قوله: (عليه) زيادة من (ن 2).
(4)
في (ز): (الماشية).
(5)
قوله: (كلها) زيادة من (ن 2).
(6)
انظر: المدونة: 1/ 356.
قوله: (لا مِنْهَا وَمِنَ الْوَحْشِ) أي: لا من (1) المتولد من النعم ومن (2) الوحش، ومعنى ذلك أن فحول الظباء إذا ضربت إناث الغنم (3)، أو العكسى فإن المتولد منها لا زكاة فيه، وكذلك حكم المتولد منها لا زكاة فيه (4) من بقر الوحش والإنسي، وهذا الذي ذكره قول (5) ابن عبد الحكم، وصححه ابن عبد السلام (6) وغيره، ونسب بعضهم لابن القصار الوجوب مطلقًا، ونسب له ابن شاس التفرقة بين أن تكون (7) الأمهات من النعم فتجب وإلا فلا، ثم قال: وحكى ابن بشير (8) قولًا بوجوبها مطلقًا (9).
قوله: (وَضُمَّتِ الْفَائِدَةُ لَهُ، وإنْ قَبْلَ حُلُولِهِ (10) بِيَوْمٍ لَا لأقَلَّ) الضمير في الموضعين راجع إلى النصاب، ومراده أن من كانت له ماشية، ثم أفاد ماشية أخرى فإن الفائدة تضم لما بيده إن كان نصابًا ولو قبل الحول بيوم، فإن كان ما بيده أقل من نصاب استقبل بالجميع حولًا من يوم أفاد الثانية، وهكذا قيل في المدونة (11) وغيرها.
قوله: (الإِبِلُ في كُل خَمْسٍ ضَائِنَةٌ) يريد: أن الإبل لا زكاة فيها حتى تبلغ خمسًا فإذا بلغتها كان فيها (12) شاة من الضأن وهو ظاهر، و (ضائنة) بتقديم الياء على النون مهموز ممدود.
قوله: (إِنْ لَمْ يَكُنْ جُلَّ غَنَمِ الْبَلَدِ المَعْزُ، وإِنْ خَالَفَتْهُ) يريد: أن أخذ الضائنة مشروط
(1) قوله: (لا من) ساقط من (ن 2).
(2)
قوله: (من) زيادة من (ن 2).
(3)
في (س): (النعم).
(4)
قوله: (منها لا زكاة فيه) ساقط من (ن 2).
(5)
في (ن 2): (هو مذهب).
(6)
انظر: التوضيح: 2/ 271.
(7)
قوله: (أن تكون) يقابله في (ن 2): (إن كانت).
(8)
في (ن): (ابن شاس).
(9)
انظر: عقد الجواهر: 1/ 298.
(10)
في (ن 2) والمطبوع من مختصر خليل: (حوله).
(11)
انظر: المدونة: 1/ 364.
(12)
قوله: (كان فيها) يقابله في (ن 2): (ففيها).
بألا يكون جل غنم أهل (1) البلد المعز، فإن كان جلها ذلك (2) أخذ منها شاة وإن خالفت غنمه؛ لأن الحكم للغالب، ولو كلف الضأن (3) مع كون جل غنم أهل (4) البلد المعز لشق ذلك عليه.
قوله: (وَالأَصَحُّ إِجْزَاءُ بَعِيرٍ) أي: إذا دفعه رب الإبل عن الخمس عوضًا عن الشاة، وهذا ظاهر، لأنه مواساة من جنس المال بأكثر مما وجب عليه، وهو قول ابن عبد المنعم القروي (5) من أصحابنا، وصححه ابن عبد السلام كما قال هنا (6)، وحكي ابن شاس عن الباجي والقاضي أبي بكر عدم الإجزاء (7).
قوله: (إِلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ، فَبِنْتُ مُخَاضٍ) يريد أن الإبل لا تزال تزكي من غير جنسها في كل خمس شاة إلى أن تبلغ خمسًا وعشرين فحينئذٍ تزكي من جنسها فيكون فيها بنت مخاض، وهكذا ورد عنه عليه الصلاة والسلام في كتابه لعمرو بن حزم وفيه: "ليس فيما دون خمسة ذود من الإبل صدقة، فإذا بلغت خمسة ففيها شاة إلى تسع، فإذا بلغت عشرة ففيها شاتان إلى أربع عشرة، فإذا بلغت خمس عشرة ففيها ثلاث شياه إلى تسع عشرة، فإذا بلغت عشرين ففيها أربع (8) شياه إلى أربع وعشرين، فإذا بلغت خمسًا وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها بنت مخاض، فإن لم توجد بنت مخاض فابن لبون
(1) قوله: (أهل) ساقط من (ن 2).
(2)
قوله: (كان جلها ذلك) يقابله في (ن 2): (كانت كذلك).
(3)
في (ن 2): (ضائنة).
(4)
قوله: (أهل) زيادة من (ن).
(5)
هو: أبو الطيب عبد المنعم بن إبراهيم الكندي المعروف بابن بنت خلدون، المتوفي سنة 435 هـ، الإمام المشهور بالعلم والصلاح، الفقيه العالم المتقن في علوم شتى مع نبل وحذق، إليه المفزع، له رحلة دخل فيها مصر وغيرها، أخذ عن أبي بكر بن عبد الرحمن وأبي عمران الفالصي، وبه تفقه اللخمي وأبو إسحاق بن منظور القفصي وعبد الحق وابن سعدون وغيرهم، له على المدونة تعليق مفيد، وكان له حظ وافر في الحساب والهندسة، حكي أنه كان دبر جلب مياه البحر من ساحل تونس إلى القيروان وسوقه خليجًا من هناك بنظر هندسي ظهر له فاخترمته المنية قبل نفاذ ما دبره. انظر ترجمته في: ترتيب المدارك: 8/ 66، ومعالم الإيمان: 3/ 184، وشجرة النور، ص:107.
(6)
انظر: التوضيح: 2/ 277.
(7)
انظر: عقد الجواهر: 1/ 200.
(8)
قوله: (ففيها أربع) يقابله في (ن 2): (فأربع).
ذكر" (1)، وإلى هذا أشار بقوله: (فَإنْ لم تكُنْ لَهُ سَلِيمَةٌ فَابْنُ لَبُونٍ) أي: فإن لم يجد رب المال (2) بنت مخاض أو وجدها إلا أنها (3) لم تكن له خالصة، ووجد ابن لبون أخرجه ثم قال في بقية الحديث: "فما زاد إلى خمس وأربعين ففيها بنت لبون، فما زاد إلى ستين ففيها حقة طروقة الفحل، فما زاد إلى خمس (4) وسبعين ففيها جذعة، فما زاد إلى تسعين ففيها ابنتا لبون، فما زاد إلى عشرين ومائة ففيها حقتان، فما زاد على ذلك ففي كل خمسين حقة، وفي كل أربعين بنت لبون" (5)، وإلى هذا أشار بقوله:(وَفي كُلِّ ست وَثَلاثِينَ بِنْتُ لَبُونِ وَستٍّ وَأَرْبَعِينَ حِقَّة وإِحْدَى وَسِتِّينَ جَذَعَةٌ وسِتّ وَسَبْعِينَ بِنتا لَبُونٍ، وَإِحْدَى وَتسْعِينَ حِقَّتَانِ).
(المتن)
وَمِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ إِلَى تِسْعٍ وَعِشْرِينَ حِقَّتَانِ أَوْ ثَلاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ: الْخِيَارُ لِلسَّاعِي، وَتَعَيَّنَ أَحَدُهُمَا مُنْفَرِدًا، ثُمَّ فِي كُل عَشْرٍ يتَغَيَّرُ الْوَاجِبُ: فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ، وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ، وَبِنْتُ الْمَخَاضِ الْمُوَفِّيَةُ سَنَةً، ثُمَّ كَذَلِكَ. الْبَقَرُ فِي كُل ثَلاثِينَ: تَبِيعٌ ذُو سَنَتَيْنِ وَفِي أَرْبَعِينَ مُسِنةٌ ذَاتُ ثَلاثٍ، وَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ كَمِائَتَيِ الإِبِلِ.
(الشرح)
وأما قوله: (وَمِائَةٍ وإِحْدَى وَعِشْرِينَ إِلَى تِسْعٍ وعشرين (6) حِقَّتَانِ، أَوْ ثَلاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ الخيَارُ لِلسَّاعِي) فيشير به إلى أَنه اختلف في الواجب في ما (7) بين العشرين إلى (8)
(1) أخرجه النسائي مختصرًا: 8/ 57، في باب ذكر حديث عمرو بن حزم
…
، من كتاب القسامة، برقم: 4853، وعبد الرزاق: 4/ 4، في باب الصدقات، من كتاب الزكاة، برقم: 6793، والحاكم: 1/ 552، في كتاب الزكاة، برقم: 1447، والبيهقي: 4/ 89، في باب كيف فرض الصدقة، من كتاب الزكاة، برقم:7047. وأصله في البخاري مفرقًا من حديث أنس رضي الله عنه.
(2)
في (س) و (ن 2): (الإبل).
(3)
قوله: (إلا أنها) يقابله في (ن 2): (ولكن لم).
(4)
في (ن 2): (خمسين).
(5)
سبق تخريجه.
(6)
قوله: (وعشرين) زيادة من (ن 2).
(7)
قوله: (ما) زيادة من (س).
(8)
في (ن 2): (و).
الثلاثين، وذكر أن الساعي مخير (1) وهو المشهور عن مالك، قاله في المقدمات (2)، ولابن القاسم أن الواجب ثلاث بنات لبون من غير تخيير (3)، وقال أشهب: الواجب حقتان، ولا يتغير الفرض عنده إلا إلى (4) الثلاثين، ورواه هو وعبد الملك عن مالك (5)، واتفقوا على أن ما (6) في مائة وعشرين حقتان، وفي مائة وثلاثين ثلاث بنات لبون (7).
قوله: (وَتَعَيَّن أَحَدُهُمَا مُنْفَرِدًا) يريد: ان ما تقدم من تخيير الساعي في الحقتين والثلاث بنات لبون مشروط بما إذا وجد السنين (8) معًا أو فقدا معًا (9)، وأما إذا وجد أحد السنين وحده (10) فإنه يتعين أخذه رفقًا بأرباب الماشية، وهو قول مالك وابن عبدوس في المجموعة، وقال محمد: يتخير (11) مطلقًا (12).
قوله: (ثم في (13) كل عشر يتغير الواجب في كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة (14))؛ أي: بعد المائة والثلاثين، مثاله في مائة وثلاثين حقة وبنتا (15) لبون، فإذا زادت عشرة أزيلت واحدة من بنات لبون وعوض منها (16) حقة، فإذا صار الجميع حِقَاقًا ثم زادت عشرة جعل عوض الحقاق بنات لبون وزيادة واحدة، ففي مائة
(1) في (ن 2): (يخير).
(2)
في (ن 2): (المدونة). انظر: المقدمات الممهدات: 1/ 163.
(3)
في (ز): (تأخير).
(4)
في (ن): (تمام).
(5)
انظر: النوادر والزيادات: 2/ 215.
(6)
قوله: (ما) ساقط من (س) و (ن 2).
(7)
قوله: (ثلاث بنات لبون) يقابله في (ن) و (ن 2): (حقة وابنتا لبون).
(8)
قوله: (وجد السنين) يقابله في (ن 2): (وجدا لسنان).
(9)
قوله: (معًا) زيادة من (ن 2).
(10)
قوله: (وحده) ساقط من (ن 2).
(11)
في (ن) و (ن 2): (يخير).
(12)
انظر: النوادر والزيادات: 2/ 215.
(13)
قوله: (في) زيادة من (ن 2).
(14)
انظر: التوضيح: 2/ 273.
(15)
في (ن 2): (وابنتا).
(16)
في (ن) و (ن 2): (عنها).
وأربعين حقتان وبنت لبون، وفي (1) مائة وخمسين ثلاث حقاق، وفي مائة وستين أربع بنات لبون ثم كذلك.
قوله: (وَبِنْتُ المَخَاضِ المُوَفِّيَةُ سَنةً ثُم كَذَلِكَ (2)) هكذا قال عياض (3) وغيره، وسميت بنت مخاض، لأن أمها بعد السنة تحمل أو قاربت فهي حامل (4) وقد مخض الجنين في بطنها، فإذا كمل لها سنتان وضعت أمها (5) فهي بنت لبون وابنها الأول ابن لبون، فإذا دخل في الرابعة فهو حق، والأنثى حقة (6)، لأنهما استحقا أن يحمل عليهما، أو استحقت الأنثى الحمل والذكر النزو، فإذا دخل في السنة الخامسة فهو جذع والأنثى جذعة، وكلها إناث إلا ابن لبون في الخمس والعشرين عند عدم ابنة (7) المخاض، وإلى هذه الأسنان أشار بقوله:(ثُمَّ كَذَلِكَ) أي: وفي كل سنة ينتقل ابن المخاض وبنت المخاض إلى سن آخر على ترتيب الأداء في زكاة الإبل.
قوله: (الْبَقَرُ في كُل ثَلاثِينَ تَبِيعٌ) هكذا في كتابه عليه الصلاة والسلام لعمرو بن حزم: "وليس فيما دون ثلاثين منها (8) زكاة"(9)، وعنه عليه الصلاة والسلام:"لا يؤخذ من البقر شيء حتى تبلغ ثلاثين فإذا بلغتها ففيها تبيع جذع أو جذعة (10) "(11).
(1) قوله: (في) ساقط من (ن 2).
(2)
قوله: (ثم كذلك) زيادة من (ن 2).
(3)
انظر: إكمال المعلم: 6/ 430.
(4)
قوله: (فهي حامل) يقابله في (ن) و (ن 2): (الحمل).
(5)
قوله: (أمها) ساقط من (ن)، وفي (ن 1) و (ز) و (س):(أمه).
(6)
قوله: (والأنثى حقة) زيادة من (ن 2).
(7)
في (ن 2): (بنت).
(8)
في (س) و (ن 2): (من البقر).
(9)
سبق تخريجه، وجاء بلفظ:"وفي البقر في كل ثلاثين تبيع وفي كل أربعين مسنة" وفي رواية: "باقورة" بدل "بقرة".
(10)
زاد في (ن 2): (أنثى).
(11)
حسن: أخرجه أبو داود: 1/ 494، في باب في زكاة السائمة، من كتاب الزكاة، برقم: 1576، والترمذي: 3/ 20، في باب زكاة البقر، من كتاب الزكاة، برقم: 623، وقال: هذا حديث حسن، والنسائي: 5/ 26، في باب زكاة البقر، من كتاب الزكاة، برقم: 2453، وابن ماجه: 1/ 576، في باب صدقة البقر، من كتاب الزكاة، برقم:1803. وصححه ابن عبد البر في التمهيد: 2/ 130.=
انتهى (1). واختلف في سن التبيع فقال ابن حبيب وابن المواز وغيرهما: هو الموفي سنتين (2). ابن بشير: وهو الصحيح عند أهل اللغة (3). وإليه أشار بقوله: (ذُو سَنتَيْنِ) وقيل: هو الموفي سنة، وقيل: ثلاث.
قوله: (وَفي كل (4) أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ ذَاتُ ثَلاثٍ) أي: فإذا بلغت البقر أربعين فالواجب فيها مسنة، وهكذا في الحديث، واختلف في سنها فقيل: ثلاث سنين، وقيل: الموفية سنتين، وقيل: التي أوفت (5) أربعًا ودخلت في الخامسة.
قوله: (وَمائَةٌ وَعِشْرونَ كَمائَتَيِ الإِبِلِ (6)) انظر هذا مع أنه لم يذكر حكم المائتين من الإبل فيما سبق، لكن هو مفهوم من مسألة التخيير فيما زاد على المائة والعشرين إلى تسع وعشرين، وقد اختلف فيما يجب في المائتين من الإبل، فقيل: يخير الساعي في أخذ أربع حِقاق أو خمس بنات لبون، وقيل: يخير رب الماشية فيما يدفع من ذلك، وقيل: يخير الساعي إن وُجِدَا معًا وإلا خُيِّر ربُّ الماشية، وقيل: يخير الساعي إن (7) وُجِدَا معًا (8) أو فُقِدَا، وإن وُجِدَ أحدُهما خُيِّر ربُّ الماشية، وهو المشهور عند طائفة من أصحابنا، وهذه الأقوال الأربعة موجودة في المائة والعشرين من البقر، فقيل: يخير الساعي في أخذ ثلاث مسنات أو أربعة أتبعة، وقيل: يخير رب الماشية، وقيل: يخير الساعي إن وُجِدَا معًا وإلا خُيِّر ربّ الماشية، وقيل: يخير الساعي إن (9) وُجِدَا أو فُقِدَا، وإن وُجِدَ أحدهما خُيِّر ربُّ الماشية.
= وانظر تفصيل المسألة في التلخيص الحبير لابن حجر: 2/ 343 - 346.
(1)
قوله: (انتهى) ساقط من (ن 2).
(2)
انظر: النوادر والزيادات: 2/ 219.
(3)
انظر: التوضيح: 2/ 280.
(4)
قوله: (كل) زيادة من (ن 2).
(5)
في (ن 2): (وفت).
(6)
قوله: (كَمائتَي الإِبِلِ) يقابله في (ن 2): (كمائتين من الإبل).
(7)
قوله: (إن) سَاقط من (ن 2).
(8)
قوله: (معًا) ساقط من (س) و (ن 2).
(9)
قوله: (إن) ساقط من (ن 2).
(المتن)
الْغَنَمُ فِي أَرْبَعِينَ شَاةً جَذَع أَوْ جَذَعَةٌ ذُو سَنَةٍ وَلَوْ مَعْزًا، وَفِي مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ شَاتَانِ وَفِي مِائتيْنِ وَشَاةٍ ثَلاثٌ، وَفِي أَرْبَعِمِائَةٍ أَرْبَعٌ؛ ثُمَّ لِكُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ. وَلَزِمَ الْوَسَطُ، وَلَوِ انْفَرَدَ الْخِيَارُ أَوِ الشِّرَارُ، إِلَّا أَنْ يَرَى السَّاعِي أَخْذَ الْمَعِيبَةِ لا الصَّغِيرَةَ. وَضُمَّ بُخْتٌ لِعِرَابٍ، وَجَامُوسٌ لِبَقَرٍ، وَضَانٌ لِمَعْزٍ، وَخُيِّرَ السَّاعِي إِنْ وَجَبَتْ وَاحِدَةٌ وَتَسَاوَيَا وَإِلَّا فَمِنَ الأَكثَرِ، وَثنْتَانِ مِنْ كُلٍّ إِنْ تَسَاوَيَا أَوِ الأَقَل نِصَابٌ غَيْرُ وَقَصٍ، وَإِلَّا فَالأَكثَرُ، وَثَلاثٌ وَتَسَاوَيَا فَمِنْهُمَا وَخُيِّرَ فِي الثالِثَةِ وَإلَّا فَكَذَلِكَ، وَاعْتُبِرَ فِي الرَّابِعَةِ فَأَ كثَرَ في كُلّ مِائَةٍ، وَفِي أَرْبَعِينَ جَامُوسًا وَعِشْرِينَ بَقَرَةً مِنْهُمَا.
(الشرح)
قوله: (الْغَنَمُ فِي أَرْبَعِينَ شَاةً جَذَعٌ أَوْ جَذَعَةٌ ذُو سَنَةٍ وَلَوْ مَعْزًا وَفي مِائَةٍ وإِحْدَى وَعِشرِينَ شَاتَانِ وَلى مِائتيْنِ وَشَاةٍ ثَلاث، وَفي أَرْبَعِمائَةٍ أَرْبَع، ثُم لِكُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ) إلى آخر ما ذكر، هكذا في كتابه عليه الصلاة والسلام لعمرو بن حزم.
وقوله: (جَذَع أَوْ جَذَعَةٌ) يريد: أن السن المأخوذ هنا إنما هو الجذع والجذعة من الضأن أو المعز، هذا هو المشهور، وقال ابن القصار: ولا يجزئ إلا الجذعة الأنثى منهما. وقال (1) ابن حبيب: إنما يجزئ الجذع من الضأن والثني (2) من المعز (3).
قوله: (ذُو سَنَةٍ) يريد أن الجذع والجذعة هو ما أوفى كل واحد (4) منهما سنة وهو المشهور، وقيل: ابن ستة أشهر، وقيل: ابن ثمانية أشهر (5)، وقيل: ابن عشرة.
قوله: (وَلَوْ مَعْزًا) واضح مما تقدم (6).
قوله: (وَفي مِائَةٍ وإِحْدَى وَعِشْرِينَ شَاتَانِ وَفي مِائتيْنِ وَشَاةٍ ثَلاثٌ، وَفي أَرْبَعِمائَةٍ أَرْبَعٌ، ثُم لِكُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ) تصوره واضح، وكذا ورد في الحديث (7).
قوله: (وَلَزِمَ الْوَسَطُ، وَلَوِ انْفَرَدَ الخيَارُ أَوِ الشِّرَارُ) يريد: أن الغنم إذا كان فيها
(1) قوله: (وقال) زيادة من (س).
(2)
في (س): (أو الأنثى)، وفي (ن 2):(والأنثى)، وفي حاشيتها:(والثني).
(3)
انظر: عقد الجواهر: 1/ 200، والتوضيح: 2/ 280.
(4)
قوله: (واحد) زيادة من (ن 2).
(5)
قوله: (أشهر) زيادة من (س).
(6)
قوله: (واضح مما تقدم) يقابله في (ن 2): (يريد: أن ما أوفى سنة من المعز فإنه يجزئ على المشهور).
(7)
قوله: (قوله: (وَفي مِائَةٍ وإِحْدَى وَعِشْرِينَ
…
واضح، وكذا ورد في الحديث) ساقط من (ن 2).
الوسط فلا إشكال في أخذه، وإن لم يكن فيها وسط بل كانت خيارًا كلها أو شرارًا كلها، فإن الساعي لا يأخذ منها شيئًا ويلزم ربها الوسط، وهو مذهب المدونة (1)، وعن ابن عبد الحكم: أنه يأخذ (2) منها مطلقًا، وجعله ابن بشير مأخوذًا من قوله أولًا خلاف أصحابنا لكان يقينًا (3) أن يؤخذ (4) منها واحدة (5)، وقيل: يؤخذ إلا أن تكون خيارًا، وقيل: يؤخذ إلا أن تكون سخالًا.
قوله: (إِلا أَنْ يَرَى السَّاعِي أَخْذَ المَعِيبَةِ لا الصَّغِيرة) هكذا قال في المدونة (6).
قوله: (وَضُمَّ بُخْتٌ لِعِرَابٍ وَجَامُوسٌ لِبقَرٍ، وَضَأْنٌ لمَعْزٍ) هكذا قال في المدونة (7)، وقاله الأئمة لصدق الاسم في الجميع وتقارب المنفعة، ونقل في المقدمات عن ابن لبابة (8) أن الضأن والمعز لا يضمان (9).
قوله: (وَخُيِّر السَّاعِي إِنْ وُجِدَتْ (10) وَاحِدَةٌ وَتَسَاوَيَا) يريد أنه إذا اجتمع نوعان من الضأن والمعز أو غيرهما وتساويا كعشرين ضائنة ومثلها معزًا أو ثلاثين ثورًا (11) وثلاثين جاموسًا (12)، فإن الساعي يخير في أخذ واحدة من الضأن أو من (13) المعز، وقال اللخمي: القياس أخذ نصفين كمال تنازعه اثنان (14).
قوله: (وَإِلا فَمِنَ الأَكثَرِ) أي: وإن لم يتساويا كعشرين ضائنة وثلاثين معزًا أو
(1) انظر: المدونة: 1/ 356.
(2)
في (س): (يؤخذ).
(3)
في (س): (بيِّنًا).
(4)
في (ن 2): (يأخذ).
(5)
انظر: التوضيح: 2/ 282 و 283.
(6)
انظر: المدونة: 1/ 356.
(7)
انظر: المدونة: 1/ 302.
(8)
في (ن): (ابن كنانة).
(9)
انظر: المقدمات الممهدات: 1/ 163.
(10)
في (ن 2) والمطبوع من مختصر خليل: (وجبت).
(11)
قوله: (ثورًا) زيادة من (ن 2).
(12)
قوله: (جاموسًا) زيادة من (ن 2).
(13)
قوله: (من) زيادة من (ن 2).
(14)
انظر: التبصرة، للخمي، ص:1017.
بالعكس فالحكم أن تؤخذ الشاة من الأكثر مطلقًا، وهو المشهور، وقال ابن مسلمة:
الحكم كذلك إلا أن يكونا مستقلين كأربعين وثمانين فإن الحكم حينئذٍ التخيير (1).
قوله: (وَثنْتَانِ مِنْ كُلٍّ إِنْ تَسَاويَا أَوِ الأقَلُّ نِصَابٌ غَيْرُ وَقْصٍ) أي: فإن كان المأخوذ شاتين فإن تساوى النوعان كإحدى وستين ضائنة ومثلها من المعز أخذ من كل شاة، وكذا إن لم يتساويا والأقل نصاب غير وقص كمائة ضائنة وأربعين معزًا أو بالعكس، وهو مذهب ابن القاسم، وقال سحنون: يؤخذ الشاتان من الأكثر (2).
قوله: (وَإِلا فَالأكْثَرُ) أي: فإن لم يتساويا وكان الأقل نصابًا (3) وقصًا كمائة وإحدى وعشرين ضائنة وأربعين معزًا أو بالعكس أو كان الأقل دون عدد الزكاة كثلاثين مع مائة فإن الشاتين يؤخذان من الأَكثر (4).
قوله: (وَثَلاثٌ وَتَسَاوَيا فَمِنْهُمَا، وَخُيِّر فِي الثَّالِثَةِ) أي: فإن كان المأخوذ ثلاث شياه فإن تساويا كمائة وشاة ضائنة ومثلها معزًا أو بالعكس، أخذ من كل نوع شاة، وخير الساعي في الثالثة.
قوله: (وَإِلا فكَذَلِكَ) أي: وإن لم يتساويا وكان في الأقل عدد الزكاة وهو غير وقص كمائة وسبعين وأربعين أخذ من الأقل شاة، وإن لم يكن فيه عدد الزكاة أو كان فيه إلا أنه وقص كمائتين وشاة ضائنة وأربعين معزًا أو بالعكس فإن الحكم للأكثر، فيؤخذ منه جميع الوا جب، وهو مذهب ابن القاسم (5)، وقال سحنون: الحكم للأكثر مطلقًا (6).
قوله: (وَاعْتُبِرَ في الرَّابِعَةِ فَأَكثَرَ في (7) كلُّ مِائَةِ) أي: فإن كان الواجب أربع شياه فالحكم للمئين، فيؤخذ من كل مائة شاة من ذلك النوع، فإن كانت المائة الرابعة أو
(1) انظر: الجامع بين الأمهات، ص:211.
(2)
انظر: المدونة: 1/ 359، والنوادر والزيادات: 2/ 224 و 225.
(3)
قوله: (نصابًا) زيادة من (ن 2).
(4)
قوله: (فإن الشاتين يؤخذان من الأكثر) يقابله في (ن 2): (فإن الحكم للأكثر، فيؤخذ منه جميع الواجب، وهو مذهب ابن القاسم، وقال سحنون: الحكم للأكثر مطلقًا).
(5)
انظر: المدونة: 1/ 359.
(6)
انظر: الجامع بين الأمهات، ص:211.
(7)
قوله: (في) ساقط من (ن 2).
الخامسة أو غيرهما من النوعين معًا، فأَجْرِ الحكم فيهما على ما مر في الشاة الأولى.
قوله: (وَفي أَرْبَعِينَ جَامُوسًا وَعِشْرِينَ بَقَرَةً مِنْهُمَا) أي: فيؤخذ من كل نوع تبيع، وهو قول مالك وابن القاسم (1)؛ لأنه لما أخذ تبيعًا من الجاموس سقط ما يقابله وهو (2) ثلاثون، فالفاضل منها بغير زكاة عشرة والبقر عشرون، والحكم في مثل هذا للأكثر فتؤخذ الأخرى من البقر، وقال سحنون: يؤخذ من الجاموس؛ لأنه يفض (3) البقر عن (4) الجواميس (5) فيكون (6) عشرين جاموسًا وعشر (7) بقرات أخذ منها تبيع والباقي مثل ذلك، فيؤخذ التبيعان من الجاموس؛ لأنه الأكثر في كل نصاب.
(المتن)
وَمَنْ هَرَبَ بِإبْدَالِ مَاشِيَةٍ أُخِذَ بِزَكَاتِهَا وَلَوْ قَبْلَ الْحَوْلِ على الأَرْجَحِ، وَبَنَى فِي رَاجِعَةٍ بِعَيْبٍ أَوْ فَلَسٍ كَمُبْدِلِ مَاشِيَةِ تِجَارَةٍ، وَإنْ دُونَ نِصَاب بعَينٍ، أَوْ نَوْعِهَا، وَلَوْ لاِسْتِهْلاكٍ، كَنِصَابِ قِنْيَةٍ، لا بِمُخَالِفِهَا، أَوْ رَاجِعَةٍ بِإقَالةٍ، أوْ عَيْنًا بِمَاشِيَةٍ. وَخُلَطَاءُ الْمَاشِيَةِ كَمَالِكٍ، فِيمَا وَجَبَ مِنْ قَدْرٍ وَسِنٍّ وَصِنْفٍ، إِنْ نُوِيَتْ، وَكُلٌّ حُرٌّ مُسْلِمٌ مَلَكَ نِصَابًا بِحَوْلٍ، وَاجْتَمَعَا بِمِلْكٍ، أَوْ مَنْفَعَةٍ فِي الأَكْثَرِ مِنْ مَاءٍ، وَمَرَاحٍ، وَمَبِيتٍ، وَرَاعٍ بِإذْنِهِمَا، وَفَحْلٍ بِرِفْقٍ، وَرَاجَعَ الْمَأخُوذُ مِنْهُ شَرِيكَهُ بِنِسْبَةِ عَدَدَيْهِمَا، وَلَوِ انْفَرَدَ وَقَصٌ لِأَحَدِهِمَا فِي الْقِيمَةِ كَتَأَوُّلِ السَّاعي الأَخْذَ مِنْ نِصَابٍ لَهُمَا، أَوْ لِأَحَدِهِمَا، وَزَادَ لِلْخُلْطَةِ، لا غَصْبًا، أَوْ لَمْ يَكْمُلْ لَهُمَا نِصَابٌ.
(الشرح)
قوله: (وَمَنْ هَرَبَ بِإبْدَالِ مَاشِيةٍ، أخِذَ بِزَكَاتِهَا) يريد: أن من أبدل ماشيته بماشية أخرى أو بعرض (8) أو نقد هروبًا من الزكاة، فإن الزكاة لا تسقط عنه (9) بذلك، ويؤخذ
(1) انظر: المدونة: 1/ 360.
(2)
قوله: (وهو) زيادة من (س).
(3)
في (ن) و (ن 1) و (ز) و (س): (نقص).
(4)
في (س): (على)، وفي (ن 2):(من).
(5)
في (ن 2): (الجوامس).
(6)
في (ن 2): (فإن كان).
(7)
في (ز) و (ن 2): (وعشرين).
(8)
في (ن): (بعوض).
(9)
قوله: (عنه) ساقط من (ن 2).
منه (1) زكاة المبدل معاملة له بنقيض قصده. وقال ابن شعبان: يؤخذ بزكاة الثمن (2)، قيل: كذا ينبغي إذا أبدلها بفيشية، والأول هو المشهور. ابن الكاتب القروي: وإنما يعد هاربًا إذا باع بعد الحول لا قبله. ابن يونس: وليس بصواب؛ لأن بيعها بعد الحول قبل مجيء الساعي كبيعها قبل حولها (3)؛ إذ حولها (4) مجيء الساعي فلا فرق (5)، وإليه أشار بقوله:(وَلَوْ قَبْلَ الْحوْلِ عَلَى الأَرْجَحِ).
قوله: (وَبَنَى في رَاجِعَةٍ بِعَيْبٍ أَوْ فَلَسٍ) يريد أن من باع ماشية فأقامت مدة عند المبتاع ثم ردها على البائع بعيب أو فلس المبتاع قبل دفع الثمن، فرجعت له بعد مدة، فإنه يبني على ما مضى من الحول الكائن قبل بيعها؛ إذ كأنها لم تخرج عن ملكه. ابن سحنون: وإن رجعت إليه بعد تمام الحول زكاها مكانه (6). ابن يونس: وعلى أن الرد بالعيب بيع حادث يجب (7) أن يستقبل به حولًا (8).
قوله: (كمُبْدِلِ مَاشِيةِ تِجَارَةٍ وَإِنْ دُونَ نِصَابٍ بِعَيْنٍ) أي: فإنه أيضًا يبني على حول الأصل وهو ظاهر؛ لأن ماشية التجارة كسلعة من سلع التجارة، ولا فرق بين كون الماشية نصابًا أو دونه كما قال؛ لأنها للتجارة.
قوله: (أَوْ نَوْعِهَا) يريد: كبُخت بعراب (9) أو العكس، وكبقر بجاموس أو العكس، وكذلك الضأن بالمعز (10) أو العكس (11)، فإنه في ذلك كله يبنى على حول الأصل، وسواء كانت الأول نصابًا أو دونه على المشهور، وعن ابن سحنون: أن الأولى إذا
(1) قوله: (منه) ساقط من (س) و (ن 2).
(2)
انظر: الجامع بين الأمهات، ص:212.
(3)
في (س): (حلولها).
(4)
قوله: (إذ حولها) ساقط من (س).
(5)
انظر: الجامع، لابن يونس، ص:1351.
(6)
انظر: النوادر والزيادات: 2/ 234.
(7)
في (ن 2): (يوجب).
(8)
انظر: الجامع، لابن يونس، ص:1348.
(9)
في (ن 2): العرب).
(10)
في (ن) و (ن 1) و (ز) و (س): (والمعز).
(11)
قوله: (أو العكس) زيادة من (ن 2).
كانت دون النصاب، فإنه يستقبل بالثانية حولًا (1).
قوله: (وَلَوْ لاسْتِهْلاكٍ) يريد: أن من كانت له ماشية فاستهلكها رجل فأخذ منه ماشية من نوعها فإنه يبني على حول الأصل؛ لأن أخذ الماشية في الاستهلاك كالمبادلة.
قوله: (كَنِصَابِ قُنيةٍ) إنما قيده بالنصاب؛ لأنه إذا أبدل ماشية القنية وهي دون النصاب فإنه يستقبل بالعين حولًا قولًا (2) واحدًا، وأما إذا كانت نصابًا فأبدلها بعين فإنه يبني على حول الأصل كما قال، وهو قول ابن القاسم ورجع إليه مالك، وقال أشهب: يستقبل حولًا (3).
قوله: (لا بمُخَالِفِهَا) أي: فإنه يستقبل بالثانية حولًا كإبدال غنم ببقر أو إبل ونحوه وهو المشهور، وفي الجلاب رواية أنه يبني على حول الأولى (4).
قوله: (أَوْ رَاجِعَةٍ بِإِقَالَةٍ) أي: وكذلك يستقبل بالماشية حولًا إذا باعها ثم أقال منها المبتاع (5)؛ لأن الإقالة هنا ابتداء بيع، وقاله ابن المواز (6).
قوله: (أوْ عَيْنًا بِماشِيةٍ) يعني؛ وكذلك يستقبل بالماشية حولًا إذا أخذها بدلًا عن عين ذهب أو فضة (7) وهو المشهور، وقال ابن مسلمة: يبني (8).
قوله: (وَخُلَطَاءُ الْمَاشِيَةِ كَمالِكٍ) أي: فيزكيان عن (9) الخليطين زكاة واحدة، كما لو كانا لمالك واحد (10)، يريد: إذا لم يكن فعلهما فرارًا من تكثير الواجب إلى تقليله، وإلا فمتى كان كذلك فلا أثر للخلطة، ويؤخذان بما كانا عليه أولًا (11).
(1) انظر: عقد الجواهر: 1/ 207، والتوضيح: 2/ 293.
(2)
قوله: (قولًا) زيادة من (س).
(3)
انظر: الجامع بين الأمهات، ص:213.
(4)
في (ن 1) و (ز): (الأول). انظر: التفريع: 1/ 153.
(5)
قوله: (إذا باعها ثم أقال منها المبتاع) يقابله في (ن 2): (إذا رجعت إليه بالإقالة بعد البيع).
(6)
انظر: النوادر والزيادات: 2/ 233.
(7)
قوله: (عين) ساقط من (ن 1) و (ن 2).
(8)
انظر: التوضيح: 2/ 292.
(9)
في (ن 1) و (ن 2): (مالي).
(10)
قوله: (واحد) ساقط من (س) و (ن).
(11)
قوله: (أولًا) زيادة من (ن 2).
قوله: (فِيما وَجَبَ مِنْ قَدْرٍ) يريد: كثلاثة لكل واحد أربعون من الغنم، فإن كان (1) الواجب عليهم شاة واحدة (2) على كل واحد ثلثها.
قوله: (وَسِنٍّ) يريد: كاثنين لكل واحد ست وثلاثون من الإبل، فإن الواجب عليهما جذعة على كل واحد منهما (3) نصفها.
قوله: (وَصِنْفٍ) يريد: كاثنين لواحد (4) منهما (5) ثمانون من الضأن والآخر أربعون من المعز، فإن الواجب (6) شناة من الضأن على صاحب الثمانين ثلثاها وعلى الآخر الثلثُ (7).
قوله: (إِنْ نُوِيَتْ) يريد: أنه (8) يشترط في زكاة الخلطاء على الوجه المذكور نية الخلطة، أي: أن يكونا قصداها.
سند: فاعتبرها مالك، لأنه يوجب تغيير الحكم فيفتقر إلى نية كالاقتداء في الصلاة خلافًا لأشهب، محتجًّا بحصول الرفق المقصود (9)، وإن عدمت النية (10).
قوله: (وَكُلّ حُرٌّ مُسْلِمٌ) أي: ويشترط أيضًا في أخذ الزكاة من الخلطاء على الوجه المتقدم أن يكون كلٌّ منهم حرًّا مسلمًا، فإن كان بعضهم رقيقًا أو كافرًا فإن المسلم يُزَكِّي ماشيته حينئذٍ على حكم الانفراد، وهو المشهور، وقال عبد الملك: يزكيان زكاة الخلطة ويسقط ما على الرقيق والكافر (11).
قوله: (مَلَكَ نِصَابًا بِحَوْلٍ) يريد: أنه أيضًا يشترط في زكاة الخلطاء على ما سبق أن
(1) قوله: (كان) زيادة من (س).
(2)
قوله: (واحدة) ساقط من (ن 1) و (ن 2).
(3)
قوله: (منهما) زيادة من (ن 1) و (ن 2).
(4)
قوله: (كاثنين لواحد) يقابله في (ن 1): (لكل واحد).
(5)
قوله: (منهما) زيادة من (ن 1) و (ن 2).
(6)
زاد في (ن) و (ن 1) و (ن 2): (عليهما).
(7)
في (س): (ثلثها).
(8)
في (ن 2): (فإنه).
(9)
قوله: (بحصول الرفق المقصود) يقابله في (ن 1): (حصول المقصود).
(10)
انظر: الذخيرة: 3/ 130.
(11)
انظر: النوادر والزيادات: 2/ 256.
يكون كل واحد (1) من الخلطاء قد ملك نصابًا حال عليه الحول، فلو لم يكمل لكل نصاب فلا زكاة على المشهور، وقيل: إن كان في المجموع نصاب زكي زكاة الخلطة، واحترز بقوله:(بحول) مما إذا لم يحل الحول (2) على ماشية أحدهما، فإنهما لا يزكيان زكاة الخلطة حينئذٍ، اللخمي:(3) بل يزكي من حال حول ماشيته زكاة الانفراد، والباء فيه (4) للمصاحبة؛ أي: ملك نصابًا مصاحبًا للحول (5).
قوله: (وَاجْتَمَعَا بِمِلْكٍ، أَوْ مَنْفَعَةٍ فِي الأَكْثَرِ، مِنْ مَاءِ، وَمُرَاحٍ، وَمَبِيتٍ، وَرَاعٍ) هذا معطوف على قوله: (إن نويت الخلطة)، والمعنى أن الخليطين كالمالك الواحد إن نويا الخلطة واجتمعا في الأكثر من ماء ومراح ومبيت وراعٍ، وهذا مذهب ابن القاسم (6)، وقيل: يكفي اثنان منها (7)، وقيل: يكفي الراعي. والمراح: موضع إقامتها، وقيل: موضع الرواح للمبيت.
قوله: (بِإذْنِهِمَا) أي: بإذن المالكين. الباجي: وإن تعاونوا -أي: الر عاة- بغير إذن أربابها فليست بخلطة (8).
قوله: (وَفَحْلٍ بِرِفْقٍ) أي: وبكون (9) الفحل (10) لأحدهما ويضرب (11) في جميع الغنم فيحصل الرفق لصاحبه بذلك، أو يكون لهما وهو يضرب في الجميع.
قوله: (وَرَاجَعَ الْمَأَخُوذُ مِنْهُ شَرِيكَهُ بِنِسْبَةِ عَدَدَيْهِمَا) يريد: أن الساعي إذا أخذ من أحد الخليطين ما وجب عليهما فإنه يرجع على صاحبه بنسبة عددي ماشيتهما، فإذا كان
(1) قوله: (واحد) زيادة من (ن 1) و (ن 2).
(2)
قوله: (الحول) زيادة من (ص).
(3)
قوله: (اللخمي) زيادة من (ن).
(4)
في (ن 1) و (ن 2): (في بحول).
(5)
في (ص): (لحول)، وفي (ن 1) و (ن 2):(بحول).
(6)
انظر: المدونة: 1/ 370.
(7)
قوله: (وقيل: يكفي اثنان منها) ساقط من (ن 1)، ووقوله:(يكفي) ساقط من (ن).
(8)
انظر: المنتقي: 3/ 209.
(9)
في (س): (أن يكون)، وفي (ن 2):(بأن يكون).
(10)
قوله: (الفحل) ساقط من (ن 1) و (ن 2).
(11)
قوله: (و) ساقط من (ن) و (ن 1) و (ز) و (س).
لأحدهما مثلًا خمس من الإبل وللآخر تسع منها وأخذ الساعي الشاتين الواجبتين من صاحب التسعة فإنه يرجع على الآخر بخمسة أجزاء من أربعة عشر جزءًا من الشاتين، وهذا هو المشهور، وكان مالك أولًا يقول: على (1) كل واحد شاة، ثم رجع إلى هذا (2)، والخلاف مقيد بما إذا كان الوقص من طرف واحد، وإليه أشار بقوله:(وَلَوِ انْفَرَدَ وَقصٌ لأَحَدِهِمَا) أي: فأما لو كان من الطرفين كست وتسع فلا خلاف أن الشياه (3) الثلاث مفرقة (4) على الجميع، فيكون على صاحب الست خمساها، وعلي صاحب التسع ثلاثة أخماسها وكل ذلك بالقيمة، كما أشار إليه بقوله:(في الْقِيمَةِ) أي: راجع شريكه في القيمة بنسبة عدديهما.
قوله: (كَتَأَوُّلِ السَّاعِي الأَخْذَ مِنْ نِصَابٍ لَهُمَا، أَوْ لأَحَدِهِمَا، وَزَادَ لِلْخُلْطَةِ) يريد: أن الساعي إذا أخذ شاة وجميع الماشية نصاب كعشرين وعشرين، أو كان (5) لأحدهما نصاب وللآخر دون النصاب، وهو معنى قوله:(أو لأحدهما) أي: النصاب لأحدهما دون الآخر وزاد الساعي لأجل الخلطة، كما لو كان لأحدهما مائة من الغنم (6) وللآخر إحدى وعشرون فأخذ منهما شاتين، وقد علمت أنه لا شيء عليها (7) في المسألة الأولى، وفي المسألة الثانية على صاحب المائة شاة فقط (8) فإن كان أخذه بتأويل كتأوله في الأولى على قول (9) ابن وهب وفي الثانية على قول من يرى (10) ذلك، فإنهما يتراجعان؛ لأن أخذه (11) بتأويل يشبه حكم
(1) قوله: (على) ساقط من (ن 2).
(2)
انظر: المدونة: 1/ 371، والنوادر والزيادات: 2/ 248.
(3)
قوله: (الشياه) زيادة من (س).
(4)
في (ن 2): (مقسومة).
(5)
قوله: (كان) ساقط من (ن 2).
(6)
في (س): (النعم).
(7)
في (ن): (عليهما).
(8)
قوله: (وفي المسألة الثانية على صاحب المائة شاة فقط) يقابله في (ن 2): (ولا على الآخر في المسألة الثانية فعلى صاحب المائة شاة فقط).
(9)
في (ن 2): (مذهب).
(10)
قوله: (من يرى) يقابله في (ن 2): (ابن مزين).
(11)
قوله: (لأن أخذه) يقابله في (ن 2): (لأنه أخذ).
الحاكم في مسائل الاجتهاد (1) وهو لا ينقض، وإليه أشار بقوله (2):(لَا غَصْبًا، أَوْ لَمْ يَكْمُلْ لَهُمَا نِصَابٌ) يريد: فإن كان الساعي قصد الغصب بما أخذ في الشاة أو في الزائد في المسألة الثانية فلا تراجع، وكذلك إذا كان مجموع الماشية دون نصاب كخمس عشرة شاة لكل واحد، ومن أخذت منه الشاة كانت مصيبتها منه.
(المتن)
وَذُو ثَمَانِينَ خَالَطَ بِنِصْفَيْهَا ذَوَيْ ثَمَانِينَ، أَوْ بِنِصْفٍ فَقَطْ ذَا أَرْبَعِينَ، كَالْخَلِيطِ الْوَاحِدِ عَلَيْهِ شَاةٌ، وَعَلَى غَيرِهِ نِصْفٌ بِالْقِيمَةِ، وَخَرَجَ السَّاعِي وَلَوْ بِجَدْبٍ طُلُوعَ الثُّرَيَّا بِالْفَجْرِ وَهُوَ شَرْطُ وُجُوبٍ؛ إِنْ كَانَ، وَبَلَغَ وَقَبْلَهُ: يَسْتَقْبِلُ الْوَارِثُ، وَلا تُبَدَّى إِنْ أَوْصَى بِهَا وَلا تُجْزِئُ، كَمُرُورِهِ بِهَا نَاقِصَةً، ثُمَّ رَجَعَ وَقَدْ كَمُلَتْ، فَإِنْ تَخَلَّفَ وَأُخْرِجَتْ أَجْزَأَ عَلَى الْمُخْتَارِ، وَإِلَّا عُمِلَ عَلَى الزَّيْدِ وَالنَّقْصِ لِلْمَاضِي بتَبْدِئَةِ الْعَامِ الأَوَّلِ، إِلَّا أَنْ يُنَقّصَ الأَخْذُ النّصَابَ أَوِ الصّفَةَ فَيُعْتَبَرُ كَتَخَلُّفِهِ عَنْ أَقَلَّ فَكَمُلَ، وَصُدِّقَ، لا إِنْ نَقَصَتْ هَارِبًا، وَإِنْ زَادَتْ لَهُ فَلِكُلٍّ مَا فِيهِ بِتَبْدِئَةِ الأَوَّلِ، وَهَلْ يُصَدَّقُ؟ قَوْلانِ.
(الشرح)
قوله: (وَذُو ثَمَانِينَ خَالَطَ بِنِصْفَيْهَا (3) ذَوَيْ ثَمانينَ، أَوْ بِنِصْفٍ فَقَطْ ذَا أَرْبَعِينَ كَالْخَلِيطِ الْوَاحِدِ عَلَيْهِ شَاةٌ، وَعَلَى غَيْرِهِ نِصْفٌ بِالْقِيمَةِ) ذكر رحمه الله مسألتين: الأولى: إذا كان له ثمانون من الغنم خالط بأربعين منها صاحب أربعين، وبالأربعين الأخرى صاحب أربعين أيضًا، وهو مراده بقوله:(خالط بنصفيها) أي: بنصفي الثمانين -وهي أربعون وأربعون (4)(ذَوَيْ ثمانين)؛ أي: صاحبي ثمانين، ومذهب ابن القاسم وأشهب عند ابن شاس (5) وابن راشد (6) وغيرهما أن الخليطين كالخليط الواحد بناء على أن خليط الخليط خليط (7)، فالواجب شاتان على صاحب الثمانين شاة؛ لأنه له نصف
(1) قوله: (في مسائل الاجتهاد) ساقط من (ن 2).
(2)
في (س): (بما ذكر قوله).
(3)
في (ز) والمطبوع من مختصر خليل: (بنصفيهما).
(4)
قوله: (وأربعون) زيادة من (س).
(5)
انظر: عقد الجواهر: 1/ 205.
(6)
في (ن): (ابن رشد)، وانظر: البيان والتحصيل: 2/ 471.
(7)
في (ن 2): (كالخليط).
الماشية وعلى كل واحد من خليطه نصف شاة بالقيمة، وهذا معنى قوله: (كَالخلِيطِ الْوَاحِدِ
…
إلى آخره) وفيها ثلاثة أقوال أخر، انظرها في الشرح الكبير.
الثانية: إذا خالط من الثمانين بأربعين رجلًا له أربعون شاة، وهو معنى قوله:(أَوْ بِنِصْفٍ فَقَطْ ذَا أَرْبَعِينَ) أي: صاحب أربعين وأبقى الأربعين الأخرى بغير خليط، ومذهب عبد الملك وسحنون: أن على صاحب الثمانين شاة وعلى صاحب الأربعين (1) نصف شاة (2)، ومذهب المدونة أن على صاحب الثمانين ثلثي شاة وعلى صاحب الأربعين ثلثها، فالذي ذكره في هذه خلاف مذهب المدونة (3)، وفيها أيضًا ثالث: وهو (4) أن على صاحب الأربعين نصف شاة وعلى الآخر ثلثا شاة.
قوله: (وَخَرَجَ السَّاعِي وَلَوْ بِجَدبٍ طُلُوعَ الثُّرَيَّا بِالْفَجْرِ) يريد: أن خروج السعاة في الصيف (5) حين تطلع الثريا بالفجر (6) ويسير الناس بمواشيهم إلى مياههم، وقاله في المدونة وزاد: لأن في ذلك رفقًا بالناس في اجتماعهم وعلي السعاة لاجتماعهم (7)، والمشهور أنهم يخرجون في سنة الجدب كما قال ابن عبد السلام وهو الأصل (8) ويؤخذ منهم كما تقدم، والباء في (بجدب) يحتمل أن تكون للمعية وأن (9) تكون للظرفية، وأما
(1) قوله: (صاحب الأربعين) يقابله في (س) و (ن) و (ن 2): (الآخر).
(2)
انظر: النوادر والزيادات: 2/ 254، وما وقفت عليه في النوادر والزيادات بخصوص رأي عبد الملك وسحنون نصه كما يلي: (وقال عبدُ الملكِ: يكون على ربِّ الأربعين نصفُ شاةٍ وعلى صاحب الثمانين ثلثا شاةٍ
…
وقال سحنون لقولِ عبدِ الملكِ: وهو أحبُّ إليَّ من قول ابنِ القاسمِ وأشهبَ) وهذا هو نفس الرأي الثالث الذي أورده بهرام هنا ولم ينسبه لأحد وذلك حين قال عاليه: (وفيها أيضًا ثالث: أن على صاحب الأربعين نصف شاة وعلى الآخر ثلثي شاة) فأظن أنه قد حدث لبس في نسبة الآراء إلى قائليها، وانظر الآراء الثلاثة في هذه المسألة أيضًا في عقد الجواهر: 1/ 205، والتوضيح: 2/ 311.
(3)
انظر: المدونة: 1/ 372.
(4)
قوله: (وهو) زيادة من (ن).
(5)
قوله: (في الصيف) ساقط من (ن 2).
(6)
قوله: (بالفجر) زيادة من (س).
(7)
انظر: المدونة: 1/ 376.
(8)
في (ن): (الأصح).
(9)
قوله: (وأن) يقابله في (ن 2): (ويحتمل أن).
في (1)(بالفجر) فللمعية؛ أي: مع، كما قال في المدونة: طلوع الثريا مع الفجر (2).
قوله: (وَهُوَ شَرْطُ وَجُوبٍ، إِنْ كَانَ، وَبَلَغَ) يريد: أن الساعي شرط في وجوب زكاة الماشية إن كان ثَمَّ سعاة، ويمكنهم الوصول، فلو لم يكن ثَمَّ سعاة أو لا يمكنهم الوصول وجبت بمرور الحول.
قوله: (وَقَبْلَهُ يَسْتَقْبِلُ الْوَارِثُ) أي: أن رب الماشية إذا مات قبل مجيء الساعي فإن وارثه لا يخاطب بزكاتها حينئذٍ، ويستقبل بها حولًا.
قوله: (وَلا تُبدَّى إِنْ أَوْصَى بِهَا) يريد: أن رب الماشية إذا أوصى بزكاتها ثم مات فإنها لا تبدى بل تكون من الثلث غير مبداة، قال في المدونة: وإنما يُبَدَّى في الثلث ما فرط فيه من زكاة العين (3). ولا تجزئ إذا أخرجها، وللساعي أخذها منه (4) أيضًا، وإلى هذا أشار بقوله:(وَلا تُجْزِئُ) أي: وَلا تُجْزِئُ (5) إن أخرجها؛ أي: قبل مجيء الساعي.
قوله: (كَمُرُوره بِهَا نَاقِصَةً، ثُمَّ رَجَعَ وَقَدْ كَمُلَتْ) يريد: أن الساعي إذا مر بالماشية فوجدها ناقصة عن نصاب الزكاة ثم رجع إليها فوجدها قد كملت وصارت نصابًا فإن رب الماشية يستقبل بها حولًا؛ لأن حول الماشية إنما هو مرور الساعي بها بعد الحول، قال في الموازية (6): فإن رجع على (7) الماشية فوجدها قد ولدت وتكمل النصاب فلا يأخذ منها شيئًا (8). ابن عبد الحكم: ولا أدري ما (9) وجه قول مالك هذا وعليه أن يزكي (10)، وصوبه اللخمي قال: لأنه نصاب حال عليه الحول (11).
(1) قوله: (في) ساقط من (س).
(2)
انظر: المدونة: 1/ 376.
(3)
انظر: المدونة: 1/ 367.
(4)
قوله: (منه) ساقط من (ن 2).
(5)
قوله: (وَلا تُجْزِئُ) زيادة من (ن 2).
(6)
في (ز) و (ن 2): (المدونة).
(7)
في (ن 2): (عن)، ولعل الصواب:(إلى).
(8)
انظر: النوادر والزيادات: 2/ 227.
(9)
قوله: (ما) زيادة من (س).
(10)
انظر: التوضيح: 2/ 313.
(11)
انظر: التبصرة، للخمي، ص:1036.
قوله: (فَإِنْ تخلفَ وَأُخْرِجَتْ أَجْزَأَ عَلَى المُخْتَارِ) يريد: أن الساعي إذا تخلف عن رب الماشية وأخرج هو زكاتها فإنها تجزئ عنه، وقال ابن الماجشون: لا تجزئ. اللخمي: والأول أحسن وإليه أشار بقوله: (عَلَى الْمُخْتَارِ). اللخمي: وإذا أجزأت على قول ابن القصار إذا لم يتخلف؛ لأنها من الأموال الظاهرة كان إذا تخلف أحرى (1) في الإجزاء (2).
قوله: (وَإِلا عُمِلَ عَلَى الزَّيْدِ وَالَّنقصِ لِلْمَاضِي) أي: وإن لم يكن ربها قد (3) أخرج زكاتها فإن الساعي يعمل على الزائد (4) والنقص للماضي من الأعوام، مثاله: إذا تخلف عن الإبل وهي خمس أربعة أعوام ثم جاء فوجدها عشرين أو تخلف عنها وهي عشرون ثم وجدها خمسة، ففي هذه يأخذ منه أربع شياه عن السنين الأربع، وفي الأولى يأخذ منه ست عشرة شاة اعتبارًا بالزائد فيما مضى من الأعوام، وهذا هو المشهور، وهو قول ابن القاسم وأشهب ومحمد وابن حبيب وسحنون، وعليه عمل أهل (5) المدينة (6)، وقال ابن الماجشون: إنما يؤخذ في كل عام مضى على ما قال صاحبها إنها كانت عليه، وَصُوَّبَ (7).
قوله: (بِتَبْدِئَةِ الْعَامِ الأَوَّلِ) يريد: أن الساعي إنما يبدأ بالأخذ من العام الأول ثم بما بعده.
قوله: (إِلا أَنْ يُنَقِّصَ الأَخْذُ النِّصَابَ أَوِ الصَّفَةَ فَيُعْتَبرُ) أي: كما إذا غاب عنه وعنده مائتان من الغنم أربع سنين ثم جاء (8) فوجدها اثنتين وأربعين فإنه يأخذ شاة للعام الأول ثم شاتين للثاني والثالث، وينقص (9) العام الرابع لقصور الماشية (10) حينئذٍ عن
(1) في (ن): (أجزأ).
(2)
انظر: التبصرة، للخمي، ص:1040.
(3)
قوله: (قد) زيادة من (س) و (ن 2).
(4)
في (ن): (الزيد).
(5)
قوله: (أهل) زيادة من (ن 2).
(6)
في (س): (المدونة).
(7)
انظر: النوادر والزيادات: 2/ 237 و 238.
(8)
قوله: (ثم جاء) زيادة من (س)، وفي (ن 1):(ثم جاء الساعي).
(9)
في (س): (يسقط)، وفي (ن 1) و (ن 2):(ويسقط)، وفي (ن):(وسقط).
(10)
في (ز): (المناسبة).
النصاب، ولا خلاف أن الأخذ هنا للأول فالأول، قاله اللخمي، ومثال تغيير الصفة ما إذا غاب عنه وله ستون من الإبل أربعة أعوام، ثم جاء فوجدها سبعًا وأربعين فإنه يأخذ حقتين عن العام الأول والثاني، ثم بنتي لبون عن الثالث والرابع (1)؛ لقصور النصاب عن سن الحقاق حين أخذ منها الحقتين، إذ تصير (2) خمسًا وأربعين والواجب (3) في ذلك ونحوه بنات لبون.
قوله: (كَتَخَلُّفِهِ عَنْ أَقَلَّ فكَمُلَ، وَصُدِّقَ) يريد: أن الساعي إذا غاب عنه وماشيته دون النصاب كثلاثين مثلًا من الغنم ثم جاء فوجدها بعد أربعة أعوام ستين شاة، فإنه لا يأخذ إلا عن الأعوام التي كمل النصاب فيها، وهو قول مالك وابن القاسم (4). الباجي: وهو مصدق في ذلك، وألحقها أشهب في الأعوام كلها بالكاملة (5).
قوله: (لا إِنْ نَقَصَتْ هَارِبًا) أي: فإنه يأخذ منه (6) عما مضى من الأعوام وإن وجدها قد (7) نقصت عن النصاب، نعم يصدق في العام الأخير (8) فلا يؤخذ منه شيء؛ لقصور ما بيده عن النصاب حينئذٍ، وهذا الكلام يحتمل أن يكون مخرجًا من قوله:(عمل على الزيد والنقص (9) للماضي) في تخلف الساعي، أي: وأما هنا فيأخذ لماضي السنين (10) مطلقًا، ويحتمل أن يكون مخرجًا من قوله:(بتبدئة العام (11) الأول)، وهو معنى ما ذكره اللخمي فانظره، و (هاربًا) حال حذف صاحبها للدلالة عليه، والتقدير: لا إن نقصت (12) ماشية الهارب في حال هروبه (13).
(1) قوله: (الثالث والرابع) يقابله في (ن 1): (العام الثالث).
(2)
في (ن 1): (تميز).
(3)
في (ز): (والواحد).
(4)
قوله: (مالك وابن القاسم) في (ن): (ابن القاسم). انظر: النوادر والزيادات: 2/ 239.
(5)
انظر: المنتقي: 3/ 225.
(6)
قوله: (منه) ساقط من (ن 1).
(7)
قوله: (قد) زيادة من (س).
(8)
في (ن 2): (الآخر).
(9)
قوله: (الزيد والنقص) يقابله في (ن 1) و (ن 2): (النقص).
(10)
قوله: (لماضي السنين) يقابله في (ن 1): (لما مضى).
(11)
قوله: (العام) ساقط من (ن 2).
(12)
في (ن 2): (قصرت).
(13)
قوله: (حال حذف صاحبها
…
الهارب في حال هروبه) يقابله في (ن 1): (حال هروب صاحبها =
قوله: (وَإِنْ زَادَتْ لَهُ فَلِكُلٍّ مَا فِيهِ بِتَبْدِئَةِ الأَولِ) أي: فإن هرب بماشية (1) وهي قليلة، ثم وجده الساعي وقد زادت فإنه يأخذ عن (2) كل عام بما كانت عليه ماشيته.
اللخمي: وهو قول جميع أصحاب مالك إلا أشهب فإنه قال: يأخذه بالأكثر عما مضى من الأعوام (3)، وإذا فرعنا على المشهور فهل يصدق، وهو قول سحنون، إذ هو الأصل في الزكاة، أو لا وهو قول عبد الملك (4)؟ وإلى هذا (5) أشار بقوله:(وَهَلْ يُصَدَّقُ؟ قَوْلانِ) أما إذا قامت (6) له بينة عمل عليها.
(المتن)
وإِنْ سَألَ فَنَقَصَتْ أَوْ زَادَتْ، فَالْمَوْجُودُ إِنْ لَم يُصَدِّقْ، أَوْ صَدَّقَ وَنَقَصَتْ. وَفِي الزَّيْدِ تَرَدُّدٌ. وَأُخِذَ الْخَوَارِجُ بِالْمَاضِي، إِنْ أَنْ يَزْعُمُوا الأَدَاءَ، إِلَّا أَنْ يَخْرُجُوا لِمَنْعِهَا.
(الشرح)
قوله: (وَإِنْ سَأَل فَنَقَصَتْ أَوْ زَادَتْ، فَالْمَوْجُودُ إِنْ لم يُصَدِّقْ، أَوْ صَدَّقَ وَنَقَصَتْ)
يريد: فإن سأل الساعي رب الماشية عن عددها (7) فأخبره وغاب عنها ثم رجع فوجدها قد نقصت عما أخبره أو زادت، فإن كان أولًا لم يصدقه فيما أخبره به فالمعتبر ما (8) وجد، ولا خلاف في هذا، وكذلك على المشهور إذا صدقه ثم وجدها قد نقصت، ويأتي على قول ابن الجهم فيما إذا ضاع جزء من النصاب قبل التمكن من الإخراج أنه يخرج ربع عشر ما بقي، وأن يأخذ بما (9) كانت عليه قبل النقص (10)
قوله: (وَفِي الزَّيْدِ ترَدُّدٌ) أي: فإن صدقه ثم وجدها قد زادت، فقد تردد (11) الأشياخ
= لدلالة عليه أي لا إن نقصت ماشية الهارب في حال هروبه).
(1)
في (ن 2): (بماشيته).
(2)
في (ن 1): (في).
(3)
انظر: التبصرة، للخمي، ص:1058.
(4)
انظر: التوضيح: 2/ 317.
(5)
قوله: (وإلى هذا) يقابله في (ن 2): (وإليه).
(6)
في (ن 2): (كانت).
(7)
في (ن 1): (قدرها).
(8)
في (ن 1): (فيما).
(9)
في (س): (مما).
(10)
انظر: التوضيح: 2/ 183.
(11)
(في (ن 1): (تردد فيه).