الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نوعين فمنهما، وإن كان أنواعًا ختلفة فمن وسطها. قال (1) ابن الجلاب: وتؤخذ الزكاة من وسط الثمار والحبوب المضموم بعضها إلى بعض في ذلك (2)، ولا يؤخذ من أعالي ذلك ولا من أدانيه (3)، بل من الوسط نظرا إلى الأنواع؛ أي: فإن اختلفت الأنواع فمن أوسطها (4).
[فصل في زكاة النقد]
(المتن)
وفي مائَتَيْ دِرْهَمٍ شَرْعِي، أَوْ عِشْرِينَ دِينَارًا فَأكْثَرَ، أَوْ مُجَمَّعٍ مِنْهُمَا بالْجُزْءِ: رُبُعُ الْعُشْرِ، وَإِنْ لِطِفْلٍ، أوْ مَجْنُونٍ. أَوْ نَقَصَتْ، أَوْ بِرَدَاءَةِ أصْلٍ، أَوْ إِضَافَةٍ، وَرَاجَتْ: كَكَامِلَةٍ، وَإِلَّا حُسِبَ الْخَالِصُ إِنْ تَمَّ الْمِلْكُ، وَحَوْلُ غَيْرِ الْمَعْدِنِ. وَتَعَدَّدَتْ بِتَعَدُّدِهِ فِي مُودَعَةٍ وَمُتَّجَرٍ فِيهَا بِآَجْرٍ لا مَغْصُوبَةٍ، أوْ مَدْفُونَةٍ، وَضَائِعَةٍ، وَمَدْفُوعةٍ على أَنَّ الرِّبْحَ لِلْعَامِلِ بِلا ضَمَانٍ.
(الشرح)
قوله: (وَفي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ شَرْعِيٍّ، أَوْ عِشْرِينَ دِينَارًا فَأَكثَرَ، وَمُجَمَّعٍ مِنْهُما بِالْجزْءِ رُبُعُ الْعُشْرِ) أي: والواجب في مائتي درهم إلى آخره ومع العشر (5).
وقوله: (ربع العشر) هو الخبر، والأصل في هذا ما ورد عنه عليه الصلاة والسلام "أن في مائتي درهم خمسة دراهم وليس فيما دونها صدقة، وأن في عشرين دينارًا نصف دينار ولا زكاة فيما دونها"(6).
(1) قوله: (قال) زيادة من (س).
(2)
في (ن) و (ن 2): (الزكاة).
(3)
انظر: التفريع: 1/ 160.
(4)
في (ن) و (ن 1) و (ن 2) و (ز): (وسطها).
(5)
قوله: (ومع العشر) زيادة من (ن 2).
(6)
حسن: أخرجه أبو داود: 1/ 493، في باب في زكاة السائمة، من كتاب الزكاة، برقم:1573.
ولفظه: "فإذا كانت لك مائتا درهم وحال عليها الحول ففيها حمسة دراهم وليس عليك شيء -يعني في الذهب- حتى يكون لك عشرون دينارًا، فإذا كان لك عشرون دينارًا وحال عليها الحول ففيها نصف دينار". حسنه الزيلعي، وقال: قال: النووي في الخلاصة: وهو حديث صحيح أو حسن. انظر: نصب الراية: 2/ 228.
قال في الموطأ: والسنة التي لا اختلاف (1) فيها عندنا أن الزكاة تجب في عشرين دينارًا كما تجب في مائتي درهم (2)، والمراد بالدرهم الشرعي الذي أشار إليه هو الدرهم المكي؛ لقوله عليه الصلاة والسلام:"المكيال على مكيال أهل المدينة والوزن على وزن أهل مكة"(3)، وهو عند الكافة خمسون وخُمُسَا حبة من الشعير المتوسط تكون الحبة منه غير مقشورة، وقد قطع طرفاها الممتدان اللذان خرجا عن خلقتها.
ومعنى قوله: (فأكثر) أي: وما زاد على ذلك قل أو كثر أخرج منه ربع عشره ما أمكن (4)، ومعنى قوله:(ومجمع (5) منهما) أي إذا كان عنده مائة درهم من فضة ومن الذهب عشرة دنانير، أو مائة وخمسون وخمسة دناني، أو خمسة عشر دينارًا وخمسون درهمًا، وجب في كل منهما ربع عشره (6)، ونحوه في المدونة (7) والرسالة (8) وغيرهما.
وأشار بقوله: (بالجزء) إلى أنه يجعل كل (9) دينار في مقابلة عشرة دراهم كانت قيمته أقل أو أكثر، فعلى هذا (10) لو كان معه مائة درهم وخمسة دنانير تساوي مائة درهم زكى؛ وإن كان (11) أخرى فلا زكاة، ولو كان معه مائة درهم وعشرة دنانير تساوي خمسين درهمًا زكى (12)، وإن (13) معه الثلثان من هذا والثلث من هذا أو
(1) في (س): (خلاف).
(2)
انظر: الموطأ: 1/ 246، رقم:583.
(3)
صحيح، أخرجه أبو داود: 2/ 266، في باب في قول النبي صلى الله عليه وسلم:"المكيال مكيال المدينة" من كتاب البيوع، برقم: 3340، والنسائي: 5/ 54، في كم الصاع، من كتاب الزكاة، برقم:2520. وصححه ابن الملقن، وقال: رجاله رجال الصحيح. انظر: البدر المنير: 5/ 562.
(4)
قوله: (ومعنى قوله
…
عشره ما أمكن) ساقط من (ن 2).
(5)
في (ن 2): (ومجتمع).
(6)
في (ن 2): (العشر).
(7)
انظر: المدونة: 1/ 302.
(8)
انظر: الرسالة، ص:66.
(9)
قوله: (كل) ساقط من (ن).
(10)
قوله: (فعلى هذا) يقابله في (ن 2): (فلهذا).
(11)
قوله: (زكى وإن كان) ساقط من (س) و (ن 2).
(12)
في (ن 2): (زكاه).
(13)
قوله: (وإن) يقابله في (ن 2): (وكذا إذا كان).
الربع من هذا والثلاثة أرباع من الآخر، فإنه يزكي الجميع بالجزء ولا ينظر إلى مغالاة الصرف ورخصه (1).
قوله: (وَإِنْ لِطِفْلٍ، أَوْ مَجْنُونٍ) يريد: أن الزكاة في النقدين واجبة، وإن كان لطفل صغير أو مجنون؛ لقول عمر رضي الله عنه في الموطأ:"اتّجروا في أموال اليتامى؛ لئلا تأكلها الزكاة"(2).
وفيه أن عائشة رضي الله عنها كانت تخرج الزكاة من مال يتيمين كانا في حجرها (3)، وهو قول مالك وجميع أصحابه خلافًا لغيرهم (4)، واتفقوا على أن مواشيهما وحرثهما تزكي (5)؛ لوجود النماء في ذلك.
قوله: (أَوْ نَقَصَتْ أَوْ بِرَدَاءَةِ أَصْلٍ، أَوْ إِضَافَةٍ) هو معطوف على ما قبله؛ أي أن: الواجب في المائتي درهم والعشرين الدينار ربع العشر، ولو كان لطفل أو مجنون، أو نقصت نقصانًا (6) لا يحطها إما بسبب قدر؛ أي: كالحبة ونحوها، أو رداءة أصل؛ أي: كانت رديئة من أصل معدنها، أو إضافة كالمغشوشة.
قوله: (وَرَاجَتْ كَكَامِلَةٍ) هو شرط في الوجوب؛ أي: أنها إذا نقصت نقصانًا يسيرا
(1) قوله: (الجميع بالجزء
…
الصرف ورخصه) زيادة من (ن 2).
(2)
أخرجه مالك: 1/ 251، في باب زكاة أموال اليتامى والتجارة لهم فيها، من كتاب الزكاة، برقم: 588، والدارقطني: 2/ 110، في باب وجوب الزكاة في مال الصبي واليتيم، من كتاب الزكاة، برقم: 4، والبيهقي: 2/ 6، في باب تجارة الوصي بمال اليتيم أو إقراضه، من كتاب البيوع، برقم: 10764، وصححه. ورواه مرفوعًا الترمذي: 3/ 32، في باب زكاة مال اليتيم، من كتاب الزكاة، برقم: 641، وقال: في إسناده مقال، والشافعي في مسنده: 1/ 92، برقم: 410، ومن طريقه البيهقي، برقم: 10765، مرسلًا، ولكن أكده الشافعي بعموم الأحاديث الصحيحة في إيجاب الزكاة مطلقًا، وبما روي عن الصحابة رضي الله عنهما، انظر: البدر المنير: 5/ 469، والتلخيص الحبير: 2/ 353، برقم:825.
(3)
انظر: الموطأ: 1/ 251، برقم: 588 و 589.
(4)
انظر: المنتقى: 3/ 159.
(5)
قوله: (أن مواشيهما وحرثهما تزكى) يقابله في (ن 1): (مواشيهم وحرثهم أنها تزكى، وقوله: " تزكى")، وفي (ن 2):(يزكيا).
(6)
في (ن 2): (نقصا).
كالحبة والحبتين (1) لا يحطها بأن تكون قد راجت برواج (2) الوازنة أو الخالصة (3) وجب فيها الزكاة كغيرها من الكاملة والخالصة (4)، ومعنى (راجت) ما قال في الموازية (5): أنها (6) تجوز بجواز الوازنة (7). واختلف في معنى ذلك، فقال القاضي عبد الوهاب: أنها تنقصر (8) نقصانًا يسيرًا كالحبة والحبتين في كل ميزان مما جرت العادة بالتسامح في مثله في البياعات، وهو الأظهر عند الباجي وعليه جمهور (9) أصحابنا، إلا ما قال الأبهري وابن القصار: أنها تكون ناقصة في ميزان، وازنة (10) في أخرى؛ إذ ليس ثم نقص على هذا القول (11).
قوله: (وَإِلا حُسِبَ الْخالِصُ) أي: وإن حطها حطيطة بينة حسب ما فيها من الخالص قل أو كثر ويخرج عنه، وهو المشهور، وعليه فيعتبر ما فيها من النحاس اعتبار العروض (12)، وقال ابن الفخار: الحكم للأكثر، فإن كانت الفضة في المغشوش أكثر وجبت الزكاة في مائتين منها (13).
وإن (14) كان النحاس أكثر فلا زكاة (15).
(1) قوله: (يسيرا كالحبة والحبتين) زيادة من (ن 2).
(2)
قوله: (راجت برواج) يقابله في (ن 1) و (ن 2): (جازت بجواز).
(3)
قوله: (أو) زيادة من (س)، وقوله:(أو الخالصة) يقابله في (ن 2): (والخالصة). وقوله: (الخالصة) ساقط من (ن 1).
(4)
في (ن 1): (والحاصلة).
(5)
في (ن): (المدونة).
(6)
قوله: (أنها) ساقط من (ن 2).
(7)
انظر: النوادر والزيادات: 2/ 111.
(8)
في (ن 1): (إن نقصت).
(9)
قوله: (وعليه جمهور) يقابله في (ن 1): (وقال عليه جمهور)، وفي (ن 2):(قال وعليه جمهور).
(10)
في (ن 2): (وزنت).
(11)
انظر: المنتقى: 3/ 133.
(12)
في (س) و (ن 1) و (ن 2): (العرض).
(13)
قوله: (منها) ساقط من (ن 1).
(14)
في (ن 1): (وإلا).
(15)
انظر: التوضيح: 2/ 175.
قوله: (إِنْ تَمَّ الملْكُ، وَحَوْلُ غَيْرِ المعْدِنِ) هذا أيضًا شرط في وجوب الزكاة، وهو أن يكون الملك تامًّا، والحول كذلك فيما عدا المعدن، فاحترز بالأول عما ليس بمملوك لمن هو بيده كالمال المودع والملتقط والمغصوب بالنسبة إلى المودع والملتقِط (1) والغاصب، أو مملوكًا ملكًا (2) غير تام كمال العبد والمدين (3) بالنسبة إلى العين (4).
واحترز بالثاني عما (5) لم يَحُل عليه الحول؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: "ليس في المال زكاة حتى يحول (6) عليه الحول"(7). ابن يونس: وبه عملت الأئمة والسلف، ولا خلاف فيه (8).
قوله: (وَتَعَدَّدَتْ بتَعَدُّدِهِ في مُودَعَةٍ) الضمير في (تعددت) عائد على الزكاة، وفي (تعدده) على الحول، و (مودعة) صفة لموصوف بمحذوف، والمعنى: أن من كان له عين (9) مودعة عند شخص ثم قبضه بعد أعوام (10) فإنه يزكيه لتلك الأعوام الماضية؛ يريد: لأنه قادر على تنميته والتصرف فيه. ابن رشد: والمشهور تزكية الوديعة لكل عام. وروي عن مالك: لعام واحد لعدم التنمية (11)، وروى ابن نافع عنه أنه يستقبل بها حولًا من يوم قبضها (12).
قوله: (وَمُتَّجَرٍ فِيهَا بِأَجْرٍ) أي: وكذلك تجب زكاة العين المدفوعة لمن يتجر فيها بأجر (13) للأعوام الماضية قبل القبض؛ لأنه كالوكيل عنه فتحريكه
(1) في (ن 2): (واللقيط).
(2)
في (ن 1): (مالكا).
(3)
في (ن 2): (والمدبر).
(4)
قوله: (والمدين بالنسبة إلى العين) يقابله في (ن 1): (والمدبر بالنسبة إلى العبد).
(5)
في (ن 2): (مما).
(6)
في (ز): (يحل).
(7)
سبق تخريجه. وقوله: (لقوله عليه السلام: "ليس في المال زكاة حتى يحول عليه الحول") ساقط من (ن 1).
(8)
انظر: الجامع، لابن يونس، ص:1126.
(9)
في (ن 2): (غير).
(10)
قوله: (محذوف، والمعنى
…
قبضه بعد أعوام) ساقط من (ن 1).
(11)
قوله: (والتصرف فيه. ابن رشد
…
واحد؛ لعدم التنمية) زيادة من (س).
(12)
انظر: البيان والتحصيل: 2/ 373 و 410، والذخيرة: 3/ 41.
(13)
قوله: (بأجر) ساقط من (ن 2).
للمال (1) كتحريك ربه.
قوله: (لا مَغْصُوبَةٍ) أي: فإن زكاتها لا تجب إلا لعام واحد، وهو المشهور قاله في المقدمات، وقيل: يستقبل بها حولًا (2) كالفوائد (3).
قوله: (أو مَدْفُونَةٍ (4)) أي: إذا دفنها ربها ثم وجدها بعد أعوام فإنه لا يزكيها للأعوام الماضية وإنما يزكيها لعام واحد، وقاله مالك في المجموعة (5)، ابن بشير: وهو الأصح، ولمالك في الموازية (6): يزكيها لكل عام مضى. وقال محمد: إن دفنها في صحراء أو في (7) موضع لا يحاط به فكالمغصوبة يزكيها لعام واحد، وإن دفنها في البيت أو الموضع الذي يحاط (8) به زكاها لكل عام (9). وعكس هذا لابن حبيب، وخرج فيها بعضهم قولًا بالاستقبال من الوديعة على رواية ابن نافع (10).
قوله: (وَضَائِعَةٍ) يريد: أن العين الضائعة إذا وجدها ربها بعد أعوام فإن زكاتها لا تتعدد بتعدد الأعوام، يريد: وإنما تجب لعام واحد، وهي رواية ابن القاسم وابن وهب وابن زياد وابن نافع عن مالك، وعن مالك والغيرة وسحنون: يزكيها للأعوام الماضية (11). وعن ابن حبيب؛ يستقبل بها حولًا إذا كان منقطع الرجاء منها.
قوله: (وَمَدْفُوعَةٍ عَلَى أَن الرِّبْحَ لِلْعَامِلِ بِلا ضَمانٍ) يريد: ان من دفع مالًا لغيره ليتجر فيه وأن ما حصل من الربح للعامل ولا ضمان عليه فيما تلف منه وقبضه ربه بعد أعوام فإنه لا يزكيه لكل عام مضى، يريد: وإنما يزكيه لعام واحد كالدين، قاله ابن القاسم (12)،
(1) قوله: (للمال) زيادة من (ن 2).
(2)
قوله: (حولًا) زيادة من (ن 2).
(3)
انظر: المقدمات الممهدات: 1/ 150.
(4)
قوله: (أو مَدْفُونَةٍ) يقابله في (ز) و (ن 2) والمطبوع من مختصر خليل: (ومدفونة).
(5)
انظر: النوادر والزيادات: 2/ 137 و 138.
(6)
في (ن): (المدونة).
(7)
قوله: (في) زيادة من (ن 2).
(8)
في (ن) و (ن 1) و (ز): (يحوط).
(9)
انظر: النوادر والزيادات: 2/ 139.
(10)
انظر: التوضيح: 2/ 251.
(11)
انظر: النوادر والزيادات: 2/ 137 و 138.
(12)
انظر: النوادر والزيادات: 2/ 186.