المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب [في أحكام المسابقة] - تحبير المختصر وهو الشرح الوسط لبهرام على مختصر خليل - جـ ٢

[بهرام الدميري]

الفصل: ‌باب [في أحكام المسابقة]

‌بابٌ [في أحكام المسابقة]

(المتن)

بَابٌ الْمُسَابَقَةُ: بِجُعْلٍ فِي الْخَيْلِ وَالإِبِلِ، وَبَيْنَهُمَا، وَالسَّهْمِ إِنْ صَحَّ بَيْعُهُ، وَعُيَن الْمَبْدَأُ وَالْغَايَةُ وَالْمَرْكَبُ وَالرَّامِي وَعَدَدُ الإِصَابَةِ وَنَوْعُهَا، مِنْ خَزْقٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَأَخْرَجَهُ مُتَبَرِّعٌ، أَوْ أَحَدُهُمَا، فَإِنْ سَبَقَ غَيْرُهُ أَخَذَهُ، وَإِنْ سَبَقَ هُوَ فَلِمَنْ حَضَرَ، لَا إِنْ أَخْرَجَا لِيَأْخُذَهُ السَّابِقُ، وَلَوْ بمُحَلِّلٍ يُمْكِنُ سَبْقُهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ السَّهْمِ وَالْوَتَرِ، وَلَهُ مَا شَاءَ. وَلَا مَعْرِفَةُ الْجَرْيِ، وَالرَّاكِبِ، وَلَمْ يُحْمَلْ صَبِيٌّ،

(الشرح)

(المُسَابَقَةُ) الأصل في جوازها ما في مسلم أنَّه (1) عليه السلام سابق بالخيل التي قد أضمرت والتي لم تضمر (2)، وقال عليه السلام:"لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر"(3).

قوله: (بِجُعْلٍ فِي الخَيْلِ وَفِي الإِبِلِ، وَبَيْنَهُمَا، وَالسَّهْمِ) يريد: أن الجعل يجوز فيما بين الخيل وحدها، وفيما بين الإبل وحدها، وفيما بين الخيل والإبل، وفي السهم (4)؛ أي: الرمي بالسهام.

قوله: (إِنْ صَحَّ بَيْعُهُ) أي: إنما يجوز ذلك بشرط كون الجعل مما يصح بيعه، ونحوه في الجواهر (5)؛ وعلى هذا فلا يصح بغرر ولا مجهول أو خمر أو خنزير أو نحوه مما لا

(1) في (س): (عنه).

(2)

متفق عليه، أخرجه البخاري: 1/ 162، في باب هل يقال مسجد بني فلان، من أبواب المساجد، برقم 410، ومسلم: 3/ 1491، في باب المسابقة بين الخيل وتضميرها، من كتاب الإمارة، برقم 1870، ومالك: 2/ 467، في باب ما جاء في الخيل والمسابقة بينها والنفقة في الغزو، من كتاب الجهاد، برقم:1000. ولفظ الحديث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سابق بين الخيل التي أضمرت من الحفياء وأمدها ثنية الوداع، وسابق بين الخيل التي لم تضمر من الثنية إلى مسجد بني زريق. وأن عبد الله بن عمر كان فيمن سابق بها.

(3)

صحيح، أخرجه أبو داود: 2/ 34، في باب في السبق، من كتاب الجهاد، برقم: 2574، والترمذي: 4/ 205، في باب الرهان والسبق، من كتاب الجهاد، برقم: 1700، وقال: هذا حديث حسن، والنسائي: 6/ 226، في باب السبق، من كتاب الخيل، برقم: 3585، وابن ماجه: 2/ 960، في باب السبق والرهان، من كتاب الجهاد، برقم:2878. وقال ابن القطان: إنه حديث صحيح. انظر تفصيل ذلك في البدر المنير: 9/ 419.

(4)

قوله: (يريد: أن الجعل. . . الخيل والإبل، وفي السهم) ساقط من (ن 1).

(5)

انظر: عقد الجواهر: 2/ 340.

ص: 523

يصح بيعه.

قوله: (وَعُيِّنَ المَبْدَأُ وَالْغَايَةُ وَالمَرْكَبُ وَالرَّامِي وَعَدَدُ الإِصَابَةِ وَنَوْعُهَا مِنْ خَرْقٍ أَوْ غَيْرِهِ (1)) يشير بذلك إلى قول ابن شاس: ويشترط إعلام الغاية وتبيين الموقف (2)، إلا أن يكون لأهل المكان سنة في ذلك (3) فيستغنى بها، ومعرفة أعيان الخيل أو الإبل، ويختص الرمي بكونه رشقًا معلومًا، ونوعًا من الإصابة معينًا من خرق أو إصابة من غير خرق وسبق إلى عدد مخصوص من الإصابة (4)، ونحو ذلك مما هو معلوم عند أهله.

قوله: (وَأَخْرَجَهُ مُتَبَرِّعٌ) لا خلاف في جواز ذلك إذا أخرج الجعل رجل متبرع من غير المتسابقين.

قوله: (أَو أَحَدُهُمَا، فَإِنْ سَبَقَ غَيْرُهُ أَخَذَهُ، وَإِنْ سَبَقَ هُوَ، فَلِمَنْ حَضَرَ) أي: وكذلك يجوز إذا أخرجه أحدهما بشرط ألا يعود إليه شيء مما أخرجه؛ بل إن كان مسبوقًا أخذه من سبقه، وإن كان هو السابق أخذ ذلك مَن (5) يليه أو مَن حضر إن لم يكن ثَم غيرهما، فـ (سبق) من كلامه في الموضعين غير مبني، وغيره فاعل (سبق)(6)، وضميره عائد على المخرج، وهو مفعول، وفاعل (أخذه) الغير، وضميره عائد على (الجعل)، والمعنى: فإن سبق المخرِجَ رجلٌ غيره أخذ الجعل، وإن كان المخرِجُ سابقًا فلا يأخذ من ذلك شيئًا؛ وإنما هو لمن حضر يأكلونه.

قوله: (لا إِنْ أَخْرَجَا لِيَأْخُذَهُ السَّابِقُ) أي: فإن أخرج كل واحد منهما شيئًا على أن مَن سبق أخذ مجموع ذلك لم يجز، وهذا مما لا خلاف فيه إن لم يكن معهما محلل، فإن كان وهمَا لا يأمنان أن يسبقهما يغنم (7) إن سبق (8) ولا يغرم إن سبقه غيره، فالمشهور عن

(1) قوله: (نَوْعُهَا مِنْ خَرْقٍ أَوْ غَيْرِهِ) يقابله في (ن 2): (ونحوه).

(2)

في (ن 2): (الموقوف).

(3)

قوله: (في ذلك) ساقط من (ز 2).

(4)

انظر: عقد الجواهر: 2/ 341.

(5)

قوله: (أخذ ذلك مَن) يقابله في (ن 2): (أخذه الذي).

(6)

قوله: (وغيره فاعل سبق) يقابله في (س): (وغير فاعل بسبق).

(7)

في (ز 2): (بغرم)، وفي (ن 2):(نعم).

(8)

قوله: (إن سبق) ساقط من (ن 2).

ص: 524

مالك منع ذلك أيضًا، وإليه أشار بقوله:(وَلَوْ بِمُحَلِّلٍ يُمْكِنُ سَبْقُهُ) واختار محمَّد جواز ذلك (1).

قوله: (وَلا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ السَّهْمِ وَالْوَتَرِ، وَلَهُ مَا شَاءَ) إذ لا مزية لبعضها على بعض في الإصابة ونحوها.

ابن شاس: ولا يشترط معرفة [86/ أ] جري الخيل، ولا من يركب عليها من صغير ولا كبير ولا يحمل عليها إلا محتلم، وإلى هذا أشار بقوله:(وَلا مَعْرِفَةُ الجَرْيِ، وَالرَّاكِبِ) وأمَّا قوله: (وَلَمْ يُحْمَلْ صَبِيٌّ) فإشارةٌ إلى قوله: وكره مالك حمل الصبيان عليها (2).

(المتن)

وَلَا اسْتِوَاءُ الْجُعْلِ، أَوْ مَوْضِعُ الإِصَابَةِ، أَوْ تُسَاوِيهِمَا. وَإِنْ عَرَضَ لِلسَّهْمِ عَارِضٌ، أَوِ انْكَسَرَ، أَوْ لِلْفَرَسِ ضَرْبُ وَجْهٍ، أَوْ نَزْعُ سَوْطٍ لَمْ يَكُنْ مَسْبُوقًا، بِخِلافِ تَضْيِيعِ السَّوْطِ، أَوْ حَرَنَ الْفَرَسُ. وَجَازَ فِيمَا عَدَاهُ مَجَّانًا، وَالاِفْتِخَارُ عِنْدَ الرَّمْيِ، وَالرَّجَزُ، وَالتَّسْمِيَةُ، وَالصُّيَاحُ، وَالأَحَبُّ ذِكْرُ اللهِ تَعَالَى، لَا حَدِيثُ الرَّامِي. وَلَزِمَ الْعَقْدُ كَالإِجَارَةِ.

(الشرح)

قوله: (وَلا اسْتِوَاءُ الجُعْلِ) أي: بل يجوز أن يكون متفاوتًا، أو من جهة أحدهما كما تقدَّم.

قوله: (أَوْ مَوْضِعُ الإِصَابَةِ، أَوْ تَسَاوِيها) أي: وكذا لا يشترط ذلك. ابن شاس: بل يجوز أن يشترط كون أحدهما لا يحتسب له إلا بما أصاب في الدائرة خاصة، ويحتسب للآخر بما أصاب في الجلد كله وغير ذلك مما يشبه فجميعه صحيح لازم، ويختص بالرمي عن القوس دون غيره (3).

قوله: (وَإِنْ عَرَضَ لِلسَّهْمِ عَارِضٌ أَوِ انْكَسَرَ) أي: عرض له في طريقه عارض من بهيمة أو إنسان أو طير أو نحو ذلك فعطل سيره، أو انكسر هو أو القوس.

قوله: (أَوْ لِلْفَرَسِ ضَرْبُ وَجْهٍ، أَوْ نَزْعُ سَوْطٍ) أي: وكذلك إذا عرض عذر للفرس

(1) انظر: النوادر والزيادات 3/ 434 و 435.

(2)

انظر: عقد الجواهر: 2/ 341.

(3)

انظر: عقد الجواهر: 2/ 341 و 342.

ص: 525

بأن ضرب وجهه أو نزع السوط من يد (1) الفارس.

قوله: (لَمْ يَكُنْ مَسْبُوقًا) أي: بشيء من ذلك؛ لظهور عذره.

قوله: (بِخِلافِ تَضْيِيعِ السَّوْطِ) أي: فإن الفارس فيه يعد مسبوقًا؛ لأنَّ ذلك من قِبَلِه (2)، وكذلك انقطاع اللجام ونحوه، وهذا قول محمَّد، وكذلك ما أشار إليه بقوله:(أَوْ حَرَنَ الْفَرَسُ) أي: فلا يعذر الفارسُ بذلك. محمَّد (3): وكذلك لو نفر (4) من السرادق فلم يدخله ودخله الآخر؛ عُد الممتنع مسبوقًا (5).

قوله: (وَجَازَ فِيمَا عَدَاهُ مَجَّانًا) أي: وجاز السباق فيما عدا ما ذكر مجانًا؛ أي: بغير جعل وقيده في الجواهر (6) بما إذا كان ذلك مما ينتفع به في نكاية العدو ونفع للمسلمين، كالمسابقة بين السفن والطير إذا كان لإيصال الخبر بسرعة لتحقق النفع به، قال: ويجوز على الأقدام، وفي رمي الحجارة، ويجوز الصراع (7)، كل ذلك إذا قصد به الانتفاع والارتياض للحرب بلا عوض جاز (8).

قوله: (وَالافْتِخَارُ عِنْدَ الرَّمْي، وَالرَّجَزُ، وَالتَّسْمِيَةُ، وَالصِّيَاحُ) يريد أنه يجوز التفاخر عند الرمي والرجز والتسمية والإعلان بالأصوات ونحو ذلك.

قوله: (وَالأَحَبُّ ذِكْرُ اللهِ تَعَالَى؛ لا حَدِيثُ الرَّامِي) أي: والأولى من ذلك أن يذكر الله تعالى عند ذلك لا حديث الرامي (9).

قوله: (وَلَزِمَ الْعَقْدُ كَالإِجَارَةِ) أي: فليس لأحدهما حله عن نفسه إلا برضا الآخر كالحكم في عقد الإجارة، ونحوه (10) في الجواهر (11)، والله أعلم.

(1) قوله: (يد) ساقط من (ز).

(2)

في (ن): (قبل تفريطه).

(3)

قوله: (محمَّد) ساقط من (ن).

(4)

في (ن 2): (أنفر).

(5)

انظر: النوادر والزيادات 3/ 437.

(6)

انظر: عقد الجواهر: 2/ 341.

(7)

في (ن 2): (السراع).

(8)

قوله: (جاز) زيادة من (ن).

(9)

في (ز): (الرمي).

(10)

في (ز 2): (ونحو ذلك).

(11)

انظر: عقد الجواهر: 2/ 341.

ص: 526