الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غره (1)، وإليه أشار بقوله:(عَلىَ الأَرْجَحِ) وأما إن كانت باقية بيده فإنها تؤخذ منه.
قوله: (وَزَكَّى مُسَافِرٌ مَا مَعَهُ، وَمَا غَابَ) أي: إذا حال الحول على ماله ومعه بعضه في سفره وبعضه غائب عنه في بلده؛ فإنه يزكي ما معه وما غاب عنه (2) إن لم يكن وكَّل أحدًا في الإخراج ببلده (3)، ولا ضرورة تلجئ إلى عدم الإخراج بالموضع الذي هو فيه. وقيل: لا تجب عليه زكاة المال الغائب، والقولان لمالك. واحترز بقوله:(إِنْ لَمْ يَكُنْ مُخْرِجٌ) مما لو وكَّل (4) من يخرج عنه زكاته فإنه لا يؤمر بالإخراج اتفاقًا؛ لئلا يلزمه الإخراج مرتين، واحترز بقوله:(وَلا ضَرُورَةَ) مما لو كان عليه في الإخراج ضرر (5) بموضعه؛ لكونه يحتاج إلى شيء يوصله إلى بلده فإنه يصبر حتى يرجع ولا يؤمر بالإخراج حينئذٍ (6).
فصلٌ [في زكاة الفطر]
(المتن)
فَصْلٌ يَجِبُ بِالسُّنَّةِ صَاعٌ أَوْ جُزْؤُهُ عَنْهُ فَضَلَ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ وَإِنْ بِتَسَلُّفٍ، وَهَلْ بِأَوَّلِ لَيلَةِ الْعِيدِ أوْ بِفَجْرِهِ؟ خِلَافٌ. مِنْ غَالِبِ الْقُوتِ مِنْ مُعَشَّرٍ، أَوْ أَقِطٍ، غَيْرَ عَلَسٍ، إِلَّا أَنْ يُقْتَاتَ غَيْرُهُ، وَعَنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يَمُونُهُ بِقَرَابَةٍ أَوْ زَوْجِيَّةٍ، وَإِنْ لِأَبٍ. وَخَادِمِهَا أَوْ رِقٍّ وَلَوْ مُكَاتَبًا وَآبِقًا رُجِيَ، وَمَبِيعًا بِمُوَاضَعَةٍ أَوْ خِيَارٍ وَمُخْدَمًا، إِلَّا لِحُرِّيَّةٍ فَعَلَى مُخْدَمِهِ، وَالْمُشْتَرَكُ وَالْمُبَعَّضُ بِقَدْرِ الْمِلْكِ، وَلا شَيْءَ عَلَى الْعَبْدِ، وَالْمُشْتَرَى فَاسِدًا عَلَى مُشْتَرِيهِ، وَنُدِبَ إِخْرَاجُهَا بَعْدَ الْفَجْرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ، وَمِنْ قُوتِهِ الأَحْسَنِ. وَغَرْبَلَةُ الْقَمْحِ إِلَّا الْغَلِثِ، وَدَفْعُهَا لِزَوَالِ فَقْرٍ، وَرِقٍّ
(1) قوله: (ثم غره) يقابله في (ن): (فغره بذلك ثم عتر عليه) انظر: الجامع، لابن يونس، ص:1288.
(2)
قوله: (عنه) ساقط من (ن 2).
(3)
قوله: (ببلده) زيادة من (ن 2).
(4)
في (ن 2): (كان).
(5)
في (ن 2): (ضرورة).
(6)
في حاشية (ز): (وزكاة الفطر أركان مخرِج ومخرج عنه ومخرج منه ومخرج فيه ومخرج به ومخرج له، والمخرج الحر المكلف، والمخرج عنه أي عن نفسه ومن يمونه، والمخرج منه أي القوت، والمخرج به أي الصاع، والمخرج له أي من تدفع له، والمخرج فيه أي يوم العيد الذي هو وقتها).
يَوْمَهُ، وَلِلإِمَامِ الْعَدْلِ. وَعَدَمُ زِيَادَةٍ.
(الشرح)
(يَجِبُ بِالسُّنَّةِ صَاعٌ) أي: لقول (1) ابن عمر: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر في (2) رمضان (3) على الناس (4). وقيل: هي واجبة بقوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} [الأعلى: 14]. وقيل: هي داخلة في آية الزكاة. والمشهور ما ذكر أنها واجبة. وقيل: سنة. وحمل الفرض في الحديث على التقدير، وروي ذلك عن مالك (5).
قوله: (صَاعٌ) المعروف من المذهب أن قدرها صاع في جميع ما تجب فيه. وقال ابن حبيب: يؤدى من البر نصف صاع (6).
قوله: (أَوْ جُزْؤُهُ عَنْهُ) إشارة إلى قول سند: إن من قدر على بعض الزكاة أخرجه على ظاهر المذهب (7)، والضمير في (عنه) عائد (8) على المكلف المفهوم من السياق؛ لأن الموجَب (9) لا بد له من مكلف يتعلق به.
قوله: (فَضَلَ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ) أي: أنها تجب على من فضل (10) عنده قوت يومه معها إن كان وحده، أو قوته وقوت عياله إن كان له عيال، وهذا هو المشهور. اللخمي: وهو موافق للمدونة (11).
(1) قوله: (أي: لقول) يقابله في (ن 2): (يشير إلى قول).
(2)
في (س) و (ن 1) و (ن 2): (من).
(3)
متفق عليه، أخرجه البخاري: 2/ 549، في باب صدقة الفطر على الحر والمملوك، من أبواب صدقة الفطر، برقم 1440، ومسلم: 2/ 677، في باب زكاة الفطر على المسلمين
…
، من كتاب الزكاة، برقم 984، ومالك: 1/ 284، في باب مكيلة زكاة الفطر، من كتاب الزكاة، برقم:626. واللفظ للبخاري.
(4)
قوله: (على الناس) زيادة من (ن 2).
(5)
انظر: النوادر والزيادات: 2/ 301.
(6)
ما وقفت عليه هو هذا القول منسوبًا لأبي حنيفة، انظر: المعونة: 1/ 260.
(7)
انظر: الذخيرة: 3/ 160.
(8)
في (ن 2): (يعود).
(9)
في (س) و (ن 1): (الوجوب).
(10)
قوله: (فضل) ساقط من (ن 2).
(11)
انظر: التبصرة، للخمي، ص:1108.
قوله: (وَإِنْ بِتَسَلُّفٍ) هكذا قال في المدونة، ولفظه: وإذا كان محتاجًا ووجد من يسلفه تسلف وأخرج (1). وقال محمد: لا يلزمه ذلك (2).
قوله: (وَهَلْ بِأَوَّلِ لَيْلَةِ الْعِيدِ أَوِ بفجرهِ (3)؟ خِلافٌ) أي: وهل يتعلق الخطاب بها (4) بأول ليلة العيد (5)، وهو غروب الشمس من آخر يوم من أيام رمضان، وهو المشهور عند ابن الحاجب (6) وجماعة من الأشياخ، أو إنما يتعلق الخطاب بها بطلوع فجر العيد، وهو المشهور عند الأبهري. ابن العربي: وهو الصحيح، وهو مروي عن مالك، وإلى هذا الاختلاف أشار بما ذكر، وقال جماعة من أصحابنا: تجب بطلوع الشمس من (7) يوم العيد (8)، وصححه ابن الجهم (9)، وقيل: تجب بغروب الشمس ليلة الفطر وجوبًا موسَّعًا آخره غروب الشمس من يوم الفطر. وعن ابن الماجشون: أنها إلى الزوال فقط؛ لأنه الوقت الذي يجوز تأخير صلاة العيد إليه.
قوله: (مِنْ غَالِبِ الْقُوتِ) أي: قوت الزكي (10) أو البلد الذي هو به، وهو مراده بقوله في المدونة: من جُلِّ عيشه (11)، ولا بد من تعلق كلامه بمحذوف، والمعنى: يُخرِج من غالب قوته أو قوت بلده (12).
قوله: (مِنْ مُعَشَّرٍ) هو متعلق أيضًا بالمحذوف المذكور، والمراد بالمعشر القمح والشعير والسُّلْت والأرز والذرة والدُّخْن والتمر والزبيب.
(1) انظر: المدونة، دار صادر: 2/ 349.
(2)
انظر: النوادر والزيادات: 2/ 304.
(3)
في (ن 1) و (ن 2): (الفجر).
(4)
قوله: (الخطاب بها) يقابله في (ن 1): (عليكم الخطاب).
(5)
قوله: (العيد) ساقط من (ن 2).
(6)
انظر: الجامع بين الأمهات: 1/ 229.
(7)
قوله: (من) زيادة من (س).
(8)
انظر: عقد الجواهر: 1/ 239.
(9)
انظر: التوضيح: 2/ 363.
(10)
قوله: (المزكي) في حاشية (ن 2): (المؤدى).
(11)
انظر: المدونة: 1/ 391.
(12)
قوله: (بلده) ساقط من (ن 2).
قوله: (أَوْ أَقِطٍ) هكذا روى ابن القاسم عن مالك أنها تخرج من الأَقِط والثمانية المذكورة (1).
قوله: (غَيْرَ عَلَسٍ) هذا هو المشهور خلافًا لابن حبيب في أنها (2) تخرج من العلس أيضًا مع ما تقدم (3).
قوله: (إِلا أَنْ يَقْتَاتَ غَيْرَهُ) أي: غير المعشَّرات والأقط كالقَطَانِي والتين والسويق واللحم واللبن، فإنه يخرج منه على المشهور، وعن مالك: أنها لا تخرج منه وإن كان قوته (4).
قوله: (وَعَنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يَمُونُهُ) هذا معطوف على قوله: (عنه) أي: يخرج زكاة الفطر عنه وعن كل مسلم يمونه، واحترز بالمسلم من الكافر فإنه لا يخرج عنه شيئًا، وقال (يمونه) لما جاء في الحديث:"أدوا (5) الزكاة عمن تمونونه (6) ".
قوله: (بِقَرَابَةٍ) أي: كالأولاد والآباء.
قوله: (أَوْ زَوْجِيَّةٍ) هو المشهور، وقال ابن أشرس (7): لا تجب عليه (8) عنها (9).
قوله: (وَإِنْ لأَبٍ) أي: وإن كانت زوجة أبيه، يريد: إذا كان الأب فقيرًا، وقاله ابن
(1) قوله: (المذكورة) ساقط من (ن 2)، وقوله:(والثمانية المذكورة) يقابله في (ن) و (ن 1): (وهي تسعة أشياء والثمانية المذكورة قبله). وانظر: النوادر والزيادات: 2/ 301.
(2)
قوله: (في أنها) يقابله في (ز): (إنما).
(3)
انظر: النوادر والزيادات: 2/ 302.
(4)
انظر: النوادر والزيادات: 2/ 303.
(5)
في (ن 2): (ودوا).
(6)
في (س) و (ن 2): (تمونون). لم أقف عليه بهذا اللفظ، وأخرج نحوه الشافعي في مسنده: 1/ 93، برقم: 4103، والدارقطني: 2/ 141، في كتاب زكاة الفطر، برقم: 12، ومن طريقه البيهقي: 4/ 161، في باب إخراج زكاة الفطر عن نفسه وغيره
…
، من كتاب الزكاة، برقم: 7474، وقال: إسناده غير قوي. ولفظه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر على الحر والعبد والذكر والأنثى ممن تمونون". قلت: جاء الحديث من طرق لا تخلو من كلام. وانظر: البدر المنير: 5/ 621 - 624، وتلخيص الحبير: 2/ 398 و 399.
(7)
في (ن 2): (ابن شاس).
(8)
قوله: (عليه) ساقط من (ن).
(9)
انظر: عقد الجواهر: 1/ 240، والتوضيح: 2/ 367.
حبيب؛ لأنها تبع للأب. وعن المغيرة: ليس عليه ذلك إلا أن تكون أمًّا له (1).
قوله: (وَخَادِمِهَا) أي: وكذلك عن خادم الزوجة، وظاهره كانت زوجته أو زوجة أبيه، وهو ظاهر، وقاله ابن حبيب وغيره، وعلى قول المغيرة لا يخرج عنها (2).
قوله: (أَوْ رِقٍّ) أي: كعبيده وإمائه ومدبَّريه (3) ومعتقيه (4) إلى أجل وأمهات أولاده.
قوله: (وَلَوْ مُكَاتَبًا) هو المشهور، وقيل: لا تجب عليه عنه (5)؛ نظرًا إلى أنه ينفق على نفسه وهما روايتان.
قوله: (وَآبِقًا رُجِيَ) لأنه بالإباق لا يَخرج عن ملكه، واحترز به من (6) غير المرجو فإنه كالعدم فلا زكاة عليه، قاله في كتاب محمد (7).
قوله: (وَمَبِيعًا بِمُوَاضَعَةٍ أَوْ خِيارٍ) أي: باع أمته على المواضعة أو عبدًا أو أمة بالخيار، قال في المدونة: ونفقتهما وزكاة فطرهما على البائع، وسواء رد العبد إلى (8) مبتاعه بالخيار أم لا؛ لأن ضمانهما منه حتى يخرج العبد والأمة (9) من الخيار والأمة من الاستبراء (10).
سند: ومن قال إن الملك ينتقل بالعقد جعل الزكاة على المشتري (11).
قوله: (وَمُخْدَمًا) أي: وكذلك تخرج الزكاة عن العبد المخدم، وسواء طالت المدة أو قصرت، وهو مذهب المدونة (12)، وقال عنه محمد: ذلك على من له الخدمة، وقال عبد
(1) انظر: النوادر والزيادات: 2/ 305.
(2)
انظر: النوادر والزيادات: 2/ 305.
(3)
في (ن 2): (ومدبره).
(4)
في (ن 2): (ومعتقه).
(5)
قوله: (عنه) ساقط من (ن 2).
(6)
قوله: (به من) يقابله في (س) و (ن 2): (عن).
(7)
انظر: النوادر والزيادات: 2/ 306.
(8)
قوله: (إلى) زيادة من (ن 2).
(9)
قوله: (والأمة) ساقط من (ن 2).
(10)
انظر: المدونة: 1/ 387.
(11)
انظر: الذخيرة: 3/ 164.
(12)
انظر: المدونة: 1/ 387.
الملك: إن طالت فهي على من له الخدمة، وإلا فهي (1) على (2) من له الرقبة (3)، نقله الباجي (4).
قوله: (إِلا لِحُرِّيَّةٍ فَعَلَى مُخْدَمِهِ) أي: كما إذا قال لعبده: اخدم فلانًا مدة كذا ثم أنت حر، فإن زكاة فطره هنا (5) على من له الخدمة؛ لأن نفقته عليه.
قوله: (وَالْمُشْتَرَكُ، وَالْمُبَعَّضُ بِقَدْرِ الْمِلْكِ) هذا كقوله في المدونة: وإذا كان عبدٌ بين رجلين أدَّى (6) كل واحد (7) منهما نصف صدقة الفطر عنه، وإن كان لأحدهما سدس فسدس الزكاة عليه، وخمسة أسداس (8) على شريكه (9)، وهذا هو المشهور، وعن مالك: أن على كل واحد منهما زكاة كاملة (10)، وقيل: على العدد فيكون على صاحب السدس نصف صاع وعلى الآخر نصف صاع، وقد أشار بقوله:(وَلَا شَيْءَ عَلَى الْعَبْدِ) إلى ما قال في المدونة: ومن له نصف عبد وباقيه حر فليؤدِّ الذي له نصف العبد (11) نصف صدقة الفطر عن حصته، وليس على العبد أن يؤدي النصف الآخر عما عتق منه (12)، وقال عبد الملك: على السيد جميع ذلك، وهو مروي عن مالك أيضًا، وقيل: يؤدي العبد بقدر ما عتق منه، ويؤدي السيد الباقي، وهو قول أشهب (13)، وقال أبو مصعب: لا شيء على السيد ولا على العبد من ذلك.
(1) قوله: (فهي) ساقط من (س).
(2)
قوله: (فهي على) يقابله في (ن 2): (فعلى).
(3)
انظر: النوادر والزيادات: 2/ 310 و 311.
(4)
انظر: المنتقى: 3/ 298.
(5)
في (س) و (ن 2): (ههنا).
(6)
في (س): (ود)، وفي (ن 2):(ودى).
(7)
قوله: (واحد) زيادة من (ن 2).
(8)
في (س): (أسداسه)، وفي (ن 2):(أسداسها).
(9)
انظر: المدونة: 1/ 385.
(10)
انظر: النوادر والزيادات: 2/ 309.
(11)
في (ن 2): (نصفه).
(12)
انظر: المدونة، دار صادر: 2/ 350.
(13)
انظر: النوادر والزيادات: 2/ 309 و 310.
قوله: (والْمُشْتَرَى فَاسِدًا عَلَى مُشْتَرِيهِ) هكذا قال في المدونة (1)، ثم قال: وسواء رده يوم الفطر أو بعده؛ لأن ضمانه كان منه حتى يرده. وعن أشهب: إن فسخ البيع بحدثان ذلك فهي على البائع، وإن فات فهي على المبتاع وإن فات بعد يوم الفطر، وعنه إن أدركه الفطر (2) ولم يفت فهي على البائع، وإلا فعلى المبتاع (3).
قوله: (وَنُدِبَ إِخْرَاجُهَا بَعْدَ الْفَجْرِ قَبْلَ الصَّلاةِ) هكذا قال ابن القاسم عن مالك، وروى أشهب: أنه عليه السلام أمر بأدائها قبل الغدو إلى الصلاة (4).
قوله: (وَمِنْ قُوتِهِ الأَحْسَنِ) يعني: أنه يستحب له أن يخرج زكاة الفطر من قوته الأعلى إذا كان يأكل الأعلى والأدنى. الأبهري: فإن كان قوته أجود من غالب قوت بلده فيستحب له أن يخرج منه، فإن أخرج من الغالب أجزأه.
قوله: (وَغَرْبَلَةُ الْقَمْحِ إِلا الْغَلِثِ) قال في المدونة: وليس غربلة القمح بواجب، وهو مستحب إلا أن يكون غَلِثًا (5)؛ أي: فتجب عليه غربلته كما أشار إليه هنا.
قوله: (وَدَفْعُهَا لِزَوَالِ فَقْرٍ وَرِقٍّ يَوْمَهُ) أي: وكذلك يستحب دفعها (6) عمن زال فقره أو رقه يوم العيد. محمد: إن عتق يوم الفطر بعد الفجر إلى الغروب وجبت على المعتِق ويستحب من العبد، وإن عتق بعد الغروب من آخر يوم من (7)
(1) انظر: المدونة: 1/ 388.
(2)
قوله: (الفطر) زيادة من (س).
(3)
انظر: النوادر والزيادات: 2/ 311 و 312.
(4)
في (س) و (ن 2): (المصلى). وانظر: المدونة: 1/ 335، والحديث متفق عليه، أخرجه البخاري: 2/ 547، في باب فرض صدقة الفطر، من أبواب صدقة الفطر، برقم: 1432، ومسلم: 2/ 679، في باب الأمر بإخراج زكاة الفطر قبل الصلاة، من كتاب الزكاة، برقم 986، ولفظه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بزكاة الفطر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة. واللفظ لمسلم.
(5)
هذا نص ما وقفت عليه في المدونة في غير هذا الباب: (ولقد سألت مالكا عن غربلة القمح في بيعته؟ فقال: هو الحق الذي لا شك فيه. فأرى أن يعمل به، والذي أجيزه من القمح بالقمح أو القمح بالشعير أن يكونا نقيين أو يكونا مشتبهين، ولا يكون أحدهما غلثًا والآخر نقيا، ولا يكونا إلا مثلًا بمثل) انظر: المدونة: 4/ 296، وأما نص المسألة التي وردت هنا فقد وجدتها في النوادر والزيادات 2/ 302، والجامع، لابن يونس، ص:1461.
(6)
قوله: (دفعها) زيادة من (س).
(7)
قوله: (من) ساقط من (ن 2).
رمضان إلى طلوع فجر يوم الفطر وجبت على العبد ويستحب من المعتِق (1)، وكذا في الفقير يستغني فإن حدث الغِنَى (2) بعد الفجر استحب له الإخراج، وإن حدث قبل ذلك وجب.
قوله: (وَللإِمَامِ الْعَدْلِ) أي: وكذا يستحب دفعها للإمام العدل خوف المحمدة والثناء، وقيل: يجب ذلك، وهو ظاهر المدونة (3)، وهو قول عبد الملك، قال:(4) وإن كان غير العدل أو عدلًا إلا أنه كان (5) يفرط في إخراجها لم تدفع إليه.
قوله: (وَعَدَمُ زِيَادَةٍ) أي: وندب عدم زيادة على الصاع للمسكين الواحد، وعن مالك: أنه له إخراج ذلك على ما يحضره بالإجتهاد (6)، وعن أبي مصعب: لا يعطى مسكين أكثر من صاع واحد (7).
(المتن)
وَإِخْرَاجُ الْمُسَافِرِ. وَجَازَ إِخْرَاجُ أَهْلِهِ عَنْهُ، وَدَفْعُ صَاعٍ لِمَسَاكِينَ وَآصُعٍ لِوَاحِدٍ، وَقُوتِهِ الأَدْوَنِ إِلَّا لِشُحٍّ، وَإِخْرَاجُهُ قَبْلَهُ بِكَالْيَوْمَيْنِ، وَهَلْ مُطْلَقًا أوْ لِمُفَرِّقٍ؟ تَأْوِيلَانِ. وَلا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ زَمَنِهَا وَإِنَّمَا تُدْفَعُ لِحُرٍّ مُسْلِمٍ فَقِيرٍ.
(الشرح)
قوله: (وَإِخْرَاجُ الْمُسَافِرِ، وَجَازَ إِخْرَاجُ أَهْلِهِ عَنْهُ) قال في المدونة: ويؤديها المسافر حيث هو وإن أداها (8) عنه أهله ببلده أجزأه (9)، فظاهره في المسألتين خلاف (10) ما هنا؛ لأن قوله:"ويؤديها المسافر" يدل (11) على أن (12) المطلوبية إما وجوبًا أو ندبًا،
(1) انظر: النوادر والزيادات: 2/ 308.
(2)
في (س) و (ن 2): (له الغناء).
(3)
انظر: المدونة: 1/ 392.
(4)
قوله: (قال) زيادة من (ن 2).
(5)
قوله: (كان) ساقط من (س).
(6)
انظر: النوادر والزيادات: 2/ 314.
(7)
قوله: (واحد) زيادة من (ن 2). وانظر: البيان والتحصيل: 2/ 483.
(8)
في (ن 2): (وداها).
(9)
انظر: المدونة: 1/ 385.
(10)
في (س): (يخالف).
(11)
قوله: (يدل) ساقط من (ن 2).
(12)
قوله: (أن) ساقط من (ن 2).
لا (1) أنه أولى كما هنا، وأيضًا فإن ظاهر المدونة في المسألة الثانية إنما هو بعد الوقوع والنزول (2)، لأنه يجوز ابتداء كما هنا.
قوله: (وَدَفْعُ صَاعٍ لِمَسَاكِينَ وَآصُعٍ لِوَاحِدٍ) قد تقدم أن الأولى عدم زيادة المسكين الواحد على الصاع، وهذا الكلام بالنسبة إلى جواز دفع أكثر من صاع لمسكين واحد ودفع صاع لجماعة مساكين.
قال في المدونة: ولا بأس أن يعطي الرجل (3) صدقة الفطر عنه وعن عياله مسكينًا واحدًا (4).
وقال (5) محمد: لو أعطى صدقة نفسه وحده مساكين لم يكن به بأس (6).
قوله: (وَقُوتِهِ (7) الأَدْوَنِ، إِلا لِشُحٍّ) أي: وكذا يجوز أن يخرج من (8) قوته الأدون؛ أي (9): إذا كان دون قوت أهل البلد؛ لضيق لحقه وعدم قدرته على اقتيات الأعلى (10)، فإن كان يفعل ذلك لشح على نفسه وعياله وهو يقدر على اقتيات الأعلى، فإنه لا يخرج إلا من غالب قوت أهل البلد.
قوله: (وَإِخْرَاجُهُ قَبْلَهُ بِكَالْيَوْمَيْنِ) أي: أنه يجوز إخراج زكاة الفطر قبل يوم العيد بيومين أو ثلاثة وهكذا في المدونة، إلا أنه قال: بيوم أو يومين (11). محمد: ويوم الفطر أحب إلينا (12)، ولابن مسلمة وابن الماجشون: لا يجزئه (13) تقديمها قبل وجوبها.
(1) في (ز): (إلا).
(2)
قوله: (والنزول) زيادة من (ن 2).
(3)
في (ن 2): (الواحد).
(4)
انظر: المدونة: 1/ 392.
(5)
في (س): (وهو قول).
(6)
انظر: النوادر والزيادات: 2/ 313.
(7)
في المطبوعة من خليل: (وَمِنْ قُوتِهِ).
(8)
قوله: (من) زيادة من (س).
(9)
قوله: (أي) ساقط من (س).
(10)
في (ن) و (ن 1) و (ز) و (س): (غيره).
(11)
انظر: المدونة: 1/ 385.
(12)
انظر: النوادر والزيادات: 2/ 313.
(13)
في (ن 2): (لا يجوز).
قوله: (وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ لِمُفَرِّقٍ؟ تَأْوِيلانِ) اختلف في قوله في المدونة: وإن أداها قبل ذلك بيوم أو يومين فلا بأس به، فهل ذلك على إطلاقه؛ أي: سواء كان ربها هو المتولي لتفرقتها (1) أو الإمام، وإليه ذهب اللخمي (2)، أو إنما ذلك إذا دفعها لمن يتولى (3) الصدقة ليفرقها على الفقراء، وإليه ذهب ابن يونس، قال: ومن حمل ذلك على ظاهره يلزمه أن يقول يجزئه (4) لو أخرجها من أول الشهر، وذلك لا يجوز؛ لأنه أخرجها قبل وجوبها.
قوله: (وَلا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ زَمَنِهَا) أي: أنه حقٌّ ترتَّب في ذمته للمساكين فلا يبطل بزوال وقته. سند: فإن أخرها عن يوم الفطر مع القدرة أثم (5).
قوله: (وَإِنَّمَا تُدْفَعُ لِحُرٍّ مُسْلِمٍ فَقِيرٍ) إنما لم تدفع للعبد؛ لأنه غني بسيده، وأما كونه مسلمًا فلأنها قربة والكافر ليس من أهل القرب، ولا تدفع أيضًا لغني لقوله عليه الصلاة والسلام:"أغنوهم عن سؤال هذا اليوم"(6)، ولقوله أيضًا:"فترد على فقرائهم"(7)؛ لأن الغني يتعين عليه الإخراج لغيره.
(1) في (ن 2): (لتفريقها).
(2)
انظر: التبصرة، للخمي، ص:1116.
(3)
في (ن 2): (يلي).
(4)
في (س) و (ن 2): (تجزئه).
(5)
انظر: الذخيرة: 3/ 158.
(6)
ضعيف: أخرجه الدارقطني: 2/ 152، في كتاب زكاة الفطر، برقم: 67، ومن طريقه البيهقي: 4/ 175، في باب وقت إخراج زكاة الفطر، من كتاب الزكاة، برقم: 7528، وابن سعد في الطبقات الكبرى: 1/ 248، وضعف إسناده النووي في المجموع: 6/ 104. ورواه ابن عساكر في تخريجه لأحاديث المهذب، بلفظ: "أغنوهم عن السؤال" ثم قال: حديث غريب جدًّا من هذا الوجه بهذا اللفظ، وليس إسناده بالقوي. انظر: البدر المنير، لابن الملقن: 5/ 621.
(7)
متفق عليه، أخرجه البخاري: 2/ 505، في باب وجوب الزكاة، من كتاب الزكاة، برقم 1331، ومسلم: 1/ 50، في باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام، من كتاب الإيمان، برقم:19.