المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في ما لا تجب فيه الزكاة] - تحبير المختصر وهو الشرح الوسط لبهرام على مختصر خليل - جـ ٢

[بهرام الدميري]

الفصل: ‌[فصل في ما لا تجب فيه الزكاة]

وقال ابن شعبان: يزكيه لماضي الأعوام (1).

[فصل في ما لا تجب فيه الزكاة]

(المتن)

وَلا زَكَاةَ فِي عَيْنٍ فَقَطْ وُرِثَتْ، إِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا أَوْ لَمْ تُوْقَفْ إِلَّا بَعْدَ حَوْلٍ بَعْدَ قَسْمِهَا أَوْ قَبْضِهَا، وَلا مُوصًى بِتَفْرِقَتِهَا، وَلا مَالِ رَقِيقٍ، وَمَدِينٍ، وَسِكَّةٍ، وَصِيَاغَةٍ، وَجَوْدَةٍ، وَحَلْي وَإِنْ تَكَسَّرَ، إِنْ لَمْ يتَهَشَّمْ، وَلَمْ يَنْوِ عَدَمَ إِصْلاحِهِ، أَوْ كَانَ لِرَجُلٍ، أَوْ كِرَاءٍ إِلاّ مُحَرَّمَ اللُّبْسِ، أَوْ مُعَدًّا لِلْعَاقِبَةٍ، أَوْ صَدَاقٍ، أَوْ مَنْوِيًّا بِهِ التجَارَةُ، وَإِنْ رُصِّعَ بِجَوْهَرٍ، وَزَكَّى الزنَةَ إِنْ نُزِعَ بِلا ضَرَرٍ، وَإِلَّا تَحَرَّى وَضُمَّ الرِّبْحُ لِأَصْلِهِ، كَغَلَّةِ مُكْتَرًى لِلتِّجَارَةِ؛ وَلَوْ رِبْحَ دَيْنٍ لا عِوَضَ لَهُ عِنْدَه وَلِمُنْفَقٍ بَعْدَ حَوْلِهِ مَعَ أَصْلِهِ وَقْتَ الشِّرَاءِ.

(الشرح)

قوله: (وَلا زَكَاةَ في عَيْنٍ فَقَطْ وُرِثَتْ، إِنْ لمْ يَعْلَمْ بِهَا أو لم تُوْقَفْ إِلا بَعْدَ حَوْلٍ بَعْدَ قَسْمِهَا وقَبْضِهَا) يريد أن من ورث مالًا ولم يعلم به ولم يوقفه الحاكم له فإنه لا زكاة عليه -ولو أقام أعوامًا- إلا بعد حول من يوم قبضه، وكذا عند ابن القاسم إذا علم به ولم يوقفه الحاكم صغيرًا كان الوارث (2) أو كبيرًا (3).

وقال المغيرة وسحنون: عليه زكاته من حين ورثه وإن لم يقبضه صغيرًا كان أو كبيرًا (4).

وقال مطرف: إن علم به ولم يقدر (5) على خلاصه زكاه لماضي الأعوام، وإن لم يعلم استقبل به حولًا (6) من يوم (7) قبضه، وعن مالك: إن علم به زكاه لماضي الأعوام، وإلا فلسنة واحدة (8).

(1) انظر: البيان والتحصيل: 2/ 374 و 375.

(2)

قوله: (الوارث) ساقط من (ن 2).

(3)

انظر: النوادر والزيادات: 2/ 123.

(4)

انظر: البيان والتحصيل: 2/ 403.

(5)

قوله: (ولم يقدر) يقابله في (ن 2): (وقدر).

(6)

قوله: (حولًا) ساقط من (ن 2).

(7)

قوله: (يوم) زيادة من (س).

(8)

انظر: النوادر والزيادات: 2/ 124 و 125.

ص: 62

واختلف إذا أوقفه له (1) الحاكم فالمشهور وهو مذهب المدونة أنه لا زكاة عليه إلا بعد حول من يوم (2) قبضه وإن كان بعيدًا (3).

وقيل: يزكيه لماضي الأعوام. اللخمي (4): لأنه ملكه بنفس الموت (5)، ونقله ابن يونس عن مطرف وابن الماجشون وأصبغ وصوبه، وقيل: إن وقفه (6) القاضي على يد عدل زكاه لعام وإلا استأنف حولًا، وقيل: إن وقفه (7) على يد عدل زكاه للأعوام كلها. حكى هذين القولين اللخمي (8).

قوله: (وَلا مُوصًى بِتَفْرِقَتِهَا) يريد: أن العين الموصى بها لتفرق على الفقراء (9) أو غيرهم لا زكاة فيها وإن حال عليها الحول في يد من قبضها ليفرقها؛ لأنها خرجت عن ملك ربها بمجرد موته ولا يخاطب بزكاتها من صارت إليه إلا بعد حول من قبضها؛ لأنها فائدة، وحكى في المقدمات في ذلك ثلاثة أقوال:

الأول: أن الزكاة ساقطة إن (10) كان يفرق على معينين أو على (11) غيرهم.

والثاني: أنها ساقطة إن كان يفرق على غير (12) معينين وإن كانوا معينين وجب في حظ كل واحد منهم الزكاة (13).

والثالث: أنها تجب في جملتها إن كان يفرق على غير معينين وفي حظ كل واحد إن

(1) قوله: (أوقفه له) يقابله في (ن 2): (وقفه).

(2)

قوله: (يوم) زيادة من (ن 2).

(3)

انظر: المدونة: 1/ 324.

(4)

قوله: (اللخمي) ساقط من (ن).

(5)

انظر: التبصرة، للخمي، ص:915.

(6)

في (س): (أوقفه).

(7)

في (ن 2): (أوقفه).

(8)

انظر: التبصرة، للخمي، ص:918.

(9)

قوله: (بها لتفرق على الفقراء) يقابله في (ن): (التفرق على المساكين).

(10)

قوله: (إن) ساقط من (ن 2).

(11)

قوله: (على) زيادة من (س).

(12)

قوله: (غير) زيادة من (س).

(13)

قوله: (وإن كانوا

واحد منهم الزكاة) يقابله في (ن 2): (وتجب في حظ كل واحد منهم إن كانوا معينين).

ص: 63

كانوا معينين (1).

قوله: (وَلا مَالِ رَقِيقٍ) يريد: لأنه لا يتصرف فيما بيده من المال التصرف التام، وقد تقدم ذلك.

قوله: (وَمَدِينٍ) يريد: كان مديانًا (2) بعين أو عرض حال أو مؤجل، وهذا في العين الحولي، وأما في (3) المعدن والماشية والحرث فلا يسقط زكاتها الدين.

قوله: (وَسِكَّةٍ، وَصِيَاغَةٍ، وجَوْدَةٍ) يريد: أنه لا عبرة بالسكة وما بعدها في وجوب الزكاة، ومراده -والله أعلم- ما قاله أهل المذهب؛ أن من عنده دون النصاب من العين، أو بجودتها، أو سكتها تساوي نصابًا، فإن النصاب لا يكمل بها قولًا واحدًا. ولا عبرة بما (4) نقله الغزالي عن مالك، لأنه غير معروف عنه، ولا عن واحد من أصحابنا (5).

قوله: (وَحَلْيٍ) يريد: أن الحلي لا زكاة فيه، يعني: أنه (6) إذا كان جائز الاتخاذ (7) يدل عليه قوله بعدُ: (إلَّا مُحَرَّمَ اللُّبْسِ) وأن يكون اتخذ للباس.

قوله: (وَإنْ تَكَسَّرَ إِنْ لَمْ يَتَهَشَّمْ (8)) قال المازري: وهو ظاهر المذهب. واشترط بعض المتأخرين في هذا أن يكون (9) التكسبر لم يبلغ به إلى (10) حد التهشم (11) وإليه أشار بقوله: (إن لم يتهشم)(12). ابن يونس: وأما لو تهشم حتى لا يستطاع إصلاحه إلا

(1) انظر: المقدمات الممهدات: 1/ 153.

(2)

في (ن 2): (مدينًا).

(3)

قوله: (في) ساقط من (س) و (ن 2).

(4)

في (ز): (غيره بها).

(5)

قوله: (ولا عند واحد من أصحابنا) زيادة من (ن 2).

(6)

قوله: (أنه) زيادة من (ن 2).

(7)

في (س): (الاتخاد).

(8)

قوله: (إِنْ لَمْ يَتَهَشَّمْ) ساقط من (ن 2).

(9)

قوله: (يكون) زيادة من (س).

(10)

قوله: (إلى) ساقط من (ن 2).

(11)

في (ن) و (ن 1) و (ز) و (س): (التهشم).

(12)

قوله: (وإليه أشار بقوله: "إن لم يتهشم") زيادة من (ن 2).

ص: 64

بعد سبكه فهذا يزكى إذا حال عليه الحول بعد كسره كالتبر، قاله بعض أصحابنا (1).

قوله: (وَلَمْ يَنْوِ عَدَمَ إِصْلاحِهِ) هو معطوف على قوله: (وإن لم يتهشم)، ومعناه: أن الحلي إذا تكسر ونوى إصلاحه أو لم ينوِ شيئًا فإنه لا زكاة عليه فيه (2)، وفي الجواهر: وإذا تكسر الحلي ولم يهشم (3)، واحتاج إلى إصلاح (4) فحبس له لم يزكَّ؛ لأنه حلي بعد (5)، ولو تهشم واحتاج إلى السبك (6)، وابتدأ العامل (7) فحال عليه الحول في أضعاف ذلك ففيه الزكاة عند بعض أصحابنا تشبيهًا (8) له بالتبر (9).

قوله: (أَوْ كَانَ لِرَجُلٍ) هو معطوف على قوله: (وإن تكسر) أي: ولا زكاة في الحلي وإن تكسر أو كان لرجل، يريد: إذا (10) اتخذه قنية لمن يجوز له لبسه من زوجة ونحوها، أما إذا اتخذه للتجارة ففيه الزكاة.

قوله: (أَوْ كِرَاءٍ) هذا هو المشهور وهو مذهب المدونة (11)، وقيل: تجب الزكاة فيه بأنه (12) معد للتنمية كحلي التجارة.

قوله: (إِلا مُحَرَّمَ اللُّبْسِ) هذا مخرج من قوله: (وحلي وإن تكسر) أي: لا زكاة فيه إلا أن يكون محرم اللبس فإن زكاته واجبة، وهذا مما لا خلاف فيه.

قوله: (أَوْ مُعَدًّا لِلْعَاقِبَةِ) يريد: أنه إذا (13) اتخذ لحاجة إن عرضت له (14)، وهذا هو

(1) انظر: الجامع، لابن يونس، ص:1143.

(2)

قوله: (لا زكاة عليه فيه) يقابله في (ن 2): (لا يزكيه).

(3)

قوله: (ولم يهشم) زيادة من (ن 2).

(4)

قوله: (واحتاج إلى إصلاح) يقابله في (ن 2): (وأراد بقاءه للإصلاح).

(5)

في (ز): (لعبد).

(6)

في (س): (السكب).

(7)

في (س) و (ن 2): (العمل).

(8)

في (ز): (شبيهًا).

(9)

انظر: عقد الجواهر: 1/ 225.

(10)

قوله: (إذا) زيادة من (س).

(11)

انظر: المدونة: 1/ 305.

(12)

في (ن 2): (لأنه).

(13)

قوله: (إذا) ساقط من (س) و (ن 2).

(14)

قوله: (له) زيادة من (ن 2).

ص: 65

المشهور وهو مذهب المدونة (1)، وقيل بسقوط (2) الزكاة في ذلك، وكذلك الحكم فيما إذا اتخذه لأن (3) يصدقه لامرأة إن تزوجها على المشهور، وإليه أشار بقوله:(أَوْ صَدَاقٍ).

وأما قوله: (أَوْ مَنْوِيًّا بِهِ التِّجَارَةُ) فمعناه أنه إذا اتخذ الحلي ونوى به التجارة فإنه تجب عليه زكاته، وحكى في المقدمات على ذلك الإجماع (4).

قوله: (وَإِنْ رُصِّعَ بِجَوْهَرٍ) يريد أن الحلي تجب زكاته وإن كان منظومًا بالجوهر أو غيره، ثم نبه بقوله:(وَزَكَّى الزِّنَةَ إِنْ نُزِعَ بِلا ضَرَرٍ وَإلا تَحَرَّى) على أن الحلي على ضربين، ضرب يمكن نزعه بلا ضرر وضرب بضرر، فالأول يزكى كل عام ما فيه من العين إن كان مقدار النصاب أو عنده من العين ما يضيفه إليه، يريد: ويزكي الجوهر الذي فيه زكاة العروض من إدارة واحتكار وغيره، والمشهور (5) في الثاني -وهو مذهب المدونة- أنه يتحرى ما فيه من النقد فيزكى تحريًا كل عام، والجوهر كما تقدم (6)، وقال في العتبية والموازية: هو جميعه كالعرض فيزكيه المحتكر بعد بيعه لعام واحد (7) ويقومه المدير كل عام، وسواء كان الحلي تبعًا أو متبوعًا (8).

وقيل: الأقل تبع (9) للأكثر، فإن كان ما فيه من الفضة أو الذهب أكثر زكاه، مثل أن يكون فيه من النقد خمسون ومائة، ومن الجوهر خمسون وإن كان بالعكس فهو كالعرض.

قوله: (وَضُمَّ الرِّبْحُ لأَصْلِهِ) هذا هو المشهور وهو مذهب المدونة (10)، وعن مالك

(1) انظر: المدونة: 1/ 305.

(2)

في (ن 2): (يسقط).

(3)

قوله: (لأن) يقابله في (ز): (لا إن).

(4)

انظر: المقدمات الممهدات: 1/ 138.

(5)

في (س): (وهو المشهور).

(6)

انظر: المدونة: 1/ 303.

(7)

قوله: (واحد) زيادة من (ن 2).

(8)

انظر: النوادر والزيادات: 2/ 117، والتوضيح: 2/ 182.

(9)

في (ن 2): (تابعًا).

(10)

انظر: المدونة: 1/ 303.

ص: 66

أنه يستأنف به حولًا كالفائدة (1)، وقيل: يضم إلى الأصل بعد الشراء لا قبله.

قوله: (كَغَلَّةِ مُكْتَرًى لِلتِّجَارَةِ) يريد: أن غلة الشيء المكترى للتجارة تضم لحول الأصل، كما يضم ربح المال إلى أصله (2)، وقاله في النوادر (3)، وقال أشهب: لا زكاة عليه فيه كغلة مشترٍ (4) للتجارة (5).

قوله: (وَلَوْ رِبْحَ دَيْنٍ لا عِوَضَ لَهُ عِنْدَهُ) يريد: أن الربح يضم لأصله ولو حصل في سلعة اشتراها بدين لا عوض له عنده، وهو قول ابن القاسم، ورواه أشهب عن مالك، وقال المغيرة: يستقبل به حولًا من يوم البيع، وعن مطرف: فإن نقد شيئًا من ماله دينارًا فأكثر أو أقل زكى الربح، وإلا استقبل (6).

قوله: (وَلمُنْفَقٍ بَعْدَ حَوْلِهِ مَعَ أَصْلِهِ وَقْتَ الشِّرَاءِ) يريد أن الربح أيضًا يضم وقت الشراء للمال المنفق بعد أن حال عليه الحول مع أصله وقت الشراء (7)، وهذا نحو قوله في المدونة: وإذا مضى لعشرة دنانير عنده (8) حول فاشترى منها سلعة بخمسة ثم أنفق الخمسة الباقية، ثم باع السلعة بعد ذلك بأيام أو سنة أو سنتين بخمسة عشر دينارًا فإنه يزكي عن عشرين، ثم قال: ولو أنفق الخمسة قبل شراء السلعة ثم اشتراها بالخمسة الباقية فباعها بخمسة عشر دينارًا (9) فلا زكاة عليه فيها حتى يبيعها بعشرين، سحنون: وقال غيره (10): عليه الزكاة أنفق قبل الشراء أو بعده (11). وقال أشهب وابن حبيب: لا زكاة عليه، أنفق قبل الشراء أو بعده حتى يبيع بعشرين (12).

(1) انظر: النوادر والزيادات: 2/ 164.

(2)

قوله: (كما يضم ربح المال إلى أصله) زيادة من (ن 2).

(3)

انظر: النوادر والزيادات: 2/ 127.

(4)

في (س) و (ن 2): (ما اشترى).

(5)

انظر: المدونة: 1/ 305.

(6)

انظر: النوادر والزيادات: 2/ 166.

(7)

قوله: (وقت الشراء) زيادة من (ن).

(8)

قوله: (عنده) ساقط من (ن).

(9)

قوله: (دينارًا) ساقط من (ز 2) و (ن) و (ن 1) و (ن 2).

(10)

في (ن 1) و (ن 2): (المغيرة).

(11)

انظر: المدونة: 1/ 303.

(12)

انظر: النوادر والزيادات: 2/ 153.

ص: 67

(المتن)

وَاسْتَقْبَلَ بِفَائِدَةٍ تَجَدَّدَتْ، لَا عَنْ مَالٍ، كَعَطِيَّةٍ أَوْ غَيْرِ مُزَكًّى، كَثَمَنِ مُقْتَنًى، وَتُضَمُّ نَاقِصَةً -وَإِنْ بَعْدَ تَمَامٍ- لِثَانِيَةٍ أَوْ ثَالِثَةٍ، إِلَّا بَعْدَ حَوْلِهَا كَامِلَةً. فَعَلَى حَوْلِهَا كَالْكَامِلَةِ أَوَّلًا، وَإِنْ نَقَصَتَا فَرَبِحَ فِيهِمَا أَوْ فِي إِحْدَاهُمَا تَمَامَ نِصَابٍ عِنْدَ حَوْلِ الأُولَى، أَوْ قَبْلَهُ؛ فَعَلَى حَوْلِهِمَا، وَفُضَّ رِبْحُهُمَا، وَبَعْدَ شَهْرٍ فَمِنْهُ، وَالثَّانِيَةُ عَلَى حَوْلِهَا وَعِنْدَ حَوْلِ الثَّانِيَةِ، أَوْ شَكَّ فِيهِ لِأَيِّهِمَا، فَمِنْهُ، كَبَعْدَهِ، وَإِنْ حَالَ حَوْلُهَا فَأَنْفَقَهَا، ثُمَّ حَالَ حَوْلُ الثَّانِيَةِ نَاقِصَةً، فَلَا زَكَاةَ. وَبِالْمُتَجَدِّدِ عَنْ سِلَعِ التِّجَارَةِ بِلَا بَيْعٍ كَغَلَّةِ عَبْدٍ وَكتَابَتِهِ وَثَمَرَةِ مُشْتَرًى، إِلَّا الْمُؤَبَّرَةَ، وَالصُّوفَ التَّامَّ.

(الشرح)

قوله: (وَاسْتَقْبَلَ بِفَائِدَةٍ) لا خلاف أعلمه أن الفائدة يستقبل بها حولًا من يوم القبض، وهو مروي عن عائشة وعلي وعثمان وابن عمر (1) وغيرهم (2).

قوله: (تَجَدَّدَتْ، لا عَنْ مَالٍ كعطية) يريد (3) كَعَطِيَّةٍ أَوْ مِيرَاثٍ أَوْ ثَمَنِ مَا تَجَدَّدَ عَنْ مَالٍ غَيْرِ مُزَكًّى كَثَمَنِ سِلْعَةِ القِنْيَةِ، واحترز بذلك عن ما يتجدد (4) من المال المزكى، كثمن سلع التجارة فإنه يزكى لحول الأصل.

قوله: (أَوْ غَيْرِ مُزَكًّى) أي: وكذلك يستقبل بالفائدة المتجددة (5) عن مال غير مزكى.

قوله: (كَثَمَنِ مُقْتَنَى) أي: كثمن عرض مقتنى.

قوله: (وَتُضَمُّ نَاقِصَةً وَإِنْ بَعْدَ تَمَامٍ لِثَانِيَةٍ أَوْ ثَالِثَةٍ) أي: تضم الفائدة الأولى حالة كونها ناقصة وإن بعد تمام حولها إلى فائدة ثانية أو ثالثة إن نقصتا (6) معًا عن نصاب.

قوله: (إِلا بَعْدَ حَوْلِهَا كَامِلَةً فَعَلَى حَوْلِهَا) يريد: أن ما تقدم من ضم إحدى الفوائد إلى ما بعدها إذا كانت الأولى دون النصاب أو هي وما بعدها دونه (7)، أو هما وما بعدهما

(1) قوله: (وابن عمر) يقابله في (ن 1): (وعمر).

(2)

انظر: المدونة: 1/ 325.

(3)

قوله: (كعطية) يريد) ساقط من (ز).

(4)

قوله: (عن ما يتجدد) يقابله في (ن 2): (مما تجدد). وقوله: (يتجدد) يقابله في (ز): (يتحدد).

(5)

في (ز): (المتحددة).

(6)

في (ن) و (ز) و (س): (وإن نقصا).

(7)

في (ن 2): ("دون النصاب". وقوله: "أو هي وما بعدها دونه") يقابله في (ن 1): (وهي وما بعدها دون النصاب).

ص: 68

دونه (1)، إنما هو إذا لم تكن الأولى قد حال حولها (2) كاملة وجرت فيها الزكاة، فأما إذا كملت وجرت فيها الزكاة ثم نقصت فإنها تبقى على حولها (3)، وكل فائدة حصلت بعدها فإنها تبقى (4) على حول نفسها كانت نصابًا أو دونه وهو المشهور، وعن ابن مسلمة، أنها تنتقل كما لو نقصت قبل تمام حولها (5).

قوله: (كَالْكَامِلَةِ أَوَّلًا) يريد: أن الأولى إذا نقصت بعد جريان الزكاة فيها فإنها (6) تبقى على حولها (7) كما لو كانت كاملة أولًا من غير نقص.

قوله: (وَإِنْ نَقَصَتَا، فَرَبِحَ فِيهِمَا أَوْ فِي إِحْدَاهُمَا تَمَامَ نِصَابٍ عِنْدَ حَوْلِ الأُولَى، أَوْ قَبْلَهُ، فَعَلَى حَوْلهِمَا) أي: وإن نقص مجموع الفائدتين عن النصاب فاتجر (8) فيهما فحصل فيهما أو في إحداهما ربح يكمل به (9) النصاب عند حول (10) الفائدة الأولى أو قبل حولها؛ أي: فإن كل مال يبقى على حوله (11).

قوله: (وَفُضَّ رِبْحُهُمَا) أي: إذا حصل في الفائدتين ربح فإنه يفض عليهما بالنسبة؛ أي: فيزكى كل ربح مع أصله.

قوله: (وَبَعْدَ شَهْرٍ فمِنْهُ والثانية على حولها (12)) يريد: أن الربح إذا حصل بعد حول الأولى بشهر فإنها تنتقل ويصير حولها منه، وتبقى الثانية على حولها كما كانت.

قوله: (وَعِنْدَ حَوْلِ الثَّانِيَةِ، أَوْ شَكَّ فِيهِ لأَيِّهِمَا، فَمِنْه كَبَعْدِهِ) أي: فإن حصل الربح

(1) قوله: (أو هما وما بعدهما دونه) زيادة من (ن 2).

(2)

في (س): (عليها).

(3)

في (ن 1) و (ن 2): (حالها).

(4)

قوله: (على حولها

بعدها فإنها تبقى) ساقط من (ز).

(5)

انظر: التوضيح: 2/ 191.

(6)

قوله: (فإنها) زيادة من (ن 2).

(7)

قوله: (وكل فائدة حصلت

تبقى على حولها) ساقط من (ن 1).

(8)

في (ن 2): (فتجر).

(9)

في (ز): (فيه).

(10)

في (س): (حلول).

(11)

قوله: (أي: فإن كل مال يبقى على حوله) يقابله في (ن 1): (فإن كان مال يبقى على حاله).

(12)

قوله: (والثانية على حولها) زيادة من (ن 1).

ص: 69

عند حول الفائدة الثانية أو بعده فمنه؛ أي: رجع حولهما معًا (1) منه، وكذا لو تجر فيهما فحصل ربح لا (2) يدري من أي الفائدتين هو، فإن الأولى تضم إلى (3) الثانية أيضًا، ويصير حولهما معًا من حول الثانية، والحاصل أن الربح إما أن يكون قد حصل عند حول الأولى أو قبله، وفي هذين تبقى كل فائدة على حولها وإما بين حولهما، وهو مراده بقوله:(وبعد شهر فمنه) أي: بعد حول الأولى بشهر وقبل حول الثانية، فإن الأولى ترجع منه والثانية على حولها، وأما عند حول الثانية أو بعده فمنه (4)، وكذا في مسألة الشك فإن الأولى تنتقل إلى الثانية كما علمت.

قوله: (وَإِنْ حَالَ حَوْلُهَا فَأَنْفَقَهَا، ثُمَّ حَالَ حَوْلُ الثَّانِيَةِ نَاقِصَةً، فَلا زَكَاةَ) أي: وإن حال حول الفائدة الأولى فأنفقها، ثم حال حول الثانية ناقصة عن النصاب فلا زكاة إذا لم يجتمعا في الملك وكل الحول، وقال أشهب: تجب الزكاة (5). لأنه إنما يجب (6) اجتماعهما في الملك وبعض الحول، واتفق على عدم الزكاة إذا كان أيضًا أنفق الثانية ولم يحل حول الأولى المنفقة، وعلى وجوبها إذا حال حول الثانية كاملة، والضياع كالإنفاق.

قوله: (وَبِالْمُتَجَدِّدِ عَنْ سِلَعِ التِّجَارَةِ بِلا بَيْعٍ كَغَلَّةِ عَبْدٍ وَكِتَابَتِهِ) هو معطوف على قوله: (واستقبل (7) بفائدة تجددت) يعني: وكذلك يستقبل بالمال المتجدد عن سلع التجارة بلا بيع يحصل في الرقاب كغلة الدور (8) والدواب (9) المشتراة للتجارة وغلة العبد المشترى كذلك وكتابته.

قوله: (وَثَمَرَةِ مُشْتَرًى) أي: مشترى للتجارة وهو المشهور، وقيل: يزكى جميع ذلك لحول الأصل كالربح، وهذا مشروط بأن لا يحصل في ذلك ما تجب فيه الزكاة في عينه.

(1) زاد في (ن 1): (إلى حول الثانية).

(2)

قوله: (فحصل ربح لا) يقابله في (ز): (ربح لما).

(3)

قوله: (إلى) ساقط من (ن 1).

(4)

قوله: (فمنه) ساقط من (ن 2).

(5)

انظر: النوادر والزيادات: 2/ 144.

(6)

في (س): (يشترط)، وفي (ن 2):(اشترط).

(7)

قوله: (واستقبل) زيادة من (ن 2).

(8)

في (س): (الدار).

(9)

قوله: (والدواب) زيادة من (ن 2).

ص: 70

قوله: (إِلا الْمؤبَّرةَ، وَالصُّوفَ التَّامَّ) يريد: أنه إذا اشترى أصولًا للتجارة وفيها ثمرة مؤبَّرة، أو اشترى غنمًا للتجارة وعليها صوف قد تم يوم عقد البيع، ثم جذ الثمرة أو جز الصوف فباعه فإنه لا يستقبل بذلك، يريد: لأنه كسلعة ثانية اشتراها للتجارة فيزكى ثمنه كالأصل. عبد الحق: وهذا على مذهب ابن القاسم، وأما على (1) قول أشهب فإنه غلة (2).

(المتن)

وَإِنِ اكْتَرَى وَزَرَعَ لِلتِّجَارَةِ زَكَّى، وَهَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْبَذْرِ لَهَا؟ تَرَدُّدٌ، لَا إِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا لِلتّجَارَةِ. وَإِنْ وَجَبَتْ زَكَاةٌ فِي عَيْنِهَا زَكَّى ثُمَّ زَكَّى الثَّمَنَ لِحَوْلِ التَّزْكِيَةِ.

(الشرح)

قوله: (وَإِنِ اكْتَرَى وَزَرَعَ لِلتِّجَارَةِ زَكَّى، وَهَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْبَذْرِ لَهَا؟ تَرَدُّدٌ) أي: إذا كان الأمران -وهما الاكتراء والزرع- للتجارة فإنه يزكي الخارج لحول الأصل إذا باعه، يريد: وكان الخارج دون النصاب بدليل قوله: (وَإِن وَجَبَتْ زَكَاةٌ فِي عَيْنِهَا زَكَّى). واختلف هل يشترط مع ذلك أن يكون البذر أيضًا للتجارة أم لا، فذهب ابن شبلون وأكثر القروين إلى اشتراط ذلك (3)، وعليه حمل ابن يونس المدونة (4)، وذهب أبو عمران إلى عدم اشتراط ذلك.

قوله: (لا إِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا لِلتِّجَارَةِ) يريد إذا كان الزرع لقوته مثلًا لا للتجارة والأرض لها أو كان الزرع للتجارة دون الأرض، فإنه يستقبل بثمن الزرع حولًا، وهذا هو المشهور، وقال أبو عمران: الحكم للأرض دون البذر والعمل، فإن كانت الأرض للقنية استقبل بالثمن حولًا وإلا زكى (5) لحول من يوم زكى عين (6) الطعام إن كان وإلا زكاه لحول ما اكترى به الأرض، وقال عبد الحميد: يفض على الأرض والبذر والعمل (7)، وقيل: الحكم في ذلك للبذر والعمل.

(1) قوله: (على) زيادة من (س).

(2)

انظر: التوضيح: 2/ 195.

(3)

انظر: التوضيح: 2/ 197.

(4)

انظر: المدونة: 1/ 310.

(5)

في (س) و (ن 2): (زكاه).

(6)

في (ز): (عن).

(7)

انظر: التوضيح: 2/ 198.

ص: 71