الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله: (لا بَيْعٌ بَعْدَهُ في دَيْنٍ) أي: فلو مات المضحي بعد الذبح وعليه دين فإن الورثة لا يبيعوا الأضحية في الدين المذكور، وقاله مالك وابن القاسم (1)، واحترز بقوله:(بعده) مما إذا مات قبل الذبح فإنها تباع في الدين. التونسي: وإذا كان للغرماء بيعها قبل ذبحها فلِمَ لا يبيعون اللحم؛ أي: لأن الميت يكون متعديًا بالذبح وقد أحاط الدين بماله فأشبه من أعتق، كذلك فإن للغرماء رد عتقه (2).
[العقيقة]
(المتن)
وَنُدِبَ ذَبْحُ وَاحِدَةٍ تُجْزِئُ ضَحِيَّةً فِي سَابعِ الْوِلادَةِ نَهَارًا، وَأُلْغِيَ يَوْمُهَا إِنْ سُبِقَ بِالْفَجْرِ، وَالتَّصَدُّقُ بِزِنَةِ شَعَرِهِ، وَجَازَ كَسْرُ عَظْمِهَا، وَكُرِهَ عَمَلُهَا وَلِيمَةً، وَلَطْخُهُ بِدَمِهَا، وَخِتَانُهُ يَوْمَهَا.
(الشرح)
قوله: (وَنُدِبَ ذَبْحُ وَاحِدَةٍ تُجْزِئُ ضَحِيَّةً فِي سَابِعِ الْوِلادَةِ نَهَارًا) لما كانت العقيقة شبيهة بالأضحية جعلها كالتتمة لها وقد فعله جماعة من المؤلفين، وبعضهم يفرد لها بابًا، وكون العقيقة مستحبة (3) هو الذي حكاه غير واحد من الأصحاب، ونقله في الجلاب (4) ولم يحك فيه ابن الحاجب خلافًا (5)، وفي المقدمات وغيرها هي سنة (6)، ونقله في البيان عن ابن حبيب (7)، وحكاه بعض الأندلسيين عن مالك، وتجزئ الواحدة سواء كان المولود ذكرًا أو أنثى خلافًا لمن يرى أنه يذبح (8) عن الذكر شاتين وعن الأنثى شاة، وشرطها كالأضحية فلا تجزئ من غير الأجناس التي تجزئ فيها من النعم.
وقال ابن شعبان: لا تجزئ من الإبل والبقر، ومثله عن مالك (9)، والمشهور الأول.
(1) انظر: المنتقى: (4/ 178).
(2)
انظر: التوضيح: 3/ 253.
(3)
قوله: (مستحبة) يقابله في (ز): (شبيهة بالأضحية).
(4)
انظر: التفريع: 1/ 307.
(5)
انظر: الجامع بين الأمهات: 1/ 331.
(6)
انظر: المقدمات الممهدات: 1/ 231.
(7)
انظر: البيان والتحصيل: 3/ 384.
(8)
في (ن 2): (يعق).
(9)
انظر: النوادر والزيادات: 4/ 333.
قوله: (في سَابِعِ الْوِلادَةِ) متعلق بندب، ولا خلاف أن وقتها سابع الولادة، وهذا إذا ولد قبل الفجر، فإن ولد بعده فلا عبرة بذلك اليوم على المشهور، وإليه أشار بقوله:(وأُلْغِيَ يَوْمُهَا، إِنْ سُبِقَ بِالْفَجْرِ) وحينئذٍ يعد من اليوم الثاني سبعة أيام، وقيل: إن ولد قبل الزوال حسب وإلا فلا، ورجع عنه مالك (1)، ولابن الماجشون أن السبعة لا تحسب إلا من غروب الشمس الآتي بعد الولادة، سواء كانت ليلًا أو نهارًا (2)، ونقل في المقدمات أن يوم الولادة يحسب إن بقيت من النهار قبل الغروب بقية (3)، وأشار (4) بقوله:(نهارًا) إلى أن العقيقة لا تذبح ليلًا بل من ضحوة النهار إلى الغروب وهو المشهور، ونص مالك على عدم الإجزاء إذا ذبحت قبل الشمس، وقال ابن الماجشون بالإجزاء إذا ذبحت بعد الفجر. ابن رشد: وهو أظهر (5).
قوله: (وَالتَّصَدُّقُ بِزِنَةِ شَعْرِهِ) أي: وندب التصدق بزنة شعر المولود ذهبًا أو فضة، وقاله في الرسالة (6) وغيرها، وفي الجلاب: وليس عليه التصدق بذلك فإن فعل فلا بأس به (7)، وفي الجواهر: أن مالكًا كرهه مرة وأجازه أخرى (8).
قوله: (وَجَازَ كَسْرُ عَظْمِهَا) يريد لأنها بمنزلة الأضحية، وقد كانت الجاهلية لا تكسر لها عظمًا فجاء الإسلام بخلافه.
قوله: (وَكُرِهَ عَمَلُهَا وَليمَةً) يريد لأنه مخالف لفعل السلف ومخافة التفاخر والمباهاة. مالك: والأمر عندنا أنها تذبح وتطبخ يوم السابع ويأكل منها أهل البيت ويطعم منها الجيران، ويسمى الصبي يوم السابع (9). ابن رشد: وكره أن يطبخ ألوانًا فيدعى
(1) انظر: النوادر والزيادات: 4/ 334.
(2)
انظر: البيان والتحصيل: 3/ 387 و 388.
(3)
انظر: المقدمات الممهدات: 1/ 232.
(4)
في (س): (وإليه أشار).
(5)
في (ن 1): (أشهر)، وفي (ن 2):(الأظهر). وانظر: البيان والتحصيل: 3/ 387.
(6)
انظر: الرسالة: لابن أبي زيد: 83.
(7)
انظر: التفريع: 1/ 309.
(8)
انظر: عقد الجواهر: 2/ 378.
(9)
انظر: البيان والتحصيل: 3/ 386.
عليها (1) الرجال؛ لئلا يدخل ذلك الفخر فتفسد النية في معنى الطاعة لله تعالى، فإن أراد ذلك صنع من غيرها ودعي عليها (2) الرجال على ما قاله في سماع أشهب (3)، وعن ابن حبيب: إباحة عملها وليمة (4).
قوله: (وَلَطْخُهُ بِدَمِهَا) يريد لقوله عليه الصلاة والسلام: "فأهريقوا عنه دمًا وأميطوا عنه الأذى"(5)، وفسر بعضهم إماطة الأذى عنه بترك ما كان يفعله الجاهلية من تلطيخ رأسه بدمها، وعن يزيد بن عبد الله عن أبيه (6) قال:"كنا في الجاهلية إذا ولد لنا الغلام ذبحنا عنه ولطخنا رأسه بدمها، ثم كنا في الإسلام إذا ولد عندنا ذبحنا عنه ولطخنا رأسه بالزعفران"(7)، قال في الرسالة: ولا بأس به (8).
قوله: (وَخِتَانُهُ يَوْمَهَا) أي: وكذلك يكره ختان المولود يوم العقيقة، وعن مالك
(1) في (ن 2): (إليها).
(2)
في (ن 2): (إليها).
(3)
انظر: البيان والتحصيل: 3/ 386.
(4)
انظر: التوضيح: 3/ 282.
(5)
أخرجه البخاري: 5/ 2082، في باب إماطة الأذى عن الصبي في العقيقة، من كتاب العقيقة، برقم:5154.
(6)
قلت: هو يزيد بن عبد الله المزني، والذي وقفت عليه من روايته قوله:"يعق عن الغلام ولا يمس رأسه بدم" قال الحافظ ابن حجر: "هذا مرسل فإن يزيد لا صحبة له"، انظر: فتح الباري: 9/ 594.
(7)
هذا اللفظ لم أقف عليه إلا من رواية عبد الله بن بريدة عن أبيه، وعائشة رضي الله عنها فأما حديث عائشة؛ فأخرجه ابن حبان: 12/ 124، في باب العقيقة، من كتاب الأطعمة، برقم: 5308، والبيهقي في الكبرى: 9/ 303، في باب لا يمس الصبي بشيء من دمها، من كتاب الضحايا، برقم: 19072، ولفظ الحديث:"عن عائشة قالت: كانوا في الجاهلية إذا عقوا عن الصبي خضبوا قطنة بدم العقيقة فإذا حلقوا رأس الصبي وضعوها على رأسه؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اجعلوا مكان الدم خلوقًا".
- وأما حديث عبد الله بن بريدة؛ فأخرجه أبو داود: 2/ 118، في كتاب العقيقة، برقم: 2843، والحاكم: 4/ 266، في كتاب الذبائح، برقم: 7594، وقال: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي، وأخرجه البيهقي في الكبرى: 9/ 302، في باب لا يمس الصبي بشيء من دمها، من كتاب الضحايا، برقم:19071. قال الحافظ ابن حجر: "هذا شاهد لحديث عائشة"، انظر: فتح الباري: 9/ 594. وقال ابن الملقن: "هذا الحديث صحيح"، انظر: البدر المنير: 9/ 342.
(8)
قوله: (به) ساقط من (ن). وانظر: الرسالة: لابن أبي زيد: 83.