الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[بابٌ في خصائص النبي صلى الله عليه وسلم
-]
(المتن)
بَابٌ خُصَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِوُجُوبِ الضُّحَى، وَالأَضْحَى، وَالتَّهَجُّدِ وَالْوِتْرِ بِحَضَرٍ، وَالسِّوَاكِ وَتَخْيِيرِ نِسَائِهِ فِيهِ، وَطَلاقِ مَرْغُوبَتِهِ، وَإِجَابَةِ الْمُصَلِّي، وَالْمُشَاوَرَةِ، وَقَضَاءِ دَيْنِ الْمَيِّتِ الْمُعْسِرِ، وَإِثْبَاتِ عَمَلِهِ، وَمُصَابَرَةِ الْعَدُوِّ الْكَثِيرِ، وَتَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ، وَحُرْمَةِ الصَّدَقَتَيْنِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ، وَأَكْلِهِ كَثُومٍ، أَوْ مُتَّكِئًا، وَإمْسَاكِ كَارِهَتِهِ، وَتَبَدُّلِ أَزْوَاجِهِ، وَنِكَاحِ الْكِتَابِيَّةِ وَالأَمَةِ، وَمَدْخُولَتِهِ لِغَيْرِهِ،
(الشرح)
(خُصَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِوُجُوبِ الضُّحَى، وَالأَضْحَى، وَالتَّهَجُّدِ) أي أنَّه عليه السلام خُصَّ عن غيره بوجوب الأضحى وصلاة الضحى والتهجد؛ أي: الصلاة في الليل، ولم يجب شيء من ذلك على غيره.
قوله: (وَالْوِتْرِ بِحَضَرٍ) احترز بذلك منه في السفر فإنَّه لا يجب عليه، نصَّ عليه القرافي (1). قوله:(وَالسِّوَاكِ) هو واضح.
قوله: (وَتَخْيِيرِ نِسَائِهِ فِيهِ) أي: فإنَّه يجب عليه صلى الله عليه وسلم أن يخيرهنَّ، بين اختيار زينة الدنيا وبين اختياره هو.
قوله: (وَطَلاقِ مَرْغُوبَتِهِ) يريد أنَّه عليه السلام إذا وقع بصرُه على امرأةٍ ورغب فيها وجب على زوجها أن يطلقها؛ لينكحها عليه السلام.
قوله: (وَإِجَابَةِ المُصَلِّي) أي: ومما خُصَّ به عليه السلام أنَّه إذا خاطب مَن هو في صلاةٍ وجب عليه إجابته (2).
(1) انظر: الذخيرة: 2/ 392.
(2)
أخرجه البخاري: 4/ 1623، في سورة فاتحة الكتاب، من كتاب التفسير، برقم: 4204، وأبو داود: 1/ 461، في باب فاتحة الكتاب، من كتاب سجود القرآن، برقم: 1458، والنسائيُّ: 2/ 139، في باب تأويل قول الله عز وجل:{وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} [الحجر: 87]، من كتاب صفة الصلاة، برقم: 913، ولفظه من حديث أبي سعيد بن المعلى: كنت أصلي في المسجد فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أجبه، فقلت: يا رسول الله، إني كنت أصلي، فقال:"ألم يقل الله: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: 24] ".
وأخرجه الترمذي من حديث أبي هريرة: 5/ 155، في باب فضل فاتحة الكتاب، من كتاب فضائل القرآن، برقم: 2875، والنسائيُّ في الكبرى: 6/ 351، في باب سورة الأنفال، من كتاب التفسير، =
قوله: (وَالمُشَاوَرَةِ) أي: وكذا يجب عليه في خاصة نفسه صلى الله عليه وسلم مشاورة ذوي الأحلام (1). يريد: في غير الشرائع.
قوله: (وَقَضَاءِ دَيْنِ المَيِّتِ المُعْسِرِ) أي: وكذا يجب عليه قضاء (2) دين من مات من المسلمين معسرًا (3) وهو واضح (4).
قوله: (وَإِثْبَاتِ عَمَلِهِ، وَمُصَابَرَةِ الْعَدُوِّ الْكَثِيرِ، وَتَغْيِيرِ المُنْكَرِ) أي: ومما يختص بوجوبه عليه صلى الله عليه وسلم أنَّه إذا عمل عملًا أثبته، وقال (5) القاضي أبو بكر (6): وكذا المكث والثبات للعدو الكثير وتغيير المنكر.
قوله: (وَحُرْمَةِ الصَّدَقَتَيْنِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ، وَأَكْلِهِ كَثُومٍ، أَوْ مُتَّكِئًا، وَإِمْسَاكِ كَارِهَتِهِ، وَتَبَدُّلِ أَزْوَاجِهِ، وَنِكَاحِ الْكِتَابِيَّةِ أَوِ الأَمَةِ) أي: ومما يختص (7) بكونه حرامًا عليه الصدقتان: الواجبة والتطوع، وفي حرمة ذلك على آله خلاف تقدَّم. ومما يحرم عليه أيضًا دون غيره أكل الثوم ونحوه من الأطعمة الكريهة الرائحة لمناجاة الملائكة، وكذا يحرم عليه الأكل متَّكئًا، وإمساك من كرهت نكاحه عليه السلام لشر سبق لها (8) وتبدل أزواجه (9)، ونكاح الكتابية والأمة كما قال.
= برقم: 11205، وأحمد: 2/ 412، برقم:9334. ولفظه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على أبي بن كعب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبي" وهو يصلي، فالتفت أبي ولم يجبه، وصلى أبي فخفف ثمَّ انصرف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليك يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وعليك السلام، ما منعك يا أبي أن تجيبني إذ دعوتك"، فقال: يا رسول الله، إني كنت في الصلاة، قال: "أفلم تجد فيما أوحي إلي {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} "، قال: بلى، ولا أعود إن شاء الله.
(1)
في (س) و (ن 1) و (ن 2): (الأرحام).
(2)
قوله: (قضاء) ساقط من (ز).
(3)
قوله: (أي: وكذا يجب. . . من المسلمين معسرًا) يقابله في (ن 1): (يريد أنَّه يجب عليه صلى الله عليه وسلم أن يقضي دين الميت المعسر من المسلمين).
(4)
قوله: (وهو واضح) زيادة من (ن).
(5)
في (ن 1) و (ن 2): (وقاله).
(6)
انظر: عقد الجواهر: 2/ 408 و 409.
(7)
في (ن 1): (يخص به).
(8)
قوله: (لشر سبق لها) زيادة من (ن).
(9)
قوله: (وإمساك من كرهت نكاحه وتبدل أزواجه) يقابله في (ن 1): (وإمساك من كرهته نكاحه عليه السلام =
وأمَّا قوله: (وَمَدْخُولَتِهِ لِغَيْرِهِ) فيشير به إلى أنَّه عليه السلام إذا نكح امرأة ودخل بها فإن نكاحها يحرم على غيره (1)؛ لأنها من أمهات المؤمنين ولا يجوز لأحد تزويجها (2).
(المتن)
وَنَزْعِ لأْمَتِهِ حَتَّى يُقَاتِلَ، وَالْمَنِّ لِيَسْتَكْثِرَ، وَخَائِنَةِ الأَعْيُنِ، وَالْحُكْمِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُحَارِبِهِ، وَرَفْعِ الصَّوْتِ عَلَيْهِ وَنِدَائِهِ مِنْ وَرَاءِ الْحُجْرَاتِ وَبِاسْمِهِ، وَإبَاحَة الْوِصَالِ وَدُخُولِ مَكَّةَ بِلَا إِحْرَامٍ وَبِقِتَالٍ، وَصَفِيِّ الْمَغْنَمِ وَالْخُمُسِ، وَيُزَوَحُ مِنْ نَفْسِهِ وَمَنْ شَاءَ، وَبِلَفْظِ الْهِبَةِ وَزَائِدٍ عَلَى أَرْبَعٍ وَبِلَا مَهْرٍ وَوَلِيٍّ وَشُهُودٍ. وبِإِحْرامٍ وَبِلَا قَسْمٍ وَيَحْكُمُ لِنَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَيَحْمِي لَهُ وَلَا يُورَثُ.
(الشرح)
قوله: (وَنَزْعِ لَأْمَتِهِ حَتَّى يُقَاتِلَ) أي: ومما يحرُم عليه دون غيره نزع لأْمَته حتى يقاتل؛ ومعنى ذلك أنَّه (3) إذا لبسها لا يخلعها حتى يفرغ من القتال.
قوله: (وَالمَنِّ لِيَسْتَكْثِرَ، وَخَائِنَةِ الأَعْيُنِ، وَالحُكْمِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُحَارِبِهِ) أي. ومما يحرم عليه (4) أيضًا أن يدفع أقل (5) ليأخذ أكثر منه، ومثل ذلك خائنة الأعين؛ وهو أن يظهر خلاف ما يضمر أو ينخدع عما يجب، والحكم بينه وبين محاربه.
قوله: (وَرَفْعِ الصَّوْتِ عَلَيْهِ وَنِدَائِهِ مِنْ وَرَاءِ الحُجُرَاتِ (6)) أي: وكذلك يحرُم رفعُ
= لشر سبق لها ومما يحرم عليه أيضًا تبدل أزواجه).
(1)
قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا} [الأحزاب: 53]. وأخرج البيهقي في الكبرى حديثًا: 7/ 69، في باب ما خص به من أن أزواجه أمهات المؤمنين وأنه يحرم نكاحهن من بعده، من كتاب النكاح، برقم:13196. ولفظه: قال رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لو قد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم لتزوجت عائشة أو أم سلمة فأنزل الله عز وجل: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا}. وقال: سليمان لم يروه عن سفيان إلا مهران. قلت: قال يحيى بن معين: كان عنده غلط كثير في حديث سفيان. الجرح والتعديل: 8/ 301. وقال البخاري: كان في حديثه اضطراب. الضعفاء، ص:130. فالحديث ضعيف.
(2)
في (ن 1): (نكاحها).
(3)
قوله: (أنَّه) ساقط من (س).
(4)
قوله: (عليه) ساقط من (ز 2).
(5)
قوله: (أقل) زيادة من (ن 1).
(6)
في (ز): (الحجرة أو باسمه).
الصوت عليه دون غيره؛ لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} [الحجرات: 2]، أي: وكذا يحرم على الغير أن يناديه من وراء الحجرة؛ لقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ. . .} الآية [الحجرات: 4].
قوله: (وَبِاسْمِهِ) أي: وكذا يحرم على الغير أن يناديه باسمه (1)، وإنما كانت الصحابة رضي الله عنهم ينادونه: يا رسول الله.
قوله: (وَإِبَاحَةِ الْوِصَالِ، وَدُخُولِ مَكَّةَ بِلا إِحْرَامٍ وَبِقِتَالٍ) أي: ومما يختص به (2) عليه السلام بإباحته له دون غيره الوصال (3)؛ لقوله: "إني لست كأحدكم؛ إني أبيتُ عند ربي يطعمني ويسقيني"(4)، وكذلك دخوله مكة غير محرم (5) ودخولها بقتال (6).
(1) قوله: (باسمه) ساقط من (ز).
(2)
قوله: (به) زيادة من (ز 2).
(3)
قوله: (بإباحته له دون غيره الوصال) يقابله في (ن 1): (إباحة الوصال دون غيره).
(4)
متفق عليه، أخرجه البخاري: 6/ 2661، في باب ما يكره من التعمق والتنازع في العلم والغلو في الدين والبدع، من كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، برقم 6869، ومسلم: 2/ 774، في باب النهي عن الوصال في الصوم، من كتاب الصيام، برقم 1103، ومالك: 1/ 301، في باب النهي عن الوصال في الصيام، من كتاب الصيام، برقم:668. ولفظه: "إياكم والوصال، إياكم والوصال"، قالوا: فإنك تواصل يا رسول الله، قال: "إني لست كهيئتكم، إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني". واللفظ لمالك.
(5)
أخرجه مسلم: 2/ 990، في باب جواز دخول مكة بغير إحرام، من كتاب الحج، برقم: 1358، وأبو داود: 2/ 462، في باب في العمائم، من كتاب اللباس، برقم: 4076، والترمذي: 4/ 225، في باب العمامة السوداء، من كتاب اللباس، برقم: 1735، والنسائي: 5/ 201، في باب دخول مكة بغير إحرام، من كتاب مناسك الحج، برقم: 2869، وابن ماجه: 2/ 942، في باب لبس العمائم في الحرب، من كتاب الجهاد، برقم:2822. ولفظه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل يوم فتح مكة وعليه عمامة سوداء بغير إحرام.
وبلفظ: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة يوم الفتح على رأسه المغفر، فلما نزعه جاءه رجل فقال: ابن خطل متعلق بأستار الكعبة، فقال:"اقتله". قال مالك لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم فيما نرى - والله أعلم - يومئذ محرمًا، وهذا اللفظ متفق عليه، أخرجه البخاري: 4/ 1561، في باب أين ركز النبي صلى الله عليه وسلم الراية يوم الفتح، من كتاب المغازي، برقم 4035، ومسلم: 2/ 989، في باب جواز دخول مكة بغير إحرام، من كتاب الحج، برقم 1357، ومالك: 1/ 423، في باب جامع الحج، من كتاب الحج، برقم:946.
(6)
متفق عليه، أخرجه البخاري: 1/ 53، في باب كتابة العلم، من كتاب العلم، برقم 112، ومسلم =
قوله: (وَصَفِيِّ المَغْنَمِ وَالخُمْسِ) يقال: صفيه وصفاؤه (1)، الجوهري: وهو ما يختار منه قبل قسمه (2)، والمعنى أنَّه يباح له عليه السلام دون غيره (3) أن يأخذ (4) من المغنم ما يختاره (5) لينفق منه على أهله وعياله، وكذلك يباح له الاستبداد (6) بالخمس أو خمس الخمس دون غيره (7).
قوله: (وَيُزَوِّجُ مِنْ نَفْسِهِ وَمَنْ شَاءَ، وَبِلَفْظِ الْهِبَةِ، وَزَائِدٍ عَلَى أَرْبَعٍ، وَبِلا مَهْرٍ، وَوَلِيٍّ، وَشُهُودٍ وَبِإِحْرَامٍ، وَبِلا قَسْمٍ) أي: ومما يباح له عليه السلام دون غيره أن يتزوج نفسه ومن شاء نكاحها (8).
= 2/ 988، في باب تحريم مكة وصيدها وخلاها وشجرها. . .، من كتاب الحج، برقم 1355. ولفظ الحديث: لما فتح الله عز وجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة قام في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: "إن الله حبس عن مكة الفيل، وسلط عليها رسولها والمؤمنين، وإنها لن تحل لأحد كان قبلي، وإنها أحلت لي ساعة من نهار".
(1)
قوله: (صفيه وصفاؤه) يقابله في (ن 1): (صفيته وصفاه).
(2)
انظر: الصحاح: 6/ 2401 و 2402.
(3)
قوله: (دون غيره) زيادة من (ن 1).
(4)
في (ن 1): (يختار).
(5)
الصفي: شيء كان يصطفيه صلى الله عليه وسلم لنفسه من الغنيمة مثل درع أو سيف أو جارية. انظر: الدراية في تخريج أحاديث الهداية، لابن حجر: 2/ 126.
- وقد اصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية بنت حُيَيٍّ من المغنم ثمَّ أعتقها وتزوجها: متفق عليه، أخرجه البخاري: 1/ 145، في باب ما يذكر في الفخذ، من أبواب الصلاة في الثياب، برقم 364، ومسلم: 2/ 1042، في باب فضيلة إعتاق أَمَة ثمَّ يتزوجها، من كتاب النكاح، برقم 1365، وكذلك اصطفى صلى الله عليه وسلم سيفه ذا الفَقَار من المغنم: حسن، أخرجه الترمذي: 4/ 130، في باب في النقل، من كتاب السير، برقم: 1561، وقال: هذا حديث حسن غريب، وابن ماجه: 2/ 939، في باب السلاح، من كتاب الجهاد، برقم: 2808، وأحمد: 1/ 271، برقم:2445.
(6)
قوله: (منه قبل قسمه، والمعنى. . . وكذلك يباح له الاستبداد) ساقط من (ن)
(7)
قوله: (دون غيره) زيادة من (ن 2). أخرجه مرسلًا النسائي: 7/ 133، في كتاب قسم الفيء، برقم: 4144، وعبد الرزاق في مصنفه. 5/ 240، برقم: 9486، والطبراني في الكبير: 12/ 150، برقم: 12729، والبيهقيُّ في الكبرى: 6/ 338، برقم:12719.
(8)
متفق عليه، أخرجه البخاري: 4/ 1797، في باب سورة الأحزاب، من كتاب التفسير، برقم 4510، ومسلم: 2/ 1085، في باب جواز هبتها نَوْبَتَها لضرتها، من كتاب الرضاع، برقم 1464 =
القاضي أبو بكر: ومن المباحات له (1): الزيادة على أربع نسوة، وينعقد نكاحه بالهبة أي (2): بلفظ الهبة منها، وبغير مهر، وبغير ولي، وبغير صداق، وفي حالة الإحرام (3). يريد: وبلا شهود، ولا يجب عليه القسم بين زوجاته، بل يباح له تفضيل بعضهن على بعض في المبيت والنفقة.
قوله: (وَيَحْكُمُ لِنَفْسِهِ وَوَلَدِهِ (4)، وَيَحْمِي (5) لَهُ) أي: ومما يختص بإباحته عليه السلام أن يحكم له ولولده ويحمي (6) له (7) للأمن مما يخشى فيه حكم الشخص لنفسه؛ إذ لا فرق عنده بين الحكم لنفسه والحكم لغيره (8)؛ بخلاف غيره، بل ربما ترك بعض حقه الذي يختص به.
قوله: (وَلا يُورَثُ) أي: فيباح له أن يوصي بجميع ماله للفقراء ويمضي ذلك بعد موته (9)؛ وغيره (10) لا يمضي مما أوصى به إلا الثلث بعد موته، والله أعلم.
= ولفظه عن عائشة رضي الله عنها: كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأقول: أتهب المرأة نفسها؟ ! فلما أنزل الله تعالى: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ} [الأحزاب: 51]. قلت: ما أرى ربك إلا يسارع في هواك.
(1)
قوله: (له) ساقط من (ز).
(2)
قوله: (بالهبة أي) زيادة من (ن 1)، وفي (ن 2):(بلفظ الهبة).
(3)
انظر: عقد الجواهر: 2/ 408.
(4)
في (ن 1): (ولولده).
(5)
في (ن 1): (ويحصي).
(6)
في (ن 1): (ويحكم).
(7)
قوله: (له) ساقط من (س).
(8)
قوله: (والحكم لغيره) يقابله في (ن 1): (أو لغيره).
(9)
متفق عليه، أخرجه البخاري: 6/ 2475، في باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:"لا نورث ما تركناه صدقة"، من كتاب الفرائض، برقم: 6349، ومسلم: 3/ 1379، في باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:"لا نورث ما تركناه فهو صدقة"، من كتاب الجهاد والسير، برقم:1758. ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا نورث ما تركنا فهو صدقة".
(10)
في (ن 1) و (ن 2): (بخلاف غيره فإنَّه).
بابٌ (1)[في النكاح]
(المتن)
بَابٌ نُدِبَ لِمُحْتَاجٍ ذِي أُهْبَةٍ نِكَاحُ بِكْرٍ وَنَظَرُ وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا فَقَطْ بعلْمٍ، وَحَلَّ لَهُمَا حَتَّى نَظَرُ الْفَرْجِ كَالْمِلْكِ، وَتَمَتُّعٌ بِغَيْرِ دُبُرٍ، وَخُطْبَةٌ بِخِطْبَةٍ وَعَقْدٍ، وتقْليلْها، وَإِعْلانُهُ، وَتَهْنِئَتُهُ، وَالدُّعَاءُ لَهُ، وَإِشْهَادُ عَدْلَيْنِ غَيْرِ الْوَلِيِّ بِعَقْدِهِ،
(الشرح)
قوله: (نُدِبَ لِمُحْتَاجٍ ذِي أُهْبَةٍ نِكَاحُ بِكْرٍ) يعني أن نكاح البكر مندوبٌ لمن تاقتْ (2) نفسه إليه إذا كان مستطيعًا. يريد: ولم يخشَ العنت (3).
أبو محمَّد: وقد حضَّ عليه السلام على نكاح الأبكار وقال: "فَإِنَّهُنَّ أَطْيَبُ أَفْوَاهًا وَأَنْتَقُ أَرْحَامًا وَأَطْيَبُ أَخْلاقًا"(4). ومعنى "أنتق" أي: أقبل للولد.
قوله: (وَنَظَرُ وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا فَقَطْ بِعِلْمٍ) قال القاضي أبو بكر: ولينظر إلى المخطوبة قبل العقد، ثمَّ قال: ولا ينظر إلا إلى وجهها وكفيها، وإليه أشار بقوله:(فقط)، ويحتاج في رواية ابن القاسم إلى (5) إذنها، وكره فيها أن يستغفلها (6)، ولهذا قال:(بعلمٍ) أي: لا ينظر إليها إلا بعلمٍ منها.
قوله: (وَحَلَّ لهمَا حَتَّى نَظَرُ الْفَرْجِ كَالْمِلْكِ) يريد: أن كلًّا من الزوجين يجوز له أن ينظر جميع الآخر حتى الفرج، وكذلك الرجل مع أَمَته وهي معه، وهو المراد بالملك.
قوله: (وَتَمَتُّعٌ بِغَيْرِ دُبُرٍ) أي: ويجوز لكل من الزوجين، وكذلك السيد في أمته أن
(1) في (ن 2): (باب).
(2)
في (ن 2): (قامت).
(3)
في (ن): (العنة).
(4)
انظر: النوادر والزيادات: 4/ 387. والحديث مرسل، أخرجه عبد الرزاق: 6/ 159، في باب نكاح الأبكار والمرأة العقيم، من كتاب النكاح، برقم: 10342، وابن أبي شيبة: 4/ 52، في باب ما قالوا في تزويج الأبكار وما ذكر في ذلك، من كتاب النكاح، برقم: 17696، وسعيد بن منصور: 1/ 144، برقم: 513 و 514. ثلاثتهم عن مكحول مرسلًا. ولفظه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "انكحوا الجواري الأبكار؛ فإنهن أطيب أفواهًا، وأنظف أرحامًا، وأغر أخلاقًا"، وفي لفظ:"أصح أرحامًا"، وفي لفظ:"أفتح أرحامًا".
(5)
قوله: (إلى) ساقط من (ن).
(6)
انظر: البيان والتحصيل: 4/ 304.
يستمتع بالآخر بكل وجه من وجوه الاستمتاع ما عدا الوطء في الدُّبر فإنَّه لا يحل (1)، ونسب لمالك تحليله في كتاب السر (2)، وهو مجهول عند الأشياخ لا يعرف (3)، وحاشا أن يكون له كتاب سر لما عُلِم من دينه وأمانته وورعه (4)، وبعضهم يثبته رواية عن مالك وليس بظاهر.
قوله: (وَخُطْبَةٌ بِخِطْبَةٍ وَعَقْدٍ) أي: ومما يندب أيضًا الخُطْبة بضم الخاء عند الخِطْبة بالكسر وعند العقد، وقاله في الجواهر (5) وغيرها (6)، ونصَّ مالك في كتاب محمَّد على أنها مستحبة، قال: وهي من الأمر القديم (7)، وليست بواجبة عند جمهور الفقهاء خلافًا لداود (8). وصفةُ الخطبة عند استدعاء النكاح أن يحمد الله ويثني عليه ويصلي على نبيه عليه أفضل الصلاة والسلام كما في الصلاة (9)، ثمَّ يقول ما رواه الترمذي:" {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102]، {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1]، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ. . .} [الأحزاب: 70 - 71] "(10)، ثمَّ
(1) قوله: (لا يحل) يقابله في (ن) و (ن 2): (لا يجوز).
(2)
انظر: عقد الجواهر: 2/ 462.
(3)
قوله: (لا يعرف) زيادة من (س).
(4)
قال الأبهري: "وقد سمعت من يذكر أن لمالك بن أنس كِتَابَ سِرٍّ؛ وكان مالك أتقى لله عز وجل وأجل وأعظم شأنًا من أن يتقي في دينه أحدًا أو يراعيه وكان مشهورًا بهذه الحال وأنه لا يتقي من سلطان ولا غيره، وقد نظرت في غير نسخة من كتاب السر؛ فوجدتها تنقض بعضها بعضًا ولو سمع مالك إنسانًا يتكلم ببعض ما فيه لأوجعه ضربًا، وقد حدثني موسى بن إسماعيل القاضي قال: سمعت عبد الله بن أحمد الطيالسي يقول: سألت إسماعيل بن إسحاق عن كتاب السر لمالك بن أنس، فقال: سألت أبا ثابت محمَّد بن عبيد الله المدني صاحب ابن القاسم هل لمالك كتاب سر؟ فقال: سألت ابن القاسم عن ذلك فقال: ما نعرف لمالك كتاب سر. انظر: شرح الأبهري على جامع ابن عبد الحكم، ص:175.
(5)
انظر: عقد الجواهر: 2/ 411.
(6)
قوله: (وغيرها) ساقط من (ن) و (ن 2).
(7)
انظر: المنتقى: 5/ 3، والنوادر والزيادات: 4/ 390، ونسبه في النوادر للواضحة.
(8)
في (ن 2): (للداودي).
(9)
قوله: (كما في الصلاة) زيادة من (ن 2).
(10)
صحيح، أخرجه أبو داود: 1/ 644، في باب في خطبة النكاح، من كتاب النكاح، برقم: 2118، =
يقول (1): أمَّا بعد؛ فإن فلانًا رغب فيكم وانطوى إليكم وفرض لكم من الصداق كذا وكذا فأنكحوه، وأما عند العقد فيقول بعد (2) قوله:{اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} [الأحزاب: 70](3) زوجتك فلانة (4) بنتي (5) أو أختي أو ابنة فلان أو أنكحتكها (6) أو نحوه.
قوله: (وَتَقْلِيلُهَا) أي: ومما يندب تقليل الخطبة، هكذا نصَّ عليه مالك في الموازية والنوادر وغيرهما (7)، قال مالك: هي في النكاح مستحبة، وما قلَّ منها أفضل (8).
قوله: (وَإِعْلانُهُ) أي: ومما يستحب إعلان النكاح؛ لقوله عليه السلام: "أَعْلِنُوا النِّكَاحَ وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالغربال"(9).
قوله: (وَتَهْنِئَتُهُ وَالدُّعَاءُ لَهُ) أي: تهنئة العروس والدعاء له عقيب العقد أو الدخول، والمستحب (10) أن يقال له (11):"بَارَكَ الله لَكَ وَبَارَكَ عَلَيكَ وَجَمَعَ بَيْنكُمَا فِي خَيْرٍ"(12)،
= والترمذي: 3/ 413، في باب خطبة النكاح، من كتاب النكاح، برقم: 1105 وصححه، والنسائيُّ: 3/ 104، في باب كيفية الخطبة، من كتاب الجمعة، برقم: 1404، وابن ماجه: 1/ 609، في باب خطبة النكاح، من كتاب النكاح، برقم:1892. قال ابن الملقن: هذا الحديث صحيح. انظر: البدر المنير: 7/ 531.
(1)
قوله: (ثمَّ يقول) ساقط من (ن).
(2)
في (ز): (عند).
(3)
قوله: (ثمَّ يقول: . . . وقولوا قولًا سديدًا) زيادة من (س).
(4)
قوله: (فلانة) زيادة من (س).
(5)
قوله: (زوجتك فلانة بنتي) يقابله في (ن): (أنكحتك بنتي فلانة).
(6)
في (ن): (أو زوجتكها).
(7)
في (ن): (وغيرها).
(8)
انظر: النوادر والزيادات: 4/ 390.
(9)
ضعيف، أخرجه الترمذي: 3/ 398، في باب إعلان النكاح، من كتاب النكاح، برقم: 1089، وابن ماجه: 1/ 611، في باب إعلان النكاح، من كتاب النكاح، برقم:1895. واللفظ له. وقال البوصيري في مصباح الزجاجة: "في إسناده خالد بن إلياس، اتفقوا على ضعفه، بل نسبه ابن حبان والحاكم وأبو سعيد النقاش إلى الوضع". وانظر تفصيل ذلك في البدر المنير: 9/ 643، وما بعدها.
(10)
في (ن): (واستحب).
(11)
قوله: (له) ساقط من (ن).
(12)
صحيح، أخرجه أبو داود: 1/ 647، في باب ما يقال للمتزوج، من كتاب النكاح، برقم: 2130، والترمذي: 3/ 400، في باب فيما يقال للمتزوج، من كتاب النكاح، برقم: 1091، وقال: حديث =
وقد ورد ذلك في الحديث. ابن حبيب: ويقال له: بالرِّفاء والبنين (1)، بارك اللهُ لك (2).
قوله: (وَإِشْهَادُ عَدْلَيْنِ) يريد: عند عقد النكاح كما قال (3) آخِرًا (4)، وإلا فلا بدَّ من ذلك قبل الدخول.
قوله: (غَيْرِ الْوَلِيِّ) أي: لأنه لا تفيد شهادته بالتزويج لاتهامه على إرادته الستر على وليته.
قوله: (بِعَقْدِهِ) متعلق بقوله: (وإشهاد)، والضمير فيه (5) عائد على النكاح، والباء فيه بمعنى (عند) كما تقدم.
(المتن)
وَفُسِخَ إِنْ دَخَلَا بِلاهُ. وَلَا حَدَّ إِنْ فَشَا وَلَوْ عَلِمَ. وَحَرُمَ خِطْبَةُ رَاكِنَةٍ لِغَيْرِ فَاسِقٍ وَلَوْ لَمْ يُقَدَّرْ صَدَاقٌ. وَفُسِخَ إِنْ لَمْ يَبْنِ وَصَرِيحُ خِطْبَةِ مُعْتَدَّةٍ وَمُوَاعَدَتُهَا كَوَلِيِّهَا كَمُسْتَبْرَأَةٍ مِنْ زِنًى، وَتَأَبَّدَ تَحْرِيمُهَا بِوَطْءٍ وَإِنْ بِشُبْهَةٍ وَلَوْ بَعْدَهَا وَبِمُقَدِّمَتِهِ فِيهَا أَوْ بِمِلْكٍ كَعَكْسِهِ، لَا بِعَقْدٍ أَوْ بِزِنًى أَوْ بِمِلْكٍ عَنْ مِلْكٍ أَوْ مَبْتُوتَةٍ قَبْلَ زَوْجٍ كَالْمُحَرَّمِ، وَجَازَ تَعْرِيضٌ كَفِيكِ رَاغِبٌ. وَالإِهْدَاءُ، وَتَفْوِيضُ الْوَلِيِّ الْعَقْدَ لِفَاضِلٍ، وَذِكْرُ الْمَسَاوِئ، وَكُرِهَ عِدَةٌ مِنْ أَحَدِهِمَا. وَتَزْوِيجُ زَانِيَةٍ أَوْ مُصَرَّحٍ لَهَا بَعْدَهَا. وَنُدِبَ فِرَاقُهَا. وَعَرْضُ رَاكِنَةٍ لِغَيْرٍ عَلَيْهِ.
(الشرح)
قوله. (وَفُسِخَ إِنْ دَخَلا بِلَاهُ (6)) أي: فإن دخلا بلا إشهاد فسخ النكاح.
= حسن صحيح، وابن ماجه: 1/ 614، في باب تهنئة النكاح، من كتاب النكاح، برقم: 1905، وأحمد: 2/ 381، برقم: 8943، والدارميُّ: 2/ 180، في باب إذا تزوج الرجل ما يقال له، من كتاب: النكاح، برقم:2174. قال ابن الملقن: هذا الحديث صحيح. انظر البدر المنير: 7/ 534.
(1)
في (ن): (واللين).
(2)
انظر: النوادر والزيادات: 4/ 392. قال الحطاب: "وذكر النوويّ في الأذكار أنَّه يكره أن يقال بالرِّفاء والبنين. ولم أر كراهته لأحد من المالكية والرِّفاء بكسر الراء والمد: الالتئام والاتفاق. انظر: المواهب: 5/ 27.
(3)
زاد هنا في (ن 2): (يريد حُرَّين).
(4)
في (ن): (حرين).
(5)
قوله: (فيه) ساقط من (ن).
(6)
في (ن): (بلا هو).
قوله: (ولا حَدَّ إِنْ فَشَا ولَوْ عَلِمَ) لا خلاف في عدم حدّ الزوجين إذا كان النكاح فاشيًا وكانا جاهلين، ولا في ثبوته إذا لم يكن فاشيًا ولم يعذرا بجهل، واختلف إذا انتفى أحد الأمرين، فنص هنا على أنهما لا يحدان إذا كان فاشيًا ولو كانا عالمين، ونحوه في المقدمات (1)، والواضحة، وقاله ابن الماجشون وأصبغ، ولابن القاسم: إذا لم يعذرا بالجهالة فإنهما يحدان، وإن كان أمرهما فاشيًا (2).
قوله: (وَحَرُمَ خِطْبَةُ رَاكِنَةٍ) هذا لقوله عليه السلام: "لَا يَخْطُبُ أَحَدُكُم عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ"(3).
مالك: وتفسير ذلك فيما نرى (4) أن يخطب الرجل المرأة فتركن إليه ويتفقان (5) على صداق وقد تراضيا، فتلك التي نهي أن يخطبها الرجل على خطبة أخيه، ولم يعنِ (6) بذلك إذا خطب الرجل المرأة ولم يوافقها أمره ولم تركن إليه ألا يخطبها (7) أحد، فهذا باب فساد يدخل على الناس (8)، ولهذا قال:(راكنة).
قوله: (لِغَيْرِ فَاسِقٍ) احترازًا (9) مما إذا ركنت لفاسق فإن خطبتها لا تحرم، ولهذا قال ابن القاسم: ومعنى النهي في رجلين صالحين، فأما إن ركنت إلى فاسق فينبغي للولي أن يحضها على تزويج الصالح (10) الذي يعلمها الخير ويعينها عليه (11). وحكي عن (12) بعض الأشياخ: إباحة خطبة الراكنة للفاسق.
(1) انظر: المقدمات الممهدات: 1/ 251.
(2)
انظر: النوادر والزيادات: 4/ 567.
(3)
متفق عليه، أخرجه البخاري: 2/ 752، في باب لا يبيع على بيع أخيه. . .، من كتاب البيوع، برقم 2033، ومسلم: 2/ 1028، في باب تحريم الجمع بين المرأة وعمتها. . .، من كتاب النكاح، برقم 1408، ومالك: 2/ 523، في باب ما جاء في الخطبة، من كتاب النكاح، برقم:1089.
(4)
في (ز) و (ز 2) و (س): (يرى)، وفي (ن 2):(نزل).
(5)
في (ن): (ويتقاربان).
(6)
في (ن 2): (يفسر)، وفي (ن):(يريد).
(7)
في (ن): (يخاطبها).
(8)
انظر: الموطأ: 2/ 523.
(9)
قوله: (احترازًا) ساقط من (ن 2).
(10)
قوله: (يحضها على تزويج الصالح) يقابله في (ن 2): (يخطبها لعلها تتزوج الصالح).
(11)
انظر: النوادر والزيادات: 4/ 391.
(12)
في (س): (عنه).
قوله: (وَلَوْ لَمْ يُقَدَّرْ صَدَاقٌ) هكذا روي عن ابن القاسم وابن وهب وابن عبد الحكم ومطرف وابن الماجشون، قالوا: لأنَّ الصداق ليس شرطًا في صحة النكاح؛ إذ ينعقد بغير تسميته في نكاح التفويض، وشهر ذلك غير واحد من أصحابنا، ولابن نافع مثل ما في الموطأ أن له أن يخطب ما لم يتفقا على صداق (1).
قولهْ (وَفُسِخَ إِنْ لَمْ يَبْنِ) أي: فإن خطب وعقد (2) ولم يدخلْ فُسِخَ، وهو المشهور عن مالك (3)، فإن دخل مضى النكاحُ وبئس ما صَنَعَ. ابن زرقون: وعنه أنَّه يفسخ على كل حال، وعنه أنَّه لا يفسخ أصلًا وإن كان عاصيًا (4). ابن القاسم: ويؤدب من خطب على خطبة أخيه، حكاه في النوادر والعتبية (5).
قوله: (وَصَرِيحُ خِطْبَةِ مُعْتَدَّةٍ) أي: وكذا (6) يحرُم التصريح بخطبة المرأة المعتدة، ونصَّ عليه غير واحد؛ لأنَّ الله تعالى لما خصص التعريض بعدم الجناح وجب أن يكون التصريح بخلافه، والتصريح هو التنصيص على النكاح والإفصاح بذكره.
قوله: (وَمُوَاعَدَتُهَا) أي: وكذا يحرُم عليه (7) مواعدة المعتدة بالنكاح. يريد: للنهي عن ذلك في قوله تعالى: {وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} [البقرة: 235] وذلك أن يعد كل واحد (8) منهما صاحبه بالتزويج، فهي مفاعلة لا تكون إلا بين اثنين، فإن لم يحصل (9) منهما معًا بل وعد أحدهما صاحبه بذلك دون أن يعده صاحبه فإنما يكره ذلك فقط، نصَّ عليه في المقدمات (10). ابن حبيب: ولا يجوز أن يواعد وليَّها بغير (11) عليها وإن
(1) انظر: الموطأ: 2/ 523، والنوادر والزيادات: 4/ 391.
(2)
قوله: (وعقد) زيادة من (ن 2).
(3)
انظر: التمهيد: 13/ 23.
(4)
في (ن): (غاصبا).
(5)
انظر: النوادر والزيادات: 6/ 442، والبيان والتحصيل: 4/ 453.
(6)
في (ن): (وهكذا).
(7)
قوله: (يحرُم عليه) يقابله في (ن): (تحرم).
(8)
قوله: (واحد) زيادة من (س).
(9)
في (ن): (تحل).
(10)
انظر: المقدمات الممهدات: 1/ 274.
(11)
في (ن) و (ن 2): (بعد).
كانت تملك أمرها (1)، وإليه أشار بقوله:(كَوَلِيِّهَا) لكن ينبغي أن يقيد كلام الشيخ هنا بالولي المجبِر كالسيد وب أمته، والأب في ابنته البكر، فقد نصَّ ابن المواز وغيره على أن مواعدة غير المجبر مكروهة (2)، وحكم المستبرأة من الزنى في حرمة التصريح بخطبتها أو مواعدتها أو وليّها حكم (3) المعتدة، وإليه أشار بقوله:(كَمُسْتَبْرَأَةٍ مِنْ زِنًى). وأشار بقوله: (وَتَأَبَّدَ تَحْرِيمُهَا بِوَطْءٍ)(4) إلى أنَّ الخطبة إذا وقعت أو (5) المواعدة في العدة وتزوجها ولم يعثر (6) على ذلك حتى وطئ؛ فإن المرأة يتأبد تحريمُها عليه، وهي رواية عيسى عن ابن القاسم، وروى أشهب عن مالك أنها لا تحرم عليه (7).
قوله: (وَإِنْ بِشُبْهَةٍ) أي: بشبهة نكاح. ابن الحاجب: والمعتدة من نكاح أو شبهة إن وطئت بنكاح أو شبهة حرمت عليه للأبد على المشهور؛ لقضاء عمر من غير مخالف (8).
قوله: (وَلَوْ بَعْدَهَا) أي: وكذلك يتأبد التحريم وإن لم يطأ إلا بعد انقضاء العدة، وهكذا روى أشهب في المدونة عن مالك، وروى عنه (9) ابن وهب فيها عدم التأبيد (10).
قوله: (وَبِمُقَدِّمَتِهِ (11) فِيهَا) أي: وكذلك يتأبد التحريم (12) إن قَبَّل أو باشر في العدة، وقاله في المدونة (13)، وروى عيسى عن ابن القاسم أنها لا تحرم بذلك (14).
(1) انظر: المنتقى: 5/ 7.
(2)
انظر: النوادر والزيادات: 4/ 574.
(3)
في (ن): (كحكم).
(4)
زاد بعده في (ن): (يشير).
(5)
قوله: (أو) ساقط من (ن).
(6)
في (ز 2) و (س): (يعتبر).
(7)
انظر: البيان والتحصيل: 4/ 371 و 372 و 439.
(8)
انظر: الجامع بين الأمهات، ص:386.
(9)
قوله: (وروى عنه) يقابله في (ن): (وزاد).
(10)
انظر: المدونة: 2/ 21.
(11)
في (ن 2) والمطبوع من مختصر خليل: (وبمقدماته).
(12)
قوله: (التحريم) زيادة من (ن 2).
(13)
انظر: المدونة، دار صادر: 5/ 457.
(14)
انظر: البيان والتحصيل: 5/ 427.
قوله: (أوْ بِمِلْكٍ) هو معطوف على قوله: (بوطء نكاح (1)) المفهوم مما تقدم؛ أي: وكذا يتأبد تحريم المعتدة إذا وطئت في عدتها بملك كما إذا طلقت الأمة أو مات عنها زوجها فوطئها سيدها أو مشتريها قبل انقضاء العدة، وقيل: لا يتأبد.
قوله: (كَعَكْسِهِ) أي: كما إذا وطئت الأمة في استبرائها من سيدها أو غيره بنكاح أو غيره، فإن تحريمها يتأبد على الزوج، وقيل: لا يتأبد.
قوله: (لا بِعَقْدٍ) أي: فإنها لا تحرم به إن وقع في العدة من غير وطء، وهذا (2) قول مالك في المدونة (3)، فإذا فرق بينهما قبل الدخول كان له أن يخطبها بعد العدة، وذكر عبد الوهاب أنها تحرم به ولم يعزه (4)، ونقله اللخمي عن مالك (5).
قوله: (أَوْ بِزِنًى) أي: إذا زنى بها في العدة فإنها لا تحرم على الزاني، بل يجوز له أن يتزوجها إذا حلت؛ لأنه لم يرد بالزنى تعجيل شيء.
قوله: (أَوْ بِمِلْكٍ عَنْ مِلْكٍ) أي: كما إذا كانت الأمة مستبرأة من ملك (6) فيطؤها المالك الثاني فإنها لا تحرم عليه بذلك. ابن رشد: باتفاق، لكن لا يطؤها (7) حتى يستبرئها من الماء الفاسد.
قوله: (أَوْ مَبْتُوتَةٍ قَبْلَ زَوْجٍ) يشير بهذا إلى أن (8) من طلق امرأته ثلاثًا ثمَّ تزوجها في عدتها فإنها (9) لا تحرم عليه بذلك (10)، وهو قول ابن القاسم (11) وغير واحد من أصحاب مالك؛ لأنه لم يمنع منها لأجل العدة بل لكونها لم تتزوج بعده بزوج، ولهذا
(1) في (ن 2): (بنكاح).
(2)
قوله: (من غير وطء، وهذا) يقابله في (ن): (وهكذا).
(3)
انظر: المدونة: 2/ 21.
(4)
انظر: المعونة: 1/ 531.
(5)
انظر: التبصرة، للخمي، ص:2224.
(6)
في (ن): (مالك).
(7)
في (س): (يطأ).
(8)
قوله: (أن) زيادة من (ز).
(9)
قوله: (فإنها) ساقط من (ن).
(10)
قوله: (بذلك) زيادة من (ن 2).
(11)
انظر: المدونة: 4/ 481.
احترز عنه بقوله: (قبل زوج). الباجي: ولابن نافع أنها تحرم أبدًا قياسًا على الأجنبي (1).
قوله: (كَالمُحَرَّمِ) يريد أن من (2) تزوج خامسة فوطئها فإن نكاحه يفسخ ولا يتأبد تحريمها عليه بذلك الوطء، بل يجوز له إذا حلت للأزواج أن يتزوجها إذا طلق إحدى الأربع أو ماتت، وكمن (3) وطئ أخت أمته الموطوءة بملك أو نكاح، أو أخت زوجته بالملك (4).
قوله: (وَجَازَ تَعْرِيضٌ كَفِيكِ رَاغِبٌ) لما ذكر أن صريح خطبة المعتدة حرامٌ نبَّه على أن التعريض لها بذلك جائز؛ لقوله تعالى: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} الآية [البقرة: 235]، والتعريض هو القول المفهم لمقصود الشيء تحريمًا (5) عليه من غير تنصيص، قال القاضي أبو بكر (6): والذي مال إليه مالك من ذلك أن يقول: إني بك لمعجب، ولك محب، وفيك راغب، قال: وهو عندي أقوى التعريض، والذي أراه أن يقول: إن الله سبحانه سائق (7) إليك خيرًا، وأبشري، وأنت (8) نافقة (9).
قوله: (وَالإِهْدَاءُ) أي: وجاز الإهداء للمعتدة، وهكذا روى ابن حبيب عن مالك (10). اللخمي (11): لأنها كالتعريض (12).
قوله: (وَتَفْوِيضُ الْوَلِيِّ الْعَقْدَ لِفَاضِلٍ) أي: وكذا يجوز للوليِّ أن يفوض العقد للرجل الصالح. عبد الملك في الواضحة: وكذلك إلى الشريف، وكان يفعل فيما مضى، وقد
(1) انظر: المنتقى: 5/ 108.
(2)
قوله: (أن من) يقابله في (ن 2): (كمن).
(3)
في (ن): (كمن).
(4)
زاد بعده في (ن): (أو بالنكاح).
(5)
في (ن): (تحريرا).
(6)
قوله: (قال القاضي أبو بكر) ساقط من (ن) و (ن 2).
(7)
في (ن 2): (ساق).
(8)
في (ن): (فإنك).
(9)
انظر: عقد الجواهر: 2/ 410.
(10)
انظر: المنتقى: 5/ 7.
(11)
قوله: (اللخمي: ) زيادة من (س).
(12)
انظر: التبصرة، للخمي، ص:2223.
فوض في ذلك إلى عروة فخطب واختصر، فقال: الله حق (1) ومحمد رسوله، وقد خطب فلان فلانة، وقد زوجته إيَّاها على بركة الله وشرطه (2).
قوله: (وَذِكْرُ المَسَاوِئ) يعني أنَّه تجوز الغيبة في ذكر مساوئ الخاطب (3) للحذر ولقوله عليه السلام لزينب: "أمَّا معاوية فصعلوك لا مال له، وأمَّا أبو جهم فلا يضع العصا عن (4) عاتقه"(5). نقله ابن شاس (6).
قوله: (وَكُرِهَ عِدَةٌ مِنْ أَحَدِهِمَا) هذا مما لا خلاف فيه، قاله (7) ابن رشد (8)، وأمَّا المواعدة منهما جميعًا (9) فهي حرام كما تقدَّم.
قوله: (وَتَزْوِيجُ زَانِيَةٍ) أي: وكذا يكره تزويج المرأة الزانية. مالك: ولا أراه حرامًا، وقال ابن حبيب: لا يجوز تزويج المرأة الزانية المجاهرة (10).
قوله: (أَوْ مُصَرَّحٍ لَهَا بَعْدَهَا) أي: ومما يكره أيضًا تزويج المرأة المصرح لها بالخطبة في العدة وعقد عليها بعدها؛ لأنَّ ذلك ليس نكاحًا في العدة.
قوله: (وَنُدِبَ فِرَاقُهَا) أي: فراق الزانية أو (11) المصرح لها. ابن حبيب: ويستحب لمن تحته امرأة تزني أن يفارقها، فإن ابتلي بحبها حبسها (12). وقيل: يجب عليه فراق المصرح لها، حكاه في المنتقى (13).
(1) في (ن): (أحق).
(2)
قوله: (شرطه) زيادة من (س)، وفي (ن):(وفريضته). وانظر: النوادر والزيادات: 4/ 391.
(3)
في (س) و (ن 2): (الخطاب).
(4)
في (ن): (عصاه على).
(5)
أخرجه مسلم: 2/ 1114، في باب المطلقة ثلاثًا لا نفقة لها، من كتاب الطلاق، برقم: 1480، ومالك: 2/ 580، في باب ما جاء في نفقة المطلقة، من كتاب الطلاق، برقم:1210.
(6)
انظر: عقد الجواهر: 2/ 411.
(7)
في (ن): (قال).
(8)
انظر: المقدمات الممهدات: 1/ 274.
(9)
قوله: (جميعًا) ساقط من (ن 2)، وفي (ن):(معا).
(10)
زاد بعده في (ن): (بذلك)، وانظر: النوادر والزيادات: 4/ 506.
(11)
قوله: (أو) زيادة من (ن 2).
(12)
انظر: النوادر والزيادات: 4/ 506.
(13)
انظر: المنتقى: 5/ 110.
قوله: (وَعَرْضُ رَاكِنَةٍ لِغَيْرٍ عَلَيْهِ) يشير إلى ما رواه عيسى عن ابن وهب أنَّه يستحب لمن عقد على امرأة راكنة لغيره أن يعرض تلك المرأة على الخاطب أولًا، قال: فإن حلله (1) رجوت له في ذلك مخرجًا، وإن أبى فليفارقها، فإن نكحها الأوّل وإلا فلهذا أن يأْتَنِف نكاحها ولا يقضى عليه بالفراق (2).
(المتن)
وَرُكْنُهُ وَلِيٌّ وَصَدَاقٌ وَمَحَلٌّ وَصِيغَةٌ بِأَنْكَحْتُ وَزَوَّجْتُ، وَبِصَدَاقٍ وَهَبْتُ، وَهَلْ كُلُّ لَفْظٍ يَقْتَضِي الْبَقَاءَ مُدَّةَ الْحَيَاةِ كَبِعْتُ؟ تَرَدُّدٌ. وَكَقَبِلْتُ. وَبِزَوِّجْنِي فَيَفْعَلُ. وَلَزِمَ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ. وَجَبَرَ الْمَالِكُ أَمَةً وَعَبْدًا بِلَا إِضْرَارٍ، لَا عَكْسُهُ، وَلَا مَالِكُ بَعْضٍ، وَلَهُ الْوِلايَةُ وَالرَّدُّ. وَالْمُخْتَارُ وَلَا أُنْثَى بِشَائِبَةٍ وَمُكَاتَبٍ، بِخِلافِ مُدَبَّرٍ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ إِنْ لَمْ يَمْرَضِ السَّيِّدُ وَيَقْرُبِ الأَجَلُ. ثُمَّ أَبٌ، وَجَبَرَ الْمَجْنُونَةَ وَالْبِكْرَ وَلَوْ عَانِسًا إِلَّا لِكَخَصِيٍّ عَلَى الأَصَحِّ، وَالثَّيِّبَ إِنْ صَغُرَتْ أَوْ بِعَارِضٍ أَوْ بِحَرَامٍ، وَهَلْ إِنْ لَمْ تُكَرِّرِ الزِّنَى؟ تَأْوِيلانِ.
(الشرح)
قوله: (وَرُكْنُهُ: وَلِيٌّ، وَصَدَاقٌ، وَمَحَلٌّ، وَصِيغَةٌ) أي: ركنُ النكاح. وذكر أن له أربعة أركان، ونحوه في الجواهر (3)، وجعل ابن محرز الوليّ والشهود والصداق شروطًا.
الركن الأوّل: الوليّ: والدليل عليه قوله تعالى: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: 232]، والعضل لغة (4): المنع من تزويج المرأة، فلو كان عقدها على نفسها جائزًا لم تكن معضولة بمنع الوليّ، وفي الحديث:"لا تُنكِح المرأةُ المرأةَ ولا المرأةُ نفسَها، فإن الزانية هي التي تزوج نفسها"(5)، قال الدارقطني: وهذا حديثٌ (6) حسنٌ صحيحٌ. وعنه
(1) في (ن 2): (حل له).
(2)
انظر: النوادر والزيادات: 4/ 392.
(3)
انظر: عقد الجواهر: 2/ 411 و 412.
(4)
قوله: (والعضل لغة) يقابله في (ن 2): (المعضل له).
(5)
أخرجه ابن ماجه: 1/ 606، في باب لا نكاح إلا بولي، من كتاب النكاح، برقم: 1882، والدارقطني: 3/ 227، في كتاب النكاح، برقم: 26، والبيهقيُّ: 7/ 110، في باب لا نكاح إلا بولي، من كتاب النكاح، برقم:13410. جاء هذا الحديث من عدة عن طرق عن أبي هريرة رضي الله عنه، منها ما هو جيد وعلى شرط مسلم. انظر تفصيل ذلك في البدر المنير: 7/ 562، وما بعدها.
(6)
قوله: (حديثٌ) ساقط من (ن 2).
عليه الصلاة والسلام: "لا نكاح إلا بولي"(1).
الركن الثاني: الصداق: لقوله عليه السلام: "لا نكاح إلا بولي وصداق وشاهدي عدل"(2) فلا يجوز إسقاطه رأسًا، نعم لا يلزم التنصيص عليه في العمد بل يستوي كونه مذكورًا فيه أو مسكوتًا عنه غير منفي كما في نكاح التفويض، ولا خلاف في اعتباره في النكاح، وإنما الخلاف في قدره.
الركن الثالث: المحل: وهو المرأة الخلية من الموانع التي تقتضي (3) تحريمها بالزوج (4).
والركن الرابع: الصيغة: وهو اللفظ الذي ينعقد به النكاح من (5) الوليّ والزوج (6) أو وكيله، وقد أشار إلى بيان ذلك بقوله:(بِأَنْكَحْتُ وَزَوَّجْتُ) أي: والصيغة من الوليّ تكون بأنكحت وزوجت، ولا خلاف في ذلك. الباجي: ولا ينعقد النكاح عند المغيرة وابن دينار بغير ذلك (7).
قوله: (وَبِصَدَاقٍ وَهَبْتُ) أي: وينعقد بوهبتُ مع تسمية صداق، وهكذا روى ابن حبيب (8) عن مالك، وحكاه القاضي أبو محمَّد ابن رشد، واضطرب فيه قول مالك (9)،
(1) صحيح: أخرجه أبو داود: 1/ 635، في باب في الوليّ، من كتاب النكاح، برقم: 2085، والترمذي: 3/ 407، في باب لا نكاح إلا بولي، من كتاب النكاح، برقم: 1101، وابن ماجه: 1/ 605، في باب لا نكاح إلا بولي، من كتاب النكاح، برقم:1881. قال ابن الملقن: هذا الحديث صحيح. انظر: البدر المنير: 7/ 543 وما بعدها.
(2)
أخرجه البيهقي: 7/ 125، في باب لا نكاح إلا بشاهدي عدل، من كتاب النكاح، برقم:13498.
من طريق الحسن مرسلًا، وقال: قال الشافعي رحمه الله: وهذا وإن كان منقطعًا دون النبي صلى الله عليه وسلم فإن أكثر أهل العلم يقول به.
(3)
في (ن): (يقتضي).
(4)
قوله: (بالزوج) زيادة من (ن 2).
(5)
في (ن) و (ن 2): (بين).
(6)
قوله: (والزوج) ساقط من (ن 2).
(7)
انظر: المنتقى: 5/ 28.
(8)
قوله: (ابن حبيب) ساقط من (ن 2).
(9)
انظر: المقدمات الممهدات: 1/ 251.
واختلف هل ينعقد بكل لفظ (1) يقتضي التمليك المؤبد كالبيع ونحوه؟ فحكى عبد الوهاب انعقاده بذلك (2)، وهو قول الأكثر خلافًا للمغيرة وابن دينار، ونحوه في المقدمات (3)، وإلى هذا أشار بقوله:(وَهَلْ بِكُلِّ لَفْظٍ يَقْتَضِي الْبَقَاءَ مُدَّةَ الحَيَاةِ كَبِعْتُ؟ تَرَدُّدٌ) ولا (4) ينعقد بلفظ الإجارة والعارية والرهن والوصية لاقتضاء الأولَيْنِ التوقيت والثالث التوثق دون التمليك (5)، وعدم لزوم الرابع.
قوله: (وَكَقَبِلْتُ) هذه الصيغة من جهة (6) الزوج وهي أن يقول: قبلت ونحوه بعد قول الوليّ: أنكحتك أو زوجتك، وإنما أدخل كاف التشبيه بها كلامه تنبيهًا على عدم اختصاص هذه اللفظة بذلك، بل وكذلك: رضيتُ واخترتُ، ونحوهما مما يدلّ على القبول.
قوله: (وَبِزَوِّجْنِي فَيَفْعَلُ) يريد أن الترتيب المتقدم وهو أن يكون كلام الوليّ متقدمًا على كلام الزوج ليس بشرط؛ بل لو بدأ (7) الزوج بذلك ثمَّ أجابه الوليّ بما يقتضي ذلك صحَّ (8).
قوله: (وَلَزِمَ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ) أي: فلو قال الخاطب: لا أرضى، فقد لزمه النكاح، وقاله في الجواهر (9).
قوله: (وَجَبَرَ المَالِكُ أَمَةً وَعَبْدًا بِلا إِضْرَارٍ) لما كان الوليُّ على ضربين -مجبِر وغير مجبِر- شرع في بيانه وذكر أنَّ المجبر الأب بها المجنونة والبكر الصغيرة ونحوهما مما (10) سيأتي، والسيد في أمته وعبده، وغير المجبر ما عداهما، فالسيد يجبر أمته
(1) ههنا يبدأ سقط من (ن 2).
(2)
انظر: الإشراف: 2/ 699.
(3)
انظر: المقدمات الممهدات: 1/ 251.
(4)
في (ز): (إلا).
(5)
في (ن): (التملك).
(6)
قوله: (جهة) ساقط من (ن).
(7)
قوله: (بل لو بدأ) يقابله في (ن): (يبدأ).
(8)
قوله: (صحَّ) ساقط من (ن).
(9)
انظر: عقد الجواهر: 2/ 412.
(10)
قوله: (مما) ساقط من (ن).
وعبده على النكاح إذا لم يقصد بذلك الإضرار كما إذا زوجهما لمن لا يليق بهما (1) في العادة.
قوله: (لا عَكْسُهُ) أي: فليس للعبد أو الأمة أن يجبر السيد على التزويج إذا طلباه وأبى من ذلك، وينبغي أن يقيد ذلك بما إذا قصد السيد عدم الإضرار، وإلا فإنَّه يؤمر بالبيع أو التزويج، وفي كتاب محمَّد: أنَّه لا يقضى عليه (2) ولو قصد بذلك الإضرار (3).
قوله: (وَلا مَالِكُ بَعْضٍ) أي: وكذلك المالك للبعض ليس له الجبر على التزويج إذا امتنع منه، وسواء قل الجزء الرقيق أو كثر (4)، كان الجزء الآخر لغيره أو حرًّا، نعم إذا اتفق المالكان على الجبر فلهما ذلك.
قوله: (وَلَهُ الْوِلايَةُ وَالرَّدُّ) يريد: أن مالك البعض وإن لم يكن له جبر فله الولاية والرد؛ إذ لا يلزم من نفي الأخص الذي هو الجبر نفي الأعم الذي هو الولاية (5) والرد، بل تبقى له الولاية في الأمة ورد تزويج من تزوج (6) بها (7) ورد نكاح العبد إذا تزوج بغير إذنه.
قوله: (وَالمُخْتَارُ وَلا أُنْثَى (8) بِشَائِبَةٍ وَمُكَاتَبٍ بِخِلافِ مُدَبَّرٍ وَمُعْتَقٍ لأَجَلٍ إِنْ لَمْ يَمْرَضِ السَّيِّدُ وَيَقْرُبِ الأَجَلُ) يريد أن اللخمي يختار في الأنثى التي فيها شائبة من حرية عدم الجبر، وكذلك المكاتب، وفي المدبر والمعتق لأجل الجبر إلا أن يمرض السيد أو يقرب الأجل الذي علق العتق عليه، وقد اختلف هل للسيد جبر من فيه عقد حرية؛ لأنه الآن على الرق، أو لا للشبهة التي لهم (9) من الحرية بالعقد الذي عقد لهم (10)، أو له
(1) قوله: (زوجهما لمن لا يليق بهما) يقابله في (ز): (زوجها لمن يليق بها).
(2)
قوله: (عليه) ساقط من (ن).
(3)
انظر: النوادر والزيادات: 4/ 411.
(4)
قوله: (وسواء قل الجزء الرقيق أو كثر) يقابله في (ن): (وسواء كان قل الجزء أو كثر).
(5)
قوله: (هو الولاية) يقابله في (ز): (هو نفي الولاية).
(6)
قوله: (من تزوج) ساقط من (ز 2).
(7)
قوله: (تزويج من تزوج بها) يقابله في (ن): (تزويجها).
(8)
قوله: (وَلا أُنْثَى) يقابله في (ن): (والأنثى).
(9)
في (ن): (له).
(10)
في (ن): (له أوله).
ذلك فيمن له انتزاع ماله دون غيره كالمكاتب والمدبر إذا مرض السيد وأم الولد والمعتق إلى أجل إذا قرب الأجل، أو له (1) جبر الذكور دون الإناث؟ أربعة أقوال حكاها اللخمي (2).
قوله: (ثُمَّ أَبٌ) قد تقدَّم أن الوليَّ المجبِر هو الأب في ابنته البكر ونحوها والسيد في أمته، وتقدم الكلام على حكم إنكاح (3) السيد، والكلام الآن في حكم إنكاح (4) الأب.
قوله: (وَجَبَرَ المَجْنُونَةَ) يريد: ولو كانت ثَيبًا، وذلك هو النظر لها، وهذا إذا كانت لا تفيق، فإن كانت تفيق أحيانًاا نتظرت إفاقتها (5).
قوله: (وَالْبِكْرَ) لا خلاف في ذلك إذا كانت صغيرة، قاله الباجي، قال: وأما البالغ غير المعنسة فلا يختلف أصحابنا أنَّه يملك عليها الإجبار أيضًا؛ لأنها بكر (6) لا يفتقر عقد نكاحها إلى نطقها مع القدرة عليه فكان له إجبارها كالصغيرة (7).
ابن عبد السلام: وقفت في بعض الفتاوى المنسوبة للسيوري أن الأب لا يجبرها، ومال إليه اللخمي (8)، وأشار بقوله:(وَلَوْ عَانِسًا) إلَّا أن الأب يجبر البكر (9) البالغة ولو كانت معنسة، وهي رواية محمَّد عن مالك، وروى ابن وهب عنه أنَّه لا يجبرها (10)، وبرواية محمَّد القضاء، وعليها العمل، قاله المتيطي (11).
قوله: (إِلا لِكَخَصِيٍّ عَلَى الأَصَحِّ) يريد أن ما تقدم من أن الأب يجبر البكر مشروط
(1) قوله: (أو له) يقابله في (ز): (وله).
(2)
انظر: التبصرة، للخمي، ص: 1808، وما بعدها.
(3)
في (ن): (نكاح).
(4)
في (ن): (نكاح).
(5)
وزاد بعده في (ن): (وجبر المجنونة يريد بكرا أو ثيبا المجنونة التي لا تفيق وأما التي تفيق فينتظر إفاقتها).
(6)
قوله: (بكر) ساقط من (ن).
(7)
انظر: المنتقى: 5/ 21 و 22.
(8)
انظر: التوضيح: 3/ 514، انظر: التبصرة، للخمي، ص:1795.
(9)
قوله: (البكر) ساقط من (ن).
(10)
انظر: النوادر والزيادات: 4/ 395.
(11)
انظر: التوضيح: 3/ 517.
بعدم الضرر، فأما إذا كان في ذلك ضرر كتزويجها من مجبوب أو خصي أو عنين فلا (1)، وقيل: يلزمها ذلك إذا كان على وجه النظر علمت به أم لا.
قوله: (وَالثَّيِّبَ إِنْ صَغُرَتْ) أي: وكذلك يجبر الصغيرة الثيب كما يجبر البكر، وهو قول أشهب في الموازية (2)، وقال أبو التمام: لا يجبرها (3). ولسحنون (4): إن بلغت بعد الطلاق لم يجبر (5)، وإلا فله الجبر (6).
قوله: (أَوْ بِعَارِضٍ) أي: وكذلك يجبر الأب من أزيلت بكارتها بعارض من عود (7) أو وثبة أو سقطة وما أشبه ذلك من غير جماعٍ. ابن عبد السلام: ولا أعلم في ذلك خلافًا.
قوله: (أَوْ بِحَرَامٍ) أي: وكذلك يجبر الأب من أزيلت بكارتها بحرام كالزنى والاغتصاب، والقول بإجبارها في الزنى هو مذهب المدونة (8)، ولابن الجلاب عدم الجبر (9)، وقيل: إن تكرر منها لم تجبر وإلا أجبرت، وهو قول (10) عبد الوهاب (11) التزمه لمخالفه في مجلس المناظرة عند (12) ولي العقد (13)، واختلف هل هو تفسير للمدونة أو خلاف؟ وإليه أشار بقوله:(وَهَلْ إِنْ لَمْ تُكَرِّرِ الزِّنَى؟ تَأْوِيلانِ).
(1) زاد بعده في (ن): (يجبرها).
(2)
انظر: النوادر والزيادات: 4/ 396.
(3)
انظر: التوضيح: 3/ 513.
(4)
في (ن): (وسحنون).
(5)
في (ن): (تجبر).
(6)
انظر: النوادر والزيادات: 4/ 396، ونصه:"قال سحنون يزوجها بغير رضاها وإن حاضت وينفق عليها".
(7)
في (ز) و (ز 2): (بعود).
(8)
انظر: المدونة: 2/ 101.
(9)
في (ن): الإجبار انظر: التفريع: 1/ 362.
(10)
قوله: (وهو قول) يقابله في (س): (وقول).
(11)
انظر: المعونة: 1/ 476.
(12)
في (ز 2): (حين).
(13)
قوله: (ولي العقد) يقابله في (ن): (العهد).
(المتن)
لَا بِفَاسِدٍ وَإِنْ سَفِيهَةً وَبِكْرًا رَشَدَتْ أَوْ أَقَامَتْ بِبَيْتِهَا سَنَةً وَأَنْكَرَتْ. وَجَبَرَ وَصِيٌّ أَمَرَهُ أَبٌ بِهِ، أَوْ عَيَّنَ لَهُ الزَّوْجَ، وَإِلَّا فَخِلافٌ. وَهُوَ فِي الثَّيِّبِ وَلِيٌّ. وَصَحَّ إِنْ مُتُّ فَقَدْ زَوَّجْتُ ابْنَتِي بِمَرَضٍ. وَهَلْ إِنْ قَبِلَ بِقُرْبِ مَوْتِهِ؟ تَأْوِيلانِ. ثُمَّ لَا جَبْرَ فَالْبَالِغُ، إِلَّا يَتِيمَةً خِيفَ فَسَادُهَا وَبَلَغَتْ عَشْرًا، وَشُووِرَ الْقَاضِي، وَإِلَّا صَحَّ إن دَخَلَ وَطَالَ. وَقُدِّمَ ابْنٌ، فَابْنُهُ، فَأَبٌ، فَأَخٌ، فَابْنُهُ، فَجَدٌّ، فَعَمٌّ، فَابْنُهُ، وَقُدِّمَ الشَقيقُ عَلَى الأَصَحِّ وَعَلَى الْمُخْتَارِ، فَمَوْلًى، ثُمَّ هَلِ الأَسْفَلُ وَبِهِ فُسِّرَتْ؟ أَؤ لَا؟ وَصُحِّحَ. فَكَافِلٌ، وَهَلْ إِنْ كَفَلَ عَشْرًا أَوْ أَرْبَعًا أَوْ مَا يُشْفِقُ؟ تَرَدُّدٌ. وَظاهِرها شَرْطُ الدَّنَاءَةِ،
(الشرح)
قوله: (لا بِفَاسِدٍ) أي: وأمَّا من تزوجت تزويجًا فاسدًا ودخل بها الزوج وأزال بكارتها ثمَّ فسخ نكاحها أو طلقها الزوج، أو مات عنها، فليس للأب عليها ولاية إجبار إذا بلغت.
قوله: (وَإِنْ سَفِيهَةً) لأنه لا يلزم من ولاية المال والنظر فيه ولاية النكاح، فحكم السفيهة وغيرها في ذلك سواء وهو المعروف، وحكى المتيطي قولًا بأنّه يجبرها (1).
قوله: (وَبِكْرًا رَشَدَتْ) هو معطوف على قوله: (لا بفاسد) أي: وكذلك لا يجبر الأب بكرًا رشدتْ، وشهره المتيطي (2)، وقيل: له الجبر، وصوبه ابن عبد البر (3).
قوله: (أَوْ أَقَامَتْ بِبَيْتِهَا سَنَةً) اختلف في من أقامت ببيتها (4) مدة ثمَّ فارقها قبل المسيس، هل يرتفع عنها إجبار الأب أم لا؟ ومذهب المدونة أنَّه يرتفع إن طالت المدة وشهدت مشاهد النساء، قال: وأرى السنة طولًا (5)، وهو مثل قول الشيخ هنا إلا أنَّه اشترط في المدونة مع ذلك (6) أن تكون شهدت مشاهد النساء، ورأي عبد الوهاب في
(1) في (ن): (لا يجبرها). وانظر: التوضيح: 3/ 519.
(2)
انظر: التوضيح: 3/ 517.
(3)
انظر: التمهيد: 19/ 98.
(4)
في (ز): (في بيتها).
(5)
انظر: المدونة: 2/ 101.
(6)
قوله: (مع ذلك) زيادة من (س).
ذلك أن الطول إنما يتحدد بالعرف (1). ابن عبد السلام: والأصل الرجوع إلى العرف، وانظر قوله:(وأَنْكَرَتْ) ما معناه (2).
قوله: (وَجَبَرَ وَصِيٌّ) أي: وصي الأب. يريد: إن (3) وصى وصيه بالنكاح فيتنزل منزلة الأب في الإجبار على النكاح.
قوله: (أَمَرَهُ أَبٌ بِهِ) أي: أمره بالنكاح وهو كقول صاحب الرسالة: ولا يزوج الصغيرة إلا أن يأمره الأب بإنكاحها (4).
قوله: (أَوْ عَيَّنَ الزَّوْجَ) أي (5) قال له (6): زَوِّجْها من فلان، وقاله اللخمي (7).
قوله: (وَإِلا فَخِلافٌ) أي: وإن لم يعين الأب الزوج ولا أمر الوصي بالإنكاح (8) ففي جبر الوصي لها وعدم جبره خلاف، حكاه اللخمي (9) وغيره.
قوله: (وَهُوَ فِي الثَّيِّبِ وَلِيٌّ) أي (10): كأحد الأولياء وهو مذهب المدونة (11)، انظر الكلام على حكم نكاح الوصي (12) في الشرح (13) الكبير.
قوله: (وَصَحَّ: إِنْ مُتُّ فَقَدْ زَوَّجْتُ ابْنَتِي بِمَرَضٍ) أي: وصحَّ النكاحُ إذا قال الأبُ في مرضه: إن متُّ فقد زوجتُ ابنتي فلانة من فلانٍ أو من ابنِ أخي ونحو ذلك.
(1) انظر: المعونة: 1/ 477.
(2)
قوله: (وأَنْكَرَتْ ما معناه) يقابله في (ز 2): (وإن تكرر ما معناه)، وفي (ن):(وأنكرت المسيس معناه وأنكرت كون الزوج مسها).
(3)
قوله: (أي: وصي الأب. يريد: إن) يقابله في (ن): (يريد أن وصي الأب).
(4)
انظر: الرسالة، ص:89.
(5)
في (ن): (يريد إذا).
(6)
قوله: (له) ساقط من (س).
(7)
انظر: التبصرة، للخمي، ص: 1799 و 1800.
(8)
في (ن): (بالنكاح).
(9)
انظر: التبصرة، للخمي، ص:1800.
(10)
في (ن): (يريد أن حكمه في الثيّب).
(11)
انظر: المدونة: 2/ 109 و 4/ 331.
(12)
قوله: (حكم نكاح الوصي) يقابله في (ن): (نكاح).
(13)
قوله: (الشرح) زيادة من (س).
أصبغ: وهو مجمع على إجازته، وهو من وصايا المسلمين (1). وقيد سحنون ذلك بما إذا قبل الزوج النكاح (2) بالقرب (3)، وقال ابن بشير: مذهب المدونة (4) الصحة مطلقًا (5)، وإلى هذا الاختلاف (6) أشار بقوله:(وَهَلْ إِنْ قَبِلَ بِقُرْبِ مَوْتِهِ؟ تَأْوِيلانِ).
قوله: (ثُمَّ لا جَبْرَ فَالْبَالِغُ) أي: ثمَّ لا جبر لغير الأب والسيد والوصي من الأولياء فلا يزوجون إلا البالغ خاصة بكرًا كانت أو ثيبًا بإذنها، ولو كانت سفيهة، ومعنى (فالبالغ) أي: فولاية غير (7) هؤلاء الثلاثة مقصورة على البالغ لا تتعداها (8) إلا لمن ذكر في قوله: (إِلا يَتِيمَةً خِيفَ فَسَادُهَا وَبَلَغَتْ عَشْرًا، وَشُووِرَ (9) الْقَاضِي) وقد اختلف في تزويج اليتيمة قبل البلوغ، فالرواية المشهورة منع ذلك، وعبر عنه بعضهم بالأصح وبعضهم بالأظهر. عبد الوهاب: وهو الذي نفتي به، وإليه رجع مالك (10). وفي كتاب محمَّد جوازه (11) برضاها إن بلغت عشر سنين وهي ذات حاجة تتكفف الناس (12). اللخمي: وهو أحسن (13)، وقال ابن عبد الحكم (14): رجع مالك إلى الرواية الأوّلى، وحكى ابن الجلاب الروايتين، وزاد أخرى: أنَّه جائز ولها الخيار في الإمضاء والفسخ إذا بلغت (15). ابن بشير: لم يختلف المتأخرون أنها تزوج إن خيف عليها
(1) انظر: الجامع بين الأمهات: 1/ 374.
(2)
قوله: (النكاح) زيادة من (س).
(3)
انظر: المدونة، دار صادر: 4/ 190.
(4)
قوله: (المدونة) ساقط من (ز).
(5)
انظر: التوضيح: 3/ 524.
(6)
قوله: (الاختلاف) ساقط من (س).
(7)
قوله: (غير) ساقط من (ز).
(8)
في (ن): (يتعداه).
(9)
في (ن): (شاور).
(10)
انظر: الذخيرة: 4/ 231.
(11)
في (ن): (جواز نكاحها).
(12)
انظر: النوادر والزيادات: 4/ 398.
(13)
انظر: التبصرة، للخمي، ص:1801.
(14)
قوله: (ابن عبد الحكم) يقابله في (ز 2) و (ن): (عبد الملك).
(15)
انظر: التفريع: 1/ 363.
الفساد (1). ابن عبد السلام: وهو الذي عليه العمل ببلادنا اليوم (2) بزيادة بلوغها عشر سنين ومشاورة القاضي (3).
قوله: (وَإِلا صَحَّ، إِنْ دَخَلَ وَطَالَ) أي: وإن زوجت ولم يخف عليها الفساد (4) أو قبل بلوغها عشر سنين ولم يشاور القاضي في تزويجها صحَّ النكاح؛ أي: مضى إن دخل وطال وهو المشهور، قاله المتيطي (5). وروى ابن حبيب عن مالك وأصحابه أنَّه يفسخ وإن ولدت الأولاد (6). وفي البيان: عن ابن القاسم أنَّه لا يفسخ (7)، وظاهره دخل بها أم لا، وقيل: تخير إذا بلغت ما لم يطل الأمر بعد الدخول.
قوله: (وَقُدِّمَ ابْنٌ، فَابْنُهُ) يريد أن المقدم من أولياء الثيّب (8) الابن، وهو المشهور، قاله ابن بشير (9)، وقيل: الأب مقدم عليه، وهما روايتان منشؤهما (10) النظر إلى قوة التعصيب، وهي للابن في الميراث والولاء، والنظر إلى العطف والحنان والأنساب وذلك للأب، وابن الابن بمنزلة أبيه في عدمه، ولهذا قال:(فابنه) فقدمه على الأب، وعلى الرواية الأخرى يقدم الأب عليه.
قوله: (فَأَبٌ) أي (11): فإن لم يكن ولد ولا ولد ابن فالأب مقدم على غيره.
قوله: (فَأَخٌ، فَابْنُهُ) أي: فإن لم يكن أب فالأخ مقدم (12) ثمَّ (13) ابن الأخ.
(1) انظر: عقد الجواهر: 2/ 418.
(2)
قوله: (اليوم) زيادة من (س).
(3)
انظر: التوضيح: 3/ 530 و 531.
(4)
قوله: (الفساد) زيادة من (س).
(5)
انظر: التوضيح: 3/ 531.
(6)
انظر: النوادر والزيادات: 4/ 397.
(7)
انظر: البيان والتحصيل: 4/ 283.
(8)
قوله: (أولياء الثيّب) يقابله في (ن): (الأولياء بالثيّب).
(9)
انظر: الذخيرة: 4/ 247.
(10)
في (ن): (مبناها هل).
(11)
في (ن): (ويزيد).
(12)
زاد بعده في (ن): (على غيره).
(13)
في (ز 2): (على).
قوله: (فَجَدٌّ) هذا هو المشهور، وقال المغيرة: يقدم الجدُّ وأبوه وإن علا (1) على الأخ وابنه (2). وعن (3) مالك: أن للأخ أن يزوج الثيّب مع وجود الأب (4).
اللخمي: وهو قول مرغوب عنه (5)، والمعروف من قوله: أنَّه إن عقد الأخ مضى (6) لا أن له ذلك ابتداء (7).
قوله: (فَعَمٌّ فَابْنُهُ) أي (8): فإن لم يكن أحد (9) ممن تقدَّم ذكرهم فالعم، فإن لم يكن فابنه.
قوله: (وَقُدِّمَ الشَّقِيقُ عَلَى الأَصَحِّ) يريد أنَّ الشقيق من الأخ وابنه والعم وابنه مقدم على غير الشقيق على أصح القولين (10)، والخلاف منصوص في الأخوين، ففي المدونة من رواية عليٍّ: هما سواء (11)، ولمالك وابن القاسم وغيرهما في كتاب ابن حبيب أن الشقيق أولى. اللخمي: ويجري في أبنائهما وفي العمين أحدهما شقيق والآخر لأب وفي أبنائهما نحو (12) ذلك، واختار تقديم الشقيق ابن القاسم وسحنون وغيرهما من أصحاب مالك المصريين والمدنيين قياسًا على الإرث والولاء، ولهذا جزم سحنون بعدم صحته في (13) الرواية الأخرى (14). ولهذا قال: على الأصح. اللخمي: وتقديم
(1) قوله: (وإن علا) ساقط من (ن).
(2)
انظر: الذخيرة: 4/ 247.
(3)
إلى هنا انتهى السقط من (ن 2).
(4)
انظر: المدونة: 2/ 105.
(5)
في (ن) و (ن 2): (فيه).
(6)
التبصرة: (يمضي إذا نزل، ليس أنَّه يجعل له ذلك ابتداء).
(7)
انظر: التبصرة، للخمي، ص:1783.
(8)
في (ن): (يريد).
(9)
قوله: (أحد) زيادة من (س).
(10)
قوله: (أصح القولين) يقابله في (ن): (الأصح).
(11)
انظر: المدونة: 2/ 111.
(12)
في (س) و (ن) و (ن 2): (على نحو).
(13)
قوله: (صحته في الرواية) يقابله في (ن): (صحة).
(14)
انظر: التوضيح: 3/ 510.
الشقيق أحسن (1). وإليه أشار بقوله: (وَعَلَى المُخْتَارِ (2) وهو معطوف على الأصح؛ أي: على الأصح والمختار.
قوله: (فَمَوْلًى) أي: فإن لم يكن ثَم ولي نسب انتقل الحكم في ذلك إلى المولى. يريد: الأعلى، وهو من له العتاقة.
قوله: (ثُمَّ هَلِ الأَسْفَلُ وَبِهِ فُسِّرَتْ أَوْ لا؟ ) أي (3): ثمَّ هل المولى الأسفل وهو العتيق تكون له ولاية على الذي أعتقه (4)؟ وبه فسرت. أي (5): المدونة (6).
ابن عبد السلام: وجميع الشراح فسروا ما وقع لمالك من ذلك في النكاح الأوّل منها بأنّه أحد الأولياء، ولم يذهب واحدٌ منهم إلى أنَّه لا ولاية له (7). قال: والصحيح أن له حقًّا في الولاية، وقيل: لا ولاية له، وهو معنى قوله:(أو لا)، والقولان في الجواهر (8) هو غيرها (9).
قوله: (وَصُحِّحَ، فَكَافِلٌ) أي: وصحح النكاح بولاية كافل (10)، قال في المدونة: ذلك جائز، ومن أنظر لها (11) منه (12).
عياض: يريد بعد (13) بلوغها ورضاها. وفي الواضحة: ذلك بعد موت أبيها وغيبة
(1) انظر: التبصرة، للخمي، ص: 1782، وما بعدها.
(2)
في (ن): (والمختار).
(3)
في (ن): (يريد).
(4)
قوله: (الذي أعتقه) يقابله في (ن): (التي أعتقته).
(5)
قوله: (أي) ساقط من (ن).
(6)
انظر: المدونة: 2/ 108.
(7)
انظر: التوضيح: 3/ 511.
(8)
انظر: عقد الجواهر: 2/ 417.
(9)
قوله: (هو غيرها) يقابله في (ن) و (ن 2): (وغيرها)، وفي (س):(غيرهما).
(10)
قوله: ("فَكَافِلٌ" أي: وصحح النكاح بولاية كافل) يقابله في (ن): (راجع لقوله أولًا يعني وصحح القول بأن لا ولاية للمولى الأسفل وقد صححه ابن الحاجب وصاحب الكافي أبو عمر أن القول بأن له ولاية ليس بشيء. قوله (فكافل) أي: الولاية تنتقل بعد ممن تقدم للكافل).
(11)
في (ن): (بها).
(12)
انظر: المدونة: 2/ 112.
(13)
قوله: (بعد) ساقط من (ن 2).
أهلها، وعليه حمل الشيوخ مسألة المدونة، فليس له تزويج في حياة الأب، وذهب ابن العطار (1) وابن زرب إلى أن له ذلك في حياة الأب إذا كان الأب غائبًا برضاها (2). واختلف في قدر (3) الكفالة التي يستحق بها الكافل تزويج المكفولة، فلبعض الموثقين: عشر سنين. وقال أبو الحسن: وعندي أنَّه لا حدَّ لذلك إلا ما يرى أنَّه يوجب الحنان (4) والشفقة مثل ما للولي أو يقرب، وعن أبي محمَّد صالح: أن أقله أربعة أعوام (5) وإلى هذا أشار بقوله: (وَهَلْ إِنْ كَفَلَ عَشْرًا أَوْ أَرْبَعًا أَوْ مَا يُشْفِقُ؟ تَرَدُّدٌ) وأشار بقوله: (وَظَاهِرُهَا شَرْطُ الدَّنَاءَةِ) إلى (6) أن ظاهر المدونة أنَّه لا ولاية للكفيل (7) على الشريفة، بل صحة ولايته مشروطة بالدنية (8)، وقيل: له ذلك مطلقًا، وقيل: لا مطلقًا.
(المتن)
فَحَاكِمٌ، فَوِلايَةُ عَامَّةِ مُسْلِمٍ، وَصَحَّ بِهَا فِي دَنِيئَةٍ مَعَ خَاصٍّ لَمْ يُجْبِرْ، كَشَرِيفَةٍ دَخَلَ وَطَالَ، وَإِنْ قَرُبَ فَلِلأَقْرَبِ أَوِ الْحَاكِمِ إِنْ غَابَ الرَّدُّ، وَفِي تَحَتُّمِهِ إِنْ طَالَ قَبْلَهُ تَأْوِيلانِ، وَبِأَبْعَدَ مَعَ أَقْرَبَ إِنْ لَمْ يُجْبِرْ، وَلَمْ يَجُزْ كَأَحَدِ الْمُعْتِقَيْنِ، وَرِضَا الْبِكْرِ صَمْتٌ كَتَفْوِيضِهَا. وَنُدِبَ إِعْلامُهَا بِهِ، وَلا يُقْبَلُ دَعْوَى جَهْلِهِ فِي تَأْوِيلِ الأَكْثَرِ، وَإِنْ مَنَعَتْ أَوْ نَفَرَتْ لَمْ تُزَوَّجْ؛ لَا إِنْ ضَحِكَتْ، أَوْ بَكَتْ. وَالثَّيِّبُ تُعْرِبُ، كَبِكْرٍ رشدَتْ، أَوْ عُضِلَتْ، أَوْ زُوِّجَتْ بِعَرْضٍ، أَوْ بِرِقٍّ، أَوْ عَيْبٍ، أَوْ يَتِيمَةٍ أَوِ افْتِيتَ عَلَيْهَا، وَصَحَّ إِنْ قَرُبَ رِضَاهَا بِالْبَلَدِ وَلَمْ يُقِرَّ بِهِ حَالَ الْعَقْدِ. وَإِنْ أَجَازَ مُجْبِرٌ فِي ابْنٍ وَأَخٍ وَجَدٍّ فَوَّضَ لَهُ أُمُورَهُ بِبَيِّنَةٍ جَازَ. وَهَلْ إِنْ قَرُبَ؟ تَأْوِيلانِ.
(الشرح)
قوله: (فَحَاكِمٌ) يريد أنَّ ولاية الحاكم متأخرة عن غيرها (9)، فإذا لم يكن (10) من
(1) في (ن): (القصار).
(2)
انظر: التوضيح: 3/ 561.
(3)
في (ن 2): (تلك).
(4)
في (ن): (الحنانة).
(5)
انظر: التوضيح: 3/ 562.
(6)
في (ن): (يريد).
(7)
في (ن 2): (للكافل).
(8)
في (ن) و (ن 2): (بالدناءة).
(9)
في (ن 2): (غيره).
(10)
في (ن): (يوجد).
الأولياء أحد زوج السلطان، وهو ظاهر.
قوله: (فَوِلايَةُ عَامَّةِ مُسْلِمٍ) يريد أن الولاية على ضربين: خاصة وقد تقدّمت، وعامة وهي ولاية الإِسلام، وهي المراد بهذا الكلام فلا تختص بشخص دون شخص (1)، بل كل مسلم له مدخل فيها؛ لقوله تعالى:{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة: 71]، ولا يقدم على (2) العقد بها مع وجود الولاية الخاصة، فإن أقدم (3) وليست الخاصة ولاية إجبار والمرأة دنيَّة، فني ذلك روايتان. عبد الوهاب (4): إلا (5) أن الأظهر جواز النكاح (6)، وشهر (7) في التنبيهات القول بالصحة، قال: وهو قول ابن القاسم، وإليه أشار بقوله:(وَصَحَّ بِهَا فِي دَنِيئَةٍ مَعَ خَاصٍّ لَمْ يُجْبِرْ) أي: وصحَّ النكاح بالولاية العامة مع الولاية الخاصة في المرأة الدنية، وروى أشهب أنها ليست بولاية، وقاله ابن حبيب (8)، وعليه فلا يصح النكاح.
قوله: (كَشَرِيفَةٍ دَخَلَ وَطَالَ) أي: وهكذا يصح النكاح بالولاية العامة مع الولاية الخاصة في المرأة الشريفة إذا دخل بها زوجها وطال مكثها معه، فإن لم يطل فللولي الأقرب أو الحاكم إن غاب الأقرب أولم يكن - رَدُّ النكاح، وهو قول ابن القاسم في المدونة، وإليه أشار بقوله:(وَإِنْ قَرُبَ فَلِلأَقْرَبِ أَوِ الحَاكِمِ إِنْ غَابَ الرَّدُّ) وحصَّل بعضهم فيها ستة أقوال، الفسخ مطلقًا لسحنون (9).
اللخمي (10): يريد وإن تطاول بالأولاد (11)،
(1) في (س) و (ن 2): (غيره).
(2)
قوله: (على) ساقط من (ز).
(3)
في (ن) و (ن 2): (تقدم).
(4)
قوله: (عبد الوهاب) يقابله في (ن): (ذهب عبد الوهاب).
(5)
قوله: (إلا) زيادة من (ز)، وفي (ن):(إلى).
(6)
انظر: المعونة: 1/ 482.
(7)
في (ن 2): (وشهره).
(8)
انظر: النوادر والزيادات 4/ 404.
(9)
انظر: المدونة: 2/ 112.
(10)
قوله: (اللخمي) ساقط من (س).
(11)
انظر: التبصرة، للخمي، ص:1788.
وإلا (1) مضى (2) مطلقًا، والخيار للولي في فسخه وإمضائه ما لم يدخل، وروي عن مالك (3) أنَّه يفسخ بطلقة إلا أن يجيزه الوليّ أو السلطان إن لم يكن ولي (4)، ولمالك في المدونة الوقف إذا أجازه الوليّ بالقرب (5)، ولابن القاسم ما تقدم، ونصه في المدونة: وإن أجازه الوليّ بالقرب جاز، سواء دخل الزوج أم لا، وإن أراد فسخه بحدثان الدخول فذلك له، فأما إن طالت إقامتها وولدت الأولاد أمضيته إن كان صوابًا ولم يفسخ، وقاله مالك (6)، واختلف الأشياخ في فهمه، فقال ابن التبان: إن كان قبل البناء بالقرب فللولي إجازته وفسخه، وإن طال قبل البناء فليس إلا الفسخ، وإن كان بقرب البناء فله أيضًا (7) إجازته وفسخه، وإن طال (8) بعد البناء (9) فليس له فسخه، واقتصر عليه ابن يونس. وقال غيره: إنه يخير قبل البناء وإن طال حكاه عبد الحق (10). وإلى هذين التأويلين أشار بقوله: (وَفِي تَحَتُّمِهِ إِنْ طَالَ قَبْلَهُ تَأْوِيلانِ) أي (11): وفي تحتم الرد إن طال قبل البناء وعدم تحتمه تأويلان.
قوله: (وَبِأَبْعَدَ مَعَ أَقْرَبَ إِنْ لَمْ يُجْبِرْ) أي: وهكذا يصح النكاح بولاية الأبعد مع وجود الأقرب إذا لم يكن له الجبر وهو المشهور، وقاله في المدونة (12)، وهو مبني على أن تقدمة (13) الأقرب من باب الأولى لا من باب الأوجب وإلا
(1) قوله: (وإلا) ساقط من (س).
(2)
قوله: (وإلا مضى) يقابله في (ن): (والإمضاء)، وقوله:(تطاول بالأولاد، وإلا مضى) يقابله في (ن 2): (ولدت أولادًا والإمضاء).
(3)
في (ن): (ابن القاسم).
(4)
انظر: تهذيب المدونة: 2/ 147.
(5)
قوله: (الوليّ بالقرب) يقابله في (ن 2): (أي أجازه بالقرب).
(6)
انظر: المدونة: 2/ 112.
(7)
قوله: (أيضًا) ساقط من (ن).
(8)
قوله: (قبل البناء فليس. . . وفسخه، وإن طال) ساقط من (ز).
(9)
قوله: (بعد البناء) زيادة من (ن 2).
(10)
في (ن): (عبد الوهاب). وانظر: التوضيح: 3/ 558.
(11)
في (ن): (يريد).
(12)
انظر: المدونة: 2/ 112.
(13)
قوله: (مبني على أن تقدمة) يقابله في (ن): (وهو على تقديم).
لفسخ (1)، وفي المدونة أيضًا: أن السلطان ينظر في الأحسن للمرأة هل الفسخ أو الإمضاء (2)؟ وقال بعضهم: إنما ينظر السلطان إذا ادعى الأقرب أنها زوجت (3) من غير كفؤ، وإلا فإن (4) اعترف أنَّه كفؤ فلا ينظر له في ذلك.
ولابن الماجشون وابن حبيب: أنَّه يفسخ ما لم يبنِ بها، ولمالك في ثمانية (5) أبي زيد: أنَّه يفسخ ما لم يتطاول وإلا خيرت (6)، وللمغيرة: أنَّه يفسخ مطلقًا (7)، وأخذ بعضهم من المدونة أن الأبعد إن كان كأخ لأب مع أخ شقيق مضى، وإن كان كابن عم مع أخ رُدَّ (8). اللخمي: وهذا في ذات القدر، وأما الدنية فيمضي قولًا واحدًا (9)، واختلف هل يجوز الإقدام على هذا النكاح (10) أو (11) لا؟ فقال في التنبيهات: المشهور منعه ابتداء، وإليه أشار بقوله:(وَلَمْ (12) يَجُزْ) أي: (13) إقدام الأبعد على النكاح (14) مع وجود الأقرب، وقال بعضهم: الذي يُعطيه ظاهر (15) المدونة جوازه ابتداء، وقال البغداديون: يجوز ابتداء من غير كراهة، وقيل: بالكراهة.
قوله: (كَأَحَدِ المُعْتِقَيْنِ) يريد أنَّ حكم الوليين إذا استويا في الدرجة حكم الأبعد مع الأقرب، فيصح نكاح أحدهما مع وجود الآخر، ولا يجوز الإقدام عليه ابتداء، وحكم
(1) في (ن): (ولا يفسخ).
(2)
انظر: المدونة: 2/ 112.
(3)
في (ن) و (ن 2): (زوجة).
(4)
قوله: (وإلا فإن) يقابله في (ن 2): (وأما إن).
(5)
زاد بعده في (ن): (ابن).
(6)
قوله: (وإلا خيرت) زيادة من (ن 2).
(7)
انظر: الاستذكار: 5/ 394.
(8)
في (ن 2): (لم يمض).
(9)
انظر: التبصرة، للخمي:1787.
(10)
في (ن 2): (الإنكاح).
(11)
في (ن): (أم).
(12)
في (ن): (ولو لم).
(13)
زاد بعده في (ن): (لم يجز).
(14)
في (ز) و (ن 2): (الإنكاح).
(15)
قوله: (ظاهر) زيادة من (ن 2).
الأخوين أو العمين ونحوهما حكم المعتقين.
قوله: (وَرِضَا الْبِكْرِ صَمْتٌ) يريد أن البكر يكفي في إذنها صمتها، ولا يشترط نطقها لما جُبِل عليه أكثرهن من الامتناع من النطق، ولما يلحقها به (1) من الحياء.
قوله: (كَتَفْوِيضِهَا) أي (2): وهكذا الحكم (3) إذا فوضت إلى وليّها (4) النكاح لا يشترط نطقها.
قوله: (وَنُدِبَ إِعْلامُهَا بِهِ) أي: ويستحب إعلامُ البكرِ أن صمتها إذنٌ منها، وهكذا نقل في المنتقى عن مالك. ابن شعبان: يقال لها ثلاثًا: إن رضيتِ فاصمتي، وإن كرهت فانطقي (5). وقال غيره: يقال لها مرة واحدة: إن فلانًا خطبك على صداق كذا، فإن رضيت فاصمتي وبصماتك يلزمك، وإن كرهت فانطقي (6).
قوله: (وَلا يُقْبَلْ دَعْوَى جَهْلِهِ (7) فِي تَأْوِيلِ الَأكْثَرِ) يريد: أن البكر إذا سكتت حتى عقد نكاحها، ثمَّ قالت: لم أعلم أن الصمت إذن، فإن ذلك لا يقبل منها على تأويل أكثر الأشياخ، وهو الأصح؛ لأنَّ ذلك مشهور عند كل أحد، ومقابل الأصح مبني على وجوب إعلامها، واختار (8) عبد الحميد أن ينظر إلى هذه الصبية، فإن علم منها البله (9) وقلة المعرفة قبل منها ذلك، وإلا فلا (10). ولهذه المسألة نظائر، وهي تسع (11) وثلاثون مسألة (12) ذكرتها (13) في الكبير (14).
(1) قوله: (به) ساقط من (ن).
(2)
قوله: (أي) ساقط من (ن).
(3)
قوله: (الحكم) ساقط من (ن 2).
(4)
قوله: (إلى وليّها) يقابله في (ن): (لوليها).
(5)
انظر: المنتقى: 5/ 12.
(6)
انظر: التوضيح: 3/ 526.
(7)
قوله: (وَلا يُقْبَلُ دَعْوَى جَهْلِهِ) يقابله في (ن): (ولا تقبل دعوى جهلها).
(8)
في (ز): (وقال).
(9)
في (ن): (الغفلة).
(10)
انظر: التوضيح: 3/ 527.
(11)
قوله: (وهي تسع) يقابله في (ن): (ثمان).
(12)
قوله: (مسألة) ساقط من (ز).
(13)
في (ن): (ذكرناها).
(14)
قوله: (المسألة نظائر. . . ذكرتها في الكبير) يقابله في (ن 2): (المسائل نظائر، ثمان وثلاثون مسألة =
قوله: (وَإِنْ مَنَعَتْ أَوْ نَفَرَتْ لَمْ تُزَوَّجْ) لا إشكال في ذلك، وإلا لفاتت فائدة استئذانها (1)، ويعلم ذلك منها بنطقها أو غيره (2) مما يدلّ على المنع. قال في الجلاب: ومثل ذلك إذا نفرت عند استئذانها أو قامت أو بكت (3) أو ظهر منها ما يدلّ على كراهة النكاح فلا يصح مع ذلك أو ظهر منها ما يدلّ على (4) الإنكار (5).
قوله: (لا إِنْ ضَحِكَتْ) أي: فإنها تزوج؛ لأنه دليلٌ على الرضا منها.
قوله: (أَوْ بَكَتْ) قال في كتاب (6) محمَّد في البكاء: هو رضا منها (7) لاحتمال أن تكون بكت لفقد أبيها، وتقول في نفسها: لو كان أبي حيًّا (8) لما احتجت إلى ذلك. بعض الموثقين: ووقعت هذه المسألة فحكمت فيها بإمضاء النكاح (9).
وفي الجلاب: إذا بكت لا يلزمها النكاح (10)، وهو خلاف ما هنا، لكن الشيخ هنا (11) اعتمد على ما في الموازية (12)، وقوَّاه بقول بعض (13) الموثقين الذي قدمناه.
قوله: (وَالثَّيِّبُ تُعْرِبُ) أي: تُعْرِبُ عن نفسها؛ بمعنى أنها تُفْصِح عن أمرها، وتظهر ما اقتضاه رأيها من منعٍ أو إجابة بنطقها مطلقا (14)، ولا يكفي صمتها بخلاف البكر،
= ذكرنا في الكبير).
(1)
قوله: (لفاتت فائدة استئذانها) يقابله في (ن) و (ن 2): (فلا فائدة لاستئذانها).
(2)
في (ن): (غير ذلك).
(3)
قوله: (أو بكت) ساقط من (س) و (ن).
(4)
قوله: (كراهة النكاح. . . منها ما يدلّ على) زيادة من (ن 2).
(5)
انظر: التفريع: 1/ 371.
(6)
قوله: (كتاب) ساقط من (ن 2).
(7)
قوله: (منها) ساقط من (ن).
(8)
قوله: (لو كان أبي حيًّا) يقابله في (ز): (لو كان لي أب حي).
(9)
انظر: التوضيح: 3/ 527.
(10)
انظر: التفريع: 1/ 371.
(11)
قوله: (هنا) ساقط من (ن).
(12)
في (ن 2): (المدونة).
(13)
قوله: (بعض) زيادة من (ز) و (ن).
(14)
قوله: (مطلقا) زيادة من (ز 2).
ولقد جاء هذا مصرحًا به في قوله عليه السلام في البكر: "وإذنها صماتها"(1).
وقال في حديثٍ آخر: "والأيم (2) تعرب عن نفسها"(3)، وفي البخاري:"يعرب عنها لسانها"(4).
قوله: (كَبِكْرٍ رشدَتْ، أَوْ عُضِلَتْ، أَوْ زُوِّجَتْ بِعَرْضٍ، أَوْ بِرِقٍّ، أَوْ عَيْبٍ، أَوْ يَتِيمَةٍ، أَوِ افْتِيتَ عَلَيْهَا) يريد أن هذه الأبكار السبع يساوين الثيّب في أن صماتهن لا يكفي في تزويجهن، ولا بدَّ فيه من نطقهنَّ:
الأولى: المرشدة ذات الأب؛ لأنه لما أرشدها (5) دلَّ ذلك على أنها عارفة بمصالح نفسها وما يراد منها، قاله الموثقون.
الثانية: التي عضلها وليّها؛ أي: منعها من النكاح فرفعت أمرها إلى الحاكم، ذكرها الغرناطي.
الثالثة: التي زوجت (6) بعرض؛ لأنها بائعة (7) مشترية، وذلك لا يكون بالصمت.
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري: 6/ 2556، في باب في النكاح، من كتاب الحمل، برقم 6570، ومسلم: 2/ 1037، في باب استئذان الثيّب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت، من كتاب النكاح، برقم 1421، ومالك: 2/ 524، في باب استئذان البكر والأيم في نفسها، من كتاب النكاح، برقم:1092.
(2)
في (ن): (الثيّب).
(3)
صحيح: أخرجه ابن ماجه: 1/ 602، في باب استئمار البكر والثيب، من كتاب النكاح، برقم: 1872، وأحمد: 4/ 192، برقم: 17758، والطبراني في الكبير: 17/ 108، برقم: 264، والبيهقيُّ في الكبرى: 7/ 123، برقم:13483. ولفظه: "الثيّب تعرب عن نفسها". وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة": رجال إسناده ثقات، إلا أنَّه منقطع؛ فإن عديًّا لَم يسمع من أبيه عديّ بن عميرة، يدخل بينهما العرس بن عميرة. قاله أبو حاتم وغيره. لكن الحديث له شواهد صحيحة.
(4)
لم أقف عليه عند البخاري، والذي وقفت عليه في هذا المتن لا يختص بهذا الباب؛ وهو قوله صلى الله عليه وسلم:"والذي نفس محمَّد بيده، ما من نسمة تولد إلا على الفطرة، حتى يعرب عنها لسانها". أخرجه أحمد: 3/ 435، برقم: 15626، والطبراني في الكبير: 1/ 284، برقم: 829، والحاكم: 2/ 133، برقم:2566.
(5)
قوله: (لأنه لما أرشدها) يقابله في (ن): (لأنها لما بان رشدها).
(6)
في (ن): (تزوجت).
(7)
زاد بعده في (ن): (و).
المتيطي: وحكاه ابن لبابة وابن العطار عن كثير من أشياخنا، وقيل: صمتها كافٍ (1).
الرابعة: من (2) زوجت بمن (3) فيه رق وإن قلَّ.
والخامسة (4): من زوجت بذي عيب، فلا بدَّ من نطقها لما يدخل عليها ويلزمها من ذلك العيب، وذكر هذه والتي قبلها الموثقون أيضًا.
والسادسة (5): اليتيمة (6) المحتاجة، وهذا الكلام يوهم أن ما تقدم خاص (7) بذات الأب وليس كذلك (8).
والسابعة: من افتيت عليها بمعنى أنَّه عقد عليها قبل إذنها ثمَّ استؤذنت بعد ذلك فلا بدَّ من نطقها، وقد أشار إلى حكم ذلك بقوله:(وَصَحَّ إِنْ قَرُبَ رِضَاهَا بِالْبَلَدِ) أي: فإن زوجت بغير إذن ثمَّ استؤذنت بعد ذلك (9) صحَّ العقد إن قرب ما بين الإذن والتزويج وكانت ببلد العقد حين التزويج (10)، فإن تأخر إعلامُها أو كانت بغير البلد لم يجز وإن رضيت (11)، وهذا هو المشهور، وحكى محمَّد الجواز مطلقًا (12)، وابن الجلاب المنع مطلقًا (13)، وفي البيان طريقة ثانية، وهي أن الخلاف مع القرب، فإن بعد لم يجز النكاح، وإن أجازته باتفاق، إلا على تأويل التونسي الذي تأوله أنَّه لا فرق على أحد
(1) انظر: التوضيح: 3/ 534.
(2)
قوله: (من) ساقط من (ز).
(3)
في (ن): (لمن).
(4)
قوله: (و) ساقط من (ن).
(5)
قوله: (و) ساقط من (ن).
(6)
في (ن): (الصغيرة).
(7)
قوله: (خاص) ساقط من (ن).
(8)
زاد بعده في (ن): (يعني التي زوجت قبل البلوع واليتيمة غير البلاغ إذ لا يتم بعد البلوغ ومهما أطلقت اليتيمة فالمراد بذلك).
(9)
قوله: (بعد ذلك) زيادة من (ز 2).
(10)
زاد بعده في (ن): (جاز).
(11)
زاد بعده في (ن): (وهذا هو النكاح المسمى عندهم بالنكاح الموقوف).
(12)
انظر: النوادر والزيادات: 4/ 395.
(13)
انظر: التفريع: 1/ 362.
قولي مالك (1) بين القرب والبعد، قال: وعليه فيكون في المسألة ثلاثة أقوال، وعن بعضهم طريقة ثالثة أن الخلاف مع البعد دون القرب، وحد عيسى القرب يكون العقد في السوق أو المسجد، ثمَّ يسار إليها بالخبر من ساعته (2). وروى ابن حبيب نحوه، وأن اليوم عند مالك في حيز البعد (3)، ولأصبغ وسحنون أن اليومين (4) قريب، سحنون: والخمسة كثير (5)، وعنه أيضًا أن القرب ما بين مصر والقلزم، وإن كان مثل مصر والإسكندرية أو أسوان لم يجز (6). اللخمي: ولا أعلم لقوله وجهًا (7) إلا أن يقال أن الخيار إلى يوم أو يومين جائز (8).
قوله: (وَلَمْ يُقِرَّ بِهِ حَالَ الْعَقْدِ) هذا أيضًا من شروط الصحة، وهو عدم إقرار الوليّ حال العقد بالافتيات، فإن أقر بذلك عند العقد فسخ أبدًا على كلِّ حال من غير خلاف.
قوله: (وَإِنْ أَجَازَ مُجْبِرٌ فِي ابْنٍ وَأَخٍ وَجَدٍّ فَوَّضَ لَهُ أُمُورَهُ بِبَيِّنَةٍ جَازَ) هذه مسألة المدونة قال فيها: ومن زوج أخته البكر بغير أمر الأب لم يجز وإن أجازه الأب (9)، إلا أن يكون الابن قد فوض إليه أبوه جميع شأنه، فقام بأمره (10) فيجوز بإجازة الأب، وكذلك في أمة (11) الأب (12)، وكذلك في الجد والأخ يقيمه (13) هذا المقام (14). ابن حبيب:
(1) في (ز): (ابن القاسم).
(2)
انظر: البيان والتحصيل: 4/ 268 و 269 و 270.
(3)
في (ز)(البعيد).
(4)
في (ن 2): (اليوم).
(5)
في (ن): (كثيرة).
(6)
انظر: النوادر والزيادات: 4/ 428، والمنتقى: 5/ 99.
(7)
في (ن): (معها).
(8)
انظر: التبصرة، للخمي، ص:1804.
(9)
قوله: (الأب) ساقط من (س).
(10)
في (ن 2): (بأموره).
(11)
في (ن 2): (ابنة).
(12)
قوله: (وكذلك في أمة الأب) ساقط من (س).
(13)
في (ز) و (ز 2) و (س): (بقيمة)، وفي (ن 2):(يقيمهما).
(14)
انظر: المدونة: 2/ 125.
وكذلك سائر الأولياء. الأبهري وابن محرز: وكذلك الأجنبي. أي: إذا فوض إليهم الأب (1) القيام بأمره وشأنه (2). أبو الحسن الصغير: ومعنى التفويض هنا أن يكون الأب فوض إلى الابن جميع شأنه بالعادة لا بالصيغة، ولو فوض إليه بالصيغة لم يحتج في ذلك إلى اشتراط إجازة الأب. اللخمي: وإذا أجاز الأب ذلك فلا بد من تضمين عقد النكاح معرفة الشهود بتفويض الأب لولده؛ لئلا يكون داعية إلى إجازة (3) نكاح من لا يجوز له العقد (4)، وإليه أشار بقوله:(ببينة)، وفسر سحنون ما وقع في المدونة من الإجازة يكون الأب كان غائبًا. وقال عن (5) حمديس: معنى (6) ولم يطل. أي: ما بين الإجازة والعقد، وقال أبو عمران: يجوز بالإجازة وإن بَعُد (7)، وإلى هذا أشار بقوله:(وَهَلْ إِنْ قَرُبَ؟ تَأْوِيلانِ).
(المتن)
وَفُسِخَ تَزْوِيجُ حَاكِمٍ أَوْ غَيْرِهِ ابْنَتَهُ فِي كَعَشْرٍ، وَزَوَّجَ الْحَاكِمُ فِي كَإِفْرِيقِيَّةَ، وَظُهِرَ مِنْ مِصْرَ، وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا بِالاِسْتِيطَانِ، كَغَيْبَةِ الأَقْرَبِ الثَّلاثَ. وَإِنْ أُسِرَ أَوْ فُقِدَ؛ فَالأَبْعَدُ، كَذِي رِقٍّ، وَصِغَرٍ وَعُتَهٍ، وَأُنُوثَةٍ؛ لَا فِسْقٍ، وَسَلَبَ الْكَمَالَ وَوَكَّلَتْ مَالِكَةٌ، وَوَصِيَّةٌ، وَمُعْتِقَةٌ وَإِنْ أَجْنَبِيًا، كَعَبْدٍ أُوصِيَ، وَمُكَاتَبٍ فِي أَمَةٍ طَلَبَ فَضْلًا وَإِنْ كَرِهَ سَيِّدُهُ. وَمَنَعَ إِحْرَامٌ مِنْ أَحَدِ الثَّلاثَةِ كَكُفْرٍ لِمُسْلِمَةٍ وَعَكْسِهِ؛ إِلَّا لِأَمَةٍ وَمُعْتَقَةٍ مِنْ غَيْرِ نِسَاءِ الْجِزْيَةِ.
(الشرح)
قوله: (وَفُسِخَ تَزْوِيجُ حَاكِمٍ أَوْ (8) غَيْرِهِ ابْنَتَهُ فِي كَعَشْرٍ) يريد أن الحاكم أو غيره من الأولياء إذا زوجوا البكر في غيبة الأب القريبة كعشرة أيام ونحوها، فإن النكاح يفسخ.
(1) قوله: (إليهم الأب) يقابله في (ن): (إليه).
(2)
انظر: التوضيح: 3/ 553.
(3)
قوله: (إجازة) ساقط من (ز).
(4)
القول عزاه صاحب التوضيح للمتيطي انظر: التوضيح: 3/ 554، النهاية والتمام في معرفة الوثائق والأحكام، للمتيطي 1/ 318.
(5)
قوله: (عن) زيادة من (ن 2).
(6)
في (ن): (معناه).
(7)
انظر: التوضيح: 3/ 553.
(8)
في (ن): (و).
ابن رشد: من غير خلاف (1). وعن ابن القاسم: وإن ولدت الأولاد، وإن أجازه الأب (2). ولم يقيد الشيخ كلامه بالبكر لفهم ذلك مما تقدمه (3)؛ إذ الضمير في (ابنته) عائد على الأب المجبِر.
قوله: (فِي كَعَشْرٍ) أي: في غيبة أبيها كعشرة أيام؛ بمعنى أن يكون ذلك بمقدار (4) مسافة بلده من بلد العقد، وجاز حذف التاء من عشرة إمَّا لأن مراده عشر ليال، أولما جاء من قولهم: صمنا من الشهر عشرًا.
قوله: (وَزَوَّجَ الحَاكِمُ فِي كَإِفْرِيقِيَّةَ، وَظُهِرَ مِنْ مِصْرَ) أشار رحمه الله إلى أن (5) غيبة أبي البكر تارة تكون قريبة كما تقدَّم، وتارة تكون بعيدة، والكلام الآن فيها، ويتنزل (6) منزلة البعيدة (7) كالأسير ونحوه مما سيأتي، قال في المدونة: ومن غاب عن ابنته غيبة انقطاع كمن خرج إلى المغازي لمثل إفريقية وطنجة والأندلس فأقام بها، فرفعت أمرها إلى الحاكم فلينظر لها ويزوجها (8). ابن رشد: وقوله مثل إفريقية، يريد من مصر (9)، واستبعد لأن المسألة لمالك، وإنما قال ذلك بالمدينة، ولعله أراد مثل إفريقية من (10) المدينة وهو الظاهر، وتبع هنا ابن رشد في تفسيره لذلك (11)، وقد اختلف في هذه المسألة على أربعة أقوال:
الأول: إن دعت حاجتها إلى ذلك زوجت، وإن لم يخف عليها وكان يُجري عليها النفقة، وإن لم يستوطن المكان الذي سار إليه، وهو ظاهر العتبية (12)، ونسبه بعضُهم
(1) انظر: البيان والتحصيل: 4/ 328.
(2)
قوله: (الأب) ساقط من (ن). وانظر: النوادر والزيادات: 4/ 397.
(3)
في (ن): (قدمه).
(4)
في (ن): (مقدار).
(5)
قوله: (أن) ساقط من (ز).
(6)
في (ز) و (ز 2) و (س) و (ن 1) و (ن 2): (ويتنزلة).
(7)
في (ن): (البعد).
(8)
انظر: المدونة: 2/ 106.
(9)
انظر: البيان والتحصيل: 4/ 328.
(10)
في (ن 2): (و).
(11)
في (ن): (كذلك).
(12)
انظر: النوادر والزيادات: 4/ 396.
للمدونة، واقتصر عليه الشيخ هنا.
والثاني: أنها تزوج إن استوطن ذلك البلد وإلا فلا، وإن دعت (1) إلى ذلك وإن لم يُجرِ عليها النفقة، وتؤول على المدونة أيضًا، وإليه أشار بقوله:(وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا بِالاسْتِيطَانِ) ونبَّه بقوله: (أيضًا) على أن القول الأول متأول أيضًا على المدونة كما تقدَّم.
والثالث لابن حبيب: أنها تزوج إن طال استيطانه بالبلد الذي سار إليه كعشرين سنة وثلاثين (2). وقال ابن الماجشون: لا تزوج بحال حتى يقدم أبوها (3)، وقاله في الموازية، ومثله في سماع يحيى (4)، واستشكل لا سيما مع الخوف عليها واحتياجها إلى الإنفاق وغيره. وعن الإبياني: إن كان الأب بموضع يتعذر إذنه منه زوجها الحاكم (5)، وإنما كان الحاكم هو المزوج هنا دون الولي لأنه حكم على غائب، وهو المشهور. وفي الموازية: يزوجها الولي برضاها، وقاله ابن وهب (6).
قوله: (كَغَيْبَةِ الأَقْرَبِ الثَّلاثَ) يريد أن الولي الأقرب غير المجبر إذا غاب غيبة مسافتها من بلد المرأة ثلاث ليالٍ أو (7) نحوها فإن الحاكم يزوجها، ونحوه لمالك، وظاهر كلامه أيضًا أن الحاكم أولى بالتزويج في هذه من الولي كالتي قبلها، وفي الجواهر: أن الولاية تنتقل إذا غاب الأقرب إلى الأبعد (8)، أو إلى الحاكم فيزوجها أحدهما، وقيل: إلى الحاكم فقط فلا يزوجها غيره (9).
(1) زاد بعده في (ن): (حاجتها).
(2)
انظر: النوادر والزيادات 4/ 397.
(3)
انظر: المنتقى: 5/ 226.
(4)
انظر: البيان والتحصيل: 4/ 328.
(5)
انظر: المنتقى: 5/ 226.
(6)
انظر: البيان والتحصيل: 4/ 328، وانظره عن العتبية في: النوادر والزيادات 4/ 396، والبيان والتحصيل: 5/ 36.
(7)
في (ن): (و).
(8)
قوله: (إذا غاب الأقرب إلى الأبعد) يقابله في (ن 2): (للأقرب من الغائب)، وفي (ن):(إذا غاب الأقرب إلى الغائب).
(9)
انظر: عقد الجواهر: 2/ 422.
قوله: (وَإِنْ أُسِرَ، أَوْ فُقِدَ، فَالأَبْعَدُ) أي (1): فإن أُسِر أبو البِكر، أو فُقِد أو انقطع (2) خبرُه زَوَّجَها الأبعدُ، وهو المشهور. المتيطي: وبه القضاء. وقال عبد الملك: لا تزوج إلا بعد أربع سنين من يوم أُسِر أو فُقِد. وقيل: لا تزوج بحال (3). وانظر هذا مع قول صاحب البيان: لا خلاف أن الإمام يزوجها إذا دعت (4) في الضرر (5) ونحوه في الطراز وصوب؛ إذ لا فرق بين كون الأب أسيرًا أو بعيد الغيبة، لكن ذكر غير واحد أن (6) المشهور كما (7) قدمناه.
قوله: (كَذِي رِقٍّ، وَصِغَرٍ، وَعَتَهٍ، وَأُنُوثَةٍ) يريد أنَّ الأقرب إذا كان فيه وصف من هذه الأوصاف الأربعة، فإن الولاية تنتقل عنه إلى الأبعد، ولا فرق بين أن يكون كامل الرق أو مبعضًا (8) وإن قلَّ جزء رقه، فإن عقد الرقيق النكاح فسخ أبدًا وإن ولدت الأولاد بتطليقة، قاله مالك (9)، والمعتوه هو الضعيف العقل، وليس له أن يلي عقد نكاح وليته كالصغير. وأمَّا المرأة فليس لها ذلك من جهة الزوجة (10)، نعم يجوز أن تليه من جهة الزوج، كما إذا زوجت عبدها أو من كان في ولاية (11) إيصائها على المشهور، وهو قول ابن القاسم (12)، وقيل: لا يقبل له (13) حكاه عبد الوهاب (14).
قوله: (لا فِسْقٍ وَسَلَبَ الْكَمَالَ) يريد أن الفاسق لا تنتقل عنه الولاية إلى غيره؛ لأنَّ
(1) في (ن): (يريد).
(2)
قوله: (أو انقطع) ساقط من (ن).
(3)
انظر: التوضيح: 3/ 550.
(4)
زاد بعده في (ن): (حاجة إلى ذلك ونحوه).
(5)
قوله: (في الضرر) زيادة من (ن 2). وانظر: البيان والتحصيل: 4/ 328.
(6)
قوله: (أن) زيادة من (ن 2).
(7)
في (ن): (ما).
(8)
في (ن): (بعضه).
(9)
انظر: النوادر والزيادات: 4/ 408 و 409.
(10)
في (ز): (الزوجية).
(11)
قوله: (ولاية) زيادة من (ن) و (ن 2).
(12)
انظر: النوادر والزيادات: 4/ 409.
(13)
قوله: (لا يقبل له) يقابله في (ن): (لا تعقد له)، وفي (س):(لا تقبل له)، وفي (ن 2):(يقبل).
(14)
انظر: التوضيح: 3/ 564.
الفسق إنما يسلب كمال الولاية. ابن شاس: وقيل: يسلبها (1). وحكى اللخمي عن ابن القصار: جواز (2) ولايته. وعن عبد الوهاب: كراهتها مع وجود العدل (3)، وحكى ابن بشير عنه قولين في صحة الولاية (4).
قوله: (وَوَكَّلَتْ مَالِكَةٌ، وَوَصِيَّةٌ، وَمُعْتِقَةٌ) يعني (5) أنَّ المرأة وإن سقط حقها من (6) تولية عقد النكاح فلا يسقط حقها من (7) تفويض ذلك إلى غيرها من الرجال؛ فتوكل من يزوج أمتها القن والمعتقة ومن هي في إيصائها، وأشار بقوله:(وَإِنْ أَجْنَبِيًّا) إلى أن لها أن توكل وليها أو غيره من الأجانب، وصوب ابن عبد السلام في المعتقة (8) أن الولاية لأوليائها دون من تقدمه هي في حياتها ودون ولدها بعد مماتها (9).
قوله: (كَعَبْدٍ أُوصِيَ، وَمُكَاتَبٍ فِي أَمَةٍ طَلَبَ فَضْلًا وَإِنْ كَرِهَ سَيِّدُهُ) هو ظاهر من قوله في المدونة: والعبد (10) إذا استخلفه حُرٌّ على البضع فليوكل غيره على العقد (11)، وللمكاتب إنكاح (12) إمائه على ابتغاء الفضل وإن كره سيده، ولكن يلي العقد غيره (13) بأمره (14)، ولا يجوز على غير ابتغاء الفضل إذا رده السيد إلا أن كلامه فيها أتم فائدة بالنسبة إلى المكاتب؛ لأن قوله: ولكن يعقد بأمر سيده، لا يدل عليه كلامه هنا بوجه،
(1) انظر: عقد الجواهر: 2/ 422.
(2)
زاد بعده في (ن): (نقل).
(3)
انظر: المعونة: 1/ 490، انظر: التبصرة، للخمي، ص:1780.
(4)
انظر: التوضيح: 3/ 569.
(5)
في (ن): (يريد).
(6)
في (ز) و (ن) و (ن 2): (في).
(7)
في (ن): (في).
(8)
قوله: (المعتقة) يقابله في (ن 2): (العتبية).
(9)
انظر: التوضيح: 3/ 565.
(10)
قوله: (العبد) ساقط من (ن) و (ن 2).
(11)
انظر: المدونة: 2/ 117.
(12)
في (ن): (نكاح).
(13)
قوله: (غيره) ساقط من (ز).
(14)
قوله: (غيره بأمره) يقابله في (ن): (بإقراره).
وقوله: ولا يجوز على غير ابتغاء الفضل إذا رده السيد (1)، يدل على أن السيد لو رضي ذلك جاز، ولا يؤخذ من كلامه هنا.
قوله: (وَمَنَعَ إِحْرَامٌ مِنْ أَحَدِ الثَّلاثَةِ) يريد أن الإحرام إذا كان (2) أحد الثلاثة وهم الزوج والزوجة والولي متلبسًا به فإنه يمنع من صحة عقد النكاح، وسواء كان إحرامه (3) بعمرة أو حج، وإلى هذا (4) ذهب الجمهور من الصحابة ومن بعدهم، وهو مذهب مالك والشافعي، وقيل: لا يمنع، وهو مذهب أبي حنيفة وجماعة (5).
قوله: (كَكُفْرٍ لِمُسْلِمَةٍ) أي: وكذلك كفر ولي (6) المسلمة يسلب ولايته عنها (7) ، ويمنع صحة إنكاحه لها، وقيل: إن كان كافرًا من أهل الجزية فله الولاء (8) عليها وإلا فلا كالمرتد والحربي، حكاه ابن الحاجب (9)، وأنكر وجوده غير واحد من الأشياخ وأثبته بعضهم. وأشار بقوله:(وَعَكْسِهِ (10)) إلى أن الحكم الذي تقدم موجود في عكس المسألة (11) السابقة، وهو أن يكون الوليُّ مسلمًا والمرأة كافرة، وهو المشهور، وقيل: له الولاية عليها. وقال ابن وهب: يزوجها من مسلم لا كافر (12). وقال ابن حبيب: يزوجها من نصراني إذا لم تكن من نساء أهل الجزية (13). وحصل في البيان فيها ثلاثة أقوال، يفرق في الثالث بين أن تكون من أهل الصلح فلا ولاية للمسلم عليها وإلا كان
(1) قوله: (إلا أن كلامه فيها أتم
…
رده السيد) ساقط من (ن)، وفي (ن 2):(وهذا).
(2)
زاد في (ن 2): (من).
(3)
في (س) و (ن 2): (إحرامهم).
(4)
قوله: (هذا) ساقط من (ن 2).
(5)
انظر: المنتقى: 3/ 408.
(6)
في (ن): (بولي).
(7)
في (ن): (عليها).
(8)
في (ن): (الولاية).
(9)
انظر: الجامع بين الأمهات، ص:379.
(10)
قوله: (وأشار بقوله: "وَعَكْسِهِ") يقابله في (ن 2): (وإليه أشار بقوله: "كَعَكْسِهِ").
(11)
في (س): (المسلم).
(12)
انظر: النوادر والزيادات: 4/ 410.
(13)
انظر: البيان والتحصيل: 5/ 66.
له ذلك. وذهب ابن لبابة إلى أنه لا خلاف في المسألة، وأن الأقوال ترجع إلى أنها إن كانت عليها جزية فلا يزوجها المسلم، كانت من أهل الصلح أم لا، وإن لم يكن عليها جزية زوجها (1)، ويحمل (2) القول الأول على أنه أراد مولاته التي أعتقها وهو نصراني، والقول الثاني على أنهما معتقان (3) لمسلم، وإلى هذا التوافق (4) أشار بقوله:(5)(مِنْ غَيْرِ نِسَاءِ الْجِزْيَةِ)، ومعنى قوله:(إِلا لأَمَةٍ وَمُعْتَقَةٍ) أي (6) أن المسلم إذا كان له أمة كافرة أو أمة (7) معتقة كافرة فإنه يجوز له أن يزوجها، ولا يسقط حقه في (8) ذلك وهو المشهور، وقال أبو مصعب (9): ليس له ذلك في الأمة، وهي (10) في السليمانية. اللخمي: وعليه لا يزوج معتقته (11) النصرانية (12).
(المتن)
وَزَوَّجَ الْكَافِرُ لِمُسْلِمٍ. فَإِنْ عَقَدَ مُسْلِمٌ لِكَافِرٍ تُرِكَ. وَعَقَدَ السَّفِيهُ ذُو الرَّأْيِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ، وَصَحَّ تَوْكِيلُ زوْجٍ الْجَمِيعَ؛ لَا وَلِيٍّ إِلَّا كَهُوَ، وَعَلَيْهِ الإِجَابَةُ لِكُفُؤ، وَكُفْؤُهَا أَوْلَى فَيَأْمُرُهُ الْحَاكِمُ، ثُمَّ زَوَّجَ. وَلَا يَعْضُلُ أَبٌ بِكْرًا بِرَدٍّ مُتَكَرِّرٍ حَتَّى يُتَحَقَّقَ. وَإِنْ وَكَّلَتْهُ مِمَّنْ أَحَبَّ عَيَّنَ، وَإِلَّا فَلَهَا الإِجَازَةُ، وَلَوْ بَعُدَ لَا الْعَكْسُ. وَلابْنِ عَمٍّ وَنَحْوِهِ إِنْ عَيَّنَ تَزْوِيجُهَا مِنْ نَفْسِهِ؛ بِتَزَوَّجْتُكِ بِكَذَا وَتَرْضَى. وَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ.
(الشرح)
قوله: (وَزَوَّجَ الْكَافِرُ، لِمُسْلِمٍ، فَإِنْ عَقَدَ مُسْلِمٌ لِكَافِرٍ تُرِكَ)، يريد: أن الكافر هو الذي
(1) انظر: البيان والتحصيل: 4/ 293 و 294.
(2)
في (ن): (ويحتمل).
(3)
في (ز) و (ز 2) و (س) و (ن 1) و (ن 2): (معتقين).
(4)
في (ن 2): (التفريق).
(5)
زاد بعده في (ن): (ومعتقة).
(6)
قوله: (أي) ساقط من (ن).
(7)
قوله: (أمة) ساقط من (س) و (ن) و (ن 2).
(8)
في (ن): (من).
(9)
في (ن 2): (ابن مصعب).
(10)
في (ن): (وهو).
(11)
في (ن): (معتقة).
(12)
انظر: التبصرة، للخمي، ص:1828.
يلي عقد وليته الكافرة إذا زُوجت لمسلم -يعني: أو كافر- فإن عقد عليها وليها المسلم لكافر (1) مضى، وهو معنى قوله:(ترك). ابن القاسم: وقد ظلم المسلم نفسه لما أعان على ذلك (2).
قوله: (وَعَقَدَ السَّفِيهُ ذُو الرَّأْي بِإِذْنِ وَلِيِّهِ) يريد أنَّ السفيه هو الذي يتولى العقد بنفسه بإذن وليه إذا كان ذا رأي؛ أي: وإن كان ضعيف الرأي فلا، وهو قول ابن القاسم في الموازية. وقال أشهب: إن لم يكن عليه حجر من وصي ولا حاكم عقد. وقال ابن وهب: يعقد وليه، ويستحب له أن يحضره، فإن لم يكن له ولي فعقده ماضٍ إن كان صوابًا (3).
قوله: (وَصَحَّ تَوْكِيلُ زَوْجٍ الجَمِيعَ) يريد أن جميع من تقدم ممن لا يجوز لهم عقد النكاح من جهة المرأة لنقصٍ فيهم يجوز أن يكونوا وكلاء من جهة الزوج، فيباشرون الطرف الآخر، وهو الأصح، وقيل: لا يصح عقده، لكن أنكر بعض الأشياخ وجود هذا القول في المذهب.
قوله: (لا وَلِيٍّ إِلا كَهُوَ) أي: لا (4) ولي الزوجة، فإنه لا يوكل إلا من يكون مثله (5) ممن (6) يصح أن يَكون وليًّا لها في استكمال الشروط.
قوله: (وَعَلَيْهِ الإِجَابَةُ لِكُفُؤٍ) يعني أن الولي يجب عليه إجابة المرأة إذا دعت إلى كفؤ معين. يريد: مع كونها بالغًا.
قوله: (وَكُفُؤُهَا أَوْلَى) يريد أن الولي إذا عين كفؤًا وعينت المرأة كفؤًا غيره، فإن كفؤها أولى من كفؤ الولي، ولهذا قال:(فَيَأْمُرُهُ الْحَاكِمُ) أي: فبسبب كون كفؤ المرأة أولى يأمره الحاكم بإجابة المرأة، فإن زوجها فلا كلام وإلا عُدَّ عاضلًا، وزوجها حينئذٍ السلطان، وهو مراده بقوله:(ثُمَّ زَوَّجَ) أي: الحاكم، قال في العدة (7): وإن شاء رده إلى
(1) قوله: (المسلم لكافر) يقابله في (ز)(الكافر لمسلم).
(2)
انظر: النوادر والزيادات: 4/ 411.
(3)
انظر: النوادر والزيادات: 4/ 418.
(4)
قوله: (لا) ساقط من (ن 2).
(5)
قوله: (فإنه لا يوكل إلا من يكون مثله ممن) يقابله في (ن): (فإنها لا توكل إلا).
(6)
قوله: (يكون مثله ممن) ساقط من (ن) و (ن 2).
(7)
في (س) و (ن) و (ن 2): (العمدة).
غير العاضل من الأولياء.
قوله: (وَلا يَعْضُلُ أَبٌ بِكْرًا بِرَدٍّ مُتكَرِّرٍ حَتَّى يُتَحَقَّقَ) يريد أنَّ الأب في ابنته البكر لا يكون عاضلًا برد خاطب فأكثر إلا أن يتحقق ذلك منه، وحينئذٍ يزوجها الحاكم، نصَّ عليه المتيطي وغيره. وقال أبو الفرج: هو عاضل برد أول خاطب (1).
قال في المدونة: وإذا تبين ضررُه قال له الإمام: إمَّا أن تزوج وإلا زَوَّجناها عليك؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "لا ضرر ولا ضرار (2) "(3).
قوله: (وَإِنْ وَكَّلَتْهُ مِمَّنْ أَحَبَّ عَيَّنَ، وَإِلا فَلَهَا الإِجَازَةُ) يريد أن المرأة إذا قالت لوليها: زَوِّجني ممن أحببتَ فلا بدَّ وأن يعين لها الزوج الذي يزوجها منه، وإن لم يعينه لها فلها إجازة النكاح ورده، ولا فرق بين أن يزوجها (4) من نفسه أو من (5) غيره، وهو ظاهر كلامه هنا، وقاله في المدونة (6)، وزاد عن ابن القاسم: وإن زوجها من غيره جاز وإن لم يسمِّه، وإن زوجها من نفسه فبلغها ذلك فرضيت جاز (7)؛ أي: وإن لم ترضَ لم يلزمها النكاح. ابن رشد: باتفاق (8). وحكى اللخمي عن ابن القصار اللزوم (9).
قوله: (وَلَوْ بَعُدَ) يريد أن لها الإجازة ولو بعد ما بين العقد والتعيين، وهو قول
(1) انظر: التوضيح: 3/ 538.
(2)
صحيح: أخرجه مالك مرسلًا: 2/ 745، في باب القضاء في المرفق، من كتاب الأقضية، برقم: 1429، ومن طريقه الشافعي في مسنده، ص: 224، برقم: 1096، ووصله الحاكم: 2/ 66، برقم: 2345، وقال:"هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم"، ووافقه الذهبي، والدارقطني: 3/ 77، في كتاب البيوع، برقم: 288، والبيهقي: 6/ 69، في باب لا ضرر ولا ضرار، من كتاب الصلح، برقم:11166. كلهم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وفي الباب عن عبادة بن الصامت، وابن عباس، وأبي هريرة، وأبي لبابة، وثعلبة بن مالك، وجابر بن عبد الله، وعائشة رضي الله عنهم.
انظر تفصيل ذلك: نصب الراية: 4/ 384 وما بعدها.
(3)
انظر: المدونة: 2/ 107.
(4)
في (ن): (يتزوجها).
(5)
في له: (من) ساقط من (ن).
(6)
قوله: (وقاله في المدونة) يقابله في (ن): (وقال في الموازية).
(7)
انظر: المدونة: 2/ 113.
(8)
انظر: البيان والتحصيل: 4/ 354.
(9)
انظر: التبصرة، للخمي، ص:1812.
مالك. وقال ابن حبيب: إنما يجوز بالقرب، وأما إن بعُد فليس لها أن ترضَى إلا بنكاحٍ جديد بعد فسخ الأول (1).
قوله: (لا الْعَكْسُ) أي: لا إن عينت له الزوج الذي يزوجها منه، فإنه لا يحتاج إلى التعيين ثانية.
قوله: (وَلابْنِ عَمٍّ وَنَحْوِهِ إِنْ عَيَّنَ تَزْويجَهَا مِنْ نَفْسِهِ) يريد: أنه يجوز لابن العمِّ ونحوه كالمعتق والحاكم أن يزوج وليته من نفسه. ابن الجلاب: ويشهد على رضاها احتياطًا من منازعتها، فإن لم يشهد على ذلك والمرأة مقرة فهو جائز (2). وعلى المشهور لا يزوجها من نفسه حتى يعين لها ذلك كما قلنا (3)، ومعناه وتأذن فيه، وعلى قول ابن القصار لا يحتاج إلى التعيين.
قوله: (بِتَزَوَّجْتُكِ بِكَذَا وَتَرْضَى) أي: وصيغةُ ذلك أن يقول لها: قد تَزَوَّجتُكِ على صداقٍ جملته (4) كذا وكذا، وترضى به.
قوله: (وَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ) أي: طرفي العقد من جانبه وجانب الزوجة وهو المشهور، وعن الغيرة عدم جوازه إلا أن يوكل من يزوجها منه (5).
(المتن)
وَإِنْ أَنْكَرَتِ الْعَقْدَ صُدِّقَ الْوَكِيلُ إِنِ ادَّعَاهُ الزَّوْجُ. وَإِنْ تَنَازَعَ الأَوْلِيَاءُ الْمُتَسَاوُون فِي الْعَقْدِ أَوِ الزَّوْجِ؛ نَظَرَ الْحَاكِمُ. وَإِنْ أَذِنَتْ لِوَلِيَّيْنِ فَعَقَدَا؛ فَلِلأَوَّلِ إِنْ لَمْ يَتَلَذَّذِ الثَّانِي بِلَا عِلْمٍ، وَلَوْ تَأَخَّرَ تَفْوِيضُهُ إِنْ لَمْ تَكُنْ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ، وَلَوْ تَقَدَّمَ الْعَقْدُ عَلَى الأَظْهَرِ، وَفُسِخَ بِلَا طَلَاقٍ إِنْ عَقَدَا بِزَمَنٍ أَوْ لِبَيِّنَةٍ بِعِلْمِهِ أَنَّهُ ثَانٍ، لَا إِنْ أَقَرَّ أَوْ جُهِلَ الزَّمَنُ، وَإِنْ مَاتَتْ وَجُهِلَ الأَحَقُّ فَفِي الإِرْثِ قَوْلَانِ. وَعَلَى الإِرْثِ فَالصَّدَاقُ، وَإِلَّا فَزَائِدُهُ. وَإِنْ مَاتَ الرَّجُلَانِ فَلا إِرْثَ، وَلَا صَدَاقَ. وَأَعْدَلِيَّةُ مُتَنَاقِضَتَيْنِ مُلْغَاةٌ وَلَوْ صَدَّقَتْهَا الْمَرْأَةُ.
(الشرح)
(1) انظر: البيان والتحصيل: 4/ 354.
(2)
انظر: التفريع: 1/ 366 و 367.
(3)
في (ز) و (ز 2) و (س) و (ن 1): (قال)، وفي (ن):(قلناه).
(4)
قوله: (صداقٍ جملته) ساقط من (ن) و (ن 2).
(5)
انظر: عيون المجالس: 3/ 1067.
قوله: (وَإِنْ أَنْكَرَتِ الْعَقْدَ، صُدِّقَ الْوَكِيلُ إِنِ ادَّعَاهُ الزَّوْجُ) يريد أنَّ المرأة إذا قالت للوكيل: لم تزوجني -أي: وقد أقرت بالإذن- فإن الوكيل مصدق إن ادعى الزوج النكاح؛ لأنها مقرة بالإذن والوكيل قائم مقامها، ولا يُكلف (1) إقامة البينة على ذلك، ويختلف إذا عزلته وقالت: لم يعقد إلا بعد العزل، وقال: بل عقدت قبله.
قوله: (وَإِنْ تَنَازَعَ الأَوْلِيَاءُ المُتَسَاوُونَ فِي الْعَقْدِ أَوِ الزَّوْجِ، نَظَرَ الحَاكِمُ) قال في المدونة: وإذا اختلف الأولياء وهم في العقد (2) سواء (3) نظر السلطان في ذلك (4)، ولم يبين اختلافهم فيما إذا وقع هل في الزوج أو في من يلي العقد؟ قال ابن سعدون: وهو محتمل لكل من (5) الأمرين (6). والشيخ رحمه الله نحا إلى ذلك هنا؛ ولهذا أتى بالمسألة على ما ترى، واختلف في معنى قوله:(نظر السلطان)، فذكر صاحب الكافي والمتيطي أنه يختار رأي أحسنهم نظرًا لها (7)، وقيل: تخير المرأة فيمن يلي العقد وهو قول سحنون، وقال المغيرة: يقرع بينهم (8). وفي الكافي أيضًا: يأمر أحدهم بالعقد ولا يعقد هو مع ولي حاضر رشيد (9).
قوله: (وَإِنْ أَذِنَتْ لِوَلِيَّيْنِ فَعَقَدَا، فَلِلأَوَّلِ) يريد أن المرأة إذا وكلت كل واحد من ولييها (10) فزوَّجها هذا من رجل وهذا من رجل؛ فالنكاح ثابت للأول منهما إذا عُرف بعينه. قال في المدونة: إلا أن يدخل بها الآخر فهو أحق، وبذلك قضى عمر رضي الله عنه، فإن لم يدخل بها واحد منهما (11) ولم يعلم الأول فسخا جميعًا، ولا قول لها، وإن قالت: هذا هو
(1) في (ز) و (ز 2) و (س) و (ن 1) و (ن 2): (ولا تكلف).
(2)
في (س): (التعدد).
(3)
في (ن): (متساوون).
(4)
انظر: المدونة: 2/ 105.
(5)
قوله: (لكل من) يقابله في (ن): (لكلا).
(6)
انظر: التوضيح: 3/ 540.
(7)
انظر: الكافي: 2/ 526، والتوضيح: 3/ 538.
(8)
انظر: التوضيح: 3/ 539.
(9)
في (ن) و (ن 2): (المرشد). وانظر: الكافي: 2/ 525.
(10)
في (ن 2): (أوليائها)، وفي (ن):(الوليين).
(11)
قوله: (واحد منهما) ساقط من (ن).
الأول (1). انتهى. بعض الأشياخ: هذا على أنهما سميا لها الرجلين وإلا فإنها تجري على القولين؛ يعني: في العقد قبل تعيين الزوج لها، ولهذا قال ابن رشد: يحتمل أن يتناول (2) المسألة على أن (3) كل واحد من الوليين قد سمى لها الرجل الذي قد وكلته على تزويجها منه فيصح الجواب على كلا القولين (4). ابن سعدون: وقد اختلف إذا زوجها كل واحد من رجل ولم يسمه (5)، فقيل: للمرأة الخيار، وقيل: يلزمها النكاح، قال: وهذه المسألة مبنية على اللزوم، وعلى القول بأن لها الخيار فلها أن تدع الأول وتختار الثاني، ونحوه لأبي بكر بن عبد الرحمن.
قوله: (إِنْ لَمْ يَتَلَذَّذِ الثَّانِي) يعني أن (6) الحكم بها للأول مشروط بما إذا لم يتلذذ الثاني منها بشيءٍ من مقدمات الجماع (7)، وهكذا ألحق مالك في الواضحة التلذذ بالجماع (8) في تفويتها على الأول إلا أن ظاهر المدونة أنها لا تفوت إلا بالوطء كما تقدَّم، وهو المشهور. وقال المغيرة وابن عبد الحكم وابن مسلمة: هي للأول مطلقًا. ورواه حمديس عن مالك، واختاره ابن لبابة (9).
قوله (بِلا عِلْمٍ) يريد أن الحكم بها للثاني إذا دخل مشروط بما إذا لم يعلم، فأما إذا دخل عالمًا فهي للأول ولا يفوتها ذلك. محمد: ويفسخ نكاحها (10) بغير (11) طلاق (12).
(1) انظر: المدونة: 2/ 110 و 111.
(2)
في (س): (يتأول).
(3)
قوله: (أن) ساقط من (س).
(4)
انظر: المقدمات الممهدات: 1/ 247.
(5)
قوله: (انتهى. بعض الأشياخ
…
ابن سعدون: وقد اختلف إذا زوجها كل واحد من رجل ولم يسمه) يقابله في (ن): (ابن سعدون وقد اختلف في ذلك)، وقوله: (فإن لم يدخل بها
…
واحد من رجل ولم يسمه) ساقط من (ن 2).
(6)
قوله: (أن) ساقط من (س).
(7)
في (س): (النكاح).
(8)
قوله: (التلذذ بالجماع) يقابله في (ن) و (ن 2): (بالوطء مقدمات الجماع).
(9)
انظر: التوضيح: 3/ 540.
(10)
في (ن 2): (نكاحه)، وفي (ن):(نكاح).
(11)
في (ز): (بلا).
(12)
انظر: النوادر والزيادات: 4/ 438.
قوله: (وَلَوْ تَأَخَّرَ تَفْوِيضُهُ) يريد: أنه لا فرق فيما تقدم بين أن يتقدم تفويض الثاني أو يتأخر أو يقعا (1) معًا، وهو مذهب الأكثر، وقال الباجي: إن فوضت لأحدهما بعد الآخر فالنكاح للأول ويفسخ نكاح الثاني ولو دخل (2).
قوله: (إن لَمْ تَكُنْ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ) يريد (3): أنه يشترط أيضًا في أحقية الثاني ألا تكون الزوجة في عدة وفاة، وأشار بقوله:(وَلَوْ تَقَدَّمَ الْعَقْدُ عَلَى الأَظْهَرِ) إلى أن أحدهما إذا دخل بها ولم يعثر على ذلك إلا بعد دخوله وعلم أنه الثاني، وكان الأول قد مات أو طلق إلا أن العقد قد (4) وقع قبل موته أو طلاقه ودخل بعد ذلك، فحكى ابن المواز أن نكاحه (5) يقر ولا ميراث لها من الأول ولا عدة عليها منه (6). وقال في المقدمات: الصوابُ أنه في الوفاةِ متزوج (7) في عدة بمنزلة امرأة المفقود تتزوج بعد ضرب الأجل وانقضاء العدة، ويدخل بها زوجها فيكشف أنها تزوجت قبل وفاة المفقود ودخلت بعد وفاته في العدة، أنه يكون متزوجًا في عدة، ولا فرق بين المسألتين (8)، وإليه أشار بقوله:(عَلَى الأَظْهَرِ).
قوله: (وَفُسِخَ بِلا طَلاقٍ إِنْ عَقَدَا بِزَمَنٍ أَوْ لِبَيِّنَةٍ بِعِلْمِهِ أَنَّهُ ثَانٍ، لا إِنْ أَقَرَّ أَوْ جُهِلَ الزَّمَنُ (9)) اعلم أن (10) عقد الوليين للرجلين على المرأة إذا اتحد زمنهما يفسخ بغير طلاق، وهو مراده بقوله:(إِنْ عَقَدَا بِزَمَنٍ) أي: عقدا (11) في زمن واحد لاستحالة الشركة في النكاح شرعًا فلم تدخل في عصمة واحد منهما، وقيل: يفسخ بطلاق، وأما
(1) في (ن 2): (اتفقا).
(2)
انظر: التوضيح: 3/ 542.
(3)
في (ن): (يعني).
(4)
قوله: (قد) ساقط من (ن).
(5)
في (ز) و (ز 2): (نكاحها).
(6)
انظر: النوادر والزيادات: 4/ 438.
(7)
قوله: (الوفاةِ متزوج) يقابله في (ز 2)، وفي (ز) و (س):(الوفاةِ تتزوج).
(8)
انظر: المقدمات الممهدات: 1/ 248.
(9)
قوله: (إِنْ عَقَدَا بِزَمَنٍ
…
إِن أَقَرَّ أَوْ جُهِلَ الزَّمَنُ) ساقط من (ن 2).
(10)
قوله: (إِنْ عَقَدَا بِزَمَنٍ أَوْ لِبَيِّنَةٍ بِعِلْمِهِ أَنَّهُ ثَانٍ، لا إِنْ أَقَرَّ أَوْ جُهِلَ الزَّمَنُ) اعلم أن) ساقط من (ن).
(11)
في (ن 2): (انعقدا).
قوله: (أَوْ لِبَيِّنَةٍ بِعِلْمِهِ أَنَّهُ ثَانٍ، لا إِنْ أَقَرَّ أَوْ جُهِلَ الزَّمَنُ (1)) فيريد به أن الثاني إذا شهدت عليه بينة أنه دخل مع علمه بأنه الثاني وأنها في عصمة غيره قبل عقده عليها (2)، فإن نكاحه يفسخ بغير طلاق وتكون للأول (3).
قوله: (لا إِنْ أَقَرَّ) أي: أن الحكم المذكور مقيد بما إذا قامت البينة على علمه بأنه ثان وأما إن (4) أقر أنه علم (5) أنه الثاني ودخل، لاحتمال أن يكون كاذبًا في مقالته إلا أن (6) نكاحه يفسخ بطلقة بائنة، قاله صاحب النوادر (7) وابن يونس وصاحب اللباب (8)، قال في المقدمات: وهو الصحيح (9)، ولها الصداق كاملًا. وقال عبد الملك: يفسخ بلا طلاق (10).
قوله: (أَوْ جُهِلَ الزَّمَنُ) أي: وجهل زمن العقدين حتى لم يعلم السابق منهما، فإن النكاحين يفسخان بطلاق. ابن عبد السلام: وهو المشهور، وعن سحنون: أنه يفسخ بلا طلاق.
قوله: (وَإِنْ مَاتَتْ وَجُهِلَ الأَحَقُّ فَفِي الإِرْثِ قَوْلانِ) أي: فإن ماتت الزوجة ولم يعلم من هو الأحق (11) منهما (12) بها من الزوجين: إما الأول مطلقًا عند ابن عبد الحكم، أو قبل دخول الثاني، أو الثاني بعد دخوله على المشهور، فاختلف في الإرث على
(1) قوله: (لا إِنْ أَقَرَّ أَوْ جُهِلَ الزَّمَنُ) ساقط من (ن) و (ن 2).
(2)
قوله: (وأنها في عصمة غيره قبل عقده عليها) ساقط من (ن 2).
(3)
قوله: (وتكون للأول) ساقط من (ن 2)،
(4)
قوله: (أن الحكم المذكور
…
فأنه ثان وأما إن) زيادة من (ن 2).
(5)
قوله: (علم أنه الثاني ودخل) يقابله في (ن 2): (عالما بأنه ثان فلا).
(6)
قوله: (أنه علم أنه الثاني
…
إلا أن) يقابله في (ز 2): (إن لم يعلم إلا من قوله: فإن).
(7)
انظر: النوادر والزيادات: 4/ 438.
(8)
قوله: (وصاحب اللباب) ساقط من (ز 2). وانظر: التوضيح: 3/ 542.
(9)
قوله: (قال في المقدمات: وهو الصحيح) ساقط من (ن) و (ن 2)، وانظر: المقدمات الممهدات: 1/ 248.
(10)
قوله: (طلاق) ساقط من (ز 2). وانظر: النوادر والزيادات: 4/ 438.
(11)
في (ن 2): (ألحق).
(12)
قوله: (منهما) زيادة من (ن 2).
قولين وهما للمتأخرين (1). ابن عبد السلام: وأكثرهم على سقوطه، ونسب (2) بعضهم للشيخ أبي محمد أن القياس (3) دفعه للزوجين معًا؛ لأنَّ النزاع في تعيين مستحقه لا في أصل وجوبه، وهو الظاهر.
قوله: (وَعَلَى الإِرْثِ فَالصَّدَاقُ) أي: فحيث ثبت الإرث ثبت الصداق؛ لأنَّ الإرث من خواص (4) الزوجية ولوازمها (5)، وكذلك الصداق.
قوله: (وَإِلا فزَائِدُهُ) أي: وإن لم يثبت الإرث فإنما يكون عليه الزائد من الصداق على قدر الميراث، قاله ابن شاس (6). بعض المتأخرين: وإذا كان صداقه قدر ميراثه فأقل فلا شيء عليه، وإن كان أكثر من ميراثه أغرم (7) ما زاد على ميراثه؛ لإقراره بثبوت ذلك عليه، قاله صاحب اللباب (8).
قوله: (وَإِنْ مَاتَ الرَّجُلانِ (9) فَلا إِرْثَ، وَلا صَدَاقَ) يريد: لأن سببهما الزوجية ولم تثبت.
ابن بشير: واتفق على ذلك؛ لأنا نشك في الزوجية في حقِّ كل واحد منهما (10)، وفي كلام غيره ما يدل على الخلاف في الميراث.
قوله: (وَأَعْدَلِيَّةُ مُتَنَاقِضَتَيْنِ مُلْغَاةٌ) أي: لو شهد لكل واحد من الزوجين بينة (11) بأنه الأحق تساقطتا (12) وصارا كمن لا بينة لهما، وسواء كانت البينتان متساويتين أو
(1) انظر: التوضيح: 3/ 545.
(2)
في (ز) و (ز 2) و (ن) و (ن 1) و (ن 2): (ونسبه).
(3)
قوله: (أن القياس) يقابله في (ن): (وابن القابسي).
(4)
في (ن): (معراض).
(5)
في (س): (ولزومها).
(6)
انظر: عقد الجواهر: 2/ 427.
(7)
في (ن 2): (غرم).
(8)
في (ز 2): (البيان). وفي (ن 2): (الكتاب)، وفي (ن):(النكت). وانظر: التوضيح: 3/ 545.
(9)
في (ن): (الزوجان).
(10)
قوله: (منهما) ساقط من (ن) و (ن 2). وانظر: التوضيح: 3/ 546.
(11)
قوله: (بينة) ساقط من (ن 2)، وفي (ن):(ببينة).
(12)
في (ن): (سقطتا).