الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[ما يحرم جمعه من النساء]
(المتن)
وَجَمْعُ خَمْسٍ، وَلِلْعَبْدِ الرَّابِعَةُ، أَوِ اثْنَتَيْنِ لَوْ قُدِّرَتْ أَيَّةٌ ذَكَرًا حَرُمَ، كَوَطْئِهِمَا بِالْمِلْكِ. وَفُسِخَ نِكَاحُ ثَانِيَةٍ صَدَّقَتْ، وَإِلَّا حَلَفَ لِلْمَهْرِ بِلَا طَلَاقٍ، كَأُمٍّ وَابْنَتِهَا بِعَقْدٍ، وَتَأبَّدَ تَحْرِيمُهُمَا إِنْ دَخَلَ وَلَا إِرْثَ، وَإِنْ تَرَتَّبَتَا، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ حَلَّتِ الأُمُّ. وَإِنْ لَمْ تُعْلَمِ السَّابِقَةُ فَالإِرْثُ، وَلِكُلٍّ نِصْفُ صَدَاقِهَا، كَأَنْ لَمْ تُعْلَمِ الْخَامِسَةُ. وَحَلَّتِ الأُخْتُ بِبَيْنُونَةِ السَّابِقَةِ، أَوْ زَوَالِ مِلْكٍ بِعِتْقٍ وَإِنْ لِأَجَلٍ، أَوْ كِتَابَةٍ، أَوْ إِنْكَاحٍ يُحِلُّ الْمَبْتُوتَةَ، أَوْ أَسْرٍ، أَوْ إِبَاقِ إِيَاسٍ، أَوْ بَيْعٍ دَلَّسَ فِيهِ، لَا فَاسِدٍ لَمْ يَفُتْ،
(الشرح)
قوله: (وَجَمْعُ خَمْسٍ) أي: وحرم جمع خمس من النساء في عصمة واحدة أو عقد واحد، ولو سمى لكل واحدة صداقًا، ويفسخ النكاح أبدًا لما علمت من (1) أن الزيادة على أربع ممنوعة للحر والعبد، واتفق على ذلك أهل السنة وبعض المبتدعة؛ "لحديث غيلان الثقفي"، وأشار بقوله:(وَلِلْعَبْدِ الرَّابِعَةُ (2)) إلى أنه يجوز (3) له نكاح ثالثة ورابعة، وهو (4) المشهور لعموم قوله تعالى:{فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 3]، وقال ابن وهب: لا يجوز له الزيادة على اثنتين (5).
قوله: (أَوِ اثْنَتَيْنِ لَوْ قُدِّرَتْ أَيَّةٌ ذَكَرًا حَرُمَ) أي: وكذا يحرم الجمع بين المرأتين إذا قدرت إحداهما أنها لو كانت ذكرًا حرم عليه نكاح الأخرى، فلا تنكح امرأة على عمتها أو على خالتها أو بالعكس. ابن شاس: والضابط لذلك أن كل امرأتين بينهما من القرابة أو الرضاع ما يمنع تناكحهما (6) لو قدرت إحداهما ذكرًا فلا يجوز الجمع بينهما في العقد ولا في الحل، قال: واحترزنا بذكر القرابة والرضاع من المرأة مع أم زوجها أو ابنته؛ أي: فإن الجمع بينهما يجوز بخلاف غيرهما، ولهذا قال: فإن جمع بينهما في العقد بطل
(1) قوله: (من) ساقط من (ز 2) و (ن 2).
(2)
قوله: (الرَّابِعَةُ) ساقط من (ن).
(3)
في (ن 2): (يباح).
(4)
في (ن 2): (على).
(5)
انظر: النوادر والزيادت: 4/ 518.
(6)
في (ن 2): (نكاحهما).
النكاحان وفسخ أبدًا، وإن جمع بينهما في الحل (1) -أي: أفرد كل واحدة منهما (2) بعاقد- ثبت نكاح الأولى وفسخ نكاح الثانية قبل الدخول وبعده إن كان هناك بينة، فإن لم تكن قبل قول الرجل في ذلك، رواه محمد عن أشهب (3).
قوله: (كَوَطْئِهِمَا بِالْمِلْكِ) أي: فلا يجوز أيضًا الجمع بين المرأة وعمتها ولا بينها وبين خالتها، ونحو ذلك في الوطء بالملك، بل (4) إذا وطئ إحداهما حرمت الأخرى، أما لو جمعهما في الملك للخدمة أو واحدة للخدمة والأخرى للوطء جاز.
قوله: (وَفُسِخَ نِكَاحُ ثَانِيَةٍ صَدَّقَتْ وإلا حلف للمهر بلا طلاق (5)) أي: فإن جمع بين من لا يجوز له جمعهما، وأفرد (6) كل واحدة منهما (7) بعقد، فإن نكاح الأولى يثبت ويفسخ نكاح الثانية مع البينة أو تصديق المرأة أنها الثانية، وسواء دخل بها أم لا، والفسخ كما قال بلا طلاق؛ لأنه مجمع على فساده، وأشار بقوله:(وَإِلا حَلَفَ لِلْمَهْرِ) أي: وإن لم تصدقه (8) أنها (9) الثانية، يريد: ولم يقم على ذلك بينة فإنه يحلف؛ لأنه (10) مدعِ لسقوط نصف الصداق.
ابن شاس: ويكون فسخه حينئذٍ بطلاق (11).
ونحوه لمحمد والباجي، وليس (12) في كلام الشيخ ما يدل عليه إلا ما يفهم من الشرط؛ لأن قوله:(وفسخ (13) بِلا طَلاقٍ إن صدقته) يدل على أنها إن لم تصدقه فإن
(1) في (ن 2): (المحل).
(2)
قوله: (منهما) ساقط من (ز).
(3)
انظر: عقد الجواهر: 2/ 435 - 436.
(4)
قوله: (بل) زيادة من (ز).
(5)
قوله: (وإلا حلف للمهر بلا طلاق) زيادة من (ن 2).
(6)
في (ن): (أو أفرد).
(7)
قوله: (منهما) ساقط من (ز).
(8)
في (ز): (تصدق أي).
(9)
قوله: (أنها) زيادة من (ن 2).
(10)
في (ز 2): (أنه).
(11)
انظر: عقد الجواهر: 2/ 436.
(12)
في (ن): (ولكن ليس).
(13)
قوله: (وفسخ) زيادة من (ن 2).
الأمر يكون بخلاف ذلك وهو واضح.
قوله: (كَأمٍّ وَابْنَتِهَا بِعَقْدٍ) أي: وهكذا يفسخ نكاح الأم وابنتها بلا طلاق إن جمعتا (1) في عقد، وسواء كان (2) قبل الدخول أو بعده، ولا خلاف في ذلك.
قوله: (وَتَأَبَّدَ تَحْرِيمُهُمَا إِنْ دَخَلَ وَلا إِرْثَ) أي: فإن وطئ الأم وابنتها فإنهما يحرمان عليه أبدًا ولا يُحَدُّ (3) إذا كان جاهلًا بالتحريم، وأما العالم فإنه ينظر إلى نكاحه ذلك، هل هو يدرأ الحد عنه أم لا؟ ويكون لكل واحدة صداقها للمسيس (4)، وعليها (5) الاستبراء بثلاث حيض، وأما منع الميراث فواضح؛ للاتفاق على فساده.
قوله: (وَإِنْ ترَتَّبَتَا) أي: أنه لا فرق بين أن يعقد عليهما في عقد واحد، أو يعقد لواحدة (6) بعد أخرى في أنه إذا دخل بهما فسخ نكاحهما أبدًا، ولا تحل له واحدة منهما ولا إرث، فالمبالغة راجعة إلى جميع أحكام المسألة.
قوله: (وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ حَلَّتِ الأُمُّ) أي: يجوز له أن يتزوجها بعد التفرق؛ وذلك لأن العقد على البنات يحرم الأمهات والدخول على الأمهات يحرم البنات (7) إذا كان صحيحًا، وأما الفاسد فلا، وهذا هو المشهور خلافًا لعبد الملك، فإنه أجراه مجرى الصحيح، ولا خلاف أيضا أن البنت تحل له أيضًا، ولما كان هذا مفهومًا من كلامه سكت عنه، وبيانه أن العقد الصحيح على الأم لا يحرم البنت فأحرى الفاسد (8)، وكل من تزوجها بعد التفرق منهما كانت معه بطلقتين (9)، فإن دخل بواحدة فقط فإن كانت الأولى ثبت على نكاحها، وفسخ نكاح الأخرى ولا تحل له بعد ذلك، ولا
(1) في (ز) و (ز 2) و (س) و (ن 1) و (ن 2): (جمعا).
(2)
قوله: (كان) ساقط من (ن).
(3)
قوله: (يحد) زيادة من (ن)، وفي (ن 2):(يحل).
(4)
في (ن 2): (المسمى).
(5)
في (ن) و (ن 1): (عليهما).
(6)
في (ن) و (ن 2): (على واحدة).
(7)
قوله: (العقد على البنات
…
على الأمهات يحرم البنات) يقابله في (س): (لا يحرم الأمهات إلا)، في (ن) و (ن 1):(العقد على البنات يحرم الأمهات).
(8)
قوله: (الفاسد) يقابله في (ن 2): (إذا كان فاسدا).
(9)
في (ن 2): (على تطليقتين).
خلاف فيه (1) إذا كانت الأولى المدخول بها البنت، وإن كانت الأم فالمشهور أن حكمها في ذلك حكم البنت، وقيل: يفارقها وإن كانت المدخول بها هي الثانية وكانت (2) هي البنت؛ فرق بينهما وكان لها صداقها وله تزويجها بعد الاستبراء من الماء (3) الفاسد، وإن كانت الأم حرمتا معًا عليه أبدًا، ولا ميراث ومثل هذا كله إذا لم يعلم المدخول بها أهي الأولى أم الثانية؟
قوله: (وَإِنْ لَمْ تُعْلَمِ السَّابِقَةُ فَالإِرْثُ، وَلِكُلٍّ نِصْفُ صَدَاقِهَا) أي: فإن مات الزوج ولم يدخل بواحدة منهما وجهلت السابقة، فالإرث بينهما؛ لأن نكاح واحدة منهما صحيح، وكذلك (4) يجب عليه لكل واحدة نصف صداقها؛ لأن بالموت يكمل عليه صداق واحدة، وكل منهما تدعيه من غير مصدق (5) فيؤخذ منه نصف الصداقين، فيعطى لكل واحدة نصف صداقها، اتفق الصداقان أو اختلفا في القدر، وقاله في المدونة (6)، وفي المقدمات: القياس أن يكون عليه الأقل من الصداقين معا (7) يقسم بينهما على قدر مهورهما (8) بعد أيمانهما (9).
قوله: (كَأَنْ لَمْ تُعْلَمِ الْخَامِسَةُ) أي: تزوج خمس نسوة واحدة بعد واحدة، أو جمع أربعًا في عقد وسمى لكل واحدة صداقها وتزوج الأخرى بعدهن (10) أو نحو ذلك، وجهلت الخامسة في الصور كلها، فإن دخل بالجميع فلكل واحدة (11) صداقها بالمسيس، ولهن الميراث يقتسمنه أخماسًا؛ لأن نكاح أربع صحيح، فإن لم يدخل بهن
(1) قوله: (فيه) ساقط من (ن).
(2)
قوله: (كانت) زيادة من (ن 2).
(3)
قوله: (من الماء) ساقط من (ن).
(4)
في (ز 2) و (ن 2): (ولذلك).
(5)
في (ز): (صدق).
(6)
انظر: المدونة، دار صادر: 5/ 40.
(7)
قوله: (معا) زيادة من (ن 2).
(8)
في (ن): (مهرهما).
(9)
انظر: المقدمات الممهدات: 1/ 239.
(10)
قوله: (بعدهن) يقابله في (ن): (بعد هذا).
(11)
زاد بعده في (ن): (جميع).
فلهن أربعة أصدقة يقتسمنها على قدر أصدقتهن، وإن دخل بأربع فلهن أربعة أصدقة، ولمن لم يبنِ بها نصف صداقها؛ لأنها إذا كانت خامسة فلا شيء لها، وإلا فلها الصداق كاملًا فتعطى نصفه، وإن دخل بثلاث فلهن ثلاثة أصدقة وللاثنتين صداق ونصف، يقتسمانه على قدر صداقهما (1)، وكذلك على هذا (2).
قوله: (وَحَلَّتِ الأُخْتُ بِبَيْنُونَةِ السَّابِقَةِ) قد تقدم أنه لا يجوز الجمع بين الأختين، فإذا تزوج امرأة فلا يحل له العقد على أختها ما دامت هي في عصمته، اللهم إلا أن تبين السابقة كما قال: فتحل له الأخرى، وبينونتها إما بأن يخالعها أو يطلقها ثلاثًا، أو بخروجها (3) من عدة الطلاق الرجعي.
قوله: "أَوْ زَوَالِ مِلْكٍ بِعِتْقٍ وَإِنْ لأَجَلٍ، أوَ كِتَابَةٍ أَوْ إِنْكَاحٍ يُحِلُّ الْمَبْتُوتَةَ) المسألة السابقة (4) مخصوصة بالنكاح، وهذه بما إذا وطئ أمة (5) بالملك وأراد أن يتزوج أختها أو يطأها بالملك، فلا تحل له حتى يحرم فرج الأولى؛ إما (6) بعتق ناجز أو مؤجل، أو كتابة أو إنكاح (7) صحيح لازم وهو الذي (8) يحل المبتوتة، فاحترز بالصحيح من الفاسد كنكاح المتعة، وباللازم من الموقوف كنكاح العبد بغير إذن سيده (9)، والصبي بغير إذن وليه (10)، ونكاح ذات العيب والمغرورة، أو ذي العيب والمغرور، إلا إذا لزم بإجازة السيد والولي (11) ورضا الزوج والزوجة، وظاهر كلامه أنه لا يكفي العقد؛ لأنه (12) لا
(1) في (ن): (صداقيهما).
(2)
قوله: (وكذلك على هذا) يقابله في (ن 2): (وعلى هذا فقس).
(3)
في (ن 2): (تخرج).
(4)
في (س): (الأولى).
(5)
قوله: (أمة) ساقط من (ن 2).
(6)
قوله: (إما) ساقط من (ن 2).
(7)
في (ن) و (ن 2): (نكاح).
(8)
قوله: (الذي) ساقط من (ن 2).
(9)
قوله: (بغير إذن سيده) ساقط من (ن 2).
(10)
قوله: (بغير إذن وليه) يقابله في (ن 2): (لأجل إذن السيد والولي).
(11)
قوله: (ونكاح ذات العيب
…
لزم بإجازة السيد والولي) ساقط من (ن) و (ن 2).
(12)
في (ز): (فإنه).
يحل المبتوتة ولا بد من الدخول، وعلى هذا فلا يجوز له وطء الثانية حتى يدخل الزوج بالأولى ويطأها وطئًا مباحًا ليس في حيض (1) ولا إحرام ولا صيام، ولم أرَ من نص على ذلك، بل ظاهر كلامهم أن مجرد العقد كافٍ في حلِّية الأخرى.
قوله: (أَوْ أَسْرٍ أوْ إِبَاقِ إِيَاسٍ) يريد أنها إذا أسرها العدو أو أبقت إباق إياس؛ فإنه يجوز له وطء الأخرى بملك أو نكاح، واشار بقوله:(أَوْ بَيْعٍ (2) دَلَّسَ فِيهِ) إلى أنه إذا باعها بيعًا صحيحًا إلا أنه كان يعلم منها عيبًا فكتمه، أن ذلك كافٍ في حلية الأخرى (3)، وهو المشهور، وقيل: لا يكفي ذلك؛ لأنها بصدد الرد (4).
قوله: (لا فَاسِدٍ (5) لَمْ يَفُتْ) أي: فإنه لا يكون كافيًا في حلية الأخرى (6)؛ إذ لم ينتقل معه (7) الملك، بخلاف ما إذا فاتت المعيبة (8) كما قال اللخمي: وفواتها بحوالة (9) سوق (10) فما فوق (11).
(المتن)
وَحَيْضٍ وَعِدَّةِ شُبْهَةٍ، وَرِدَّةٍ، وَإِحْرَامٍ، وَظِهَارٍ، وَاسْتِبْرَاءٍ، وَخِيَارٍ، وَعُهْدَةِ ثَلَاثٍ، وَإِخْدَامِ سَنَةٍ، وَهِبَةٍ لِمَنْ يَعْتَصِرُهَا مِنْهُ، وَإِنْ بِبَيْعٍ؛ بِخِلَافِ صَدَقَةٍ إِنْ حِيزَتْ، وَإِخْدَامِ سِنِينَ وَوُقِفَ إِنْ وَطِئَهُمَا لِيُحَرِّمَ؛ فَإِنْ أَبْقَى الثَّانِيَةَ اسْتَبْرَأَهَا، وَإِنْ عَقَدَ فَاشْتَرَى فَالأُولَى، فَإِنْ وَطِئَ أَوْ عَقَدَ بَعْدَ تَلَذُّذِهِ بِأُخْتِهَا بِمِلْكٍ فَكَالأَوَّلِ.
(الشرح)
(1) زاد بعده في (ن): (ولا نفاس).
(2)
زاد بعده في (ن): (ولو).
(3)
زاد بعده في (ن): (إذا لم ينتقل معه الملك).
(4)
قوله: (وهو المشهور
…
لأنها بصدد الرد) ساقط من (ن 2).
(5)
زاد بعده في (ن): (إن).
(6)
قوله: (فإنه لا يكون كافيًا في حلية الأخرى) ساقط من (ن 2).
(7)
في (ن 2): (به).
(8)
قوله: (ما إذا فاتت المعيبة) يقابله في (ن 1): (ما إذا فاتت المبيع)، وفي (ن 2):(ما إذا ماتت المبيعة)، وقوله:(المعيبة) يقابله في (س) و (ز 2): (المبيعة).
(9)
في (ز) و (ن) و (ن 1): (بفوات).
(10)
في (ن 2): (الأسواق).
(11)
انظر: الذخيرة: 5/ 70، انظر: التبصرة، للخمي، ص:4464.
قوله: (وَحَيْضٍ) هو (1) معطوف على قوله: (لا فاسد (2)) أي: وهكذا الحيض فإنه لا يكفي في (3) الحلية؛ لأن زمنه يسير، ولا يحرم معه الاستمتاع.
قوله: (وَعِدَّةِ شُبْهَةٍ وردة) أي (4): التي غلط بها؛ لأنها وإن حرمت في الحال (5) فإن زمن الاستبراء قصير، وأقصر منه زمن الاستتابة (6)، ولهذا قال:(وَرِدَّةٍ) ومثل ذلك الظهار والإحرام والاستبراء؛ لقصر زمنها، وأما (7) إذا باعها بخيار أو على (8) عهدة الثلاث فإن ذلك أيضًا لا يكفي في حلية السابقة؛ لأن البيع في الخيار لم ينعقد والعهدة مثله؛ لأنها على ملك البائع حتى ينقضي الخيار (9)، ألا ترى أن نفقتها في زمنها عليه، وقد نص ابن حبيب على أن إخدامها شهرًا أو سنة أو نحو ذلك لا يحل أختها للسيد (10)، وإليه (11) أشار بقوله:(وإحرام وظهار واستبراء وخيار وعهدة ثلاث وَإِخْدَامِ سَنَةٍ)(12).
قوله: (وهبةٍ لِمَنْ يَعْتَصِرُهَا مِنْهُ، وَإِنْ بِبَيْعٍ) يريد أنه إذا وهبها لمن يعتصرها منه كولده الصغير وإن ببيع، كما إذا وهبها بثواب (13) ليتيمه الذي في حجره؛ لقدرته على أخذها منه فلا يكفي ذلك في تحريمها.
(1) قوله: (أي: فإنه لا يكون كافيًا في .... فما فوق قوله: "وَحَيْضٍ" هو) يقابله في (ن): (أي لا تحل له الثانية بالبيع الفاسد).
(2)
زاد بعده في (ن): (وحيض).
(3)
قوله: (في) زيادة من (س).
(4)
قوله: (وردة) أي) ساقط من (ن).
(5)
في (ن 2): (زمان العدة).
(6)
قوله: (وأقصر منه زمن الاستتابة) يقابله في (ز): (واقتصر منه زمن الاستنابة).
(7)
قوله: (أما) ساقط من (ز 2)، وفي (ن 2):(وكذا).
(8)
قوله: (على) ساقط من (ن).
(9)
في (ن): (الأجل).
(10)
انظر: النوادر والزيادات: 4/ 514.
(11)
في (ن) و (ن 2): (وإلى هذا وما قبله).
(12)
زاد بعده في (ن): (يعني إذا باعها وهي في الاستبراء فلا يطأ الآخر إلا بعد خروج هذا من الاستبراء قوله وخيار يريد بيع خيار).
(13)
في (ز) و (ن 2): (لثواب). وقوله: (وإن ببيع، كما إذا وهبها بثواب) يقابله في. (ن): (أو).
قوله: (بِخِلافِ صَدَقَةٍ عَلَيْهِ إِنْ حِيزَتْ) أي: فإنها تكفي في حلية (1) الأخرى؛ إذ لا اعتصار في الصدقة بخلاف الهبة، واحترز بالحيازة (2) عما إذا لم تحز فإن حكمها حينئذٍ كالهبة في عدم الاكتفاء في الحلية (3).
قوله: (وَإِخْدَامِ سِنِينَ) هكذا قال ابن حبيب إلا أنه زاد: كثيرة (4)، بعد قوله: سنين، قال: وكذلك إذا أخدمها (5) له حياته (6).
قوله: (وَوُقِفَ، إِنْ وَطِئَهُمَا ليُحَرِّمَ، فَإِنْ أَبْقَى الثَّانِيَةَ اسْتَبْرَأَهَا) أي: فإن وطئ واحدة بعد أخرى وقف عنهما حتى يحرم أيتهما شاء، فإن حرَّم الثانية تمادى على وطء الأولى؛ إذ لا فساد في وطئه إياها، ولهذا سكت عنه، وإن أراد البقاء على الثانية فلا بد من استبرائها للوطء الفاسد.
قوله: (وَإِنْ عَقَدَ فَاشْتَرَى فَالأُولَى) أي: فإن عقد على إحدى الأختين ثم اشترى الثانية فإنه يتمادى على نكاح (7) الأولى، وهو معنى قوله:(فالأولى)، ولا أثر لشرائه أختها كما لو كانت في ملكه قبل عقد النكاح، ولكنه لم يكن وطئها (8).
قوله: (فَإِنْ وَطِئَ أَوْ عَقَدَ بَعْدَ تَلَذُّذِهِ بِأُخْتِهَا بِمِلْكٍ فَكَالأَوَّلِ (9)) أي: فإن وطئ (10) المشتراة (11) بعد أن عقد على أختها، أو تلذذ بالمملوكة قبل عقده على أختها، ثم عقد فإنه يوقف عنهما حتى يحرِّم أيتهما شاء، وهو معنى قوله:((12) فكالأول) أي: فكالفرع
(1) زاد بعده في (ن): (وطئه).
(2)
في (ن): (بالحوز).
(3)
في (ن): (بها بالحلية).
(4)
في (ن): (كثيرا).
(5)
قوله: (إذا أخدمها) يقابله في (ن 2): (إخدامها).
(6)
انظر: النوادر والزيادات: 4/ 514.
(7)
في (ز): (إنكاح).
(8)
في (س) و (ن): (له وطؤها).
(9)
في (ن) و (ن 2): (فكالأولى).
(10)
قوله: (وطئ) ساقط من (ز).
(11)
في (س): (المستبرأة).
(12)
زاد بعده في (ن): (وإلا).
الذي قال فيه أنه إذا وطئهما معًا بالملك يوقف (1) عنهما عند ابن القاسم فإن تزوج إحداهما ثم وطئ الأخرى بالملك، فإنه يوقف (2) عن الزوجة حتى يحرِّم الأمة، ولا يفسد به النكاح، وقال أشهب: بل يطأ الزوجة؛ لأنه منذ عقد حرمت عليه أختها، وإن كان (3) الوطء بالملك هو السابق ثم (4) تزوج قبل أن يحرم الأمة، فقال ابن عبد الحكم: نكاحه جائز، وله أن يطأ زوجته ولا يحدث تحريمًا لأمته؛ لأن نكاح أختها قد حرمها، وقال ابن القاسم: لا يجوز أن يعقد حتى يحرم فرج الأمة، فإن فعل وقف بعد النكاح ولا يقرب واحدة منهما حتى يحرم على نفسه أيتهما شاء، وقال عبد الملك: يفسخ النكاح ولا يقر على حال (5).
(المتن)
وَالْمَبْتُوتَةُ حَتَّى يُولِجَ بَالِغٌ قَدْرَ الْحَشَفَةِ بِلا مَنْعٍ، وَلا نُكْرَةٌ فِيهِ بِانْتِشَارِ فِي نِكَاحٍ لازِم وَعِلْمِ خَلْوَةٍ وَزَوْجَةٍ فَقَطْ وَلَوْ خَصِبًّا، كَتَزْوِيجِ غَيْرِ مُشْبِهَةٍ لِيَمِينٍ لا بِفَاسِدٍ إِنْ لَمْ يُثْبُتْ بَعْدَهُ بِوَطْءٍ ثَانٍ، وَفِي الأَوَّلِ تَرَدُّدٌ، كَمُحَلِّلٍ وإِنْ مَعَ نِيَّةِ إمْسَاكهَا مَع الإِعْجَابِ، وَنِيَّةُ الْمُطَلِّقِ وَنِيَّتُهَا لَغْوٌ، وَقُبِلَ دَعْوَى طَارِئَةٍ التَّزْوِيجَ كَحَاضِرَةٍ أُمِنَتْ إِنْ بَعُدَ، وَفِي غَيْرِهَا قَوْلانِ.
(الشرح)
قوله: (وَالَمْبْتُوتَةُ حَتَّى يُولِجَ بَالِغٌ قَدْرَ الَحْشَفَةِ) هو معطوف على فاعل (حرم) المتقدم (6) قبل هذا؛ أي: وهكذا تحرم المبتوتة بالثلاث ونحوها على من أبتَّها (7) حتى يولج فيها بالغ الحشفة أو قدرها بالشروط التي يذكرها، ولا خلاف عندنا أن العقد عليها غير كافٍ في حليتها، ولا فرق بين أن يكون مع الإيلاج إنزال أم لا (8)،
(1) في (ن 1) و (ز): (يقف).
(2)
في (ن 1) و (ز): (يقف).
(3)
قوله: (كان) زيادة من (س).
(4)
في (ز): (لم).
(5)
انظر. النوادر والزيادات: 4/ 514.
(6)
في (ن): (المقدم).
(7)
في (ن) و (ن 2): (أبانها).
(8)
زاد بعده في (ن): (أنه يحلها).
ولو قال في قُبل كما قال غيره لكان أحسن، احترازًا مما إذا وطئ (1) في الدبر فإن ذلك لا يحلها، وقوله:(بالغ) هو المنصوص، وأجرى اللخمي وغيره على القول الشاذ أن المراهق يحد إذا زنى، أن وطأه يحلها (2)، وقوله:(قَدْرَ الَحْشَفَةِ) يريد من مقطوعها أو الحشفة إن كانت باقية، وإنما سكت عن ذكر (3) الحشفة؛ لإفادة (4) الحكم مما ذكر بطريق الأولى.
قوله: (بِلا مَنْعٍ) يريد أن الإيلاج المذكور لا يكفي في الحلية إلا بشرط كونه مباحًا، فلا يحل بالممنوع كالوطء في الحيض أو الصيام أو الإحرام وهو المشهور، وعن ابن الماجشون أن ذلك يحلها، وروي عن (5) ابن القاسم أن الوطء في رمضان والنذر لا يحلها ووقف عن التطوع (6)، وجعله صاحب البيان ثالثًا (7).
قوله: (وَلا نُكْرَةٍ فِيهِ) يريد (8): وألا يكون بين الزوجين تكاذب وتناكر في المسيس، فلو قالت المرأة: وطئ، وأنكر الرجل (9) ذلك، لم تحل للزوج الذي طلقها، قاله مالك في المدونة، وقال ابن القاسم: أما في الإحلال فلا أمنعها من المطلق وأدينها (10)، وأخاف أن يكون إنكاره ليضُرَّ بها ولا يحصن ذلك واحدًا منهما (11)، وله في غير المدونة أن القول قول المرأة إن كان الإنكار بعد الطلاق، وإلا فقول الرجل (12).
(1) قوله: (مما إذا وطئ) يقابله في (ن 1): (مما إذا أولج)، وفي (ن) و (ن 2):(ولج)، وفي (ز):(أولج).
(2)
انظر: التوضيح: 4/ 46.
(3)
قوله: (ذكر) ساقط من (س).
(4)
في (س): (بإفادة).
(5)
قوله: (وروي عن) يقابله في (ز): (وروى).
(6)
انظر: النوادر والزيادات: 4/ 584 و 585.
(7)
في (ن 2): (ثابتا). وانظر: البيان والتحصيل: 5/ 42.
(8)
في (س) و (ن 2): (أي)، وفي (ز) و (ز 2) و (ن 1):(أي رمضان).
(9)
في (ن): (الزوج).
(10)
قوله: (وأدينها) يقابله في (ن): (ولا يصدق عليها فالقول قولها).
(11)
انظر: المدونة: 2/ 231.
(12)
في (ن): (الزوج). وانظر: المنتقى: 5/ 75.
قوله: (بِانْتِشَارٍ)(1) يعني أنه يشترط أيضًا في الإحلال انتشار الذكر؛ لأن العسيلة لا تحصل إلا به وهو المشهور، ولابن القاسم في المدونة (2): أنه (3) لا يشترط (4).
قوله: (في نِكَاحٍ لازِمٍ) احترز بقوله: (في نكاح) مما إذا وطئ السيد الأمة التي أبتَّها (5) الزوج، فإنها لا تحل بذلك لزوجها؛ لقوله تعالى:{حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230]، وبقوله:(لازم)(6) من نكاح العبد بغير إذن سيده، ونكاح ذات العيب والمغرورة أو ذي العيب والمغرور، فإن النكاح في ذلك غير لازم.
قوله: (وَعِلْمِ خَلْوَةٍ) هو من جملة الشروط أيضًا، ونص عليه اللخمي، ويثبت بامرأتين فأعلى. أشهب: ولو صدقها الثاني (7) أنه بنى بها لم تصدق ولم تحل حتى تثبت الخلوة (8)؛ لأنها تتهم في إقرارها بالمسيس لتملك رجعتها، وإن علمت الخلوة صدقت (9).
قوله: (وَزَوْجَةٍ) أي: ومما يشترط أيضًا في صحة الإحلال علم الزوجة بالوطء دون علم المحلل، وإليه أشار بقوله:(فَقَطْ) وهو قول ابن القاسم، وقال أشهب: إنما يشترط علم الزوج خاصة، وقال ابن الماجشون: لا يشترط علم واحد منهما (10).
قوله: (وَلَوْ خَصِيًّا) هذا راجع إلى قوله: (حتى يولج)، ومراده: أن يكون قائم الذكر مقطوع الخصيتين، وسواء كان مقطوع الحشفة أو قائمها (11)، وقيل: لا تحل به ولا تحل بالمجبوب، قاله في المدونة (12)،
(1) زاد بعده في (ن): (يعني في الانعاظ).
(2)
في (س) و (ز 2): (الموازية).
(3)
قوله: (أنه) ساقط من (ن 2).
(4)
قوله: (أنه لا يشترط) يقابله في (ن): (يشترطه).
(5)
في (ن) و (ن 2): (أبانها).
(6)
زاد بعده في (ن): (احترازا).
(7)
في (ن 2): (الناس).
(8)
انظر: التوضيح: 4/ 48.
(9)
انظر: التبصرة، للخمي، ص:2098.
(10)
انظر: التوضيح: 4/ 47.
(11)
في (ن 2): (باقيهما).
(12)
انظر: المدونة: 2/ 208.
وأشار بقوله: (كَتَزْوِيجِ غَيْرِ مُشْبِهَةٍ (1) لِيَمِينٍ) (2) إلى أن الرجل لو حلف يمينًا (3) ليتزوجن (4) فتزوج مبتوتة (5)، فإنه يحلها للزوج الأول ولو لم تشبه مناكحه، وهو مذهب ابن القاسم وروايته (6) عن مالك، وقال ابن دينار: وهو أحد قولي ابن كنانة أنها (7) لا تحل بذلك ولو أشبهت مناكحه، ولابن كنانة أيضًا: إن أشبهت مناكحه حلت وإلا فلا (8).
قوله: (لا بِفَاسِدٍ) أي: فإن المبتوتة (9) لا تحل به (10)، ولا إشكال في ذلك إذا كان النكاح مما يفسخ قبل البناء وبعده (11)، وإليه أشار بقوله:(إِنْ لَمْ يَثْبُتْ بَعْدَهُ) أي: بعد الدخول، وأما ما يفسخ قبل الدخول (12) ويثبت بعده فإن وطئ بعد المرة الأولى حلت به، وإليه أشار بقوله:(بِوَطْءٍ (13) ثَانٍ) (14). الباجي: وأما أول وطء وهو الذي يفوت به النكاح فلم أرَ فيه نصًّا، وعندي أنه يحتمل الوجهين: الإحلال وعدمه (15)، وإلى هذا (16) أشار بقوله:(وَفِي الأَوَّلِ تَرَدُّدُّ أي: (17) الوطء الأول، ولعله مبني على أن النزع (18) وطء
(1) في (ن): (مشبه).
(2)
زاد بعده في (ن): (يشير).
(3)
قوله: (يمينًا) ساقط من (ن).
(4)
قوله: (يمينًا ليتزوجن) يقابله في (ن 2): اليتزوج)
(5)
في (ن 1) و (ن 2): (مبثوثة).
(6)
في (ن 2): (ورواه).
(7)
في (ن): (وقيل إنها).
(8)
انظر: البيان والتحصيل: 4/ 386.
(9)
في (ن 1): (مبثوثة).
(10)
في (ن): (بالفاسد).
(11)
قوله: (مما يفسخ قبل البناء وبعده) يقابله في (ن 1): (مما يفسخ بعد البناء).
(12)
قوله: (قبل الدخول) يقابله في (ز) و (ن) و (ن 2): (قبله).
(13)
قوله: (بِوَطْءٍ) ساقط من (ن).
(14)
زاد بعده في (ن): (ابن عبد السلام: وأما الفساد الذي يوجب الفسخ قبل الدخول خاصة، فقال).
(15)
انظر: المنتقى: 5/ 136.
(16)
قوله: (وإلى هذا) يقابله في (ز): (وإليه).
(17)
زاد بعده في (ن): (وفي).
(18)
في (ز) و (ن 1): (التزويج).
وطء أم لا؟ (1)
قوله: (كَمُحَلِّلٍ وَإِنْ مَعَ نِيَّةِ إِمْسَاكِهَا مَعَ الإِعْجَابِ (2)) أي: وكذلك لا يحل المبتوتة (3) نكاح المحلل لفساده. ابن حبيب: وإن تزوجها، فإن أعجبته أمسكها وإلا كان (4) احتسب تحليلها للأول، لم يجز، ولا تحل للأول لما خالط نكاحه من نية التحليل (5)، وإلى هذا أشار بقوله:(وَإِنْ مَعَ نِيَّةِ إِمْسَاكِهَا مَعَ الإِعْجَابِ).
قوله: (وَنِيَّةُ الْمُطَلِّقِ وَنِيَّتُهَا لَغْوٌ) يريد أن المعتبر في ذلك نية المحلل فقط دون نية المطلق والمرأة، ولهذا جعل نيتهما لغوًا، وإنما اعتبرت نية الحلل؛ لأن الطلاق بيده وهو المعروف، وقيل: يحلها (6) ذلك.
قوله: (وَقُبِلَ دَعْوَى طَارِئَةٍ التَّزْوِيجَ، كَحَاضِرَةٍ أُمِنَتْ، اِنْ بَعُدَ، وَفِي غَيْرِهَا قَوْلانِ) يريد أن المرأة إذا ادعت النكاح ولا بينة لها، فتارة تكون طارئة؛ أي: من غير أهل البلد، وتارة تكون بلدية، وهي تارة تكون مأمونة، وتارة (7) غير مأمونة، فالطارئة يقبل دعواها في ذلك؛ إذ يشق عليها الإثبات إلا أن تكون بلدها (8) قريبة، وأما البلدية أو المقيمة بالبلد، فإن كانت مأمونة فكذلك بشرط أن يكون النكاح بعيدًا، فإن قرب لم تصدق، وإن كانت غير مأمونة فقال ابن عبد الحكم: يقبل قولها، وقال محمد: لا يقبل (9).
(المتن)
وَمِلْكُهُ أَوْ لِوَلَدِهِ، وَفُسِخَ، وَإِنْ طَرَأَ بِلا طَلاقٍ كَمَرْأَةٍ فِي زَوْجِهَا وَلَوْ بِدَفْعِ مَالٍ لِيُعْتَقَ عَنْهَا، لا إِنْ رَدَّ سَيِّدٌ شِرَاءَ مَنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهَا أَوْ قَصَدَا بِالْبَيعِ الْفَسْخَ، كَهِبَتِهَا لِلْعَبْدِ
(1) زاد في (ن): (نزع أم لا؟ ).
(2)
قوله: (وَإِنْ مَعَ نِيَّةٍ إِمْسَاكِهَا مَعَ الإِعْجَابِ) ساقط من (ن).
(3)
في (ن 1): (مبثوثة).
(4)
زاد بعده في (ن): (و).
(5)
انظر: النوادر والزيادات: 4/ 582.
(6)
في (ن): (يحللها).
(7)
زاد بعده في (ن): (تكون).
(8)
في (ن): (بلدتها).
(9)
انظر: النوادر والزيادات: 9/ 387.
لِيَنْتَزِعَهَا، فَأُخِذَ جَبْرُ الْعَبْدِ عَلَى الْهِبَةِ. وَمَلَكَ أَبٌ جَارِيَّةَ ابْنِهِ بِتَلَذُّذِهِ بِالْقِيمَةِ، وَحَرُمَتْ عَلَيْهِمَا؛ إِنْ وَطِئَاهَا وَعَتَقَتْ عَلَى مُوَلِدِهَا وَلِعَبْدٍ تَزَوُّجُ ابْنَةِ سَيِّدِه بِثِقَلٍ، وَمِلْكِ غَيْرِه كَحُرٍّ لا يُولَدُ لَهُ، وَكَأَمَةِ الْجَدّ، وَإِلَّا فَإِنْ خَافَ زِنًى وَعَدِمَ مَا يَتَزَوَّجُ بِهِ حُرَّةً غَيْرَ مُغَالِيَةٍ وَلَوْ كِتَابِيَّةً، أَوْ تَحْتَهُ حُرَّةٌ، وَلِعَبْدٍ بِلا شِرْكٍ وَمُكَاتَب وَغْدَيْنِ نَظَرُ شَعَرِ السَّيّدَةِ كَخَصِيٍّ وَغْدٍ لِزَوْجٍ، وَرُوِيَ جَوَازُهُ وإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا.
(الشرح)
قوله: (وَمِلْكُهُ أَوْ لِوَلَدِهِ (1)) هذا أيضًا من موانع النكاح، وهو أن تكون المرأة ملكًا له (2) فلا يجوز له أن يعقد نكاحه عليها بإجماع؛ لتنافي (3) حقوقهما وتضادهما (4)؛ إذ أحدهما يطلب الآخر فالزوج يطلبها (5) بحق الرق، ومنه النفقة عليه ويطلبه الآخر (6) بحق الزوجية، ومنه أيضًا النفقة (7)، وينبغي أن يكون مراده بالملك ما هو أعم من الكامل (8) أو من (9) المبعض أو من فيه عقد حرية؛ ليشمل المدبرة والمكاتبة (10) وأم الولد والمعتقة لأجل، والمعتق بعضها (11) وإنما نزلت أمة ابنه منزلة أمته؛ لقوة الشبهة التي للأب في مال الابن، ولذلك لا يحد إن وطئها (12) ولا يقطع إن سرق من مال ولده إلى غير ذلك.
قوله: (وَفُسِخَ، وَإِنْ طَرَأَ بِلا طَلاقٍ) أي: فإن وقع ما ذكر أنه ممتنع، بأن تزوج أمته أو أمة ولده فإن نكاحه يفسخ، وإن طرأ الملك (13) بعد التزويج كما إذا اشترى زوجته أو
(1) في (ن): (ولده).
(2)
قوله: (له) ساقط من (س).
(3)
في (ن 2): (لتنافر).
(4)
في (س): (ونضالهما).
(5)
قوله: (فالزو) يطلبها) زيادة من (ن 2).
(6)
قوله: (ومنه النفقة عليه ويطلبه الآخر) يقابله في (ن 2): (والزوجة تطلبه).
(7)
قوله: (ومنه أيضًا النفقة) ساقط من (ن 2).
(8)
في (ن 2): (الكمال).
(9)
قوله: (أو من) يقابله في (ن): (ولا).
(10)
قوله: (المدبرة والمكاتبة) يقابله في (ز): (المدبر والمكاتب).
(11)
قوله: (والمعتق بعضها) زيادة من (ن 2).
(12)
قوله: (إن وطئها) يقابله في (ز) و (ن): (بوطئها).
(13)
قوله: (الملك) زيادة من (ن 2).
بعضها أو ملكها بميراث أو هبة ونحو ذلك.
قوله: (بِلا طَلاقٍ) هو مذهب الموطأ (1) خلافًا لسحنون، وعن ابن عبد الحكم (2): يكره له أن يتزوج أمة ولده ولا يفسخ نكاحه (3). المتيطي: وخالفه جميع أصحابه.
قوله: (كَمَرْأَةٍ في زَوْجِهَا) أي: فإن نكاحها يفسخ إذا ملكت زوجها بوجه من الوجوه المذكورة، وأشار بقوله (4):(وَلَوْ بِدَفْعٍ مَالٍ لِيَعْتِقَ عَنْهَا)(5) إلى أنها إذا دفعت لسيد زوجها مالًا ليعتقه عنها ففعل (6) فإن نكاحها أيضًا يفسخ بمنزلة ما إذا اشترته؛ لأنه لم يعتق إلا بعد دخوله في ملكها فبمجرد ملكها له يفسخ النكاح، وهو قول ابن القاسم، وقال أشهب: لا يفسخ (7)؛ لأنه لم يستقر في ملكها وليس لها (8) فيه إلا الولاء.
قوله: (لا إِنْ رَدَّ سَيِّدٌ شِرَاءَ مَنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهَا) يريد أن الأمة المتزوجة من عبد (9) إذا اشترت زوجها ولم يكن سيدها قد أذن لها في التجارة ولا في الشراء المذكور، ورد سيدها ذلك، لم يفسخ نكاحها؛ لأن فعلها لا رد صار عدمًا، وظاهر كلامه أن السيد لو أذن لها في ذلك أن النكاح يفسخ، وهو واضح.
قوله: (أَوْ قَصَدَا بِالْبَيْعِ الْفَسْخَ) أي: وكذلك لا ينفسخ (10) إذا قصدت هي وسيدها بالبيع انفساخ (11) النكاح، وهو قول سحنون وعلله (12) بأن الطلاق بيد العبد فلا تخرج من عصمته بالضرر (13)، وقوله تفسير للمدونة (14).
(1) انظر: الموطأ 2/ 543، برقم:1131.
(2)
في (ن 1): (عبد الملك).
(3)
انظر: النوادر والزيادات: 4/ 523.
(4)
قوله: (وأشار بقوله) ساقط من (ن).
(5)
زاد بعده في (ن): (يشير).
(6)
قوله: (ففعل) زيادة من (س).
(7)
انظر: التوضيح: 4/ 50.
(8)
قوله: (لها) ساقط من (ز).
(9)
قوله: (من عبد) زيادة من (س).
(10)
في (ن): (يفسخ).
(11)
في (س): (فسخ).
(12)
في (ن 2): (وعليه).
(13)
في (ن 2): (بالغرر).
(14)
انظر: التوضيح: 4/ 51.
قوله: (كَهِبَتِهَا لِعَبْدٍ ليَنْتَزِعَهَا) أي: وكذلك لا يفسخ النكاح (1) إذا وهب السيد الأمة لعبده لينتزعها السيد قاصدًا بذلك أن يحلها (2) لنفسه أو لغيره أو ليحرمها على الزوج، وقاله ابن نافع في المدونة وزاد: ولا يجوز ذلك له (3)؛ يريد: لأنه قصد بذلك إضرار الزوج بإخراج زوجته عنه، وقال أصبغ: يكره فإن فعل ذلك (4) جاز، وقال عبد الملك: إن كان مثله يملك مثلها فذلك له وينفسخ النكاح، وقال ابن عبد الحكم (5): إن قصد الفرقة (6) بذلك (7) لم ينفسخ (8). ابن شاس عن ابن محرز: وهذه المسألة تدل على أن للسيد أن يُكره عبده على قبول الهبة، ولولا ذلك لم يكن لهبة السيد تأثير ولا (9) كان يعتبر (10) قصده فيها (11)، ولكن لما كان له جبره اعتبر في الكتاب (12) قصده وحمل الأمر على إرادته، فإن صحت إرادته صحت هبته وفسخ (13) النكاح، وإن لم تسلم (14) إرادته بطلت هبته وثبت النكاح، وإلى هذا أشار بقوله:(فَأُخِذَ منه جَبْرُ الْعَبْدِ عَلَى الْهِبَةِ) أي: فأخذ من هذه المسألة أن للسيد أن يجبر عبده على قبول ما وهب له.
قوله: (وَمَلَكَ أَبٌ جَارِيَةَ ابْنِهِ بِتَلَذُّذِهِ) أي: بوطء أو غيره، وسواء كان ذلك بنكاح أو غيره؛ لأن له التصرف وشبهة الملك في مال ولده.
(1) قوله: (النكاح) ساقط من (س).
(2)
في (ز 2): (يجعلها).
(3)
انظر: المدونة: 2/ 175.
(4)
قوله: (ذلك) ساقط من (س).
(5)
في (ن 1): (عبد الملك).
(6)
في (ن): (الرفقة).
(7)
قوله: (بذلك) زيادة من (ز).
(8)
انظر: النوادر والزيادات: 4/ 415.
(9)
في (ن 1): (ثم ولا) و (ن 2): (ولو).
(10)
في (ن 2): (بغير).
(11)
انظر: عقد الجواهر: 2/ 440.
(12)
في (ن) و (ن 2): (النكاح).
(13)
في (س) و (ن) و (ن 2): (فسد).
(14)
قوله: (لم) ساقط من (ز)، وفي (ن) و (ن 2):(لم تصح).
قوله: (بِالْقِيمَةِ) أي: فلا يملكها (1) مجانًا، قال في المدونة: وتُقَوَّم عليه يوم الوطء حملت أم لا، مليًّا كان (2) أم لا (3)، يريد (4) فإذا أغرم (5) قيمتها فقد (6) تم ملكه لها (7) وحل له وطؤها بعد استبرائها من الماء الفاسد، وله بيعها إن لم تحمل، وللابن أخذها من الأب المعدم من القيمة، ورأى (8) ابن عبد الحكم أن له التمسك بها في عسر (9) الأب ويسره (10).
قوله: (وَحَرُمَتْ عَلَيُهِمَا إِنْ وَطِئَاهَا) أي: فإن وطئها الابن أيضًا حرمت عليهما معًا، وهو ظاهر مما تقدم.
قوله: (وَعَتَقَت عَلَى مُولِدِهَا) أي: (11) ناجزًا؛ لأن كل أم ولد يحرم على مولدها وطؤها تنجز عتقها، إذ ليس له (12) فيها غير الاستمتاع والخدمة اليسيرة؛ ولهذا إذا استولد محرمًا غير عالم، ثم تبين له ذلك تنجز عتقها، واعلم أن الأب إذا وطئها بعد أن أولدها ابنه غرم له قيمتها أم ولد، لأنه أتلفها عليه، وإن كان الولد وطئها أولًا، ثم أولدها الأب غرم له قيمتها أمة (13) وعتقت ناجزًا، كما تقدم.
قوله: (وَلِعَبْدٍ تَزَوُّجُ ابْنَةِ سَيَّدِهِ بِثِقَلٍ) يريد: أنه يجوز للعبد التزويج بابنة سيده، وقاله في المدونة وزاد فيها: برضا مولاه (14) ورضاها به، وأشار بقوله:(بثقل) إلى قوله في
(1) زاد بعده في (ن): (حينئذ).
(2)
قوله: (كان) ساقط من (ن).
(3)
انظر: المدونة: 2/ 534.
(4)
قوله: (يريد) ساقط من (ن).
(5)
في (ن): (غرم).
(6)
قوله: (فقد) زيادة من (ن 2).
(7)
قوله: (ملكه لها) يقابله في (ز): (ملكها).
(8)
في (ن 2): (روى).
(9)
في (ن): (عدم).
(10)
انظر: عقد الجواهر: 2/ 463.
(11)
زاد بعده في (ن): (عتقه).
(12)
قوله: (له) ساقط من (ز).
(13)
قوله: (أمة) زيادة من (ن 2).
(14)
في (س): (مولاها).
المدونة: واستثقله مالك، وحمله الأشياخ على الكراهة. ابن محرز: لأنه ليس من مكارم الأخلاق، وعلله ابن يونس باحتمال أن يموت أبوها فترث زوجها أو بعضه فيؤول ذلك إلى فسخ النكاح (1).
قوله: (وَمِلْكِ غيره) هو معطوف على قوله: (وَلِعَبْدٍ (2) تَزَوُّجُ ابْنَةِ سَيِّدِهِ) أي: وكذلك يجوز للعبد أن يتزوج ملك غيره (3). اللخمي: وهو جائز وإن لم يخش العنت (4).
قوله: (كَحُر لا يُولَدُ لَهُ) يريد: كالحصور والخصي والمجبوب والشيخ الفاني، فيجوز لهؤلاء نكاح الأمة للأمن من استرقاق الولد.
قوله: (وَكَأَمَةِ الَجْدِّ) يريد: أو كل أمة يكون ولدها من ذلك النكاح حرًّا كنكاح أمة الأب أو الأم أو الجد أو الجدات من الأب أو الأم (5). اللخمي (6): وأجاز ابن عبد الحكم أن يتزوج الأب أمة الابن، فعلى هذا يجوز نكاحها من غير شرط؛ لأن الولد يعتق على أخيه، ويجوز نكاح الجد (7) أمة ابن (8) الابن من غير شرط، قال: وكل هذا (9) إذا كان المالك لها حرًّا، فإن كان (10) أحد ممن ذكر عبدًا والمتزوج حرًّا لم يجز؛ لأن الولد يكون عبدًا للسيد الأعلى (11). قلت: وكان ينبغي هنا أن يقيد كلامه بمثل هذا؛ لئلا يوهم جوازه مطلقًا.
(1) انظر: التوضيح: 4/ 54.
(2)
في (ن): (للعبد).
(3)
في (ن): (أي سيده).
(4)
انظر: التبصرة، للخمي، ص:1878.
(5)
قوله: (الجدات من الأب أو الأم) يقابله في (ن): (الجدة من قبل الأم أو الأب يجوز نكاحها لمن يعتق ولده عليهم).
(6)
قوله: (اللخمي) زيادة من (س).
(7)
قوله: (الجد) ساقط من (ز).
(8)
قوله: (ابن) زيادة من (ن 2).
(9)
في (ن): (ذلك).
(10)
(قوله: (كان) ساقط من (ز).
(11)
انظر: التبصرة، للخمي، ص:1878.
قوله: (وَإِلا فَإِنْ خَافَ زِنًى وَعَدِمَ مَا يَتَزَوَّجُ بِهِ حُرَّةً) أي (1): فإن لم يكن الزوج (2) متصفًا بأحد الأوصاف السابقة، بل كان حرًّا يتوقع منه الحمل والنكاح لا يقتضي تحرير الولد لم يجز له (3) أن ينكح الأمة إلا بشروط: الأول: أن يخاف على نفسه الزنى لقوله تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} [النساء: 25]، الثاني: ألا يجد ما يتزوج به حرة وهذا الشرط هو (4) الذي يعبر عنه بعدم الطول؛ لقوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا} الآية [النساء: 25]، ومذهب المدونة أن الطول هو المال الذي يتزوج به الحرة (5)، وروى محمد عن مالك: هو وجود الحرة تحته، وقال أشهب: هو ما يتوصل به إلى دفع العنت (6).
قوله: (غَيْرَ مُغَالِيَةٍ) أي: فإن كان معه قدر ما يتزوج به حرة أو أكثر إلا أنه لم يجد من الحرائر إلا من تطلب منه مالًا كثيرًا يخرج عن العادة؛ فإن له تزويج الأمة؛ لأن ذلك عذر وهو الأصح (7)، وقيل: ليس له ذلك.
قوله: (وَلَوْ كِتَابِيَّةً) يريد أن قدرته على مهر الكتابية تكون طولًا فليس له تزويج الأمة حينئذٍ، واستقرأه عياض وغيره من المدونة (8)، وجعلوا الكتابية في ذلك مساوية للمسلمة.
ابن عبد السلام: وهو ظاهر إطلاقاتهم (9)، بل نص (10) بعضهم على أن الإسلام متفق على عدم اشتراطه.
وقال ابن العربي: قدرته على مهر الكتابية الحرة (11) لا تكون طولًا بل يجوز
(1) في (ن): (يريد).
(2)
في (ن): (المتزوج).
(3)
قوله: (يجز له) يقابله في (ز): (يخوله).
(4)
قوله: (هو) ساقط من (ن).
(5)
انظر: المدونة، دار صادر: 4/ 205.
(6)
في (ن): العنة، وانظر: النوادر والزيادات: 4/ 519.
(7)
قوله: (وهو الأصح) ساقط من (ن 2).
(8)
انظر: المدونة، دار صادر: 4/ 205.
(9)
في (ن): (إطلاقهم).
(10)
قوله: (بل نص) يقابله في (ن): (ونص).
(11)
في (ز): (الحرية).
له (1) نكاح الأمة (2)، وفيه إشارة إلى اشتراط الإسلام.
قوله: (أَوْ تَحْتَهُ حُرَّةٌ) هو معطوف على قوله: (وَعَدِمَ مَا يَتَزَوَّجُ بِهِ حُرَّةً) والمعنى أن وجود الحرة تحته لا يكون طولًا، وهو مذهب المدونة (3) كما سبق.
قوله: (وَلِعَبْدٍ بِلا شِرْكٍ وَمُكَاتَبٍ وَغْدَيْنِ نَظَرُ شَعْرِ السَّيَّدَةِ) يريد: أن العبد والمكاتب يجوز لكل منهما أن يرى شعر سيدته بشرط أن يكونا كاملين لها وأن يكونا وغدين؛ أي: لا منظر (4) لهما، وقاله في المدونة، قال فيها: وإن كان لها فيه شرك فلا يرى شعرها وإن كان وغدًا (5)، ومنع ذلك ابن عبد الحكم ولو كانا كاملين (6).
قوله: (كَخَصِيٍّ وَغْدٍ لِزَوْجٍ) أي: فإنه يجوز له أن ينظر شعرها إن كان وغدًا (7)، وهو قول مالك (8) قال: وإن كان له منظر فلا أحبه، قال في العتبية: وأرجو أن يكون خصي زوجها خفيفًا وأكره خصيان غيره، وله أيضًا لا بأس له (9) أن يدخل على النساء ويرى شعورهن إن لم يكن له منظر (10). اللخمي: فأجازه (11) وإن كان لأجنبي (12)، وإليه أشار بقوله:(وَرُوِيَ جَوَازُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا) أي: سواء كان لزوجها أو لأجنبي، وأما الحر الخصي فليس له أن ينظر إلى المرأة. اللخمي: وأجاز مالك دخوله عليها (13).
(1) قوله: (له) ساقط من (ن).
(2)
انظر: التوضيح: 4/ 58.
(3)
انظر: المدونة، دار صادر: 4/ 205.
(4)
في (س): (ينظر).
(5)
قوله: (أي: لا منظر لهما، وقاله في المدونة، قال فيها: وإن كان لها فيه شرك فلا يرى شعرها وإن كان وغدًا) ساقط من (ن)، وانظر: المدونة، دار صادر: 4/ 202.
(6)
زاد في (ن): (لها). وانظر: التوضيح: 4/ 49.
(7)
قوله: (إن كان وغدًا) ساقط من (ن) و (ن 2).
(8)
انظر: المدونة، دار صادر: 4/ 202.
(9)
قوله: (لا بأس له) زيادة من (س).
(10)
انظر: النوادر والزيادات: 4/ 622.
(11)
قوله: (فأجازه) يقابله في (ن): (وروي إجازته).
(12)
انظر: التبصرة، للخمي، ص: 1875، وما بعدها.
(13)
انظر: التبصرة، للخمي، ص: 1875، وما بعدها.
(المتن)
وَخُيِّرَتِ الْحُرَّةُ مَعَ الْحُرِّ فِي نَفْسِهَا بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ، كَتَزْوِيجِ أَمَةٍ عَلَيْهَا أَوْ ثَانِيَةٍ أَوْ عِلْمِهَا بِوَاحِدَةٍ فَأَلْفَتْ أَكْثَرَ، وَلا تُبَوَّأُ أَمَةٌ بِلا شَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ. وَلِلسَّيِدِ السَّفَرُ بِمَنْ لَمْ تُبَوَّأْ، وَأَنْ يَضَعَ مِنْ صَدَاقِهَا، إِنْ لَمْ يَمْنَعْهُ دَيْنُهَا، إِلَّا رُبُعَ دِينَارٍ، وَمَنْعُهَا حَتَّى يَقْبِضَهُ، وَأَخْذُهُ وَإِنْ قَتَلَهَا أَوْ بَاعَهَا بِمَكَانٍ بَعِيدٍ لا لِظَالِمٍ. وَفِيهَا يَلْزَمُهُ تَجْهِيزُهَا بِهِ، وَهَلْ هو خِلافٌ؟ وَعَلَيْهِ الأَكْثَرُ، أَوِ الأَوَّلُ لَمْ تُبَوَّأْ مَعه؟ أوْ جَهَزَهَا مِنْ عِنْدِهِ؟ تَأْوِيلانِ.
(الشرح)
قوله: (وَخُيَّرَتِ الْحُرَّةُ مَعَ الْحُرَّ فِي نَفْسِهَا بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ) يريد أن الحر إذا تزوج أمة حيث يجوز له تزويجها ثم تزوج (1) عليها حرة، فإن الحرة تخير (2) في نفسها فإن شاءت أقامت معها وإن شاءت طلقت نفسها طلقة (3) بائنة، وعن مالك (4): أنها لا تخير بحال، وقال ابن الماجشون تخير في نكاح الأمة لا في نفسها (5)، والأول هو المشهور وهو مذهب المدونة (6)، وزاد فيها قيدًا لا بد من مراعاته، وهو أن (7) ذلك مشروط (8) بعدم علمها بالأمة، وأما إذا علمت بها ودخلت على ذلك فلا خيار لها، واحترز بالحرة من الأمة فإنها لا خيار لها وهو ظاهر، وبالحر من العبد، فإن الحرة تحته لا خيار لها إذا تزوج عليها أمة؛ لأنها من نسائه، بخلاف الحر فإن الأمة ليست من نسائه (9)، وهذا كله مبني على أن نكاح الأمة لا ينفسخ (10)، وهذا هو المشهور، وعن ابن حبيب: أنه ينفسخ.
قوله: (كَتَزْوِيجِ أمَةٍ عَلَيْهَا) يريد أنه لا فرق في الحكم بين أن يتقدم نكاح الأمة على الحرة أو يتأخر عنه، وهو مذهب المدونة (11)، وقيل: إن كانت الحرة هي السابقة خيرت
(1) في (ن): (يتزوج).
(2)
في (ن): (مخيرة).
(3)
في (ن): (بطلقة).
(4)
في (ن 1) و (ن 2): (عبد الملك).
(5)
انظر: النوادر والزيادات: 4/ 521.
(6)
انظر: المدونة: 2/ 193.
(7)
زاد بعده في (ن): (يكون).
(8)
في (ن): (مشروطا).
(9)
قوله: (بخلاف الحر فإن الأمة ليست من نسائه) زيادة من (س).
(10)
في (ن): (يفسخ).
(11)
انظر: المدونة: 2/ 193.
في نكاح الأمة وإلا خيرت في نفسها، وقيل: إن كانت هي السابقة خيرت في نفسها وإلا فلا خيار لها، وقيل: إن كانت هي السابقة انفسخ نكاح الأمة وإلا خيرت.
قوله: (أَوْ ثَانِيَةٍ أَوْ عِلْمِهَا بِوَاحِدَةٍ فَأَلْفَتْ أَكْثَرَ) أي: وكذلك تخير الحرة إذا رضيت بأمة ثم تزوج عليها أخرى، أو علمت أنه متزوج أمة فوجدت معه أكثر؛ لأنها تقول لم أرضَ إلا بواحدة، وكذلك تقول: لم أعلم بأكثر من واحدة، والمسألتان في المدونة (1) على ما ذكر.
قوله: (وَلا تُبَوَّأُ أَمَةٌ بِلا شَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ) تبوأ (2)؛ أي: (3) تنفرد معه في بيت، أي: فلا تنفرد الزوجة القِن مع زوجها إلا بشرط أو عرف، لأن ذلك يبطل حق سيدها (4) في (5) الاستخدام جميعه أو أكثره (6) لاشتغالها بالزوج، لكن (7) على الزوج (8) أن يأتيها في بيت سيدها (9)، وقال ابن الماجشون: ترسل إليه (10) ليلة بعد ثلاث لتكون عنده تلك الليلة، ويأتيها (11) عند أهلها فيما بين ذلك (12).
قوله: (وَلِلسَّيِّدِ السَّفَرُ بِمَنْ لَمْ تُبَوَّأْ) أي: وله بيعها ممن يسافر بها لكن لا يمنع الزوج من صحبتها، فلو بوئت مع الزوج بشرط أو عرف؛ فليس لسيدها أن يسافر بها ولا أن يبيعها ممن يسافر بها (13)، وقاله غير واحد مع الاشتراط.
(1) انظر: المدونة: 4/ 204.
(2)
قوله: (تبوأ) ساقط من (ن).
(3)
زاد بعده في (ن): (لا).
(4)
في (ز): (السيد).
(5)
في (ن): (من).
(6)
قوله: (جميعه أو أكثره) يقابله في (ن): (بجميعها أو أكثرها).
(7)
قوله: (أو عرف؛ لأن ذلك
…
بالزوج، لكن) ساقط من (ن 2).
(8)
قوله: (لكن على الزوج) ساقط من (ن).
(9)
في (ز): (السيد).
(10)
في (ن): (إلى الزوج).
(11)
زاد بعده في (ن): (أيضا).
(12)
انظر: عقد الجواهر: 2/ 464.
(13)
قوله: (لكن لا يمنع
…
ممن يسافر بها) ساقط من (ن) و (ن 2).
قوله: (وَأَنْ يَضَعَ مِنْ صَدَاقِهَا، إِنْ لَمْ يَمْنَعْهُ دَيْنُهَا، إِلا رُبْعَ دِينَارٍ) أي: وهكذا يجوز للسيد أن يضع من صداق أمته بغير إذنها، لكن يشترط (1) ألا يكون عليها دين يستغرق جميع (2) مالها، وألا ينقص الصداق بسبب الوضيعة عن ربع دينار لحق الله تعالى.
قوله: (وَمَنْعُهَا حَتَّى يَقْبِضَهُ) أي: وله منع الأمة من الدخول على زوجها حتى يقبض (3) صداقها، وقاله في المدونة (4).
قوله: (وَأَخْذُهُ وإِنْ قَتَلَهَا) أي: وله أخذ صداقها وإن قتلها؛ إذ لا يتهم (5) في قتلها لأخذ صداقها، وقاله في الموازية (6).
قوله: (أَوْ بَاعَهَا بِمَكَانٍ بَعِيدٍ) أي: وكذا (7) له أخذه وإن باعها بمكان لا يصل إليها الزوج فيه، وقاله في المدونة وزاد فيها (8): ويقال للزوج إن منعوك منها (9) فخاصم (10). عياض: ومعنى ما في المدونة أن مشتريها سافر بها إلى موضع يشق على الزوج إتيانه لضعفه، قال: ولو كان لا يصل إليها لظلم مشتريها، أو لكونه لا ينتصف منه لم يكن على الزوج صداق (11)، وإلى هذا أشار بقوله:(لا (12) لِظَالِمٍ).
قوله: (وَفِيهَا يَلْزَمُهُ تَجْهِيزُهَا بِهِ) قد علمت أنه يجوز له أخذ صداق أمته من زوجها ويمنعها منه حتى يقبضه ويسقط منه ما شاء بغير إذنها إلا ربع دينار، ونحوه في كتاب النكاح من المدونة (13)، وهو يدل على أن للسيد أخذ صداقها وتركها بلا جهاز، ووقع
(1) في (ز) و (ن): (بشرط).
(2)
قوله: (جميع) زيادة من (ن 2).
(3)
في (ن): (تقبض).
(4)
انظر: المدونة: 2/ 172.
(5)
في (ز) و (ن 2). (يتوهم).
(6)
في (ن): المدونة، وانظر: النوادر والزيادات: 4/ 416.
(7)
زاد بعده في (ن): (يجوز).
(8)
قوله: (فيها) زيادة من (ز 2).
(9)
قوله: (منها) ساقط من (س).
(10)
انظر: المدونة: 2/ 472.
(11)
انظر: التوضيح: 4/ 70.
(12)
في (ن): (إلا).
(13)
انظر: المدونة: 2/ 162.
فيها أيضًا في كتاب الرهن (1) ما ذكره هنا، وهو أن السيد يلزمه تجهيز الأمة (2) بصداقها، واختلف هل هو اختلاف قول (3)، وعليه الأكثر. ابن عبد السلام: ومنهم من جمع بينهما (4)، واختلف هؤلاء عى طريقين: إحداهما أن معنى ما في النكاح أنها لم تبوأ معه بيتًا، وما في الرهون أنها تبوأت معه (5)، الثانية: أن معنى ما في النكاح أنه جهزها من ماله فساغ له أخذ صداقها، ومعنى ما في الرهون: أنه لم يجهزها به فلزمه أن (6) يجهزها بصداقها، وهذا معنى قوله:(وهل هو (7) خلاف؟ وعليه أكثر، أو الأول (8) لم تبوأ معه (9)، أو جهزها من عنده؟ تأويلان)، والمراد بالأول: ما قدمه من جواز أخذه للصداق وحذف الثاني، وهو ما في كتاب الرهون، وكأنه قال: والأول: محمول على أنها لم تبوأ، والثاني: على أنها بوئت (10)، أو (11) الأول محمول على أنه جهزها من عنده، والثاني على أنه (12) لم يجهزها منه، وهو ظاهر.
(المتن)
وَسَقَطَ بِبَيْعِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ مَنْعُ تَسْلِيمِهَا لِسُقُوطِ تَصَرُّفِ الْبَائِعِ، وَالْوَفَاءُ بِالتَّزْوِيجٍ إِذَا أَعْتَقَ عَلَيْهِ وَصَدَاقُهَا إن بيعت لزوج وَهَلْ وَلَوْ بِبَيْعِ السُلْطَانِ لِفَلَسٍ أوْ لا؟ تَأْوِيلانِ. وَبَعْدَهُ كَمَالِهَا. وَبَطَلَ فِي الأَمَةِ إِنْ جَمَعَهَا مَعَ حُرَّةٍ فَقَطْ بخِلافِ الْخَمْسِ وَالْمَرْأَةِ وَمَحْرَمِهَا.
(الشرح)
(1) انظر: المدونة: 4/ 148.
(2)
ههنا انتهت النسخة المرموز لها بالرمز: (ز 1) والتي يحفظ أصلها تحت رقم: (308708) في المكتبة الأزهرية بالقاهرة.
(3)
في (ز 2): (قوله).
(4)
انظر: التوضيح: 4/ 69.
(5)
قوله: (معه) زيادة من (ز 2).
(6)
في (ز 2): (أنه).
(7)
قوله: (هو) زيادة من (ز 2).
(8)
في (ن 2): (الأولى).
(9)
قوله: (معه) زيادة من (ن 2).
(10)
في (ن): (تبؤت).
(11)
قوله: (أو) ساقط من (ن).
(12)
قوله: (جهزها من عنده، والثاني على أنه) ساقط من (ن 2).
قوله: (وسَقَطَ بِبَيْعِهَا (1) قَبْلَ الْبِنَاءِ مَنْعُ تَسْلِيمِهَا لِسُقُوطِ تَصَرُّفِ الْبَائِعِ) يريد: أن السيد إذا باع الأمة قبل أن يبني بها زوجها؛ فإن حقه يسقط من منع تسليمها للزوج حتى يقبض صداقها؛ لأنه بالبيع (2) قد أبطل تصرفه بخروجها عن ملكه، يريد: ويسقط أيضًا حق المشتري من ذلك إذ ليس له مهرها؛ لأنه كمالها، ومالها للبائع إلا أن يشترطه المبتاع، وعلى هذا فله المنع إذا اشترطه حتى يقبض ما كان للبائع قبضه.
قوله: (والْوَفَاءُ بِالتَّزْوِيجِ إِذَا أَعْتَقَ عَلَيْهِ)(3) معطوف على فاعل قوله (4)(سقط)، والمعنى أن السيد إذا أعتق الأمة على أن تتزوجه (5) لم يلزمها ذلك، بل يسقط عنها الوفاء بالتزويج؛ لأنها بمجرد العتق ملكت نفسها، والوعد لا يقضى به، وهذا هو المشهور، وحكي عن ابن القاسم أنه يزوجها من نفسه بغير رضاها (6). المتيطي: والعمل على الأول (7).
قوله: (وصَدَاقُهَا إن بيعت لزوج) أي: وهكذا يسقط صداق الأمة عن زوجها، يريد إذا باعها له السيد قبل البناء يدل عليه ما بعده. قال في المدونة: وإن اشتراها قبل البناء وكان السيد قد قبض الصداق رده (8)؛ لأن الفسخ من قبله، وفي العتبية لابن القاسم أن سيدها إذا أفلس (9) فباعها عليه السلطان فاشتراها الزوج فإن صداقها يكون للبائع (10). ابن يونس:(11) ولا يرجع به الزوج واختلف هل ذلك خلاف (12) لما في
(1) في (ن): (بيعها).
(2)
في (ن): (لها).
(3)
في (ن): (هو).
(4)
قوله: (قوله) زيادة من (ن 2).
(5)
في (ن 2): (يتزوجها).
(6)
انظر: تهذيب المدونة: 2/ 140.
(7)
قوله: (الأول) زيادة من (ز 2). وانظر: التوضيح: 4/ 74.
(8)
انظر: المدونة: 2/ 160 و 161.
(9)
في (ن): (فلس).
(10)
انظر: البيان والتحصيل: 5/ 131.
(11)
زاد بعده في (ن): (يريد نصف الصداق).
(12)
قوله: (خلاف) ساقط من (ن).
المدونة، وإليه نحى أبو عمران (1)، وإليه أشار بقوله:(وهَلْ ولَوْ بِبَيْعِ سُلْطَانٍ لِفَلَسٍ)، فيكون مذهب المدونة عنده أن صداقها يسقط ولو باعها عليه السلطان، وقيل ليس بخلاف، وإليه (2) أشار بقوله:(أولًا؟ ) أي: ويكون على هذا معنى قول ابن القاسم: لا يرجع به الزوج (3)، أي: لا يرجع به من الثمن؛ لا أنه لا يرجع به مطلقًا إذ لا ينفسخ (4) النكاح إلا بعد تقدير (5) البيع، والبيع موجب لدفع الثمن بكماله، وأخذ الصداق إنما طرأ بعد فسخ النكاح المتأخر عن البيع، وإلى هذا أشار بقوله: ولكن لا يرجع به من الثمن.
قوله: (تَأْوِيلانِ) خبر عن قوله: (وَهَلْ وَلَوْ بِبَيْعِ السُّلْطَانِ (6)
…
إِلَى آخِرِهِ).
قوله: (وبَعْدَهُ كَمَالِها) أي: فإن كان السيد إنما باعها لزوجها بعد أن بنى بها فحكم صداقها حكم مالها، فينتزعه إن شاء إلا أن يشترطه الزوج.
قوله: (وبَطَلَ فِي الأَمَةِ إِنْ جَمَعَهَا مَعَ حُرَّةٍ) أي: وبطل عقد الأمة إذا جمعها مع حرة في عقدة (7) واحدة، يريد: حيث لا يجوز له تزويج الأمة لعدم الشرط (8)، وأشار بقوله:(فَقَطْ) إلى أن نكاح الحرة لا يبطل، وهو مذهب ابن القاسم، وقال سحنون: يبطل أيضًا، وهو الظاهر، لأن الصفقة (9) جمعت حلالًا وحرامًا وبهذا احتج سحنون، وحمل بعض الشيوخ (10) الأول على أنه سمى لكل واحدة صداقًا، وقول (11) سحنون على عدم التسمية لكل واحدة، ولو سمى لصح عنده نكاح الحرة، وقال بعضهم: بل قول
(1) انظر: التوضيح: 4/ 72.
(2)
في (ن): (إلى ذلك).
(3)
انظر: البيان والتحصيل: 5/ 131.
(4)
في (ن): (يفسخ).
(5)
في (ن 2): (تقرر).
(6)
في (ن): (يبيع سلطان).
(7)
في (ن 2): (عقد).
(8)
قوله: (لعدم الشرط) يقابله في (ن): (بعدم الشروط).
(9)
في (ن): (قد).
(10)
في (ن): (الأشياخ).
(11)
في (ن): (وقال).
سحنون عام، سواء (1) سمى أو لم يسمي (2).
قوله: (بِخِلافِ الْخَمْسِ) أي فإنه إذا جمعهن في عقدة واحدة فإن نكاحه يبطل في الجميع ويفسخ ولو ولدن (3) الأولاد، وكذلك لو عقد على أم وابنتها في عقدة واحدة (4)، أو جمع بين (5) الأختين كذلك، أو المرأة وعمتها أو خالتها، وإليه أشار بقوله:(والَمْرْأَةِ ومَحْرَمِهَا) ويفسخ النكاح أبدًا (6) ولو ولدن (7) الأولاد ولا خلاف فيه.
(المتن)
وَلِزَوْجِهَا الْعَزْلُ إِذَا أَذِنَتْ وَسَيِّدَهَا، كَالْحُرَّةِ إن أَذِنَتْ، وَالْكَافِرَةُ؛ إِلَاّالْحُرَّةَ الْكِتَابِيَّةَ بِكُرْهٍ وَتَأَكَّدَ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَلَوْ يَهُودِيَّةً تَنَصَّرَتْ، وَبِالْعَكْسِ، وَأَمَتَهُمْ بِالْمِلْكِ، وَقُرِّرَ عَلَيْهَا إِنْ أَسْلَمَ وَأَنْكِحَتُهُمْ فَاسِدَةٌ، وَعَلَى الأَمَةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ إِنْ عَتَقَتْ وَأَسْلَمَتْ وَلَمْ يَبْعُدْ كَالشَّهْرِ، وَهَلْ إِنْ غُفِلَ أَوْ مُطْلَقًا؟ تَأْوِيلانِ.
(الشرح)
قوله: (ولِزَوْجِهَا الْعَزْلُ إِنْ أَذِنَتْ، وسَيِّدُهَا كَالْحُرَّةِ إِنْ أَذِنَتْ) المشهور من مذهبنا جواز العزل على الصفة التي ذكرها، وهي أن يكون ذلك بإذن الزوجة الحرة، وإذن الزوجة الأمة مع إذن سيدها، وروي عن مالك كراهته (8)، وظاهر كلام غير واحد من الأشياخ أن إذن سيد الأمة المتزوجة كاف، وإن لم تأذن الأمة، ورأى الباجي أنه لا يعزل عنها إلا بإذنها، وإذن مواليها، ولا يكتفى بإذن سيدها؛ لأن لها حقًّا في الوطء (9)، وحكى الشيخ أنه تقييد، واستظهره، ولهذا قال: إن أذنت وسيدها، وكان الأولى أن يأتي بفاصل بعد الضمير المرفوع؛ لأن العطف عليه من غير فاصل ضعيف
(1) قوله: (سواء) ساقط من (ن).
(2)
انظر: التوضيح: 4/ 61.
(3)
في (ن): (لدون).
(4)
قوله: (في عقدة واحدة فإن
…
أم وابنتها في عقدة واحدة، ) ساقط من (ز 2).
(5)
قوله: (بين) ساقط من (ن).
(6)
قوله: (أبدًا) زيادة من (ن 2).
(7)
في (ن): (ولدت).
(8)
انظر: التوضيح: 4/ 9.
(9)
انظر: المنتقى: 5/ 471.
كما علمت، فكان حقه أن (1) يقول: إذا أذنت هي وسيدها.
قوله: (والْكَافِرَةُ هو معطوف على قوله: (حَرُمَ أُصُولُهُ)(2) أي (3): من موانع النكاح الكفر من غير أهل الكتاب، فلا يجوز للمسلم (4) أن يتزوج كافرة من غيرهم، والمعروف أنه لا ينكح المجوسية، وحكى ابن القصار وغيره قولًا بالجواز؛ بناء على أن لهم كتابًا، وفقد اللخمي، واختلف (5) في الصابئة والسامرية، فقيل: الصابئون صنف من النصارى، والسامرية صنف من اليهود (6). وقيل: ليسوا منهم، فعلى الأول تجوز مناكحتهم لا على الثاني (7).
قوله: (إِلا الْحُرَّةَ الْكِتَابِيَّةَ بِكُره) إنما أخرج هذا من حكم ما تقدم؛ خشية توهم مانعية الكفر على الإطلاق، وظَاهر كلام ابن القاسم، وغيره أن نكاح الكتابية الحرة لا كراهة (8) فيه (9) خلافًا لمالك، واختلف في علة الكراهة (10) ففي المدونة: لما تتغذى به من خمر وخنزير، وتغذي به الولد، وهو يُقبل ويضاجع (11)، وقيل: لأنها قد تموت وهي حامل من المسلم فتدفن في مقابر الكفار وهي حفرة من حفر النار، وقال عبد الحميد: لأنه سكون ومودة لها؛ لأن الله تعالى قال: {وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: 21] وذلك ممنوع لقوله تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [الروم: 22] الآية (12). واحترز بالحرة من الأمة الكتابية فإنه (13) لا يجوز للمسلم
(1) قوله: (حقه أن) زيادة من (ن 2).
(2)
قوله: (هو معطوف على قوله: "حَرُمَ أُصُولُهُ") ساقط من (ن).
(3)
قوله: (هو معطوف على قوله: وحرم أصوله أي) زيادة من (ز 2).
(4)
قوله: (للمسلم) زيادة من (ن 2).
(5)
قوله: (واختلف) ساقط من (ن 2).
(6)
زاد بعده في (ن): (أنكروا البعث للأجساد).
(7)
انظر: التبصرة للخمي، ص:2111.
(8)
في (ن): (كراهية).
(9)
انظر: التوضيح: 4/ 87.
(10)
قوله: (الكراهة) ساقط من (ز 2).
(11)
انظر: المدونة: 2/ 219.
(12)
انظر: التوضيح: 4/ 76.
(13)
في (ز 2): (فإنها).
نكاحها.
قوله: (وتَأَكَّدَ بِدَارِ الَحْرْبِ) أي: وتأكد الكراهة (1) في تزويج الحربية (2) بدار الحرب، قال في المدونة: لتركه ولده بدار الحرب (3)، عياض: والكراهة عند مالك هنا أشد منها عنده ببلد (4) الإسلام (5).
قوله: (ولَوْ يَهُودِيَّةَ تَنَصَّرَتْ وبِالْعَكْسِ) يريد: أنه لا فرق في ذلك بين أن تكون النصرانية باقية على دينها أواليهودية باقية على دينها (6)، أو انتقلت من اليهودية إلى النصرانية أو من النصرانية إلى اليهودية؛ بناء على أن الكفر ملة واحدة.
قوله: (وأمَتَهُمْ بِالْمِلْكِ) الأحسن أن يكون معطوفًا على المنصوب في (7) قوله: (إِلا الَحْرَّةَ الْكِتَابِيَّةَ) والمعنى: ولا يجوز وطء الكافرة إلا الحرة الكتابية بالنكاح، والأمة الكتابية بالملك، ويجوز أن يُقرأ بالرفع على أنه مبتدأ خبره محذوف، أي: وأمتهم كذلك.
قوله: (وقُرِّرَ عَلَيْهَا إِنْ أَسْلَمَ) يشير إلى أن الكافر إذا نكح كتابية ثم أسلم فإنه يقر على نكاحها، ولا يفسخ؛ لأن أنكحتهم وإن كانت فاسدة فالإسلام يصححها، يريد: ما لم تكن من ذوات محارمه، ولما كان كلامه يوهم أن أنكحتهم صحيحة؛ إذ لا يقر على فاسد (8)، دفع (9) ذلك بقوله:(وأَنْكِحَتُهُمْ فَاسِدَةٌ) يريد: لأن صحة العقد مفتقرة إلى شروط هي (10) معدومة في أنكحتهم: كالولي (11)، ورضى (12) الزوجة، وأن لا تكون في
(1) في (ن): (الكره).
(2)
في (ن): (الحرة).
(3)
انظر: المدونة: 2/ 218.
(4)
في (ز 2): (بيلاد).
(5)
انظر: التوضيح: 4/ 77.
(6)
قوله: (واليهودية باقية على دينها) ساقط من (ز 2).
(7)
في (ن): (من).
(8)
في (ز 2): (فساد) و (ن).
(9)
في (ن): (رفع).
(10)
في (ن): (وهي).
(11)
في (س): (كالوصي).
(12)
في (س): (ووصي).
عدة، وبصداق، وحكى صاحب الاستلحاق (1) عن بعض مذاكريه: أن أنكحتهم غير فاسدة، وحكي ابن عبد السلام الخلاف مع الشروط ولابن رشد (2)، واختاره القرافي إن حصلت الشروط فهي صحيحة، وإلا فلا (3).
قوله: (وعَلَى الأَمَةِ، والَمْجُوسِيَّةِ إِنْ عَتَقَتْ، وأَسْلَمَتْ) أي: وكذلك يقر من أسلم على نكاح الأمة الكتابية، والمجوسية إذا عتقت الأمة وأسلمت المجوسية.
قوله: (ولَمْ يَبْعُدْ) أي: إسلامها من إسلام الزوج، وقاله في المدونة، قال: وإن أسلمت بقيت زوجة ما لم يبعد ما بين إسلاميهما (4)، ولم (5) يحد (6) مالك البعد، وأرى الشهر، وأكثر من ذلك قليلًا ليس بكثير (7)، وفي بعض روايات التهذيب: وأرى (8) الشهرين (9)، وإلى الأول أشار بقوله:(كَالشَّهْرِ) وتأول ابن لبابة وغيره من القروين المدونة: على أنها لا توقف هذه المدة (10)، وأن معناها غفل عن إيقافها، وجعلوا قول ابن القاسم موافقًا لقول مالك أنه إن عرض عليها الإسلام فلم تسلم فرق بينهما، ولم توقف، وقال ابن أبي زمنين: المعروف اأنها إذا وقفت إلى شهر وبعده فأسلمت أنها امرأته، عياض: وظاهر كلامه أنه (11) خلاف ما تأول (12) القرويون (13)، وإلى هذين التأويلين أشار بقوله:(وهَلْ إِنْ غُفِلَ أو مُطْلَفًا؟ تأويلان)، وعن أشهب: أنه لا يفرق
(1) في (ن 2): (الاستحقاق).
(2)
في (ن 2): (ابن راشد). وانظر: التوضيح: 4/ 80.
(3)
انظر: الذخيرة: 4/ 326.
(4)
في (ن): (إسلامهما).
(5)
في (ن): (ولا).
(6)
في (ن 2): (يجد).
(7)
انظر: المدونة: 2/ 212، وانظر: تهذيب المدونة: 2/ 242.
(8)
في (ن): (وإلى).
(9)
انظر: التوضيح: 4/ 88.
(10)
قوله: (المدة) زيادة من (ز 2).
(11)
قوله: (أنه) ساقط من (ز 2).
(12)
في (ن): (تأوله).
(13)
انظر: التوضيح: 4/ 88.
بينهما إن دخل بها حتى تخرج من العدة، وعنه: أنه يعرض عليها الإسلام بعد البناء اليومين والثلاثة، فإن أبت استبرئت بحيضة (1)، وعن ابن القاسم: بثلاث حيض (2).
(المتن)
وَلا نَفَقَةَ أَوْ أَسْلَمَتْ ثُمَّ أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا وَلَوْ طَلَّقَهَا، وَلا نَفَقَةَ عَلَى الْمُخْتَارِ وَالأَحْسَنِ، وَقَبْلَ الْبِنَاءِ بَانَتْ مَكَانَهَا أَوْ أَسْلَمَا، إِلَّا الْمَحْرَمَ، وَقَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَالأَجَلِ وَتَمَادَيَا لَهُ، وَلَوْ طَلَّقَهَا ثَلاثًا، وَعَقَدَ إِنْ أَبَانَهَا بِلا مُحَلِّل، وَفُسِخَ لإِسْلامِ أَحَدِهِمَا بِلا طَلاقٍ، لا رِدَّتِهِ فَبَائِنَةٌ وَلَوْ لِدِينِ زَوْجَتِهِ. وَفِي لُزُومِ الثَّلاثِ لِذِمِّيٍّ طَلَّقَهَا وَتَرَافَعَا إِلَيْنَا، أَوْ إِنْ كَانَ صَحِيحًا فِي الإِسْلامِ، أَوْ بِالْفِرَاقِ مُجْمَلًا، أَوْ لا؟ تَأْوِيلاتٌ.
(الشرح)
قوله: (ولا نَفَقَةَ) أي: عَلَى الزَّوْجِ فيما بين إسلامهما، لأن الامتناع من جهتها، وهو تأخير (3) إسلامها.
قوله: (أَوْ أَسْلَمَتْ ثُمَّ أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا) أي: وكذلك الحكم إذا تقدم إسلام المرأة على إسلام زوجها، ولم تخرج من عدتها حتى أسلم، فإنهما يقران على نكاحهما.
قوله: (ولَوْ طَلَّقَهَا) يريد: أنه يقر على نكاحها، ولو طلقها في عدتها؛ إذ لا عبرة بطلاق الكافر، واختلف هل لها نفقة فيما بين الإسلامين أم لا؟ فعن (4) ابن القاسم: أن لها ذلك وأخذ به أصبغ (5)، وعن ابن القاسم أيضًا: لا نفقة لها (6)؛ لأنها منعت (7) نفسها بإسلامها، اللخمي: وهو الأحسن (8)، وإليه أشار بقوله:(وَلا نَفَقَةَ عَلَى الَمْخْتَارِ)، وأشار بقوله:(وَالأَحْسَنِ (9) إلى قول ابن أبي زمنين أنه هو (10) الصحيح، وقال ابن
(1) انظر: النوادر والزيادات: 4/ 591.
(2)
انظر: الذخيرة: 4/ 330.
(3)
في (ن): (تأخر).
(4)
في (ن): (فقال).
(5)
انظر: البيان والتحصيل: 5/ 462.
(6)
انظر: المنتقى: 5/ 160، والبيان والتحصيل: 5/ 432.
(7)
في (ن 2): (منعته).
(8)
انظر: التبصرة، للخمي، ص:2105.
(9)
في (ن): (على الأحسن).
(10)
قوله: (هو) زيادة من (ز 2).
رشد (1): هو الأقيس، والخلاف مقيد بما إذا لم تكن حاملًا، وإلا فلها نفقة الحمل والسكنى. ابن عبد السلام: بلا خلاف (2).
قوله: (وقَبْلَ الْبِنَاءِ بَانَتْ مَكَانَهَا) نبه بهذا على أن الحكم السابق في المدخول بها، وأما غير المدخول بها إذا أسلمت قبل زوجها فإنها تبين مكانها قولًا واحدًا، حكاه ابن يونس وغيره، وحكى اللخمي قولًا (3) عن العتبية: إنه إذا أسلم عقيب إسلامها نسقًا يكون أحق بها (4).
قوله: (أَوْ أَسْلَمَا) هو أيضًا من الوجوه التي يقر معها الكافر على نكاحه، وهو ما إذا أسلم هو وزوجته معًا، ومثله ما إذا جاءا إلينا مسلمين.
قوله: (إِلا الْمَحْرَمَ) أي: فإنه لا يقر على النكاح، والمراد بذلك: أن الزوجة إذا كانت من محارم الزوج التي لا يحل له أن يبتدئ نكاحها في الإسلام، فإنهما لا يقران على النكاح إن أسلما بل يفرق بينهما.
قوله: (وقَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ والأَجَلِ) يريد: أن الكافر إذا تزوج الكافرة في العدة، أو تزوجها إلى أجل ثم أسلم وحده، أو أسلمت معه قبل انقضاء العدة والأجل؛ فإنهما لا يقران على نكاحهما ذلك، نص على الأولى (5) ابن القاسم وأشهب في الموازية، وهي ظاهرة؛ لأن التمادي على النكاح هتك حرمة (6) العدة (7)، وفيه سقي ماءه زرع غيره على تقدير الحمل، ونص على الثانية (8) أشهب في الموازية أيضًا؛ لأن التمادي على ذلك من مقتضيات (9) العقد الفاسد، وفيه إمضاء لنكاح (10) المتعة (11).
(1) في (ن 2): (ابن رأشد).
(2)
انظر: التوضيح: 4/ 89.
(3)
قوله: (قولًا) ساقط من (ن).
(4)
انظر: التوضيح: 4/ 85، التبصرة، للخمي، ص:2115.
(5)
في (ن): (الأول).
(6)
في (ن): (لحرمة).
(7)
في (س): (العقد).
(8)
في (ن): (الثاني).
(9)
في (ن): (تمام).
(10)
في (ن): (نكاح).
(11)
انظر: التوضيح: 4/ 80.
قوله: (وتَمَادَيَا لَهُ) أي: أن الفاسد (1) في الصورة الأخيرة مقيد بما إذا قالا: نحن نتمادى إلى الأجل فقط، وأما إذا قالا نتمادى مطلقًا فإن النكاح يصح ويقران عليه، وهو ظاهر كلام اللخمي (2).
قوله: (ولَوْ طَلَّقَهَا ثَلاثًا) هو راجع إلى قوله: (وإن (3) أَسْلَمَا) والمعنى: أن الكافر إذا طلق الكافرة ثم أسلما بإثر الطلاق، فإنهما يقران على ذلك النكاح، ولا يؤثر فيه الطلاق قبل الإسلام، وقال المغيرة: هو طلاق معتبر، ولا تحل له إلا بعد زوج (4).
قوله: (وعَقَدَ إِنْ أَبَانَهَا بِلا مُحَلِّلٍ) أي: فإن كان الكافر لما طلقها ثلاثًا بانت منه بنفسها، وخرجت عن حوزه (5) ثم أسلما، فأراد أن يردها إلى عصمته (6)، فليس له ذلك إلا بعقد جديد، ولا يحتاج إلى محلل. وعلى مذهب المغيرة لا بد من محلل.
قوله: (وفُسِخَ لإِسْلامِ أَحَدِهِمَا بِلا طَلاقٍ) يريد: أن النكاح إذا فسخ لإسلام أحد الزوجين، أي (7): في الأماكن التي لا يقران فيها على الزوجية؛ فإن الفسخ يكون بغير طلاق، وهذا هو المشهور، وهو مذهب المدونة (8) والرسالة (9)، وغيرهما، وفي سماع عيسى: أنه يفسخ بطلاق (10).
قوله: (لا ردَّتِهِ) أي: لا ردة أحدهما، فإن الفسخ معها بطلاق، وهو المشهور، وقال ابن أبي أويس وابن الماجشون: هو فسخ بغير طلاق (11).
(1) في (ز 2): (الفساد).
(2)
انظر: التوضيح: 4/ 80، التبصرة، للخمي، ص:2115.
(3)
في (ن) و (ن 2) والمطبوع من مختصر خليل: (أو).
(4)
انظر: التوضيح: 4/ 326.
(5)
في (ن 2): (زوجة)، وفي (ن):(حوزها).
(6)
في (ن 2): (على عصمته).
(7)
قوله: (أي) ساقط من (ن).
(8)
انظر: المدونة: 2/ 213.
(9)
انظر: الرسالة: 1/ 92.
(10)
قوله: (بطلاق) ساقط من (ن 2). وانظر: البيان والتحصيل 5/ 432، وما وقفت عليه في البيان من سماع عيسى أن (أمرها فسخ بغير طلاق فالفسخ).
(11)
انظر: عقد الجواهر: 2/ 442.
قوله: (فبَائِنَةٍ) أي: فطلقة بائنة، وهو مذهب المدونة (1)، وقال المخزومي: رجعية إن تاب في العدة (2).
قوله: (وَلَوْ لِدِينِ زَوْجَتِهِ) أي: ولا فرق في الحكم المتقدم بين أن يرتد إلى دين زوجته، أو إلى غيره، وهو قول ابن القاسم، وصرح في التنبيهات بمشهوريته، وقال أصبغ: لا يحال بينه وبين زوجته (3)؛ نظرًا إلى أن سبب الحيلولة بين المسلمة وبين المرتد؛ استيلاء الكافر على المسلمة، وليس كذلك هنا، كما إذا كانت زوجته نصرانية، أو يهودية فارتدا إلى دينها؛ وعلى هذا فلا تحرم عليه إذا عاود الإسلام (4).
قوله: (وفِي لُزُومٍ الثَّلاثِ لِذِمَّيٍّ طَلَّقَهَا، وتَرَافَعَا إِلَيْنَا، أَوْ إِنْ كَانَ صَحِيحًا فِي الإِسْلامِ، أَوْ بِالْفِرَاقِ مُجْمَلًا، أَوْ لا؟ تَأْوِيلاتٌ) يريد: أنه اختلف في الذمي إذا طلق زوجته ثلاثًا وترافعا إلينا هل يلزمه ذلك أو لا يلزمه؟ أو يفرق بين الصحيح في الإسلام وغيره؟ أو يفرق بينهما مجملًا؟ على أقوال أربعة، وكلها تأويلات للأشياخ على المدونة، قال فيها: وإذا طلق الذمي امرأته ثلاثًا فرفعت أمرها للحاكم فلا يحكم بينهم إلا أن يرضيا بحكم الإسلام، فهو مخير إن شاء حكم أو (5) ترك، فإن حكم حكم (6) بينهم بحكم الإسلام، قال: وأحب إليَّ أن لا يحكم بينهم (7)، وطلاق المشرك (8) ليس بطلاق، وذهب ابن شبلون إلى أنه يحكم بينهم (9) بالثلاث كما يحكم بين المسلمين، وقال أبو محمد: إن كان العقد صحيحًا لزمه الطلاق، وإلا فلا (10)، وحملها ابن القابسي على أنه يحكم به مجملًا من غير زيادة ثلاث، وتأولها ابن أخي هشام وابن الكاتب وغيرهما، على أنه إذا حكم
(1) انظر: المدونة: 2/ 226.
(2)
قوله: (قوله: فبائنة؛ أي: فطلقة
…
رجعية إن تاب في العدة). ساقط من (ز 2).
(3)
انظر: عقد الجواهر: 2/ 443.
(4)
انظر: التوضيح: 4/ 78.
(5)
قوله: (أو) يقابله في (ن): (وإن شاء ترك).
(6)
قوله: (حكم) ساقط من (ن).
(7)
انظر: المدونة: 2/ 224.
(8)
في (س): (الشرك)، المثبت من (ز 2).
(9)
قوله: (بينهم) ساقط من (س) و (ن 2).
(10)
انظر: التوضيح: 4/ 81.
بينهم أن يتركهم، ولا يفرق بينهم؛ إذ هو حكم الإسلام في طلاق أهل الكفر، وهو الظاهر عند عياض (1).
(المتن)
وَمَضَى صَدَاقُهُمُ الْفَاسِدُ أَوِ الإِسْقَاطُ إِنْ قُبِضَ وَدَخَلَ، وَإِلَّا فَكَالتَّفوِيضِ، وَهَلْ إِنِ اسْتَحَلُّوهُ؟ تَأْوِيلانِ. وَاخْتَارَ الْمُسْلِمُ أَرْبَعًا وَإِنْ أَوَاخِرَ، وَإِحْدَى أْخُتَيْنِ مُطلَقًا، وَأُمًّا وَابْنَتَهَا لَمْ يَمَسَّهُمَا؛ وَإنْ مَسَّهُمَا حَرُمَتَا، وَإِحْدَاهُمَا تَعَيَّنَتْ. وَلا يَتَزَوَّجُ ابْنُهُ أَوْ أَبُوهُ مَنْ فَارَقَهَا، وَاخْتَارَ بِطَلاقٍ أَوْ ظِهَارٍ أَوْ إِيلاءٍ أَوْ وَطْءٍ، وَالْغَيْرَ إِنْ فَسَخَ نِكَاحَهَا، أَوْ ظَهَرَ أَنَّهُنَّ أَخَوَاتٌ مَا لَمْ يَتَزَوَّجْنَ، وَلا شَيْءَ لِغَيْرِهِنَّ إنْ لَمْ يَدْخْلْ بِهِ، كَاخْتِيَارِهِ وَاحِدَةً مِنْ أَرْبَعِ رَضِيعَاتٍ تَزَوَّجَهُنَّ وَأَرْضَعَتْهنَّ امْرَأَةٌ،
(الشرح)
قوله: (ومَضَى صَدَاقُهُمُ الْفَاسِدُ، أَوِ الإِسْقَاطُ إِنْ قُبِضَ، ودَخَلَ) نبه -رحمة الله- على أن الكافرين تارة يدخلان على صداق فاسد كالخمر والخنزير ونحوهما، وتارة على إسقاط الصداق، فأما إذا دخلا على الإسقاط فإن النكاح يمضي إذا دخل بها قبل الإسلام، ولها صداق المثل، وهو قول ابن القاسم، واختاره ابن أبي زيد (2)، واللخمي (3)، وقال ابن المواز: لا شيء لها (4)، عياض: وهو الصحيح، وقال ابن يونس: هو ظاهر المدونة (5)، وكلام الشيخ محتمل لهما، وإن أسلما قبل الدخول، فلا يدخل بها حتى تقبض مهر مثلها، ولا يجبر عليه الزوج، وبه صرح اللخمي (6)، وهو مستفاد من قوله هنا:(وَإِلا فَكَالتَّفْوِيضِ)، وأما إذا دخلا على الصداق الفاسد فإن قبضت المرأة الصداق، ودخل بها الزوج قبل الإسلام مضى النكاح، لأنها مكنت (7) من نفسها، وقبضت العوض في وقت يسوغ لها أخذه، وإن لم تقبض ولم يدخل، فمذهب المدونة: إن شاء دفع صداق
(1) انظر: التوضيح: 4/ 81.
(2)
انظر: النوادر والزيادات: 4/ 594 و 595.
(3)
انظر: التبصرة، للخمي، ص:2101.
(4)
انظر: النوادر والزيادات: 4/ 595.
(5)
انظر: التوضيح: 4/ 84.
(6)
انظر: التوضيح: 4/ 85، التبصرة، للخمي، ص:2102.
(7)
في (ن): (مكنته).
المثل، أو فارق، وتكون مطلقته (1)، ويصير كنكاح التفويض، وإن قبضته ولم يدخل، فالمشهور وهو مذهب المدونة: أنه مخير كالذي (2) قبله (3)، ولابن القاسم وابن الماجشون: لا شيء لها، وقاله الغير (4) في المدونة، وقال أشهب: يجب لها ربع دينار، فإن لم يعطها ذلك فسخ، وقال ابن عبد الحكم: القياس أن يكون لها ثمن الخمر والخنزير (5)، كمن (6) تزوج بثمرة لم يبد صلاحها، وإن دخل بها ولم تقبضه (7)، ففي المدونة لها صداق المثل (8)، وإلى الأوجه الثلاثة، والوجه الذي قدمناه آنفًا (9) في مسألة الإسقاط أشار بقوله:(وإِلا فَكَالتَّفْوِيضِ) وقد مر بيانه.
قوله: (وهَلْ إِنِ اسْتَحَلُّوهُ تَأْوِيلانِ) يشير إلى أنه اختلف في قوله في المدونة: وهم يستحلونه (10) في دينهم (11)، هل هو (12) وصف طردي لم يذكره على سبيل الشرط؛ لأنه لا يوجد كافر إلا وهو مستحل لذلك، وهو رأي بعضهم، ورأى (13) غيره أنه (14) شرط مقصود من ابن القاسم، فقال (15): يريد أنهم لو دخلوا عليه وهم لا يستحلونه فلم يدخلوا على النكاح، وإنما دخلوا على الزنا، فلا يثبت ذلك العقد بعد الإسلام إلا أن
(1) في (ز 2): (مطلقة) و (ن)، وفي (ن 2):(بطلقة بائنة).
(2)
في (ز 2) و (ن): (كما في الذي).
(3)
انظر: المدونة: 2/ 211 و 212.
(4)
في (ن): (المغيرة).
(5)
انظر: عقد الجواهر: 2/ 445.
(6)
في (ن): (كما إذا).
(7)
قوله: (وإن دخل بها ولم تقبضه) يقابله في (ن 2): (وإن قبضت ولم يدخل بها)، وفي (ن):(وإن دخل ولم تقبض).
(8)
انظر: المدونة: 2/ 211.
(9)
في (ن 1) و (ن 2) و (ز 2) و (س): (ثانيًا).
(10)
في (س): (يستحلونهم).
(11)
انظر: المدونة: 2/ 211.
(12)
قوله: (هو) زيادة من (س).
(13)
في (ن): (ورأي).
(14)
قوله: (أنه) ساقط من (ن).
(15)
في (ز 2): (فقالوا).
يكونوا قد تمادوا عليه بعد الإسلام على وجه النكاح، وقيل: إنما ذكره ابن القاسم تنبيهًا بالأخف على الأشد؛ لئلا يتوهم الصحة إذا كانوا يستحلونه فبين أنه لا فرق.
قوله: (واخْتَارَ الَمُسْلِمُ أَرْبَعًا وإِنْ أَوَاخِرَ) يريد: أن المجوسي إذا أسلم، وتحته أكثر من أربع نسوة فأسلمن معه، أو كن كتابيات فإنه يختار منهن أربعًا، وإن كن أواخر، وخرج بعضهم لأشهب مثل قول أبي حنيفة: أن الأوائل تتعين، وليس له أن يختار غيرهن (1).
قوله: (وَإحْدَى (2) أُخْتَيْنِ) أي: فإن أسلم على أختين فإنه يختار منهما واحدة، ويفارق الأخرى، وسواء دخل بهما، أو بإحداهما، أو لم يدخل، وسواء أيضًا جمعهما في عقد، أو في عقدين، وإلى هذا أشار بقوله:(مُطْلَقًا)، وحكي عن (3) ابن الماجشون: أنه إذا أسلم على أختين ينفسخ نكاحهما جميعًا (4)، وهو ضعيف؛ لما خرج الترمذي: أن فيروز الديلمي أسلم على أختين، فأمره عليه السلام أن يختار واحدة (5)، وحكم المرأة وعمتها وخالتها (6) ونحوهما على المشهور حكم الأختين، فإذا أسلم عليهما اختار منهما واحدة.
قوله: (وَأُمًّا، وابْنَتَهَا لَمْ يَمَسَّهُما) أي: فإن أسلم على أم، وابنتها ولم يمسهما، فإنه يختار منهما (7) واحدة سواء جمعهما في عقدين، أو عقد (8)، ولهذا جعل شرط (9) الاختيار عدم المسيس لا غير، وقال أشهب: تتعين البنت (10).
(1) انظر: المنتقى: 5/ 426.
(2)
في (ن): (أو أحدى).
(3)
قوله: (وحكي عن) يقابله في (ن): (وحكى).
(4)
انظر: عقد الجواهر: 2/ 446.
(5)
حسن، أخرجه أبو داود. 1/ 681، في باب من أسلم وعنده نساء أكثر من أربع أو أختان، من كتاب الطلاق، برقم: 2243، والترمذي: 3/ 436، في باب الرجل يسلم وعنده أختان، من كتاب النكاح، برقم: 1129، وقال: هذا حديث حسن، وابن ماجه: 1/ 627، في باب الرجل يسلم وعنده أختان، من كتاب النكاح، برقم:1951. انظر تفصيل ذلك: البدر المنير: 7/ 631.
(6)
قوله: (وخالتها) ساقط من (ن).
(7)
قوله: (منهما) ساقط من (ن).
(8)
قوله: (عقدين، أو عقد) يقابله في (ن): (عقد واحد أو عقدين).
(9)
في (ز 2) و (ن 2): (شروط).
(10)
انظر: الذخيرة: 4/ 334.
قوله: (وَإِنْ مَسَّهُمَا حَرُمَتَا) أي: فإن دخل بهما معًا حرمتا عليه، وهو ظاهر إن كانتا (1) في عقدين، وقلنا بصحة أنكحتهم، كما لو وقع ذلك من مسلم، وإن لم نقل بصحتهما (2) فهو وطء بشبهة، وقد علمت أنه ينشر الحرمة.
قوله: (وَإِحْدَاهُمَا تَعَيَّنَتْ) أي: فإن دخل بإحداهما تعينت، وهو ظاهر، لكن إن دخل بالبنت تعينت بلا خلاف أعلمه منصوصًا في المذهب، وإن دخل بالأم تعينت على مذهب المدونة (3)، ولمالك وأشهب: أنهما يندفعان (4)، بمعنى: أن كل واحدة تحرم الأخرى، فبالعقد على البنت تحرم الأم، وبوطء الأم تحرم البنت.
قوله: (ولا يَتَزَوَّجُ ابْنُهُ، أَوْ أَبُوهُ مَنْ فَارَقَهَا) يريد: أنه إذا فارق البنت، أو الأم؛ لاختيار الأخرى، أو لتعيين الأخرى (5)، أو فارقهما معًا حيث لا يجوز له اختيار واحدة (6)؛ فإن حرمة المصاهرة تنشر بين ابنه وأبيه، وبين من فارقها، فلا يتزوج واحدة منهما، بل تحرم عليه، وهو مذهب المدونة عند ابن يونس (7)، وعياض. وحملها غيرهما على الكراهة؛ لقوله: لا يعجبني (8)، وفي كتاب محمد: أنها لا تحرم عليه بعقد الشرك (9).
قوله: (واخْتَارَ بِطَلاقٍ، أَوْ ظِهَارٍ، أَوْ إِيلاءِ، أَوْ وَطْءٍ) يريد: أن المعتبر في خيار (10) من يختارها لا يشترط فيه أن يقول: اخترت فلانة، أو فارقتها بل يكفي في ذلك مطلق الدلالة، ولا شك أن الطلاق، والظهار، والإيلاء من الدلائل القولية، والوطء من الدلائل الفعلية، فإذا طلق واحدة فقد اختارها؛ لأن الطلاق لا يكون إلا في زوجة،
(1) في (ن): (كانا).
(2)
في (ن): (بصحتها).
(3)
انظر: المدونة: 2/ 222.
(4)
انظر: التوضيح: 4/ 98.
(5)
قوله: (لاختيار الأخرى، أو لتعيين الأخرى) يقابله في (ن): (لاختياره الأخرى أو لتعيينها).
(6)
زاد بعده في (ن): (منها).
(7)
انظر: التوضيح: 4/ 98.
(8)
انظر: المدونة: 2/ 222.
(9)
انظر: النوادر والزيادات: 4/ 588.
(10)
في (ن): (اختياى).
فاختياره للطلاق اختيار للازمه (1)، وقريب منه إذا ظاهر منها؛ لأن الظهار تشبيه من يجوز وطؤها بمن تحرم (2)، ولا يكون (3) حلالًا بعد إسلامه إلا باختياره (4)، وأما الإيلاء فهو وإن كان يصح في الأجنبية، فالعرف أنه لا يكون إلا في زوجة (5)، والمعتبر في الدلائل العرف، وأما الوطء فلا شك في دلالته على اختيار الموطوءة.
قوله: (والْغَيْرَ إِنْ فَسَخَ نِكَاحَهَا) أي: واختيار غير من فسخ نكاحها، ومراده: أنه إذا قال: فسخت نكاح فلانة، فليس له اختيارها بعد، وإنما هو مخير فيمن عداها (6).
قوله: (أَوْ ظَهَرَ أَنَّهُنَّ أَخَوَاتٌ مَا لَمْ يَتَزَوَّجْنَ) أي: وكذلك له أن يختار من البواقي إذا طهر أن الأربع اللاتي اختارهن أخوات بشرط عدم تزويج غيرهن (7)، فإن تزوجن فات اختياره وهو قول ابن القاسم، وقال ابن عبد الحكم: لا يفوت اختياره (8) بتزويجهن (9).
قوله: (ولا شَيْءَ لِغَيْرِهِنَّ إِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهِ) الضمير في (غيرهن) عائد على من اختارهن، وفي (به) عائد على الغير، والمعنَى: ولا صداق لغير من اختار إن لم يكن دخل بذلك الغير؛ لأنه مغلوب على الفسخ قبل البناء، وهو ظاهر المدونة. وقال محمد: يكون لكل واحدةٍ من المتروكات (10) خمس صداقها إذا كن (11) الجميع عشرًا، وقال ابن حبيب: لكل واحدة نصف صداقها (12).
قوله: (كَاخْتِيَارِهِ وَاحِدَةً مِنْ أَرْبَع رَضِيعَاتٍ تَزَوَّجَهُنَّ (13)، وأَرْضَعَتْهُنَّ امْرَأَةٌ) يريد:
(1) في (ن): الإلزامه).
(2)
في (ن): (يحرم).
(3)
في (ن): (تكون).
(4)
في (ز 2): (بعد اختياره).
(5)
في (ز 2): (زوجته).
(6)
في (ن): (عدلها).
(7)
قوله: (تزويج غيرهن) يقابله في (ن) و (ن 2): (تزويجهن).
(8)
قوله: (وهو قول ابن القاسم
…
لا يفوت اختياره) ساقط من (س).
(9)
انظر: عقد الجواهر: 2/ 446.
(10)
في (ن 2): (المتزوجات).
(11)
في (ن): (كأنه).
(12)
انظر: عقد الجواهر: 2/ 445.
(13)
قوله: (تَزَوَّجَهُنَّ) ساقط من (ن).
أن حكم من تزوج أربع رضيعات أرضعتهن امرأة، ثم أسلم حكم من تزوج عشر نسوة، ثم أسلم عليهن، والمشهور: أنه يختار واحدة، ويترك الثلاث البواقي. وقال ابن الكاتب، وابن بكير: إن أرضعت المرأة واحدة بعد واحدة فليس له أن يختار واحدة (1)، وهو بمنزلة الأختين يتزوجهما في عقد واحد، وإذا فسخ ذلك مع ترتب الرضاع فمن باب الأولى إذا أرضعتهن مجتمعات (2).
(المتن)
وَعَلَيْهِ أَرْبَعُ صَدَقَاتٍ إِنْ مَاتَ وَلَمْ يَخْتَرْ، وَلا إِرْثَ إِنْ تَخَلَّفَ أَرْبَعُ كِتَابِيَّاتٍ عَنِ الإسْلامِ أوِ الْتَبَسَتِ الْمُطَلَّقَةُ مِنْ مُسْلِمَةٍ أَوْ كِتَابِيَّةٍ، لا إِنْ طَلَّقَ إحْدَى زَوْجَتَيهِ وَجُهِلَتْ، وَدَخَلَ بِإِحْدَاهُمَا وَلَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ، فَلِلْمَدْخُولِ بِهَا الصَّدَاقُ؛ وَثَلاثَةُ أَرْبَاعِ الْمِيرَاثِ، وَلِغَيْرِهَا رُبُعُهُ وَثَلاثَةُ أَرْبَاعِ الصَّدَاقِ.
(الشرح)
قوله: (وعَلَيْهِ أَرْبَعُ صَدقَاتٍ إِنْ مَاتَ ولَمْ يَخْتَرْ) أي: فإن مات عن عشر ولم يختر منهن واحدة، ولا أكثر (3)، فالواجب (4) عليه أربع صداقات (5)؛ إذ ليس في عصمته شرعًا إلا أربع زوجات، فلهذا لزمه أربعة أصدقة لأربع غير معينات، فتقسم على العشر فيكون لكل منهن خمسا صداقها، وهو الجاري على المشهور، وعلى قول ابن حبيب تلزمه سبعة أصدقة؛ لأن عليه أربع صدقات لأربع، وثلاث للست (6) البواقي يقتسمن (7) الجميع على ذلك، فيحصل لكل واحدة (8) منهن سبعة أعشار صداقها، وعلى مذهب محمد فقيل: يلزمه أربع كالمشهور، وضعف (9)؛ لأن الموت مكمل لجميع الصداق، وهو لو بنى بأربع منهن، وجهلت أعيانهن لكان لمجموع العشر عنده خمسة أصدقة، وخمس
(1) في (ن): (منهن).
(2)
انظر: التوضيح: 4/ 93.
(3)
قوله: (ولا أكثر) يقابله في (ز 2): (والأكثر).
(4)
في (ن 2): (قالوا يجب).
(5)
في (ن): (صدقات).
(6)
في (ن): (لست).
(7)
في (ز 2) و (ن 2): (يقسمن).
(8)
قوله: (واحدة) زيادة من (ز 2).
(9)
انظر: التوضيح: 4/ 92.
صداق؛ لأن للمدخول بهن أربعة، ولغيرهن من الست لكل واحدة خمس صداق فيقتسمن (1) ذلك (2)، فيكون لكل واحدة خمسان، ونصف خمس، وعشر خمس.
قوله: (ولا إِرْثَ إِنْ تَخَلَّفَ أَرْبَعُ كِتَابِيَّاتٍ عَنِ الإِسْلامِ) أي: فإن أسلم على عشر كتابيات، ثم أسلم منهن ست، وتخلف أربع عن الإسلام ثم مات قبل أن يختار فلا إرث لجميعهن، أما الكتابيات فظاهر، وأما المسلمات فللشك (3) في سببه، وهو الزوجية؛ وإنما منع ذلك (4) لاحتمال أن لا يختار المسلمات، أو يختار من جميعهن واحدة، واحترز بقوله:(إِنْ تَخَلَّفَ أَرْبَعٌ مِمَّا إِذَا تَخَلَّفَ ثَلاثٌ، أَوْ أَقَلُّ) فإن الإرث ثابت، ووجهه ظاهر.
قوله: (أَوِ الْتَبَسَتِ الْمُطَلَّقَةُ مَنْ مُسْلِمَةٍ، أَوْ كِتَابِيَّةٍ) أي: وهكذا لا إرث (5) إذا قال لزوجتيه المسلمة، والكتابية إحداكما طالق، ومات، ولم يعين المطلقة منهما؛ للشك في ذلك.
قوله: (لا إِنْ طَلَّقَ إِحْدَى زَوْجَتَيْهِ، وجُهِلَتْ، ودَخَلَ بِإِحْدَاهُمَا، ولَمْ تَنْقَضِ (6) الْعِدَّةُ فَلِلْمَدْخُولِ بِهَا الصَّدَاقُ، وثَلاثَةُ أَرْبَاعِ المْيِرَاثِ، ولِغَيْرِهَا رُبْعُهُ، وثَلاثَةُ أَرْبَاعِ الصَّدَاقِ) أي: لا إن طلق إحدى زوجتيه فإن الميراث حاصل على كل حال؛ لأن سبب الميراث لا شك فيه، وإنما الشك في تعيين مستحقه، ومعنى كلامه أن من تزوج امرأتين فبنى بواحدة لا غير، وطلق إحداهما ثم مات، ولم تنقض العدة، وجُهلت المطلقة فإن للمدخول بها الصداق كله (7)، وثلاثة أرباع الميراث وللتي لم يبن بها ثلاثة أرباع
(1) في (ز 2): (فيقسمن).
(2)
زاد بعده في (ن): (فيحصل لكل واحدة منهن سبعة أعشار صداقها وعلى مذهب محمد يلزمه أربع كالمشهور وضعف لأن الموت مكمل لجميع الصداق وهو لو بنى بأربع منهن وجهلت أعيانهن لكان لجميع العشر عنده خمسة أصدقة وخمس صداق لأن المدخول بهن أربعة ولغيرهن من الست لكل واحدة خمس صداق فيقسم ذلك).
(3)
في (ن) و (ن 2): (فلا شك).
(4)
قوله: (وإنما منع ذلك) زيادة من (ن 2)
(5)
قوله: (لا إرث) يقابله في (ز 2): (الإرث).
(6)
في (ن): (ينتقض).
(7)
في (ن): (كاملا).
الصداق، وربع الميراث، وهكذا وقع هذا اللفظ لابن القاسم في آخر كتاب الطلاق من المدونة (1)، وإنما كان للمدخول بها ثلاثة أرباع الميراث، لأنها إن كانت هي المطلقة فالعدة لم تنقض فلها نصفه وللأخرى النصف الباقي، وإن كانت (2) المطلقة هي غير المدخول بها فجميع الميراث للمدخول بها، فلها النصف على كل حال، ويقع النزاع بينها وبين غير المدخول بها (3) في النصف الباقي (4)، فيقسم بينهما نصفين، فتأخذ نصفه وهو ربع مضاف إلى النصف الذي بيدها، وذلك ثلاثة أرباع والربع الآخر للأخرى كما علمت، ولا إشكال في استحقاقها للصداق كله، وأما وجه أخذ الأخرى ثلاثة أرباع الصداق؛ فلأنها إن كانت هي المطلقة فليس لها إلا نصفه، وإن كانت هي غير المطلقة فلها الصداق كاملًا فيقع النزاع بينها وبين الورثة في النصف الثاني (5) فيقسم بينهما نصفين فتأخذ نصفه، وهو ربع مع (6) ما بيدها من النصف (7)، وذلك ثلاثة أرباع.
(المتن)
وَهَلْ يَمْنَعُ مَرَضُ أَحَدِهِمَا الْمَخُوفُ، وَإِنْ أَذِنَ الْوَارِثُ أَوْ إِنْ لَمْ يَحْتَجْ، خِلافٌ، وَلِلْمَرِيضَةِ بِالدُّخُولِ الْمُسَمَّى، وَعَلَى الْمَرِيضِ مِنْ ثُلُثِهِ الأَقَلُّ مِنْهُ وَمِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ، وَعُجِّلَ بِالْفَسْخِ، إِلَّا أَنْ يَصِحَّ الْمَرِيضُ مِنْهُمَا، وَمُنِعَ نِكَاحُهُ النَّصْرَانِيَّةَ وَالأَمَةَ عَلَى الأَصَحِّ، وَالْمُخْتَارُ خِلافُهُ.
(الشرح)
قوله: (وهَلْ يَمْنَعُ مَرَضُ أَحَدِهِمَا المَخُوفُ، وإِنْ أَذِنَ الْوَارِثُ، أَوْ إِنْ لَمْ يَحْتَجْ (8)؟ خِلافٌ) يريد: أنه اختلف هل المرض المخوف من موانع النكاح، وإن احتاج إليه، أو ذلك مقيد بعدم الحاجة فأما مع الحاجة له (9) فلا، في ذلك خلاف، والذي في الجواهر:
(1) انظر: المدونة: 2/ 90.
(2)
قوله: (في آخر كتاب الطلاق
…
وللأخرى النصف الباقي، وإن كانت) ساقط من (ن 1).
(3)
قوله: (غير المدخول بها) يقابله في (ن 1): (المدخول بها).
(4)
في (ن): (الآخر).
(5)
في (ن): (الباقي).
(6)
في (ن): (مضاف إلى).
(7)
قوله: (وهو ربع مع ما بيدها من النصف) يقابله في (ن 1): (وهو ربع مضاف إلى ما بيدها).
(8)
زاد بعده في (ن): (المريض).
(9)
قوله: (له) زيادة من (ز 2).
أن المرض المخوف لا يجوز معه النكاح إذا كان المريض غير محتاج إلى الاستمتاع، وقد انتهى إلى حالة يحجر عليه في ماله، ويفسخ (1) على المشهور، وعن مالك: إجازته من غير تفصيل (2)، وفي التبصرة: نكاح المريض جائز، وممنوع، ومختلف فيه، والمرض (3) أربعة: غير مخوف (4)، أو مخوف متطاول كالسل والجذام، وتزوج في أوله فيجوز معه النكاح، ومخوف أشرف معه على الموت فلا يجوز، ومخوف غير متطاول ولم يشرف معه على الموت، فقيل: يفسد (5) النكاح، ولا ميراث فيه، وهو المشهور،
وقيل: يجوز إن لم يكن مضارًّا، وقيل: يجوز جملة من غير تفصيل (6).
ونحوه في المتيطية، وزاد: وعلى المشهور العمل، وبه (7) الحكم، فانظر ما شهراه تجده في بعض صوره مخالفًا لما شهره ابن شاس (8)؛ ولهذا ذكر هنا الخلاف على جاري عادته، ولم يجزم (9) بأحد التشهيرين، ونبه بقوله:(وإِنْ أَذِنَ الْوَارِثُ) على أن (10) ما قاله محمد: أن الورثة الرشداء إذا أذنوا للمريض أن يتزوج حرة مسلمة لا يجوز (11)؛ لاحتمال موت الآذن، ويصير الميراث لغيره.
قوله: (ولِلْمَرِيضَةِ بِالدُّخُولِ الْمُسَمَّى) هكذا روي عن مالك (12)، وبه قال (13) عبد الملك، وابن نافع، وأشهب، وأصبغ. وقيل: لها صداق المثل، وتأول أبو عمران المدونة
(1) في (ن): (وفسخ).
(2)
انظر: عقد الجواهر: 2/ 448.
(3)
في (ز 2): (والمريض).
(4)
زاد بعده في (ن): (فيجوز النكاح فيه).
(5)
في (ن 2): (يفسخ).
(6)
انظر: التبصرة، للخمي، ص:2000.
(7)
في (ن): (وجه).
(8)
انظر: التوضيح: 4/ 102.
(9)
في (ن): (يجز).
(10)
قوله: (أن) زيادة من (س).
(11)
انظر: النوادر والزيادات: 4/ 559.
(12)
انظر: المدونة: 2/ 170.
(13)
قوله: (قال) ساقط من (ن 2).
على أن لها الأقل من المسمى، وصداق المثل (1).
قوله: (وعَلَى الَمْرِيضِ مِنْ ثُلُثِهِ الأَقَل مِنْهُ، ومِنَ صَدَاقِ الَمْثْلِ) الأكثر على أن صداقه من الثلث، وعن المغيرة أنه من رأس المال (2)، وعلى الأول: يلزم المريض من ثلثه الأقل منه، ومن صداق المثل، فإذا كان ثلثه (3) عشرين دينارًا، وصداق مثلها ثلاثين دينارًا، أو بالعكس؛ فليس لها في الصورتين إلا الأقل، وهو العشرون (4).
قوله: (وعُجِّلَ بِالْفَسْخِ) أي: يفسخ نكاح المريض إذا عثر عليه، وسواء دخل بها أم لا، إلا أنه إن فسخ قبل الدخول لا شيء فيه، وإلا فعلى ما تقدم، وهذا واضح على القول بفساده، وأما على القول بالصحة، فهل يعجل بالفسخ قبل صحة المريض، قاله
(1) انظر: التوضيح: 4/ 102.
(2)
انظر: التوضيح: 4/ 102.
(3)
في (ن 1): (المسمى).
(4)
قوله: (هكذا روي عن مالك
…
فليس لها في الصورتين إلا الأقل، وهو العشرون) يقابله في (ن): (يعني أن المريضة إذا تزوجت صحيحًا معتبر على ذلك، فإن كان قبل الدخول فإنه يفسخ ولا صداق، وإن كان بعد الدخول ففيه المسمى، نص على أن فيه المسمى في المدونة. ابن عبد السلام: ولا يدخله الخلاف المذكور في نكاح المريض؛ لأن الزوج هاهنا صحيح والنكاح فاسد في عقده، حصل فيه الدخول فوجب فيه المسمى كسائر الأنكحة التي فسادها في عقدها. انتهى. فإن ماتت هي في مرضها فلا يرثها كما لو مات المريض المتزوج في المرض فإن زوجته لا ترثه لفساد النكاح ووجوب فسخه بعد البناء على المشهور. قوله: "وعلى المريض من ثلثه
…
إلى آخره" يعني أنه يجب على المريض المتزوج في مرضه بالدخول الأقل مما سمى أي من الصداق ومن صداق المثل لأن المسمى إن كان أقل فقد رضيت به وإن أكثر تعين صداق المثل هذا الذي حكاه الشيخ هو قول ابن القاسم ومذهب المدونة على تأويل أبي عمران وروى أشهب وعلي بن زياد عن مالك أن لها المسمى وبه قال ابن الماجشون وابن نافع وأشهب وأصبغ. ابن شاس وهو قول مالك في المختصر وكتاب محمد وكتاب ابن حبيب وقال سحنون إذا كان المسمى أكثر من صداق المثل ليس لها إلا صداق المثل في قول ابن القاسم انتهى. فتحصل في المسألة ثلاثة أقوال.
قوله: "من ثلثه" يعني الواجب للمرأة من الصداق هو من ثلث المريض وعليه الأكثر وحكى القابسي عن المغيرة أنه من رأس المال وأجراه صاحب الجواهر على ما رواه مطرف من صحة النكاح واختار القابسي أن يكون ربع دينار من رأس المال. في المسألة ثلاثة أقوال: قال في المدونة: ويبدأ بذلك على الوصايا والعتق الذي يخرج من الثلث ثم اختلف ذلك هل تحاص بالباقي في الوصايا وهو قول أصبغ أو لا وهو قول ابن القاسم وعليه فسقط الزائد).