المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب [في الضحية والعقيقة] - تحبير المختصر وهو الشرح الوسط لبهرام على مختصر خليل - جـ ٢

[بهرام الدميري]

الفصل: ‌باب [في الضحية والعقيقة]

‌بابٌ [في الضحية والعقيقة]

(المتن)

بَابٌ سُنَّ لِحُرٍّ غَيْرِ حَاجٍّ بِمِنًى ضَحِيَّةٌ لا تُجْحِفُ، وَإِنْ يَتِيمًا بِجَذَعِ ضَأْنٍ، وَثَنِيِّ مَعْزٍ وَبَقَرٍ وَإبِلٍ: ذِي سَنَةٍ، وَثَلاثٍ، وَخَمْسٍ؛ بِلا شِرْكٍ إِلَّا فِي الأجْرِ؛ وَإنْ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةٍ، إِنْ سَكَنَ مَعَهُ وَقَرُبَ لَهُ، وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ وَإنْ تَبَرُّعًا. وَإنْ جَمَّاءَ وَمُقْعَدَةً لِشَحْمٍ، وَمَكْسُورَةَ قَرْنٍ، لا إِنْ أَدْمَى،

(الشرح)

(سُنَّ لِحُرٍّ غَيْرِ حَاجٍّ بِمِنًى ضَحِيَّةٌ لا تُجْحِفُ، وَإنْ يَتِيمًا) المشهور أن الأضحية سنة كما قال، ورواه غير واحد عن مالك (1)، وحكى بعض الأشياخ قولين بالوجوب والسنية في المذهب (2)، وربما زاد بعضهم الاستحباب، واحترز بقوله:(حر) من العبد فإنه لا يخاطب بها، وسواء كان قنًّا أوفيه شائبة من حرية، وقاله في المدونة قال فيها: وهي على الناس كلهم -أي: الأحرار الحاضر والمسافر- إلا الحاج فليست عليه (3) وإن كان من سكان منى، ومن لم يشهد الموسم من أهل مكة وغيرها فهم في ضحاياهم كالأجنبيين، وإلى هذا أشار بقوله:(غَيْرِ حَاجٍّ بِمِنًى) أي: فإنه لا يخاطب بها، وفهم من كلامه إن كان (4) بمنى من أهلها أو من (5) غيرهم ولم يحج في عامه ذلك أنه يكون مخاطبًا بها كما تقدم، وقوله:(لا تُجْحِفُ) أي: لا تجحف (6) بماله فإن كانت تجحف به لم يخاطب بها، قاله في الذخيرة، وقال: ولا حد فيه (7)، وقوله:(وَإنْ يَتِيمًا) يريد: لوجود السبب فيه (8) فيخاطب الولي بالأضحية عنه. ابن حبيب: ومن ولد في (9) يوم النحر أوفي أيام

(1) انظر: النوادر والزيادات: 4/ 309.

(2)

انظر: البيان والتحصيل: 3/ 394.

(3)

انظر: المدونة: 1/ 550.

(4)

في (س): (أن من كان).

(5)

قوله: (من) زيادة من (س).

(6)

قوله: (لا تجحف) زيادة من (ز 2).

(7)

انظر: الذخيرة: 4/ 142.

(8)

قوله: (فيه) ساقط من (ز 2).

(9)

قوله: (في) زيادة من (ز 2).

ص: 332

الأضحى فإنه يضحى عنه (1).

قوله: (بِجَذَعِ ضَأْنٍ، وَثَنِيِّ مَعْزٍ وَبَقَرٍ وَإبِلٍ) هو بيان للأسنان التي لا تجزئ الأضحية إلا بها، وهي الجذع من الضأن والثني مما عداه، والباء في (بجذع) متعلقة بسن؛ أي: لا تسن الأضحية إلا بهذه الأسنان.

قوله: (ذِي سَنَةٍ، وَثَلاثٍ، وَخَمْسٍ) لما ذكر أن المعز والإبل والبقر لا يجزئ منها إلا الثني أشار إلى سن كل منها، فقوله:(ذي سنة) إشارة إلى سن الثني من المعز، وقوله:(وثلاث) إشارة إلى سن الثني من البقر، وقوله:(وخمس) إشارة إلى سن الثني من الإبل، وهو من باب اللف والنشر على الترتيب الأول للأول والثاني للثاني والثالث للثالث، والمشهور أن الثني من المعز ما أوفى سنة كما قال هنا. والثني من البقر ما أوفى ثلاث سنين (2).

وقال ابن حبيب: هو ابن سنتين (3)، وما ذكره من سن الثني من البقر هو مذهب الرسالة لقوله فيها: هو ما دخل في السنة الرابعة (4).

وعن ابن حبيب: هو ابن أربع سنين (5)، وعن عبد الوهاب: هو ما دخل في السنة الثالثة (6)، والصحيح أن الثني من الإبل ابن خمس سنين، وقال ابن حبيب: هو ابن ست سنين (7)، واختلف في الجذع من الضأن فالمشهور أنه ابن سنة، وقيل: ابن عشرة أشهر، وقيل: ابن ثمانية أشهر، وقيل: ابن ستة أشهر.

قوله: (بِلا شِرْكٍ، إِلا في الأَجْرِ، وَإنْ أكثَرَ مِنْ سَبْعَةٍ) يريد أن الأضحية لا يجوز الاشتراك فيها إلا الرجل في خاصة نفسه يشتري أضحية (8) فيُشْرِك أهل بيته ومن في

(1) انظر: النوادر والزيادات: 4/ 312.

(2)

قوله: (والثني من البقر ما أوفى ثلاث سنين) زيادة من (ن 2).

(3)

انظر: النوادر والزيادات: (2/ 218).

(4)

قوله: (وقال ابن حبيب: هو ابن سنتين

هو ما دخل في السنة الرابعة) ساقط من (ن 1) و (ن 2). وانظر: الرسالة، لابن أبي زيد: 78 و 79.

(5)

انظر: النوادر والزيادات: 4/ 318.

(6)

انظر: التلقين: 62.

(7)

انظر: النوادر والزيادات: 4/ 318.

(8)

في (س): (أضحيته).

ص: 333

نفقته من أقاربه الساكنين معه في الأجر فلا بأس به، وقاله في المدونة، قال فيها: وإن كانوا أكثر من سبعة أنفس (1). ابن رشد: وفي (2) جواز الاشتراك ومنعه قولان (3).

قوله: (إِنْ سَكَنَ معَهُ وَقَرُبَ لَهُ، وَأَنْفق عَلَيهِ وَإنْ تبَرُّعًا) يعني أنه يشترط فيمن يجوز إدخاله في الأجر ثلاثة شروط: الأول: أن يكون ساكنًا مع المضحي في منزل واحد، الثاني: أن يكون من أقاربه، وعليه فلا تدخل الزوجة ولا أم ولده ولا من له (4) فيه بقية رق، وهو خلاف ما حكاه ابن المواز عن مالك، والثالث: أن يكون ممن ينفق عليه وإن تبرعًا، وعليه فيجوز إدخال الجد والجدة إذا كانوا في عياله، وهذه الشروط ذكرها الباجي وغيره.

قوله: (وَإِنْ جَمَّاءَ) ابن بشير: لا خلاف في جواز (5) الأضحية بالجماء وهي التي لا قرن لها، وحكى بعضهم فيه الإجماع (6).

قوله: (وَمُقْعَدَةً لِشَحْمٍ) هكذا نص عليه سحنون (7).

قوله: (وَمَكسُورَةَ قَرْنٍ، لا إِنْ أَدْمَى) هكذا قال في المدونة. أبو عمران: وظاهره انكسر من أعلاه أو من أسفله، وهو ظاهر الرسالة (8) وعليه أكثر الأشياخ لأنه (9) ليس نقصًا في الخلقة، وقال ابن حبيب: هذا إذا انكسر من أعلاه، وأما إن انكسر (10) من أسفله فلا يجزئه (11)، وقوله:(لا إِنْ أَدْمَى) أي: فلا تجزئ، وقال أشهب: إن ضحى بها أجزأته (12).

(1) انظر: المدونة: 1/ 469.

(2)

في (ز): (وهو في).

(3)

انظر: البيان والتحصيل: (3/ 335).

(4)

قوله: (له) زيادة من (س).

(5)

قوله: (جواز) ساقط من (س).

(6)

انظر: التوضيح: 3/ 268.

(7)

انظر: النوادر والزيادات: 4/ 317.

(8)

انظر: الرسالة: لابن أبي زيد: 1/ 79.

(9)

قوله: (لأنه) ساقط من (ن 2).

(10)

قوله: (انكسر) ساقط من (ن).

(11)

قوله: (فلا يجزئه) يقابله في (ن): (فلا يجوز). وانظر: النوادر والزيادات: 4/ 316.

(12)

انظر: النوادر والزيادات: 4/ 317.

ص: 334

(المتن)

كَبَيِّنِ مَرَضٍ، وَجَرَبٍ، وَبَشَمٍ، وَجُنُونٍ، وَهُزَالٍ، وَعَرَجٍ، وَعَوَرٍ، وَفَائِتِ جُزْءٍ غَيْرِ خِصْيَيْهِ وَصَمْعَاءَ جِدًّا، وَذِي أُمٍّ وَحْشِيَّةٍ، وَبَتْرَاءَ، وَبَكْمَاءَ، وَبَخْرَاءَ، وَيَابِسَةِ ضَرْعٍ، وَمَشْقُوقَةِ أُذُنٍ، وَمَكْسُورَةِ سِنٍّ، لِغَيْرِ إِثْغَارٍ أَوْ كِبَرٍ، وَذَاهِبَةِ ثُلُثِ ذَنَبٍ، لا أُذُنٍ - مِنْ ذَبْحِ الإِمَامِ لآخِرِ الثَّالِثِ- وَهَلْ هُوَ الْعَبَّاسِيُّ أَوْ إِمَامُ الصَّلاةِ قَوْلانِ. وَلا يُرَاعَى قَدْرُهُ فِي غَيْرِ الأَوَّلِ، وَأَعَادَ سَابِقُهُ إِلا الْمُتَحَرِّيَ أقْرَبَ إِمَامٍ، كَأَنْ لَمْ يُبْرِزْهَا وَتَوَانَى بِلا عُذْرٍ قَدْرَهُ، وَبِهِ انْتُظِرَ لِلزَّوَالِ.

(الشرح)

قوله: (كَبَيِّنِ مَرَضٍ، وَجَرَبٍ، وَبَشَمٍ، وَجُنُونٍ، وَهُزَالٍ، وَعَرَجٍ، وَعَوَرٍ (1)) هذا لقوله عليه الصلاة والسلام: "أربع لا تجزئ في الضحايا: العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ظَلَعها (2) والعجفاء التي لا تُنْقِي"(3)، وفي الموطأ وغيره نحوه، واحترز بقوله:(بين) من المرض الخفيف ونحوه فإنه لا أثر له، قال في المدونة: ولا تجزئ الجربة إذا كان ذلك لها (4) مرضًا (5)، يريد إذا كان ذلك يعم جميع جسدها، وإليه أشار بقوله:(وجرب) أي: وبيّن الجرب، وهكذا البشمة (6) إذا كان بشمها بينًا وإلا فلا. عياض: وهي التي تصيبها التخمة، وأما المجنونة فقال الباجي: لا نص فيها ورآه كالمرض (7) ونحوه. اللخمي قال: إن كان ذلك دائمًا منع، وإلا فلا (8). وقوله:(وهزال)

(1) قوله: (وَعَرَجٍ، وَعَوَرٍ) ساقط من (ن 2).

(2)

في (س): (ضلعها).

(3)

صحيح، أخرجه مالك: 2/ 483، في باب ما ينهى عنه من الضحايا، من كتاب الضحايا، برقم: 1024، وأبو داود: 2/ 106، في باب ما يكره من الضحايا، من كتاب الضحايا، برقم: 2802، والترمذي: 4/ 85، في باب ما لا يجوز من الأضاحي، من كتاب الأضاحي، برقم: 1497، وقال: هذا حديث حسن صحيح، والنسائي: 7/ 214، في باب ما نهي عنه من الأضاحي، من كتاب الضحايا، برقم: 4369، وابن ماجه: 2/ 1050، في باب ما يكره أن يضحى به، من كتاب الأضاحي، برقم:3144. قال ابن الملقن: هذا الحديث صحيح، وقال الإمام أحمد: ما أحسنه من حديث. انظر: البدر المنير: 9/ 286.

(4)

قوله: (لها) زيادة من (س).

(5)

انظر: المدونة: 1/ 547.

(6)

البَشَمُ: التُّخَمة وقيل هو أَن يكثر من الطعام حتى يَكْرُبَه. انظر: لسان العرب: 12/ 50.

(7)

انظر: التوضيح: 3/ 269.

(8)

انظر: التبصرة، للخمي، ص:1577.

ص: 335

يريد: أنها لا تجزئ إذا كان هزالها بينًا، وهو معنى قوله عليه الصلاة والسلام:"والعجفاء التي لا تنقي" أي: لا مخ في عظامها لشدة هزالها، وقال ابن حبيب: هي التي لا شحم فيها (1). وقوله: (وعرج) أي: بين، وهو معنى قوله عليه الصلاة والسلام:"البين ظلعها"، واحترز بذلك من العرج (2) الخفيف الذي لا يمنعها أن تسير بسير الغنم فإنه لا يمنع الإجزاء، ورواه ابن حبيب عن مالك (3)، وقوله:(وعور) أي: بين كما في الحديث، والعوراء هي التي ذهب بصر إحدى عينيها، فإن كان على عينها بياض على الناظر لا يمنعها النظر أو كان على غير الناظر لم يمنع الإجزاء، قاله مالك (4)، وظاهر كلام أشهب أنه إن (5) نقص نظرها شيئًا لم يجز أن يضحى بها.

قوله: (وَفَائِتِ جُزْءٍ غيرِ خِصْيَيْهِ (6) وَصَمْعَاءَ جِدًّا) المراد بـ (فائت (7) جزء) ما خلق بغير يد أو رجل أو نحوهما أو خلق ناقص عضو أو قطع له عضو ينقص لحمه إلا نقص الخصية، فإذا نقص منه عضوٌ ما عدا الخصية فإنه لا يجزئ لنقصان اللحم، قال في الذخيرة: إلا على القول بقصر العيوب على الأربعة (8)، والصمعاء هي الصغيرة الأذنين، إلا أنه إن كان صغرًا فاحشًا لا تجزئ معه، وقاله الباجي (9)، ولهذا قال (جدًّا)، يريد: لأنهما إن لم يصغرا جدًّا فلا يمنعان الإجزاء، وقد حمل عليه قوله في المدونة: لا بأس بالسكاء وهي صغيرة الأذنين (10).

قوله: (وَذِي أُمٍّ وَحْشِيَّةٍ) يريد أنها لا تجزئ بما (11) كان متولدًا من إنسي ووحشي ولو

(1) انظر: النوادر والزيادات: 6/ 282.

(2)

في (س): (المرض).

(3)

انظر: النوادر والزيادات: 4/ 317.

(4)

انظر: المدونة: 1/ 477.

(5)

قوله: (إن) ساقط من (س).

(6)

في (ز) و (ن 2) والمطبوع من مختصر خليل: (خصية).

(7)

في (ن 2): (فائتة).

(8)

انظر: الذخيرة: 4/ 148.

(9)

انظر: المنتقى: 4/ 164.

(10)

انظر: النوادر والزيادات: 4/ 317.

(11)

في (ز): (مما).

ص: 336

كان أبوه من الأنعام كما لو ضربت فحول الضأن في إناث الظباء أو فحول البقر الإنسية في إناث البقر الوحشية، وهذا مما لا خلاف فيه في المذهب، ومفهوم كلامه أن الأم لو كانت من النعم أجزأ ولو كان أبوه من الوحش، وحكى ابن بشير في ذلك قولين:

الإجزاء وهو اختيار ابن شعبان لأن أكثر الأحكام أن الولد تابع لأمه، وعدم الإجزاء (1)؛ لأن مورد الشرع ما خلص من الأنعام وهذا لم يخلص.

قوله: (وَبَتْرَاءَ، وَبَكْمَاءَ، وَبَخْرَاءَ، وَيَابِسَةِ ضَرْعٍ) أي: وكذلك لا تجزئ الأضحية بشيء من هذه الأربعة، والبتراء: هي المخلوقة بغير ذَنَب، وإنما لا تجزئ لنقصان اللحم، ابن بشير: إلا على القول بقصر العيوب على الأربعة (2)، والبكماء: قال في المبسوط: لا تجزئ (3)، قال: وكذلك يتقى فيها نتن الفم (4)، وهو مراده هنا بالبخر، وقال في الذخيرة: لنقصان الجمال (5) ولاستلزامه تغير اللحم أو بعضه (6)، وأما يابسة الضرع فقال محمد: لا تجزئ، قال: وإن رضعت ببعضه (7) فلا بأس به (8).

قوله: (وَمَشْقُوقَةِ أُذُنٍ) يريد: ما لم يكن يسيرًا فإنه يجزئ بلا خلاف، وفي الرسالة: ولا المشقوقة الأذن إلا أن يكون يسيرًا (9) ونحوه في المدونة (10).

قوله: (وَمَكْسُورَةِ سِنٍّ، لِغَيْرِ إِثْغَارٍ أَوْ كِبَرٍ) قال في الموازية (11): إن سقطت من إثغار أو هَرَم (12) فلا بأس به، وإن كان من غير ذلك فلا يضحي بها (13)، وقال ابن حبيب:

(1) انظر: التوضيح: 3/ 263.

(2)

انظر: التوضيح: 3/ 268

(3)

انظر: المنتقى: 4/ 166.

(4)

قوله: (فيها نتن الفم) يقابله في (ن 2): (في هاتين السقم).

(5)

في (ن 2): (الكمال).

(6)

في (ن) و (ن 2): (نقصه). وانظر: الذخيرة: (4/ 148).

(7)

في (ن 2): (بنقصه).

(8)

انظر: النوادر والزيادات: 4/ 316.

(9)

انظر: الرسالة: لابن أبي زيد: 1/ 79.

(10)

انظر: المدونة: 1/ 477.

(11)

في (ز 1): (المدونة).

(12)

في (ن 2): (كبر).

(13)

انظر: النوادر والزيادات: 4/ 317.

ص: 337

إن (1) سقطت أسنانها من كبر أو كسر فلا تجزئ (2). وخرج (3) في البيان: إن سقطت لإثغار أجزأت بلا خلاف ولكسر لا تجزئ بلا خلاف (4).

قوله: (وَذَاهِبَةِ ثُلُثِ ذَنَبٍ، لا أُذُنٍ) يريد أن ذهاب ثلث الذنب فصاعدًا يمنع الإجزاء بخلاف ثلث الأذن فإنه لا يمنع. الباجي: والصحيح أن ثلث الأذن يسير وأن النصف فصاعدًا كثير واختلف في الثلث (5) وثلث الذنب كثير؛ لأن الأذن طرف جلد لا يكاد يستضر به لكن ينقص الجمال كثيره، والذنب لحم وعصب (6)، وقال ابن رشد: لا خلاف أن ما دون الثلث يسير وأن النصف فصاعدًا كثير، واختلف في الثلث قال: والأذن والذنب في ذلك سواء (7)، ونص ابن حبيب على أن ثلث الأذن كثير (8)، وحكى التونسي قولًا بيسارة ثلث الذنب (9).

قوله: (مِنْ ذَبْحِ الإِمَامِ لآخِرِ الثَّالِثِ) يريد أن وقت الذبح من حين يذبح الإمام في المصلى إلى آخر اليوم الثالث من يوم النحر وهو مما لا خلاف عندنا فيه، وقاله في المدونة (10)، والرسالة (11)، ودل كلامه على أن من ذبح قبل الإمام لا يجزئه ولو ذبح بعد صلاة الإمام وهو صحيح.

قوله: (وَهَلْ هُوَ الْعَبَّاسِيُّ، أَوْ إِمَامُ الصَّلاةِ؟ قَوْلانِ) أشار التونسي إلى أنه العباسي أو نائبه (12) وأنه لا عبرة بالمتغلبين (13).

(1) قوله: (إن) ساقط من (س).

(2)

انظر: النوادر والزيادات: 4/ 317.

(3)

قوله: (خرج) زيادة من (ن 2).

(4)

انظر: البيان والتحصيل: 3/ 314.

(5)

قوله: (وأن النصف فصاعدا كثير واختلف في الثلث) زيادة من (ن 2).

(6)

انظر: المنتقى: 4/ 165.

(7)

انظر: البيان والتحصيل: 3/ 348.

(8)

انظر: النوادر والزيادات: 4/ 316.

(9)

انظر: التوضيح: 3/ 266.

(10)

انظر: المدونة: 1/ 546.

(11)

انظر: الرسالة لابن أبي زيد: 79.

(12)

انظر: التوضيح: 3/ 277.

(13)

قوله: (وأنه لا عبرة بالمتغلبين) ساقط من (ز 2).

ص: 338

وقال البوني (1): هو الذي يقيم الحدود والجمعة والأعياد، وقال ابن رشد: هو الذي يصلي صلاة العيد بالناس إذا استخلف على ذلك (2).

قوله: (وَلا يُرَاعَى قَدْرُهُ في غَيْرِ الأَوَّلِ) أي لا يراعى مقدار الوقت الذي يذبح فيه الإمام أضحيته في اليوم الثاني والثالث بخلاف الأول، ولو قال قدرها ليعود على الصلاة لكان أحسن؛ أي: ولا يراعى مقدار إيقاع الصلاة في غير الأول، وقاله ابن حبيب عن مالك (3).

قوله: (وَأَعَادَ سَابِقُهُ) يريد أن من ذبح قبل صلاة الإمام أو بعد صلاته وقبل ذبحه أعاد، وقاله في المدونة (4).

قوله: (إِلا المُتَحَرِّيَ أَقْرَبَ إِمَامٍ) يريد أن الحكم المذكور مخصوص بمن لهم إمام، فأما غيرهم فيتحرون صلاة أقرب الأئمة إليهم وذبحه فيذبحوا بعده كما قال في المدونة، ثم قال: فإن تحروا فذبحوا قبله أجزأهم (5) وهو المشهور، وروى أشهب عن مالك أنه لا يجزئ (6).

قوله: (كَأَنْ لَمْ يُبَرِزْهَا وَتَوَانَى بِلا عُذْرٍ قَدْرَهُ) أي: وكذا يجزئه الذبح قبل إمامه إذا لم يبرز الإمام أضحيته وتوانى من غير عذر بعد وصوله إلى منزله بشرط أن يكون قد ذبح

(1) في (ن 1): (البرقي). والبوني هو: عبد الملك مروان بن محمد -وقيل: ابن علي- الأسدي الأندلسي البوني، المتوفى قبل 440 هـ، فقيه، محدث، حافظ، مشهور بالفضل والعلم، من أهل قرطبة روى بها عن عبد الرحمن بن محمد بن فطيس، وكان من كبار أصحاب أبي الحسن القابسي، ورحل إلى القيروان وطلب العلم بها، ثم استقر ببُونة -بساحل إفريقية- وبها مات، له كتاب كبير مشهور شرح فيه الموطأ. انظر ترجمته في: الديباج، لابن فرحون: 1/ 345، وجذوة المقتبس، للحميدي: 1/ 133، وبغية الملتمس، للضبي: 1/ 226، والإكمال، لابن ماكولا: 7/ 381، والأنساب، للسمعاني: 1/ 415، وتوضيح المشتبه، لابن ناصر الدين الدمشقي: 1/ 312، ومعجم المؤلفين، لعمر كحالة: 12/ 221.

(2)

انظر: البيان والتحصيل: 3/ 340.

(3)

انظر: النوادر والزيادات: 4/ 313. وفيها: عن محمد لا عن ابن حبيب.

(4)

انظر: المدونة: 1/ 434.

(5)

انظر: المدونة: 1/ 546.

(6)

قوله: (كما قال في المدونة

وروى أشهب عن مالك أنه لا يجزئ) ساقط من (ن 1). وانظر: النوادر والزيادات: 4/ 314.

ص: 339

في وقت لو أبرز الإمام أضحيته وذبحها كان ذبحه بعده، وإليه أشار بقوله:(قدره) أي: قدر الزمن (1) الذي يذبح فيه (2) الإمام أي: لو ذبح.

قوله: (وَبِهِ انْتُظِرَ لِلزَّوَالِ) أي: فإن أخر بسبب عذر من جهاد عدو أو نحو ذلك انتظر ما لم يخرج وقت الصلاة بزوال الشمس، وقاله في البيان (3).

(المتن)

وَالنَّهَارُ شَرْطٌ. وَنُدِبَ إِبْرَازُهَا، وَجَيِّدٌ، وَسَالِمٌ، وَغَيْرُ خَرْقَاءَ، وَشَرْقَاءَ، وَمُقَابَلَةٌ، وَمُدَابَرَةٌ، وَسَمِينٌ، وَذَكَرٌ، وَأَقْرَنُ، وَأَبْيَضُ، وَفَحْلٌ إِنْ لَمْ يَكُنِ الْخَصِيُّ أَسْمَنَ. وَضَأْنٌ مُطْلَقًا، ثُمَّ مَعْزٌ، ثُمَّ هَلْ بَقَرٌ وَهُوَ الأَظْهَرُ أوْ إِبِلٌ؟ خِلافٌ. وَتَرْكُ حَلْقٍ وَقَلْمٍ لِمُضَحٍّ عَشَرَ ذِي الْحِجَّةِ، وَضَحِيَّةٌ عَلَى صَدَقَةٍ وَعِتْقٍ، وَذَبْحُهَا بِيَدِهِ، وَلِلْوَارِثِ إِنْفَاذُهَا، وَجَمْعُ أَكْلٍ وَصَدَقَةٍ وَإِعْطَاءٍ بِلا حَدٍّ، وَالْيَوْمُ الأَوَّلُ، وَفِي أَفْضَلِيَّةِ أَوَّلِ الثَّالِثِ عَلَى آخِرِ الثَّانِي تَرَدُّدٌ.

(الشرح)

قوله: (وَالنَّهَارُ شَرْطٌ) أي: فلا يجزئ الذبح ليلًا، وقاله في المدونة (4) والرسالة (5) وغيرهما، وعن مالك الإجزاء، وهذا الخلاف (6) فيما عدا ليلة النحر، فأما إذا ذبح في (7) تلك الليلة (8) فلا يجزئ (9) قولًا واحدًا لأن الوقت لم يدخل، وكذلك الليلة الرابعة؛ لأن الوقت قد خرج وليس صبيحتها من أيام النحر، قاله ابن القصار.

قوله: (وَنُدِبَ إِبْرَازُهَا) أي: يستحب للإمام أن يبرز أضحيته اقتداء به عليه الصلاة والسلام (10)، وليعلم الناس الوقت الذي يذبحون فيه.

(1) قوله: (الزمن) ساقط من (ن).

(2)

قوله: (فيه) ساقط من (س).

(3)

انظر: البيان والتحصيل: (3/ 340).

(4)

انظر: المدونة: 1/ 482.

(5)

انظر: الرسالة: لابن أبي زيد: 1/ 79.

(6)

في (ز 2): (الاختلاف).

(7)

قوله: (في) زيادة من (ز 2).

(8)

قوله: (الليلة) ساقط من (ز 2).

(9)

في (ز 2): (تجزئه).

(10)

أخرجه البخاري: 1/ 333، في باب النحر والذبح يوم النحر بالمصلى، من كتاب العيدين، برقم:939.

ص: 340

قوله: (وَجَيِّدٌ) أي: ويستحب أيضًا في الأضحية الجيد؛ إذ لا نزاع في أفضلية الأكمل على غيره (1).

قوله: (وَسَالِمٌ) أي: من العيوب التي تجزئ معها الأضحية كيسير المرض وكسر القرن غير الدامي والشق اليسير في الأذن ونحوه، وأما العيوب التي تمنع الإجزاء فمراعاتها واجبة (2).

قوله: (وَغَيْرُ خَرْقَاءَ وَشَرْقَاءَ، وَمُقَابَلَةٌ، وَمُدَابَرَةٌ) أي: وكذا يستحب فيها أن تكون خالية من أحد هذه العيوب الأربعة، وظاهره ولو كان كثيرًا ونحوه لابن القصار. الباجي (3): وهذا قول مطرف والمذهب على (4) أن الكثير يمنع الإجزاء (5). والمقابلة: هي التي قطع من أذنها من قبل وجهها وترك معلقًا، فإن قطع من جهة قفاها فهي المدابرة. والشرقاء: المشقوقة الأذن، والخرقاء: المثقوبة الأذن، قاله أهل اللغة.

قوله: (وَسَمِينٌ) لا إشكال في استحبابه، والمشهور استحباب تسمينها، وقال ابن شعبان: يكره؛ لأنه من سنة اليهود (6).

قوله: (وَذَكَرٌ) أي: على أنثى وهو ظاهر المذهب، وقال في المبسوط: هما سواء (7)، والأقرن أفضل من الأجم، وكذلك الأبيض أفضل من غيره للحديث، وهو أنه عليه الصلاة والسلام ضحى بكبشين أقرنين أملحين (8)، ولهذا قال:(وَأَقْرَنُ، وَأَبْيَضُ) والأقرن: هو الذي له قرنان، والأملح: قال ابن الأعرابي (9): هو النقي البياض، وقيل:

(1) قوله: (قوله: "وَجَيِّدٌ) (أي

الأكمل على غيره) ساقط من (ن 1).

(2)

في (س): (واجب).

(3)

قوله: (الباجي) زيادة من (س).

(4)

قوله: (على) زيادة من (س).

(5)

انظر: المنتقى: 4/ 204.

(6)

انظر: التوضيح: 3/ 264.

(7)

انظر: التوضيح: 3/ 263.

(8)

متفق عليه، أخرجه البخاري: 5/ 2114، في باب التكبير عند الذبح، من كتاب الأضاحي، برقم: 5245، ومسلم: 3/ 1556، في باب استحباب الضحية وذبحها مباشرة

، من كتاب الأضاحي، برقم:1966.

(9)

في (ن 2): (ابن العربي).

ص: 341

هو كلون الملح، وفي ذلك خلاف.

قوله: (وَفَحْلٌ) أي: هو مستحب على الخصي، ثم قال:(إن لم يكن الخصى (1) أسمن)؛ أي: فإن كان الخصي أسمن من الفحل فهو أفضل، وقاله ابن حبيب (2). ابن عبد البر: أجمع (3) الجمهور على أنه لا بأس أن يضحى بالخصي إذا كان سمينًا، قالوا: والأقرن الفحل أفضل من الخصي الأجم إلا أن يكون الخصي الأجم أسمن فهو أفضل (4).

قوله: (وَضَأْنٌ مُطْلَقًا) أي: أن الضأن فيها أفضل من غيره، ومراده بالإطلاق ذكرها وأنثاها وخصيها.

قوله: (ثم مَعْزٌ) أي: المعز أفضل من البقر والإبل؛ يريد: أيضًا مطلقًا ذكرها وأنثاها وخصيها (5).

قوله: (ثُمَّ هَلْ بَقَرٌ وَهُوَ الأَظْهَرُ، أَوْ إبِلٌ؟ خِلافٌ) أي: ثم اختلف هل البقر أفضل من الإبل، وهو قول ابن الجلاب (6) والقاضي عبد الوهاب (7). أو الإبل أفضل؟ وهو قول ابن شعبان (8). وهو خلاف في حال هل البقر أطيب لحمًا أم الإبل؟ والأول أظهر، ثم ذكور كل جنس أفضل من خصيانه، وخصيانه أفضل من إناثه، وإناثه أفضل من ذكور الجنس الذي يليه في الفضل، ثم كذلك إلى آخرها وهي (9) اثنتا عشرة مرتبة أعلاها ذكور الضأن وأدناها إناث الإبل (10).

قوله: (وَتَرْكُ حَلْقٍ وَقَلْمٍ لِمُضَحٍّ عَشْرَ ذِي الحِجَّةِ) هكذا ذكر ابن القصار فقال:

(1) قوله: (ثم قال: إن لم يكن الخصي) زيادة من (س).

(2)

انظر: النوادر والزيادات: 4/ 315.

(3)

قوله: (أجمع) ساقط من (ز 2).

(4)

انظر: الاستذكار: 5/ 218.

(5)

قوله: (قوله: "ثَمْ مَعْزٌ"

وخصيها) ساقط من (ز).

(6)

انظر: التفريع: 1/ 303.

(7)

انظر: المعونة: 1/ 435.

(8)

انظر: النوادر والزيادات: 4/ 315.

(9)

في (ز): (وهو).

(10)

في (ن 1): (المعز).

ص: 342

يستحب لمن أراد الأضحية أن لا يقص شعره ولا ظفره إذا أهل ذو الحجة حتى يضحي لقوله عليه الصلاة والسلام: "إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا بشرته شيئًا فإذا ضحى أخذ من كل ما منع من أخذه"(1).

قوله: (وَضَحِيَّةٌ عَلَى صَدَقَةٍ وَعِتْقٍ) أي: ومما يستحب أيضًا تقديم الأضحية على الصدقة والعتق وهو المشهور، قال في المدونة: ولا يدعها أحد ليتصدق بثمنها (2). ابن حبيب: وهي أفضل من العتق؛ لأن إحياء السنة أفضل من التطوع (3). وعن مالك: أن التصدق أفضل (4).

قوله: (وَذَبْحُهَا بِيَدِهِ) إنما استحب له ذلك اقتداءً به صلى الله عليه وسلم؛ إذ كان يذبح أضحيته بيده (5).

قوله: (وَلِلْوَارِثِ إِنْفَاذُهَا) يريد أن من مات عن أضحية فإن وارثه يستحب له أن يذبحها تنفيذًا لقصد الميت، ولا خلاف فيه، قاله بعضهم.

قوله: (وَجَمْعُ أَكْلٍ وَصَدَقَةٍ وَإعْطَاءٍ بِلا حَدٍّ) أي: ومما يستحب للمضحي أن يجمع بين الأمور الثلاثة وهي أن يأكل من أضحيته ويتصدق منها ويعطي أصحابه من غير تحديد بثلث أو غيره فإن اقتصر على أحدهما أو اثنين منها فقد ترك الأفضل، وقال ابن

(1) أخرجه مسلم: 3/ 1563، في باب نهي من دخل عليه عشر ذي الحجة وهو مريد التضحية أن يأخذ من شعره، من كتاب الأضاحي، برقم: 1977، وأبو داود: 2/ 103، في باب الرجل يأخذ من شعره في العشر وهو يريد أن يضحي، من كتاب الضحايا، برقم: 2791، والترمذي: 4/ 102، في باب ترك أخذ الشعر لمن أراد أن يضحي، من كتاب الأضاحي، برقم: 1523، والنسائي: 7/ 211، في كتاب الضحايا، برقم: 4361، وابن ماجه: 2/ 1052، في باب من أراد أن يضحي

، من كتاب الأضاحي، برقم:3149.

(2)

انظر: المدونة: 1/ 547.

(3)

انظر: النوادر والزيادات: 4/ 310.

(4)

انظر: المدونة: 1/ 547، ونصه:"سألت مالكًا عن الرجل يتصدق بثمن أضحيته أحب إليه أم يشتري أضحية؟ قال: قال مالك: لا أحب لمن كان يقدر على أن يضحي أن يترك ذلك". اهـ.

(5)

أخرجه مسلم: 3/ 1557، في باب استحباب الضحية وذبحها مباشرة

، من كتاب الأضاحي، برقم: 1967، وأبو داود: 2/ 103، في باب ما يستحب من الضحايا، من كتاب الضحايا، برقم: 2792، وأحمد: 6/ 78، برقم:24535.

ص: 343

المواز: إن (1) التصدق بجميعها أفضل (2). وحكى عبد الوهاب رواية شاذة بوجوب الأكل (3).

قوله: (وَالْيَوْمُ الأوَّلُ وَفي أَفْضَلِيَّةِ أَوَّلِ الثَّالِثِ عَلَى آخِرِ الثَّانِي ترَدُّدٌ) لا خلاف أن ما قبل الزوال من أول يوم أفضل مما بعده، واختلف هل ما بعد الزوال منه أفضل مما قبل الزوال من اليوم الثاني وهو ظاهر ما هنا؛ إذ جعل اليوم الأول أفضل مما بعده على إطلاقه (4)، وإليه ذهب ابن المواز (5) وصاحب الرسالة (6)، أو ما قبل الزوال من الثاني أفضل مما بعد الزوال من الأول، وهو قول مالك في الواضحة (7)، واختلف أيضًا هل أول اليوم الثالث وهو (8) ما قبل الزوال أفضل من آخر اليوم الثاني؛ أي: من الزوال إلى الغروب، وإليه ذهب ابن رشد (9)، بل نص على عدم الخلاف في ذلك، أو آخر الثاني أفضل من أول الثالث، وإليه ذهب أبو الحسن وجعله مذهب ابن المواز وغيره (10).

(المتن)

وَذَبْحُ وَلَدٍ خَرَجَ قَبْلَ الذَّبْحِ وَبَعْدَهُ جُزْءٌ. وَكُرِهَ جَزُّ صُوفِهَا قَبْلَهُ إِنْ لَمْ يَنْبُتْ لِلذَّبْحِ، وَلَمْ يَنْوِهِ حِينَ أَخَذَهَا، وَبَيْعُهُ، وَشُرْبُ لَبَنٍ، وإطْعَامُ كَافِرٍ، وَهَلْ إِنْ بُعِثَ لَهُ أوْ وَلَوْ فِي عِيَالِهِ؟ تَرَدُّدٌ؛ وَالتَّغَالِي فِيهَا، وَفِعْلُهَا عَنْ مَيِّتٍ كَعَتِيرَةٍ، وَإِبْدَالُهَا بِدُونٍ، وَإِنْ لاخْتِلاطٍ قَبْلَ الذَّبْحِ، وَجَازَ أَخْذُ الْعِوَضِ إِنِ اخْتَلَطَتْ بَعْدَهُ عَلَى الأَحْسَنِ، وَصَحَّ إِنَابَةٌ بِلَفْظٍ إِنْ أسْلَمَ وَلَوْ لَمْ يُصَلِّ، أَوْ نَوَى عَنْ نَفْسِهِ، أَوْ بِعَادَةٍ، لِقَرِيبٍ، وَإِلَّا فَتَرَدُّدٌ، لا إِنْ غَلِطَ، فَلا تُجْزِئُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.

(الشرح)

(1) قوله: (إن) ساقط من (س).

(2)

انظر: النوادر والزيادات: 4/ 322.

(3)

انظر: المعونة: 1/ 441، وعيون المجالس: 2/ 947.

(4)

في (ز) و (ز 2): (الإطلاق).

(5)

انظر: التوضيح: 3/ 278.

(6)

انظر: الرسالة، لابن أبي زيد:79.

(7)

انظر: النوادر والزيادات: 4/ 315.

(8)

قوله: (أو ما قبل الزوال

أول اليوم الثالث وهو) ساقط من (ن 1).

(9)

انظر: المقدمات الممهدات: 1/ 225.

(10)

قوله: (وغيره): ساقط من (ن 2).

ص: 344

قوله: (وَذَبْحُ وَلَدٍ خَرَجَ قَبْلَ الذَّبْحِ وَبَعْدَهُ جُزْءٌ) هذه مسألة المدونة قال فيها عن مالك: وإذا ولدت الأضحية فحسن أَن يذبح ولدها معها وإن تركه لم أرَ ذلك عليه واجبًا؛ لأن عليه بدل أمه إن هلكت. قال ابن القاسم: ثم عرضتها عليه فقال: امحُ واترك منها إن ذبحه معها فحسن. ابن القاسم: ولا أرى ذلك عليه واجبًا (1)، فمعنى كلامه أنه يستحب ذبح ولد الأضحية إذا خرج قبل ذبح أمه، وأما إن خرج بعد ذبحها فهو كالجزء منها؛ أي: يصنع به ما يصنع بلحمها ولا خلاف فيه.

قوله: (وَكُرِهَ جَزُّ صُوفِهَا قَبْلَهُ إِنْ لَمْ يَنْبُتْ لِلذَّبْحِ) أي: وكره جز صوف الضحية قبل الذبح إن لم يكن بين الجز والذبح مقدار ما ينبت فيه صوفها؛ لأن فيه نقصًا من جمالها، وعن أشهب جواز ذلك (2)، وعنه أيضًا الكراهة كقول ابن القاسم. ابن المواز: إلا في الوقت البعيد الذي ينبت فيه مثله قبل الذبح (3).

قوله: (ولَمْ يَنْوِهِ حِينَ أَخَذَهَا) يريد أن ذلك مقيد بما إذا لم ينوِ عند أخذ الشاة أن يجز صوفها، وأما إذا نواه فلا.

قوله: (وَبَيْعُهُ) أي: وكذلك يكره له أن يبيع ذلك الصوف؛ لأن ما فعله نقص من جمالها (4).

قوله: (وَشُرْبُ لَبَنٍ) أي: ويكره له شرب لبنها، وظاهره كان لها ولد أم لا، وقاله في المدونة، وعن مالك: له شربه بخلاف لبن (5) الهدي؛ لأنها لم تجب بعد (6). وقال أشهب: له شربه والانتفاع به (7) ويحرمه ولدها (8)، ولمالك إن كان لها ولد كره وإلا فلا.

قوله: (وَإطْعَامُ كَافِرٍ) إنما كره ذلك؛ لأن الأضحية قربة والكافر ليس من أهل

(1) انظر: المدونة: 1/ 547.

(2)

انظر: النوادر والزيادات: 4/ 321.

(3)

انظر: النوادر والزيادات: 4/ 328.

(4)

في (ن 2)، و (ن):(كمالها)

(5)

قوله: (لبن) ساقط من (ن 2).

(6)

انظر: المدونة: 1/ 479

(7)

قوله: (به) زيادة من (س).

(8)

انظر: النوادر والزيادات: 4/ 321.

ص: 345

القرب، وهذا هو المشهور، وعن مالك التخفيف في الذمي دون المجوسي، ونحوه عن مطرف (1) وابن الماجشون، ومن قال بالإباحة إنما هو بالنسبة إلى من يكون في عياله، وأما البعث إليهم فلا يجوز، وقاله أصبغ عن ابن القاسم (2)، وجعل ابن رشد محل الخلاف إذا بعث إليهم، وأما إن كانوا في عياله فلا خلاف في الإباحة (3)، وإليه وما قبله أشار بقوله:(وَهَلْ إِنْ بَعَثَ لَهُ أَو وَلَوْ في عِيَالِهِ؟ ترَدُّدٌ).

قوله: (وَالتَّغَالِي فِيهَا) أي: وكذلك يكره التغالي في الأضحية، وقاله مالك، بل يقتدي فيها بالصفات الواردة في السنة ولا يقصد بها المباهاة والمفاخرة. مالك: وأكره للرجل إن يجدها بعشرة دراهم أن يشتري بمائة درهم (4).

قوله: (وَفِعْلُهَا عَنْ مَيِّتٍ) لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه ولا (5) عن أحد من السلف، وأيضًا فإن المقصود بذلك غالبًا المباهاة والمفاخرة.

قوله: (كَعَتِيرَةٍ) أي: وكذلك تكره العتيرة، وسيأتي تفسيرها في باب (6) النكاح عند ذكر الولائم.

قوله: (وَإِبْدَالُهَا بِدُونٍ) أي: وكذلك يكره إبدال (7) الأضحية بدونها وفي الأمهات: لا يبدلها إلا بخير منها (8)، وفي التهذيب: أو بمثلها (9).

قوله: (وَإِنْ لاخْتِلاطٍ قَبْلَ الذَّبْحِ) أي: وكذلك يكره إبدالها بدونها وإن كان السبب في ذلك اختلاطها قبل ذبحها، بل يستحب له أن يبدلها بما يساوي الأفضل من المختلطين، فإن كانا متساوين فلا كلام أن كل واحد منهما يذبح ما نابه، وقال ابن عبد

(1) في (ن 2): (لمطرف).

(2)

انظر: النوادر والزيادات: 4/ 323.

(3)

انظر: البيان والتحصيل: 3/ 342.

(4)

انظر: النوادر والزيادات: 4/ 324.

(5)

قوله: (عن أصحابه ولا) زيادة من (س).

(6)

قوله: (باب) زيادة من (س).

(7)

في (س): (إبدالها).

(8)

انظر: المدونة: 1/ 547.

(9)

انظر: تهذيب المدونة: 1/ 569.

ص: 346

الحكم: لا بأس أن يصطلحا فيأخذ كل واحد كبشًا ويجزئه (1).

قوله: (وَجَازَ أَخْذُ الْعِوَضِ إِنِ اختَلَطَتْ بَعْدَهُ عَلَى الأَحْسَنِ) يريد: أنه يجوز لمن اختلطت أضحيته أن يأخذ عوضها. اللخمي: عن يحيى بن عمر (2) في رجلين أمرا رجلًا أن (3) يذبح لهما فاختلطا بعد الذبح أنهما يجزيان (4) من الأضحية ويتصدقان بهما ولا يأكلان منهما شيئًا، وقال محمد: إذا اختلطت رؤوس ضحاياهما عند الشواء أكره أن يأكلا منهما شيئًا (5)؛ إذ لعلك أن تأكل (6) متاع من لم يأكل متاعك، ولو اختلطتا (7) برؤوس الشواء لكان خفيفًا؛ لأنه ضامن ضمان لحم الأضاحي (8)، وقيل: ليس له طلب القيمة. اللخمي: فعلى قول محمد يجوز أن يأكل الشاة لأنه إنما كره لاحتمال كون الآخر لم يأكل، قال: وهذا استحسان (9)، وإليه أشار بقوله:(عَلَى الأَحْسَنِ).

قوله: (وَصَحَّ إِنَابَةٌ بِلَفْظٍ) يقال أنابه واستنابه إذا استخلفه على أمر من الأمور، ومراده أن الاستنابة في ذبح الأضحية تصح، وقال محمد: إن كان من غير عذر أجزأه وبئس ما صنع (10). وفي مختصر ابن عبد الحكم: لا تجزئه (11)، واعلم أن الاستنابة على ضربين تارة تكون بطريق العادة كما سيذكره (12)، وتارة تكون بلفظ كما قال هنا.

قوله: (إِنْ أسْلَمَ) إشارة إلى أن الصحة (13) مشروطة بكون النائب مسلمًا إذ لا تصح

(1) انظر: النوادر والزيادات: 4/ 331.

(2)

في (ن 2): (يحيى بن يحيى).

(3)

قوله: (أن) زيادة من (س) و (ن 2).

(4)

في (ز) و (ز 2) و (س) و (ن) و (ن 1): (يخترمان).

(5)

قوله: (شيئًا) زيادة من (س).

(6)

قوله: (أن تأكل) يقابله في (ن 2): (لتأخذ)

(7)

في (ن 2): (اختلطت).

(8)

انظر: النوادر والزيادات: 4/ 327.

(9)

انظر: التبصرة، للخمي، ص:1565.

(10)

انظر: التوضيح: 3/ 272.

(11)

انظر: شرح المختصر الصغير: 1/ 43.

(12)

في (ن 2): (سنذكره).

(13)

في (ن 2): (الضحية).

ص: 347

استنابة المجوسي اتفاقًا ولا الكتابي على مذهب المدونة (1) وهو الأشهر خلافًا لأشهب.

قوله: (وَلَوْ لَمْ يُصَلِّ) يريد أن المسلم تصح استنابته ولو كان تاركًا للصلاة لأنه عاصٍ، وقيل: لا تصح بناء على كفره.

قوله: (أَوْ نَوَى عَنْ نَفْسِهِ) هو قول مالك (2)، وقال أصبغ: لا تجزئ مالكها، وتجزئ عن الذابح ويضمن قيمتها (3)، وقال الفضل بن سلمة (4): لا تجزئ واحدًا منهما.

قوله: (أَوْ بعَادَةٍ لِقَرِيبٍ) هذا هو الضرب الثاني وهو الاستنابة بالعادة كمن ذبح أضحية ولده أَو والده أو أخيه أو نحوه وكان من عادته القيام بأموره، وهو الأصح. اللخمي وغيره. وقيل: لا يصح.

قوله: (وَإلا فَتَرَدُّدٌ) أي: فإن لم يكن الذابح قريبًا لرب الأضحية فذبح بغير إذنه، ففي ذلك تردد بين الأشياخ، هل يكون حكمه كالقريب وإليه ذهب اللخمي، أو ليس حكمه حكم القريب وهو مذهب المدونة (5) وظاهر كلام ابن بشير أن القريب لا خلاف فيه، وأن في غير القريب قولين، ومن الأشياخ من عكس هذه الطريقة ورأى أن الخلاف إنما هو إذا ذبحها القريب أو من في عياله، ومنهم من نفى الخلاف ورأى أن الإجزاء محمول على من هو في عياله (6) ممن يجوز إدخاله في أضحيته إن كان قريبًا، وإن كان أجنبيًّا محمول على أنه الصديق القائم بأموره (7) المفوض إليه، وما وقع لهم من عدم الإجزاء محمول على أن هذه الأوصاف لم تحصل، انظر الكبير.

(1) انظر: المدونة: 1/ 544

(2)

انظر: النوادر والزيادات: 4/ 329.

(3)

انظر: البيان والتحصيل: 3/ 349.

(4)

في (ز) و (ن 2): مسلمة. قلت: لعله فضل بن سلمة بن جرير البجائي، المتوفى سنة 319 هـ، أخذ عن ابن سليمان، ويحيى بن عمر، وغيرهما، وأخذ عنه جماعة منهم ابنه أبو سلمة، وأحمد بن سعيد.

من آثاره مختصر المُدَوَّنة، ومختصر الواضحة، ومختصر الموازية، وكتابٌ آخر جمع فيه بين الموازية والمستخرجة (العُتبية). انظر ترجمته في: الديباج، لابن فرحون: 2/ 137، وجذوة المقتبس، للحميدي، ص: 308، وشجرة النور، لمخلوف: 1/ 82.

(5)

انظر: تهذيب المدونة: 2/ 42.

(6)

قوله: (ومنهم من نفى

على من هو في عياله) زيادة من (س).

(7)

في (ز): (بأمور).

ص: 348

قوله: (لا إِنْ غَلِطَ) أي: فذبح أضحية غيره معتقدًا أَنها أضحيته فلا تجزئ عن ربها اتفاقًا ولا عن الذابح على المشهور، وقيل: تجزئه لأن إعطاءه القيمة يحقق له الملك، وقيل: إن كانت على وجه ليس لمالكها فيها إلا أخذ القيمة فإنها تجزئه، وإن بقي لربها فيها خيار لم تجزئ الذابح، وإلى الأول أشار بقوله:(فَلا تُجْزِئُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُما) والفاء للسببية.

(المتن)

وَمُنِعَ الْبَيعُ وَإِنْ ذَبَحَ قَبْلَ الإمَامِ، أَوْ تَعَيَّبَتْ حَالَةَ الذَّبْحِ، أَوْ قَبْلَهُ، أَوْ ذَبَحَ مَعِيبًا جَهْلًا، وَالإِجَارَةُ وَالْبَدَلُ، إِلَّا لِمُتَصَدِّقٍ عَلَيهِ، وَفُسِخَتْ وَتُصُدِّقَ بِالْعِوَضِ فِي الْفَوْتِ، إِنْ لَمْ يتَوَلَّ غَيْرٌ بِلا إِذْنٍ وَصَرْفٍ فِيمَا لا يَلْزَمُهُ كَأَرْشِ عَيْبٍ لا يَمْنَعُ الإِجْزَاءَ. وَإِنَّمَا تَجِبُ بِالنَّذْرِ وَالذَّبْحِ، فَلا تُجْزِئُ إِنْ تَعَيَّبَتْ قَبْلَهُ، وَصَنَعَ بِهَا مَا شَاءَ، كَحَبْسِهَا حَتَّى فَاتَ الْوَقْتُ إِلَّا أَنَّ هَذَا آثِمٌ، وَلِلْوَارِثِ الْقَسْمُ، وَلَوْ ذُبِحَتْ، لا بَيْعٌ بَعْدَهُ فِي دَيْنٍ.

(الشرح)

قوله: (وَمُنِعَ الْبَيْعُ) أي: بيع شيء من لحم الأضحية أو جلدها أو شعرها أو غيره، وقاله في المدونة (1)؛ لأنها صارت قربة لله تعالى، والقرب (2) لا تقبل المعاوضة. ابن المواز: ولا يتصدق بلحمها على من يعلم أنه يبيعه (3).

قوله: (وَإنْ ذَبَحَ قَبْلَ الإِمَامِ) أتى بهذا وما بعده على طريق المبالغة، ومراده أن الأضحية لا يجوز بيع شيء منها ولو ذبحت قبل ذبح الإمام، وقاله القابسي لقوله عليه السلام لأبي بردة في العَنَاق:"هي خير نسكيك"(4)، فسمى ما أجزأه وما لم يجزئه نسكًا، وقال بعض الأشياخ: يجوز البيع وتسمية ما لم يجزئ نسكًا إنما هو باعتبار قصد الذابح، ويدل

(1) انظر: المدونة: 1/ 548.

(2)

في (ن 2): (والقربة)

(3)

انظر: النوادر والزيادات: 4/ 327.

(4)

أخرجه مسلم: 3/ 1552، في باب وقتها، من كتاب الأضاحي، برقم: 1961، والترمذي: 4/ 93، في باب الذبح بعد الصلاة، من كتاب الأضاحي، برقم: 1508، والنسائي: 7/ 222، في باب ذبح الضحية قبل الإمام، من كتاب الضحايا، برقم: 4394، وابن الجعد في مسنده، ص: 398، برقم: 2716، واللفظ له، وجاء في صحيح البخاري: 5/ 2114، برقم: 5243 "قال عامر -هو الشعبي-: هي خير نسيكتيه".

ص: 349

عليه قوله عليه السلام: "ومن ذبح قبل الإمام فإنما هو لحم قدمه لأهله ليس من النسك في شيء"(1).

قوله: (أَوْ تَعَيَّبَتْ حَالَةَ الذَّبْحِ، أَوْ قَبْلَهُ) يريد: كما لو جاءت السكين في عينها ففقأتها أو ضربت برجلها فانكسرت ونحوه، ونص ابن حبيب كما قال هنا على عدم البيع (2)، وكذلك نص (3) التونسي على منعه أيضًا في حق من ضحى بمعيبة جهلًا أو وجد بها عيبًا بعد أن ضحى بها (4)، وإليه أشار بقوله:(أوْ ذَبَحَ مَعِيبًا جَهْلًا).

قوله: (وَالإِجَارَةُ) أي: وكذلك تمنع إجارة الجلد كما يمنع بيع اللحم وغيره، وهو الصحيح خلافًا لسحنون (5).

قوله: (وَالْبَدَلُ) أي: بدل الجلد، وقد نص محمد على منع بدله بجلد آخر لأنه شبيه بالبيع (6).

قوله: (إِلا المُتَصَدِّقَ عَلَيْهِ) أي: فإنه لا يمنع من ذلك، ونص عليه أصبغ (7)، وقال ابن غلاب هو المشهور، ومنعه مالك من البيع (8)، لأنه منزل منزلة الأصل، وقياسًا على الوارث.

قوله: (وَفُسِخَتْ) أي: العقدة من بيع أو إجارة أو بدل، يريد: إذا عثر على ذلك مع

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري: 1/ 328، في باب الخطبة بعد العيد، من كتاب العيدين، برقم 922، ومسلم: 3/ 1552، في باب وقتها، من كتاب الأضاحي، برقم 1961. بلفظ:"ومن نحر قبل الصلاة فإنما هو لحم قدمه لأهله ليس من النسك في شيء" وهذا اللفظ للبخاري. وأخرجه مالك بمعناه: 2/ 483، في باب النهي عن ذبح الضحية قبل انصراف الإمام، من كتاب الضحايا، برقم:1027. ولفظه: "عن بشير بن يسار: أن أبا بردة بن نيار ذبح ضحيته قبل أن يذبح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأضحى فزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يعود بضحية أخرى.

(2)

انظر: النوادر والزيادات: 4/ 326.

(3)

قوله: (نص) ساقط من (ن 2)

(4)

انظر: التوضيح، لخليل: 3/ 254.

(5)

انظر: النوادر والزيادات: 4/ 326.

(6)

انظر: النوادر والزيادات: 4/ 327.

(7)

انظر: النوادر والزيادات: 4/ 328.

(8)

انظر: المدونة: 1/ 548.

ص: 350

قيام اللحم والجلد أو غيرهما ورد الثمن في البيع والمبدل في البدل، فإن لم يعثر على ذلك حتى فات تصدق بالعوض، وهو قول ابن القاسم، وابن حبيب (1)، وإليه أشار بقوله:(وتُصُدِّقَ بِالْعِوَضِ فِي الْفَوْتِ)، وقال سحنون: يصرفه فيما يصرف فيه المعوض (2)، وقال ابن عبد الحكم: يصنع به ما شاء كسائر أمواله (3)، والتصدق عند ابن القاسم مقيد بما إذا لم يتولَّ البيع غيره بغير إذنه، وإليه أشار بقوله:(إِنْ لَمْ يَتَوَلَّ غَيْرٌ بِلا إِذْنٍ) وأما إذا تولاه غيره من أهله أو عياله ولم (4) يعلم بذلك ولا أذن فيه وفات الثمن، فلا شيء عليه، ونص عليه في العتبية، وقيده في البيان بما إذا صرفوه فيما له عنه غنى (5)، قال: وأما إن كانوا استنفقوه فيما يلزمه مما (6) لا بد له (7) منه ولا محيص له عنه فعليه أن يخرجه من ماله ويتصدق به؛ إذ لا فرق بين ذلك وبين أن يجد الثمن قائمًا بعينه، لأنه إذا لم يفعل ذلك فكأنه قد أنفقه هو؛ إذ قد وفر به ماله، وإليه أشار بقوله:(وَصَرْفٍ فِيمَا لا يَلْزَمُهُ) وهو منون مجرور عطفًا على قوله: (بلا إذن)؛ إذ عدم التصدق مقيد بهما معًا كما علمت.

قوله: (كأَرْشِ عَيْبٍ يَمْنَعُ (8) الإِجْزَاءَ) أي: من الأضحية، ومذهب ابن القاسم وأصبغ أنه يصنع بالأرش ما شاء. أصبغ: وله أيضًا أن يصنع بالشاة ما شاء؛ لأنها لم تجزئه (9). ولمالك في الواضحة: لا يجوز له بيعها لأنها خرجت مخرج القرب، أما لو كان العيب لا يمنع من الإجزاء فإنه إن (10) شاء تصدق به، وإن شاء أكله كما يفعل بلحم الأضحية وهذا إذا أوجبها (11) وإلا فهل يؤمر بالتصدق أو الأكل، أو يصنع بالثمن ما

(1) انظر: النوادر والزيادات: 4/ 328.

(2)

انظر: الذخيرة: 4/ 157.

(3)

انظر: النوادر والزيادات: 4/ 327.

(4)

في (س): (أو لم).

(5)

انظر: البيان والتحصيل: 3/ 380.

(6)

في (ز): (ما).

(7)

قوله: (له) ساقط من (س).

(8)

في (ن 1) والمطبوع من مختصر خليل: (لا يمنع).

(9)

انظر: النوادر والزيادات: 4/ 328.

(10)

قوله: (إن) زيادة من (س).

(11)

في (ز): (أوجبه).

ص: 351

شاء؟ قولان، وأما الشاة فتبقى أضحية.

قوله: (وَإنَّما تَجِبُ بِالنَّذْرِ وَالذَّبْحِ) لتعيين الأضحية خمسة أسباب: النذر، والذبح، والإيجاب، والتسمية، والشراء، قال في الذخيرة: والمشهور أنها لا تتعين إلا بالأولين (1) كما أشار إليه هنا، وفي الجواهر (2): إذا قال جعلت هذه أضحية تعينت (3)، قال (4): وعن مالك في العتبية: إذا سمى أضحيته فلا يجزها؛ لأنه ينقصها (5)، وقال ابن رشد: لا تجب عند مالك بالتسمية، وحكى في المقدمات عن العتبية: إنها تجب بالتسمية إذا قال هذه أضحيتي، قال في البيان: وقال إسماعيل القاضي: إذا قال أوجبتها أضحية تعينت، قال: وهو بعيد، ولا تتعين عند مالك إلا بالذبح، وليس مراده هنا بالنذر والذبح أنهما معًا شرط في الوجوب، وإنما المراد أن كل واحد من الأمرين كافٍ في ذلك، ولهذا لو عطفه بـ (أو) لكان أحسن (6).

قوله: (فَلا تُجْزِئُ إِنْ تَعَيَّنَتْ قَبْلَهُ، وَصَنَعَ مَا شَاءَ) أي: فبسبب كونها لا تجب إلا بالنذر أو الذبح إذا حصل فيها عيب قبل ذلك فإنها لا تجزئه، ويصنع بها ما شاء، ونحوه في الموازية (7).

قوله: (كَحَبْسِهَا حَتى فَاتَ الْوَقْتُ إِلا أَنَّ هَذَا آثِمٌ) أي: وكذا من حبس أضحيته حتى انقضت أيام النحر فإنه يصنع بها ما شاء إلا أن هذا يكون آثمًا، لكونه حبسها حتى خرج الوقت، وما ذكره من التأثيم هو قول ابن القاسم في المدونة (8).

قوله: (وَلِلْوَارِثِ الْقَسْمُ، وَلَوْ ذُبِحَتْ) أي: وإن ذبحها الميت قبل موته، وهو قول مالك وابن القاسم، وفي الموازية: يمنعون منه (9)، بناء على أن القسمة تمييز حق أو بيع.

(1) انظر: الذخيرة: 4/ 152.

(2)

انظر: النوادر والزيادات: 4/ 324.

(3)

انظر: عقد الجواهر: 2/ 375.

(4)

قوله: (قال) ساقط من (ز).

(5)

انظر: النوادر والزيادات: 4/ 327.

(6)

انظر تفصيل المسألة في: البيان والتحصيل: 3/ 337.

(7)

في (ن 1)، و (ن):(المدونة). وانظر: النوادر والزيادات: 4/ 328.

(8)

انظر: المدونة: 1/ 549.

(9)

انظر: النوادر والزيادات: 4/ 325.

ص: 352