المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل [في موانع الحج والعمرة بعد الإحرام] - تحبير المختصر وهو الشرح الوسط لبهرام على مختصر خليل - جـ ٢

[بهرام الدميري]

الفصل: ‌فصل [في موانع الحج والعمرة بعد الإحرام]

والفدية، وأهل البيت في ذلك والأجانب سواء، وقاله كله في المدونة (1)، وعن مالك جواز الاشتراك في هدي التطوع دون غيره (2).

قوله: (وَإنْ وُجِدَ بَعْدَ نَحْرِ بَدَلِهِ نُحِرَ، إِنْ قُلِّدَ) أي: إن الهدي إذا ضل عن صاحبه فأبدله، وبعد نحر البدل وجد الضال فإنه أيضًا ينحر الضال إن كان مقلدًا؛ لأنه قد تعين بالتقليد، فإن وجده قبل نحر البدل نحرهما معًا إن كانا مقلدين، وإليه أشار بقوله:(وَقَبْلَ نَحْرِهِ نُحِرَا، إِنْ قُلِّدَا).

قوله: (وَإلا بِيعَ وَاحِدٌ (3)) أي: فإن وجد الأول قبل نحر الثاني وكانا معًا غير مقلدين أو الأول مقلدًا دون الثاني أو العكس فإنه يبيع واحدًا منهما، يريد غير مقلد، ويذبح الآخر أو ينحره، وكذلك إذا نحر البدل ثم وجد الأول وكان غير مقلد فله بيعه ونحوه في المدونة (4).

‌فصلٌ [في موانع الحج والعمرة بعد الإحرام]

(المتن)

فَصْلٌ وَإِنْ مَنَعَهُ عَدُوٌّ، أَوْ فِتْنَةٌ أَوْ حَبْسٌ لا بِحَقٍّ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، فَلَهُ التَّحَلُّلُ؛ إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَأَيِسَ مِنْ زَوَالِهِ قَبْلَ فَوْتِهِ، وَلا دَمَ. بِنَحْرِ هَدْيِهِ وَحَلْقِهِ، وَلا دَمَ إنْ أَخَّرَهُ، وَلا يَلْزَمُهُ طَرِيقٌ مُخِيفَةٌ. وَكُرِهَ إبْقَاءُ إحْرَامِهِ إنْ قَارَبَ مَكَّةَ أَوْ دَخَلَهَا، وَلا يتَحَلَّلُ إنْ دَخَلَ وَقْتُهُ، وَإلَّا فَثَالِثُهَا يَمْضِي وَهُوَ تَمَتُّعٌ. وَلا يَسْقُطُ عَنْهُ الْفَرْضُ وَلَم يَفْسُدْ بِوَطْءٍ، إنْ لَمْ يَنْوِ الْبَقَاءَ،

(الشرح)

(وَإِنْ مَنَعَهُ عَدُوٌّ أَوْ فِتْنَةٌ أَوْ حَبْسٌ لا بِحَقٍّ بِحَجٍّ أوْ عُمْرَةٍ، فَلَهُ التَّحَلُّلُ) قال في المدونة: والمحصر بعدو غالب (5) أو فتنة في حج أو عمرة يتربص ما رجي كشف ذلك، فإذا أيس أن يصل إلى البيت فليحل بموضعه حيث كان من البلاد في الحرم أو غيره، ولا

(1) انظر: المدونة: 1/ 547.

(2)

انظر: النوادر والزيادات: 2/ 455.

(3)

في (ز): (وأخذ).

(4)

انظر: المدونة: 1/ 482.

(5)

قوله: (غالب) زيادة من (س).

ص: 288

هدي عليه إلا أن يكون معه هدي فلينحره هناك ويحلق أو يقصر ويرجع إلى بلده (1)، فقوله:(وَإنْ مَنَعَهُ عَدُوٌّ) أي: من الكفار (أَوْ فِتْنَةٌ) أي: بين المسلمين، وقوله:(أوْ حَبْسٌ لا بِحَقٍّ) يريد أن المسجون إذا حبس ظلمًا فإنه يحل حيث كان من المواضع كالمحصر بعدو، وقاله في المدونة (2)، وقيل: لا يحله إلا البيت سواء سجن بحق أم لا، والباء في (بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ) للظرفية، وأشار به إلى أن المنع في (3) تمام الحج والعمرة سواء.

قوله: (إِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ) أي: إنما يجوز له التحلل إذا لم يعلم بالعدو أي (4) بأن (5) كان طارئًا بعد الإحرام أو متقدمًا ولم يعلم. اللخمي: أو علم وكان يرى أنه لا يضره (6)، وقد أحرم عليه الصلاة والسلام والمشركون (7) بمكة وهو يرى أنهم لا يمنعونه فلما منعوه حل (8)، قال: وإن علم أنهم (9) يمنعونه لم يحل (10)؛ يريد: لأنه ألزم نفسه ذلك مع العلم. محمد: وكذلك إن شك فمنعوه لم يحل إلا أن يشترط ذلك (11).

قوله: (وَأَيِسَ (12) مِنْ زَوَالِهِ قَبْلَ فَوْتِهِ (13)) يعني أنه لا يجوز له التحلل إلا بعد الإياس (14) من زوال المانع، يريد: إما بعلم أو غلبة ظن، وإن كان يرى (15) أنه يذهب

(1) انظر: المدونة: 1/ 398.

(2)

انظر: المدونة: 1/ 398.

(3)

في (س) و (ن 2): (من).

(4)

قوله: (أي) زيادة من (س).

(5)

في (ن 2): (فإن).

(6)

في (ن): (يصده).

(7)

قوله: (والمشركون) ساقط من (ن).

(8)

متفق عليه، أخرجه البخاري: 2/ 641، في باب إذا أحصر المعتمر، من أبواب الإحصار وجزاء الصيد، برقم 1713، ومسلم: 2/ 903، في باب بيان جواز التحلل بالإحصار وجواز القران، من كتاب الحج، برقم 1230. بلفظ: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فحال كفار قريش دون البيت فنحر النبي صلى الله عليه وسلم هديه وحلق رأسه. واللفظ للبخاري.

(9)

زاد في (ز 2): (لم).

(10)

انظر: التبصرة، للخمي، ص: 1255، 1256.

(11)

انظر: النوادر والزيادات: 2/ 434.

(12)

قوله: (وَأَيِسَ) ساقط من (ن 2).

(13)

في (ن 2): (فواته).

(14)

في (س): (اليأس).

(15)

قوله: (يرى) ساقط من (س).

ص: 289

قبل ذلك أو شك أمهل حتى يصير إلى وقت إن ترك لم يدرك فيحل، وهو قول ابن القاسم، وقال أشهب: لا يحل إلا (1) يوم النحر (2).

قوله: (وَلا دَمَ) هو (3) المشهور، وقاله في المدونة (4) كما سبق، وقال أشهب: عليه الدم (5).

قوله: (بِنَحْرِ هَدْيِهِ وَحَلْقِهِ) أي: فله التحلل بنحر هديه وحلق رأسه، وهو كقوله في المدونة فيما تقدم: والتقصير كالحلق في ذلك (6).

قوله: (وَلا دَمَ إِنْ أَخَّرَهُ) أي: إن (7) أخر حلاقه؛ لأنه لما لم يقع في زمانه ومكانه كان تحللًا لا نسكًا، قال في المدونة: وإن أخر حلاقه حتى رجع إلى بلده حلق ولا دم عليه (8).

قوله: (وَلا يَلْزَمُهُ طَرِيقٌ مُخِيفَةٌ) هكذا حكي (9) عن عبد الملك فإنه قال: إذا منع العدو الطريق فليس عليه (10) أن يسلك في طريق آخر بالأثقال حيث لا يسلكه بها ولا يركب المخاوف، وإن لم يكن إلا هذا فهو (11) محصور، وإن وجد طريقًا مأمونة معلومة وهي أبعد فليس بمحصور إن بقي من المدة ما يدرك فيها الحج (12).

قوله: (وَكُرِهَ إِبْقَاءُ إِحْرَامِهِ إِنْ قَارَبَ مَكَّةَ أَوْ دَخَلَهَا) يريد أنه يكره لمن فاته الحج بأحد الوجوه السابقة أن يبقى على إحرامه إن قارب مكة أو دخلها، وقد نص في المدونة

(1) في (س) و (ن): (إلى).

(2)

انظر: النوادر والزيادات: 2/ 432.

(3)

في (س): (على).

(4)

انظر: المدونة: 1/ 397.

(5)

انظر: جامع الأمهات 298.

(6)

انظر: المدونة: 1/ 387.

(7)

قوله: (إن) ساقط من (ز 2).

(8)

انظر: تهذيب المدونة: 1/ 580.

(9)

قوله: (حكي) ساقط من (ن 2).

(10)

في (ز 2): (له).

(11)

في (ز): (فهذا).

(12)

انظر: المنتقى: 3/ 473.

ص: 290

على أنه إذا دخلها طاف وسعى وحل من إحرامه ولا يثبت عليه (1).

سند: يريد (2) فيكره له التمادي على الإحرام (3). وألحق اللخمي بمن دخل مكة من كان قريبًا منها (4)، وقال ابن وهب: لا يجوز له (5) البقاء على الإحرام فإن بقي لم يجزئه عن حجه.

قوله: (وَلا يَتَحَلَّلُ إِنْ دَخَلَ وَقْتُهُ) أي: فإن أراد البقاء على إحرامه ثم بدا له أن يتحلل فله ذلك ما لم تدخل أشهر الحج من العام الثاني (6)، فإذا دخلت فلا.

قوله: (وَإلا فَثَالِثُهَا يَمْضِي وَهُوَ تَمَتُّعٌ) أي: فإن تحلل بعد دخول أشهر الحج من العام الثاني فهل يمضي تحلله أم لا؟ ثلاثة أقوال كما أشار إليه، وكلها منصوصة لابن القاسم، فقال أولًا (7): يمضي تحلله (8) ويصح (9)، ثم قال: لا يمضي تحلله، وقال أيضًا يمضي ويكون متمتعًا، فقوله:(وَهُوَ تَمَتُّعٌ) من تمام القول الثالث، ولابن القاسم أيضًا أنه لا يكون متمتعًا (10).

قوله: (وَلا يَسْقُطُ عَنْهُ الْفَرْضُ) يريد أن الفريضة لا تسقط عن المحصور إذا تحلل من إحرامه، وقال عبد الملك (11) وأبو مصعب (12)، وابن سحنون: تسقط لأنه أتى بالمقدور وبذل (13) وسعه، وعن أبي بكر الثعالبي تلميذ ابن شعبان: يسقط وإن صد

(1) انظر: المدونة: 1/ 397.

(2)

قوله: (يريد) زيادة من (س).

(3)

انظر: الذخيرة: 3/ 295.

(4)

انظر: التبصرة، للخمي، ص:1259.

(5)

قوله: (له) زيادة من (س).

(6)

قوله: (من العام الثاني) ساقط من (س) و (ن 2).

(7)

في (ن 2): (ولا).

(8)

قوله: (أم لا؟ ثلاثة أقوال كما أشار إليه، وكلها منصوصة لابن القاسم، فقال أولًا: يمضي تحلله) ساقط من (س).

(9)

في (ز): (أويصح).

(10)

قوله: (متمتعًا) ساقط من (ز 2). وانظر: التوضيح: 3/ 132.

(11)

انظر: المنتقى: 3/ 475.

(12)

في (ز): (أبو مصعب وابن إسحاق).

(13)

في (س): (أبدله)، وفي (ن 2):(بدل).

ص: 291

قبل الإحرام (1).

قوله: (وَلَمْ يَفْسُدْ بِوَطْءٍ، إِنْ لَمْ يَنْوِ الْبَقَاءَ) يريد أن من جاز له التحلل فلم يفعل حتى أصاب النساء لم يفسد (2) حجه إذا نوى التحلل، وإن نوى البقاء على إحرامه لقابل فسد حجه وقضى.

(المتن)

وَإنْ وَقَفَ وَحُصِرَ عَنِ الْبَيْتِ فَحَجُّهُ تَمَّ، وَلا يَحِلُّ إِلَّا بِالإِفَاضَةِ، وَعَلَيْهِ لِلرَّمْيِ وَمَبِيتِ مِنًى وَمُزْدَلِفَةَ هَدْيٌ، كَنِسْيَانِ الْجَمِيعِ، وَإنْ حُصِرَ عَنِ الإِفَاضَةِ، أَوْ فَاتَ الْوُقُوفُ بِغَيْرٍ: كَمَرَضٍ أَوْ خَطَأ عَدَدٍ، أَوْ حَبْسٍ بِحَقٍّ لَمْ يَحِلَّ إِلَّا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ بِلا إِحْرَامٍ، وَلا يَكْفِي قُدُومُهُ، وَحَبَسَ هَدْيَهُ مَعَهُ إن لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُجْزِئْهُ عَنْ فَوَاتٍ. وَخَرَجَ لِلْحِلِّ إِنْ أَحْرَمَ بِحَرَمٍ، أَوْ أرْدَفَ، وَأَخَّرَ دَمَ الْفَوَاتِ لِلْقَضَاءِ، وَأَجْزَأَ إِنْ قُدِّمَ،

(الشرح)

قوله: (وَإِنْ وَقَفَ وَحُصِرَ عَنِ الْبَيْتِ، فَحَجُّهُ تَمَّ وَلا محلُّ إِلا بِالإِفَاضَةِ وَعَلَيْهِ لِلرَّمْيِ وَمَبِيتِ مِنًى وَمُزْدَلِفَةَ هَدْيٌ كَنِسْيَانِ الجَمِيعِ) يريد أن من حصر بعد (3) وقوفه بعرفة فقد تم حجه ولا يحله من إحرامه إلا طواف الإفاضة، وعليه بجميع ما فاته من رمي الجمار والمبيت بالمزدلفة وبمنى هدي واحد كمن ترك الجمار كلها ناسيًا حتى زالت أيام منى فحجه تام وعليه هدي واحد، وهكذا نص عليه في المدونة (4)، وحملها سحنون على ما إذا كان الحصر بمرض، وهو نص لمالك في الواضحة، ومثله لابن القاسم في موضع في (5) الموازية (6).

وفي موضع آخر أنه (7) أحصر بعدو. أبو محمد: وقوله: (بعدو) أصوب (8).

(1) انظر: التوضيح: 3/ 127.

(2)

قوله: ("بِوَطْءٍ، إِنْ لَمْ يَنْوِ الْبَقَاءَ" يريد أن من جاز له

يفسد) ساقط من (س).

(3)

في (ز 2): (قبل).

(4)

انظر: المدونة: 1/ 457.

(5)

في (ز 2): (من).

(6)

في (ن): (المدونة).

(7)

قوله: (أنه) ساقط من (ن 2).

(8)

انظر: النوادر والزيادات: 2/ 431.

ص: 292

قوله: (وَإنْ حُصِرَ عَنِ الإِفَاضَةِ، أَوْ فَاتَ الْوُقُوفُ بِغَيْرٍ كَمَرَضٍ أَوْ خَطَأ عَدَدٍ، أَوْ حَبْسٍ بِحَقٍّ لَمْ يَحِلَّ إِلا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ) يريد أن من أحصر (1) عن طواف الإفاضة أو فاته الوقوف بغير الأشياء السابقة، كما لو مرض حتى فرغ الناس من حجهم أو حصل الخطأ في العدد ففاته الوقوف لأجل ذلك أو حبسه (2) السلطان أو غيره بحق كدين ثبت (3) بطريقه (4)، فإنه لا يحل إلا بفعل (5) عمرة فيطوف ويسعى ثم يحلق ويكفيه إحرامه الأول، ولهذا قال:(بِلا إِحْرَامٍ) ثم قال: (وَلا يَكْفِي قُدُومُهُ) أي: فإن كان أول ما دخل مكة طاف للقدوم فلا يكفيه ذلك، لأنه لم ينوِ به التحلل.

قوله: (وَحَبَسَ هَدْيَهُ مَعَهُ، إِنْ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ) يعني أن المريض إذا كان معه هدي فإنه يحبسه معه رجاء أن يصح فينحره بعد بلوغه محله، فإن خاف عليه لطول مرضه أو (6) نحوه بعثه إلى مكة لينحر بها، وإنما جعلنا كلامه خاصًّا بالمريض (7)؛ لأنه كذلك في المدونة (8)، ولأنه هو الذي يحبس هديه معه، وأما من أحصر (9) بعدو فإنه ينحر هديه حيث كان كما تقدم.

قوله: (وَلَمْ يُجْزِئْهُ عَنْ فَوَاتٍ) يريد أن ما قلده أو أشعره قبل فوات الحج لا يجزئ عن هدي الفوات سواء بعثه إلى مكة أو تركه حتى أخذه بصحبته؛ لأنه وجب بالتقليد والإشعار لغير الفوات، فلا يجزئه عن الفوات.

قوله: (وَخَرَجَ لِلْحِلِّ إِنْ أَحْرَمَ بِحَرَمٍ، أَوْ أَرْدَفَ) يريد أن من فاته الوقوف وقد أحرم بالحج من الحرم أو أردفه في الحرم لا بد من خروجه إلى الحل ليحصل له في إحرامه الجمع بين الحل والحرم.

(1) في (ن 2): (حصر).

(2)

في (س): (حبس).

(3)

قوله: (ثبت) ساقط من (ز 2).

(4)

في (ن 2): (طريقه) بإسقاط الباء.

(5)

في (ن): (بعمل).

(6)

في (ن 2): (و).

(7)

في (ز): (بالمرض).

(8)

انظر: المدونة: 1/ 444.

(9)

في (ن 2): (حصر)، وقوله:(وأما من) يقابله في (ن): (وأن كان).

ص: 293

قوله: (وَأَخَّرَ دَمَ الْفَوَاتِ لِلْقَصاص، وَأَجْزَأَ إِنْ قُدِّمَ (1)) إنما أمر بالتأخير ليتفق الجابر النسكي والجابر (2) المالي، قال في المدونة: ولا ينحره إلا في حجة القضاء بمنى (3)، فإن اعتمر بعد أن فاته الحج فنحر هدي الفوات في عمرته (4) أجزأه، وهذا معنى قوله:(وَأَجْزَأَ إِنْ قُدِّمَ) وقد كان مالك يخففه ثم استثقله، ابن القاسم: لأنه قال (5) ولا أحب له أن يفعل إلا بعد القضاء فإن فعل وحج أجزأ عنه (6)، وعن أشهب: عدم الإجزاء (7).

(المتن)

وَإِنْ أَفْسَدَ ثُمَّ فَاتَ أَوْ بِالْعَكْسِ، وَإنْ بِعُمْرَةِ التَّحَلُّلِ تَحَلَّلَ وَقَضَاهُ ذونَهَا، وَعَلَيْهِ هَدْيَانِ. لا دَمُ قِرَانٍ وَمُتْعَةٍ لِلْفَائِتِ، وَلا يُفِيدُ -لِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ- نِيَّةُ التَّحَلُّلِ بِحُصُولِهِ. وَلا يَجُوزُ دَفْعُ مَالٍ لِحَاصِرٍ إِنْ كَفَرَ، وَفِي جَوَازِ الْقِتَالِ مُطْلَقًا تَرَدُّدٌ.

(الشرح)

قوله: (وَإنْ أَفْسَدَ ثُمَّ فَاتَ أَوْ بِالْعَكْسِ، وَإنْ بِعُمْرَةِ التَّحَلُّل تَحَلَّلَ (8) وَقَضَاهُ دُونَهَا، وَعَلَيْهِ هَدْيَانِ) يريد أن من أفسد حجه بوطء أو غيره ثم فاته أو فاته أَولًا ثم أفسده (9) قبل أن يتحلل بعمرة التحلل (10) أو فيها، فإنه يتحلل ويقضي الحج في قابل ولا يلزمه قضاء العمرة، وإليه أشار بقوله:(دُونَهَا)؛ لأنها ليست عمرة في الحقيقة، وإنما هي تحلل بطواف وسعي بدليل عدم تجديد الإحرام لها، وعليه هدي للفساد وهدي للفوات (11)، وهو مذهب المدونة (12)، وقيل (13) يسقط عنه دم الفساد إذا جامع ثم فاته الحج.

(1) قوله: (وَأَجْزَأَ إِنْ قُدِّمَ) ساقط من (ن 2).

(2)

في (ز) و (ز 2) و (س) و (ن) و (ن 1): (والجائر).

(3)

انظر: المدونة: 1/ 455.

(4)

في (س): (عرفة).

(5)

قوله: (لأنه قال) زيادة من (ن 2).

(6)

انظر: المدونة: 1/ 455.

(7)

انظر: التوضيح: 3/ 135.

(8)

قوله: (التَّحَلُّلِ تَحَلَّلَ) يقابله في (ز): (التحليل).

(9)

في (ز): (أفسد).

(10)

قوله: (بعمرة التحلل) ساقط من (س).

(11)

انظر: النوادر والزيادات: 2/ 425.

(12)

انظر: المدونة: 1/ 410.

(13)

في (ز): (وقد).

ص: 294

قوله: (لا دَمُ قِرَانٍ وَمُتْعَةٍ لِلْفَائِتِ) أي: فإن اتفق الفساد والفوات لقارن أو متمتع (1) فلا شيء عليه للقران الفائت ولا للتمتع الفائت، ويكون عليه ثلاث (2) هدايا للفساد والفوات والقران أو التمتع الثاني، وعن ابن القاسم في سقوط دم القران الفائت (3) والمتعة الفائتة قولان؛ ما ذكره هنا وقول آخر بعدم سقوطه حكاه الباجي (4).

قوله: (وَلا يُفِيدُ لِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ نِيَّةُ التَّحَلُّلِ بِحُصُولِهِ) أي أن المريض إذا شرط عند إحرامه أنه متى حصل له عجز يتحلل أن تلك النية لا تفيده ولو حصل العجز ولا يتحلل، وكذلك المرأة إذا اشترطت عند الإحرام أنها إذا حاضت تحللت فلا يفيدها ذلك.

قوله: (وَلا يجوزُ دَفْعُ مَالٍ لِحَاصِرٍ إِنْ كَفَرَ) يريد أن الكافر إذا حصر المسلمين عن الحج أو عن دخول مكة لا يجوز أن يعطى مالًا ليمكنهم من ذلك لما فيه من الذلة، وفهم من قوله:(إِنْ كَفَرَ) أن ذلك يجوز إذا كان مسلمًا، وهو مقتضى (5) أشياخنا المتأخرين.

قوله: (وَفي جَوَازِ الْقِتَالِ مُطْلَقًا ترَدُّدٌ) يريد أنه اختلف في جواز قتال الحاصر مطلقًا؛ أي: مسلمًا كان أو كافرًا، فقيل: لا يجوز لما في الصحيحين أنه عليه الصلاة والسلام قال يوم فتح مكة: "إن هذا البلد حرمه الله تعالى يوم خلق السماوات والأرض فهو حرام بحرمة الله تعالى إلى يوم القيامة، وإنه لم يُحَلُّ القتالُ فيه لأحدٍ قبلي، ولم يحل لي إلا ساعة من نهار (6) فهو حرام بحرمة الله تعالى إلى يوم القيامة (7) "(8)، وقد جاء أيضًا في

(1) قوله: (أو متمتع) يقابله في (ن 2): (متعة).

(2)

قوله: (ثلاث) ساقط من (ز 2).

(3)

قوله: (الفائت) زيادة من (س).

(4)

انظر: المنتقى: 4/ 15.

(5)

في (س): (كلام قول).

(6)

قوله: (وإنه لم يُحِلَّ القتالَ فيه لأحدٍ

نهار) ساقط من (ن) و (ن 1) و (ن 2).

(7)

قوله: (فهو حرام بحرمة الله تعالى إلى يوم القيامة) زيادة من (س).

(8)

متفق عليه، أخرجه البخاري: 3/ 1164، في باب إثم الغادر للبر والفاجر، من أبواب الجزية والموادعة، برقم 3017، ومسلم: 2/ 986، في باب تحريم مكة

، من كتاب تحريم الحج، برقم 1353.

ص: 295

الصحيحين: "لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دمًا"(1).

ابن هارون: والصواب جواز قتاله (2)، وفي الكافي: يخير في القتال وعدمه والتربص لأن يكشف الله تعالى ذلك عنه (3).

(المتن)

وَلِلْوَليّ مَنْعُ سَفِيهٍ، كَزَوْجٍ فِي تَطَوُّعٍ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فَلَهُ التَّحْلِيلُ، وَعَلَيْهَا الْقَضَاءُ كَالْعَبْدِ، وَأَثِمَ مَنْ لَمْ يَقْبَلْ، وَلَهُ مُبَاشَرَتُهَا كَفَرِيضَةٍ قَبْلَ الْمِيقَاتِ، وَإلَّا فَلا إِنْ دَخَلَ، وَلِلْمُشْتَرِي -إِنْ لَمْ يَعْلَمْهُ- رَدُّهُ لا تَحْلِيلُهُ، وَإِنْ أَذِنَ فَأَفْسَدَ لَمْ يَلْزَمْهُ إِذْنٌ لِلْقَضَاءِ عَلَى الأَصَحِّ، وَمَا لَزِمَهُ عَنْ خَطَإٍ أَوْ ضَرُورَةٍ، فَإنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي الإِخْرَاجِ، وَإِلَّا صَامَ بِلا مَنْعٍ، وَإِنْ تَعَمَّدَ فَلَهُ مَنْعُهُ، إِنْ أَضَرَّ بِهِ فِي عَمَلِهِ.

(الشرح)

قوله: (وَلِلْوَلِيِّ مَنعُ سَفِيهٍ كَزَوْجٍ فِي تَطَوُّعٍ) يريد أن للولي أن يمنع السفيه من الحج، قال (4) مالك: ولا يحج إلا بإذن وليه إن رأى وليه ذلك نظرًا أذن وإلا فلا (5)، ثم قال: وكذلك المرأة مع زوجها، يريد في التطوع كما قال هنا، ومعنى ذلك أنها (6) إذا أرادت أن تتطوع بالحج أو العمرة فإن لزوجها منعها من ذلك، ويجب عليها أن تطيعه فإن أحرم السفيه بغير إذن وليه أو المرأة بغير إذن الزوج فله التحليل، وإليه أشار بقوله:(وَإنْ لَمْ يَأْذَنْ فَلَهُ التَّحْلِيلُ) أي: فإن لم يأذن من له المنع فله تحليلهما (7).

قوله: (وَعَلَيْهَا الْقَضَاءُ) أي: وعلى المرأة القضاء، يريد إذا أذن لها (8) الزوج أو زالت العصمة، بخلاف السفيه فإنه لا قضاء عليه إذا حلله وليه، وقاله مالك (9)، وقيل: لا

(1) متفق عليه، أخرجه البخاري: 1/ 51، في باب ليبلغ العلم الشاهد الغائب، من كتاب العلم، برقم 104، ومسلم: 2/ 987، في باب تحريم مكة

، من كتاب الحج، برقم 1354.

(2)

انظر: التوضيح: 3/ 129.

(3)

قوله: (عنه) ساقط من (ن 2). وانظر: الكافي: 1/ 400.

(4)

في (س): (قاله).

(5)

انظر: التوضيح: 3/ 144.

(6)

قوله: (أنها) زيادة من (س).

(7)

في (ز): (تحليلها).

(8)

قوله: (لها) زيادة من (ز 2).

(9)

انظر: المدونة: 1/ 491.

ص: 296

قضاء على المرأة أيضًا.

قوله: (كَالْعَبْدِ) أي: فإنه إذا أحرم بغير إذن سيده فإن له تحليله وعليه القضاء، يريد إذا أذن له سيده أو عتق، وهو المشهور، وقال أشهب وسحنون: لا قضاء عليه (1).

قوله: (وَأَثِمَ مَنْ لَمْ يَقْبَلْ) أي: فإن لم يقبل من أمر بالمنع (2) من الإحرام من سفيه أو زوجة أو عبد فإنه يأثم، ونص عليه في الذخيرة (3).

قوله: (وَلَهُ مُبَاشَرَتُهَا) أي: وللزوج مباشرة زوجته وإكراهها على ذلك؛ لأنها متعدية بمنعها من مباشرتها.

قوله: (كَفَرِيضَةٍ قَبْلَ الميقَاتِ) يريد أن المرأة إذا أحرمت بالفريضة قبل الميقات المكاني والزوج معها أو الميقات الزماني فله تحليلها ومباشرتها لتعديها في تقدم الإحرام ومنع الزوج من حقه، وقيده اللخمي بما إذا خرج معها، وأما إن خرجت دونه أو خرج وأحرم معها فليس له تحليل ولا مباشرة، ونبه بقوله:(قَبْلَ الميقَاتِ) أنها (4) إذا أحرمت بعد الميقات ليس له تحليلها.

قوله: (وَإلا فَلا إِنْ دَخَلَ) يريد أن الزوج إذا أذن لها في التطوع أن تحرم به (5) فليس له تحليلها إذا دخلت في الحج، وكذلك العبد وغيره إذا أحرم بإذن، ويقضى لهما على (6) الزوج والسيد وغيره، واحترز بقوله:(إِنْ دَخَلَ) مما إذا أراد الرجوع في الإذن قبل الإحرام، فنص مالك على أن له ذلك في العبد (7)، وقال سند: ظاهر الكتاب: ليس له المنع بعد الإذن وإن لم يحرم (8)، ونبه بقوله (كفريضة قبل الميقات) أنها إذا أحرمت بها (9)

(1) انظر: التوضيح، لخليل: 3/ 137.

(2)

في (ز): (بالتمتع).

(3)

انظر: الذخيرة: 3/ 186.

(4)

في (ن 2): (لأنها).

(5)

قوله: (به) زيادة من (ن 2).

(6)

قوله: (على) ساقط من (ز 2).

(7)

انظر: التوضيح: 3/ 139.

(8)

انظر: الذخيرة: 3/ 183.

(9)

قوله: (بها) ساقط من (ن).

ص: 297

بعد الميقات ليس له تحليلها (1).

قوله: (وَللْمُشْتَرِي إِنْ لَمْ يَعْلَمْهُ (2) رَدُّهُ لا تَحْلِيلُهُ) يريد أن العبد المحرم إذا باعه سيده فليس لمشتريه أن يحلله من إحرامه وإنما له إن شاء أن يرده على بائعه، وقال (3) سحنون: يفسخ البيع (4)، وعلى الأول إن علم المشتري فلا كلام له.

قوله: (وَإنْ أَذِنَ فَأَفْسَدَ (5) لَمْ يَلْزَمْهُ إِذْنٌ لِلْقَضَاءِ عَلَى الأَصَحِّ) يريد أن السيد إذا أذن لعبده (6) في الإحرام فأحرم ثم أفسده بجماع أو غيره فإن السيد لا يلزمه الإذن ثانية، وقاله أشهب وصوبه ابن المواز وقال أصبغ: يلزمه (7)؛ لأن ذلك من آثار إذنه.

قوله: (وَمَا لَزِمَهُ عنْ خَطَإٍ أَوْ ضَرُورَةٍ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ في الإِخْرَاجِ، وَإِلا صَامَ بِلا مَنْعٍ، وَإنْ تَعَمَّدَ فَلَهُ مَنْعُهُ إِنْ أَضَرَّ بِهِ في عَمَلِهِ) هكذا قال ابن شاس (8)، ومراده بالخطأ؛ أي: إذا قتل صيدًا خطأ أو لزمته (9) فدية لإماطة أذى من ضرورة أو فوات حج بغير عمد.

* * *

(1) قوله: (ونبه بقوله كفريضة قبل الميقات أنها إذا أحرمت بها بعد الميقات ليس له تحليلها) زيادة من (س).

(2)

قوله: (إِنْ لَمْ يَعْلَمْهُ) ساقط من (ن) و (ن 2).

(3)

في (س): وكان.

(4)

انظر: التوضيح: 3/ 139.

(5)

قوله: (فَأَفْسَدَ) في المطبوع من مختصر خليل: (فأفسده).

(6)

في (ن 2): (لعبد).

(7)

انظر: النوادر والزيادات: 2/ 361.

(8)

انظر: عقد الجواهر: 1/ 306.

(9)

قوله: (لزمته) زيادة من (ن).

ص: 298