الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إحداهما أعدل من الأخرى، وقال سحنون: يقضى بقول الأعدل كالبيع (1).
قوله: (وَلَوْ صَدَّقَتْهَا المَرْأَةُ) يريد أنه لا يقضى بالأعدل من البينتين المتناقضتين ولو صدقتها المرأة؛ لأنهما لما تساقطتا صار الزوجان كمن لا بينة لهما فلا قول للمرأة حينئذٍ، وقيل: يقبل قولها، وقال أشهب: يقبل قولها ما لم تدَّعِ الأرفع (2)، انظر نظائر هذه المسألة في الشرح (3) الكبير، وهي تسع مسائل تفوت المرأة فيها بالدخول.
[فصل في نكاح السر]
(المتن)
وَفُسِخَ مُوصًى وَإِنْ بِكَتْمِ شُهُودٍ مِنَ امْرَأَةٍ أَوْ مَنْزِلٍ أَوْ أَيَّامٍ، إِنْ لَمْ يَدْخُلْ وَيَطُلْ وَعُوقِبَا، وَالشُّهُودَ، وَقَبْلَ الدُّخُولِ وُجُوبًا، عَلَى أَلَّا تَأْتِيَهُ إِلَّا نَهَارًا أَوْ بِخِيَارٍ لِأَحَدِهِمَا أَوْ غَيْرٍ، أَوْ عَلَى إِنْ لَمْ يَأْتِ بِالصَّدَاقِ لِكَذَا فَلا نِكَاحَ، وَجَاءَ بِهِ. وَمَا فَسَدَ لِصَدَاقِهِ أَوْ عَلَى شَرْطٍ يُنَاقِضُ، كَأَنْ لَا يَقْسِمَ لَهَا أَوْ يُؤْثِرَ عَلَيْهَا، وَأُلْغِيَ.
(الشرح)
قوله: (وَفُسِخَ مُوصًى، وَإِنْ بكَتْمِ شُهُودٍ مِنَ امْرَأَةٍ أَوْ بِمَنْزِلٍ أَوْ أَيَّامٍ، إِنْ لَمْ يَدْخُلْ وَيَطُلْ (4)) يشير بكلامه هذا إلى حكم نكاح السر، ومعناه، وما يترتب عليه، والمشهور أنه الموصى (5) بكتمه، ولو شهد فيه جماعة مستكثرة، ولهذا قال:(وإن بكتم شهود).
وقال يحيى بن يحيى: هو ما كان بشهادة امرأتين أو رجل وامرأة، قال: وأما إن عقد بشاهدين فليس بنكاح سر (6).
وعلى المشهور ففي الواضحة: لا فرق بين أن يسألوا (7) الشهود أن يكتموا ذلك من امرأة أخرى، أو يكتموه في المنزل الذي نكح فيه ويظهروه في غيره، أو يكتموه ثلاثة أيام ونحوها، فإن ذلك كله نكاح سر (8)،
(1) انظر: عقد الجواهر: 2/ 427.
(2)
انظر: التوضيح: 3/ 547.
(3)
قوله: (الشرح) زيادة من (س).
(4)
قوله: (إِنْ لَمْ يَدْخُلْ وَيَطُلْ) ساقط من (ن).
(5)
في (س): (المتواصى).
(6)
انظر: المنتقى: 5/ 103.
(7)
في (س): (يسأل).
(8)
انظر: النوادر والزيادات 4/ 565.
وإليه أشار بقوله (1): (مِنِ امْرَأَةٍ أَوْ بِمَنْزِلٍ أَوْ أَيَّامٍ) واختلف في حكم نكاح السر، والمشهور أنه باطل، وعن بعض الأشياخ أنه رأى (2) قولًا لأصحاب مالك بجوازه، وعلى الأول فيفسخ ما لم يدخل ويطل كما قال هنا، (إن لم يدخل ويطل (3)) وشهره في البيان (4)، فإن لم يدخل أو دخل ولم يطل فسخ، ورأى اللخمي أنه يمضي بالعقد (5)، وقيل: يعلن (6) في ثاني حال ويصح.
وذكر ابن الحاجب (7) أنه يفسخ وإن طال على المشهور (8)، ولم يوجد ذلك في المذهب، فضلًا عن أن يكون هو المشهور، نعم وقع لمالك في المدونة أنه يفسخ ولم يقيده بطول ولا غيره (9)، فإن حمل على إطلاقه وافق ابن الحاجب، وأما على ما قال أبو الحسن أنه مقيد بعدم الطول فلا.
قوله: (وَعُوقِبَا، وَالشُّهُودَ) أي: وعوقب الزوجان والشهود، وهو قول ابن شهاب في المدونة (10)، وقال مالك: لا يعاقب الشهود إذا جهلوا ذلك (11).
قوله: (وَقَبْلَ الدُّخُولِ وُجُوبًا، عَلَى أَلا تَأْتِيَهُ إِلا نَهَارًا) أي (12): ويفسخ النكاح قبل الدخول إذا عقد على شرط ألا تأتيه إلا نهارًا (13) أو يأتيها (14) إلا نهارًا (15)، وهذه
(1) قوله: (من امرأة أخرى .... نكاح سر وإليه أشار بقوله) ساقط من (ن 2).
(2)
في (ن 2): (روى).
(3)
قوله: (إن لم يدخل ويطل) زيادة من (ن 2).
(4)
انظر: البيان والتحصيل: 4/ 379.
(5)
انظر: التبصرة، للخمي، ص:1867.
(6)
في (ن 2): (يعلق به).
(7)
في (س): (ابن الجلاب).
(8)
انظر: الجامع بين الأمهات، ص:380.
(9)
انظر: المدونة: 2/ 128.
(10)
انظر: المدونة: 2/ 129.
(11)
انظر: النوادر والزيادات: 4/ 565.
(12)
في (ن): (يريد).
(13)
قوله: (إلا نهارًا) زيادة من (ن 2).
(14)
في (ز): (لا يأتيها).
(15)
قوله: (أو يأتيها إلا نهارًا) ساقط من (ن).
المسألة تسمى نكاح النهارية (1).
قال مالك: ولا خير فيه، وكذلك لو شرط ألا تأتيه إلا ليلًا. ابن القاسم: ويفسخ ما لم يدخل، فإن دخل مضى وسقط الشرط، وكان لها صداق المثل. وقيل: لها المسمى، وقال عيسى: يفسخ ولو دخل (2).
قوله: (أَوْ بِخِيَارٍ لأَحَدِهِمَا أَوْ غَيْرٍ، أَوْ عَلَى إِنْ لَمْ يَأْتِ بِالصَّدَاقِ لِكَذَا فَلا نِكَاحَ وجاء به) هذا أيضًا إنما يفسخ قبل البناء لا بعده وهو النكاح على خيار، أو على إن لم يأت بالصداق إلى أجل كذا، وسواء كان الخيار في ذلك للزوج أو للزوجة أو لغيرهما، وقاله في المدونة وزاد فيها بعد قوله:(وفسخ قبل البناء)؛ لأنهما لوماتا قبل الخيار لم يتوارثا، ثم قال: وكذلك الجواب فيمن تزوج امرأة على أنه إن لم يأت بالصداق إلى أجل كذا (3) فلا نكاح بينهما.
قال: وقد كان مالك يقول فيهما (4) أن النكاح يفسخ بعد البناء؛ لأن فساده في عقده، ثم رجع فقال: أرى أن يثبت بعد البناء (5)، واختلف على القول أنه يفسخ بعد البناء، هل يكون لها صداق المثل أو المسمى؟ ابن رشد: والخلاف إنما هو إذا أتى الزوج بالصداق قبل الأجل، وأما إن لم يأت به حتى (6) انقضى الأجل فلا نكاح بينهما قولًا واحدًا (7)، وإليه أشار بقوله:(وَجَاءَ بِهِ) أي: بالصداق قبل الأجل.
قوله: (وَمَا فَسَدَ لِصَدَاقِهِ أَوْ عَلَى شَرْطٍ يُنَاقِضُ كَأَنْ لا يَقْسِمَ لَهَا أَوْ يُؤْثِرَ عَلَيْهَا وإلا ألغي) أي: ومما يفسخ قبل الدخول ما فسد من النكاح لصداقه أو عقد على شرط يناقض مقتضى العقد؛ كما إذا شرط ألا يَقْسِم لها مع نسائه في المبيت، أو يُؤْثِر عليها غيرها ونحوه؛ فأمَّا فسادُ النكاح لصداقه فكما إذا وقع بخمر أو خنزير أو آبق أو
(1) قوله: (نكاح النهارية) يقابله في (ن) و (ن 2): (بالنهارية).
(2)
انظر: النوادر والزيادات: 4/ 558.
(3)
زاد في (ز) و (ز 2) و (س) و (ن 1) و (ن 2): (وإلا).
(4)
في (ن) و (ن 2): (فيها).
(5)
انظر: المدونة: 2/ 129.
(6)
قوله: (حتى) ساقط من (ز 2).
(7)
انظر: البيان والتحصيل: 4/ 478، والتوضيح: 3/ 579.